الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]
اسْتَهَلَّتْ بِيَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِأَيَّامٍ خَلَوْنَ مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ خَلِيفَةٌ، وَصَاحِبُ مَكَّةَ أَبُو نُمَيِّ بْنُ أَبِي سَعْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ قَتَادَةَ الْحَسَنِيُّ، وَعَمُّهُ إِدْرِيسُ بْنُ عَلِيٍّ شَرِيكُهُ، وَصَاحِبُ الْمَدِينَةِ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ جَمَّازُ بْنُ شِيحةَ الْحُسَيْنِيُّ، وَصَاحِبُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ رُكْنُ الدِّينِ بِيبَرْسُ الْبُنْدُقْدَارِيُّ، وَشَرِيكُهُ فِي دِمَشْقَ وَبَعْلَبَكَّ وَالصُّبَيْبَةِ وَبَانْيَاسَ الْأَمِيرُ عَلَمُ الدِّينِ سَنْجَرُ الْحَلَبِيُّ الْمُلَقَّبُ بِالْمَلِكِ الْمُجَاهِدِ، وَشَرِيكُهُ فِي حَلَبَ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ الْجُوكَنْدَارُ الْعَزِيزِيُّ، وَالْكَرَكُ وَالشَّوْبَكُ لِلْمَلِكِ الْمُغِيثِ فَتَحِ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ الْعَادِلِ سَيْفِ الدِّينِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْكَامِلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَادِلِ الْكَبِيرِ سَيْفِ الدِّينِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ. وَحِصْنُ صِهْيَونَ وَبَرْزَيَةَ فِي يَدِ الْأَمِيرِ مُظَفَّرِ الدِّينِ عُثْمَانَ
بْنِ نَاصِرِ الدِّينِ مَنْكُورَسَ، وَصَاحِبُ حَمَاةَ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ بْنُ تَقِيِّ الدِّينِ مَحْمُودٍ، وَصَاحِبُ حِمْصَ الْأَشْرَفُ بْنُ الْمَنْصُورِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَسَدِ الدِّينِ النَّاصِرِ، وَصَاحِبُ الْمَوْصِلِ الْمَلِكُ الصَّالِحُ بْنُ الْبَدْرِ لُؤْلُؤً، وَأَخُوهُ الْمَلِكُ الْمُجَاهِدُ صَاحِبُ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَصَاحِبُ مَارِدِينَ الْمَلِكُ السَّعِيدُ نَجْمُ الدِّينِ إِيلُ غَازِي بْنُ أُرْتُقَ، وَصَاحِبُ بِلَادِ الرُّومِ رُكْنُ الدِّينِ قَلِيجُ أَرْسَلَانَ بْنُ كَيْخُسْرُو السَّلْجُوقِيُّ، وَشَرِيكُهُ فِي الْمُلْكِ أَخُوهُ كَيْكَاوُسُ وَالْبِلَادُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَسَائِرُ بِلَادِ الْمَشْرِقِ مِنْ خُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ بِأَيْدِي التَّتَارِ أَصْحَابِ هُولَاكُوقَانَ، وَبِلَادُ الْيَمَنِ يَمْلِكُهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُلُوكِ، وَكَذَلِكَ بِلَادُ الْمَغْرِبِ فِي كُلِّ قُطْرٍ مِنْهَا مَلِكٌ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَغَارَتِ التَّتَارُ عَلَى بِلَادِ حَلَبَ، وَانْجَفَلَ النَّاسُ وَحَصَلَ لَهُمْ رُعْبٌ شَدِيدٌ وَالْتَقَى التَّتَرُ مَعَ نَائِبِ حَلَبَ الْأَمِيرِ حُسَامِ الدِّينِ الْجُوكَنْدَارِ الْعَزِيزِيِّ، وَالْمَنْصُورِ صَاحِبِ حَمَاةَ وَالْأَشْرَفِ صَاحِبِ حِمْصَ، وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ عِنْدَ حِمْصَ قَرِيبًا مِنْ قَبْرِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالتَّتَارُ فِي سِتَّةِ آلَافٍ، وَالْمُسْلِمُونَ فِي أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَتَلُوا أَكْثَرَ التَّتَارِ وَلِلَّهِ
الْحَمْدُ، فَرَجَعَ التَّتَارُ إِلَى حَلَبَ، فَحَصَرُوهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَضَيَّقُوا عَلَيْهَا الْأَقْوَاتَ، وَقَتَلُوا مِنَ الْغُرَبَاءِ خَلْقًا كَثِيرًا صَبْرًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَالْجُيُوشُ الَّذِينَ كَسَرُوهُمْ عَلَى حِمْصَ لَمْ يَرْجِعُوا إِلَى حَلَبَ، بَلْ سَاقُوا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فَتَلَقَّاهُمُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ فِي أُبَّهَةِ السَّلْطَنَةِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَبَقِيَتْ حَلَبُ مُحَاصَرَةً لَا نَاصِرَ لَهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَلَكِنْ سَلَّمَ اللَّهُ سبحانه وتعالى.
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَابِعَ صَفَرٍ رَكِبَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ فِي أُبَّهَةِ الْمُلْكِ، وَمَشَى الْأُمَرَاءُ وَالْأَجْنَادُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ رُكُوبِهِ، وَاسْتَمَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُتَابِعُ الرُّكُوبَ وَاللَّعِبَ بِالْكُرَةِ.
وَفِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ صَفَرٍ خَرَجَ الْأُمَرَاءُ بِدِمَشْقَ عَلَى الْأَمِيرِ عَلَمِ الدِّينِ سَنْجَرَ الْحَلَبِيِّ، فَقَاتَلُوهُ فَهَزَمُوهُ، وَأَلْجَئُوهُ إِلَى الْقَلْعَةِ، وَحَصَرُوهُ فِيهَا، فَهَرَبَ مِنْهَا إِلَى قَلْعَةِ بَعْلَبَكَّ، وَتَسَلَّمَ قَلْعَةَ دِمَشْقَ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ أَيْدِيكِينَ الْبُنْدُقْدَارِيُّ وَكَانَ مَمْلُوكًا لِجَمَالِ الدِّينِ بْنِ يَغْمُورٍ، ثُمَّ لِلصَّالِحِ أَيُّوبَ بْنِ الْكَامِلِ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ، فَأَرْسَلَهُ السُّلْطَانُ لِيَتَسَلَّمَ دِمَشْقَ مِنَ الْحَلَبِيِّ عَلَمِ الدِّينِ سَنْجَرَ، فَأَخْذَهَا وَسَكَنَ الْقَلْعَةَ بِهَا نِيَابَةً عَنِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، ثُمَّ حَاصَرُوا الْحَلَبِيَّ بِبَعْلَبَكَّ، حَتَّى أَخْرَجُوهُ مِنْهَا عَلَى بَغْلٍ، وَأَرْسَلُوهُ إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ الظَّاهِرِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ لَيْلًا، فَعَاتَبَهُ ثُمَّ أَطْلَقَ لَهُ أَشْيَاءَ وَأَكْرَمَهُ.
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ اسْتَوْزَرَ الظَّاهِرُ بَهَاءَ الدِّينِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ، الْمَعْرُوفَ بِابْنِ الْحِنَّا.
وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ قَبَضَ الظَّاهِرُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ بَلَغَهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْوُثُوبَ عَلَيْهِ. وَفِيهِ أَرْسَلَ إِلَى الشُّوْبَكِ فَتَسَلَّمَهَا مِنْ أَيْدِي نُوَّابِ الْمُغِيثِ صَاحِبِ الْكَرَكِ.
وَفِيهَا جَهَّزَ الظَّاهِرُ جَيْشًا إِلَى حَلَبَ لِيَطْرُدُوا التَّتَارَ عَنْهَا، فَلَمَّا وَصَلَ الْجَيْشُ إِلَى غَزَّةَ كَتَبَ الْفِرِنْجُ إِلَى التَّتَارِ يُنْذِرُونَهُمْ، فَرَحَلُوا عَنْهَا مُسْرِعِينَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى حَلَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهَا، فَصَادَرُوا وَنَهَبُوا وَبَلَغُوا أَغْرَاضَهُمْ، وَقَدِمَ إِلَيْهِمُ الْجَيْشُ الظَّاهِرِيُّ، فَأَزَالُوا ذَلِكَ كُلَّهُ، وَصَادَرُوا بَعْضَ أَهْلِهَا بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ قَدِمَ الْأَمِيرُ شَمْسُ الدِّينِ آقُوشُ الْبَرْلِيُّ مِنْ جِهَةِ الظَّاهِرِ، فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَلَدِ وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهَا، فَقَطَعَ وَوَصَلَ وَحَكَمَ وَلَكِنْ مَا عَدَلَ.
وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ عَاشِرَ جُمَادَى الْأُولَى بَاشَرَ الْقَضَاءَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ ابْنُ بِنْتِ الْقَاضِي الْأَعَزِّ أَبِي الْقَاسِمِ خَلَفِ بْنِ