المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أخبار السلطان أبي عبد الله البرتغالي مع الشيخ أبي محمد الغزواني رضي الله عنه - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٤

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة المرينية

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي بكر بن أبي عنان بن أبي الْحسن المريني

- ‌ظُهُور أبي حمو مُوسَى بن يُوسُف الزياني واستيلاؤه على تلمسان ونهوض مَسْعُود بن عبد الرَّحْمَن إِلَيْهِ وطرده عَنْهَا

- ‌ظُهُور مَنْصُور بن سُلَيْمَان وبيعة مَسْعُود ابْن عبد الرَّحْمَن لَهُ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المستعين بِاللَّه أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن المريني

- ‌قدوم الْغَنِيّ بِاللَّه ابْن الْأَحْمَر ووزيره ابْن الْخَطِيب مخلوعين على السُّلْطَان أبي سَالم وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌سفر ابْن الْخَطِيب إِلَى مراكش وأعمالها وزيارته لأوليائها ورجالها وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار ابْن الْخَطِيب بسلا حرسها الله

- ‌انْتِقَاض الْحسن بن عمر الفودودي وَخُرُوجه بتادلا ثمَّ مَقْتَله عقب ذَلِك

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي سَالم إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌وفادة السودَان من أهل مَالِي على السُّلْطَان أبي سَالم وإغرابهم فِي هديتهم بالزرافة الْحَيَوَان الْمَعْرُوف

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي سَالم رحمه الله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عمر تاشفين الموسوس ابْن أبي الْحسن المريني

- ‌الفتك بغرسية بن أنطول قَائِد النَّصَارَى ومقتل جنده مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ظُهُور عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بن أبي سعيد ومحاصرته لفاس الْجَدِيد ثمَّ فراره عَنْهَا

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي زيان مُحَمَّد بن أبي عبد الرَّحْمَن يَعْقُوب بن أبي الْحسن المريني

- ‌وفادة ابْن الْخَطِيب من سلا على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌وفادة ابْن مُحَمَّد الهنتاتي على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي فَارس عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌انْتِقَاض أبي الْفضل بن أبي سَالم ثمَّ مَقْتَله بعد ذَلِك

- ‌انْتِقَاض عَامر بن مُحَمَّد الهنتاتي وحصار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِيَّاه وظفره بِهِ

- ‌ارتجاع الجزيرة الخضراء من يَد الإسبانيول

- ‌نهوض السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا وفرار سلطانها أبي حمو بن يُوسُف عَنْهَا

- ‌نزوع الْوَزير ابْن الْخَطِيب عَن سُلْطَانه الْغَنِيّ بِاللَّه إِلَى السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بتلمسان

- ‌وَفَاة السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌محنة الْوَزير ابْن الْخَطِيب ومقتله رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار أَمِير مراكش عبد الرَّحْمَن بن أبي يفلوسن رحمه الله

- ‌ذكر الشاوية وَبَيَان نسبهم وأوليتهم وَشرح لقبهم وتسميتهم

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس إِلَى تلمسان وَفتحهَا وتخريبها

- ‌خلع السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم وتغريبه إِلَى الأندلس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي فَارس مُوسَى ابْن أبي عنان بن أبي الْحسن

- ‌خُرُوج الْحسن بن النَّاصِر بغمارة ونهوض الْوَزير ابْن ماساي إِلَيْهِ

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُوسَى بن أبي عنان رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْمُنْتَصر بِاللَّه السُّلْطَان أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الواثق بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌ظُهُور مُحَمَّد بن عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بسجلماسة ثمَّ اضمحلاله بعد ذَلِك

- ‌نكبة الْكَاتِب ابْن أبي عَمْرو وحركات بن حسون ومقتلهما

- ‌أَخْبَار تلمسان واستيلاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس عَلَيْهَا

- ‌وُصُول هَدِيَّة صَاحب مصر السُّلْطَان الظَّاهِر برقوق إِلَى السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بتازا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي فَارس عبد الْعَزِيز ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز ووفاته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي عَامر عبد الله ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي سعيد عُثْمَان بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم

- ‌حجابة أبي الْعَبَّاس القبائلي ونكبته ومقتله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حجابة فارح بن مهْدي وأوليته وَسيرَته

- ‌حجابة أبي مُحَمَّد الطريفي وَسيرَته

- ‌حُدُوث الْفِتْنَة بَين السُّلْطَان أبي سعيد وَالسُّلْطَان أبي فَارس الحفصي وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسيتلاء البرتغال على مَدِينَة سبتة أَعَادَهَا الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم المريني رحمه الله

- ‌زحف البرتغال إِلَى طنجة ورجوعهم عَنْهَا بالخيبة

- ‌أَخْبَار الوزراء والحجاب وتصرفاتهم

- ‌وزارة يحيى بن يحيى الوطاسي ومقتله ومقتل الوطاسيين مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌رياسة الْيَهُودِيين هَارُون وشاويل وَمَا نَشأ عَن استبدادهما من المحنة والفتنة

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على طنجة

- ‌مقتل السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار بني الْأَحْمَر واستيلاء الْعَدو على غرناطة وَسَائِر الأندلس مِنْهَا وانقراض كلمة الْإِسْلَام مِنْهَا

- ‌أَخْبَار البرتغال بالمغرب الْأَقْصَى على الْجُمْلَة

- ‌الْخَبَر عَن دولة الشريف أبي عبد الله الْحَفِيد وأوليته

- ‌بيعَة السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌فتْنَة الشاوية ووصولهم إِلَى بِلَاد الغرب

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على مَدِينَة آنفي وآصيلا

- ‌خلع السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وانقراض أمره

- ‌الْخَبَر عَن دولة بني وطاس وَذكر نسبهم وأوليتهم

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ بن أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي رحمه الله

- ‌رياسة بني رَاشد من شرفاء الْعَالم بغمارة وبناؤهم مَدِينَة شفشاون وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌ثورة عَمْرو بن سُلَيْمَان السياف بِبِلَاد السوس وَشَيْء من أخباره

- ‌بِنَاء مَدِينَة تطاوين

- ‌قدوم أبي عبد الله بن الْأَحْمَر مخلوعا على السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمهمَا الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سَاحل البريجه وبناؤهم مَدِينَة الجديدة صانها الله سبحانه وتعالى بمنه

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سواحل السوس وبناؤهم حصن فونتي قرب أكادير وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي الْمَعْرُوف بالبرتغالي رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آسفي حرسه الله

- ‌زحف السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى آصيلا

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آزمور حرسه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر المعمورة حرسه الله

- ‌أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي مَعَ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني رضي الله عنه

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى مراكش ومحاصرته أَبَا الْعَبَّاس الْأَعْرَج السَّعْدِيّ بهَا

- ‌ذكر وزراء السُّلْطَان أبي عبد الله وَمَا قيل فيهم

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي عبد الله رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان أبي حسون بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد الوطاسي رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌وقْعَة آنماي بَين الوطاسيين والسعديين

- ‌عقد الصُّلْح بَين السلطانين أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَأبي الْعَبَّاس السَّعْدِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى

- ‌غَزْوَة الْحمر قرب آصيلا حرسها الله

- ‌وقْعَة أبي عقبَة بوادي العبيد وَمَا كَانَ فِيهَا بَين الوطاسيين والسعديين من الْقِتَال الشَّديد

- ‌بِنَاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي قنطرة الرصيف بفاس حرسها الله

- ‌وقْعَة وَادي درنة بتادلا وَأسر الْأَمِير أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي ومهلكه رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ على فاس وَقَبضه على بني وطاس ومهلك سلطانهم أبي الْعَبَّاس رَحمَه الله تَعَالَى بفضله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي حسون الوطاسي رحمه الله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ إِلَى فاس واستيلاؤه عَلَيْهَا ومقتل السُّلْطَان أبي حسون رحمه الله

الفصل: ‌أخبار السلطان أبي عبد الله البرتغالي مع الشيخ أبي محمد الغزواني رضي الله عنه

من الْمُقَاتلَة قَالَ وَكَانَ خُرُوج هَذِه الْعِمَارَة من مَدِينَة أشبونة فِي الْيَوْم الثَّالِث عشر من يونيه العجمي سنة ألف وَخَمْسمِائة وَخمْس عشرَة مسيحية قلت يُوَافِقهَا من تَارِيخ الْهِجْرَة تَقْرِيبًا سنة إِحْدَى وَعشْرين وَتِسْعمِائَة فوافت مينا المعمورة فِي الثَّالِث وَالْعِشْرين من يوينه الْمَذْكُور وحاصروها وألحوا عَلَيْهَا بِالْقِتَالِ أَيَّامًا وَبلغ الْخَبَر بذلك إِلَى السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي فَبعث أَخَاهُ النَّاصِر صريخا فِي جَيش كثيف فوصل سادس أغشت من السّنة الْمَذْكُورَة وَقَاتل البرتغال قتالا شَدِيدا وَهَزَمَهُمْ هزيمَة قبيحة ثمَّ كَانَت لَهُم الكرة على الْمُسلمين فهزموهم واستولوا على المعمورة وَثَبت قدمهم بهَا وَحَصَّنُوهَا بالسور الْمَوْجُود بهَا الْآن واستمروا بهَا نَحْو خمس سِنِين ثمَّ استرجعها الْمُسلمُونَ مِنْهُم فِي دولة السُّلْطَان الْمَذْكُور وَالله تَعَالَى أعلم وَفِي السّنة الَّتِي استولوا على المعمورة رجعُوا إِلَى مَوضِع مَدِينَة آنفي فشرعوا فِي بنائها وَمن يَوْمئِذٍ سميت الدَّار الْبَيْضَاء وبقوا بهَا مُدَّة طَوِيلَة إِلَى زمن السُّلْطَان الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل على مَا زعم منويل

‌أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي مَعَ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني رضي الله عنه

أصل الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عبد الله الغزواني دَفِين حومة الْقُصُور من مراكش من غَزوَان قَبيلَة من عرب تامسنا وَكَانَ فِي ابْتِدَاء أمره يقْرَأ الْعلم بمدرسة الْوَادي من عدوة الأندلس بفاس فحصلت لَهُ إِرَادَة فسافر إِلَى مراكش ولازم الشَّيْخ التباع وَتخرج بِهِ ثمَّ انْتقل إِلَى بِلَاد الهبط فَنزل بهَا على قَبيلَة يُقَال لَهُم بَنو فزنكار وَاجْتمعَ عَلَيْهِ النَّاس واشتهر أمره وَعظم صيته فَبلغ ذَلِك السُّلْطَان أَبَا عبد الله وَكَانَ يَوْمئِذٍ بِبِلَاد الهبط قد خرج إِلَيْهَا بِقصد الْغَارة على نَصَارَى آصيلا وَكَانَ مَعَه فِي هَذِه الْحَرَكَة الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن غَازِي الإِمَام الْمَشْهُور فَتوهم السُّلْطَان الْمَذْكُور من أَمر الشَّيْخ الغزواني وخشي

ص: 144

على الدولة عَاقِبَة أمره وأغراه بِهِ مَعَ ذَلِك الْفَقِيه ابْن عبد الْكَبِير البادسي السفياني الأَصْل وَكَانَ هَذَا الْفَقِيه يصحب الْوُلَاة والعمال وَيخرج فِي بعوثهم قَاضِيا فكثرت سعايته بالشيخ حَتَّى وقر ذَلِك فِي نفس السُّلْطَان فَبعث إِ ليه فَحَضَرَ وَأمر بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ بالموضع الْمَعْرُوف بتاجناوت وَجعله فِي سلسلة وَبعث بِهِ إِلَى فاس وَتقدم فِي شَأْنه إِلَى ابْن شقرون صَاحب شرطته بقصبة فاس الْقَدِيم وَكَانَ الشَّيْخ ابْن غَازِي قد مرض فِي هَذِه الْغَزْوَة وَأمر السُّلْطَان بِحمْلِهِ إِلَى منزله من فاس فَلَمَّا وصل إِلَى قرب عقبَة المساجين اشْتَدَّ بِهِ الْحَال وَأمر أَصْحَابه أَن يريحوا بِهِ هُنَالك فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ مر بِهِ الشَّيْخ الغزواني فِي سلسلته فَسَأَلَ الموكلين بِهِ أَن يعوجوا بِهِ على الشَّيْخ ابْن غَازِي كي يعودهُ وَيُؤَدِّي حَقه فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ طلب ابْن غَازِي مِنْهُ الدُّعَاء فَدَعَا لَهُ بِخَير وَانْصَرف فَلَمَّا غَابَ عَنهُ قَالَ ابْن غَازِي لأَصْحَابه احْفَظُوا وصيتي فَإِنِّي راحل عَنْكُم إِلَى الله تَعَالَى بِلَا شكّ قَالُوا لَهُ يَا سَيِّدي مَا عنْدك باس فَقَالَ إِن الله وَعَدَني أَن لَا يقبض روحي حَتَّى يريني وليا من أوليائه وَقد أرانيه السَّاعَة فدلني ذَلِك على انْقِضَاء الْأَجَل فَحَمَلُوهُ من حِينه إِلَى منزله فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ هَكَذَا سَاق هَذَا الْخَبَر صَاحب الدوحة فِي ترجمتي الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورين

وَكَانَت وَفَاة ابْن غَازِي أَوَاخِر جُمَادَى الأولى سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة وَقَالَ صَاحب الْمرْآة عَن بعض شُيُوخه بعد أَن ذكر سِعَايَة ابْن عبد الْكَبِير بالشيخ الغزواني مَا نَصه فَتحَرك الشَّيْخ الغزواني لزيارة ضريح الشَّيْخ أبي سلهام فَعرض لَهُ العروسي قَائِد الْقصر الْكَبِير وناوله كتاب السُّلْطَان يَأْمُرهُ فِيهِ بقدوم الشَّيْخ إِلَى فاس دَار الْملك إِذْ ذَاك فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ طَاعَة السُّلْطَان وَاجِبَة وَقَالَ للزائرين مَعَه بلغت النِّيَّة فَتوجه الشَّيْخ إِلَى فاس من ذَلِك الْمَكَان وَكلما بَات فِي منزل ذهبت جمَاعَة من الَّذين مَعَه فَلم يصل مَعَه إِلَّا الْقَلِيل وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو الْبَقَاء عبد الْوَارِث اليالصوتي إِذْ ذَاك سَاكِنا بفاس

ص: 145

وَلم يكن صحب الشَّيْخ قبل ذَلِك فَلَمَّا دخل الشَّيْخ حَضْرَة فاس لقِيه أَبُو الْبَقَاء الْمَذْكُور فَسلم عَلَيْهِ فَشد الشَّيْخ يَده على يَده فَلم يرسلها حَتَّى عاهده على الرُّجُوع فَلَمَّا انْفَصل عَنهُ اشْترى خبْزًا وَعِنَبًا وَحمل ذَلِك إِلَى الشَّيْخ وَأَصْحَابه فَوَجَدَهُمْ عِنْد القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله اليفرني المكناسي وَهُوَ مؤلف الْمجَالِس المكناسية فَوَجَدَهُمْ فِي الْمَسْجِد الْقَرِيب من دَار القَاضِي الْمَذْكُور بدرب السُّعُود فناولهم مَا مَعَه وَوجد الشَّيْخ موكلا بِهِ وَأَصْحَابه يدْخلُونَ وَيخرجُونَ ثمَّ دخل القَاضِي على الشَّيْخ بِالْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا الَّذِي يذكر عَنْك قَالَ أَبُو الْبَقَاء فتكلمت أَنا وَقلت إِن هَذَا الرجل قد نزل بَلَدا عَظِيمَة المناكر وَأخذت أعدد مناكرها وَصَارَ هَذَا السَّيِّد ينهاهم عَن ذَلِك فهدى الله على يَده من هدى وشنئه من أَبى فَقَامَ القَاضِي وَركب إِلَى دَار السُّلْطَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى منزله فَبَاتَ وَمن الْغدر ركب إِلَى دَار السُّلْطَان أَيْضا وَمَعَهُ الشَّيْخ الغزواني فَلَمَّا اطْمَأَن بهم مجْلِس السُّلْطَان وَكَانَ فِيهِ صَاحب تازا وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ابْن الشَّيْخ أَخُو السُّلْطَان الْمَذْكُور سكت الْجَمِيع وَتكلم كَاتب السُّلْطَان وَإِمَام صلَاته قَالَ صَاحب الْمرْآة وَلم يسم لنا فَقَالَ للشَّيْخ مَا هَذَا الَّذِي يذكر عَنْك فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَنْت لَا تَتَكَلَّم حَتَّى تَغْتَسِل من جنابتك فاستشاط الْكَاتِب غَضبا فَقَالَ لَهُ أَخُو السُّلْطَان هَؤُلَاءِ الْقَوْم يعنون الْجَنَابَة غير مَا تعنيه الْعَامَّة يُشِير إِلَى مَا فِي الحكم فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان وَمن أَيْن تعرف هَذَا فَقَالَ لَهُ من سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن يَجِيش ففرح السُّلْطَان بِمَعْرِِفَة أَخِيه ذَلِك وَقَالَ للشَّيْخ نَحن نُرِيد قربك وَأَن تكون مَعنا فِي هَذِه الْمَدِينَة فَقَالَ لَهُ على بركَة الله فانتقل إِلَى فاس الْقَدِيم وَبنى خَارج بَاب القليعة دَاخل بَاب الْفتُوح وَأقَام هُنَالك مَا شَاءَ الله قيل سبع سِنِين إِلَى أَن كَانَت سنة تعذر فِيهَا الْمَطَر وَأخذ النَّاس فِي اسْتِخْرَاج السواقي للحرث فَأخْرج الشَّيْخ من وَادي اللَّبن ساقية لم يكن

ص: 146