المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مجيء السلطان محمد الشيخ السعدي إلى فاس واستيلاؤه عليها ومقتل السلطان أبي حسون رحمه الله - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٤

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة المرينية

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي بكر بن أبي عنان بن أبي الْحسن المريني

- ‌ظُهُور أبي حمو مُوسَى بن يُوسُف الزياني واستيلاؤه على تلمسان ونهوض مَسْعُود بن عبد الرَّحْمَن إِلَيْهِ وطرده عَنْهَا

- ‌ظُهُور مَنْصُور بن سُلَيْمَان وبيعة مَسْعُود ابْن عبد الرَّحْمَن لَهُ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المستعين بِاللَّه أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن المريني

- ‌قدوم الْغَنِيّ بِاللَّه ابْن الْأَحْمَر ووزيره ابْن الْخَطِيب مخلوعين على السُّلْطَان أبي سَالم وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌سفر ابْن الْخَطِيب إِلَى مراكش وأعمالها وزيارته لأوليائها ورجالها وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار ابْن الْخَطِيب بسلا حرسها الله

- ‌انْتِقَاض الْحسن بن عمر الفودودي وَخُرُوجه بتادلا ثمَّ مَقْتَله عقب ذَلِك

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي سَالم إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌وفادة السودَان من أهل مَالِي على السُّلْطَان أبي سَالم وإغرابهم فِي هديتهم بالزرافة الْحَيَوَان الْمَعْرُوف

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي سَالم رحمه الله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عمر تاشفين الموسوس ابْن أبي الْحسن المريني

- ‌الفتك بغرسية بن أنطول قَائِد النَّصَارَى ومقتل جنده مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ظُهُور عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بن أبي سعيد ومحاصرته لفاس الْجَدِيد ثمَّ فراره عَنْهَا

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي زيان مُحَمَّد بن أبي عبد الرَّحْمَن يَعْقُوب بن أبي الْحسن المريني

- ‌وفادة ابْن الْخَطِيب من سلا على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌وفادة ابْن مُحَمَّد الهنتاتي على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي فَارس عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌انْتِقَاض أبي الْفضل بن أبي سَالم ثمَّ مَقْتَله بعد ذَلِك

- ‌انْتِقَاض عَامر بن مُحَمَّد الهنتاتي وحصار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِيَّاه وظفره بِهِ

- ‌ارتجاع الجزيرة الخضراء من يَد الإسبانيول

- ‌نهوض السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا وفرار سلطانها أبي حمو بن يُوسُف عَنْهَا

- ‌نزوع الْوَزير ابْن الْخَطِيب عَن سُلْطَانه الْغَنِيّ بِاللَّه إِلَى السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بتلمسان

- ‌وَفَاة السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌محنة الْوَزير ابْن الْخَطِيب ومقتله رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار أَمِير مراكش عبد الرَّحْمَن بن أبي يفلوسن رحمه الله

- ‌ذكر الشاوية وَبَيَان نسبهم وأوليتهم وَشرح لقبهم وتسميتهم

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس إِلَى تلمسان وَفتحهَا وتخريبها

- ‌خلع السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم وتغريبه إِلَى الأندلس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي فَارس مُوسَى ابْن أبي عنان بن أبي الْحسن

- ‌خُرُوج الْحسن بن النَّاصِر بغمارة ونهوض الْوَزير ابْن ماساي إِلَيْهِ

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُوسَى بن أبي عنان رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْمُنْتَصر بِاللَّه السُّلْطَان أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الواثق بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌ظُهُور مُحَمَّد بن عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بسجلماسة ثمَّ اضمحلاله بعد ذَلِك

- ‌نكبة الْكَاتِب ابْن أبي عَمْرو وحركات بن حسون ومقتلهما

- ‌أَخْبَار تلمسان واستيلاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس عَلَيْهَا

- ‌وُصُول هَدِيَّة صَاحب مصر السُّلْطَان الظَّاهِر برقوق إِلَى السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بتازا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي فَارس عبد الْعَزِيز ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز ووفاته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي عَامر عبد الله ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي سعيد عُثْمَان بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم

- ‌حجابة أبي الْعَبَّاس القبائلي ونكبته ومقتله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حجابة فارح بن مهْدي وأوليته وَسيرَته

- ‌حجابة أبي مُحَمَّد الطريفي وَسيرَته

- ‌حُدُوث الْفِتْنَة بَين السُّلْطَان أبي سعيد وَالسُّلْطَان أبي فَارس الحفصي وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسيتلاء البرتغال على مَدِينَة سبتة أَعَادَهَا الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم المريني رحمه الله

- ‌زحف البرتغال إِلَى طنجة ورجوعهم عَنْهَا بالخيبة

- ‌أَخْبَار الوزراء والحجاب وتصرفاتهم

- ‌وزارة يحيى بن يحيى الوطاسي ومقتله ومقتل الوطاسيين مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌رياسة الْيَهُودِيين هَارُون وشاويل وَمَا نَشأ عَن استبدادهما من المحنة والفتنة

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على طنجة

- ‌مقتل السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار بني الْأَحْمَر واستيلاء الْعَدو على غرناطة وَسَائِر الأندلس مِنْهَا وانقراض كلمة الْإِسْلَام مِنْهَا

- ‌أَخْبَار البرتغال بالمغرب الْأَقْصَى على الْجُمْلَة

- ‌الْخَبَر عَن دولة الشريف أبي عبد الله الْحَفِيد وأوليته

- ‌بيعَة السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌فتْنَة الشاوية ووصولهم إِلَى بِلَاد الغرب

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على مَدِينَة آنفي وآصيلا

- ‌خلع السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وانقراض أمره

- ‌الْخَبَر عَن دولة بني وطاس وَذكر نسبهم وأوليتهم

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ بن أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي رحمه الله

- ‌رياسة بني رَاشد من شرفاء الْعَالم بغمارة وبناؤهم مَدِينَة شفشاون وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌ثورة عَمْرو بن سُلَيْمَان السياف بِبِلَاد السوس وَشَيْء من أخباره

- ‌بِنَاء مَدِينَة تطاوين

- ‌قدوم أبي عبد الله بن الْأَحْمَر مخلوعا على السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمهمَا الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سَاحل البريجه وبناؤهم مَدِينَة الجديدة صانها الله سبحانه وتعالى بمنه

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سواحل السوس وبناؤهم حصن فونتي قرب أكادير وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي الْمَعْرُوف بالبرتغالي رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آسفي حرسه الله

- ‌زحف السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى آصيلا

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آزمور حرسه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر المعمورة حرسه الله

- ‌أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي مَعَ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني رضي الله عنه

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى مراكش ومحاصرته أَبَا الْعَبَّاس الْأَعْرَج السَّعْدِيّ بهَا

- ‌ذكر وزراء السُّلْطَان أبي عبد الله وَمَا قيل فيهم

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي عبد الله رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان أبي حسون بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد الوطاسي رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌وقْعَة آنماي بَين الوطاسيين والسعديين

- ‌عقد الصُّلْح بَين السلطانين أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَأبي الْعَبَّاس السَّعْدِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى

- ‌غَزْوَة الْحمر قرب آصيلا حرسها الله

- ‌وقْعَة أبي عقبَة بوادي العبيد وَمَا كَانَ فِيهَا بَين الوطاسيين والسعديين من الْقِتَال الشَّديد

- ‌بِنَاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي قنطرة الرصيف بفاس حرسها الله

- ‌وقْعَة وَادي درنة بتادلا وَأسر الْأَمِير أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي ومهلكه رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ على فاس وَقَبضه على بني وطاس ومهلك سلطانهم أبي الْعَبَّاس رَحمَه الله تَعَالَى بفضله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي حسون الوطاسي رحمه الله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ إِلَى فاس واستيلاؤه عَلَيْهَا ومقتل السُّلْطَان أبي حسون رحمه الله

الفصل: ‌مجيء السلطان محمد الشيخ السعدي إلى فاس واستيلاؤه عليها ومقتل السلطان أبي حسون رحمه الله

‌مَجِيء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ إِلَى فاس واستيلاؤه عَلَيْهَا ومقتل السُّلْطَان أبي حسون رحمه الله

لما فر السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ من وقْعَة الأتراك بفاس وصل إِلَى مراكش فاستقر بهَا وَصرف عزمه لقِتَال أبي حسون فَأخذ فِي استنفار الْقَبَائِل وانتخاب الْأَبْطَال وتعبية العساكر والأجناد فَاجْتمع لَهُ من ذَلِك مَا اشْتَدَّ بِهِ أزره وَقَوي بِهِ عضده ثمَّ نَهَضَ بهم إِلَى فاس فَخرج إِلَيْهِ السُّلْطَان أَبُو حسون فِي رُمَاة فاس وَمَا انضاف إِلَيْهِم من جَيش الْعَرَب فَكَانَت الْهَزِيمَة على أبي حسون فَرجع إِلَى فاس وتحصن بهَا فَتقدم الشَّيْخ السَّعْدِيّ وحاصره إِلَى أَن ظفر بِهِ فِي وقْعَة كَانَت بَينهمَا بالموضع الْمَعْرُوف بِمسلمَة فَقتله وَاسْتولى على حَضْرَة فاس وَصفا لَهُ أمرهَا وَكَانَ استيلاؤه عَلَيْهَا يَوْم السبت الرَّابِع وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة على الصَّوَاب خلاف مَا وَقع فِي الدوحة وَالله أعلم وبمقتل السُّلْطَان أبي حسون رحمه الله انقرضت الدولة المرينية بالمغرب وَالله وَارِث الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَهُوَ خير الْوَارِثين

وَبَقِي علينا الإلماع بأواخر دولة بني زيان مُلُوك تلمسان وَكَيف كَانَ انْقِرَاض أَمرهم فلنشر إِلَى ذَلِك فَنَقُول كَانَت دولة بني زيان على مَا علمت من الِاضْطِرَاب سَائِر أَيَّام بني مرين وَكَانَ مِنْهُم فِي صدر الْمِائَة التَّاسِعَة السُّلْطَان الواثق بِاللَّه من أمثل مُلُوكهمْ وغلبهم على تلمسان فِي تِلْكَ الْمدَّة السُّلْطَان أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز بن أَحْمد الحفصي فَأخذُوا بِطَاعَتِهِ ثمَّ بعد مَوته سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة اعتزوا بعض الشَّيْء إِلَى أَن كَانَت دولة السُّلْطَان أبي عَمْرو عُثْمَان بن مُحَمَّد الحفصي فغزا تلمسان أَعْوَام السّبْعين وَثَمَانمِائَة مرَّتَيْنِ وَفِي الثَّانِيَة هدم أسوارها وعزم على استئصال أَهلهَا إِلَى أَن تشفع إِلَيْهِ علماؤها وصلحاؤها فَعَفَا عَنْهُم وَكَانَ الْبَاعِث لَهُ على غزوها أَولا مَا بلغه من أَن الْأَمِير مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي ثَابت استولى عَلَيْهَا فَفعل مَا فعل وصاهرهم بِبَعْض حفدته

وَقَالَ صَاحب بَدَائِع السلك شاهدت بتلمسان وَبَعض أَعمالهَا تَصْرِيح

ص: 161

الْخَطِيب باسم السُّلْطَان أبي عَمْرو عُثْمَان صَاحب تونس مقدما فِي الذّكر على اسْم صَاحب تلمسان أبي عبد الله من أعقاب بني زيان لما بَينهمَا من الشَّرْط فِي ذَلِك وَبقيت حَال بني زيان متماسكة إِلَى أَن ظهر جنس الإصبنيول فِي صدر الْمِائَة الْعَاشِرَة بعد مَا تمّ لَهُ ملك الأندلس وعظمت شوكته فطمح للتغلب على ثغور المغربين الْأَدْنَى والأوسط فاستولى على بجاية سنة عشر وَتِسْعمِائَة ثمَّ على وهران سنة أَربع عشرَة وَتِسْعمِائَة وَفعل بِأَهْلِهَا الأفاعيل ثمَّ سما لتملك الجزائر وشره لالتهامها وضايق الْمُسلمين فِي ثغورهم وَضعف بَنو زيان عَن مقاومته وَكَانَ الشَّيْخ الْفَقِيه الصَّالح أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ابْن القَاضِي الزواوي مِمَّن لَهُ الشُّهْرَة والوجاهة الْكَبِيرَة فِي بسائط الْمغرب الْأَوْسَط وجباله وَكَانَت دولة العثامنة من التّرْك فِي هَذِه الْمدَّة قد زخر عبابهم وملكت أَكثر المسكونة وَظهر من قواد عساكرهم البحرية قائدان عظيمان وهما خير الدّين باشا وَأَخُوهُ عروج باشا وَكَانَا قد تَابعا الْغَزْو على بِلَاد الْكفْر برا وبحرا وأوقعا بِأَهْل دوَل الأوروبا وقائع شهيرة وَصَارَ لَهُم ذكر فِي أقطار الْبِلَاد وَتمكن ناموسهم من قُلُوب الْعباد فكاتبهم الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس الْمَذْكُور وعرفهم بِمَا الْمُسلمُونَ فِيهِ من مضايقة الْعَدو الْكَافِر وَقَالَ إِن بِلَادنَا بقيت لَك أَو لأخيك أَو للذئب فَأقبل التّرْك نَحوه مُسْرِعين وَاسْتولى عروج على ثغر الجزائر بعد مَا كَاد الْعَدو يملكهُ فتخلصه مِنْهُ ثمَّ استولى على تلمسان وَغلب بني زيان على أَمرهم وَذَلِكَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة على مَا فِي النزهة ثمَّ إِن أهل تلمسان أَنْكَرُوا سيرة التّرْك وسئموا ملكتهم وَيُقَال إِن التّرْك عسفوهم وصادروهم على أَمْوَالهم وَكَانَ عروج قد أغرى بالفقيه أبي الْعَبَّاس المستدعي لَهُ فَقتل شَهِيدا بعد الثَّلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَرَأى عروج أَن أَمر الْمغرب الْأَوْسَط لَا يصفو لَهُ مَعَ وجود الْفَقِيه الْمَذْكُور فَدس عَلَيْهِ من قَتله ثمَّ نَهَضَ عروج إِلَى بني يزناسن فَكَانَ الكرة عَلَيْهِ وَقتل هُنَالك مَعَ جمَاعَة من وُجُوه عسكره وَتَفَرَّقَتْ جموعه

وعادت تلمسان إِلَى بني زيان فجددوا بهَا رياستهم وأحيوا رَمق دولتهم إِلَى أَن عاود التّرْك غزوها بعد حِين وانتزعوها من يَد صَاحبهَا أبي الْعَبَّاس

ص: 162

أَحْمد بن عبد الله من أعقاب يغمراسن بن زيان

قَالَ فِي الْمرْآة مَا نَصه قَالَ الشَّيْخ الإِمَام قَاضِي الْجَمَاعَة أَبُو مُحَمَّد عبد الْوَاحِد بن أَحْمد الوانشريسي رحمه الله وَمن خطه نقلت قدم حسن ابْن خير الدّين التركي فاستولى على تلمسان فِي أواسط شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَأخرج مِنْهَا الْأَمِير أَحْمد ابْن الْأَمِير عبد الله ووزيره مَنْصُور بن أبي غَانِم ولحقا بدبدو مَعَ من انضاف إِلَيْهِمَا من أُمَرَاء تلمسان وكبرائها فغدر بهم عمر بن يحيى الوطاسي صَاحب دبدو وَأخذ أَمْوَالهم واعتقلهم وسرح منصورا فِي محرم من سنة ثَلَاث وَخمسين وَتِسْعمِائَة اه واستمرت تلمسان فِي يَد التّرْك إِلَى أواسط صدر الْمِائَة الثَّالِثَة عشرَة فاستولى عَلَيْهَا الفرنسيس على مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله

وَاعْلَم أَنه كَانَ فِي صدر هَذِه الْمِائَة الْعَاشِرَة أُمُور عِظَام

مِنْهَا ظُهُور الفرنج بالديار المغربية واستيلاؤهم على ثغورها بِمَا لم يعْهَد مثله قبل ذَلِك لَا سِيمَا البرتغال والإصبنيول حَسْبَمَا تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ وَمِنْهَا ظُهُور دولة آل عُثْمَان مُلُوك التركمان بالديار المشرقية وَمَا أضيف لَهَا الظُّهُور الَّذِي لَا كفاء لَهُ وَابْتِدَاء هَذِه الدولة وَإِن كَانَ قبل هَذَا التَّارِيخ بِنَحْوِ مِائَتي سنة لَكِن إِنَّمَا كَانَ عنفوان شبابها وفيضان عبابها فِي هَذِه الْمدَّة لَا سِيمَا فِي دولة سلطانهم الْأَعْظَم وخاقانهم الأفخم سُلَيْمَان بن سُلَيْمَان خَان فَإِنَّهُ ملك أَكثر الْمَعْمُور وَقَامَ بدعوته من الْأُمَم الْجُمْهُور وهجمت عساكره على ديار الأرنا فقاتلوهم فِي أعز بِلَادهمْ واستلبوهم من طارفهم وتلادهم وخضعت مُلُوكهمْ لعزته واستكانوا لصولته وَأَعْطوهُ يَد المقادة وآتوه من الطَّاعَة والخضوع مَا خَالف الْعَادة ثمَّ أوطأ عساكره المغربيين الْأَدْنَى والأوسط فاستولى عَلَيْهِمَا وَكَاد يتَنَاوَل الْأَقْصَى ويضيفه إِلَيْهِمَا على مَا تقف عَلَيْهِ فِي أَخْبَار السعديين إِن شَاءَ الله

وَمِنْهَا ظُهُور الْأَوْلِيَاء وَأهل الصّلاح من الملامتية وأرباب الْأَحْوَال والجذب فِي بِلَاد الشرق والغرب لكنه انْفَتح بِهِ للمستورين على النِّسْبَة

ص: 163

وَأهل الدَّعْوَى بَاب متسع الْخرق متعسر الرتق فاختلط المرعى بالهبل وَادّعى الخصوصية من لَا نَاقَة لَهُ فِيهَا وَلَا جمل وصعب على جلّ النَّاس التَّمْيِيز حَتَّى بَين البهرج والإبريز لَا سِيمَا الْعَاميّ الْغمر الَّذِي لَا يفرق بَين الْحَصْبَاء والدر وَيرْحَم الله الشَّيْخ اليوسي إِذْ قَالَ فِي محاضرته مَا نَصه وَقد طرق أسماع الْقَوْم من قبل الْيَوْم كَلَام أهل الصولة كفحول القادرية والشاذلية رضي الله عنهم وَكَلَام أَرْبَاب الْأَحْوَال فِي كل زمَان فتعشقت النُّفُوس ذَلِك وأذعن لَهُ الْجُمْهُور وخاضوا فِي التَّشْبِيه بهم فَمَا شِئْت أَن تلقى جَاهِلا مُسْرِفًا على نَفسه لم يعرف بعد ظَاهر الشَّرِيعَة فضلا عَن أَن يعْمل فضلا عَن أَن يخلص إِلَى الْبَاطِن فضلا عَن أَن يكون صَاحب مقَام إِلَّا وجدته يصول وَيَقُول وينابذ الْمَنْقُول والمعقول وَأكْثر ذَلِك فِي أَبنَاء الْفُقَرَاء يُرِيد الْوَاحِد مِنْهُم أَن يتحلى بحلية أَبِيه ويستتبع أَتْبَاعه بِغَيْر حق وَلَا حَقِيقَة بل لمُجَرّد حطام الدُّنْيَا فَيَقُول خدام أبي وزريبة أبي وَيضْرب عَلَيْهِم المغرم كمغرم السُّلْطَان وَلَا يقبل أَن يُحِبُّوا أحدا فِي الله أَو يعرفوه أَو يقتدوا بِهِ غَيره وَإِذا رأى من خرج يطْلب دينه أَو من يدله على الله تَعَالَى يغْضب عَلَيْهِ ويتوعده بِالْهَلَاكِ فِي نَفسه وَمَاله وَقد يَقع شَيْء من المصائب بِحكم الْقَضَاء والابتلاء فيضيفه إِلَى نَفسه فَيَزْدَاد بذلك هُوَ وَأَتْبَاعه ضلالا ثمَّ يخترق لَهُم من الخرافات والأمور الْمُعْتَادَة مَا يَدعِيهِ سيرة ودينا يستهويهم بِهِ ثمَّ يضمن لَهُم الْجنَّة على مساوئ أَعْمَالهم والشفاعة يَوْم الْمَحْشَر وَيقبض على لحْمَة من ذراعه فَيَقُول للجاهل مثله أَنْت من هَذِه اللحمة فيكتفي جهال الْعَوام بذلك ويبقون فِي خدمته ولدا عَن وَالِد قائلين نَحن خدام الدَّار الْفُلَانِيَّة وَفِي زريبة فلَان فَلَا نخرج عَنْهَا وَكَذَا وجدنَا آبَاءَنَا وَهَذَا هُوَ الضلال الْمُبين وَهَؤُلَاء قطاع الْعباد عَن الله إِلَى آخر كَلَامه فقف عَلَيْهِ فِي الْفَصْل الْخَامِس وَالْعِشْرين مِنْهَا فَإِنَّهُ نَفِيس وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

وَفِي سنة إِحْدَى عشرَة وَتِسْعمِائَة توفّي الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عِيسَى الماواسي البطوي الموقت الْمَشْهُور

وَفِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة بعْدهَا توفّي الشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو الْحسن عَليّ بن قَاسم

ص: 164

التجِيبِي الْمَعْرُوف بالزقاق فَقِيه فاس وَهُوَ صَاحب الْمَنْظُومَة اللامية فِي علم الْقَضَاء وَغَيرهَا وَفِي سنة أَربع وَتِسْعمِائَة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء الْعشْرين من صفر مِنْهَا توفّي الشَّيْخ الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى الوانشريسي مؤلف المعيار وَغَيره من التآليف الحسان أَصله من تلمسان واستوطن مَدِينَة فاس إِلَى أَن توفّي بهَا فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وفيهَا أَيْضا توفّي الشَّيْخ الْكَبِير أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز بن عبد الْحق الْحرار الْمَعْرُوف بالتباع دَفِين حومة الفحول من مراكش من أَصْحَاب الشَّيْخ الْجُزُولِيّ رضي الله عنهما وَصفه شَيْخه الْمَذْكُور بالكيمياء وَكَانَ يُقَال النظرة فِيهِ تغني أَفَاضَ الله علينا من مدده

وَفِي سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة توفّي الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة النظار أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن غَازِي العثماني المكناسي ثمَّ الفاسي وَقد تقدم خَبره مَعَ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني رحمهمَا الله

وَفِي سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة انحبس الْمَطَر بفاس وَالْمغْرب واضطر النَّاس إِلَى اسْتِخْرَاج السواقي من الأودية والأنهار لسقي زرعهم وثمارهم

وَفِي سنة سبع وَعشْرين بعْدهَا كَانَ الغلاء والجوع الْكَبِير الَّذِي صَار تَارِيخا فِي النَّاس مُدَّة

وَفِي سنة ثَمَان وَعشْرين بعْدهَا كَانَ الوباء بالمغرب سنة الله فِي خلقه وَفِي هَذِه الْمدَّة أَعنِي أَعْوَام الثَّلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة على مَا فِي الدوحة توفّي الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مَنْصُور السفياني دَفِين جَزِيرَة البسابس من بِلَاد أَوْلَاد جلون على مسيرَة نصف يَوْم من مصب نهر سبو فِي الْبَحْر من جِهَة الْمشرق وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّيْخ التباع وَالرَّوْضَة الَّتِي عَلَيْهَا بناها الشَّيْخ أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن المجذوب يُقَال إِنَّه لما أكملها رَآهُ فِي الْمَنَام وَألبسهُ حلَّة خضراء

وَفِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة فِي ثَانِي يَوْم من ربيع الأول مِنْهَا توفّي الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الْكَرِيم بن عمر الحاجي الْمَعْرُوف بالفلاح ضجيع القَاضِي عِيَاض فِي روضته بحومة بَاب إيلان من مراكش وَهُوَ من أَصْحَاب

ص: 165

الشَّيْخ التباع أَيْضا وَفِي هَذِه الْمدَّة على مَا فِي الدوحة توفّي الشَّيْخ أَبُو يشو مَالك بن خدة الصبيحي من عرب صبيح كَانَ من أهل الْعلم وَالْفضل وَالدّين وَدفن على ضفة نهر سبو على نَحْو مرحلة من فاس وقبره مزارة إِلَى الْآن

وَفِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة توفّي الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الغزواني رضي الله عنه دَفِين حومة الْقُصُور من مراكش وَقد تقدم شَيْء من خَبره

وَفِي أَعْوَام أَرْبَعِينَ وَتِسْعمِائَة توفّي الشَّيْخ الْكَامِل أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عِيسَى السفياني الْمُخْتَار ثمَّ الفهدي دَفِين مكناسة الزَّيْتُون وَهُوَ شيخ جليل الْقدر شهير الذّكر رضي الله عنه ونفعنا بِهِ آمين

تمّ الْجُزْء الرَّابِع ويليه الْجُزْء الْخَامِس

أَوله

الْخَبَر عَن دولة الْأَشْرَاف السعديين من آل زَيْدَانَ

ص: 166