الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِيُحَاصِرَهُ وَيَأْخُذَهُ فِي قَفَصٍ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَكَانَ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ يَكْرَهُونَ مُجَاوَرَتَهُ لِكِبْرِهِ وَقُوَّةِ سَطْوَتِهِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَى أَخْذِهِ إِلَّا الْقَلِيلُ، فَكَاتَبَ الْخُوَارَزْمِيَّةَ، وَاسْتَنْجَدَ بِهِمْ، وَخَضَعَ لَهُمْ، وَوَعَدَهُمْ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، فَقَدِمُوا إِلَيْهِ جَرَائِدَ لِيَمْنَعُوهُ مِنَ الْبَدْرِ لُؤْلُؤٍ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ لُؤْلُؤٌ هَرَبَ مِنْهُمْ، فَاسْتَحْوَذُوا عَلَى أَمْوَالِهِ وَأَثْقَالِهِ، فَوَجَدُوا فِيهَا شَيْئًا كَثِيرًا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ، وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ الْمَوْصِلِ جَرِيدَةً خَائِبًا، وَسَلِمَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْخَطِيبُ الدَّوْلَعِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ يَاسِينَ، الْخَطِيبُ جَمَالُ الدِّينِ الدَّوْلَعِيُّ، نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ بِأَرْضِ الْمَوْصِلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عِنْدَ تَرْجَمَةِ عَمِّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَاسِينَ الْخَطِيبِ بِدِمَشْقَ أَيْضًا، وَكَانَ مُدَرِّسًا بِالْغَزَّالِيَّةِ مَعَ الْخَطَابَةِ، وَقَدْ مَنَعَهُ الْمُعَظَّمُ فِي وَقْتٍ عَنِ الْفَتْوَى، فَعَاتَبَهُ السِّبْطُ فِي ذَلِكَ، فَاعْتَذَرَ بِأَنَّ شُيُوخَ بَلَدِهِ هُمُ الَّذِينَ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَخْطَائِهِ فِي فَتَاوِيهِ، وَقَدْ كَانَ شَدِيدَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْوَظِيفَةِ لَا يَكَادُ يُفَارِقُ بَيْتَ الْخَطَابَةِ، وَلَمْ يَحُجَّ قَطُّ مَعَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، وَقَفَ مَدْرَسَةً بَجَيْرُونَ، وَقَدْ وَلِيَ الْخَطَابَةَ بَعْدَهُ أَخٌ لَهُ، وَكَانَ جَاهِلًا وَلَمْ يَسْتَقِرَّ فِيهَا، وَتَوَلَّاهَا الْكَمَالُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ النَّصِيبِيُّ، وَوَلِيَ تَدْرِيسَ الْغَزَّالِيَّةَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الشِّيرَازِيِّ:
مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَمِيلٍ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الشِّيرَازِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ عَلَى الْحَافِظِ بْنِ عَسَاكِرَ وَغَيْرِهِ، وَاشْتَغَلَ فِي الْفِقْهِ، وَأَفْتَى وَدَرَّسَ بِالشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَنَابَ فِي الْحُكْمِ عِدَّةَ سِنِينَ، وَكَانَ فَقِيهًا عَالِمًا فَاضِلًا كَيِّسًا، حَسَنَ الْأَخْلَاقِ، عَارِفًا بِالْأَخْبَارِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ وَالْأَشْعَارِ، كَرِيمَ الطِّبَاعِ، حَمِيدَ الْآثَارِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ ثَالِثَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ يَحْيَى، أَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الدِّمَشْقِيُّ قَاضِيهَا، كَانَ عَالِمًا عَفِيفًا فَاضِلًا عَادِلًا مُنْصِفًا نَزِهًا، كَانَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ يَقُولُ: مَا وَلِيَ دِمَشْقَ مِثْلُهُ. وَقَدْ وَلِيَ الْحُكْمَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مُدَّةً، وَنَابَ بِدِمَشْقَ عَنِ الْقُضَاةِ، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِالْحُكْمِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْأَحَدِ سَادِسَ ذِي الْقِعْدَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ، وَتَأَسَّفَ النَّاسُ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَوَلَّى بَعْدَهُ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْخُوَيِّيِّ.
ابْنُ الْأُسْتَاذِ الْقَاضِي زَيْنُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلْوَانَ الْأَسَدِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ الْأُسْتَاذِ الْحَلَبِيِّ، قَاضِيهَا بَعْدَ بَهَاءِ الدِّينِ بْنِ شَدَّادٍ، وَكَانَ رَئِيسًا عَالِمًا فَاضِلًا، حَسَنَ الْخُلُقِ وَالسَّمْتِ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنَ الصَّالِحِينَ الْكِبَارِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى -.
الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْمُعَمِّرُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ بَهْرُوزٍ الْبَغْدَادِيُّ، ظَهَرَ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي الْوَقْتِ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَانْثَالَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَسْمَعُونَ مِنْهُ، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ الزَّبِيدِيِّ وَغَيْرِهِ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ الْمُجَاهِدُ الْمُرَابِطُ صَارِمُ الدِّينِ، خَطْلَبَا بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَمْلُوكُ سَرْكَسَ، وَنَائِبُهُ بَعْدَهُ مَعَ وَلَدِهِ عَلَى تِبْنِينَ وَتِلْكَ الْحُصُونِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ وَالْإِحْسَانِ، وَدُفِنَ مَعَ أُسْتَاذِهِ بِقِبَابِ سَرْكَسَ، وَهُوَ الَّذِي بَنَاهَا بَعْدَ أُسْتَاذِهِ، وَكَانَ خَيِّرًا، قَلِيلَ الْكَلَامِ، كَثِيرَ الْغَزْوِ، مُرَابِطًا مُدَّةَ سِنِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعَفَا عَنْهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.