الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الْمُقَاتلَة قَالَ وَكَانَ خُرُوج هَذِه الْعِمَارَة من مَدِينَة أشبونة فِي الْيَوْم الثَّالِث عشر من يونيه العجمي سنة ألف وَخَمْسمِائة وَخمْس عشرَة مسيحية قلت يُوَافِقهَا من تَارِيخ الْهِجْرَة تَقْرِيبًا سنة إِحْدَى وَعشْرين وَتِسْعمِائَة فوافت مينا المعمورة فِي الثَّالِث وَالْعِشْرين من يوينه الْمَذْكُور وحاصروها وألحوا عَلَيْهَا بِالْقِتَالِ أَيَّامًا وَبلغ الْخَبَر بذلك إِلَى السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي فَبعث أَخَاهُ النَّاصِر صريخا فِي جَيش كثيف فوصل سادس أغشت من السّنة الْمَذْكُورَة وَقَاتل البرتغال قتالا شَدِيدا وَهَزَمَهُمْ هزيمَة قبيحة ثمَّ كَانَت لَهُم الكرة على الْمُسلمين فهزموهم واستولوا على المعمورة وَثَبت قدمهم بهَا وَحَصَّنُوهَا بالسور الْمَوْجُود بهَا الْآن واستمروا بهَا نَحْو خمس سِنِين ثمَّ استرجعها الْمُسلمُونَ مِنْهُم فِي دولة السُّلْطَان الْمَذْكُور وَالله تَعَالَى أعلم وَفِي السّنة الَّتِي استولوا على المعمورة رجعُوا إِلَى مَوضِع مَدِينَة آنفي فشرعوا فِي بنائها وَمن يَوْمئِذٍ سميت الدَّار الْبَيْضَاء وبقوا بهَا مُدَّة طَوِيلَة إِلَى زمن السُّلْطَان الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل على مَا زعم منويل
أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي مَعَ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني رضي الله عنه
أصل الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عبد الله الغزواني دَفِين حومة الْقُصُور من مراكش من غَزوَان قَبيلَة من عرب تامسنا وَكَانَ فِي ابْتِدَاء أمره يقْرَأ الْعلم بمدرسة الْوَادي من عدوة الأندلس بفاس فحصلت لَهُ إِرَادَة فسافر إِلَى مراكش ولازم الشَّيْخ التباع وَتخرج بِهِ ثمَّ انْتقل إِلَى بِلَاد الهبط فَنزل بهَا على قَبيلَة يُقَال لَهُم بَنو فزنكار وَاجْتمعَ عَلَيْهِ النَّاس واشتهر أمره وَعظم صيته فَبلغ ذَلِك السُّلْطَان أَبَا عبد الله وَكَانَ يَوْمئِذٍ بِبِلَاد الهبط قد خرج إِلَيْهَا بِقصد الْغَارة على نَصَارَى آصيلا وَكَانَ مَعَه فِي هَذِه الْحَرَكَة الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن غَازِي الإِمَام الْمَشْهُور فَتوهم السُّلْطَان الْمَذْكُور من أَمر الشَّيْخ الغزواني وخشي
على الدولة عَاقِبَة أمره وأغراه بِهِ مَعَ ذَلِك الْفَقِيه ابْن عبد الْكَبِير البادسي السفياني الأَصْل وَكَانَ هَذَا الْفَقِيه يصحب الْوُلَاة والعمال وَيخرج فِي بعوثهم قَاضِيا فكثرت سعايته بالشيخ حَتَّى وقر ذَلِك فِي نفس السُّلْطَان فَبعث إِ ليه فَحَضَرَ وَأمر بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ بالموضع الْمَعْرُوف بتاجناوت وَجعله فِي سلسلة وَبعث بِهِ إِلَى فاس وَتقدم فِي شَأْنه إِلَى ابْن شقرون صَاحب شرطته بقصبة فاس الْقَدِيم وَكَانَ الشَّيْخ ابْن غَازِي قد مرض فِي هَذِه الْغَزْوَة وَأمر السُّلْطَان بِحمْلِهِ إِلَى منزله من فاس فَلَمَّا وصل إِلَى قرب عقبَة المساجين اشْتَدَّ بِهِ الْحَال وَأمر أَصْحَابه أَن يريحوا بِهِ هُنَالك فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ مر بِهِ الشَّيْخ الغزواني فِي سلسلته فَسَأَلَ الموكلين بِهِ أَن يعوجوا بِهِ على الشَّيْخ ابْن غَازِي كي يعودهُ وَيُؤَدِّي حَقه فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ طلب ابْن غَازِي مِنْهُ الدُّعَاء فَدَعَا لَهُ بِخَير وَانْصَرف فَلَمَّا غَابَ عَنهُ قَالَ ابْن غَازِي لأَصْحَابه احْفَظُوا وصيتي فَإِنِّي راحل عَنْكُم إِلَى الله تَعَالَى بِلَا شكّ قَالُوا لَهُ يَا سَيِّدي مَا عنْدك باس فَقَالَ إِن الله وَعَدَني أَن لَا يقبض روحي حَتَّى يريني وليا من أوليائه وَقد أرانيه السَّاعَة فدلني ذَلِك على انْقِضَاء الْأَجَل فَحَمَلُوهُ من حِينه إِلَى منزله فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ هَكَذَا سَاق هَذَا الْخَبَر صَاحب الدوحة فِي ترجمتي الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورين
وَكَانَت وَفَاة ابْن غَازِي أَوَاخِر جُمَادَى الأولى سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة وَقَالَ صَاحب الْمرْآة عَن بعض شُيُوخه بعد أَن ذكر سِعَايَة ابْن عبد الْكَبِير بالشيخ الغزواني مَا نَصه فَتحَرك الشَّيْخ الغزواني لزيارة ضريح الشَّيْخ أبي سلهام فَعرض لَهُ العروسي قَائِد الْقصر الْكَبِير وناوله كتاب السُّلْطَان يَأْمُرهُ فِيهِ بقدوم الشَّيْخ إِلَى فاس دَار الْملك إِذْ ذَاك فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ طَاعَة السُّلْطَان وَاجِبَة وَقَالَ للزائرين مَعَه بلغت النِّيَّة فَتوجه الشَّيْخ إِلَى فاس من ذَلِك الْمَكَان وَكلما بَات فِي منزل ذهبت جمَاعَة من الَّذين مَعَه فَلم يصل مَعَه إِلَّا الْقَلِيل وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو الْبَقَاء عبد الْوَارِث اليالصوتي إِذْ ذَاك سَاكِنا بفاس
وَلم يكن صحب الشَّيْخ قبل ذَلِك فَلَمَّا دخل الشَّيْخ حَضْرَة فاس لقِيه أَبُو الْبَقَاء الْمَذْكُور فَسلم عَلَيْهِ فَشد الشَّيْخ يَده على يَده فَلم يرسلها حَتَّى عاهده على الرُّجُوع فَلَمَّا انْفَصل عَنهُ اشْترى خبْزًا وَعِنَبًا وَحمل ذَلِك إِلَى الشَّيْخ وَأَصْحَابه فَوَجَدَهُمْ عِنْد القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله اليفرني المكناسي وَهُوَ مؤلف الْمجَالِس المكناسية فَوَجَدَهُمْ فِي الْمَسْجِد الْقَرِيب من دَار القَاضِي الْمَذْكُور بدرب السُّعُود فناولهم مَا مَعَه وَوجد الشَّيْخ موكلا بِهِ وَأَصْحَابه يدْخلُونَ وَيخرجُونَ ثمَّ دخل القَاضِي على الشَّيْخ بِالْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا الَّذِي يذكر عَنْك قَالَ أَبُو الْبَقَاء فتكلمت أَنا وَقلت إِن هَذَا الرجل قد نزل بَلَدا عَظِيمَة المناكر وَأخذت أعدد مناكرها وَصَارَ هَذَا السَّيِّد ينهاهم عَن ذَلِك فهدى الله على يَده من هدى وشنئه من أَبى فَقَامَ القَاضِي وَركب إِلَى دَار السُّلْطَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى منزله فَبَاتَ وَمن الْغدر ركب إِلَى دَار السُّلْطَان أَيْضا وَمَعَهُ الشَّيْخ الغزواني فَلَمَّا اطْمَأَن بهم مجْلِس السُّلْطَان وَكَانَ فِيهِ صَاحب تازا وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ابْن الشَّيْخ أَخُو السُّلْطَان الْمَذْكُور سكت الْجَمِيع وَتكلم كَاتب السُّلْطَان وَإِمَام صلَاته قَالَ صَاحب الْمرْآة وَلم يسم لنا فَقَالَ للشَّيْخ مَا هَذَا الَّذِي يذكر عَنْك فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَنْت لَا تَتَكَلَّم حَتَّى تَغْتَسِل من جنابتك فاستشاط الْكَاتِب غَضبا فَقَالَ لَهُ أَخُو السُّلْطَان هَؤُلَاءِ الْقَوْم يعنون الْجَنَابَة غير مَا تعنيه الْعَامَّة يُشِير إِلَى مَا فِي الحكم فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان وَمن أَيْن تعرف هَذَا فَقَالَ لَهُ من سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن يَجِيش ففرح السُّلْطَان بِمَعْرِِفَة أَخِيه ذَلِك وَقَالَ للشَّيْخ نَحن نُرِيد قربك وَأَن تكون مَعنا فِي هَذِه الْمَدِينَة فَقَالَ لَهُ على بركَة الله فانتقل إِلَى فاس الْقَدِيم وَبنى خَارج بَاب القليعة دَاخل بَاب الْفتُوح وَأقَام هُنَالك مَا شَاءَ الله قيل سبع سِنِين إِلَى أَن كَانَت سنة تعذر فِيهَا الْمَطَر وَأخذ النَّاس فِي اسْتِخْرَاج السواقي للحرث فَأخْرج الشَّيْخ من وَادي اللَّبن ساقية لم يكن