المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌استيلاء البرتغال على ساحل البريجه وبناؤهم مدينة الجديدة صانها الله سبحانه وتعالى بمنه - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٤

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة المرينية

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي بكر بن أبي عنان بن أبي الْحسن المريني

- ‌ظُهُور أبي حمو مُوسَى بن يُوسُف الزياني واستيلاؤه على تلمسان ونهوض مَسْعُود بن عبد الرَّحْمَن إِلَيْهِ وطرده عَنْهَا

- ‌ظُهُور مَنْصُور بن سُلَيْمَان وبيعة مَسْعُود ابْن عبد الرَّحْمَن لَهُ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المستعين بِاللَّه أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن المريني

- ‌قدوم الْغَنِيّ بِاللَّه ابْن الْأَحْمَر ووزيره ابْن الْخَطِيب مخلوعين على السُّلْطَان أبي سَالم وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌سفر ابْن الْخَطِيب إِلَى مراكش وأعمالها وزيارته لأوليائها ورجالها وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار ابْن الْخَطِيب بسلا حرسها الله

- ‌انْتِقَاض الْحسن بن عمر الفودودي وَخُرُوجه بتادلا ثمَّ مَقْتَله عقب ذَلِك

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي سَالم إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌وفادة السودَان من أهل مَالِي على السُّلْطَان أبي سَالم وإغرابهم فِي هديتهم بالزرافة الْحَيَوَان الْمَعْرُوف

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي سَالم رحمه الله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عمر تاشفين الموسوس ابْن أبي الْحسن المريني

- ‌الفتك بغرسية بن أنطول قَائِد النَّصَارَى ومقتل جنده مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ظُهُور عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بن أبي سعيد ومحاصرته لفاس الْجَدِيد ثمَّ فراره عَنْهَا

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي زيان مُحَمَّد بن أبي عبد الرَّحْمَن يَعْقُوب بن أبي الْحسن المريني

- ‌وفادة ابْن الْخَطِيب من سلا على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌وفادة ابْن مُحَمَّد الهنتاتي على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي فَارس عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌انْتِقَاض أبي الْفضل بن أبي سَالم ثمَّ مَقْتَله بعد ذَلِك

- ‌انْتِقَاض عَامر بن مُحَمَّد الهنتاتي وحصار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِيَّاه وظفره بِهِ

- ‌ارتجاع الجزيرة الخضراء من يَد الإسبانيول

- ‌نهوض السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا وفرار سلطانها أبي حمو بن يُوسُف عَنْهَا

- ‌نزوع الْوَزير ابْن الْخَطِيب عَن سُلْطَانه الْغَنِيّ بِاللَّه إِلَى السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بتلمسان

- ‌وَفَاة السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌محنة الْوَزير ابْن الْخَطِيب ومقتله رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار أَمِير مراكش عبد الرَّحْمَن بن أبي يفلوسن رحمه الله

- ‌ذكر الشاوية وَبَيَان نسبهم وأوليتهم وَشرح لقبهم وتسميتهم

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس إِلَى تلمسان وَفتحهَا وتخريبها

- ‌خلع السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم وتغريبه إِلَى الأندلس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي فَارس مُوسَى ابْن أبي عنان بن أبي الْحسن

- ‌خُرُوج الْحسن بن النَّاصِر بغمارة ونهوض الْوَزير ابْن ماساي إِلَيْهِ

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُوسَى بن أبي عنان رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْمُنْتَصر بِاللَّه السُّلْطَان أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الواثق بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌ظُهُور مُحَمَّد بن عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بسجلماسة ثمَّ اضمحلاله بعد ذَلِك

- ‌نكبة الْكَاتِب ابْن أبي عَمْرو وحركات بن حسون ومقتلهما

- ‌أَخْبَار تلمسان واستيلاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس عَلَيْهَا

- ‌وُصُول هَدِيَّة صَاحب مصر السُّلْطَان الظَّاهِر برقوق إِلَى السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بتازا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي فَارس عبد الْعَزِيز ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز ووفاته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي عَامر عبد الله ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي سعيد عُثْمَان بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم

- ‌حجابة أبي الْعَبَّاس القبائلي ونكبته ومقتله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حجابة فارح بن مهْدي وأوليته وَسيرَته

- ‌حجابة أبي مُحَمَّد الطريفي وَسيرَته

- ‌حُدُوث الْفِتْنَة بَين السُّلْطَان أبي سعيد وَالسُّلْطَان أبي فَارس الحفصي وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسيتلاء البرتغال على مَدِينَة سبتة أَعَادَهَا الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم المريني رحمه الله

- ‌زحف البرتغال إِلَى طنجة ورجوعهم عَنْهَا بالخيبة

- ‌أَخْبَار الوزراء والحجاب وتصرفاتهم

- ‌وزارة يحيى بن يحيى الوطاسي ومقتله ومقتل الوطاسيين مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌رياسة الْيَهُودِيين هَارُون وشاويل وَمَا نَشأ عَن استبدادهما من المحنة والفتنة

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على طنجة

- ‌مقتل السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار بني الْأَحْمَر واستيلاء الْعَدو على غرناطة وَسَائِر الأندلس مِنْهَا وانقراض كلمة الْإِسْلَام مِنْهَا

- ‌أَخْبَار البرتغال بالمغرب الْأَقْصَى على الْجُمْلَة

- ‌الْخَبَر عَن دولة الشريف أبي عبد الله الْحَفِيد وأوليته

- ‌بيعَة السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌فتْنَة الشاوية ووصولهم إِلَى بِلَاد الغرب

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على مَدِينَة آنفي وآصيلا

- ‌خلع السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وانقراض أمره

- ‌الْخَبَر عَن دولة بني وطاس وَذكر نسبهم وأوليتهم

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ بن أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي رحمه الله

- ‌رياسة بني رَاشد من شرفاء الْعَالم بغمارة وبناؤهم مَدِينَة شفشاون وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌ثورة عَمْرو بن سُلَيْمَان السياف بِبِلَاد السوس وَشَيْء من أخباره

- ‌بِنَاء مَدِينَة تطاوين

- ‌قدوم أبي عبد الله بن الْأَحْمَر مخلوعا على السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمهمَا الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سَاحل البريجه وبناؤهم مَدِينَة الجديدة صانها الله سبحانه وتعالى بمنه

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سواحل السوس وبناؤهم حصن فونتي قرب أكادير وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي الْمَعْرُوف بالبرتغالي رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آسفي حرسه الله

- ‌زحف السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى آصيلا

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آزمور حرسه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر المعمورة حرسه الله

- ‌أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي مَعَ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني رضي الله عنه

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى مراكش ومحاصرته أَبَا الْعَبَّاس الْأَعْرَج السَّعْدِيّ بهَا

- ‌ذكر وزراء السُّلْطَان أبي عبد الله وَمَا قيل فيهم

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي عبد الله رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان أبي حسون بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد الوطاسي رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌وقْعَة آنماي بَين الوطاسيين والسعديين

- ‌عقد الصُّلْح بَين السلطانين أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَأبي الْعَبَّاس السَّعْدِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى

- ‌غَزْوَة الْحمر قرب آصيلا حرسها الله

- ‌وقْعَة أبي عقبَة بوادي العبيد وَمَا كَانَ فِيهَا بَين الوطاسيين والسعديين من الْقِتَال الشَّديد

- ‌بِنَاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي قنطرة الرصيف بفاس حرسها الله

- ‌وقْعَة وَادي درنة بتادلا وَأسر الْأَمِير أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي ومهلكه رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ على فاس وَقَبضه على بني وطاس ومهلك سلطانهم أبي الْعَبَّاس رَحمَه الله تَعَالَى بفضله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي حسون الوطاسي رحمه الله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ إِلَى فاس واستيلاؤه عَلَيْهَا ومقتل السُّلْطَان أبي حسون رحمه الله

الفصل: ‌استيلاء البرتغال على ساحل البريجه وبناؤهم مدينة الجديدة صانها الله سبحانه وتعالى بمنه

‌اسْتِيلَاء البرتغال على سَاحل البريجه وبناؤهم مَدِينَة الجديدة صانها الله سبحانه وتعالى بمنه

قَالَ مُؤَلفه عَفا الله عَنهُ قد وقفت لبَعض البرتغاليين واسْمه لويز مَارِيَة على تأليف فِي أَخْبَار الجديدة من لدن بنوها إِلَى أَن انتزعها الْمُسلمُونَ مِنْهُم فاقتطفت مِنْهُ مَا أثْبته فِي هَذِه التَّرْجَمَة قَالَ هَذَا الْمُؤلف لما كَانَت سنة ألف وَخَمْسمِائة واثنتين مسيحية قلت ويوافقها من تَارِيخ الْهِجْرَة سنة سبع وَتِسْعمِائَة تَقْرِيبًا بعث سُلْطَان البرتغال واسْمه منويل من دَار ملكه أشبونة عمَارَة فِي الْبَحْر للاستيلاء على بعض ثغور الْمغرب فألجأهم هيجان الْبَحْر وموجه إِلَى سَاحل البريجة فِيمَا بَين آزمور وتيط وَكَانَت البريجة على مَا يفهم من كَلَامه بِنَاء متخذا هُنَالك للحراسة وَنَحْوهَا كَانَ يُسمى برج الشَّيْخ وَلَا زَالَ مُسَمّى بِهَذَا الِاسْم إِلَى الْآن فأرسى البرتغاليون على السَّاحِل الْمَذْكُور وَنزلت طَائِفَة مِنْهُم إِلَى الْبر فتطوفوا بالبريجة وَمَا حولهَا وأعجبهم الْمَكَان فعزموا على الْمقَام بِهِ وَاتفقَ رَأْيهمْ أَن يتْركُوا جمَاعَة هُنَالك يحفظون الْمحل وَيرجع باقيهم إِلَى ملكهم يستأذنوه فِيمَا عزموا عَلَيْهِ فتركوا اثْنَي عشر رجلا بالبريجة بعد أَن حصنوها وشحنوها بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من عدَّة وقوت وَنَحْوهمَا وَرجع الْبَاقُونَ إِلَى الْملك فأخبروه بشأنهم فَأذن لَهُم وَبعث مَعَهم جمَاعَة من البنائين والعملة ليبنوا لَهُم مَا يتحصنون بِهِ فقدموا على إخْوَانهمْ وشرعوا فِي إدارة السُّور على قِطْعَة من الأَرْض فَنَذر بهم أهل تِلْكَ الْبِلَاد من الْمُسلمين وتسابقوا إِلَيْهِم على الصعب والذلول ففر النَّصَارَى إِلَى البريجة وتحصنوا بهَا وأفسد الْمُسلمُونَ كل مَا كَانُوا عملوه فِي تِلْكَ الْأَيَّام وأحجروهم بحصنهم وَوَضَعُوا عَلَيْهِم الرصد إِلَى أَن فتر عزمهم وَأَيِسُوا من نجاح سَعْيهمْ فَعَاد جلهم أَو كلهم إِلَى أشبونة وأعادوا الْكَلَام على ملكهم منويل فِي شَأْن البريجة ووصفوا لَهُ حسن الْبقْعَة وَصِحَّة هوائها ومنزلتها من الْبَحْر وَمن قبائل أهل الْمغرب من أهل تامسنا ودكالة وَغَيرهم وَأَنَّهَا عَسى أَن تكون سلما للاستيلاء

ص: 136

على غَيرهَا من بِلَاد الْمغرب لَا سِيمَا ودولة الْمُسلمين بِهِ يَوْمئِذٍ قد تلاشت وملكهم قد ضعف فوقر ذَلِك فِي نفس الْملك واستأنف الْعَزْم وَبعث مَعَهم حِصَّة من الْعَسْكَر تحصل بهَا الْكِفَايَة وتتأتى بهَا المدافعة والممانعة مَعَ جمَاعَة وافرة من البنائين والمهندسين وَحَملهمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من آلَة وَغَيرهَا فَانْتَهوا إِلَى الْموضع الْمَذْكُور بعد سبع سِنِين من مقدمهم الأول وتحينوا غَفلَة أهل الْبِلَاد وشرعوا فِي بِنَاء حصن مربع على كل ربع مِنْهُ برج وثيق ودأبوا فِي الْعَمَل لَيْلًا وَنَهَارًا فَلم تمض مُدَّة يسيرَة حَتَّى فرغوا مِنْهُ وامتنعوا على الْمُسلمين بِهِ وَكَانَ إنشاؤهم لهَذَا الْحصن على البريجة الْقَدِيمَة بِأَن جعلوها أحد أَرْبَاعه وأضافوا إِلَيْهَا ثَلَاثَة أَربَاع أخر وأداروا السُّور على الْجَمِيع وَاتَّخذُوا فِي دَاخل هَذَا الْحصن ماجلا عَظِيما لخزن المَاء وَهُوَ النطفية فِي لِسَان الجيل بنوه مربعًا بتربيع الْحصن مساحة كل ربع مِنْهُ مائَة وَثَلَاثُونَ شبْرًا وجوانبه وقبوه من حجر النّصْف العجيب النحت الْمُحكم الْوَضع والالتئام مَحْمُولا ذَلِك القبو على سِتَّة أقواس فِي كل ربع قَالَ هَذَا الْمُؤلف وامتلاء نَحْو بلكاظة من هَذَا الماجن يسع عشْرين بوطة من المَاء ثمَّ شيدوا على أحد أَربَاع هَذَا الْحصن طريا عَظِيما مرتفعا جدا لَيْسَ صَادِق التربيع وَلَا الاستدارة غير مهندس الشكل ثمَّ بنوا فِي أَعْلَاهُ على أحد جوانبه بِنَاء آخر لطيفا مستديرا صاعدا فِي الجويرقي إِلَيْهِ على مدارج لَطِيفَة وَجعلُوا فِي أَعْلَاهُ صاريا خَارِجا من جَوْفه وناقوسا للحراسة يشرف الحارس مِنْهُ على نَحْو خَمْسَة وَعشْرين ميلًا من سَائِر جهاته وَجَمِيع هَذِه البناءات الَّتِي ذكرهَا الْمُؤلف من الْحصن وَمَا مَعَه لَا زَالَت قَائِمَة الْعين والأثر إِلَى الْآن إِلَّا الطري فَإِنَّهُ قد اتخذ فِي هَذِه الْأَيَّام الَّتِي هِيَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف منارا لِلْمَسْجِدِ الْجَامِع وَذَلِكَ أَن عَامل الجديدة فِي هَذَا الْعَصْر وَهُوَ الرئيس الْفَاضِل أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس الجراري حفظه الله اسْتَأْذن الْخَلِيفَة وَهُوَ السُّلْطَان الْأَعْظَم الْمولى الشريف أَبُو عَليّ الْحسن بن مُحَمَّد الْعلوِي نَصره

ص: 137

الله فِي جعله منارا لكَون الْمنَار الْقَدِيم قَصِيرا لَا يسمع النَّاس الْأَذَان فَأذن أعزه الله فِي ذَلِك وَهَذَا الْعَامِل الْيَوْم جاد فِي إِصْلَاحه وَالزِّيَادَة فِيهِ وَقد أشرف على التَّمام وَكَذَلِكَ اسْتَأْذن هَذَا الْعَامِل حَضْرَة السُّلْطَان الْمَذْكُور فِي إدارة جِدَار من دَاخل سور الْمَدِينَة يكون ستْرَة على منَازِل أَهلهَا وَبُيُوتهمْ لِأَن السُّور الْمَذْكُور كَانَ مرتفعا على الْبَلَد بِحَيْثُ يكون الصاعد عَلَيْهِ متكشفا على الْبيُوت واستأذنه فِي إصْلَاح الْقبَّة المشرفة على الْبَحْر الْمَعْرُوفَة بقبة الخياطين وَكَانَت قد تلاشت وباتخاذ سجن متسع مُحكم عَن يَمِين الدَّاخِل من بَاب الْمَدِينَة الْمَذْكُورَة لِأَنَّهُ لم يكن بهَا سجن مُعْتَبر فَأَجَابَهُ الْخَلِيفَة الْمَذْكُور إِلَى ذَلِك كُله أدام الله علاهُ وَقد تمّ جلّ ذَلِك وعادت الْقبَّة إِلَى أحسن حالاتها الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا أَيَّام البرتغال وَالله لَا يضيع أجر من أحسن عملا

ولنرجع إِلَى موضوعنا الَّذِي كُنَّا فِيهِ فَنَقُول ثمَّ شرع نَصَارَى البرتغال بعد الْفَرَاغ من الْحصن الْمَذْكُور فِي إدارة سور الْمَدِينَة على أوثق وَجه وأحكمه وَذَلِكَ أَنهم عَمدُوا إِلَى بقْعَة مربعة من الأَرْض مساحة كل ربع مِنْهَا ثَلَاثمِائَة وَخمْس وَسَبْعُونَ خطْوَة وَجعلُوا مركزها الْحصن الْمَذْكُور ثمَّ أداروا بهَا سورين عاديين ثخن الْخَارِج مِنْهُمَا نَحْو خَمْسَة عشر شبْرًا والداخل على نَحْو الثُّلثَيْنِ مِنْهُ وَبَينهمَا فضاء مردوم بِالتُّرَابِ وَالْحِجَارَة الصَّغِيرَة فَصَارَ السوران بذلك سورا وَاحِد سعته خَمْسُونَ شبْرًا وَهَذَا فِي غير الرّبع الموَالِي للبحر أما هُوَ فَلَيْسَ فِيهِ ردم وَإِنَّمَا هُوَ سور وَاحِد مصمت أضيق مِمَّا عداهُ يَسِيرا وارتفاع هَذِه الأسوار من دَاخل الْبَلَد نَحْو سِتِّينَ شبْرًا وَمن خَارجه نَحْو السّبْعين ثمَّ أداروا خَارج السُّور خَنْدَقًا فسيحا وَجعلُوا عمقه أَرْبَعَة عشر شبْرًا بِحَيْثُ بلغُوا بِهِ المَاء وَإِذا فاض الْبَحْر مَلأ مَا بَين جوانبه وَاتَّخذُوا للمدينة ثَلَاثَة أَبْوَاب أَحدهَا للبحر وَهُوَ بَاب المرسى وَقد سد بِالْبِنَاءِ فِي هَذِه السنين وَاثْنَانِ للبر وَجعلُوا أمامهما قنطرتين بِالْعَمَلِ الهندسي بِحَيْثُ ترفعان وتوضعان وَقت الْحَاجة إِلَى ذَلِك فَصَارَت الْمَدِينَة بِهَذَا كُله فِي غَايَة المناعة

ص: 138