الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ الْأَثِيرِ أُكِلَتِ الْكِلَابُ وَالسَّنَانِيرُ وَالْمَيْتَاتُ بِبِلَادِ الْجَزِيرَةِ وَالْمَوْصِلِ، فَزَالَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَكَانَ هَذَا الْخَلِيفَةُ الظَّاهِرُ حَسَنَ الشَّكْلِ، مَلِيحَ الْوَجْهِ، أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً، حُلْوَ الشَّمَائِلِ، شَدِيدَ الْقُوَى.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ الْمُلَقَّبُ بِالْمَلِكِ الْأَفْضَلِ - نُورُ الدِّينِ بْنُ السُّلْطَانِ صَلَاحِ الدِّينِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ، كَانَ وَلِيَّ عَهْدِ أَبِيهِ، وَقَدْ مَلَكَ دِمَشْقَ بَعْدَهُ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ عَمُّهُ الْعَادِلُ، ثُمَّ كَادَ أَنْ يَمْلِكَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ بَعْدَ أَخِيهِ الْعَزِيزِ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ عَمُّهُ الْعَادِلُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ اقْتَصَرَ عَلَى صَرْخَدَ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ أَيْضًا عَمُّهُ الْعَادِلُ، ثُمَّ آلَ بِهِ الْحَالُ أَنْ مَلَكَ سُمَيْسَاطَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ فَاضِلًا شَاعِرًا، جَيِّدَ الْكِتَابَةِ، وَنُقِلَ إِلَى مَدِينَةِ حَلَبَ، فَدُفِنَ بِظَاهِرِهَا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ يَشْكُو إِلَيْهِ عَمَّهُ أَبَا بَكْرٍ وَأَخَاهُ عُثْمَانَ، وَكَانَ النَّاصِرُ شِيعِيًّا مِثْلَهُ، فَقَالَ:
مَوْلَايَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَاحِبَهُ
…
عُثْمَانَ قَدْ غَصَبَا بِالسَّيْفِ حَقَّ عَلِي
وَهْوَ الَّذِي كَانَ قَدْ وَلَّاهُ وَالِدُهُ
…
عَلَيْهِمَا فَاسْتَقَامَ الْأَمْرُ حِينَ وَلِي
فَخَالَفَاهُ وَحَلَّا عَقْدَ بَيْعَتِهِ
…
وَالْأَمْرُ بَيْنَهُمَا وَالنَّصُّ فِيهِ جَلِي
فَانْظُرْ إِلَى حَظِّ هَذَا الِاسْمِ كَيْفَ لَقَى
…
مِنَ الْأَوَاخِرِ مَا لَاقَى مِنَ الْأُوَلِ
الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ الْأَمِيرِ عَلَمِ الدِّينِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ جَنْدَرٍ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ بِحَلَبَ، وَلَهُ الصَّدَقَاتُ الْكَثِيرَةُ، وَوَقَفَ بِهَا مَدْرَسَتَيْنِ; إِحْدَاهُمَا عَلَى الشَّافِعِيَّةِ، وَالْأُخْرَى عَلَى الْحَنَفِيَّةِ، وَبَنَى الْخَانَاتِ وَالْقَنَاطِرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ سُبُلِ الْخَيْرَاتِ وَالْغَزَوَاتِ، رحمه الله.
الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْكُرْدِيُّ الْمُوَلَّهُ الْمُقِيمُ بِظَاهِرِ بَابِ الْجَابِيَةِ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ; فَبَعْضُ الدَّمَاشِقَةِ يَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ كَرَامَاتٍ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ آخَرُونَ، وَقَالُوا: مَا رَآهُ أَحَدٌ يُصَلِّي وَلَا يَصُومُ وَلَا لَبِسَ مَدَاسًا، بَلْ كَانَ يَدُوسُ النَّجَاسَاتِ، وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ عَلَى حَالِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ لَهُ تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ يَتَحَدَّثُ عَلَى لِسَانِهِ.
حَكَى السِّبْطُ عَنِ امْرَأَةٍ. قَالَتْ: جَاءَ خَبَرٌ بِمَوْتِ أُمِّي بِاللَّاذِقِيَّةِ أَنَّهَا مَاتَتْ، وَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ: إِنَّهَا لَمْ تَمُتْ.
قَالَتْ: فَمَرَرْتُ بِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ عِنْدَ الْمَقَابِرِ، فَوَقَفْتُ عِنْدَهُ فَرَفَعَ رَأَسَهُ، وَقَالَ لِي: مَاتَتْ مَاتَتْ، أَيْشِ تَعْمَلِينَ؟ فَكَانَ كَمَا قَالَ.
قَالَ: وَحَكَى لِي عَبْدُ اللَّهِ صَاحِبِي قَالَ: جُعْتُ يَوْمًا وَمَا كَانَ مَعِي شَيْءٌ،
فَاجْتَزْتُ بِهِ فَدَفَعَ إِلَيَّ نِصْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: يَكْفِي هَذَا لِلْخُبْزِ وَالْعَنْبَرِيسِ.
قَالَ: وَدَخَلَ يَوْمًا عَلَى الْخَطِيبِ جَمَالِ الدِّينِ الدَّوْلَعِيِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ عَلِيُّ! أَكَلْتُ الْيَوْمَ كُسَيْرَاتٍ يَابِسَةً، وَشَرِبْتُ عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَكَفَتْنِي.
فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْكُرْدِيُّ: وَمَا تَطْلُبُ نَفْسُكَ شَيْئًا آخَرَ غَيْرِ هَذَا؟ قَالَ: لَا. فَقَالَ: يَا مِسْكِينُ، مَنْ يَقْنَعْ بِكَسْرَةٍ يَابِسَةٍ يَحْبِسْ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الْمَقْصُورَةِ، وَلَا يَقْضِي مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَجِّ.
الْفَخْرُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ، الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ، عَالِمُهَا وَمُفْتِيهَا وَخَطِيبُهَا وَوَاعِظُهَا، اشْتَغَلَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَبَرَعَ فِيهِ وَبَرَزَ وَحَصَّلَ، وَجَمَعَ تَفْسِيرًا حَافِلًا فِي مُجَلَّدَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَلَهُ الْخُطَبُ الْمَشْهُورَةُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَيْهِ، وَهُوَ عَمُّ الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّينِ صَاحِبِ " الْمُنْتَقَى " فِي الْأَحْكَامِ. قَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ سِبْطُ بْنُ الْجَوْزِيِّ: سَمِعْتُهُ يَوْمَ جُمُعَةٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَعِظُ النَّاسَ يُنْشِدُ:
أَحْبَابَنَا قَدْ نَذَرَتْ مُقْلَتِي
…
مَا تَلْتَقِي بِالنَّوْمِ أَوْ نَلْتَقِي
رِفْقًا بِقَلْبٍ مُغْرَمٍ وَاعْطِفُوا
…
عَلَى سِقَامِ الْجَسَدِ الْمُحْرَقِ
كَمْ تَمْطُلُونِي بِلَيَالِي اللِّقَا
قَدْ ذَهَبَ الْعُمْرُ وَلَمْ نَلْتَقِي
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ حَاجًّا بَعْدَ وَفَاةِ شَيْخِهِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَوَعَظَ بِهَا فِي مَكَانِ شَيْخِهِ.
الْوَزِيرُ ابْنُ شُكْرٍ، صَفِيُّ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ شُكْرٍ، وُلِدَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِدَمِيرَةَ بَيْنَ مِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ عِنْدَ مَدْرَسَتِهِ بِمِصْرَ، وَقَدْ وَزَرَ لِلْمَلِكِ الْعَادِلِ، وَعَمِلَ أَشْيَاءَ فِي أَيَّامِهِ، مِنْهَا تَبْلِيطُ جَامَعِ دِمَشْقَ، وَأَحَاطَ سُورَ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ، وَعَمِلَ الْفَوَّارَةَ وَمَسْجِدَهَا وَعِمَارَةَ جَامِعِ الْمِزَّةِ، وَقَدْ نُكِبَ وَعُزِلَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَبَقِيَ مَعْزُولًا إِلَى هَذِهِ السَّنَةِ، فَكَانَتْ فِيهَا وَفَاتُهُ، وَقَدْ كَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كَانَ ظَالِمًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبَرْنِيِّ، الْوَاعِظُ الْبَغْدَادِيُّ، أَخَذَ الْفَنَّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ فِي الزُّهْدِ:
مَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ مَسَرَّةٍ
…
فَتَخَوُّفِي مَكْرًا لَهَا وَخِدَاعَا
بَيْنَا الْفَتَى فِيهَا يُسَرُّ بِنَفْسِهِ
…
وَبِمَالِهِ يَسْتَمْتِعُ اسْتِمْتَاعَا
حَتَّى سَقَتْهُ مِنَ الْمَنِيَّةِ شَرْبَةً
…
وَحَمَتْهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَاكَ رَضَاعَا
فَغَدَا بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ رَهِينَةً
…
لَا يَسْتَطِيعُ لِمَا عَرَتْهُ دِفَاعَا
لَوْ كَانَ يَنْطِقُ قَالَ مِنْ تَحْتِ الثَّرَى
…
فَلْيُحْسِنِ الْعَمَلَ الْفَتَى مَا اسْطَاعَا
الْبَهَاءُ السِّنْجَارِيُّ، أَبُو السَّعَادَاتِ أَسْعَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مُوسَى، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ الشَّاعِرُ، قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ فَقِيهًا، وَتَكَلَّمَ فِي الْخِلَافِ، إِلَّا أَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ الشِّعْرُ، فَأَجَادَ فِيهِ، وَاشْتَهَرَ بِهِ، وَخَدَمَ بِهِ الْمُلُوكَ، وَأَخَذَ مِنْهُمُ الْجَوَائِزَ، وَطَافَ الْبِلَادَ، وَلَهُ دِيوَانٌ بِالتُّرْبَةِ الْأَشْرَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ، وَمِنْ رَقِيقِ شِعْرِهِ وَرَائِقِهِ قَوْلُهُ:
وَهَوَاكَ مَا خَطَرَ السُّلُوُّ بِبَالِهِ
…
وَلَأَنْتَ أَعْلَمُ فِي الْغَرَامِ بِحَالِهِ
وَمَتَى وَشَى وَاشٍ إِلَيْكَ بِأَنَّهُ
…
سَالٍ هَوَاكَ فَذَاكَ مِنْ عُذَّالِهِ
أَوَلَيْسَ لِلْكَلِفِ الْمَعْنَّى شَاهِدٌ
…
مِنْ حَالِهِ يُغْنِيكَ عَنْ تَسْآلِهِ
جَدَّدْتَ ثَوْبَ سِقَامِهِ وَهَتَكَتْ سَتْ
…
رَغَرَامِهِ وَصَرَمْتَ حَبْلَ وِصَالِهِ
وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ امْتَدَحَ فِيهَا الْقَاضِي كَمَالَ الدِّينِ الشَّهْرَزُورِيَّ.
وَلَهُ:
لِلَّهِ أَيَّامِي عَلَى رَامَةٍ
…
وَطِيبُ أَوْقَاتِي عَلَى حَاجِرِ
تَكَادُ لِلسُّرْعَةِ فِي مَرِّهَا
أَوَّلُهَا يَعْثُرُ بِالْآخِرِ
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً.
عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى، بْنِ دِرْبَاسَ بْنِ فَيْرِ بْنِ جَهْمِ بْنِ عَبْدُوسٍ الْهَذْبَانِيُّ الْمَارَانِيُّ ضِيَاءُ الدِّينِ، أَخُو الْقَاضِي صَدْرِ الدِّينِ عَبْدِ الْمَلِكِ حَاكِمِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ، وَضِيَاءُ الدِّينِ هَذَا هُوَ شَارِحُ " الْمُهَذَّبِ " وَصَلَ فِيهِ إِلَى كِتَابِ " الشَّهَادَاتِ " فِي نَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ مُجَلَّدًا، وَشَرَحَ " اللُّمَعَ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَ " التَّنْبِيهَ " لِلشِّيرَازِيِّ، وَكَانَ بَارِعًا عَالِمًا بِالْمَذْهَبِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ
ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ الْوَاعِظُ، عِنْدَهُ فَضَائِلُ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الزُّهْدِ:
اسْتَعِدِّي يَا نَفْسُ لِلْمَوْتِ وَاسْعَيْ
…
لِنَجَاةٍ فَالْحَازِمُ الْمُسْتَعِدُّ
قَدْ تَبَيَّنْتِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَيِّ
…
خُلُودٌ وَلَا مِنَ الْمَوْتِ بُدٌّ
إِنَّمَا أَنْتِ مُسْتَعِيرَةُ مَا سَوْ
…
فَ تَرُدِّينَ وَالْعَوَارِي تُرَدُّ
أَنْتِ تَسْهِينَ وَالْحَوَادِثُ لَا تَسْ
…
هُو وَتَلْهِينَ وَالْمَنَايَا تَجِدُّ
لَا تُرَجِّي الْبَقَاءَ فِي مَعْدِنِ الْمَوْ
تِ وَدَارٍ حُتُوفُهَا لَكَ وِرْدُ
…
أَيُّ مُلْكٍ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَيُّ حَظٍّ
لِامْرِئٍ حَظُّهُ مِنَ الْأَرْضِ لَحْدُ
…
كَيْفَ يَهْوَى امْرُؤٌ لَذَاذَةَ أَيَّ
امٍ عَلَيْهِ الْأَنْفَاسُ فِيهَا تُعَدُّ
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الزَّيْتُونِيِّ
الْبَوَازِيجِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ، شَيْخٌ فَاضِلٌ، لَهُ رِوَايَةٌ، وَمِمَّا أَنْشَدَهُ:
ضَيَّقَ الْعُذْرَ فِي الضَّرَاعَةِ أَنَّا
…
لَوْ قَنَعْنَا بِقَسْمِنَا لَكَفَانَا
مَا لَنَا نَعْبُدُ الْعِبَادَ إِذَا كَا
…
نَ إِلَى اللَّهِ فَقْرُنَا وَغِنَانَا
أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ، بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ الْكَيَّالِ الْوَاسِطِيُّ، مِنْ بَيْتِ الْفِقْهِ وَالْقَضَاءِ، وَكَانَ أَحَدَ الْمُعَدِّلِينَ بِبَغْدَادَ، وَمِنْ شِعْرِهِ:
فَتَبًّا لِدُنْيَا لَا يَدُومُ نَعِيمُهَا
…
تَسُرُّ يَسِيرًا ثُمَّ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا
تُرِيكَ جَمَالًا فِي النِّقَابِ وَزُخْرُفًا
…
وَتُسْفِرُ عَنْ شَوْهَاءَ طَحْيَاءَ عَامِيَا
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
إِنْ كُنْتُ بَعْدَ الظَّاعِنِينَ تَسَامَحَتْ
…
بِالْغَمْضِ أَجْفَانِي فَمَا أَجْفَانِي
أَوْ كُنْتُ مِنْ بَعْدِ الْأَحِبَّةِ نَاظِرًا
…
حُسْنًا بِإِنْسَانِي فَمَا أَنْسَانِي
الدَّهْرُ مَغْفُورٌ لَهُ زَلَّاتُهُ
إِنْ حَادَ أَوْطَانِي عَلَى أَوْطَانِي
أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ، بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَمَّارِ بْنِ فِهْرِ بْنِ وَقَاحٍ الْيَاسِرِيُّ، نِسْبَةً إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، شَيْخٌ بَغْدَادِيٌّ فَاضِلٌ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي التَّفْسِيرِ وَالْفَرَائِضِ، وَلَهُ خُطَبٌ وَرَسَائِلُ وَأَشْعَارٌ حَسَنَةٌ، وَكَانَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحُكَّامِ.
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الطَّبَّاخِ
الْوَاسِطِيُّ الْبَغْدَادِيُّ الصُّوفِيُّ، بَاشَرَ بَعْضَ الْوِلَايَاتِ بِبَغْدَادَ وَمِمَّا أَنْشَدَهُ:
مَا وَهَبَ اللَّهُ لِامْرِئٍ هِبَةً
…
أَحْسَنَ مِنْ عَقْلِهِ وَمِنْ أَدَبِهْ
هُمَا جَمَالُ الْفَتَى فَإِنْ فُقِدَا
…
فَفَقْدُهُ لِلْحَيَاةِ أَجْمَلُ بِهْ
ابْنُ يُونُسَ شَارِحُ " التَّنْبِيهِ " أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ الشَّيْخِ الْعَلَّامَةِ كَمَالِ الدِّينِ أَبِي الْفَتْحِ مُوسَى بْنِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنَعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَابِدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْإِرْبِلِيُّ الْأَصْلِ، ثُمَّ الْمَوْصِلِيُّ، مِنْ بَيْتِ الْعِلْمِ وَالرِّيَاسَةِ، اشْتَغَلَ عَلَى أَبِيهِ فِي فُنُونِهِ وَعُلُومِهِ، فَبَرَعَ وَتَقَدَّمَ وَدَرَسَ، وَشَرَحَ " التَّنْبِيهَ "، وَاخْتَصَرَ " إِحْيَاءَ عُلُومِ الدِّينِ " لِلْغَزَّالِيِّ
مَرَّتَيْنِ صَغِيرًا وَكَبِيرًا، وَكَانَ يُدَرِّسُ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَقَدْ وَلِيَ بِإِرْبِلَ مَدْرَسَةَ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِي فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَكُنْتُ أَحْضُرُ عِنْدَهُ وَأَنَا صَغِيرٌ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا يُدَرِّسُ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَارَ إِلَى بَلَدِهِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَمَاتَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.