المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في كلام الأموات وعجائبهم - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٦

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 6

-

- ‌باب آثَارِ النَّبي صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَ يختص بها في حياته من ثياب وسلاح ومراكب

- ‌ذكر الخاتم الذي كان يلبسه عليه السلام

- ‌ذِكْرُ سيفه عليه السلام

- ‌ذِكْرُ نعله التي كان يمشي فيها

- ‌المكحلة التي كان عليه السلام يَكْتَحِلُ مِنْهَا

- ‌الْبُرْدَةُ

- ‌أَفَرَاسِهِ وَمَرَاكِيبِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فصل وهذا أوان مَا بَقِيَ عَلَيْنَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ السِّيرَةِ الشَّرِيفَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّمَائِلِ

- ‌بَابُ مَا وَرَدَ فِي حسنه الباهر

- ‌صِفَةُ لَوْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذِكْرُ مَحَاسِنِهِ:

- ‌ذِكْرُ شَعره عليه السلام

- ‌مَا وَرَدَ فِي مَنْكِبَيْهِ وَسَاعِدَيْهِ وَإِبِطَيْهِ وَقَدَمَيْهِ وَكَعْبَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قوامه عليه السلام وَطِيبِ رَائِحَتِهِ

- ‌صِفَةُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ الَّذِي بين كتفيه صلى الله عليه وسلم

- ‌باب أحاديث مُتَفَرِّقَةٍ وَرَدَتْ فِي صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْلَاقِهِ وَشَمَائِلِهِ الطَّاهرة صلى الله عليه وسلم

- ‌كرمه عليه السلام

- ‌مزاحه عليه السلام

- ‌باب زهده عليه السلام وإعراضه عن هذه الدَّار

- ‌فصل عبادته عليه السلام واجتهاده في ذلك

- ‌فَصْلٌ فِي شَجَاعَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُذْكَرُ مِنْ صِفَاتِهِ عليه السلام فِي الْكُتُبِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ الْأَقْدَمِينَ

- ‌كتاب دلائل النبوة

- ‌فَمِنَ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌فصلومن الدَّلائل المعنوية أخلاقه عليه السلام الطَّاهرة، وَخُلُقُهُ الْكَامِلُ

- ‌باب دلائل النبوة الحسية

- ‌ انْشِقَاقُ الْقَمَرِ الْمُنِيرِ فِرْقَتَيْنِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ وَأَمَّا الْمُعْجِزَاتُ الْأَرْضِيَّةُ

- ‌بَابُ تكثيره عليه السلام الأطعمة تَكْثِيرُهُ اللَّبن فِي مَوَاطِنٍ أَيْضًا

- ‌ذِكْرُ ضِيَافَةِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ مِزْوَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَمْرِهِ

- ‌بَابُ انْقِيَادِ الشَّجر لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌باب حنين الجذع شوقاً إلى رسول الله وشغفاً مِنْ فِرَاقِهِ

- ‌بَابُ تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي كَفِّهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌بَابُ مَا يَتَعَلَّقُ بالحيوانات من دلائل النبوة قِصَّةُ الْبَعِيرِ النَّاد وَسُجُودِهِ لَهُ وَشَكْوَاهُ إِلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي كَلَامِ الْأَمْوَاتِ وَعَجَائِبِهِمْ

- ‌فصل

- ‌بَابُ الْمَسَائِلِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأجاب عنها بما يطابق الحقّ الموافق لها في الكتب الموروثة عن الأنبياء

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ بشَّرت بِهِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ

- ‌بَابُ مَا أَخْبَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم من الكائنات المستقبلة في حياته وبعده

- ‌فصل وأمَّا الْأَحَادِيثُ الدَّالة عَلَى إِخْبَارِهِ بِمَا وَقَعَ كَمَا أَخْبَرَ

- ‌فَصْلٌ فِي الْإِخْبَارِ بِغُيُوبِ مَاضِيَةٍ وَمُسْتَقْبَلَةٍ

- ‌فَصْلٌ فِي تَرْتِيبِ الْإِخْبَارِ بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبِلَةِ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن الواقعة في آخر أيام عثمان وخلافة علي رضي الله عنهما

- ‌إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عن الخوارج وقتالهم

- ‌إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَقْتَلِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب فكان كما أخبر

- ‌إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ وَسِيَادَةِ وَلَدِهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي تركه الأمر من بعده وإعطائه لمعاوية

- ‌إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ غَزَاةِ البحر إلى قبرص

- ‌ بَابُ مَا قِيلَ فِي قِتَالِ الرُّوم

- ‌الْإِخْبَارُ عَنْ غَزْوَةِ الْهِنْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ قِتَالِ التُّرك كَمَا سنبينه إن شاء الله

- ‌الإخبار عن بيت مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بِسَرِفَ

- ‌ما روي في إخباره عَنْ مَقْتَلِ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ

- ‌إخباره صلى الله عليه وسلم لما وقع من الفتن من بني هاشم بعد موته

- ‌الْإِخْبَارُ بِمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَقْعَةِ الحرَّة

- ‌فصل

- ‌الإشارة النَّبوية إلى دولة عمر بن عبد الْعَزِيزِ

- ‌الْإِشَارَةُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَعِلْمِهِ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَحِفْظِهِ

- ‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِانْخِرَامِ قَرْنِهِ صلى الله عليه وسلم بعد مائة سنة من ليلة إخباره

- ‌الْإِخْبَارِ عَنِ الْوَلِيدِ بِمَا فِيهِ لَهُ مِنِ الْوَعِيدِ الشَّديد وَإِنْ صحَّ فَهُوَ الْوَلِيدُ بْنُ يزيد

- ‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ جُمْلَةً من جملة

- ‌باب البينة عَلَى ذِكْرِ مُعْجِزَاتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مماثلة لمعجزات جماعة من الأنبياء قبله، وأعلى منها، خارجة عَمَّا اخْتَصَّ بِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي لم يكن لِأَحَدٍ قَبْلَهُ مِنْهُمْ عليهم السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ نُوحٌ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ هُودٌ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ صَالِحٌ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ مُوسَى عليه السلام

- ‌باب ما أعطي رسول الله صلى الله عليه وآله وَمَا أُعْطِيَ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ

- ‌قصَّة حَبْسِ الشَّمس عَلَى يُوشَعَ بْنِ نُونِ

- ‌ الْقَوْلُ فِيمَا أُعْطِيَ إِدْرِيسُ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ دَاوُدُ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليه السلام

- ‌القول فيما أوتي عيسى بن مَرْيَمَ عليه السلام

- ‌كِتَابُ تَارِيخِ الْإِسْلَامِ

- ‌خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ رضي الله عنه وما فيها من الحوادث

- ‌فصل في تنفيذ جَيْشَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ

- ‌مقتل الأسود العنسي، المتنبِّي الكذَّاب

- ‌صِفَةُ خُرُوجِهِ وَتَمْلِيكِهِ وَمَقْتَلِهِ

- ‌خُرُوجُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي تصدِّي الصِّديق لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَمَانِعِي الزَّكاة

- ‌خُرُوجِهِ إِلَى ذِي القصَّة حِينَ عَقَدَ أَلْوِيَةَ الأمراء الأحد عشر

- ‌فَصْلٌ فِي مَسِيرَةِ الْأُمَرَاءَ مِنْ ذِي القصَّة

- ‌قصَّة الْفُجَاءَةِ

- ‌قصَّة سَجَاحِ وَبَنِي تَمِيمٍ

- ‌فَصْلٌ فِي خَبَرِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ الْيَرْبُوعِيِّ التَّميمي

- ‌مقتل مسيلمة الكذَّاب لعنه الله

- ‌ذَكْرُ ردَّة أَهْلِ الْبَحْرِينِ وَعَوْدِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ

- ‌ذكر ردَّة أهل عمان ومهرة اليمن

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَعْنِي سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْمَشَاهِيرِ

- ‌ سَنَةُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبوِّية

- ‌بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى الْعِرَاقِ

- ‌[وقعة المذار أو الثني]

- ‌[وقعة أليس]

- ‌فصل

- ‌فتح خالد للأنبار

- ‌وَقْعَةُ عَيْنِ التَّمر

- ‌وَقْعَةُ الفِراض

- ‌فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنة

- ‌فَصْلٌ فِيمَنْ توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنة:

الفصل: ‌باب في كلام الأموات وعجائبهم

الأنصاريّ: أنَّ رجلا من بني سلمة (1) تكلَّم فقال: محمد رسول الله، أَبُو بَكْرٍ الصِّديق، عُثْمَانُ اللَّين الرَّحيم، قَالَ: وَلَا أَدْرِي أَيْشُ قَالَ فِي عُمَرَ * كَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِهِ، وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنَّا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أنَّا حُصِينُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا هُمْ يُثَوِّرُونَ الْقَتْلَى يَوْمَ صِفِّينَ أَوْ يَوْمَ الْجَمَلِ، إِذْ تَكَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنَ الْقَتْلَى، فَقَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّديق عُمَرُ الشَّهيد، عُثْمَانُ الرَّحيم ثمَّ سَكَتَ (2) * وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ فِي كتاب البعث.

‌بَابٌ فِي كَلَامِ الْأَمْوَاتِ وَعَجَائِبِهِمْ

حدَّثنا الْحَكَمُ بن هشام الثقفيّ، حدَّثنا عبد الحكم بن عمير، عن ربعي بن خراش

العبسيّ قال: مرض أخي الرَّبيع بن خراش فمرَّضته ثمَّ مَاتَ فَذَهَبْنَا نجهِّزه، فلمَّا جِئْنَا رَفْعَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ ثمَّ قَالَ: السَّلام عَلَيْكُمْ، قلنا: وعليك السلام، قدمت، قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ لَقِيتُ بَعْدَكُمْ رَبِّي وَلَقِيَنِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، ثمَّ كَسَانِي ثياباً من سندس أخضر، وإني سألته أن يأذن لي أن أبشِّركم فأذن لي، وإنَّ الأمر كما ترون، فسدِّدوا وقاربوا، وبشِّروا ولا تنفِّروا، فلمَّا قَالَهَا كَانَتْ كَحَصَاةٍ وَقَعَتْ فِي مَاءٍ * ثمَّ أورد بأسانيد كَثِيرَةً فِي هَذَا الْبَابِ وَهِيَ آخِرُ كِتَابِهِ.

حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصِّفَّارُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ، ثنا شاصونة بن عبيد أبو محمد اليمانيّ (3) - وَانْصَرَفْنَا مِنْ عَدَنَ بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا الْحَرْدَةُ - حدَّثني مُعْرِضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعْرِضِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ الْيَمَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: حَجَجْتُ حجَّة الْوَدَاعِ فَدَخَلْتُ دَارًا بِمَكَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَجْهُهُ مِثْلُ دَارَةِ الْقَمَرِ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ عَجَبًا، جَاءَهُ رَجُلٌ بِغُلَامٍ يَوْمَ وُلِدَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَنَا؟ قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ صدقت، بارك الله فيك، ثمَّ قال: إنَّ الْغُلَامَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى شبَّ، قال أبي: فكنا

(1) في الدَّلائل: من قتلى مسيلمة.

(2)

قصَّة زيد بن خارجة رواها البيهقيّ من طرق.

الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ بَابُ مَا جَاءَ فِي شهادة الميت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ج 6 / 55 - 58.

(3)

في البيهقي: اليمامي.

(*)

ص: 175

نُسَمِّيهُ مُبَارَكُ الْيَمَامَةِ، قَالَ شَاصُونَةُ: وَقَدْ كُنْتُ أمرُّ عَلَى مَعْمَرٍ فَلَا أَسْمَعُ مِنْهُ (1) .

قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تكلَّم النَّاس فِي مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْكُدَيْمِيِّ بِسَبَبِهِ وَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَاسْتَغْرَبُوا شَيْخَهُ هَذَا، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُنْكَرُ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحيح فِي قصَّة جُرَيْجٍ الْعَابِدِ أنَّه اسْتَنْطَقَ ابْنَ تِلْكَ البغي، فقال له: يا أبا يونس، ابْنُ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: ابْنُ الرَّاعي، فَعَلِمَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بَرَاءَةَ

عِرْضِ جُرِيْجٍ مِمَّا كَانَ نُسِبَ إِلَيْهِ * وَقَدْ تقدَّم ذَلِكَ.

عَلَى أنَّه قَدْ رُوِىَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْكُدَيْمِيِّ إِلَّا أنَّه بِإِسْنَادٍ غَرِيبٍ أَيْضًا * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهد، أنَّا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جُمَيْعٍ الْغَسَّانِيُّ - بِثَغْرِ صَيْدَا -، ثَنَا العبَّاس بْنُ مَحْبُوبِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدٍ أَبُو الْفَضْلِ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا جدِّي شَاصُونَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، حدَّثني مُعْرِضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ.

قَالَ: حَجَجْتُ حجَّة الْوَدَاعِ فَدَخَلْتُ دَارًا بِمَكَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجْهَهُ كَدَارَةِ الْقَمَرِ، فَسَمِعْتُ مِنْهُ عَجَبًا أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ بِغُلَامٍ يَوْمَ وُلِدَ، وَقَدْ لفَّه فِي خِرْقَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا غُلَامُ مَنْ أَنَا؟ قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، ثُمَّ إنَّ الْغُلَامَ لَمْ يتكلَّم بَعْدَهَا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ العبَّاس الورَّاق، عَنْ أَبِي الْفَضْلِ أحمد بن خلف بن محمد المقريّ الْقَزْوِينِيِّ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ العبَّاس بْنِ مُحَمَّدِ (2) بْنِ شَاصُونَةِ بِهِ * قَالَ الْحَاكِمُ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي الثِّقة مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ قَالَ: لَمَّا دَخَلْتُ الْيَمَنَ دَخَلْتُ حَرْدَةَ.

فَسَأَلْتُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْتُ فِيهَا لِشَاصُونَةَ عَقِبًا، وَحُمِلْتُ إِلَى قَبْرِهِ فَزُرْتُهُ * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ أَصِلٌ مِنْ حَدِيثِ الْكُوفِيِّينَ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ يُخَالِفُهُ فِي وَقْتِ الْكَلَامِ (3) .

ثمَّ أَوْرَدَ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ: أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أُتي بِصَبِيٍّ قَدْ شبَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ، قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ (4) .

ثُمَّ رَوَى عَنِ الْحَاكِمِ، عَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا قَدْ تَحَرَّكَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ مُنْذُ وُلد، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَدْنِيهِ مِنِّي، فَأَدْنَتْهُ مِنْهُ، فَقَالَ: مَنْ أَنَا؟ فَقَالَ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ (5) .

قصَّة الصَّبيّ الَّذِي كَانَ يُصْرَعُ فَدَعَا لَهُ عليه السلام فَبَرَأَ قَدْ تقدَّم ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَيَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ مَعَ قِصَّةِ

(1) رواه البيهقي في الدلائل 6 / 59.

(2)

في الدلائل: محبوب.

(3)

رواه البيهقي في الدلائل ج 6 / 60.

(4)

دلائل النبوة 6 / 60.

(5)

المصدر السابق 6 / 61.

(*)

ص: 176

الْجَمَلِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ فَرْقَدٍ السنجيّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عبَّاس أنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِوَلَدِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إنَّ به لمما وإنَّه يأخذه عند طَعَامِنَا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا طَعَامَنَا، قَالَ: فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ وَدَعَا لَهُ فَثَعَّ ثَعَّةً فَخَرَجَ مِنْهُ مِثْلُ الْجَرْوِ الأسود يسعى، تفرد به أحمد.

وفرقد السَّنجيّ رجل صالح ولكنه سئ الْحِفْظِ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ واحتمل حديثه ولما رواه ههنا شاهد مما تقدَّم وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ القصَّة هِيَ كما سَبَقَ إِيرَادُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أُخْرَى غَيْرَهَا.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا صَدَقَةُ - يَعْنِي ابن موسى - ثنا فرقد - يعني السنجيّ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْخَبِيثَ قَدْ غَلَبَنِي، فَقَالَ لَهَا: إِنْ تَصْبِرِي عَلَى مَا أَنْتَ عليه تجيئين يوم القيامة ليس عليك ذنوب ولا حساب، قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأصبرنَّ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ، قَالَتْ: إِنِّي أَخَافُ الْخَبِيثَ أَنْ يُجَرِّدَنِي، فَدَعَا لَهَا فَكَانَتْ إِذَا خَشِيَتْ أَنْ يَأْتِيَهَا تَأْتِي أَسْتَارَ الْكَعْبَةِ فَتَعَلَّقُ بِهَا وَتَقُولُ لَهُ: اخْسَأْ، فَيَذْهَبُ عَنْهَا.

قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَصَدَقَةُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَفَرْقَدٌ حدَّث عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ واحتمل حديثه على سوء حفظه فيه.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْإِمَامُ أحمد: حدثنا يحيى بن عمران أبي بكر، ثا عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنَّة؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ السَّوداء أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

فَقَالَتْ: إني أصرع وأنكشف فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجنَّة، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ لَكِ أن يعافيك، قالت: لا بل أصبر فادع الله ألا أنكشف ولا يَنْكَشِفُ عَنِّي، قَالَ: فَدَعَا لَهَا (1) * وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى - وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ - وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْقَوَارِيرِيِّ عَنْ يحيى القطان وبشر بن الفضل كِلَاهُمَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ أَبِي بَكْرٍ الفقيه الْبَصْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عبَّاس فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

ثمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حدثنا محمد، ثنا مَخْلَدٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أنَّه رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ (2) .

وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي الْغَابَةِ أنَّ أُمَّ زُفَرَ هذه كانت مشاطة خديجة بنت خويلد

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1 / 347 والبخاري في كتاب المرضى فتح الباري (10 / 114) ومسلم في كتاب البر والصلة حديث (54) ص (1994) .

(2)

محمد هو ابن سلام، صرح باسمه البخاري في الادب المفرد، ومخلد هو ابن يزيد، وأم زفر ذكرها في الاصابة وقال: " ثبت ذكرها في صحيح البخاري في حديث ابن جريج، أخبرني عطاء أنَّه رأى أم زفر.

" وقيل ان اسمها سعيرة الاسدية.

(*)

ص: 177

حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أحمد بن عبيد، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا قُرَّةُ بْنُ حبيب الغنوي (1) ، ثَنَا إِيَاسُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَتِ الحمَّى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْعَثْنِي إِلَى أحبِّ قَوْمِكَ إِلَيْكَ، أَوْ أحبِّ أَصْحَابِكَ إِلَيْكَ، شكَّ قُرَّةٌ، فَقَالَ: اذْهَبِي إِلَى الْأَنْصَارِ، فَذَهَبَتْ إِلَيْهِمْ فَصَرَعَتْهُمْ، فجاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَتَتِ الحمَّى عَلَيْنَا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بالشِّفاء فَدَعَا لَهُمْ، فَكُشِفَتْ عَنْهُمْ، قَالَ: فَاتَّبَعَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي، فإن لَمِنَ الْأَنْصَارِ فَادْعُ اللَّهَ لِي كَمَا دَعَوْتَ لَهُمْ، فَقَالَ: أيُّهما أحبُّ إِلَيْكِ أَنْ أَدْعُوَ لَكِ فَيَكْشِفُ عَنْكِ، أَوْ تَصْبِرِينَ وَتَجِبُ لَكِ الجنَّة؟ فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ أَصْبِرُ ثَلَاثًا وَلَا أَجْعَلُ وَاللَّهِ لِجَنَّتِهِ خَطَرًا (2) * مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ

الْكُدَيْمِيُّ ضَعِيفٌ * وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا هِشَامُ بْنُ لَاحِقٍ - سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ - ثَنَا عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدَيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: اسْتَأْذَنَتِ الحمَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الحمَّى، أَبْرِي اللَّحم، وَأَمُصُّ الدَّم، قَالَ: اذْهَبِي إِلَى أهل قباء، فأتتهم فجاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ اصْفَرَّتْ وُجُوهُهُمْ، فَشَكَوْا إِلَيْهِ الحمَّى فَقَالَ لَهُمْ: مَا شِئْتُمْ؟ إِنْ شِئْتُمْ دَعَوْتُ اللَّهَ فيكشف عَنْكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُمُوهَا فَأَسْقَطَتْ ذُنُوبَكُمْ، قَالُوا: بَلْ نَدَعُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ (3) * وَهَذَا الْحَدِيثُ ليس هو فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتة.

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ دُعَاءَهُ عليه السلام لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُذْهِبَ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ.

فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فإنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَنْ أَوْبَأِ أرض الله فصححها الله مبركة حُلُولِهِ بِهَا، وَدُعَائِهِ لِأَهْلِهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا رَوْحٌ، ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جعفر المديني (4)، سمعت عمارة (5) بن خزيمة بن ثَابِتٍ يحدِّث عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ: أنَّ رَجُلًا ضَرِيرًا أَتَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أخَّرت ذَلِكَ فَهُوَ أَفْضَلُ لِآخِرَتِكَ، وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ لَكَ

(1) الغنوي من الدلائل، وفي الاصل: الضوى.

(2)

رواه البيهقي في الدلائل 6 / 160.

(3)

أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ج 6 / 159 ونقله عنه السيوطي في الخصائص 2 / 87.

(4)

في رواية البيهقيّ: الخطمي قال: والمديني هو الخطمي.

(5)

في البيهقي: عامر وهو تحريف.

(*)

ص: 178

قَالَ: لَا، بَلِ ادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يتوضأ ويصلي رَكْعَتَيْنِ، وَأَنْ يَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعاء: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يا محمد إني أتوجه بك فِي حَاجَتِي

هَذِهِ فَتُقْضَى وَتُشَفِّعُنِي فِيهِ وَتُشَفِّعُهُ فيَّ.

قَالَ: فَكَانَ يَقُولُ هَذَا مِرَارًا.

ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: أَحْسَبُ أنَّ فِيهَا أَنْ تُشَفِّعَنِي فِيهِ، قَالَ: فَفَعَلَ الرَّجل فَبَرَأَ.

وَقَدْ رَوَاهُ أحمد أيضاً عن عثمان بن عمرو بن شُعْبَةَ بِهِ.

وَقَالَ: اللَّهم شفِّعه فيَّ، وَلَمْ يُقِلِ الْأُخْرَى، وَكَأَنَّهَا غَلَطٌ مِنَ الرَّاوي وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ، وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عمرو.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ.

ثمَّ رواه أحمد أيضاً عن مؤمل بن حماد بن سلمة بن أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ حِبَّانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ.

ثُمَّ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ عَمِّهِ عثمان بن حنيف * وَهَذِهِ الرِّواية تُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ، ولعلَّه عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (1) * وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ (2) حَدِيثِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ، عَنْ سعيد الحنطبيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَهُ رَجُلٌ ضَرِيرٌ، فَشَكَا إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي قَائِدٌ، وَقَدْ شقَّ عليَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ ثمَّ صلِّ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قُلْ: اللَّهم إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحمة، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى ربي فينجلي بَصَرِي، اللَّهم فشفِّعه فيَّ وشفِّعني فِي نَفْسِي.

قال عثمان: فو الله مَا تفرَّقنا، وَلَا طَالَ الْحَدِيثُ بِنَا حَتَّى دخل الرَّجل كأنَّه لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ أَيْضًا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ (3) .

حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، حدَّثني رجل من بني

(1) أخرجه الإمام أحمد من طرقه في مسنده ج 4 / 138، وأخرجه الترمذي في سننه في الدعوات حديث 3578 ص (5 / 569) وابن ماجة في الصلاة عن أحمد بن منصور بن سيار.

(2)

ورواه في الدَّلائل: من حديث أبي محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الريالي بمكة، حدثنا محمد بن علي بن يزيد الصائغ، حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي، (وفي الاصل الحنطبي تحريف) والحبطي - أبو عبد الله البصري - ينسب إلى الحبطات وهو بطن من تميم - وتميم هو الحارث بن عمرو، والحارث هو الحبط والنسبة إليه الحبطي بكسر الباء.

كما في اللباب.

(3)

رواه في الدلائل ج 6 / 167، وأشار إلى رواية يعقوب بن سفيان عن الحبطي وقال:" فذكره بطوله " ولم يروه البيهقي في الدلائل.

(*)

ص: 179

سلامان وبني سعد عن أبيه (1) عن خاله أو أن خاله أو خالها حبيب بن مريط (2) حدَّثها أنَّ أَبَاهُ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَيْنَاهُ مبيضَّتان لَا يُبْصِرُ بِهِمَا شَيْئًا أَصْلًا، فَسَأَلَهُ: مَا أَصَابَكَ؟ فقال كنت أرعى جملاً لي فوقعت رجلي على بطن حية فأصبت ببصري، قَالَ: فَنَفَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنَيْهِ فَأَبْصَرَ، فَرَأَيْتُهُ وإنَّه لَيُدْخِلُ الخيط في الإبرة وإنَّه لابن ثمانين سنة، وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَمُبْيَضَّتَانِ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: كَذَا فِي كِتَابِهِ: وَغَيْرُهُ يَقُولُ، حَبِيبُ بْنُ مُدْرِكٍ، قَالَ: وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أنَّه أُصِيبَتْ عَيْنُهُ فَسَالَتْ حَدَقَتُهُ فردَّها رسول الله إِلَى مَوْضِعِهَا، فَكَانَ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أُصِيبَتْ، قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مَقْتَلِ أَبِي رَافِعٍ مَسْحَهُ بيده الكريمة على رجل جابر بْنِ عَتِيكٍ - وَقَدِ انْكَسَرَ سَاقُهُ - فَبَرَأَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ: أنَّه صلى الله عليه وسلم مَسَحَ يَدَ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ - وَقَدِ احْتَرَقَتْ يَدُهُ بالنَّار - فَبَرَأَ مِنْ سَاعَتِهِ، وأنَّه عليه السلام نَفَثَ فِي كَفِّ شُرَحْبِيلَ الْجُعْفِيِّ فَذَهَبَتْ مِنْ كَفِّهِ سِلْعَةٌ كَانَتْ بِهِ (3) .

قُلْتُ: وتقدَّم فِي غَزْوَةِ خَيْبَرٍ تَفْلُهُ فِي عَيْنَيْ عَلِيٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ فَبَرَأَ.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ حَدِيثَهُ في تعليمه عليه السلام ذَلِكَ الدُّعاء لِحِفْظِ الْقُرْآنِ فَحَفِظَهُ * وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةٍ: مَنْ يَبْسُطُ رِدَاءَهُ الْيَوْمَ فإنَّه لَا يَنْسَى شَيْئًا مِنْ مَقَالَتِي، قَالَ: فَبَسَطْتُهُ فَلَمْ أنْسَ شَيْئًا مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ: فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ حِفْظًا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لِكُلِّ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ في ذلك اليوم، وقيل: وَفِي غَيْرِهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَدَعَا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَبَرَأَ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أنَّه دَعَا لعمِّه أَبِي طَالِبٍ فِي مَرْضَةٍ مَرِضَهَا وَطَلَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يدعو له ربَّه

فدعا له فَبَرَأَ مِنْ سَاعَتِهِ.

وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا يَطُولُ اسْتِقْصَاؤُهَا.

وَقَدْ أَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَثِيرًا طَيِّبًا أَشَرْنَا إِلَى أَطْرَافٍ مِنْهُ وَتَرَكْنَا أَحَادِيثَ ضَعِيفَةَ الْإِسْنَادِ وَاكْتَفَيْنَا بِمَا وردنا عَمَّا تَرَكْنَا وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.

حَدِيثٌ آخَرُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زائدة، زاد مسلم والمغيرة كلاهما عن شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ قَدْ أَعْيَا.

فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ.

قَالَ: فَلَحِقَنِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَهُ وَدَعَا لِي، فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ فَمَا زَالَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِبِلِ قدَّامها حَتَّى كُنْتُ أَحْبِسُ خِطَامَهُ فَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى جَمَلَكَ؟ فَقُلْتُ: قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَاهُ مِنْهُ (4) ، وَاخْتَلَفَ الرُّواة فِي مِقْدَارِ ثَمَنِهِ عَلَى رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ، وأنَّه اسْتَثْنَى حُمْلَانَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثمَّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ جَاءَهُ بِالْجَمَلِ فَنَقَدَهُ ثَمَنَهُ وَزَادَهُ ثمَّ أَطْلَقَ لَهُ الْجَمَلَ أَيْضًا، الْحَدِيثَ بطوله.

(1) في رواية البيهقيّ عنه: عن أمه.

(الدلائل: 6 / 173) .

(2)

في البيهقي: فويك.

قال ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمته فويك هكذا بالواو

وذكر الحديث.

(3)

راجع الخبرين في دلائله 6 / 174 و 176 و 179.

(4)

أخرجه البخاري في الشروط، باب (4) .

ومسلم في المساقاة - باب 21.

3 / 1222.

(*)

ص: 180

حَدِيثٌ آخَرُ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَهُوَ في صحيح البخاري من حديث حسن بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ، عَنْ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك.

قال: فزغ النَّاس.

فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ بَطِيئًا ثمَّ خَرَجَ يَرْكُضُ وَحْدَهُ، فَرَكِبَ النَّاس يَرْكُضُونَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ: لَنْ تراعوا إنَّه لبحر، قال فو الله مَا سُبِقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (1) .

حَدِيثٌ آخَرُ

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أنَّا أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، أنَّا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيِّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ زِيَادٍ، حدَّثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جُعَيْلٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ وَأَنَا عَلَى فَرَسٍ لِي عَجْفَاءُ (2) ضَعِيفَةٌ، قَالَ: فَكُنْتُ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاس، فَلَحِقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ: سِرْ يَا صَاحِبَ الْفَرَسِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَجْفَاءُ ضَعِيفَةٌ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِخْفَقَةً مَعَهُ فَضَرَبَهَا بِهَا وَقَالَ: اللَّهم بارك له، قال: فلقد رأيتني أُمْسِكُ بِرَأْسِهَا أَنْ تقدَّم النَّاس، وَلَقَدْ بِعْتُ مِنْ بَطْنِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا (3) * وَرَوَاهُ النَّسائيّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ فَذَكَرَهُ، وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يعيش عن زيد بن الخبَّاب، عَنْ رَافِعِ بْنِ سَلَمَةَ الْأَشْجَعِيِّ فَذَكَرَهُ * وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ: وَقَالَ رَافِعُ بْنُ زِيَادِ بْنِ الْجَعْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ: حدَّثني أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ أَخِي سَالِمٍ عَنْ جُعَيْلٍ فَذَكَرَهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أنَّا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنَّا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ القطَّان، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ، حدَّثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ (4) ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ: هَلَّا نَظَرْتُ إِلَيْهَا فإنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا؟ قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا، قَالَ: عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا؟ فَذَكَرَ شَيْئًا، قَالَ: كَأَنَّهُمْ يَنْحِتُونَ الذَّهب وَالْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذِهِ الْجِبَالِ: ما عندنا اليوم شئ نُعْطِيكَهُ، وَلَكِنْ سَأَبْعَثُكَ فِي وَجْهٍ تُصِيبُ فِيهِ، فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ وَبَعَثَ الرَّجل فِيهِمْ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْيَتْنِي نَاقَتِي أَنْ تَنْبَعِثَ، قَالَ: فَنَاوَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ كالمعتمد

(1) رواه البيهقي في الدلائل 6 / 152 وأخرجه البخاري في الجهاد فتح الباري 6 / 122.

(2)

في الدلائل: جعفاء في الموضعين وهو تحريف والثواب ما أثبتناه عجفاء وهي الهزيلة.

(3)

أخرجه البيهقي في الدلائل 6 / 153.

والبخاري في التَّاريخ الكبير 1 / 2 / 248 والنسائي في السنن الكبرى، انظر تحفة الاشراف للمزي 2 / 437.

(4)

في الدلائل: بن علي، والصواب ما أثبتناه وهو زكريا بن عدي بن الصلت التيمي أبو يحيى، نزيل بغداد.

(*)

ص: 181

عَلَيْهِ لِلْقِيَامِ، فَأَتَاهَا فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُهَا تَسْبِقُ بِهِ الْقَائِدَ (1) .

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعْينٍ عَنْ مَرْوَانَ.

حَدِيثٌ آخَرُ قال البيهقي: أنَّا أبو بكر بن أبي إسحق المزنيّ (2) ، أنَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا أبو جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ (3)، أنَّا الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ أنَّ رَجُلًا اشْتَرَى بَعِيرًا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ بَعِيرًا فادعُ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لِي فِيهِ، فَقَالَ: اللَّهم بَارِكْ لَهُ فِيهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا أَنْ نَفَقَ، ثمَّ اشْتَرَى بَعِيرًا آخر فَأَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ بَعِيرًا فادعُ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لِي فِيهِ، فَقَالَ: اللَّهم بَارِكْ لَهُ فِيهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ حَتَّى نَفَقَ، ثمَّ اشْتَرَى بَعِيرًا آخَرَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدِ اشْتَرَيْتُ بَعِيرَيْنِ فَدَعَوْتَ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لِي فِيهِمَا فادعُ اللَّهَ أَنْ يَحْمِلَنِي عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهم احْمِلْهُ عَلَيْهِ، فَمَكَثَ عِنْدَهُ عِشْرِينَ سَنَةً.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَهَذَا مُرْسَلٌ وَدُعَاؤُهُ عليه السلام صَارَ إِلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ فِي الْمَرَّتَيْنِ الأوَّليين.

حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أنَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الله الميكاليّ، ثنا علي بن سعد العسكريّ، أنَّا أَبُو أُمَيَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خلاد الواسطي، ثنا يزيد بن هرون، أنَّا المستلم بن سعيد، ثنا خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقُلْنَا: إنَّا نَشْتَهِي أَنْ نَشْهَدَ مَعَكَ مَشْهَدًا، قَالَ: أَسْلَمْتُمْ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ فإنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: فَأَسْلَمْنَا، وَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَصَابَتْنِي ضَرْبَةٌ عَلَى عَاتِقِي فَجَافَتْنِي، فَتَعَلَّقَتْ يَدِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَفَلَ فِيهَا وَأَلْزَقَهَا، فَالْتَأَمَتْ وَبَرَأَتْ وَقَتَلْتُ الَّذِي ضَرَبَنِي، ثمَّ تَزَوَّجْتُ ابْنَةَ الَّذِي قَتَلْتُهُ وَضَرَبَنِي، فَكَانَتْ تَقُولُ: لَا عَدِمْتَ رَجُلًا وشَّحك هَذَا الْوِشَاحَ، فَأَقُولُ: لَا عَدِمْتِ

رَجُلًا أَعْجَلَ أَبَاكِ إِلَى النَّار (4) * وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ بِإِسْنَادِهِ مثله ولم يذكر فتفل فيها فبرأت.

(1) رواه البيهقي في الدلائل 6 / 154 ومسلم في النكاح حديث (75) ص (2 / 1040) .

(2)

في الدلائل 6 / 154: المزكي.

(3)

في الدلائل: جعفر بن عوف، والصواب جعفر بن عون وهو ابن جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي من التاسعة (تقريب التهذيب 1 / 131 / 91) .

(4)

رواه البيهقي في الدلائل 6 / 178 وأخرجه الإمام أحمد في المسند 3 / 454 ونقله في الاصابة 1 / 418 عن أحمد بن منيع.

قال الواقدي في خبيب: تأخر اسلامه إلى أن خرج النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله إلى بدر فلحقه في الطريق فأسلم وشهدها وما بعدها، ومات في خلافة عمر بن الخطَّاب.

(*)

ص: 182

حديث آخر ثبت في الصحيحين (1) مِنْ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ: هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ وَرْقَاءَ بن عمر السكريّ، عن عبد اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَلَاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا فلمَّا خَرَجَ قال: من صنع هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: اللَّهم فقِّهه فِي الدِّين * وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ عبَّاس الدورقيّ (2) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْأَشْيَبِ (3) عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي - أَوْ قَالَ: مَنْكِبِي، شكَّ سَعِيدٌ - ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ فقِّهه فِي الدِّين وعلِّمه التَّأْوِيلَ (4) ، وَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الدَّعوة فِي ابْنِ عَمِّهِ، فَكَانَ إِمَامًا يُهْتَدَى بِهُدَاهُ وَيُقْتَدَى بِسَنَاهُ فِي عُلُومِ الشَّريعة، وَلَا سِيَّمَا فِي علم التَّأْوِيلِ وَهُوَ التَّفسير، فإنَّه انْتَهَتْ إِلَيْهِ عُلُومُ الصَّحابة قَبْلَهُ، وَمَا كَانَ عَقَلَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ قَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: لَوْ أنَّ ابْنَ عبَّاس أَدْرَكَ أَسْنَانَنَا ما عاشره أحد

منَّا، وكان يقول لهم: نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عبَّاس (5) .

هَذَا وَقَدْ تأخَّرت وَفَاةُ ابْنِ عبَّاس عَنْ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِبِضْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فَمَا ظنَّك بِمَا حصَّله بَعْدَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ؟ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أنَّه قَالَ: خَطَبَ النَّاس ابْنُ عَبَّاسٍ فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ ففسَّر لَهُمْ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، أَوْ قَالَ سُورَةً، ففسرها تفسيراً لو سمعه الرُّوم والتُّرك والدَّيلم لَأَسْلَمُوا، رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ ثَبَتُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ عليه السلام دَعَا لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ (6) ، فَكَانَ كَذَلِكَ حَتَّى رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيالسيّ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ: سَمِعَ أَنَسٌ مِنَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ فِي السَّنة الْفَاكِهَةَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ فيه ريحان يجئ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ (7) .

وَقَدْ رُوِّينَا فِي الصَّحيح أنَّه ولد

(1) البخاري في الوضوء باب 10 فتح الباري 1 / 244، ومسلم عن زهير بْنُ حَرْبٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي النضر.

(2)

في الدلائل: الدوري.

(3)

من الدلائل، وفي الاصل الاسيب.

(4)

أخرجه البيهقي في الدلائل 6 / 192، والحاكم في المستدرك 3 / 534 وقال:" وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ".

وقال الذهبي: صحيح.

(5)

الحديث رواه الحاكم في المستدرك 3 / 537.

(6)

رواه البخاري في الدعوات ح 6334 و 6344 ومسلم في فضائل الصحابة ح 143 ص 4 / 1929.

(7)

صحيح الترمذي - كتاب المناقب ح 3833 ص 5 / 683 وقال هذا حديث حسن.

(*)

ص: 183

لَهُ لِصُلْبِهِ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةٍ أَوْ مَا يُنَيِّفُ عَلَيْهَا، وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: اللَّهُمَّ أَطِلْ عُمْرَهُ، فعمَّر مِائَةً، وَقَدْ دَعَا صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَلِأَبِي طَلْحَةَ فِي غَابِرِ لَيْلَتِهِمَا، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا سمَّاه رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ، فَجَاءَ مِنْ صُلْبِهِ تِسْعَةٌ كُلُّهُمْ قَدْ حَفِظَ الْقُرْآنَ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحيح * وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي كثير الغبريّ (1) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّه سَأَلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ

صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْعُوَ لِأُمِّهِ فَيَهْدِيهَا اللَّهُ فَدَعَا لَهَا، فَذَهَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَوَجَدَ أُمَّهُ تَغْتَسِلُ خَلْفَ الْبَابِ فلمَّا فَرَغَتْ قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، ثمَّ ذَهَبَ فأعلم بذلك رسول الله، وَسَأَلَ مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمَا أَنْ يُحَبِّبَهُمَا اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَدَعَا لَهُمَا، فَحَصَلَ ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَلَيْسَ مُؤْمِنٌ وَلَا مُؤْمِنَةٌ إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّنَا، وَقَدْ صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ، وَمِنْ تَمَامِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ أنَّ اللَّهَ شَهَرَ ذِكْرَهُ فِي أَيَّامِ الْجُمَعِ حَيْثُ يَذْكُرُهُ النَّاس بَيْنَ يَدَيْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا مِنَ التَّقْيِيضِ الْقَدَرِيِّ وَالتَّقْدِيرِ الْمَعْنَوِيِّ.

وَثَبَتَ فِي الصَّحيح أنَّه عليه السلام، دَعَا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ وَهُوَ مَرِيضٌ فَعُوفِيَ، وَدَعَا لَهُ أَنْ يَكُونَ مُجَابَ الدَّعوة، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَجِبْ دَعْوَتَهُ، وَسَدِّدْ رَمْيَتَهُ، فَكَانَ كَذَلِكَ، فَنِعْمَ أَمِيرُ السَّرايا وَالْجُيُوشِ كَانَ.

وَقَدْ دَعَا عَلَى أَبِي سَعْدَةَ أُسَامَةَ بْنِ قَتَادَةَ حِينَ شَهِدَ فِيهِ بالزُّور بِطُولِ الْعُمْرِ وَكَثْرَةِ الْفَقْرِ والتَّعرض لِلْفِتَنِ، فَكَانَ ذَلِكَ، فَكَانَ إِذَا سُئِلَ ذَلِكَ الرَّجل يَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ (2) وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أنَّه صلى الله عليه وسلم دَعَا للسَّائب بْنِ يَزِيدَ وَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهِ فَطَالَ عُمُرُهُ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً وَهُوَ تَامُّ الْقَامَةِ مُعْتَدِلٌ، وَلَمْ يَشِبْ مِنْهُ مَوْضِعُ أَصَابَتْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ومتِّع بِحَوَاسِّهِ وَقُوَاهُ (3) * وقال أحمد (4) : ثنا جرير بن عمير، ثنا عروة بن ثابت ثنا علي بن أحمد، حدَّثني أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ادْنُ مِنِّي، فَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِي ثمَّ قَالَ: اللَّهم جمِّله وَأَدِمْ جَمَالَهُ قَالَ: فَبَلَغَ بِضْعًا وَمِائَةً - يَعْنِي سَنَةً - وَمَا فِي لِحْيَتِهِ بَيَاضٌ إلا نبذة يَسِيرَةٌ، وَلَقَدْ كَانَ مُنْبَسِطَ الْوَجْهِ لَمْ يَنْقَبِضْ وجهه حتى مات.

قال السهيليّ إسناد صحيح

(1) من مسلم، وهو أبو كثير السحيمي اليمامي الاعمى، قيل هو يزيد بن عبد الرحمن وقيل يزيد بن عبد الله بن أذينة أو ابن غفيلة، وفي نسخ البداية المطبوعة أبو كثير العنبري تحريف.

والحديث رواه مسلم في فضائل الصحابة ح (158) ص (1938) .

(2)

رواية البخاري في الاذان فتح الباري 2 / 236 عن موسى عن أبي عوانة.

ومسلم في الصلاة عن إسحاق بن إبراهيم 1 / 335.

(3)

انظر البخاري في المناقب فتح الباري 6 / 560 و 561 ومسلم في الفضائل ح 111 ص 1823.

والهيثمي في

الزوائد وقال: " أخرجه الطبراني في الكبير، ورجال الكبير رجال الصحيح غير عطاء مولى السائب، وهو ثقة ".

(4)

في مسند أحمد 5 / 77: ثنا حرمي بن عمارة، قال حدثني: عزرة الانصاري ثنا علباء بن أحمد (اليشكري) ثنا أبو زيد

(وهو عمرو بن أخطب الانصاري الخزرجي المدني الاعرج من مشاهير الصحابة الذين نزلوا البصرة، غزا مع النبي ثلاث عشرة غزوة) .

(*)

ص: 184

مَوْصُولٌ.

وَلَقَدْ أَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ لِهَذَا نَظَائِرَ كَثِيرَةً فِي هَذَا الْمَعْنَى، تَشْفِي الْقُلُوبَ، وتحصِّل الْمَطْلُوبَ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حدَّثنا عَارِمٌ، ثَنَا مُعْتَمِرُ، وقال يحيى بن معين: ثنا عَبْدِ الْأَعْلَى، ثَنَا مُعْتَمِرٌ - هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ -.

قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ فِي موضعه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، قَالَ: فمرَّ رَجُلٌ فِي مؤخر الدَّار، قال: فرأيته في وجهه قتادة، وقال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد مسح وجهه، قال: وكنت قبل مَا رَأَيْتُهُ إِلَّا وَرَأَيْتُ كَأَنَّ عَلَى وَجْهِهِ الدِّهان (1) .

وثبت في الصحيحين (2) أنه عليه السلام دَعَا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِالْبَرَكَةِ حِينَ رأى عليه ذلك الدِّرع مِنَ الزَّعفران لِأَجْلِ الْعُرْسِ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَفَتَحَ لَهُ فِي الْمَتْجَرِ وَالْمَغَانِمِ حَتَّى حَصَلَ لَهُ مَالٌ جَزِيلٌ بِحَيْثُ أنَّه لَمَّا مَاتَ صُولِحَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ عَنْ رُبُعِ الثُّمُنِ عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفًا.

وَثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ شَبِيبِ بن غرقد أنَّه سَمِعَ الْحَيَّ يُخْبِرُونَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أبي الجعد المازنيّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ وَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَأَتَاهُ بِشَاةٍ ودينار، فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يمينك، وفي رواية: فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي الْبَيْعِ، فَكَانَ لَوِ اشترى التُّراب لربح فيه (3) .

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أنَّا ابْنُ وَهْبٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي عُقَيْلٍ أنَّه كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ إِلَى السُّوق فَيَشْتَرِي الطَّعام فَيَلْقَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عُمَرَ فَيَقُولَانِ: أَشْرِكْنَا فِي بَيْعِكَ فإنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ فَيُشْرِكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحلة كَمَا هِيَ فبعث بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ (4) .

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنَا ابْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عَلِيُّ بن محمد بن سليمان الحليميّ (5) ، ثَنَا

مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُسْتَمْلِي، ثَنَا شَبَابَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ عَنْ أبي كبر عَنْ بِلَالٍ قَالَ: أذَّنت فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَخَرَجَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يرَ في المسجد واحداً، فقال: أين النَّاس؟ فَقُلْتُ: مَنَعَهُمُ الْبَرْدُ، فَقَالَ: اللَّهم أَذْهِبِ عَنْهُمُ الْبَرْدَ، فَرَأَيْتُهُمْ يَتَرَوَّحُونَ * ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ، وَنَظِيرُهُ قَدْ مَضَى فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي قِصَّةِ الخندق (6) .

(1) رواه البيهقي في الدلائل 6 / 217 وانظر الاصابة 3 / 225.

(2)

في البخاري في النكاح باب 56 عن حماد بن زيد ومسلم في النكاح (12) باب الصداق.

(3)

رواه البيهقي في الدلائل 6 / 220 ونقله السيوطي في الخصائص 2 / 169 وعزاه للبيهقي ولابي نعيم وقد رواه في دلائله ص 395.

(4)

أخرجه البخاري في الدعوات حديث 6353 فتح الباري 11 / 151 والبيهقي في الدَّلائل 6 / 223 من طريق محمد بن إسماعيل.

(5)

في الدلائل: الحلبي.

(6)

رواه البيهقي في الدلائل: 6 / 224.

(*)

ص: 185

حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنَّا عبد العزيز بن عبد الله (1) عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ - إِمْلَاءً - أنَّا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ، ثَنَا علي بن أبي علي اللهبي، عن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خرج وعمر بن الخطَّاب معه، فعرضت له امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ مُحْرِمَةٌ وَمَعِي زَوْجٌ لِي فِي بَيْتِي مِثْلُ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ادْعِي لِي زَوْجَكِ، فَدَعَتْهُ وَكَانَ خرَّازاً، فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي امْرَأَتِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ فَقَالَ الرَّجل: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ مَا جفَّ رَأْسِي مِنْهَا، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: جاء مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي الشَّهر، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

أَتُبْغِضِينَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ادنيا رؤوسكما، فَوَضَعَ جَبْهَتَهَا عَلَى جَبْهَةِ زَوْجِهَا ثمَّ قَالَ: اللَّهم أَلِّفْ بَيْنَهُمَا وَحَبَّبَ أَحَدَهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ * ثمَّ مرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسُوقِ النَّمط وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الخطَّاب فَطَلَعَتِ الْمَرْأَةُ تَحْمِلُ أَدَمًا عَلَى رَأْسِهَا، فلمَّا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طرحته وأقبلت فقبَّلت رجليه، فقال: كَيْفَ أَنْتِ وَزَوْجُكِ؟ فَقَالَتْ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ مَا طارف ولا تالد أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ * قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: تفرَّد بِهِ عَلِيُّ بن أبي اللَّهَبِيُّ وَهُوَ كَثِيرُ الرِّواية لِلْمَنَاكِيرِ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَى يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - يعني هَذِهِ القصَّة - إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ بْنَ الخطَّاب.

حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: ثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ: أنَّ رَجُلًا وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ فَأَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَأَخَذَ بِجَبْهَتِهِ فَنَبَتَتْ شَعْرَةٌ فِي جَبْهَتِهِ كَأَنَّهَا هُلْبَةُ فَرَسٍ، فشبَّ الْغُلَامُ، فلمَّا كَانَ زَمَنُ الْخَوَارِجِ أَجَابَهُمْ فَسَقَطَتِ الشَّعرة عَنْ جَبْهَتِهِ، فَأَخْذَهُ أَبُوهُ فحبسه وقيده مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ، قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَوَعَظْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ: أَلَمْ تَرَ إِلَى بَرَكَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَعَتْ؟ فَلَمْ نَزَلْ بِهِ حَتَّى رَجَعَ عَنْ رَأْيِهِمْ، قَالَ: فردَّ اللَّهُ تِلْكَ الشَّعْرَةَ إِلَى جَبْهَتِهِ إذ تاب.

وقد وراه الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ الْكَلْبِيِّ، عَنْ سريج بن مسلم (2) ، عَنْ أَبِي يَحْيَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، حدَّثني سَيْفُ بْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ: فِرَاسُ بْنُ عَمْرٍو أَصَابَهُ صُدَاعٌ شَدِيدٌ فَذَهَبَ بِهِ أَبُوهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَخَذَ بِجِلْدَةٍ بين عينيه

(1) فِي الدَّلَائِلِ 6 / 228: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأصبهاني

(2) في الدلائل 6 / 230: شريح بن مسلمة.

(*)

ص: 186

فجذبها حتى تبعصت (1) فَنَبَتَتْ فِي مَوْضِعِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَعْرَةٌ، وَذَهَبٌ عَنْهُ الصُّداع فَلَمْ

يُصَدَّعْ.

وَذَكَرَ بَقِيَّةَ القصَّة فِي الشَّعْرَةِ كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.

حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البزَّار: حدَّثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الحرَّانيّ، ثَنَا يَعْلَى بْنُ الْأَشْدَقِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الله بن حراد الْعُقَيْلِيَّ، حدَّثني النَّابغة - يَعْنِي الْجَعْدِيَّ - قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْشَدْتُهُ مِنْ قَوْلِي: بَلَغْنَا السَّمَاءَ عِفَّةً وَتَكَرَّمًا * وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا قَالَ أَيْنَ الْمَظْهَرُ يا أبا ليلى؟ قال: قلت: أي الجنَّة، قال: أجل إن شاء الله، قَالَ: أَنْشَدَنِي، فَأَنْشَدْتُهُ مِنْ قَوْلِي: وَلَا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ * بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا وَلَا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ * حَلِيمٌ إِذَا مَا أَوْرَدَ الْأَمْرَ أَصْدَرَا قَالَ: أَحْسَنْتَ لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ * هَكَذَا رَوَاهُ البزَّار إِسْنَادًا وَمَتْنًا، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فَقَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانَ، أَنَا أَبُو بكر بن مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلُ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ السُّكريّ الرِّقيّ، حدَّثني يَعْلَى بْنُ الْأَشْدَقِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّابغة - نَابِغَةَ بَنِي جَعْدَةَ - يَقُولُ: أَنْشَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الشِّعر، فأعجبه: بَلَغنَا السَّما مجدَنا وتُراثنَا (2) * وإنَّا لنَرجُو فوق ذلك مظهرا فقال [لي: إلى] : أَيْنَ الْمَظْهَرُ يَا أَبَا لَيْلَى؟ قُلْتُ: [إِلَى](3) الجنَّة.

قَالَ: كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَلَا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ * بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا وَلَا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ * حَلِيمٌ إِذَا مَا أورَدَ الأمرَ أصدرَا فَقَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: أَجَدْتَ لَا يُفْضَضُ الله فاك، قال يعلى: فلقد رأيته أَتَى عَلَيْهِ نَيِّفٌ وَمِائَةُ سَنَةٍ وَمَا ذَهَبَ له سن * قال البيهقي: وروى عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن حراد

سَمِعْتُ نَابِغَةَ يَقُولُ: سَمِعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُنْشِدُ مِنْ قَوْلِي: بَلَغْنَا السَّمَاءَ عِفَّةً وَتَكَرَّمًا * وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذلك مظهرا

(1) في الدلائل: تنقضت.

(2)

في رواية البيهقيّ: مجدنا وثراءنا.

(3)

ما بين معكوفين من الدلائل.

(*)

ص: 187