الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيان بن عمر فِي ذَلِك الْحصار وَكَانَ أحد الَّذين باشروا قتل وَلَدي الْأَمِير عبد الرَّحْمَن
قَالَ ابْن خلدون وطالما كَانَ زيان هَذَا يمتري ثدي نعمتهم ويجر ذيله خُيَلَاء فِي جاههم فَذهب مثلا فِي كفران النِّعْمَة وَسُوء الْجَزَاء وَالله لَا يظلم مِثْقَال ذرة ثمَّ جَاءَ بعده ابْنه أَبُو زَكَرِيَّاء يحيى بن زيان فولي الوزارة للسُّلْطَان عبد الْحق كَمَا مر ثمَّ بعده ابْنه يحيى أَيْضا وَهُوَ الَّذِي قَتله السُّلْطَان عبد الْحق فِي جمَاعَة من عشيرته وفر أَخُوهُ أَبُو عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ إِلَى الصَّحرَاء وَبَقِي متنقلا فِي الْبِلَاد إِلَى أَن كَانَ من أمره مَا نذكرهُ
الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ بن أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي رحمه الله
قد تقدم لنا مَا كَانَ من إِيقَاع السُّلْطَان عبد الْحق ببني وطاس وإفلات مُحَمَّد الشَّيْخ وَمُحَمّد الحلو من النكبة وَأَن الشَّيْخ كَانَ قد خرج للصَّيْد فاتصل بِهِ الْخَبَر فَذهب على وَجهه لَا يلوي على شَيْء وَأَن الحلو اختفى حَتَّى إِذا سكنت الهيعة تسلل وَلحق بالشيخ فسارا إِلَى جِهَة الصَّحرَاء وَجعلا يترددان فِيمَا بَينهَا وَبَين الْبِلَاد الهبطية حَتَّى ملكا آصيلا وَذَلِكَ قبل اسْتِيلَاء البرتغال عَلَيْهَا وَلما ملك الشَّيْخ آصيلا واستفحل أمره بهَا تشوفت إِلَيْهِ الْأَعْيَان من أهل فاس والرؤساء من أهل دولة السُّلْطَان عبد الْحق وصاروا يكاتبونه ويقدمون إِلَيْهِ الْوَسَائِل سرا وَرُبمَا دَعوه إِلَى الْقدوم على أَن يبذلوا لَهُ من الطَّاعَة والنصرة مَا شَاءَ فاستمر الْحَال على ذَلِك إِلَى أَن قتل عبد الْحق وبويع الْحَفِيد فَحِينَئِذٍ أرهف الشَّيْخ حَده واستفرغ فِي الْمُطَالبَة جهده إِلَى أَن استولى على الحضرة وَصفا لَهُ ملك الْمغرب
قَالَ فِي الْمرْآة لما بَايع أهل فاس أَبَا عبد الله الْحَفِيد قَامَ مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي فِي آصيلا واستتبع الْقَبَائِل واستفحل أمره وحاصر فاسا وقتا
بعد وَقت إِلَى أَن دخلت فِي طَاعَته فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَخرج عَنْهَا الْحَفِيد ودخلها مُحَمَّد الشَّيْخ الْمَذْكُور فِي أَوَائِل شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة وَهُوَ مورث الْملك لِبَنِيهِ بهَا اه وَقد تقدم لنا أَن الَّذِي خلع الشريف من الْملك هُوَ أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن مَنْصُور الوطاسي وَأَن حَضْرَة فاس الْجَدِيد قد بقيت بعد ذهَاب الشريف إِلَى تونس فِي يَد زهور الوطاسية والقائد السجيري إِلَى أَن قدم السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ وَالله تَعَالَى أعلم
وَقَالَ منويل فِي أَخْبَار مُحَمَّد الشَّيْخ هَذَا مَا صورته كَانَت مملكة الْمغرب الْأَقْصَى فِي غَايَة الِاضْطِرَاب والانتكاس حَتَّى طمع فِي ملكهَا كل من كَانَت توسوس لَهُ نَفسه بذلك وَاسْتولى ابْن الْأَحْمَر على جَمِيع الثغور الَّتِي كَانَت لبني مرين بِأَرْض الأندلس وَلم يتْرك لَهُم قيد شبر واشرأبت أَجنَاس الفرنج للتغلب على الْمغرب وَفِي تِلْكَ الْمدَّة كَانَ بآصيلا مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي وَكَانَ شجاعا مقداما وأحس من نَفسه بِالْقُدْرَةِ على الِاسْتِيلَاء على كرْسِي فاس وتنحية الشريف عَنهُ لَا سِيمَا مَعَ مَا كَانَ النَّاس فِيهِ من افْتِرَاق الْكَلِمَة فَجمع جندا صالحها وزحف إِلَى فاس فبرز إِلَيْهِ الشريف والتقوا بأحواز مكناسة فَوَقَعت بَينهمَا حَرْب عَظِيمَة كَانَت الكرة فِيهَا على الوطاسي ثمَّ جمع عسكرا آخر وزحف بِهِ إِلَى فاس وحاصرها نَحْو سنتَيْن والشريف فِيهَا مَعَ أَرْبَاب دولته وَفِي أثْنَاء الْحصار ورد عَلَيْهِ الْخَبَر باستيلاء البرتغال على آصيلا وعَلى بَيت مَاله الَّذِي كَانَ بهَا وعَلى حظاياه وَأَوْلَاده فأفرج عَن فاس وَرجع مبادرا إِلَى آصيلا فحاصرها وَلما امْتنعت عَلَيْهِ عقد مَعَ البرتغال هدنة وَعَاد سَرِيعا إِلَى فاس فحاصرها وضيق على الشريف بهَا حَتَّى خرج فَارًّا بِنَفسِهِ وأسلمها إِلَيْهِ فَدَخلَهَا مُحَمَّد الشَّيْخ وتمت بيعَته وتفرغ لتدويخ الْقَبَائِل الَّتِي بأحواز فاس وَغَيرهَا فَدَخَلُوا فِي طَاعَته واغتبطوا بِهِ اه كَلَامه