الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: ولها زائدتان إحداهما من فوق وخلف وتسمى الأخرم ومنقار الغراب أما الزائدة التي ذكرنا أنها تبرز من رأس الكتف فهي التي يسميها قوم: الأخرم. وقوم: منقار الغراب.
وأما التي تبرز من الضلع الأعلى من المثلث الذي على ظهر الكتف فقوم يسمونها: قلة الكتف، وقوم يجعلون قلة الكتف اسماً لتركيب هذا العظم مع عظم الترقوة وقوم آخرون يقولون: قلة الكتف اسم لعظم لا يوجد إلا في الإنسان.
قوله: ثم لا يزال يستعرض كلما أمعنت في الجهة الأنسية ليكون اشتمالها الوافي أكبر لا شك أن ما قرب من العنق فإن الفضاء الذي يكون بين الأضلاع أكبر وأوسع، فيكون محتاجاً إلى وقاية أكثر عند راس الكتف فإن هناك يكون ذلك الفضاء ضيقاً جداً، وأخذ هذا الموضع من السعة إلى الضيق بتدريج. فلذلك يجب أن تكون هذه الوقاية على هيئة مثلث، وإنما جذب من أعلاه ليكون أقوى لأنه يكون كالسقف الكرى وهو ولا شك أقوى من المسطح. وأما المثلث الذي على ظهر هذا العظم فليكون له كالسنسنة حتى لا يصل إليه أذى المصادم والصاك. وعلى الكتف غضروف يغشيه في مواضع كثيرة، وأكثره في طرف قاعدته، ولهذا العظم اتصال بعظام كثيرة بأربطة تصل بينها وبين هذه العظام، وهي الجدار الرابع من عظام الرأس، وشوك الصلب والأضلاع والعظم الذي عند أعلى الحنجرة. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث هيئة ارتباط الكتف بالترقوة إن الترقوة كما قلنا تستعرض كلما أمعنت في الجهة الوحشية، ثم يدخل طرفها بين الزائدتين اللتين ذكرناهما: وهما قلة الكتف، والأخرم.
ويرتبط بروابط قوية، ونحن نذكر هيئة هذه الروابط في ذكرنا
تشريح العضد
والجزء الذي ذكرناه في الكتف، وهو الذي في أعلى ضلعه الوحشي، فائدته أن تدخل فيه بعض الأربطة الشادة. وهذا المفصل موثق من جملة اللزاق.
الفصل الثامن عشر
تشريح العضد
والكلام فيه يشتمل على ثلاثة مباحث: البحث الأول تشريح العضد مع الكتف قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه عظم العضد خلق مستديراً
…
إلى قوله والعضد مقعر إلى الأنسى محدب الشرح إن عظم العضد له مفصلان أحدهما من أعلاه، وهو مفصل مع الكتف، والآخر من أسفله، وهو مفصل مع الساعد. ومفصله الكتف برأس غليظ يدخل منه في حفرة الكتف، وعنق هذا الرأس قصير. لأن حفرة الكتف ليست بغائرة كثيراً، وأعلى هذا الرأس مستدير ليتهندم في تلك الحفرة، وخلق عظيماً غليظاً ليمكن أن يحيط به أربطة كثيرة فإن الرقيق لا يتسع كما يتسع له الغليظ وإنما احتيج إلى تكثير أربطة هذا المفصل لأن اليد معلقة وثقلها وثقل ما تحمله يجعل ميلها إلى ضد جهة اتصالها بالكتف. وخصوصاً وحفرة الكتف غير غائرة فيكون خروجه منها سهلاً فاحتيج إلى أن يقوى ذلك بكثرة الأربطة، وإنما كانت هذه الحفرة غير غائرة لئلا تمنع حركة اليد إلى فوق، وإلى أسفل، وإلى الجانبين بسهولة.
قال جالينوس: وفي هذا الرأس حفر عظيم عريض كالجزء في مقدمه يقسم ذلك الرأس إلى قسمين كالرمانتين.
أقول: إن فائدة الرمانة التي تبقى خارجة من الحفرة أن يتمكن بها من شدة الربط. وهذا المفصل مع كثرة روابطه وشدتها رخو أي ليس يضم رأس العضد إلى داخل الحفرة شديداً. أما كثرة أربطته فليكون تعلق اليد قوياً كما قلنا. وأما الرخاوة فقد جعل الشيخ سبب ذلك حاجة وأماناً. أما الحاجة فلشدة حاجة هذا المفصل إلى سلاسة الحركة، وإنما كان كذلك لشدة حاجة يد الإنسان إلى التحرك إلى جهات مختلفة متباعدة جداً. وذلك ليتمكن من جميع الأعمال والصنائع بسهولة. وأما الأمان فلأن حركة هذا المفصل ليست دائمة أو في أكثر الأحوال تكون حركة اليد بمفاصل أخر إذ تكون أجزاؤها متحركة كالساعد والكتف. ويكون العضد ساكناً، ولهذا المفصل أربعة أربطة: أحدها: غشائي يحيط بالمفصل وفائدة خلقه كذلك أن يكون تشبثه بجميع أجزاء رأس العضد وحفرة الكتف، فيكون أشد هذه الأربطة منعاً من الانخلاع.
وثانيها: مستعرض الطرف، ويشتمل أيضاً على طرف العضد.
وثالثها: أعظم من الأول وأصلب، أما أنه أعظم فلأن الأول لو خلق عظيماً لكان يحول بين رأس العضد وبين جرم الكتف بقدر كبير فكان يوجب خروج ذلك الرأس من الحفرة لأن غورها قليل جداً، وأما أنه أصلب فلأن الأول احتيج فيه إلى اللين ليطاوع على سلاسة الحركة. لأنه لو كان مع تشبثه بجميع أجزاء هذا الرأس الحفرة صلباً لم يمكن تمدد أجزاؤه بحسب ما تقتضيه الحركات تمدداً سهلاً. وإنما وجب تطويل هذا الرباط لأنه لصلابته لا يسهل تمدده بحسب حاجة الحركات، فاحتيج أن يكون طويلاً ليكون التمدد اليسير جداً من كل جزء كافياً في الغرض بسبب كثرة تلك الأجزاء، فلذلك أصعد هذا الرباط من الزيادة المتقاربة إلى ذلك الجزء ليطول، وليكون التشبيث بعظم الكتف أكثر فيكون تعلق اليد به أقوى.
رابعها: ينزل مع هذا الثالث من ذلك الجزء، وهذه الأربطة الثلاثة تنزل إلى عظم العضد من الزيادة التي ذكرناها في عظم الكتف، وسبب ذلك أن جرم هذه الزيادة أغلظ من الكتف فيكون أقوى فلا يهن بحمل اليد وثقلها. والله ولي التوفيق البحث الثاني هيئة عظم العضد قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه والعضد مقعر إلى الأنسى محدب
…
إلى قوله: وأما طرف العضد السافل فإنه قد ركب.
الشرح هذا العظم هو أكبر عظام البدن بعد عظم الفخذ، وخلق مستديراً أي اسطوا نياً ليكون أبعد عن قبول الآفات، ولأنه ليس حصول زاوية فيه في جهة أولى من غيرها. وله تجويف واحد يحوي المخ فائدته ما ذكرناه في كلامنا الكلي في العظام، وهذا التجويف كما أنه في الوسط من طوله لأن هذا العظم يفقد التجويف من الجانبين لتجمع أجزائه من الجهتين فيشتد ويقوى، وأدق أجزائه أو سطه وهو موضع التجويف. لأن الطرفين احتيج إلى زيادة على غلظهما ليمكن فيهما حدوث المفصلين اللذين لهما العظم، ولذلك جعل وسطه شديد الصلابة ليتدارك بذلك ما توجبه الدقة والتجويف من الضعف. وأما طرفاه فمتخلخلان للاكتفاء بقوتهما في الغلظ وليسهل نفوذ الغذاء إلى عمق كل واحد منهما وإلى موضع المخ الذي في تجويف الوسط. ولهذا العظم تقعير إلى الجهة الأنسية، وتحديب إلى الجهة الوحشية، وقد ذكر الشيخ لذلك ثلاث منافع: إحداها: أن يكون تحديبه مسكناً لما يوضع عليه من العضل والعصب والعروق. ومعنى ذلك أن هذه الأعضاء تكون كالمدفونة في التقعير فلو كان مستقيماً لكانت هذه الأعضاء تصير باردة ثابتة، فتكون معرضة لو صول الآفات إليها.
وثانيتها: أن يجود تأبط الإنسان لما يتأبطه. ومعنى ذلك أن العضو يكون حينئذ عند حمل الشيء تحت الإبط كالمشتمل على ذلك المحمول.
وثالثتها: أن يجود إقبال إحدى اليدين على الأخرى، ومعنى ذلك أن تكون اليدان عند اشتمالهما على الشيء الكثير جداً كالمشتملتين عليه من كل جهة لأن العضدين يكونان حينئذ كأنهما قوساً دائرة عظيمة. ولا كذلك لو كانا مستقيمين، وهذا مشكل فإن التقعير الذي يكون به العضدان حينئذ كذلك غير التقعيرين اللذين بهما يجود التأبط فلا تكون هذه المنافع لشيء واحد، وذلك لأن العضد مع تقعيره من جهة أنسى البدن هو أيضاً مقعر من الجهة الأنسية له، وهي الجهة لتي بها تواجه الإبط. والله أعلم بغيبه.
البحث الثالث هيئة الطرف السافل من العضد قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما طرف العضد السافل فإنه ركب
…
إلى آخر الفصل.
الشرح