الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خذِي الدَّفَ يَا هذِهِ والعَبي * وَبُثِّي محاسِنَ هَذا النَّبيّ تولَّى نبيُّ بَنِي هَاشِمٍ * وَقَامَ نبيَّ بَنِي يَعْرُبِ فَلَمْ يُمْهِلْهُ اللَّهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلَا قليلاً حتى سلط عَلَيْهِ سَيْفًا مِنْ سُيُوفِهِ، وَحَتْفًا مِنْ حُتُوفِهِ فَبَعَجَ بَطْنَهُ، وَفَلَقَ رَأْسَهُ وعجَّل اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَى النَّار فَبِئْسَ الْقَرَارُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى * (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ
عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) * [الأنعام: 93] فَمُسَيْلِمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَأَمْثَالُهُمَا لَعَنَهُمُ اللَّهُ أحقَّ النَّاسِ دُخُولًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَأَوْلَاهُمْ بِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ الْعَظِيمَةِ *
سَنَةُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبوِّية
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنة وَجُيُوشُ الصِّديق وَأُمَرَاؤُهُ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ جوَّالون فِي الْبِلَادِ يَمِينًا وَشِمَالًا، لِتَمْهِيدِ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ وَقِتَالِ الطُّغاة مِنَ الْأَنَامِ، حَتَّى رُدَّ شَارِدُ الدِّين بَعْدَ ذَهَابِهِ، وَرَجَعَ الحقُّ إِلَى نِصَابِهِ، وتمهَّدت جَزِيرَةُ الْعَرَبِ، وَصَارَ الْبَعِيدُ الْأَقْصَى كَالْقَرِيبِ الْأَدْنَى، وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ السِّيَرِ والتَّواريخ: إنَّ وَقْعَةَ الْيَمَامَةِ كَانَتْ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ فِي أَوَاخِرِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا كَانَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَانْتِهَاءَهَا وَقَعَ في هذه السَّنة الآتية، وعلى هذا القول يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرُوا فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ لِاحْتِمَالِ أنَّهم قُتِلُوا فِي الْمَاضِيَةِ، وَمُبَادَرَةً إِلَى اسْتِيفَاءِ تَرَاجِمِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُذْكَرُوا مَعَ مَنْ قُتِلَ بالشَّام وَالْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ * وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ وَقْعَةَ جواثا وَعُمَانَ وَمَهْرَةَ وَمَا كَانَ مِنَ الْوَقَائِعِ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا إنَّما كَانَتْ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْ عشرة وفيها كان قتل الملوك الأربعة (1) حمد ومحروس (2) وأبضعة ومشرحاً، وَأُخْتُهُمْ العمرَّدة الَّذِينَ وَرَدَ الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِلَعْنِهِمْ.
وَكَانَ الَّذِي قَتَلَهُمْ زِيَادُ بْنُ الأنصاريّ.
بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى الْعِرَاقِ
لمَّا فَرَغَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْيَمَامَةِ، بَعَثَ إِلَيْهِ الصِّديق أَنْ يَسِيرَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَأَنْ يبدأ بفرج الهند، وفي الْأُبُلَّةُ، وَيَأْتِي الْعِرَاقَ مِنْ أَعَالِيهَا، وَأَنْ يتألَّف النَّاس وَيَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل، فَإِنْ أَجَابُوا وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ فَإِنِ امْتَنَعُوا عن ذلك قاتلهم، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُكْرِهَ أَحَدًا عَلَى الْمَسِيرِ مَعَهُ، وَلَا يَسْتَعِينَ بِمَنِ ارتدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ وإن كان عَادَ إِلَيْهِ.
وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ كُلَّ امْرِئٍ مرَّ به
(1) وهم ملوك بني عمرو بن معاوية الحضرميين وهم أخوة من ملوك كندة.
(2)
في الطبري والكامل: مخوص، وفي معجم البلدان: مخوس.
(*)
مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَشَرَعَ أَبُو بَكْرٍ فِي تَجْهِيزِ السَّرايا وَالْبُعُوثِ وَالْجُيُوشِ إِمْدَادًا لِخَالِدٍ رضي الله عنه.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ اخْتُلِفَ فِي خَالِدٍ، فَقَائِلٌ يَقُولُ: مَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ مِنَ الْيَمَامَةِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: رَجَعَ مِنَ الْيَمَامَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ ثمَّ سَارَ إِلَى الْعِرَاقِ مِنَ الْمَدِينَةِ فمرَّ عَلَى طَرِيقِ الْكُوفَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْحِيرَةِ.
قُلْتُ: وَالْمَشْهُورُ الأوَّل.
وَقَدْ ذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ بِإِسْنَادِهِ أنَّ خَالِدًا توجَّه إِلَى الْعِرَاقِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فَجَعَلَ طَرِيقَهُ الْبَصْرَةَ وَفِيهَا قُطْبَةُ بْنُ قَتَادَةَ، وَعَلَى الْكُوفَةِ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ.
إنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ (1) إِلَى خَالِدٍ أَنْ يَسِيرَ إِلَى الْعِرَاقِ فَمَضَى خَالِدٌ يُرِيدُ الْعِرَاقَ حَتَّى نَزَلَ بِقُرَيَّاتٍ مِنَ السَّواد يُقَالُ لَهَا بَانِقْيَا وَبَارُوسْمَا، وصاحبها حابان، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا.
قُلْتُ: وَقَدْ قَتَلَ مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ الصُّلح خَلْقًا كَثِيرًا.
وَكَانَ الصُّلح عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ (2) ، وَقِيلَ دِينَارٍ * فِي رَجَبٍ وَكَانَ الَّذِي صَالَحَهُ بُصْبُهْرَى بْنُ صَلُوبَا، وَيُقَالُ صَلُوبَا بْنُ بُصْبُهْرَى، فَقَبِلَ مِنْهُمْ خَالِدٌ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا، ثمَّ أَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ الْحِيرَةَ فَخَرَجَ إليه أشرافها مع بيصة بْنِ إِيَاسِ بْنِ حيَّة الطَّائيّ (3) وَكَانَ أمَّره عَلَيْهَا كِسْرَى بَعْدَ النُّعمان بْنِ الْمُنْذِرِ فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ: أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَبْتُمْ إِلَيْهِ فَأَنْتُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَكُمْ مَا لَهُمْ وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فالجزية فإن أبيتم فَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِأَقْوَامٍ هُمْ أَحْرَصُ عَلَى الْمَوْتِ مِنْكُمْ عَلَى الْحَيَاةِ، جَاهَدْنَاكُمْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ.
فَقَالَ لَهُ قَبِيصَةُ: مَا لَنَا بِحَرْبِكَ مِنْ حَاجَةٍ بَلْ نُقِيمُ عَلَى دِينِنَا وَنُعْطِيكُمُ الْجِزْيَةَ.
فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ: تَبًّا لَكُمْ إنَّ الْكُفْرَ فَلَاةٌ مُضِلَّةٌ، فَأَحْمَقُ الْعَرَبِ مَنْ سلكها، فلقيه رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا عَرَبِيٌّ وَالْآخَرُ أَعْجَمِيٌّ فَتَرَكَهُ (4) واستدلَّ بالعجمي، ثمَّ صالحهم
(1) في سنن البيهقي 9 / 179 نص كتاب أبي بكر إلى خالد وهو باليمامة وفيه: من عبد الله أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله إلى خالد بن الوليد والذين معه من المهاجرين والأنصار والتابعين باحسان.
" سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أمَّا بعد! فالحمد الله الذي أنجز وعده ونصر عبده، وأعز وليه، وأذل عدوه، وغلب الاحزاب فردا، فإن اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
قَالَ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ، وعدا منه لا خلف
له، ومقالا لَا رَيْبَ فِيهِ، وفرض الجهاد على المؤمنين.
فقال: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وهو كره لكم
…
فاستتموا بوعد الله إياكم وأطيعوه فيما فرض عليكم وإن عظمت فيه المؤونة واستبدت الرزية، وبعدت المشقة، وفجعتم في ذلك بالاموال والانفس فإن ذلك يسير في عظيم ثواب الله، فاغزوا - رحمكم الله - في سبيل الله خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا باموالكم وأنفسكم.
ألا وقد أمرت خالد بن الوليد بالمسير إلى العراق، فلا يبرحها حتى يأتيه أمري، فسيروا معه ولا تثاقلوا عنه، فإنه سبيل يعظم الله فيه الاجر إن حسنت فيه نيته، وعظمت في الخير رغبته.
فإذا وقعتم العراق فكونوا بها حتى يأتيكم أمري، كفانا الله وإياكم مهمات الدنيا والآخرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
(2)
في الكامل: على عشرة آلاف دينار سوى حرزة كسرى.
(3)
في الكامل لابن الاثير: إياس بن قبيصة.
(4)
كذا بالاصل وفي الطبري.
(*)
عَلَى تِسْعِينَ أَلْفًا (1) ، وَفِي رِوَايَةٍ مِائَتَيْ أَلْفِ درهم، فكانت أول حزية أُخِذَتْ مِنَ الْعِرَاقِ وَحُمِلَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ هِيَ وَالْقُرَيَّاتُ قَبْلَهَا الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا ابْنُ صَلُوبَا.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ مَعَ نَائِبِ كِسْرَى عَلَى الحيرة ممَّن وفد إلى خالد عمرو بن عبد المسيح بْنِ حَيَّانَ بْنِ بُقَيْلَةَ (2) ، وَكَانَ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: مِنْ أَيْنَ أَثَرُكَ؟ قَالَ: مِنْ ظَهْرِ أَبِي، قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ خَرَجْتَ؟ قَالَ: مِنْ بَطْنِ أُمِّي، قَالَ: وَيَحَكَ على أي شئ أنت؟ قال: علي الأرض، قال: ويحك وفي أي شئ أَنْتَ؟ قَالَ: فِي ثِيَابِي، قَالَ: وَيَحَكَ تَعْقِلُ؟ قَالَ، نَعَمْ وَأُقَيِّدُ، قَالَ: إنَّما أَسْأَلُكَ، قَالَ: وَأَنَا أُجِيبُكَ، قَالَ: أَسِلْمٌ أَنْتَ أَمْ حَرْبٌ، قَالَ: بَلْ سِلْمٌ، قَالَ: فَمَا هَذِهِ الْحُصُونُ الَّتِي أَرَى؟ قَالَ: بَنَيْنَاهَا للسَّفيه نَحْبِسُهُ حَتَّى يجئ الْحَلِيمُ فَيَنْهَاهُ، ثمَّ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْجِزْيَةِ أَوِ الْقِتَالِ، فَأَجَابُوا إِلَى الْجِزْيَةِ بِتِسْعِينَ أَوْ مِائَتَيْ أَلْفٍ كَمَا تقدَّم * ثمَّ بَعَثَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ كِتَابًا إِلَى أُمَرَاءِ كِسْرَى بِالْمَدَائِنِ وَمَرَازِبَتِهِ وَوُزَرَائِهِ، كَمَا قَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ عَنْ مَجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَقْرَأَنِي بَنُو بُقَيْلَةَ كِتَابَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ الْمَدَائِنِ: مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى مَرَازِبَةِ أَهْلِ فَارِسَ، سَلَامٌ
عَلَى مَنِ اتَّبع الْهُدَى، أمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لله الذي فضَّ خدمكم وسلب ملككم ووهن كيدكم، وإنَّ مَنْ صلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فذلكم المسلم الذي له مالنا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا، أمَّا بَعْدُ فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي فَابْعَثُوا إليَّ بالرَّهن وَاعْتَقِدُوا منِّي الذِّمة، وَإِلَّا فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لأبعثنَّ إِلَيْكُمْ قَوْمًا يحبُّون الْمَوْتَ كَمَا تحبُّون أَنْتُمُ الْحَيَاةَ.
فلمَّا قرأوا الكتباب أَخَذُوا يتعجَّبون.
وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ طليحة الأعلم عن المغيرة بن عيينة (3) - وَكَانَ قَاضِي أَهْلِ الْكُوفَةِ - قَالَ: فرَّق خَالِدٌ مَخْرَجَهُ مِنَ الْيَمَامَةِ إِلَى الْعِرَاقِ جُنْدَهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ، وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ عَلَى طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ، فسرَّح الْمُثَنَّى قَبْلَهُ بِيَوْمَيْنِ وَدَلِيلُهُ ظَفَرٌ، وسرَّح عَدِيَّ بن حاتم وعصام بْنَ عَمْرٍو، وَدَلِيلَاهُمَا مَالِكُ بْنُ عبَّاد وَسَالِمُ بْنُ نَصْرٍ، أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ بِيَوْمٍ، وَخَرَجَ خَالِدٌ - يَعْنِي فِي آخِرِهِمْ - وَدَلِيلُهُ رَافِعٌ فَوَاعَدَهُمْ جَمِيعًا الْحَفِيرَ لِيَجْتَمِعُوا بِهِ، وَيُصَادِمُوا عدوَّهم، وَكَانَ فرج الهند أعظم فروج فارس بأساً (4) وأشدَّها شَوْكَةً، وَكَانَ صَاحِبُهُ يُحَارِبُ الْعَرَبَ فِي البرِّ وَالْهِنْدَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ هُرْمُزُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدٌ فَبَعَثَ هُرْمُزُ بِكِتَابِ خَالِدٍ إِلَى شِيرَى بْنِ كِسْرَى، وَأَرْدَشِيرَ بْنِ شِيرَى، وَجَمَعَ هُرْمُزُ، وَهُوَ نَائِبُ كِسْرَى جُمُوعًا كَثِيرَةً وَسَارَ بِهِمْ إِلَى كَاظِمَةَ، وَعَلَى مُجَنِّبَتَيْهِ قُبَاذُ وَأَنُوشَجَانُ - وهما من بيت الملك - وقد تفرَّق الْجَيْشُ فِي السَّلاسل لِئَلَّا يفرُّوا، وَكَانَ هُرْمُزُ هَذَا مِنْ أَخْبَثِ النَّاس طويَّة وأشدَّهم كُفْرًا، وَكَانَ شَرِيفًا فِي الْفُرْسِ وَكَانَ الرَّجل كلَّما ازْدَادَ شَرَفًا زَادَ فِي حِلْيَتِهِ، فَكَانَتْ قَلَنْسُوَةُ هرمز بمائة ألف، وقدم خالد بمن مَعَهُ مِنَ الْجَيْشِ وَهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفًا فنزل تجاههم على غير ماء فشكى أصحابه ذلك، فقال:
(1) في الطبري على مائة ألف وتسعين ألفا.
(190)
.
(2)
في الطبري: عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة.
(3)
في الطبري: طلحة بن الأعلم عن المغيرة بن عتيبة.
(4)
في الطبري: شأنا.
(*)