الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: وأغلظه أسفله وأيسره. أما أغلظ أسفل الصفاق، فليكون هناك قوياً على حمل الأحشاء وليتدارك بذلك ما يوجبه الثقبان اللذان فيه من وهن الجرم، فلا تكثر عروض الإنخراق له وأما غلظ اليبس فلأن الرياح المحرقة، وهي الملازمة لضعف الطحال يكثر هناك فيحتاج أن يكون جرمه هناك قوياً لئلا ينخرق بقوة تمديد تلك الرياح. والله ولي التوفيق.
البحث الخامس
تتمة الكلام في الثرب
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه ويفضل من منبت الصفاق فضل من الجانبين
…
إلى قوله: تسخين المعدة تعاونها في وقايتها.
الشرح عبارة الكتاب في هذا بينة ويريد بالمناوط المنابت التي ينبت منها الثرب.
وهذا على الرأي المشهور. وأما الحق فإن تلك ليست بمنابت، وإنما هي مواضع اتصال ما به يتعلق بتلك الأعضاء. والله ولي التوفيق.
البحث السادس
تتمة الكلام في المعدة
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وفي اسفل المعدة ثقب
…
إلى قوله: ويعني به فم المعدة حسب تأويله.
الشرح قوله والثالث أنه قد ينصب إليها عند الجوع الشديد من الكبد دم أحمر نقي فيغذوها.
إن هذا مما لا أصدقه وذلك لأن الجوع الشديد يلزمه شدة جذب الكبد وغيرها من الأعضاء المادة من المعدة وذلك يشتد حينئذٍ الامتصاص من المعدة فكيف يدفع إليها ما هو بعدها من الأعضاء فضلاً لذلك عن الكبد وخاصة والكبد عند الجوع الشديد يكون لا محالة خالية من الدم، وإن كان فيها شيء منه كانت شديد ة التمسك به فكيف يدفعه إلى المعدة، ولو اندفع من الكبد دم من جهة مقعرها لكان يقع على الأمعاء ويخرج بالأسهل لا أنه يندفع من المعدة ومن أين ينفذ إلى باطن المعدة، ولا منفذ إلا على ما يقولون من أن ألماساً ريقاً يتصل بعضها بالمعدة نافذة إلى تجويفها وهذا شيء قد بينا كذبه فيما سلف ولو نفذ إلى باطن المعدة الدم، لكان ذلك الدم إما أن يخرج بالقيء على الفور أو يجمد في المعدة إن دام فيها، ويستحيل سماً بل قد يندفع حينئذٍ إلى المعدة من السوداء ما يشبه هذا الدم وذلك لأجل شدة امتصاص فم المعدة للعرق الآتي إليه من الطحال ولقائل أن يقول هذا: قد شاهد شيئاً من ذلك فطنه دماً. وباقي ألفاظ الكتاب ظاهرة. والله ولي التوفيق.
فصل
تشريح الكبد
إنا قبل الكلام في تعريف الكبد نقدم مقدمة نبين فيها وجه الحاجة إلى الكبد فنقول. قد بينا مراراً كثيرة أن الحاجة إلى خلقة الكبد هي أن تحيل الغذاء إلى مشابهة جوهرها فيصير لذلك دماً وخلطاً وذلك بعد استعداده في المعدة لذلك. وذلك لطبخ المعدة له وإحالتها إياه إلى حالة يشابه جوهرها مشابهة ما، فتصير بذلك مع أنه أقرب مشابهة لجوهر المعدة مما كان أو لاً لأنه هو أيضاً أقرب مشابهة لجوهر الكبد فلذلك تقرب استحالته إلى مشابهة جوهر الكبد وذلك إذا فعلت فيه بصورتها النوعية فإن الأجسام في هذا العالم جميعها تتفاعل إذا تلاقت وذلك بأن يفعل كل واحد منها في مادة الآخر فعلاً يقرب تلك المادة إلى مشابهة جوهره ولذلك إذا تلاقت العناصر تفاعلت ولزم ذلك حصول المزاج وبيان هذا أن مادة أجسام هذا العالم جميعها واحدة وإنما تختلف في الأجسام باختلاف حالها من الصور، وكل صورة في جسم فإن من شأنها أن تجعل المادة التي هي قائمة بها على الكيفيات التي بها تكون تلك المادة شديدة الملاءمة لتلك الصورة حتى تكون تلك الصورة حينئذٍ أثبت في تلك المادة مثال ذلك الماء فإن صورته من شأنها أن يجعل مادته باردة رطبة وتلك المادة بذلك شديدة المناسبة لصورته حتى إن تلك المادة ما دامت كذلك استحالت أن تفارقها تلك الصورة وإذا حدث لها قاسر يخرج له عن طبيعته كالنار مثلاً إذا سخنته فإن تلك السخونة إذا كانت شديدة جداً أعدت مادته لقبول تلك الصورة الهوائية واستحال ذلك الماء هواء. وإن كانت تلك السخونة أضعف من ذلك الماء لو يفارق صورته لمادته ولكنها تكون في طريق أن يفارق وذلك إذا تزيدت الماء سخونة ثم إذا بطل تأثير ذلك القاسر، وكان الماء لم يفارق صورته لمادته كانت تلك الصورة حينئذٍ مجتهدة في إبطال تلك السخونة لتزول عن مادته التأهب لأن يفارق صورته ومع ذلك فلا يقتصر على إبطال تلك السخونة فقط بل تحيله مع ذلك إلى الكيفية المناسبة لصورته حتى يصير بارداً رطباً ومادة جميع هذا العالم واحدة فإن المادة التي في النار هي بعينها المادة التي في الماء لكن تلك تصورت بصورة النار وهذه تصورت بصورة الماء فلذلك صورة النار تحيل المادة المصورة بصورة الماء إلى طبيعتها فتصير مناسبة لصورة النار فتصير ناراً ومادة الماء تحيل مادة النار إلى طبيعتها فتصير مناسبة لصورة الماء فيصير ماء وكذلك الأجسام المختلفة الصور جميعها كل منها يفعل في غيره هذا الفعل وإن كان بعض الأجسام في ذلك أقوى من بعض فما كان من الأجسام قوى الكيفيات فهو أقوى على إحالة غيره إلى طبيعته من الأجسام إلى كيفياتها ضعيفة فلذلك فإن إحالة النار للماء حاراً أكثر كثيراً من إحالة الهواء إلى الحرارة وكذلك إحالة النطرون لغيره نطروناً أشد وأسرع من إحالة الماء وغيره مادة خاصة إذا كان المستحيل بصورة يعسر قبولها لصورة المحيل لو كانت الاستحالة إلى صورة المحيل عسرة جداً ولذلك فإن استحالة الماء ناراً أعسر من استحالة الأرض ناراً مع أن الأرض أشد كثافة من الماء وأبعد في ذلك عن طبيعة النار وذلك لأن الماء لأجل قوة برده، ورطوبة مادته تعسر استحالة مادته ناراً ولا كذلك الأرض فإن بردها أضعف ومادتها يابسة وكذلك استحالة الأجسام رصاصاً أسرع كثيراً وأسهل من استحالتها ذهباً. وذلك لأن الذهب إنما يتحقق بمزاج شديد وذلك مما يعسر تكيف الأجسام بمزاجه ولا كذلك الرصاص. ولذلك إذا طال مقام الرصاص في موضع ندي كبر جرمه، ولذلك يزداد بخلاف الذهب وقد يحيل جسم جسماً آخر إلى جسم بصورة ثالثة ليست لو أحد منهما فإن النار إذا سخنت الماء سخونة شديدة صار لذلك هواء وكذلك يقال إن الأكسير يحيل الرصاص فضة أو النحاس ذهباً مع أنه ليس بصورة واحد منها وذلك لأن هذا المحيل لا يحيل المادة فيكون بصورة ذلك الثالث بل لأنه يحيلها للتصور بصورته ولكنها في طريق تلك الاستحالة يستعد لصورة ذلك الثالث. والله تعالى لكرمه لا يمنع مستعداً ما استعد له. فلذلك الماء إذا تسخن بفعل النار فالنار تسخنه ليصير ناراً لكنه قبل أن يندفع إلى الحد الذي به يصير ناراً يستعد لصورة الهواء فيعطيه الخالق تعالى صورة الهواء لأجل استعداده لها.