المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالثتشريح الأجوف وما يصعد منه - شرح تشريح القانون لابن سينا

[ابن النفيس]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌البحث الأولاختلاف الحيوانات في الأعضاء

- ‌البحث الثانيفوائد علم التشريح

- ‌البحث الثالثإثبات منافع الأعضاء

- ‌البحث الرابعمبادئ العلم بمنافع الأعضاء

- ‌البحث الخامسهيئة التشريح وآلاته

- ‌القسم الأولصور الأعضاء الباطنةالجملة الاولىالعظام

- ‌الفصل الأولقول كُليّ في العظام

- ‌الفصل الثانيتشريح عظام القحف

- ‌الفصل الثالثتشريح ما دون القحف

- ‌الفصل الرابعتشريح عظام الفكين والأنف

- ‌الفصل الخامستشريح الأسنان

- ‌الفصل السادسمنفعة الصلب

- ‌الفصل السابعتشريح الفقرات

- ‌الفصل الثامنمنفعة العنق وتشريح عظامه

- ‌الفصل التاسعتشريح فقار الظهر ومنافعها

- ‌الفصل العاشرتشريح فقرات القطن

- ‌الفصل الحادي عشرتشريح عظام العجز

- ‌الفصل الثاني عشرتشريح عظم العصعص

- ‌كلام كالخاتمة

- ‌الفصل الرابع عشرتشريح الأضلاع

- ‌جملة وتفصيلاً

- ‌الفصل الخامس عشرتشريح عظام القص

- ‌الفصل السادس عشرتشريح الترقوة

- ‌ تشريح الكتف

- ‌الفصل السابع عشر

- ‌ تشريح العضد

- ‌الفصل الثامن عشر

- ‌الفصل التاسع عشرتشريح الساعد

- ‌الفصل العشرونتشريح المرفق

- ‌الفصل الحادي والعشرونتشريح الرسغ

- ‌الفصل الثاني والعشرونتشريح مشط الكف

- ‌الفصل الثالث والعشرونتشريح الأصابع

- ‌الفصل الرابع والعشرونمنفعة الظفر

- ‌الفصل الخامس والعشرونتشريح عظم العانة

- ‌الشرح

- ‌الفصل السادس والعشرونكلام كلي في منفعة الرجل

- ‌الفصل السابع والعشرونتشريح عظم الفخذ

- ‌الفصل الثامن والعشرونتشريح عظم الساق

- ‌الفصل التاسع والعشرونمفصل الركبة

- ‌الفصل الثلاثونتشريح عظام القدم

- ‌ووصفه ومنفعته

- ‌الجملة الثانيةالعضل

- ‌الفصل الأولكلام كُلّي في العصبوالعضل والوتر والرّباط

- ‌الفصل الثانيتشريح عضل الجبهة

- ‌الفصل الثالثتشريح عضل المقلة

- ‌الفصل الرابعتشريح عضلات الجفن

- ‌الفصل الخامستشريح عضل الخد

- ‌الفصل السادستشريح عضل الشفة

- ‌الفصل السابعتشريح عضل المنخر

- ‌الفصل الثامنتشريح عضل الفك الأسفل

- ‌الفصل التاسعتشريح عضل الرأس

- ‌الفصل العاشرتشريح عضل الحنجرة

- ‌الفصل الحادي عشرتشريح عضل الحلقوم الحلق

- ‌الفصل الثاني عشرتشريح عضل العظم اللامي

- ‌الفصل الثالث عشرتشريح عضل اللسان

- ‌الفصل الرابع عشرتشريح عضل العنق

- ‌الفصل الخامس عشرتشريح عضل الصدر

- ‌الفصل السادس عشرتشريح عضل حركة العضد

- ‌الفصل السابع عشر

- ‌الفصل الثامن عشرتشريح عضل الرسغ

- ‌الفصل التاسع عشرتشريح عضل أصابع اليد

- ‌الفصل العشرونتشريح عضل حركة الصلب

- ‌الفصل الحادي والعشرونتشريح عضل البطن

- ‌الفصل الثاني والعشرونتشريح عضل الأنثيين

- ‌الفصل الثالث والعشرونتشريح عضل المثانة

- ‌الفصل الرابع والعشرونتشريح عضل القضيب

- ‌الفصل الخامس والعشرونتشريح عضل المقعدة

- ‌الفصل السادس والعشرونتشريح عضل حركة الفخذ

- ‌الفصل السابع والعشرونتشريح عضل حركة الساق والركبة

- ‌الفصل الثامن والعشرونتشريح عضل مفصل القدم

- ‌الفصل التاسع والعشرونتشريح عضل أصابع الرجل

- ‌الجملة الثالثةالعصب

- ‌الفصل الأول من الجملة الثانية من التعليم الخامسقول في العصب خاص

- ‌منفعة العصب

- ‌الفصل الثانيتشريح العصب الدماغي ومسالكه

- ‌الفصل الثالثتشريح العصب النابت من نخاع العنقومسالكه

- ‌الفصل الرابعتشريح فقار الصدر

- ‌الفصل الخامستشريح عصب القطن

- ‌الفصل السادستشريح عصب العجز والعصعص

- ‌الجملة الرابعةالشرايين

- ‌الفصل الأولكلام كلّي في صفة الشرّيان

- ‌الفصل الثانيصفة الشّريان الورّيدي

- ‌كلام خاص بهذا الشّريان

- ‌الشريان المسمى أورطيوهو الأبهر

- ‌ الفصل الثالثتشريح الشريان الصاعد

- ‌الفصل الرابعتشريح الشريانين السباتيين

- ‌الفصل الخامستشريح الشريان النازل من الأورطي

- ‌الجملة الخامسةصفة الأوردةهي خمسة فصولالفصل الأولالعروق الساكنة

- ‌الفصل الثانيتشريح الوريد المسمى بالباب

- ‌الفصل الثالثتشريح الأجوف وما يصعد منه

- ‌إلى أن ينبث في الرئة وفي جرم القلب

- ‌الفصل الرابعتشريح أوردة اليدين إلى الكتفي منه

- ‌الفصل الخامستشريح الأجوف النازل

- ‌فصل

- ‌القسم الثانيتشريح الأعضاء الآلية

- ‌معرفة الرأس وأجزائه

- ‌الشرح

- ‌البحث الأولكلام كلّي في تشريح الدماغ

- ‌البحث الثانيمزاج الدماغ وقوامه

- ‌البحث الثالثالأجزاء التي ينقسم إليها الدماغ

- ‌البحث الرابعهيئة الموضع الذي تحت الدماغالمسمى بالبركة والمعصرة

- ‌البحث الخامستشريح الغشاءين المحيطين بالدماغوهما الأمّان الغليظة والرقيقة

- ‌البحث السادستعديل بطون الدماغ

- ‌البحث السابعتشريح المشيميةما يأتيها من العروق

- ‌البحث الثامنتشريح البطن الأوسط من بطون الدماغ

- ‌البحث التاسعفضول الدماغ

- ‌فصل

- ‌تشريح العين

- ‌البحث الأولأجزاء العين

- ‌البحث الثانيرطوبات العين

- ‌البحث الثالثتشريح طبقات العين

- ‌البحث الرابعتشريح الأجفان والأهداب

- ‌فصلتشريح الأذن

- ‌الشرح

- ‌فصل

- ‌تشريح الأنف

- ‌الشرح

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌الفم واللسان

- ‌‌‌الشرح

- ‌الشرح

- ‌تشريح أعضاء الحلق

- ‌فصلتشريح الحنجرة والقصبة والرئة

- ‌البحث الأولتشريح قصبة الرئة

- ‌البحث الثانيتشريح الحنجرة

- ‌البحث الثالثتشريح الرئة

- ‌فصلتشريح القلب

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح الثدي

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح المريء والمعدة

- ‌البحث الأولتشريح المريء

- ‌البحث الثانيتشريح المعدة

- ‌البحث الثالثتشريح الثرب

- ‌البحث الرابعتشريح الصّفاق المسمى باريطارون

- ‌البحث الخامستتمة الكلام في الثرب

- ‌البحث السادستتمة الكلام في المعدة

- ‌فصلتشريح الكبد

- ‌البحث الأولهيئة الكبد وموضعها وأفعالها

- ‌فصل

- ‌البحث الثانينقض مذهب قيل في القوى التي في الماساريقا

- ‌الشرح

- ‌تشريح المرارة

- ‌فصلتشريح الطحال

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح الأمعاء الستة

- ‌البحث الأولمنفعة الأمعاء

- ‌البحث الثانيتعديد الأمعاءوتمييز بعضها عن بعض

- ‌البحث الثالثالمخالفة بين المريء والمعاء الاثني عشري

- ‌البحث الرابعتشريح المعاء الصائم والمعاء الدقيق

- ‌البحث الخامسالكلام في بقية الأمعاء وهي الأمعاء الغلاظ

- ‌فصلتشريح الكلية

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح المثانة

- ‌الشرح

- ‌فصل

- ‌تشريح الأنثيين وأوعية المني

- ‌الشرح

- ‌فصلتشريح القضيب

- ‌الشرح

- ‌ الشرح

- ‌فصلتشريح الرحم

- ‌فصلتولد الجنين

- ‌الشرح

الفصل: ‌الفصل الثالثتشريح الأجوف وما يصعد منه

ولما كان اتصال الباب بالكبد يجب أن يكون من جهة مواجهتها للمعدة والأمعاء وذلك هو مقعر الكبد، وجب أن يكون اتصال الأجوف هو محدب الكبد لأن الكيلوس إنما يجذبه الكبد ليأخذ منه الغذاء، واندفاعه بعد أن صار كيموساً من الكبد إلى الأعضاء الأخر، إنما يكون لأنه فضل غذائها، وجهة دفع الفضل يجب أن تكون مقابلة لجهة جذب الغذاء كما بيناه مراراً، فلا بد أن يكون اتصال العرق المسمى بالأجوف من محدب الكبد، ويجب أن يكون لهذا الأجوف أصول كثيرة متفرقة في أجزاء الكبد لتمتص الكيموس من جميع أجزاء الكبد وتوصله إلى هذا الأجوف.

وبعد هذا نتكلم إن شاء الله تعالى في تفصيل الكلام في كل واحد من هذين العرقين: وهما الباب والأجوف.

ولنقدم أو لاً الكلام في الباب لأن فعله متقدم على فعل الأجوف. والله ولي التوفيق.

‌الفصل الثاني

تشريح الوريد المسمى بالباب

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه ولنبدأ بتشريح العرق

إلى آخر الفصل.

الشرح قوله: ينقسم طرفه في تجويف الكبد إلى خمسة أقسام. السبب في أن هذه الأقسام خمسة هو أن الكبد يمكن أن يكون لها خمس زوائد فلذلك جعلت هذه الأقسام خمسة ليكون لكل زائدة يمكن حدوثها قسم على حدة.

قوله: ويذهب وريد منها إلى الزائدة.

السبب في جعل العرق الآتي إلى المرارة من جملة هذه الفروع لا من أقسام الباب كما في الطحال، هو أن المندفع إلى المرارة شديد المنافاة لمادة الغذاء، فلذلك لا يصلح نفوذه في مجرى الغذاء، بخلاف النافذ إلى الطحال، وكذلك الطحال لبعده لا يمكن أن يكون النافذ إليه من هذه الفروع بخلاف المرارة، فإنها شديدة القرب من الكبد.

وقوله: وهذه الشعب هي مثل أصول الشجرة التي ينبغي أن تكون مثل أصول الشجرة هو الأقسام المنقسمة من الباب خارج الكبد لأن تلك منها تنفذ مادة الغذاء إلى هذه الثقبة في جرم الكبد.

وكذلك أصول الشجر التي تنفذ منها مادة الغذاء وينتهي إلى الفروع وعبارة الكتاب في هذا ظاهرة غنية عن الشرح. والله ولي التوفيق.

‌الفصل الثالث

تشريح الأجوف وما يصعد منه

وكلامنا في هذا الفصل يشتمل على أربعة مباحث: البحث الأول تشريح العرق الصاعد من الأجوف بعد انفصاله من الكبد إلى أن يقارب القلب قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الأجوف فإن أصله

إلى قوله: ثم ينقسم إلى قسمين قسم منه عظيم يأتي من القلب.

الشرح: الأجزاء التي تنبث من العرق الأجوف ثم جرم الكبد تخالف الأجزاء المنبثة فيه من العرق المسمى بالباب لان تلك المنبثة من الباب تشبه كما قلناه لفروع الشجرة. وأما هذه المنبثة من العرق المسمى بالأجوف فإنها تشبه أصول الشجرة لأنها تأخذ مادة الغذاء. أما هي منبثة فيه، ويرسلها إلى غيرها كما هي أصول الشجرة.

قوله: لتجذب الغذاء من شعب الباب المتشعبة أيضاً كالشعر.

لقائل أن يقول: إن هذه الأصول، وتلك الفروع لو خلقت متصلة كأنها عروق واحدة لكان ذلك أسهل من نفوذ الغذاء من مقعر الكبد إلى محدبها. وأولى من بقاء الكبد بقية من الفضول بخلاف ما إذا كانتا متغايرتين منفصلة إحداهما عن الأخرى. فإن الغذاء حينئذٍ إنما يصل إلى أصول الأجوف بعد أن يخرج من أفواه فروع الباب وتمتصه تلك الأصول. وقد بقي منه شيء لا تقوى هذه الأصول على امتصاصه فيبقى محتبساً في جرم الكبد، وفضلاً فيها.

فما الحكمة في انفصال أحدهما عن الآخر؟

ص: 103

وجوابه: أن الأمر وإن كان كما قلتموه إلا أن هذا الانفصال ضروري في جودة تغذية الأعضاء، وذلك لأن عروق الباب إذا كانت منفصلة من عروق الأجوف بقي الغذاء في مقعر الكبد إلى أن يتم انهضامه لأنه قبل تماماً انهضامه لا يتمكن من النفوذ في أفواه فروع الباب ولا في أفواه أصول الأجوف فلذلك تبقى في مقعر الكبد إلى أن يتم انهضامه وحينئذٍ يستعد بسبب ترققه للنفوذ في تلك الأفواه، فلذلك إذا كانت هذه العروق في الكبد غير متصلة بقي الغذاء في مقعر الكبد انهضامه وحينئذٍ تجتذبه أجزاء العرق الأجوف وإنما تجتذبه لتغذية أجزاء محدب الكبد، فلذلك إنما يجتذب حينئذٍ ما يصلح لتغذية تلك الأجزاء، وذلك هو الدم والكيلوس والبلغم أما الدم فلأنه صالح بالفعل لتغذية محدب الكبد وأما البلغم والكيلوس فلأنهما أيضاً صالحان لذلك بالقوة أي بأن يستحيلا إلى الدموية وحينئذٍ يصلحان لتغذية محدب الكبد، ويلزم ذلك أن تبقى في مقعرها ما في ذلك الكبد مما يضر ذلك المقعر ويمنع نفوذ الغذاء إلى المواضع التي هما فيها فلذلك يضطر مقعر الكبد إلى دفع هذين الخلطين وإنما يسهل دفعهما حينئذٍ إلى الجهة التي فيها المقعر، لأن محدب الكبد لأجل ضيق أفواه عروقه لا يسهل اندفاع هذين الخلطين إليه لذلك فإنما يندفعان حينئذٍ من مقعر الكبد لأن أو ائل تلك الفروع المنبثة فيه من الباب اكبر سعة لا محالة من أفواه أصول الأجوف.

أما السوداء فلأجل غلظها إنما تندفع حينئذٍ من الباب لأن فروعه بقربه أو سع كثيراً من أطراف تلك الفروع. وأما الصفراء فلأجل لطافتها يمكن نفوذها في بعض تلك الفروع، وذلك بأن يكون ذلك الفرع الذي يندفع فيه منعطفاً من داخل مقعر الكبد إلى ظاهره فلذلك تنفذ الصفراء في بعض فروع الباب إلى المرارة.

وأما السوداء فتندفع إلى الطحال، ولكن من العروق المنقسمة من العرق المسمى بالباب أعني المنقسم منه من خارج الكبد، ويلزم ذلك أن يكون الغذاء الواصل إلى محدب الكبد خالياً من السوداء والصفراء المتكونتين في مقعرها، وبذلك يكون الدم الواصل إلى البدن نقياً من هذين الخلطين إلا ما يتكون منهما في محدب الكبد، وهذا إنما يتم إذا كانت أصول العرق الأجوف غير متصلة بأطراف فروع الباب بل هي ملاقية لها.

قوله: وأما الصاعد منه فيخرق الحجاب وينفذ فيه وأما جواب خرق هذا العرق الصاعد للحجاب فلأنه يحتاج إلى النفوذ إلى أعالي البدن وإلى القلب، والحجاب موضوع بين آلات الغذاء وآلات التنفس فلذلك إنما يتمكن هذا العرق من النفوذ إلى القلب ونواحيه بعد نفوذه إلى الحجاب، وذلك بأن يخرقه نافذاً فيه. ولا بد وأن يكون عند موضع خرقه شديد الاتصال بالحجاب إذ لو كان متبرماً عنه ولو بقدر يسير لكان النفس يخرج من الخلل الذي بينهما وينفذ إلى آلات الغذاء وذلك فيه ضرر عظيم.

ولكان أيضاً ما يسيل إلى داخل الصدر من القيح وغيره ينفذ في ذلك الخلل إلى آلات الغذاء فلذلك احتيج أن يكون التحام هذا العرق بالحجاب في موضع خرقه له شديداً وإنما يتمكن من ذلك إذا خرجت منه أجزاء تنبث في جرم الحجاب وأقل ذلك عرقان كل واحد منهما من جانب، وبذلك يشتد التحام هذا العرق بالحجاب.

قوله: ثم يحاذي غلاف القلب فيرسل إليه شعباً كثيرة تتفرع كالشعر. أما نفوذ هذه الشعب إلى غلاف القلب فلأجل تغذيته.

وأما أن هذه الشعب يجب فيها أن تكون شعرية فلأن هذا الغلاف يحتاج أن يكون جرمه كثير الشحم ليمد القلب بالدهنية فلا يعرض له جفاف لأجل حرارته ويبوسة جرمه مع دوام تحركه ومادة الشحم كما علمت هي مائية الدم فلذلك يجب أن يكون الغذاء الواصل إلى هذا الغلاف كثير المائية وإنما يمكن ذلك بأن تكون العروق التي تنفذ فيها شعرية حتى يمتنع نفوذ الدم الغليظ والمتين فيها، وها هنا سؤال ينبغي أن نحقق الكلام فيه: وهو أنه للقائل أن يقول: ما السبب في أن العرق الخارج من القلب إلى غيره من الأعضاء عند أو ل خروجه منه تنفصل منه شعبتان إحداهما تستدير حول القلب وتنبث في أجزائه، والأخرى تنفذ إلى البطن الأيمن؟ وأما الكبد فإن العرق الخارج منها إلى الأعضاء الأخر لا ينفصل منه شيء يتفرق في أجزائها؟

ص: 104

وجوابه: أن سبب ذلك أن العرق الخارج من القلب إلى الأعضاء فائدته إفادة الروح للأعضاء والحياة، وهذا العرق إنما يخرج من البطن الأيسر من القلب. وهناك الروح الحيواني فلو لم تنفصل من ذلك العرق ما ينفذ إلى بقية أجزاء القلب لكانت تلك الأجزاء تخلو من الروح، وعن قوة الحياة.

وأما العرق الخارج من الكبد فإن فائدته إيصال الغذاء إلى جميع الأعضاء. والغذاء إنما يصل إلى هذا العرق بعد عمومه لأجزاء الكبد كلها، وذلك من الأجزاء المتفرقة منه ومن الأجزاء المتفرقة من الباب ولذلك تكون جميع أجزاء الكبد مستغنية عن غذاء ينفذ إليها من عرق ينفصل من هذا العرق الأجوف، وقد عرفت مما سلف أن رأي جالينوس أن الأوردة جميعها تنبت من الكبد، وأن الشرايين تنبت من القلب، وأن العصب ينبت من الدماغ أو النخاع.

والمشهور عن أرسطوطاليس أن هذه جميعها تنبت من القلب، ومذهب الرئيس ابن سينا تجويز كل واحد من هذين المذهبين مع جواز أن يكون شيء من هذه ينبت من عضو.

وأما الحق الذي ذهبنا إليه، فهو أنه ليس شيء من هذه يجوز البتة أن ينبت من عضو، وأنها لها أسوة بباقي الأعضاء في أنها تتكون ابتداء من غير أن تكون نابتة من شيء من الأعضاء.

وأما ساسينوس القبرصي فقد قال: إن مبادئ نبات العروق جميعها من ناحية العينين والحاجبين ثم ينحدر عرقان يمنة ويسرة.

وقد قال ديباجانس: إن أصل العروق عرقان يبتدئان من البطن ثم ينحدران ويصعدان، ولم يشرح هو كيفية ذلك.

وقال: إن العرقين يرتفعان إلى فوق إلا شعبتين منهما دقيقتين فإنهما ترسلان إلى الكبد، وإلى الطحال وعرقان آخران يبتدئان من خرز الظهر يتيامن من أحدهما، ويتياسر من الآخر، ويمضي اليمين إلى الكبد، واليسار إلى الطحال وكل واحد منهما يتشعب في يد، ومنهما الكتفي والإبطي، ثم إنه يطول في قسمة ذلك بما لا فائدة.

وأما بولونيوس فإنه جعل مبدأ العروق من أزواج أربعة: زوج من خلف الرأس إلى العنق، من خلف إلى اسفل.

وزوج آخر من الرأس والدماغ عند الأذنين ثم إلى الفقار والظهر وجعل مبدأ العروق جملة هو الرأس والدماغ.

وقال الإمام أبقراط: والعروق الغلاظ التي في البدن على هذه الصفة. وهي أربعة أزواج: أحدها: يبتدئ من مؤخر الرأس، وينحدر على الرقبة من خارج، ويمتد على جنبي عظم الصلب إلى أن يبلغ إلى الوركين، والرجلين ثم ينحدر من هناك على الساق إلى أن يبلغ الكرسوع والقدمين من خارج فقد ينبغي لمن أراد فصد العرق في أو جاع الخاصرتين والأنثيين أن يفصد العرق الذي يظهر تحت الركبة، والعرق الذي على الكرسوع من خارج.

وأما الزوج الثاني: فيبتدئ من الرأس وينحدر إلى جانب الأذين على الرقبة من داخل ويمتد على جنبتي عظم الصلب ويسمى هذان العرقان الأوداج إلى أن يبلغ الخواصر، ثم ينقسم من هناك في الانثيين ويمتد أيضاً على الجانب الداخل من مأبض الركبة، ثم على الساقين إلى أن ينتهي إلى الكرسوع والقدمين من داخل فقد ينبغي لمن أراد فصد العرق في أجزاء الخاصرة والانثيين أن يفصد العرق الذي يظهر تحت الركبة، والعرق الذي على الكرسوع من داخل.

وأما الزوج الثالث: فيبتدئ من الأصداغ وينحدر إلى الرقبة تحت الأكتاف ثم يصير من هناك إلى الرئة ويمتد العرق منه إلى الجانب الأيمن ثم إلى الجانب الأيسر تحت الثدي إلى أن يصل إلى الطحال والكلية اليسرى ويمتد الذي في الجانب الأيسر من الرئة إلى الجانب الأيمن تحت الثدي إلى أن يصل إلى الكبد والكلية اليمنى وأطراف هذين العرقين تنتهي عند طرف المعاء المستقيم.

وأما الزوج الرابع: فيبتدئ من مقدم الرأس من ناحية العينين على الرقبة والترقوتين من كل جانب ثم يصير من هناك ممتداً على العضد إلى المأبض من كل واحدة من اليدين ثم من هناك إلى الساعدين والكتفين والأصابع ثم يمتد من الأصابع أيضاً على الذراع إلى المأبض ويمتد على الجانب الداخل من العضد ثم يمر على الأضلاع من خارج فيأتي عرق واحد منها إلى الطحال والعرق الآخر إلى الكبد، ثم يمتد على البطن من خارج إلى أن ينتهي إلى الفرج ثم ينقضي فعلى هذا يكون منشأ العروق الغلاظ. وفي البدن عروق كثيرة مختلفة في الجنس منشؤها من البطن تؤدي الغذاء إلى جميع البدن.

ص: 105