المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أخبار البرتغال بالمغرب الأقصى على الجملة - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٤

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة المرينية

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي بكر بن أبي عنان بن أبي الْحسن المريني

- ‌ظُهُور أبي حمو مُوسَى بن يُوسُف الزياني واستيلاؤه على تلمسان ونهوض مَسْعُود بن عبد الرَّحْمَن إِلَيْهِ وطرده عَنْهَا

- ‌ظُهُور مَنْصُور بن سُلَيْمَان وبيعة مَسْعُود ابْن عبد الرَّحْمَن لَهُ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المستعين بِاللَّه أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن المريني

- ‌قدوم الْغَنِيّ بِاللَّه ابْن الْأَحْمَر ووزيره ابْن الْخَطِيب مخلوعين على السُّلْطَان أبي سَالم وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌سفر ابْن الْخَطِيب إِلَى مراكش وأعمالها وزيارته لأوليائها ورجالها وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار ابْن الْخَطِيب بسلا حرسها الله

- ‌انْتِقَاض الْحسن بن عمر الفودودي وَخُرُوجه بتادلا ثمَّ مَقْتَله عقب ذَلِك

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي سَالم إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌وفادة السودَان من أهل مَالِي على السُّلْطَان أبي سَالم وإغرابهم فِي هديتهم بالزرافة الْحَيَوَان الْمَعْرُوف

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي سَالم رحمه الله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عمر تاشفين الموسوس ابْن أبي الْحسن المريني

- ‌الفتك بغرسية بن أنطول قَائِد النَّصَارَى ومقتل جنده مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ظُهُور عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بن أبي سعيد ومحاصرته لفاس الْجَدِيد ثمَّ فراره عَنْهَا

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي زيان مُحَمَّد بن أبي عبد الرَّحْمَن يَعْقُوب بن أبي الْحسن المريني

- ‌وفادة ابْن الْخَطِيب من سلا على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌وفادة ابْن مُحَمَّد الهنتاتي على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي فَارس عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌انْتِقَاض أبي الْفضل بن أبي سَالم ثمَّ مَقْتَله بعد ذَلِك

- ‌انْتِقَاض عَامر بن مُحَمَّد الهنتاتي وحصار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِيَّاه وظفره بِهِ

- ‌ارتجاع الجزيرة الخضراء من يَد الإسبانيول

- ‌نهوض السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا وفرار سلطانها أبي حمو بن يُوسُف عَنْهَا

- ‌نزوع الْوَزير ابْن الْخَطِيب عَن سُلْطَانه الْغَنِيّ بِاللَّه إِلَى السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بتلمسان

- ‌وَفَاة السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌محنة الْوَزير ابْن الْخَطِيب ومقتله رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار أَمِير مراكش عبد الرَّحْمَن بن أبي يفلوسن رحمه الله

- ‌ذكر الشاوية وَبَيَان نسبهم وأوليتهم وَشرح لقبهم وتسميتهم

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس إِلَى تلمسان وَفتحهَا وتخريبها

- ‌خلع السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم وتغريبه إِلَى الأندلس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي فَارس مُوسَى ابْن أبي عنان بن أبي الْحسن

- ‌خُرُوج الْحسن بن النَّاصِر بغمارة ونهوض الْوَزير ابْن ماساي إِلَيْهِ

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُوسَى بن أبي عنان رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْمُنْتَصر بِاللَّه السُّلْطَان أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الواثق بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌ظُهُور مُحَمَّد بن عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بسجلماسة ثمَّ اضمحلاله بعد ذَلِك

- ‌نكبة الْكَاتِب ابْن أبي عَمْرو وحركات بن حسون ومقتلهما

- ‌أَخْبَار تلمسان واستيلاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس عَلَيْهَا

- ‌وُصُول هَدِيَّة صَاحب مصر السُّلْطَان الظَّاهِر برقوق إِلَى السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بتازا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي فَارس عبد الْعَزِيز ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز ووفاته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي عَامر عبد الله ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي سعيد عُثْمَان بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم

- ‌حجابة أبي الْعَبَّاس القبائلي ونكبته ومقتله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حجابة فارح بن مهْدي وأوليته وَسيرَته

- ‌حجابة أبي مُحَمَّد الطريفي وَسيرَته

- ‌حُدُوث الْفِتْنَة بَين السُّلْطَان أبي سعيد وَالسُّلْطَان أبي فَارس الحفصي وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسيتلاء البرتغال على مَدِينَة سبتة أَعَادَهَا الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم المريني رحمه الله

- ‌زحف البرتغال إِلَى طنجة ورجوعهم عَنْهَا بالخيبة

- ‌أَخْبَار الوزراء والحجاب وتصرفاتهم

- ‌وزارة يحيى بن يحيى الوطاسي ومقتله ومقتل الوطاسيين مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌رياسة الْيَهُودِيين هَارُون وشاويل وَمَا نَشأ عَن استبدادهما من المحنة والفتنة

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على طنجة

- ‌مقتل السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار بني الْأَحْمَر واستيلاء الْعَدو على غرناطة وَسَائِر الأندلس مِنْهَا وانقراض كلمة الْإِسْلَام مِنْهَا

- ‌أَخْبَار البرتغال بالمغرب الْأَقْصَى على الْجُمْلَة

- ‌الْخَبَر عَن دولة الشريف أبي عبد الله الْحَفِيد وأوليته

- ‌بيعَة السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌فتْنَة الشاوية ووصولهم إِلَى بِلَاد الغرب

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على مَدِينَة آنفي وآصيلا

- ‌خلع السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وانقراض أمره

- ‌الْخَبَر عَن دولة بني وطاس وَذكر نسبهم وأوليتهم

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ بن أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي رحمه الله

- ‌رياسة بني رَاشد من شرفاء الْعَالم بغمارة وبناؤهم مَدِينَة شفشاون وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌ثورة عَمْرو بن سُلَيْمَان السياف بِبِلَاد السوس وَشَيْء من أخباره

- ‌بِنَاء مَدِينَة تطاوين

- ‌قدوم أبي عبد الله بن الْأَحْمَر مخلوعا على السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمهمَا الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سَاحل البريجه وبناؤهم مَدِينَة الجديدة صانها الله سبحانه وتعالى بمنه

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سواحل السوس وبناؤهم حصن فونتي قرب أكادير وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي الْمَعْرُوف بالبرتغالي رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آسفي حرسه الله

- ‌زحف السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى آصيلا

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آزمور حرسه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر المعمورة حرسه الله

- ‌أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي مَعَ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني رضي الله عنه

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى مراكش ومحاصرته أَبَا الْعَبَّاس الْأَعْرَج السَّعْدِيّ بهَا

- ‌ذكر وزراء السُّلْطَان أبي عبد الله وَمَا قيل فيهم

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي عبد الله رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان أبي حسون بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد الوطاسي رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌وقْعَة آنماي بَين الوطاسيين والسعديين

- ‌عقد الصُّلْح بَين السلطانين أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَأبي الْعَبَّاس السَّعْدِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى

- ‌غَزْوَة الْحمر قرب آصيلا حرسها الله

- ‌وقْعَة أبي عقبَة بوادي العبيد وَمَا كَانَ فِيهَا بَين الوطاسيين والسعديين من الْقِتَال الشَّديد

- ‌بِنَاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي قنطرة الرصيف بفاس حرسها الله

- ‌وقْعَة وَادي درنة بتادلا وَأسر الْأَمِير أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي ومهلكه رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ على فاس وَقَبضه على بني وطاس ومهلك سلطانهم أبي الْعَبَّاس رَحمَه الله تَعَالَى بفضله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي حسون الوطاسي رحمه الله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ إِلَى فاس واستيلاؤه عَلَيْهَا ومقتل السُّلْطَان أبي حسون رحمه الله

الفصل: ‌أخبار البرتغال بالمغرب الأقصى على الجملة

وَهَذَا آخر النّصْف الأول من كتاب الاستقصا لأخبار دوَل الْمغرب الْأَقْصَى قد شرعنا فِي إمْلَائِهِ منتصف رَجَب الْفَرد الْحَرَام من سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف وفرغنا مِنْهُ فِي منتصف ذِي الْحجَّة الْحَرَام فِي السّنة الْمَذْكُورَة ونشرع بعون الله تَعَالَى فِي الْجُزْء الثَّانِي مِنْهُ مفتتحا بِمَا يكون كالتوطئة لدولة بني وطاس من أَخْبَار البرتغال على الْجُمْلَة وعَلى الله تَعَالَى الْكَمَال بمنه وفضله

‌أَخْبَار البرتغال بالمغرب الْأَقْصَى على الْجُمْلَة

اعْلَم أَن هَذَا الْمغرب الْأَقْصَى حرسه الله وكلأه بِعَين حفظه لم يزل بِجَمِيعِ ثغوره وسواحله وأقطاره مُنْذُ الْفَتْح الإسلامي إِلَى الْمِائَة التَّاسِعَة مَحْفُوظًا الجوانب من طروق أُمَم الفرنج وَغَيرهم من أَعدَاء الدّين محفوف الأكتاف بالحامية من جنود الْمُسلمين مرهوبة شَوْكَة ملوكه عِنْد أُمَم النَّصْرَانِيَّة جيلا بعد جيل وَأمة بعد أمة ودولة بعد دولة لم تكن الفرنج تحدث نَفسهَا بغزو شَيْء من بِلَاده أَو طرق ثغر من ثغوره أَو الِاسْتِيلَاء على شَيْء من سواحله وَلم يكن أَهله أَيْضا يتوقعون ذَلِك مِنْهُم وَلَا يخشونه بل هم الَّذين كَانُوا يغزون الفرنج فِي عقر دِيَارهمْ وأعز بِلَادهمْ ويحامون عَن بِلَاد الأندلس وسواحل إفريقية وَغَيرهَا مَتى هاج أَهلهَا هيج من ذَلِك حَسْبَمَا تقدّمت الْأَخْبَار المفصحة عَن ذَلِك وَلم يبلغنَا أَن جِنْسا من أَجنَاس الفرنج فِيمَا قبل الْمِائَة التَّاسِعَة غزا شَيْئا من أَطْرَاف الْمغرب الْأَقْصَى أَو ثغرا من ثغوره بِقصد الِاسْتِيلَاء والتملك إِلَّا مَا كَانَ من مَدِينَة سلا الَّتِي دَخلهَا الإصبنيول غدرا أَيَّام الْفِتْنَة بَين اليعقوبين ثمَّ خَرجُوا عَنْهَا لمُدَّة يسيرَة حَسْبَمَا مر وَإِلَّا مَا كَانَ من محاصرة أهل جنوة لسبتة ثمَّ الإقلاع عَنْهَا كَذَلِك وَنَحْو هَذَا مِمَّا لَا يعْتَبر فَلَمَّا دخلت الْمِائَة التَّاسِعَة وَمضى صدرها وتداعت دوَل الْمغرب من بني أبي حَفْص بإفريقية وَبني زيان بالمغرب الْأَوْسَط وَبني مرين بالمغرب الْأَقْصَى

ص: 109

وَبني الْأَحْمَر بالأندلس وأشرفت على الْهَرم وَحدثت الْفِتَن بَين الْمُسلمين ودامت فيهم وَاشْتَغلُوا بِأَنْفسِهِم دون الِالْتِفَات إِلَى جِهَاد الْعَدو ومطالبته فِي أرضه وبلاده على مَا كَانَ لَهُم من الْعَادة قبل ذَلِك وَافق ذَلِك ابْتِدَاء ظُهُور الجلالقة وهم الإصبنيول والبرتغال وهم البرطقيز بِجَزِيرَة الأندلس واستفحال أَمرهم فكثرت أسفار البرتغال فِي الْبَحْر الْمُحِيط ودام تقلبهم فِيهِ ومرنوا عَلَيْهِ حَتَّى حصلوا على عدَّة جزائر مِنْهُ واكتشفوا بعض الرؤوس الساحلية من أَرض السودَان وَغَيرهَا ثمَّ شرهوا لتملك سواحل الْمغرب الْأَقْصَى فَهَجَمُوا عَلَيْهَا وجالدوا أَهلهَا دونهَا حَتَّى تمكنوا مِنْهَا ونشبوا فِيهَا فَقَوِيت شوكتهم وَعظم ضررهم على الْإِسْلَام وطمحت نُفُوسهم للاستيلاء على مَا وَرَاء ذَلِك حَسْبَمَا تقف عَلَيْهِ مُبينًا فِي موَاضعه إِن شَاءَ الله

فاستولوا فِي سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة على مَدِينَة سبتة بعد محاصرتهم لَهَا سِتّ سِنِين على مَا فِي بعض تواريخ الإفرنج ثمَّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة استولوا على قصر الْمجَاز ثمَّ استولوا فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة على طنجة ثمَّ فِي حُدُود سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة ملكوا آصيلا وَفِي هَذَا التَّارِيخ نَفسه أَو قبله بِيَسِير استولوا على مَدِينَة آنِفا وَبَعض سواحل السوس ثمَّ فِي حُدُود سنة سبع وَتِسْعمِائَة نزلُوا بِأَرْض الجديدة فِيمَا بَين آزمور وتيط وبنوا بهَا حصن البريجة وَطَالَ مقامهم بهَا ثمَّ فِي سنة عشر وَتِسْعمِائَة استولوا على مَدِينَة العرائش ثمَّ بعد ذَلِك بِيَسِير فِي حُدُود الْعشْر وَتِسْعمِائَة على مَا تَقْتَضِيه تواريخ الفرنج ملكوا حصن آكادير وَمَا اتَّصل بِهِ من سواحل السوس الْأَقْصَى ثمَّ ملكوا فِي حُدُود اثْنَتَيْ عشرَة وَتِسْعمِائَة رِبَاط آسفي ثمَّ عطفوا على ثغر آزمور فاستولوا عَلَيْهِ فِي سنة أَربع عشرَة وَتِسْعمِائَة ثمَّ المعمورة وَهِي المهدية ملكوها أَيْضا فِي حُدُود سنة عشْرين وَتِسْعمِائَة وَفِي هَذَا التَّارِيخ نَفسه رجعُوا إِلَى مَدِينَة آنِفا بعد هدمها فبنوها وسكنوها وَبِالْجُمْلَةِ فَلم يبْق من ثغور الْمغرب الْأَقْصَى بيد الْمُسلمين إِلَّا الْقَلِيل مثل سلا ورباط الْفَتْح وفجئ الْمُسلمُونَ من هَذَا البرتغال بِالْأَمر الْعَظِيم ودهوا مِنْهُ بالخطب الجسيم واستحوذ عَدو الله على بِلَاد الهبط وضايقهم بهَا حَتَّى

ص: 110

انحازوا إِلَى الْأَمْصَار المنزوية عَن الْأَطْرَاف والقرى النائية عَن السواحل وَكَانَ ذَلِك كُله فِيمَا بَين انْقِرَاض دولة بني وطاس وَظُهُور دولة الشرفاء السعديين وَلَقَد ذكر فِي مرْآة المحاسن أَن قصر كتامة كَانَ فِي صدر الْمِائَة الْعَاشِرَة مقصدا للتجار وسوقا تجلب إِلَيْهِ بضائع العدوتين وسلعها قَالَ إِذْ كَانَ الْقصر الْمَذْكُور ثغرا بَين بِلَاد الْمُسلمين وَبَين بِلَاد النَّصَارَى تحط بِهِ رحال تجار الْمُسلمين من آفَاق الْمغرب وتجار الْحَرْبِيين من أصيلا وطنجة وَقصر الْمجَاز وسبتة وَلِأَنَّهُ كَانَ مَحل عناية سُلْطَان الْمغرب إِذْ ذَاك مُحَمَّد الشَّيْخ بن أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي فَإِن الْقصر قَاعِدَة بِلَاد الهبط الَّتِي كَانَت موقد شرارة السُّلْطَان الْمَذْكُور ومشب ناره وموشج عصبيته مَعَ مجاورته لبلاد الْحَرْب فَكَانَ نظره مصروفا إِلَيْهِ واختصاصه مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَتقبل بنوه من بعده مذْهبه فِيهِ اه كَلَامه فَهَذَا يدلك على مَا كَانَ عَلَيْهِ الْعَدو خذله الله من المضايقة للْمُسلمين فِي ثغورهم وبلادهم وَللَّه الْأَمر من قبل وَمن بعد

وَلما نزل بِأَهْل الْمغرب الْأَقْصَى مَا نزل من غَلَبَة عَدو الدّين واستيلائه على ثغور الْمُسلمين تباروا فِي جهاده وقتاله وأعملوا الْخَيل وَالرجل فِي مقارعته ونزاله وتوفرت دواعي الْخَاصَّة مِنْهُم والعامة على ذَلِك وصرفوا وُجُوه الْعَزْم لتَحْصِيل الثَّوَاب فِيمَا هُنَالك فكم من رَئِيس قوم قَامَ لنصرة الدّين غيرَة واحتسابا وَكم من ولي عصر أَو عَالم مصر بَاعَ نَفسه من الله وَرَأى ذَلِك صَوَابا حَتَّى لقد اسْتشْهد مِنْهُم أَقوام وَأسر آخَرُونَ وَبلغ الله تَعَالَى جَمِيعهم من الثَّوَاب مَا يرجون فَمن اسْتشْهد مِنْهُم فِي سَبِيل الله سَيِّدي عِيسَى ابْن الْحسن المصباحي دَفِين الدعداعة بِأَرْض البروزي من بِلَاد طليق وَأَبُو الْحسن عَليّ بن عُثْمَان الشاوي من أَصْحَاب الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني وَأَبُو الْفضل فرج الأندلسي ثمَّ المكناسي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد القصري الْمَعْرُوف بسقين قَتله النَّصَارَى عِنْد ضريح الشَّيْخ أبي سلهام وَكَانَ قد قَصده للزيارة ففتكوا بِهِ هُنَالك وكل هَؤُلَاءِ مَعْدُود فِي أَوْلِيَاء الله تَعَالَى وَمِمَّنْ أسر مِنْهُم ثمَّ خلصه الله الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن ساسي دَفِين تانسيفت من أحواز مراكش وَالشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله الكوش دَفِين جبل الْعرض من أحواز

ص: 111

فاس ووالد صَاحب دوحة الناشر وَهُوَ أَبُو الْحسن عَليّ بن مِصْبَاح الحسني عرف بِابْن عَسْكَر وَالشَّيْخ الْعَلامَة أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ابْن القَاضِي المكناسي أحد قُضَاة سلا وَهُوَ صَاحب جذوة الاقتباس والمنتقى الْمَقْصُور وَغَيرهمَا من التآليف الحسان أسر وَهُوَ ذَاهِب إِلَى الْحَج وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْفضل التّونسِيّ الْمَعْرُوف بخروف نزيل فاس وَشَيخ الْجَمَاعَة بهَا هَؤُلَاءِ كلهم أَصَابَهُ الْأسر ثمَّ خلصه الله بعد حِين وَغير هَؤُلَاءِ مِمَّن لم يحضرنا ذكرهم أجزل الله ثوابهم وَيسر بمنه حسابهم وَلَقَد ألف النَّاس فِي ذَلِك الْعَصْر التآليف فِي الحض على الْجِهَاد وَالتَّرْغِيب فِيهِ وَقَالَ الخطباء والوعاظ فِي ذَلِك فَأَكْثرُوا ونظم الشُّعَرَاء والأدباء فِيهِ ونثروا فَمِمَّنْ ألف فِي ذَلِك الْبَاب فَأفَاد الشَّيْخ المتفنن البارع الصُّوفِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم ابْن يَجِيش التازي قَالَ فِي الدوحة وقفت لَهُ على تأليف أَلفه فِي الحض على الْجِهَاد فِي سَبِيل الله فَكَانَ مِمَّا يَنْبَغِي أَن يتَنَاوَل باليدين وَيكْتب دون المداد باللجين أودعهُ نظما ونثرا وَمِمَّنْ نظم فِي ذَلِك فأجاد الشَّيْخ الصَّالح المتصوف الْمُجَاهِد أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يحيى البهلولي قَالَ فِي الدوحة كَانَ هَذَا الشَّيْخ مِمَّن لَازم بَاب الْجِهَاد وَفتح لَهُ فِيهِ وَله فِي ذَلِك أشعار وقصائد زجليات وَغَيرهَا وَكَانَ معاصرا للسُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي الْمَعْرُوف بالبرتغالي فَكَانَ إِذا جَاءَهُ زَائِرًا حضه على الْغَزْو فيساعده على مَا أَرَادَ من ذَلِك وَلما توفّي السُّلْطَان الْمَذْكُور ودالت الدولة لوَلَده السُّلْطَان أَحْمد وغص بالشرفاء القائمين عَلَيْهِ بِبِلَاد السوس عقد الْهُدْنَة مَعَ النَّصَارَى المجاورين لَهُ بِبِلَاد الهبط وصاحبهم سُلْطَان البرتغال فَبلغ ذَلِك الشَّيْخ أَبَا عبد الله الْمَذْكُور فآلى على نَفسه أَن لَا يلقى السُّلْطَان الْمَذْكُور وَلَا يمشي إِلَيْهِ وَلَا يقبل مِنْهُ مَا كَانَ عينه لَهُ وَالِده من جِزْيَة أهل الذِّمَّة بفاس لقُوته وضرورياته فَمَكثَ على ذَلِك إِلَى أَن حَضرته الْوَفَاة وَكَانَ فِي النزع وَأَصْحَابه دائرون بِهِ فَقَالَ لَهُ بَعضهم يَا سَيِّدي أخْبرك أَن السُّلْطَان أَمر بالغزو ونادى بِهِ وحض النَّاس عَلَيْهِ والمسلمون فِي شرح لذَلِك وَفَرح فَفتح الشَّيْخ عَيْنَيْهِ وتهلل وَجهه فَرحا وَحمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ

ص: 112

فَفَاضَتْ نَفسه وَهُوَ مسرور بذلك وَلِهَذَا الشَّيْخ زجليات ومقطعات حسان فِي الحض على الْجِهَاد مِنْهَا اللامية الْمَشْهُورَة الَّتِي خَاطب بهَا السُّلْطَان أَبَا عبد الله الْمَذْكُور ومطلعها

(قل للأمير مُحَمَّد

يَا طلعة الْهلَال)

(لويلة فِي السواحل

من أفضل الليال)

وَمِنْهَا القصيدة الَّتِي مطْلعهَا

(ظهر الرمل مرادي

والعسكر يَا كرام)

(نَفسِي على الْجِهَاد

سبلت وَالسَّلَام)

وَمِنْهَا القصيدة الَّتِي أَولهَا

(قُم للْجِهَاد رعاك الله منتهجا

نهج الرشاد إِلَى الأقوام لَو فَهموا)

(من بعد أندلس مَا زلت محتدما

لَو كَانَ يمكنني فِي اللَّيْل أحتزم)

إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يطول ذكره قَالَ صَاحب الدوحة حَدثنِي الْفَقِيه الْعدْل أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الدغموري القصري قَالَ كَانَ الشَّيْخ أَبُو عبد الله يَقُول مَا غزونا غَزْوَة قطّ إِلَّا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيهَا ويخبرني بِجَمِيعِ مَا يتَّفق لي ولأصحابي فِي تِلْكَ الْغَزْوَة وَله رضي الله عنه فِي شَأْن الْجِهَاد والرجولية حِكَايَة ظريفة وَهِي أَنه غز مرّة غَزْوَة إِلَى الثغور الهبطية ثمَّ قدم مِنْهَا مَعَ أَصْحَابه فَوجدَ زَوجته فُلَانَة بنت الشَّيْخ أبي زَكَرِيَّاء يحيى بن بكار قد توفيت وَصلى النَّاس عَلَيْهَا بِجَامِع الْقرَوِيين وإمامهم الشَّيْخ غَازِي ابْن الشَّيْخ أبي عبد الله مُحَمَّد بن غَازِي الإِمَام الْمَشْهُور فوصل الشَّيْخ أَبُو عبد الله وَوجد جنازتها على شَفير الْقَبْر وَالنَّاس يحاولون دَفنهَا فَقَالَ لَهُم مهلا ثمَّ تقدم وَأعَاد الصَّلَاة عَلَيْهَا مَعَ أَصْحَابه الَّذين قدمُوا مَعَه فبادر النَّاس إِلَيْهِ بالإنكار فِي تَكْرِير الصَّلَاة فِي الْجِنَازَة بِالْجَمَاعَة مرَّتَيْنِ فَقَالَ لَهُم على البديهة صَلَاتكُمْ الَّتِي صليتم عَلَيْهَا فَاسِدَة لكَونهَا بِغَيْر إِمَام فَقَالُوا لَهُ كَيفَ ذَلِك يَا سَيِّدي قَالَ لِأَن شَرط الإِمَام الذكورية وَهِي مفقودة فِي صَاحبكُم لِأَن الَّذِي لم يتقلد سَيْفا فِي سَبِيل الله قطّ وَلم يضْرب بِهِ وَلَا عرف الْحَرْب كَمَا كَانَ نَبينَا صلى الله عليه وسلم وَلم يتعبد بالسيرة النَّبَوِيَّة فَكيف يعد إِمَامًا ذكرا بل

ص: 113