الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِيهَا أَخَذَ مَلِكُ الرُّومِ كَيْكَاوُسُ مَدِينَةَ أَنْطَاكِيَةَ مِنْ أَيْدِي الْفِرِنْجِ، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ ابْنُ لَاوُنَ مَلِكُ الْأَرْمَنِ، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ إِبْرَنْسُ طَرَابُلُسَ.
وَفِيهَا مَلَكَ السُّلْطَانُ خُوَارَزْمُ شَاهْ مُحَمَّدُ بْنُ تِكِشٍ مَدِينَةَ غَزْنَةَ بِغَيْرِ قِتَالٍ.
وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ حَزِنَ الْخَلِيفَةُ عَلَيْهِ حُزْنًا عَظِيمًا، وَكَذَلِكَ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ لِكَثْرَةِ صَدَقَاتِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَبْقَ بَيْتٌ بِبَغْدَادَ إِلَّا حَزِنُوا عَلَيْهِ، وَكَانَ يَوْمُ جَنَازَتِهِ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَنَاحَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَيْهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَدُفِنَ عِنْدَ جَدَّتِهِ بِالْقُرْبِ مِنْ قَبْرِ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ قُدِمَ بِرَأْسِ مَنْكَلِيٍّ الَّذِي كَانَ قَدْ عَصَى عَلَى الْخَلِيفَةِ وَعَلَى أُسْتَاذِهِ - إِلَى بَغْدَادَ فَطِيفَ بِهَا، وَلَمْ تَتِمَّ فَرْحَتُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِتَنْغِيصِهَا بِمَوْتِ وَلَدِهِ وَلِيِّ الْعَهْدِ، وَالدُّنْيَا لَا تَسُرُّ بِقَدْرِ مَا تَضُرُّ، وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ وَهُمَا; الْمُؤَيَّدُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ، وَالْمُوَفَّقُ أَبُو الْفَضْلِ يَحْيَى.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ الرُّهَاوِيُّ:
عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَبُو مُحَمَّدٍ، الْحَافِظُ الْكَبِيرُ الْمُحَدِّثُ الْمُخَرِّجُ الْمُفِيدُ الْمُحَرِّرُ الْمُتْقِنُ الْبَارِعُ الْمُصَنِّفُ الْمُفِيدُ، كَانَ مَوْلًى لِبَعْضِ الْمَوَاصِلَةِ، وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحَرَّانِيِّينَ اشْتَغَلَ بِدَارِ الْحَدِيثِ بِالْمَوْصِلِ ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى حَرَّانَ وَقَدْ رَحَلَ إِلَى بُلْدَانٍ شَتَّى، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ مِنَ الْمَشَايِخِ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَأَقَامَ بِحَرَّانَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، كَانَ دَيِّنًا صَالِحًا خَيِّرًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
الْوَجِيهُ الْأَعْمَى، أَبُو بَكْرٍ الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الدَّهَّانِ النَّحْوِيُّ الْوَاسِطِيُّ الْمُلَقَّبُ بِالْوَجِيهِ، وُلِدَ بِوَاسِطَ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ، فَاشْتَغَلَ بِعِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ وَالنَّحْوِ، فَأَتْقَنَ ذَلِكَ، وَحَفِظَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ أَشْعَارِ الْعَرَبِ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ حَنْبَلِيًّا، فَانْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ صَارَ شَافِعِيًّا، وَوَلِيَ تَدْرِيسَ النَّحْوِ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَفِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
فَمَنْ مُبْلِغًا عَنِّي الْوَجِيهَ رِسَالَةً
…
وَإِنْ كَانَ لَا تُجْدِي لَدَيْهِ الرَّسَائِلُ
تَمَذْهَبْتَ لِلنُّعْمَانِ بَعْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ
…
وَذَلِكَ لَمَّا أَعْوَزَتْكَ الْمَآكِلُ
وَمَا اخْتَرْتَ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ تَدَيُّنًا
…
وَلَكِنَّمَا تَهْوَى الَّذِي هُوَ حَاصِلُ
وَعَمَّا قَلِيلٍ أَنْتَ لَا شَكَّ صَائِرٌ
…
إِلَى مَالٍ فَافْطِنْ لِمَا أَنَا قَائِلُ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَكَانَ يَحْفَظُ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْحِكَايَاتِ وَالْأَمْثَالِ وَالْمُلَحِ، وَيَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَالتُّرْكِيَّةَ وَالْعَجَمِيَّةَ وَالرُّومِيَّةَ وَالْحَبَشِيَّةَ وَالزِّنْجِيَّةَ، وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي نَظْمِ الشِّعْرِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
وَلَوْ وَقَعَتْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ قَطْرَةٌ
…
مِنَ الْمُزْنِ يَوْمًا ثُمَّ شَاءَ لَمَازَهَا
وَلَوْ مَلَكَ الدُّنْيَا فَأَضْحَى مُلُوكُهَا
…
عَبِيدًا لَهُ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ مَا زَهَا
وَلَهُ فِي التَّجْنِيسِ أَيْضًا:
أَطَلْتَ مَلَامِي فِي اجْتِنَابِي لِمَعْشَرٍ
…
طَغَامٍ لِئَامٍ جُودُهُمْ غَيْرُ مُرْتَجَى
تَرَى بَابَهُمْ لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهِمُ
…
عَلَى طَالِبِ الْمَعْرُوفِ إِنْ جَاءَ مُرْتَجَا
حَمَوْا مَا لَهُمْ وَالدِّينُ وَالْعِرْضُ مِنْهُمُ
…
مُبَاحٌ فَمَا يَخْشَوْنَ مِنْ هَجْوِ مَنْ هَجَا
إِذَا شَرَعَ الْأَجْوَادُ فِي الْجُودِ مَنْهَجًا
…
لَهُمْ شَرَعُوا فِي الْبُخْلِ سَبْعِينَ مَنْهَجَا
وَلَهُ مَدَائِحُ حَسَنَةٌ وَأَشْعَارٌ رَائِقَةٌ، وَيَبْتَكِرُ مَعَانِيَ فَائِقَةً، وَرُبَّمَا عَارَضَ شِعْرَ
الْبُحْتُرِيِّ بِمَا يُقَارِبُهُ وَيُدَانِيهِ.
قَالُوا: وَكَانَ الْوَجِيهُ لَا يَغْضَبُ قَطُّ. فَتَرَاهَنَ جَمَاعَةٌ مَعَ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ لَهُ كَذَا وَكَذَا إِنْ أَغْضَبَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ، فَأَجَابَهُ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: أَخْطَأْتَ أَيُّهَا الشَّيْخُ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْجَوَابَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ: أَخْطَأْتَ أَيْضًا. وَأَعَادَ ثَالِثَةً بِعِبَارَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ: كَذَبْتَ، وَلَعَلَّكَ قَدْ نَسِيتَ النَّحْوَ. فَقَالَ لَهُ الْوَجِيهُ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَلَعَلَّكَ لَمْ تَفْهَمْ مَا أَقُولُ لَكَ. فَقَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّكَ تُخْطِئُ. فَقَالَ لَهُ: فَقُلْ مَا عِنْدَكَ لِنَسْتَفِيدَهُ مِنْكَ. فَأَغْلَظَ لَهُ السَّائِلُ فِي الْقَوْلِ، فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا، وَقَالَ لَهُ الْوَجِيهُ: إِنْ كُنْتَ رَاهَنْتَ فَقَدْ غُلِبْتَ، إِنَّمَا مَثَلُكَ فِي هَذَا كَمَثَلِ الْبَقَّةِ - يَعْنِي النَّامُوسَةَ - سَقَطَتْ عَلَى ظَهْرِ الْفِيلِ، فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَطِيرَ قَالَتْ لَهُ: اسْتَمْسِكْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَطِيرَ. فَقَالَ لَهَا الْفِيلُ: مَا أَحْسَسْتُ بِكِ حِينَ وَقَعْتِ عَلَيَّ، فَمَا أَحْتَاجُ أَنْ أَسْتَمْسِكَ إِذَا طِرْتِ. كَانَتْ وَفَاتُهُ رحمه الله فِي شَعْبَانَ، وَدُفِنَ بِالْوَرْدِيَّةِ.
أَبُو الْفُتُوحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ
التَّاجِرُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْجَلَاجِلِيِّ، كَانَ يَسْكُنُ بِدَارِ الْخِلَافَةِ بِبَغْدَادَ، قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى الرِّوَايَاتِ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ إِلَى الْبُلْدَانِ الْمُتَبَايِنَةِ، بَلَغَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ رحمه الله بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ فِي رَمَضَانَ. رحمه الله.
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي الْمَعَالِي بْنِ غَنِيمَةَ بْنِ الْحَسَنِ
الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مَنِينَا، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَأَسْمَعَهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ عَنْ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً.
الشَّيْخُ الْفَقِيهُ كَمَالُ الدِّينِ مَوْدُودُ بْنُ الشَّاغُورِيِّ الشَّافِعِيُّ
كَانَ يُقْرِئُ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ الْفِقْهَ، وَيَشْرَحُ " التَّنْبِيهَ " لِلطَّلَبَةِ، وَيَتَأَنَّى فِي تَفْهِيمِهِمْ حَتَّى يَفْهَمُوا احْتِسَابًا، تُجَاهَ الْمَقْصُورَةِ. وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ بَابِ الصَّغِيرِ شَمَالِيَّ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ، وَعَلَى قَبْرِهِ شِعْرٌ ذَكَرَهُ أَبُو شَامَةَ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.