الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]
اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارِيُّ الْمَنْصُورِيُّ، وَنَائِبُهُ بِمِصْرَ مَنْكُوتَمُرُ، وَبِدِمَشْقَ سَيْفُ الدِّينِ قَبْجَقُ، وَقَاضِي الشَّافِعِيَّةِ إِمَامُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ، وَقَاضِي الْحَنَفِيَّةِ حُسَامُ الدِّينِ الرَّازِيُّ، ثُمَّ وَلِيَ ابْنُهُ جَلَالُ الدِّينِ مَكَانَهُ بِدِمَشْقَ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ، وَرَكِبَ بِالْخِلْعَةِ وَالطَّرْحَةِ، وَهَنَّأَهُ النَّاسُ، وَكُتِبَ فِي الْإِسْجَالَاتِ قَاضِي الْقُضَاةِ. وَقَاضِي الْمَالِكِيَّةِ جَمَالُ الدِّينِ الزَّوَاوِيُّ، وَقَاضِي الْحَنَابِلَةِ تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، وَخَطِيبُ الْبَلَدِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ، وَطُلِبَ قَاضِي الْقُضَاةِ حُسَامُ الدِّينِ الرَّازِيُّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَأَقَامَ عِنْدَ السُّلْطَانِ لَاجِينَ وَوَلَّاهُ قَضَاءَ الْقُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ بِمِصْرَ عِوَضًا عَنْ شَمْسِ الدِّينِ السُّرُوجِيِّ، وَاسْتَقَرَّ وَلَدُهُ جَلَالُ الدِّينِ بِالْقَضَاءِ فِي الشَّامِ بِدِمَشْقَ قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَتَيْ أَبِيهِ الْخَاتُونِيَّةِ وَالْمُقَدَّمِيَّةِ، وَتَرَكَ مَدْرَسَةَ الْقَصَّاعِينَ وَالشِّبْلِيَّةِ.
وَجَاءَ الْخَبَرُ عَلَى يَدَيِ الْبَرِيدِ بِعَافِيَةِ السُّلْطَانِ مِنَ الْوَقْعَةِ الَّتِي كَانَ وَقَعَهَا، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ وَزُيَّنَتِ الْبَلَدُ، فَإِنَّهُ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالْكُرَةِ، فَكَانَ كَمَا
قَالَ الشَّاعِرُ:
حَوَيْتَ بَطْشًا وَإِحْسَانًا وَمَعْرِفَةً
…
وَلَيْسَ يَحْمِلُ هَذَا كُلَّهُ الْفَرَسُ
وَجَاءَ التَّقْلِيدُ وَالْخِلْعَةُ لِنَائِبِ السَّلْطَنَةِ، فَقُرِئَ التَّقْلِيدُ، وَبَاسَ الْعَتَبَةَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ دَرَّسَ بِالْجَوْزِيَّةِ عِزُّ الدِّينِ بْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيِّ الدِّينِ سُلَيْمَانَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ إِمَامُ الدِّينِ الشَّافِعِيُّ وَأَخُوهُ جَلَالُ الدِّينِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ، وَبَعْدَ التَّدْرِيسِ جَلَسَ وَحَكَمَ عَنْ أَبِيهِ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ.
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ غَضِبَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَتَرَكَ الْحُكْمَ بِمِصْرَ أَيَّامًا، ثُمَّ اسْتُرْضِيَ وَعَادَ، وَشُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْتَنِيبَ وَلَدَهُ الْمُحِبَّ.
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَاشِرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ أُقِيمَتِ الْجُمُعَةُ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُعَظَّمِيَّةِ، وَخَطَبَ فِيهَا مُدَرِّسُهَا الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ. وَاشْتُهِرَ فِي هَذَا الْحِينِ الْقَبْضُ عَلَى بَدْرِ الدِّينِ بَيْسَرِيِّ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِ بِدِيَارِ مِصْرَ. وَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ بِجَرِيدَةٍ صُحْبَةَ عَلَمِ الدِّينِ الدَّوَادَارِيِّ إِلَى تَلِّ حَمْدُونَ فَفُتِحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ، وَجَاءَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى دِمَشْقَ فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنْ
رَمَضَانَ، وَضُرِبَتْ بِهِ الْخَلِيلِيَّةُ، وَأُذِّنَ بِهَا الظَّهْرُ، وَكَانَ أَخْذُهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعَ رَمَضَانَ، ثُمَّ فُتِحَتْ مَرْعَشُ بَعْدَهَا، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ، ثُمَّ انْتَقَلَ الْجَيْشُ إِلَى قَلْعَةِ حَمُوصَ، فَأُصِيبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ، مِنْهُمُ الْأَمِيرُ عَلَمُ الدِّينِ سَنْجَرُ طُقْصُبَا، أَصَابَهُ زِيَارٌ فِي فَخِذِهِ، وَأَصَابَ الْأَمِيرَ عَلَمَ الدِّينِ الدَّوَادَارِيَّ حَجَرٌ فِي رِجْلِهِ.
وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ عَمِلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَةَ مِيعَادًا فِي الْجِهَادِ، وَحَرَّضَ فِيهِ، بَالَغَ فِي أُجُورِ الْمُجَاهِدِينَ، وَكَانَ وَقْتًا مَشْهُودًا وَمِيعَادًا جَلِيلًا.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ عَادَ الْمَلِكُ الْمَسْعُودُ نَجْمُ الدِّينِ خَضِرُ بْنُ الظَّاهِرِ مِنْ بِلَادِ الْأَشْكَرِيِّ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ بَعْدَ أَنْ مَكَثَ هُنَاكَ مِنْ زَمَنِ الْأَشْرَفِ بْنِ الْمَنْصُورِ، وَتَلَقَّاهُ السُّلْطَانُ بِالْمَوْكِبِ، وَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ، وَحَجَّ الْأَمِيرُ خَضِرُ بْنُ الظَّاهِرِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَعَ الْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ فِيهِمُ الْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيُّ.
وَفِي شَهْرِ شَوَّالٍ جَلَسَ الْمُدَرِّسُونَ بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِمِصْرَ، وَهِيَ الْمَنْكُوتَمُرِيَّةُ دَاخِلَ بَابِ الْقَنْطَرَةِ.