الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثانيها: أن هذا المعاء مع أنه من الغلاظ فإن هضمه أقوى من هضم جميع الأمعاء غليظها ورقيقها، وإنما كان كذلك لأنه مع قربه من الكبد فإن الغذاء فيه ثابت لا يتحرك من موضع إلى غيره، وذلك أقوى الأسباب على قوة الهضم فلذلك في هذا المعاء يتم هضم جميع ما فات المعدة إتمام هضمه فلذلك نسبته إلى الأمعاء الغلاظ الأخر كنسبة المعدة إلى الأمعاء الدقاق.
وثالثها: إنه مع أن الثفل يدوم فيه مدة طويلة فإنه شديد الإعانة على دفعه جملة وذلك لأن الشيء القليل قد يعسر دفعه بطريق العصر بخلاف الكثير المجتمع فإن جرم العصر يتمكن منه أكثر من تمكنه من القليل المتفرق. وباقي ألفاظ الكتاب ظاهرة. والله ولي التوفيق.
فصل
تشريح الكلية
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه حلقت الكلية آلة تنقي الدم
…
إلى قوله: فيأتيها شريان له قدر من الشريان الذي يأتي الكبد.
الشرح
إن بقاء لبدن بدون الغذاء محال واغتذاؤه إنما يمكن بعد فعل الكبد في الغذاء وإنما يمكن ذلك بأن يكون الغذاء ينفذ في الكبد في عروق شديدة الضيق جداً لتكون الكبد كأنها بجميع أجزائها ملاقية للغذاء فيكون فعلها فيه أتم وأقوى وأسرع ونفوذ الغذاء في تلك العروق إنما يمكن بأن يترقق قوامه جداً وذلك إنما يمكن بأحد أمرين:
إما حرارة شديدة الإفراط مذيبة للأغذية كما يكون في أبدان الجوارح فإن تلك تبلغ من قوة حرارتها أن تذيب ما يلقاه من الأغذية ولو الكثيفة الجرم جداً، وأما كثرة مخالطته من الماء، فإن الماء قوامه رقيق جداً فإذا خالط الأغذية مخالطة تامة بالطبخ التام كما في طبخ المعدة ويلزم ذلك ترقق قوام المجموع الحاصل من الماء ومن تلك الأغذية وحرارة بدن الإنسان ونحوه من الماشية ليست تقوى على إذابة الأغذية كما هي حرارة أبدان الجوارح فلا بد من أن يكون وفق قوام الأغذية في الإنسان ونحوه، وإنما هو بكثرة مخالطة المائية وهذه المائية الكثيرة إما أن تكون قوة حرارة البدن فيها شديدة كما يكون في أبدان الطيور أو لا تكون كذلك، فإن كان الأول لم يضر البدن مخالطة تلك المائية الكثيرة الأغذية لأن قوة حرارته تحلل ما يخالط غذاه من تلك المائية فلذلك لا يحتاج إلى إخراجها بالبول كما في أبدان الطيور فإن من الطيور ما يشرب الماء كثيراً، ومع ذلك فلا يبول وذلك لأن قوة حرارة بدن ذلك الطير تحلل المائية الزائدة، فلا يتضرر بدنه بما يصحب غذاءه منها، وإن كان الثاني وهو أن يكون البدن الذي يحتاج إلى ترقيق غذائه بكثرة المائية ليس له حرارة شديدة يفي بتحليل تلك المائية فإما أن يكون أعضاؤه كثيرة المائية حتى تكون محتاجة إلى تلك المائية الزائدة في تغذيتها كما في السمك أيضاً فهذا أيضاً لا يتضرر أعضاؤه بكثرة المائية فلذلك السمك أيضاً لا يبول أو لا تكون أعضاؤه كثيرة المائية كما في الإنسان ونحوه من الماشية، فهذا الحيوان يحتاج إلى إخراج تلك المائية الزائدة بالبول لئلا يفسد غذاؤه وترهله فيصير حاله كحال البدن الذي به استسقاء لحمي وإنما يمكن إخراج تلك المائية ودفعها بعد فراغ المقصود منها وهو الحاجة إلى ترقيق قوام الأغذية ليتمكن نفوذها في عروق الكبد وذلك إنما يكون بعد انفصال ذلك وإنما يمكن ذلك بعد خروجه من حدبتها وإنما يمكن ذلك بأن تتميز تلك المائية وتنجذب إلى حيث تندفع بالبول وإنما يمكن هذا التمييز بأن يجتذب الأعضاء الأخر من ذلك الغذاء ما هو صالح لتغذيتها وذلك هو الدم الجيد المتين فلذلك يبقى الدم المائي في خارج حدبة الكبد متميزاً عن ذلك الدم المتين بسبب جذب الأعضاء لذلك الدم وإذا تميز هذا الدم المائي فإنما يمكن نفوذه إلى حيث يخرج بالبول بانجذابه إلى ذلك الموضع الذي يكون فيه الدم الثاني متميزاً هو عند حدبة الكبد وهو بعيد جداً هو مجاري البول المتصلة بالمثانة فإن كل واحد من هذين يجب أن يكون في أسافل البدن على ما تعرفه بعد، فلا بد من عضو آخر يقوى على جذب هذا الدم المائي وذلك بان يكون موضع ذلك العضو بين المثانة، وبين محدب الكبد ليكون أقرب إلى هذا المحدب فيكون قريباً من الدم المائي المتميز ولا بد أن يكون مع ذلك قوى الجذب إنما يمكن ذلك بأن يكون مزاجه حاراً فإن الحرارة تعين على الجذب وإنما يكون ذلك العضو كذلك إذا كان لحمياً لذلك احتيج أن يكون بين المثانة ومحدب الكبد عضو حار لحمي قوى الجذب للدم المائي وذلك هو الكليتان.
ولقائل أن يقول: إن هذا لا يصح وذلك لأن كل عضو فإنه إنما يجذب مادة ليتغذى منها فالغذاء لا بد من أن يكون شبيهاً بالمغتذي وجوهر الكليتين كثيف أرضي وذلك ما لا يناسبه ولا مشابهة الدم المائي فلذلك يستحيل أن تكون الكليتان تجذبان هذا الدم المائي.