الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اضْطَرَبَتْ بَعْضُ الْأَحْوَالِ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَى عَهْدِهِ سوى البوازيخ وبانقيا.
قال سيف عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أهل السَّواد عهد قبل الوقعة، إلا بنو صلوبا وهم أهل الحيرة وكلوا ذي وقرى من قرى الفرات، غَدَرُوا حَتَّى دُعُوا إِلَى الذِّمَّةِ بَعْدَمَا غَدَرُوا.
وَقَالَ سَيْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ: قُلْتُ للشِّعبيّ: أخذ السَّواد عنوة وَكُلُّ أَرْضٍ إِلَّا بَعْضَ الْقِلَاعِ وَالْحُصُونِ؟ قَالَ: بَعْضٌ صَالِحٌ وَبَعْضٌ غَالِبٌ.
قُلْتُ: فَهَلْ لِأَهْلِ السَّواد ذمَّة اعتقدوها قبل الحرب؟ قَالَ: لَا، ولكنَّهم لمَّا دُعوا وَرَضُوا بِالْخَرَاجِ وَأُخِذَ مِنْهُمْ صَارُوا ذمَّة.
وَقْعَةُ عَيْنِ التَّمر
لمَّا استقلَّ خَالِدٌ بِالْأَنْبَارِ اسْتَنَابَ عَلَيْهَا الزَّبرقان بْنَ بَدْرٍ، وَقَصَدَ عَيْنَ التَّمر وَبِهَا يومئذٍ مِهْرَانُ بْنُ بَهْرَامَ جُوبِينَ فِي جمعٍ عظيمٍ من العرب (1) ، وَحَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ طَوَائِفُ مِنَ النَّمِرِ وَتَغْلِبَ وَإِيَادٍ وَمَنْ لَاقَاهُمْ وَعَلَيْهِمْ عَقَّةُ بْنُ أَبِي عقَّة، فلمَّا دَنَا خَالِدٌ قَالَ عقَّة لِمِهْرَانَ: إنَّ الْعَرَبَ أَعْلَمُ بِقِتَالِ الْعَرَبِ، فَدَعْنَا وَخَالِدًا، فَقَالَ لَهُ: دُونَكُمْ وإيَّاهم، وَإِنِ احْتَجْتُمْ إِلَيْنَا أعنَّاكم، فَلَامَتِ الْعَجَمُ أَمِيرَهُمْ عَلَى هَذَا، فَقَالَ: دَعُوهُمْ فَإِنْ غَلَبُوا خَالِدًا فَهُوَ لَكُمْ، وَإِنْ غُلبوا قَاتَلْنَا خَالِدًا وَقَدْ ضَعُفُوا وَنَحْنُ أَقْوِيَاءُ، فَاعْتَرَفُوا لَهُ بِفَضْلِ الرَّأي عَلَيْهِمْ، وَسَارَ خَالِدٌ وتلقَّاه عقَّة فلمَّا تَوَاجَهُوا قَالَ خَالِدٌ لِمُجَنِّبَتَيْهِ: احْفَظُوا مَكَانَكُمْ فإنِّي حَامِلٌ، وَأَمَرَ حُمَاتَهُ أَنْ يَكُونُوا مِنْ وَرَائِهِ، وَحَمَلَ عَلَى عقَّة وَهُوَ يُسَوِّي الصُّفوف فَاحْتَضَنَهُ وَأَسَرَهُ وَانْهَزَمَ جَيْشُ عقَّة مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ فَأَكْثَرُوا فِيهِمُ الْأَسْرَ، وَقَصَدَ خالد حصين عَيْنِ التَّمر، فلمَّا بَلَغَ مِهْرَانَ هَزِيمَةُ عقَّة وَجَيْشِهِ، نَزَلَ مِنَ الْحِصْنِ وَهَرَبَ وَتَرَكَهُ، وَرَجَعَتْ فُلَّالُ نَصَارَى الْأَعْرَابِ إِلَى الْحِصْنِ فَوَجَدُوهُ مَفْتُوحًا فدخلوه واحتموا به، فجاء خالد وأحاط بهم
وَحَاصَرَهُمْ أَشَدَّ الْحِصَارِ، فلمَّا رَأَوْا ذَلِكَ سَأَلُوهُ الصُّلح فأبى إلا أن ينزلوا على حكم خالد، فنزلوا على حكمه فَجُعِلُوا فِي السَّلاسل وتسلَّم الْحِصْنَ ثمَّ أَمَرَ فَضُرِبَتْ عُنُقُ عقَّة وَمَنْ كَانَ أُسِرَ مَعَهُ وَالَّذِينَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ أَيْضًا أَجْمَعِينَ، وَغَنِمَ جميع ما فِي ذَلِكَ الْحِصْنِ، وَوَجَدَ فِي الْكَنِيسَةِ الَّتِي بِهِ أَرْبَعِينَ غُلَامًا يَتَعَلَّمُونَ الْإِنْجِيلَ وَعَلَيْهِمْ بَابٌ مُغْلَقٌ، فَكَسَرَهُ خَالِدٌ وفرَّقهم فِي الْأُمَرَاءِ وَأَهْلِ الغناء، وكان حُمْرَانُ (2) صَارَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عفَّان مِنَ الْخُمُسِ، وَمِنْهُمْ سِيرِينُ (3) وَالِدُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أخذه نس بْنُ مَالِكٍ.
وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ مِنَ الْمَوَالِي الْمَشَاهِيرِ أراد بِهِمْ وَبِذَرَارِيِّهِمْ خَيْرًا.
ولمَّا قَدِمَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ عَلَى الصِّديق بِالْخُمُسِ ردَّه الصِّديق إِلَى عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ مَدَدًا لَهُ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دومة الجندل فلما
(1) في الطبري والكامل: العجم.
(2)
وهو حمران بن أبان بن خالد النمري.
(3)
في فتوح البلدان 2 / 303: وقيل إن سيرين من أهل جرجرايا، وإنه كان زائرا لقرابة له فأخذ في الكنيسة معهم.
(*)
قَدِمَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْعِرَاقِ يُحَاصِرُ قَوْمًا، وَهُمْ قَدْ أَخَذُوا عَلَيْهِ الطُّرق فَهُوَ مَحْصُورٌ أَيْضًا، فَقَالَ عِيَاضٌ لِلْوَلِيدِ: إنَّ بَعْضَ الرَّأي خَيْرٌ مِنْ جَيْشٍ كَثِيفٍ، مَاذَا تَرَى فِيمَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: اكْتُبْ إِلَى خَالِدٍ يمدَّك بِجَيْشٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يستمدَّه، فَقَدِمَ كِتَابُهُ عَلَى خَالِدٍ عقب وَقْعَةِ عَيْنِ التَّمر وَهُوَ يَسْتَغِيثُ بِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: مِنْ خَالِدٍ إِلَى عِيَاضٍ، إيَّاك أُرِيدُ.
لَبِّثْ قَلِيلًا تَأْتِكَ الحَلائِبُ * يحْمِلْنَ آسَاداً عَلَيْهَا القَاشِبُ كتَائِبُ تَتْبَعُهَا كَتَائِبُ خَبَرُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ لمَّا فَرَغَ خَالِدٌ مِنْ عَيْنِ التَّمر قَصَدَ إِلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى عَيْنِ التَّمر عُوَيْمِرَ (1) بْنَ الْكَاهِنِ الْأَسْلَمِيَّ، فلمَّا سَمِعَ أَهْلُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ بِمَسِيرِهِ إِلَيْهِمْ، بَعَثُوا إِلَى أَحْزَابِهِمْ مِنْ بَهْرَاءَ وَتَنُوخَ وَكَلْبٍ وغسَّان وَالضَّجَاعِمِ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِمْ وَعَلَى غسَّان وَتَنُوخَ ابْنُ الْأَيْهَمِ، وَعَلَى الضجاعم بن
الْحِدْرِجَانِ، وَجِمَاعُ النَّاس بِدُومَةَ إِلَى رَجُلَيْنِ أُكَيْدِرِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْجُودِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، فَاخْتَلَفَا فَقَالَ أُكَيْدِرٌ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاس بِخَالِدٍ، لَا أحد أيمن طائر مِنْهُ فِي حَرْبٍ وَلَا أحدَّ مِنْهُ، وَلَا يَرَى وَجْهَ خَالِدٍ قَوْمٌ أَبَدًا، قلُّوا أَمْ كَثُرُوا إِلَّا انْهَزَمُوا عَنْهُ، فَأَطِيعُونِي وَصَالِحُوا الْقَوْمَ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَنْ أُمَالِئَكُمْ عَلَى حَرْبِ خَالِدٍ وَفَارَقَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ خَالِدٌ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو فَعَارَضَهُ فَأَخَذَهُ، فلمَّا أَتَى بِهِ خَالِدًا أَمَرَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَأَخَذَ مَا كَانَ مَعَهُ، ثمَّ تَوَاجَهَ خَالِدٌ وَأَهْلُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَعَلَيْهِمُ الْجُودِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ، وَكُلُّ قَبِيلَةٍ مَعَ أَمِيرِهَا مِنَ الْأَعْرَابِ، وَجَعَلَ خَالِدٌ دُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَيْشِ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ، وَافْتَرَقَ جَيْشُ الْأَعْرَابِ فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةً نَحْوَ خَالِدٍ، وَفِرْقَةً نَحْوَ عِيَاضٍ، وَحَمَلَ خَالِدٌ عَلَى مَنْ قِبَلَهُ، وَحَمَلَ عِيَاضٌ عَلَى أُولَئِكَ، فَأَسَرَ خَالِدٌ الْجُودِيَّ، وَأَسَرَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَدِيعَةَ، وفرَّت الْأَعْرَابُ إِلَى الْحِصْنِ فَمَلَأُوهُ وَبَقِيَ مِنْهُمْ خَلْقٌ ضَاقَ عَنْهُمْ، فَعَطَفَتْ بَنُو تَمِيمٍ عَلَى مَنْ هُوَ خَارِجَ الْحِصْنِ فَأَعْطَوْهُمْ مِيرَةً فَنَجَا بَعْضُهُمْ، وَجَاءَ خَالِدٌ فَضَرَبَ أَعْنَاقَ مَنْ وَجَدَهُ خَارِجَ الْحِصْنِ، وَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِ الْجُودِيِّ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْأُسَارَى، إِلَّا أُسَارَى بَنِي كَلْبٍ فإنَّ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، وَبَنِي تَمِيمٍ أَجَارُوهُمْ، فقال لهم خالد: مالي وما لكم أَتَحْفَظُونَ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتُضَيِّعُونَ أَمْرَ الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ له عاصم بن عمرو: أتحسدونهم العافية وتحوذونهم الشَّيطان، ثمَّ أَطَافَ خَالِدٌ بِالْبَابِ فَلَمْ يَزَلْ عَنْهُ حَتَّى اقْتَلَعَهُ، وَاقْتَحَمُوا الْحِصْنَ فَقَتَلُوا مَنْ فيه من المقاتلة، وسبوا الذَّراري فبايعوهم بَيْنَهُمْ فِيمَنْ يَزِيدُ، وَاشْتَرَى خَالِدٌ يَوْمَئِذٍ ابْنَةَ الْجُودِيِّ، وَكَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْجَمَالِ، وَأَقَامَ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ وردَّ الْأَقْرَعَ إِلَى الْأَنْبَارِ، ثمَّ رَجَعَ خَالِدٌ إِلَى الْحِيرَةِ، فتلقَّاه أَهْلُهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالتَّقْلِيسِ، فَسَمِعَ رَجُلًا مِنْهُمْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: مُرَّ بنا فهذا يوم فرح الشر.
(1) في الطبري: عويم.
(*)
خبر وقعتي الحصيد والمضيح قَالَ سَيْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَالْمُهْلَّبِ قَالُوا: وكان خَالِدٌ أَقَامَ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ فظنَّ الْأَعَاجِمُ بِهِ وَكَاتَبُوا عَرَبَ الْجَزِيرَةِ فَاجْتَمَعُوا لِحَرْبِهِ، وَقَصَدُوا الْأَنْبَارَ يُرِيدُونَ انْتِزَاعَهَا مِنَ الزَّبرقان، وَهُوَ نَائِبُ
خَالِدٍ عَلَيْهَا، فلمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الزَّبرقان كَتَبَ إِلَى القعقاع بن عمرو نائب خالد على الحيرة، فَبَعَثَ الْقَعْقَاعُ أَعْبَدَ بْنَ فَدَكِيٍّ السَّعدي وَأَمَرَهُ بالحصيد وبعث عروة بن أبي الْجَعْدِ الْبَارِقِيَّ وَأَمَرَهُ بِالْخَنَافِسِ، وَرَجَعَ خَالِدٌ مِنْ دُومَةَ إِلَى الْحِيرَةِ وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى مُصَادَمَةِ أَهْلِ الْمَدَائِنِ محلَّة كِسْرَى، لكنَّه يَكْرَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّديق، وَشَغَلَهُ مَا قَدِ اجْتَمَعَ مِنْ جُيُوشِ الْأَعَاجِمِ مَعَ نَصَارَى الْأَعْرَابِ يُرِيدُونَ حَرْبَهُ، فَبَعَثَ الْقَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو أَمِيرًا عَلَى النَّاس، فَالْتَقَوْا بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ الْحُصَيْدُ، وَعَلَى الْعَجَمِ رَجُلٌ مِنْهُمْ يقال له روزبه، وأمدَّه أمير آخر قال لَهُ زَرْمِهْرُ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَهُزِمَ الْمُشْرِكُونَ وقتل منهم المسلمون خلقاً كثيراً، وقتل القعقاع بيد زَرْمِهْرَ، وَقَتَلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عِصْمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ رُوزَبَهْ.
وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَهَرَبَ مَنْ هَرَبَ مِنَ الْعَجَمِ، فَلَجَأُوا إِلَى مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ خَنَافِسُ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ أَبُو لَيْلَى بْنُ فَدَكِيٍّ السَّعدي، فلمَّا أحسُّوا بذلك ساروا إلى المضيح (1) ، فلمَّا استقرُّوا بِهَا بِمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْأَعَاجِمِ والأعارب قَصَدَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُنُودِ، وقسَّم الْجَيْشَ ثَلَاثَ فِرَقٍ، وَأَغَارَ عَلَيْهِمْ لَيْلًا وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَنَامَهُمْ، وَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الْيَسِيرُ فَمَا شبِّهوا إِلَّا بِغَنَمٍ مُصَرَّعَةٍ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: انْتَهَيْنَا فِي هَذِهِ الْغَارَةِ إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ حُرْقُوصُ بْنُ النُّعمان النَّمَرِيُّ، وَحَوْلَهُ بَنُوهُ وَبَنَاتُهُ وَامْرَأَتُهُ، وَقَدْ وَضَعَ لَهُمْ جفنة من خمر وهم يقولون: أَحَدَ يَشْرَبُ هَذِهِ السَّاعة وَهَذِهِ جُيُوشُ خَالِدٍ قَدْ أَقْبَلَتْ؟ فَقَالَ لَهُمُ: اشْرَبُوا شُرْبَ وَدَاعٍ فَمَا أَرَى أَنْ تَشْرَبُوا خَمْرًا بَعْدَهَا، فَشَرِبُوا وجعل يقول: أَلا يا اسقِيَاني قَبْلَ نَائِرَةِ الفَجْرِ (2) * لعَلَّ مَنَايانَا قريبٌ وَلا نَدْرِي الْقَصِيدَةَ إِلَى آخِرِهَا، قَالَ: فَهَجَمَ النَّاس عَلَيْهِ فَضَرَبَ رَجُلٌ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ فِي جَفْنَتِهِ، وأُخذت بَنُوهُ وَبَنَاتُهُ وَامْرَأَتُهُ، وَقَدْ قُتِلَ فِي هَذِهِ الْمَعْرَكَةِ رَجُلَانِ كَانَا قَدْ أَسْلَمَا وَمَعَهُمَا كِتَابٌ مِنَ الصِّديق بِالْأَمَانِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ، وَهُمَا عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ أَبِي رِهْمِ بْنِ قِرْوَاشٍ، قَتَلَهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَالْآخَرُ لَبِيدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَتَلَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ، فلمَّا بَلَغَ خَبَرُهُمَا الصِّديق ودَّاهما، وَبَعَثَ بِالْوَصَاةِ بِأَوْلَادِهِمَا، وتكلَّم عُمَرُ بْنُ الْخِطَابِ فِي خَالِدٍ بسببهما، وقد تَكَلَّمَ فِيهِ بِسَبَبِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، فَقَالَ له الصِّديق: كذلك يلقى من يساكن أَهْلَ الْحَرْبِ فِي دِيَارِهِمْ، أَيِ
الذَّنب لَهُمَا فِي مُجَاوَرَتِهِمَا الْمُشْرِكِينَ، وَهَذَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ " أنا برئ من كلِّ من ساكن المشرك في
(1) في الكامل: 2 / 396: المصيخ.
وكان عليها - كما في الطبري والكامل - الهذيل بن عمران.
(2)
في الطبري والكامل: ألا سقياني قبل خيل أبي بكر
…
وبعده في الطبري: ألا فاشربوا من قبل قاصمة الظهر * بعيد انتفاخ القوم بالعكر الدثر وقبل منايانا المصيبة بالقدر * لحين لعمري لا يزيد ولا يحري (*)