المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامستشريح الأسنان - شرح تشريح القانون لابن سينا

[ابن النفيس]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌البحث الأولاختلاف الحيوانات في الأعضاء

- ‌البحث الثانيفوائد علم التشريح

- ‌البحث الثالثإثبات منافع الأعضاء

- ‌البحث الرابعمبادئ العلم بمنافع الأعضاء

- ‌البحث الخامسهيئة التشريح وآلاته

- ‌القسم الأولصور الأعضاء الباطنةالجملة الاولىالعظام

- ‌الفصل الأولقول كُليّ في العظام

- ‌الفصل الثانيتشريح عظام القحف

- ‌الفصل الثالثتشريح ما دون القحف

- ‌الفصل الرابعتشريح عظام الفكين والأنف

- ‌الفصل الخامستشريح الأسنان

- ‌الفصل السادسمنفعة الصلب

- ‌الفصل السابعتشريح الفقرات

- ‌الفصل الثامنمنفعة العنق وتشريح عظامه

- ‌الفصل التاسعتشريح فقار الظهر ومنافعها

- ‌الفصل العاشرتشريح فقرات القطن

- ‌الفصل الحادي عشرتشريح عظام العجز

- ‌الفصل الثاني عشرتشريح عظم العصعص

- ‌كلام كالخاتمة

- ‌الفصل الرابع عشرتشريح الأضلاع

- ‌جملة وتفصيلاً

- ‌الفصل الخامس عشرتشريح عظام القص

- ‌الفصل السادس عشرتشريح الترقوة

- ‌ تشريح الكتف

- ‌الفصل السابع عشر

- ‌ تشريح العضد

- ‌الفصل الثامن عشر

- ‌الفصل التاسع عشرتشريح الساعد

- ‌الفصل العشرونتشريح المرفق

- ‌الفصل الحادي والعشرونتشريح الرسغ

- ‌الفصل الثاني والعشرونتشريح مشط الكف

- ‌الفصل الثالث والعشرونتشريح الأصابع

- ‌الفصل الرابع والعشرونمنفعة الظفر

- ‌الفصل الخامس والعشرونتشريح عظم العانة

- ‌الشرح

- ‌الفصل السادس والعشرونكلام كلي في منفعة الرجل

- ‌الفصل السابع والعشرونتشريح عظم الفخذ

- ‌الفصل الثامن والعشرونتشريح عظم الساق

- ‌الفصل التاسع والعشرونمفصل الركبة

- ‌الفصل الثلاثونتشريح عظام القدم

- ‌ووصفه ومنفعته

- ‌الجملة الثانيةالعضل

- ‌الفصل الأولكلام كُلّي في العصبوالعضل والوتر والرّباط

- ‌الفصل الثانيتشريح عضل الجبهة

- ‌الفصل الثالثتشريح عضل المقلة

- ‌الفصل الرابعتشريح عضلات الجفن

- ‌الفصل الخامستشريح عضل الخد

- ‌الفصل السادستشريح عضل الشفة

- ‌الفصل السابعتشريح عضل المنخر

- ‌الفصل الثامنتشريح عضل الفك الأسفل

- ‌الفصل التاسعتشريح عضل الرأس

- ‌الفصل العاشرتشريح عضل الحنجرة

- ‌الفصل الحادي عشرتشريح عضل الحلقوم الحلق

- ‌الفصل الثاني عشرتشريح عضل العظم اللامي

- ‌الفصل الثالث عشرتشريح عضل اللسان

- ‌الفصل الرابع عشرتشريح عضل العنق

- ‌الفصل الخامس عشرتشريح عضل الصدر

- ‌الفصل السادس عشرتشريح عضل حركة العضد

- ‌الفصل السابع عشر

- ‌الفصل الثامن عشرتشريح عضل الرسغ

- ‌الفصل التاسع عشرتشريح عضل أصابع اليد

- ‌الفصل العشرونتشريح عضل حركة الصلب

- ‌الفصل الحادي والعشرونتشريح عضل البطن

- ‌الفصل الثاني والعشرونتشريح عضل الأنثيين

- ‌الفصل الثالث والعشرونتشريح عضل المثانة

- ‌الفصل الرابع والعشرونتشريح عضل القضيب

- ‌الفصل الخامس والعشرونتشريح عضل المقعدة

- ‌الفصل السادس والعشرونتشريح عضل حركة الفخذ

- ‌الفصل السابع والعشرونتشريح عضل حركة الساق والركبة

- ‌الفصل الثامن والعشرونتشريح عضل مفصل القدم

- ‌الفصل التاسع والعشرونتشريح عضل أصابع الرجل

- ‌الجملة الثالثةالعصب

- ‌الفصل الأول من الجملة الثانية من التعليم الخامسقول في العصب خاص

- ‌منفعة العصب

- ‌الفصل الثانيتشريح العصب الدماغي ومسالكه

- ‌الفصل الثالثتشريح العصب النابت من نخاع العنقومسالكه

- ‌الفصل الرابعتشريح فقار الصدر

- ‌الفصل الخامستشريح عصب القطن

- ‌الفصل السادستشريح عصب العجز والعصعص

- ‌الجملة الرابعةالشرايين

- ‌الفصل الأولكلام كلّي في صفة الشرّيان

- ‌الفصل الثانيصفة الشّريان الورّيدي

- ‌كلام خاص بهذا الشّريان

- ‌الشريان المسمى أورطيوهو الأبهر

- ‌ الفصل الثالثتشريح الشريان الصاعد

- ‌الفصل الرابعتشريح الشريانين السباتيين

- ‌الفصل الخامستشريح الشريان النازل من الأورطي

- ‌الجملة الخامسةصفة الأوردةهي خمسة فصولالفصل الأولالعروق الساكنة

- ‌الفصل الثانيتشريح الوريد المسمى بالباب

- ‌الفصل الثالثتشريح الأجوف وما يصعد منه

- ‌إلى أن ينبث في الرئة وفي جرم القلب

- ‌الفصل الرابعتشريح أوردة اليدين إلى الكتفي منه

- ‌الفصل الخامستشريح الأجوف النازل

- ‌فصل

- ‌القسم الثانيتشريح الأعضاء الآلية

- ‌معرفة الرأس وأجزائه

- ‌الشرح

- ‌البحث الأولكلام كلّي في تشريح الدماغ

- ‌البحث الثانيمزاج الدماغ وقوامه

- ‌البحث الثالثالأجزاء التي ينقسم إليها الدماغ

- ‌البحث الرابعهيئة الموضع الذي تحت الدماغالمسمى بالبركة والمعصرة

- ‌البحث الخامستشريح الغشاءين المحيطين بالدماغوهما الأمّان الغليظة والرقيقة

- ‌البحث السادستعديل بطون الدماغ

- ‌البحث السابعتشريح المشيميةما يأتيها من العروق

- ‌البحث الثامنتشريح البطن الأوسط من بطون الدماغ

- ‌البحث التاسعفضول الدماغ

- ‌فصل

- ‌تشريح العين

- ‌البحث الأولأجزاء العين

- ‌البحث الثانيرطوبات العين

- ‌البحث الثالثتشريح طبقات العين

- ‌البحث الرابعتشريح الأجفان والأهداب

- ‌فصلتشريح الأذن

- ‌الشرح

- ‌فصل

- ‌تشريح الأنف

- ‌الشرح

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌الفم واللسان

- ‌‌‌الشرح

- ‌الشرح

- ‌تشريح أعضاء الحلق

- ‌فصلتشريح الحنجرة والقصبة والرئة

- ‌البحث الأولتشريح قصبة الرئة

- ‌البحث الثانيتشريح الحنجرة

- ‌البحث الثالثتشريح الرئة

- ‌فصلتشريح القلب

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح الثدي

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح المريء والمعدة

- ‌البحث الأولتشريح المريء

- ‌البحث الثانيتشريح المعدة

- ‌البحث الثالثتشريح الثرب

- ‌البحث الرابعتشريح الصّفاق المسمى باريطارون

- ‌البحث الخامستتمة الكلام في الثرب

- ‌البحث السادستتمة الكلام في المعدة

- ‌فصلتشريح الكبد

- ‌البحث الأولهيئة الكبد وموضعها وأفعالها

- ‌فصل

- ‌البحث الثانينقض مذهب قيل في القوى التي في الماساريقا

- ‌الشرح

- ‌تشريح المرارة

- ‌فصلتشريح الطحال

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح الأمعاء الستة

- ‌البحث الأولمنفعة الأمعاء

- ‌البحث الثانيتعديد الأمعاءوتمييز بعضها عن بعض

- ‌البحث الثالثالمخالفة بين المريء والمعاء الاثني عشري

- ‌البحث الرابعتشريح المعاء الصائم والمعاء الدقيق

- ‌البحث الخامسالكلام في بقية الأمعاء وهي الأمعاء الغلاظ

- ‌فصلتشريح الكلية

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح المثانة

- ‌الشرح

- ‌فصل

- ‌تشريح الأنثيين وأوعية المني

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح القضيب

- ‌الشرح

- ‌ الشرح

- ‌فصلتشريح الرحم

- ‌فصلتولد الجنين

- ‌الشرح

الفصل: ‌الفصل الخامستشريح الأسنان

وثالثها: ليعينا على سهولة نقص الفضول والبخار الرديئة الكريهة الرائحة بارتعادهما، وانتفاضهما. ولأجل هذه المنافع خلقاً لينين ليكونا أطوع في حركة الانقباض وأسرع وانسب إلى جرم الجلد. وألينها أطرافهما لأن أعلاهما يتصل بالعظام. وهي صلبة. وحركة الارتعاد هناك قليلة ولا كذلك أسفلهما. وقسم الأنف بقسمين. وقد جعل الشيخ ذلك ليبقى أحدهما مفتوحاً عند ميل ما ينزل من المخاط إلى الآخر وهذا لا يصح لأنه لو كان ثقباً واحداً متسعاً لكان انسداده أقل لا محالة إذ الذي يقسمه بنصفين يهيئه للانسداد إذ يصير كل قسم منهما ضيقاً فيكون مستعداً للانسداد بالمخاط لغلظه ولزوجته بل إنما خلق كذلك لأنه لو بقي واحداً لكان واسعاً فيكون متهيئاً لنفوذ ما ينفذ فيه من الذباب ونحوه فاحتيج إلى تضييقه وحينئذٍ لو جعل واحداً لم يف بما يحتاج إليه من الهواء فحينئذٍ جعل اثنين، وقسم بغضروف لأن هذا القاسم يحتاج أن يكون رقيقاً جداً لئلا يزاحم ويضيق فلو خلق من عظم واحد لتهيأ للانكسار لإفراط رقته، ولو خلق من غشاء ونحوه لم يفد في دعامة عظم الأنف حتى لا يزولان عن وضعيهما عند الضربة عليهما ونحو ذلك. وجعل هذا الغضروف أصلب من الغضروفين الطرفيين للحاجة في هذا إلى الدعامة مع قلة الحاجة إلى الحركة وجعل أعلاه أصلب، وأسفله ألين. لأن الحاجة إلى الدعامة أكثرها في أعلاه، والحاجة. إلى مطاوعته على حركة الغضروفين الطرفيين، إنما يكون في أسفله، فلأن أعلاه حيث تحتبس الفضول لضيق المكان فيحتاج أن تكون أبعد عن قبول التضرر بها، وإنما يكون كذلك إذا كان أصلب. وجعل هذا الغضروف على طول الدرز الوسطاني ليكون القسمان متساويين، فلا يكون أحدهما ضيقاً جداً متهيئاً للانسداد. وأيضاً ليكون لجرم هذا الغضروف مداخل لعظام الفك من خلل الدرز الوسط فيكون التحامه بها أو ثق وأما لم خلق الأنف في هذا الموضع المخصوص، فسنذكر ذلك حيث نتكلم في الأعضاء الآلية. والله أعلم.

البحث الثالث تشريح الفك الأسفل قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الفك الأسفل وصورة عظامه

إلى آخر الفصل.

الشرح أما منفعة هذا الفك فهو أن يتم به مضغ الطعام والكلام ونحو ذلك مما نذكر بعضه عند كلامنا في الفصل الآتي والباقي عند كلامنا في الأعضاء المركبة. وقد خلق له عظمان إذا لو كان من لحم فقط لم يكن المضغ ولو كان من غضاريف لم يكن قوياً، وعظامه لا بد وأن تكون خفيفة جداً لتكون حركته أسهل. وإنما يكون كذلك إذا كانت رقيقة متخلخلة فلو جعل من عظام كثيرة جداً لكان تركيبه واهياً، ولو جعل من عظم واحد لكان إذا عرض لبعضه آفة، لم يؤمن سريانها. وجعل المفصل بين عظميه عند الذقن، ليكون العظمان متساويين إذ ليس أحدهما بزيادة العظم أولى من الآخر، وجعل هذا المفصل موثقاً لعدم الحاجة إلى حركة أحد العظمين دون الآخر وليكون تركيبه قوياً، وجعل لزاقاً لئلا يزداد جرم العظمين ضعفاً بزيادة الخلل الذي يحدثه الدرز وإنما لم يراع هذا في عظام الرأس لأن تلك العظام قوية غليظة ويحتاج فيها إلى زيادة التخلخل ليمكن نفوذ الأبخرة في التخلخل ونحوها مما ذكرناه هناك ولا كذلك ها هنا. ومن الناس من ينكر هذا المفصل وذلك لزيادة خفائه وهذان العظمان كلما ارتفعا ازدادا قوة ورقة أما الرقة فلأن عظمهما في أسفل، إنما كان لأجل الأسنان وذلك منتف في أعلاها. وأما القوة فليتدارك ذلك ما توهنه الرقة فلذلك هما هناك أصلب. وأقل تخلخلاً وعلى طرف كل واحد منهما زائدتان إحداهما رقيقة معقفة ترتبط بزائدة من الفك الأعلى وثانيتهما: غليظة في طرفها كرة مستديرة تتهندم في حفرة من العظم الحجري تحت الزائدة الشبيهة بحلمة الثدي وإنما احتيج إلى هاتين الزائدتين ليكون تشبث هذا العظم بما يتصل به قوياً لأنه معلق وكثير الحركة وتحتاج حركة المضغ إلى قوة ولو كانت الزائدة واحدة لكان سريع الانخلاع جداً ولم يجعل هذا المفصل موثقاً، وإلا كانت تفوت منفعة هذا الفك وهي المضغ ونحوه. والله أعلم بغيبه.

‌الفصل الخامس

تشريح الأسنان

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الأسنان فهي

إلى آخر الفصل.

الشرح

ص: 25

أما أسنان الناس ففائدتها أمور أحدها تصغير أجزاء الغذاء ليسهل نفوذه وانهضامه في المعدة. وثانيها: حبس الريق حتى لا ينفصل منه شيء عند قعر الفم وعند الكلام.

وثالثها: الإعانة على جودة الكلام. ولذلك يعرض عند سقوطها خلل في الكلام.

ورابعها: أن تكون له كالسلاح في العض.

وخامسها: الاستعانة على كسر ما يعسر باليدين كالجوز واللوز، وحل ما يعسر حله بالأصابع من العقد الصغار لقوته.

وسادسها: الجمال وحسن الفم عند التبسم. وأما أسنان غير الإنسان فقد تكون لهذه المنافع كلها، إلا الإعانة على الكلام ثم قد يكون مع ذلك سلاحاً للصيد كما في السباع. وقد لا يكون كذلك كما في الحيوانات ما ليس له أسنان البتة كالطيور والسمك الذي لا يأكل اللحم ومنه ما له أسنان وهذا إما أن تكون أسنانه كلها نافعة. في تصغير الغذاء أو لا تكون كذلك. والثاني. كالفيل والخنزير فإن لكل واحد منهما أنياباً للسلاح فقط، أعني ليس لها معونة في تصغير الغذاء وإن كان قد يكون لها نفع آخر في غير السلاح كما في الفيل فإنه يستعين بأنيابه على السفاد بأن يضعها على ظهر الأنثى معتمداً عليها في ارتفاعه للسفاد. والذي جمع أسنانه نافعة للغذاء إما أن تكون في كلا الفكين بالسواء، وذلك كما في الإنسان، أو لا تكون كذلك فإما أن تكون في الأسفل فقط، أو تكون في الفكين جميعاً ولكنها في أحدهما أكثر، وأيضاً الأسنان إما أن تختلف في الذكر والأنثى أو لا يكون كذلك والثاني كما في الإنسان والأول إما أن يكون ذلك الاختلاف بأن يكون للأنثى أكثر وذلك كما في الأفاعي فإن للذكر نابين وللأنثى أربعة وذلك لأن الأنثى لضعفها افتقرت إلى تكثير السلاح، أو بأن يكون في الذكور أكثر وذلك كما في الخنازير، فإن للذكور منها نابان للقتال، دون الإناث أو لا تكون كذلك. وذلك كما في الجمال فإن أسنان الإناث منها أضعف من أسنان الذكور وأيضاً ما له أسنان فإما أن يكون مما لا يأكل اللحم البتة. وذلك كالغنم والبقر فهذا يجب أن تكون أسنانه المقدمة عراض مجتمعة مصطفة لتكون أجود في قطع العشب كالقدوم، ومثل هذا الحيوان لا تخلق له أنياب للقتال، أو يكون مما يأكل اللحم، فإما أن يكون ذلك كله على سبيل الصيد. أو لا يكون كذلك.

والثاني كما في الإنسان فهذا يجب أن تكون أسنانه متوسطة في العرض وفي التفرق.

والأول يجب أن تكون أسنانه متفرقة حادة ليكون تشبثها بالمصيد قوياً وهذا إما أن تكون أسنانه متراكبة. تنزل العالية في خلل السافلة أو لا تكون كذلك. والثاني كما في الكلاب وأكثر السباع والكلاب.

والأول: كبعض السمك الذي يأكل اللحم. فإن أسنانه متراكبة والعليا منها تنزل في خلل السفلي، وإنما كان كذلك لأنه يأكل في الماء فيحتاج إلى سرعة البلع لئلا يدخل إلى باطنه من الماء أكثر مما يحتاج إليه، فإذا كان كذلك افتقر إلى سرعة تقطيع المأكول، وحيوان بحري يقال له: كلب البحر لأسنانه ثلاثة صفوف وهي حادة جداً كالشوك. وقد قيل إن سبعاً بالهند لأسنانه أيضاً ثلاثة صفوف. فلنتكلم الآن فيما يليق بالطب وهو الكلام في أسنان الناس فنقول: للأسنان دون باقي الأعضاء خواص: إحداها: أن جميعها تخلق بعد الولادة. إلا في النادر فقد يولد بعض الأطفال وله سنان أو ثلاثة، وقد قيل إن صبياً طال به الحمل أربع سنين، وولد وله أسنان كاملة. وبهذه الخاصية يخالف جميع الأعضاء وما يشابهها وذلك لأن الأعضاء الباقية كلها تتخلق قبل الولادة والأشياء الشبيهة بالأعضاء أما الأظفار فكلها تخلق بعد الولادة إلا نادراً كما قالوا إن الحامل إذا أكثرت من أكل الملح خرج الولد بغير أظفار. قالوا: لأن الملح بحدته يمنع تكونها، وأما الشعر فبعضه يتخلق قبل الولادة مثل شعر الأهداب والحواجب وشعر الرأس، وبعضه يتأخر عن ذلك كشعر الساقين والزندين وبعضه يتأخر أزيد من ذلك كشعر العانة والإبطين وبعضه يتأخر جداً كشعر اللحية.

ص: 26

وثانيها: أنها تسقط بالطبع ثم تعود وسبب ذلك أن النابت منها أو لاً. يكون شبيهاً بباقي الأعضاء في ذلك الوقت وهي حينئذٍ شديدة اللين وخصوصاً والحاجة حينئذٍ إلى تصلبها يسيرة جداً لأن غذاء الصبي في ذلك الوقت إنما يكون من الأشياء اللينة جداً ليكون شبيهاً بمزاجه وبأعضائه في ذلك الوقت، ولذلك ما كان من الأسنان ينبت في أو ل بأنه صلباً كالنواجذ فإنه لا يسقط بالطبع البتة.

وثالثها: أنها تعود بعد الفقد في الأسنان دون بعض ولا كذلك غيرها فإنه إما أن لا تعود البتة كالعظام والشرايين أو أنه يعود في كل سن كاللحم والشحم.

ورابعها: أن المادة التي تتكون منها لا يتكون منها عضو آخر، وذلك لأنها تتكون من دم على مزاج المني لأنها لو تكونت من الدم كيف كان لو جب أن يعود بعد الفقد دائماً كما كان في اللحم والشحم، ولو تكونت من المني لما كانت تعود إليه البتة كما في العروق والعظام.

وخامسها: أنها مع شدة صلابتها تحس وتتخدر وتتألم ولا كذلك غيرها. وسنذكر سبب ذلك.

وسادسها: أنها مع كونها عظيمة فهي مكشوفة من كل جانب ولا كذلك غيرها من الأعضاء وأما الأظفار فليست مكشوفة من كل جانب ومع ذلك فهي في الحقيقة ليست من الأعضاء ولو كانت من الأعضاء لما كانت عظيمة أعني ليست في صلابة العظام.

وسابعها: أنها مع أنها أعضاء فهي تنمو دائماً ولذلك تطول السن المحاذية للسن المقلوعة. وسبب ذلك تعرضها للانسحاق الدائم. وأما الأظفار والشعر فإنهما وأن شاركاها في ذلك فليسا من الأعضاء.

وثامنها: أنها عند الكبر تقصر في الحقيقة وتطول في الحس أما سبب ذلك قصرها الحقيقي فلأجل دوام الانجراد بالمضغ مع ضعف النمو عند الكبر، وأما طولها الحسي، فلأن اللحم الذي عند أصولها يقل فترة طويلة.

وتاسعها: أنها مع أن مفاصلها بدخول زائدة منها في حفرة من عظم آخر هي أيضاً موثقة وهذا لا يوجد لغيرها.

وعاشرها: أنها يعرض لها التقلقل كثيراً مع أن مفاصلها موثقة. وذلك بخلاف غيرها، فهذه عشر خواص للأسنان.

قوله: ثنيتان ورباعيتان من فوق ومثلها من أسفل للقطع هذا ظاهر، فإن الإنسان بالطبع، إنما يقطع ما يقطعه من المأكول بمقدم أسنانه ولذلك خلقت هذه الأسنان مستعرضة حادة الأطراف لتكون كالقدوم ونحوه مما يقطع به.

قوله: ونابان من فوق، ونابان من أسفل للكسر ربما قيل إن عادة الإنسان إنما يحاول كسر ما يريد كسره بأضراسه لا بأنيابه. وجوابه: أن ما كان من الأشياء الصلبة مثل الجوز واللوز فلا شك أن الأسنان التي يحاول كسرها بها هي الأضراس وأما ما كان من الأطعمة له طول لا يتمكن من كسره بالأضراس، فإنما يحاول كسره بالأنياب فكأنها مخلوقة للكسر نيابة عن الأضراس. وقد خلقت محددة لتنفذ فيما يراد كسره فتهيئه للانكسار وأما الأضراس فأكثر فائدتها سحق المأكول وطحنه، ولذلك خلقت عظاماً غلاظاً كباراً لأن السحق إنما يتم بمثل ذلك، وقد تسمى الأسنان بأسماء مشتقة من أفعالها كما تسمى الأضراس الطواحين والأسنان القدامية القاطعة وأما الأنياب فلما لم يكن الكسر لها أصلياً لم يشتق لها منه منها أسماء بل سميت باسم مشابهها. فيقال لها أسنان الكلاب لشبهها بأسنانها، والنواجذ تنبت في وسط سن النمو وذلك في قريب من عشرين سنة، لأن الطبيعة حينئذٍ تستظهر في آلات الغذاء عند إشراف زيادة الوارد على المتحلل على البطلان، وهذا من خواص الإنسان وتسمى أسنان الحلم بكسر الحاء أي أسنان العقل وهذا السن هو ابتداء كمال العقل وقد يسمى أسنان الحلم بضم الحاء لأنها تتكون بعد الاحتلام. وعبارة الكتاب في الأسنان ظاهرة.

وقد قال جالينوس: إن قوة الحس تأتيها في عصب لين، وهذا عجيب فكيف جعل ليناً وهو مخالط للعظام؟ وينبغي أن يكون شبيهاً بجرمها فيكون صلباً لئلا يتضرر بمماستها.

بقي ها هنا بحث، وهو أن الأسنان عظام أو ليس؟

ص: 27