الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]
فِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْأَشْرَفِ مُوسَى بْنِ الْعَادِلِ وَبَيْنَ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمَ شَاهِ الْخُوَارَزْمِيِّ، وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ جَلَالَ الدِّينِ كَانَ قَدْ أَخَذَ مَدِينَةَ خِلَاطَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي، وَخَرَّبَهَا وَشَرَّدَ أَهْلَهَا، وَحَارَبَهُ عَلَاءُ الدِّينِ كَيْقُبَاذُ مَلِكُ الرُّومِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْأَشْرَفِ يَسْتَحِثُّهُ عَلَى الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَلَوْ جَرِيدَةً وَحْدَهُ، فَقَدِمَ الْأَشْرَفُ فِي طَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ عَسْكَرِ دِمَشْقَ، وَانْضَافَ إِلَيْهِمْ عَسْكَرُ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَمَنْ بَقِيَ مِنْ عَسْكَرِ خِلَاطَ، فَكَانُوا خَمْسَةَ آلَافِ مُقَاتِلٍ صَلِيبَةً، مَعَهُمُ الْعُدَّةُ الْكَامِلَةُ وَالْخُيُولُ الْهَائِلَةُ، فَالْتَقَوْا مَعَ جَلَالِ الدِّينِ بِأَذْرَبِيجَانَ، وَهُوَ فِي عِشْرِينَ
أَلْفَ مُقَاتِلٍ، فَلَمْ يَقُمْ لَهُمْ سَاعَةً وَاحِدَةً، وَلَا صَبَرَ، بَلْ تَقَهْقَرَ وَانْهَزَمَ وَاتَّبَعُوهُمْ عَلَى الْأَثَرِ، وَلَمْ يَزَالُوا فِي أَثَرِهِمْ إِلَى مَدِينَةِ خُوَيٍّ. وَعَادَ الْأَشْرَفُ إِلَى مَدِينَةِ خِلَاطَ، فَوَجَدَهَا خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا، فَمَهَّدَهَا وَأَطَّدَهَا، ثُمَّ تَصَالَحَ هُوَ وَجَلَالُ الدِّينِ، وَعَادَ إِلَى مُسْتَقَرِّ مُلْكِهِ بِدِمَشْقَ، - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاهُ -
وَفِيهَا تَسَلَّمَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ قَلْعَةَ بَعْلَبَكَّ مِنَ الْمَلِكِ الْأَمْجَدِ بَهْرَامَ شَاهْ بَعْدَ حِصَارٍ طَوِيلٍ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ عَلَى دِمَشْقَ أَخَاهُ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الشَّرْقِ بِسَبَبِ أَنَّ جَلَالَ الدِّينِ الْخُوَارَزْمِيَّ اسْتَحْوَذَ عَلَى بِلَادِ خِلَاطَ وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا كَثِيرًا، وَنَهَبَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، فَالْتَقَى مَعَهُ الْأَشْرَفُ رَأْسًا هَائِلًا، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا عَظِيمًا، فَهَزَمَهُ الْأَشْرَفُ هَزِيمَةً مُنْكَرَةً، وَهَلَكَ مِنَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ فِي الْبِلَادِ فَرَحًا بِنُصْرَةِ الْأَشْرَفِ عَلَى الْخُوَارَزْمِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَفْتَحُونَ بَلَدًا إِلَّا قَتَلُوا مَنْ فِيهِ وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُمْ، فَكَسَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ كَانَ الْأَشْرَفُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ قَبْلَ الْوَقْعَةِ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: يَا مُوسَى أَنْتَ مَنْصُورٌ عَلَيْهِمْ. وَلَمَّا فَرَغَ مَنْ كَسْرِهِمْ عَادَ إِلَى بِلَادِ خِلَاطَ فَرَمَّمَ شَعَثَهَا، وَأَصْلَحَ مَا كَانَ فَسَدَ مِنْهَا.
وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهَا، أَيْضًا فَهَذِهِ ثَلَاثُ سِنِينَ لَمْ يَسِرْ مِنَ الشَّامِ حَاجٌّ إِلَى الْحِجَازِ.
وَفِيهَا أَخَذَتِ الْفِرِنْجُ جَزِيرَةَ مَيُورْقَةَ وَقَتَلُوا بِهَا خَلْقًا، وَأَسَرُوا آخَرِينَ، فَقَدِمُوا