الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالله لَا ألْقى الله بِشَهَادَة أَرْبَعِينَ رجلا من عدُول الْمُسلمين لأجل سلطانك اذْهَبْ وَقل لَهُ إِنِّي لَا أوافق على ذَلِك وَلَا أرضاه فَرجع الْحَاجِب إِلَى السُّلْطَان وَأخْبرهُ بِمَا قَالَ الشَّيْخ فَرجع السُّلْطَان عَمَّا عزم إِلَيْهِ
وَنَظِير هَذَا مَا اتّفق لَهُ مَعَه أَيْضا وَهُوَ أَن النَّاس خَرجُوا يَوْم الْعِيد للصَّلَاة فانتظروا السُّلْطَان فَأَبْطَأَ عَلَيْهِم وَلم يَأْتِ إِلَى خُرُوج وَقت الصَّلَاة وَحِينَئِذٍ أقبل السُّلْطَان أَبُو الْعَبَّاس فِي أبهته فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْمصلى نظر الشَّيْخ أَبُو مَالك فَرَأى أَن الْوَقْت قد فَاتَ فرقي الْمِنْبَر وَقَالَ معشر الْمُسلمين أعظم الله أجركُم فِي صَلَاة الْعِيد فقد عَادَتْ ظهرا ثمَّ أَمر الْمُؤَذّن فَأذن وَأقَام الصَّلَاة فَتقدم الشَّيْخ أَبُو مَالك وَصلى النَّاس الظّهْر فَخَجِلَ السُّلْطَان أَبُو الْعَبَّاس واعترف بخطيئته رحم الله الْجَمِيع
الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي حسون الوطاسي رحمه الله
لما دخل السُّلْطَان أَبُو عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ إِلَى فاس سنة سِتّ وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَقبض على بني وطاس بهَا حَسْبَمَا تقدم فر أَبُو حسون هَذَا إِلَى ثغر الجزائر حَقنا لدمه ومستجيشا لتركها ومستجيشا على السَّعْدِيّ وَكَانَ التّرْك قد استولوا على الْمغرب الْأَوْسَط وانتزعوه من يَد بني زيان كَمَا سَيَأْتِي
فَلم يزل أَبُو حسون عِنْدهم يفتل لَهُم فِي الغارات والسنام وَيحسن لَهُم بِلَاد الْمغرب الْأَقْصَى ويعظمها فِي أَعينهم وَيَقُول إِن المتغلب عَلَيْهَا قد سلبني ملكي وَملك آبَائِي وغلبني على تراث أجدادي فَلَو ذهبتم معي لقتاله لَكنا نرجو الله تَعَالَى أَن يتيح لنا النَّصْر عَلَيْهِ ويرزقنا الظفر بِهِ وَلَا تعدمون أَنْتُم مَعَ ذَلِك مَنْفَعَة من ملْء أَيْدِيكُم غَنَائِم وذخائر وَوَعدهمْ بِمَال جزيل فَأَجَابُوهُ إِلَى مَا طلب وَأَقْبلُوا مَعَه فِي جَيش كثيف تَحت راية باشاهم صَالح التركماني الْمَعْرُوف بِصَالح رَئِيس إِلَى أَن اقتحموا حَضْرَة فاس بعد حروب عَظِيمَة ومعارك شَدِيدَة وفر عَنْهَا مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ إِلَى منجاته
وَكَانَ دُخُول السُّلْطَان أبي حسون إِلَى فاس ثَالِث صفر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَلما دَخلهَا فَرح بِهِ أَهلهَا فَرحا شَدِيدا وترجل هُوَ عَن فرسه وَصَارَ يعانق النَّاس كَبِيرا وصغيرا شريفا ووضيعا ويبكي على مَا دهمه وَأهل بَيته من أَمر السعديين واستبشر النَّاس بمقدمه وتيمنوا بطلعته وَقبض على كَبِير فاس يَوْمئِذٍ الْقَائِد أبي عبد الله مُحَمَّد بن رَاشد الشريف الإدريسي واطمأنت بِهِ الدَّار ثمَّ لم يلبث السُّلْطَان أَبُو حسون إِلَّا يَسِيرا حَتَّى كثرت شكاية النَّاس إِلَيْهِ بِالتّرْكِ وَأَنَّهُمْ مدوا أَيْديهم إِلَى الْحَرِيم وعاثوا فِي الْبِلَاد فبادر بِدفع مَا اتّفق مَعَهم عَلَيْهِ من المَال وأخرجهم عَن فاس وتخلف بهَا مِنْهُم نفر يسير