الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَزير حسن بن عمر خبر تلمسان واستيلاء أبي حمو عَلَيْهَا جمع شُيُوخ بني مرين وَأخْبرهمْ بالنهوض إِلَيْهَا فَأَبَوا عَلَيْهِ من النهوض بِنَفسِهِ وأشاروا بتجهيز العساكر ووعدوه من أنفسهم الْمسير كَافَّة فَفتح ديوَان الْعَطاء وَفرق الْأَمْوَال وأسنى الصلات وأزاح الْعِلَل وعسكر بِسَاحَة الْبَلَد الْجَدِيد ثمَّ عقد عَلَيْهِم لمسعود بن عبد الرَّحْمَن بن ماساي وَحمل مَعَه المَال وَأَعْطَاهُ الْآلَة وَسَار فِي العساكر والألوية وَلما اتَّصل خبر مسيره بِأبي حمو أفرج لَهُ عَن تلمسان ودخلها مَسْعُود فِي ربيع الثَّانِي من السّنة الْمَذْكُورَة فاستولى عَلَيْهَا وَخرج أَبُو حمو إِلَى الصَّحرَاء إِلَى أَن كَانَ مَا نذكرهُ
ظُهُور مَنْصُور بن سُلَيْمَان وبيعة مَسْعُود ابْن عبد الرَّحْمَن لَهُ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك
مَنْصُور هَذَا هُوَ مَنْصُور بن سُلَيْمَان بن مَنْصُور بن عبد الْوَاحِد بن يَعْقُوب ابْن عبد الْحق وَكَانَ النَّاس يرجفون بِأَن ملك الْمغرب سَائِر إِلَيْهِ بعد وَفَاة أبي عنان وشاع ذَلِك على أَلْسِنَة النَّاس حَتَّى تحدث بِهِ السمر والندمان وخشي مَنْصُور على نَفسه من ذَلِك فجَاء إِلَى الْوَزير حسن بن عمر وشكا إِلَيْهِ ذَلِك فَنَهَاهُ أَن يختلج بفكرة هَذَا الوسواس وانتهره انتهارا خلا عَن وَجه السياسة فانزجر واستكان قَالَ ابْن خلدون وَلَقَد شهِدت هَذَا الموطن فرحمت ذلة انكساره وخضوعه فِي موقفه ثمَّ لما نَهَضَ مَسْعُود بن عبد الرَّحْمَن إِلَى تلمسان وَاسْتولى عَلَيْهَا كَانَ مَنْصُور هَذَا فِي جملَته وَلما فر أَبُو حمو إِلَى الصَّحرَاء اجْتمعت عَلَيْهِ جموع الْعَرَب من بني زغبة وَبني معقل ثمَّ خالفوا بني مرين إِلَى الْمغرب واحتلوا بانكاد بحللهم وظواعنهم فَجهز إِلَيْهِم مَسْعُود بن عبد الرَّحْمَن عسكرا من جُنُوده انتقى فِيهِ مشيخة بني مرين وأمراءهم وَعقد عَلَيْهِم لِابْنِ عَمه عَامر بن عبد الله بن ماساي وسرحه فزحف إِلَى الْعَرَب بِسَاحَة وَجدّة فَصدقهُ الْعَرَب الْقِتَال فَانْكَشَفَتْ بَنو مرين واستبيح معسكرهم واستلبت مشيختهم وأرجلوا عَن خيولهم ودخلوا إِلَى وَجدّة عُرَاة وَبلغ الْخَبَر
إِلَى بني مرين الَّذين بتلمسان وَكَانَ فِي قُلُوبهم مرض من استبداد حسن بن عمر عَلَيْهِم وحجره لسلطانهم فَكَانُوا يتربصون بالدولة الدَّوَائِر فَلَمَّا بَلغهُمْ هَذَا الْخَبَر حاصوا حَيْصَة حمر الْوَحْش وخلصوا نجيا بِسَاحَة الْبَلَد فاتفقوا على الْبيعَة ليعيش بن عَليّ بن أبي زيان بن يُوسُف بن يَعْقُوب فَبَايعُوهُ وانْتهى الْخَبَر إِلَى مَسْعُود بن عبد الرَّحْمَن وَكَانَ فِي جملَته مَنْصُور بن سُلَيْمَان كَمَا قُلْنَا فأكرهه على الْبيعَة وَبَايَعَهُ مَعَه الرئيس الأبكم من بني الْأَحْمَر وقائد النَّصَارَى والقهردور وتسايل إِلَيْهِ النَّاس من كل جَانب وتسامع الْمَلأ من بني مرين بالْخبر فتهاروا إِلَيْهِ وَذهب يعِيش بن عَليّ لوجهه فَركب الْبَحْر إِلَى الأندلس واستتب أَمر مَنْصُور بن سُلَيْمَان وَاجْتمعَ بَنو مرين على كَلمته فارتحل بهم من تلمسان يُرِيد الْمغرب واعترضتهم جموع الْعَرَب فِي طريقهم فأوقعت بهم بَنو مرين وامتلأت أَيْديهم من أسلابهم وظعنهم ثمَّ أغذوا السّير إِلَى الْمغرب فاحتلوا بوادي سبو فِي منتصف جُمَادَى الْآخِرَة من سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة وَبلغ الْخَبَر إِلَى الْحسن بن عمر فبرز واضطرب مُعَسْكَره بِسَاحَة الْبَلَد وَأخرج السُّلْطَان السعيد فِي الْآلَة والتعبية إِلَى أَن أنزلهُ بفسطاطه وَلما غشيهم اللَّيْل انفض عَنهُ الْمَلأ إِلَى مَنْصُور فَأوقد الْوَزير الشموع وأذكى النيرَان وَجمع الموَالِي والجند حول الْفسْطَاط حَتَّى أركب السُّلْطَان وَعَاد بِهِ إِلَى قصره وتحصن بِالْبَلَدِ الْجَدِيد وَأصْبح مَنْصُور بن سُلَيْمَان فارتحل فِي التعبية حَتَّى نزل بكدية العرائس فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة من السّنة الْمَذْكُورَة وَغدا على فاس الْجَدِيد بِالْقِتَالِ وَجمع الْأَيْدِي على اتِّخَاذ الْآلَات للحصار وانثالت عَلَيْهِ وُفُود الْأَمْصَار بالمغرب لِلْبيعَةِ وَلَحِقت بِهِ كتائب بني مرين الَّتِي كَانَت مجمرة على حصن عَامر بن مُحَمَّد الهنتاني وَلحق بِهِ أَيْضا قائدها سُلَيْمَان بن دَاوُد وَكَاد أمره يتم وَأقَام على فاس الْجَدِيد يغاديها الْقِتَال ويراوحها ثمَّ بدا الْخلَل فِي عسكره وَنزع عَنهُ إِلَى الْوَزير حسن بن عمر طَائِفَة من بني مرين وَلحق آخَرُونَ ببلادهم ووقفوا ينتظرون مآل أمره وَاسْتمرّ هَذَا الْحَال إِلَى غرَّة شعْبَان فَبَيْنَمَا النَّاس فِي ذَلِك إِذْ ظهر السُّلْطَان أَبُو سَالم بجبال غمارة فَانْصَرَفت إِلَيْهِ وُجُوه أهل الْمغرب وَبَطل أَمر السلطانين