الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فجعل يطعنها بشئ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا، قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ، وَفِي رِوَايَةٍ أنَّه جَعَلَ لَا يُشِيرُ إِلَى صَنَمٍ مِنْهَا إِلَّا خرَّ لِقَفَاهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِلَّا سَقَطَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى اللَّخمي، قالا: ثنا بشر بن بكير، أنَّا الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أنَّه قَالَ: أَخْبَرَنِي الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ [فِيهِ صُورَةٌ] فَهَتَكَهُ ثمَّ قَالَ: إنَّ أشدَّ النَّاس عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بخلق الله (1)، قال الأوزاعيّ: وقالت عائشة: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتُرْسٍ (2) فِيهِ تِمْثَالُ عُقَابٍ فَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَهُ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عز وجل.
بَابُ مَا يَتَعَلَّقُ بالحيوانات من دلائل النبوة قِصَّةُ الْبَعِيرِ النَّاد وَسُجُودِهِ لَهُ وَشَكْوَاهُ إِلَيْهِ
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ [بْنُ مُحَمَّدٍ] ، ثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَفْصٍ هُوَ ابْنُ عُمَرَ، عَنْ عَمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ وأنَّه اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ وأنَّ الْأَنْصَارَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إنَّه كَانَ لَنَا جَمَلٌ نَسْنِي عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ اسْتَصْعَبَ عَلَيْنَا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرع والنَّخل، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا، فَقَامُوا فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَتِهِ، فَمَشَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ، فقالت الأنصار: يا رسول الله إنه صَارَ مِثْلَ الكَلْبْ الكَلِب وإنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صولته، فقال: لَيْسَ عليَّ مِنْهُ بَأْسٌ، فلمَّا نَظَّرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلُ نَحْوَهُ، حَتَّى خرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ، حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
هَذِهِ بَهِيمَةٌ لَا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ، ونحن [نعقل فَنَحْنُ] أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ، فَقَالَ: لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبِشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حقِّه عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مفرق رأسه قرحة تتفجر (3) بِالْقَيْحِ والصَّديد ثمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحِسَتْهُ مَا أدَّت حَقَّهُ (4) .
وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَقَدْ رَوَى النَّسائيّ بَعْضَهُ مِنْ حَدِيثِ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ بِهِ.
(1) رواه البيهقي في الدلائل 6 / 81 - قرام: ثوب رقيق.
(2)
في رواية الدلائل: أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله ببرنس.
(3)
في المسند: تنبجس.
(4)
رواه أحمد في المسند 3 / 159 وما بين معكوفتين في الحديث زيادة من المسند.
(*)
رِوَايَةُ جَابِرُ فِي ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلَامٍ سمعته من أبي مرتين، ثَنَا الْأَجْلَحُ، عَنِ الذَّيَّالِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من سَفَرٍ حَتَّى إِذَا دَفَعْنَا إِلَى حَائِطٍ مِنْ حيطان بني النَّجار، إذا فيه جمل ولا يَدْخُلُ الْحَائِطَ أَحَدٌ إِلَّا شَدَّ عَلَيْهِ قَالَ: فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ فَدَعَا الْبَعِيرَ فَجَاءَ وَاضِعًا مِشْفَرَهُ إِلَى الْأَرْضِ حتَّى بَرَكَ بين يديه، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَاتُوا خِطَامًا، فَخَطَمَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِهِ، قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى النَّاس فَقَالَ: إنَّه ليس شئ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا عَاصِيَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ (1) .
تَفَرَّدَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَسَيَأْتِي عَنْ جَابِرٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِسِيَاقٍ آخَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقة.
رواية ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبرانيّ: ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ مهران أخو خالد الجيار،
ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنِ الذَّيَّالِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: جاء قوم إلى رسول الله فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لَنَا بَعِيرًا قَدْ ندَّ (2) فِي حَائِطٍ، فَجَاءَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: تَعَالَ، فَجَاءَ مُطَأْطِئًا رَأْسَهُ حَتَّى خَطَمَهُ وَأَعْطَاهُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كأنَّه عَلِمَ أنَّك نَبِيٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَحَدٌ إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي نَبِيُّ اللَّهِ إِلَّا كَفَرَةُ الجنِّ وَالْإِنْسِ.
وَهَذَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَرِيبٌ جِدًّا، وَالْأَشْبَهُ رِوَايَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ جَابِرٍ، اللَّهم إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْلَحُ قَدْ رَوَاهُ عَنِ الذَّيَّالِ عن جابر عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبرانيّ: ثَنَا العبَّاس بْنُ الْفَضْلِ الْأَسْفَاطِيُّ، ثَنَا أَبُو عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ، ثَنَا أَبُو عَزَّةَ الدَّبَّاغُ (3) ، عَنْ أَبِي يَزِيدٍ الْمَدِينِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ لَهُ فَحْلَانِ فَاغْتَلَمَا فَأَدْخَلَهُمَا حَائِطًا فسدَّ عَلَيْهِمَا الْبَابَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ، والنَّبيّ قاعد معه نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا نبيَّ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُ فِي حَاجَةٍ، فإنَّ فَحْلَيْنِ لِي اغْتَلَمَا، وَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا حَائِطًا وَسَدَّدْتُ عَلَيْهِمَا الْبَابَ، فأحبّ أن تدعو لي أن يسخرهما
(1) مسند الإمام أحمد ج 3 / 310.
(2)
في رواية البيهقيّ 6 / 30: قطن أي أقام.
والحديث رواه أبو نعيم في الدلائل (325) عن الذيال عن جابر.
ورواه السيوطي في الخصائص الكبرى 2 / 56 وعزاه للبيهقي ولابي نعيم وللطبراني وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 4 وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف.. (3) أبو عزة الدباغ وثقه ابن حبان واسمه الحكم بن طهمان.
(*)
اللَّهُ لِي، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا مَعَنَا، فَذَهَبَ حَتَّى أَتَى الْبَابَ فَقَالَ: افْتَحْ، فَأَشْفَقَ الرَّجل عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: افتح، ففتح الباب فإذا أحد الفحلين قريباً مِنَ الْبَابِ، فلمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله: ائت بشئ أَشُدُّ رَأْسَهُ وَأُمَكِّنُكَ مِنْهُ، فَجَاءَ بِخِطَامٍ فشدَّ رَأَسَهُ وَأَمْكَنَهُ
مِنْهُ، ثمَّ مَشَى إِلَى أَقْصَى الْحَائِطِ إِلَى الْفَحْلِ الْآخَرِ، فلمَّا رَآهُ وَقْعَ له ساجداً، فقال للرجل: ائتني بشئ أَشُدُّ رَأْسَهُ، فشدَّ رَأْسَهُ وَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَقَالَ.
اذْهَبْ فَإِنَّهُمَا لَا يَعْصِيَانَكَ، فلمَّا رَأَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ قالوا: يا رسول الله هذان فحلان سَجَدَا لَكَ أَفَلَا نَسْجُدُ لَكَ؟ قَالَ لَا آمُرُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ وَلَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا.
وَهَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ وَمَتْنٌ غَرِيبٌ.
وَرَوَاهُ الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ فِي كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: عَنْ أَحْمَدَ بن حمدان السحريّ عن عمر بن محمد بن بجير البحتريّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ آدَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ أَبِي عَوْنٍ الزِّيَادِيِّ بِهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قائد أَبِي الْوَرْقَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوٍ مَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عبَّاس.
رِوَايَةُ أبي هريرة قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْفَقِيهُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ، أنَّا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ، حدَّثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: انْطَلَقْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى ناحية فَأَشْرَفْنَا إِلَى حَائِطٍ فَإِذَا نَحْنُ بِنَاضِحٍ، فلمَّا أَقْبَلَ النَّاضح رَفَعَ رَأْسَهُ فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ جِرَانَهُ عَلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْبَهِيمَةِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَدُوَنَ اللَّهِ؟ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ دُونَ اللَّهِ، وَلَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لشئ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا.
رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، ثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ح وَثَنَا بَهْزٌ وعفَّان قَالَا: ثَنَا مَهْدِيٌ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ - مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ فأسرَّ إليَّ حَدِيثًا لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا أَبَدًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ فِي حَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ، فَدَخَلَ يَوْمًا حَائِطًا مِنْ حِيطَانِ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ قَدْ أَتَاهُ فَجَرْجَرَ
وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ بَهْزٌ وعفَّان: فلمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ حنَّ وذرفت عيناه، فمسح رسول الله سَرَاتَهُ وَذِفْرَاهُ فَسَكَنَ، فَقَالَ: مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ؟ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ في هذه البهيمة التي ملككها الله لك إنَّه شَكَا إِلَيَّ أنَّك تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ (1) .
وَقَدْ رواه
(1) أخرجه أبو داود في الجهاد حديث (2549) عن موسى بن إسماعيل.
ومسلم في الحيض حديث (79) ص = (*)
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ بِهِ.
رِوَايَةُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ وَعَفَّانُ قَالَا: ثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَجَاءَ بَعِيرٌ فَسَجَدَ لَهُ فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَسْجُدُ لَكَ الْبَهَائِمُ والشَّجر، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ، فَقَالَ: اعْبُدُوا ربَّكم وَأَكْرِمُوا أَخَاكُمْ، وَلَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَلَوْ أَمَرَهَا أَنْ تَنْقُلَ مِنْ جَبَلٍ أَصْفَرَ إِلَى جَبَلٍ أَسْوَدَ وَمِنْ جَبَلٍ أَسْوَدَ إِلَى جَبَلٍ أَبْيَضَ كَانَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَفْعَلَهُ (1) * وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ السُّنَنِ، وَإِنَّمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادٍ بِهِ: لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا إِلَى آخِرِهِ.
رِوَايَةُ يَعْلَى بن مرة الثقفيّ، أَوْ هِيَ قِصَّةٌ أُخْرَى قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عن جبيب (2) بْنِ أَبِي جَبِيرَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ سِيَابَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ فَأَمَرَ وَدِيَّتَيْنِ فَانْضَمَّتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، ثمَّ أَمَرَهُمَا فَرَجَعَتَا إِلَى مَنَابِتِهِمَا، وَجَاءَ بِعِيرٌ فَضَرَبَ بِجِرَانِهِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ جَرْجَرَ حَتَّى ابْتَلَّ مَا حَوْلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ الْبَعِيرُ؟ إنَّه يَزْعُمُ أنَّ صَاحِبَهُ يُرِيدُ نَحْرَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَوَاهِبُهُ أَنْتَ لِي؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله مالي مَالٌ أَحَبُّ إليَّ مِنْهُ، فَقَالَ: اسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا، فَقَالَ: لَا جَرَمَ لَا أُكْرِمُ مَالًا لِي كَرَامَتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَأَتَى عَلَى قَبْرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ فَقَالَ: إنَّه يُعَذَّبُ فِي غَيْرِ كَبِيرٍ،
فَأَمَرَ بِجَرِيدَةٍ فَوُضِعَتْ عَلَى قَبْرِهِ، وَقَالَ: عَسَى أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُ مَا دَامَتْ رَطْبَةً.
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ (3) عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقفيّ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ رأيتهنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بينا نحن نسير
= 1 / 268 وابن ماجة حديث (340) ص 1 / 122 كلاهما من طريق مهدي بن ميمون.
والامام أحمد ج 1 / 204.
وحائش نخل: بستان نخل.
(1)
مسند الإمام أحمد ج 6 / 76.
وابن ماجة في النكاح حديث (1852) .
وفي الزوائد: " في اسناده علي بن زيد، وهو ضعيف لكن للحديث طرق أخر، ولد شاهدان من حديث طلق بن علي.
رواه الترمذي والنسائي.
ومن حديث أم سلمة رواه الترمذي وابن ماجه ".
(2)
من المسند 4 / 172، وفي الاصل: حسين عن أبي جبيرة تحريف.
(3)
من المسند 4 / 173 وفي الاصل جعفر.
(*)
مَعَهُ إِذْ مَرَرْنَا بِبَعِيرٍ يُسْنَى عَلَيْهِ، فلمَّا رَآهُ الْبَعِيرُ جَرْجَرَ، وَوَضَعَ جِرَانَهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَيْنَ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ؟ فَجَاءَ، فَقَالَ: بِعْنِيهِ، فَقَالَ: لَا بَلْ أَهَبُهُ لَكَ، فَقَالَ: لَا بَلْ بعنيه، قال: لا بل نهبه لك إنَّه لِأَهْلِ بَيْتٍ مَا لَهُمْ مَعِيشَةٌ غَيْرُهُ،.
قَالَ: أَمَا إِذْ ذَكَرَتْ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ شَكَى كَثْرَةَ الْعَمَلِ وقلَّة الْعَلَفِ فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ، قَالَ: ثمَّ سِرْنَا فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتْ شَجَرَةٌ تَشُقُّ الْأَرْضَ حَتَّى غَشِيَتْهُ ثمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فلمَّا اسْتَيْقَظَ ذُكِرَتْ لَهُ، فَقَالَ: هِيَ شَجَرَةٌ اسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا عز وجل فِي أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأذن لها، قال فمررنا بماء فأتته امرأة بابن لهابه جنَّة فَأَخَذَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بِمَنْخَرِهِ فَقَالَ: اخْرُجْ إِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: ثمَّ سِرْنَا فلمَّا رَجَعْنَا مِنْ سَفَرِنَا مررنا بذلك الماء فأتته امرأة بِجَزَرٍ (1) وَلَبَنٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تردَّ الْجَزَرَ، وَأَمْرَ أَصْحَابَهُ فَشَرِبُوا مِنَ اللَّبن، فَسَأَلَهَا عَنِ الصَّبيّ فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْنَا مِنْهُ رَيْبًا بَعْدَكَ.
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نمير، ثنا عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: لقد رأيت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا مَا رَآهَا أَحَدٌ قَبَلِي، وَلَا يَرَاهَا أَحَدٌ بَعْدِي: لَقَدْ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي سَفَرٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّريق مَرَرْنَا بِامْرَأَةٍ جَالِسَةٍ مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله هذا صبي أَصَابَهُ بَلَاءٌ وَأَصَابَنَا مِنْهُ بَلَاءٌ، يُؤْخَذُ فِي الْيَوْمِ مَا أَدْرِي كَمْ مَرَّةً، قَالَ: نَاوِلِينِيهِ، فَرَفَعَتْهُ إِلَيْهِ فَجَعَلَتْهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاسِطَةِ الرَّحل، ثمَّ فغرفاه فَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثًا وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ، ثمَّ نَاوَلَهَا إيَّاه، فَقَالَ: الْقَيْنَا فِي الرَّجعة فِي هَذَا الْمَكَانِ فَأَخْبِرِينَا مَا فَعَلَ، قَالَ: فَذَهَبْنَا وَرَجَعْنَا فَوَجَدْنَاهَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مَعَهَا شِيَاهٌ ثَلَاثٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ صَبِيُّكِ؟ فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا حَسِسْنَا مِنْهُ شَيْئًا حتَّى السَّاعة، فاجترر هَذِهِ الْغَنَمَ، قَالَ: انْزِلْ فَخُذْ مِنْهَا وَاحِدَةً وردَّ البقية، قال: وخرجت ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الجبَّانة حَتَّى إِذَا بَرَزْنَا قال: ويحك انظر هل ترى من شئ يُوَارِينِي؟ قُلْتُ: مَا أَرَى شَيْئًا يُوَارِيكَ إِلَّا شَجَرَةً مَا أَرَاهَا تُوَارِيكَ.
قَالَ: فَمَا بِقُرْبِهَا؟ قُلْتُ: شَجَرَةٌ مِثْلُهَا أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا، قَالَ: فاذهب إليهما فقل: أن رسول الله يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا بِإِذْنِ اللَّهِ، قَالَ: فَاجْتَمَعَتَا فَبَرَزَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِمَا فقل لهما: إنَّ رسول الله يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَرْجِعَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا إِلَى مَكَانِهَا، فَرَجَعَتْ.
قَالَ: وَكُنْتُ مَعَهُ جَالِسًا ذَاتَ يوم إذ جاء جمل نجيب (2) حتى صوى بِجِرَانِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ ثمَّ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ وَيْحَكَ انْظُرْ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ إنَّ لَهُ لَشَأْنًا، قَالَ: فَخَرَجْتُ أَلْتَمِسُ صَاحِبَهُ فَوَجَدْتُهُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَدَعَوْتُهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا شَأْنُ جَمَلِكَ هَذَا؟ فَقَالَ وَمَا شَأْنُهُ؟ قَالَ: لَا أدري والله ما شأنه،
(1) جزر: الشاة التي تصلح للذبح.
(2)
في المسند: جمل يخبب حتى صوب جرانه (*)
عَمِلْنَا عَلَيْهِ وَنَضَحْنَا عَلَيْهِ حَتَّى عَجَزَ عَنِ السِّقاية فَائْتَمَرْنَا الْبَارِحَةَ أَنْ نَنْحَرَهُ وَنُقَسِّمَ لَحْمَهُ، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، هَبْهُ لِي أَوْ بِعْنِيهِ، فَقَالَ: بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَوَسَمَهُ بِسِمَةِ الصَّدقة ثمَّ بَعَثَ بِهِ (1) .
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يعلى بن مرة عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لَمَمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اخْرُجْ عدوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَبَرَأَ، قَالَ: فَأَهْدَتْ إِلَيْهِ كَبْشَيْنِ وَشَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ، قَالَ: فَقَالَ رسول الله: خُذِ الْأَقِطَ والسَّمن وَأَحَدَ الْكَبْشَيْنِ وَرُدَّ عَلَيْهَا الْآخَرَ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ الشَّجرتين كَمَا تقدَّم (2) * وَقَالَ أَحْمَدُ: ثَنَا أَسْوَدُ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَعْلَى قَالَ: مَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاس رَأَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا دُونَ مَا رَأَيْتُ فَذَكَرَ أَمْرَ الصَّبِيِّ والنَّخلتين وَأَمْرَ الْبَعِيرِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَا لبعيرك يشكوك؟ زعم أنك سانيه حَتَّى إِذَا كَبِرَ تُرِيدُ [أَنْ] تَنْحَرَهُ، قَالَ: صَدَقْتَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ قَدْ أَرَدْتُ ذَلِكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَفْعَلُ (3) .
طَرِيقٌ أُخْرَى عنه روى البيهقي عن الحاكم وغير عَنِ الْأَصَمِّ: ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا حمدان بن الأصبهانيّ ثنا يزيد (4) عن عمرو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ مَا رَآهَا أَحَدٌ قَبْلِي، كُنْتُ مَعَهُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فمرَّ بِامْرَأَةٍ مَعَهَا ابْنٌ لَهَا بِهِ لَمَمٌ، مَا رَأَيْتُ لَمَمًا أَشَدَّ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنِي هَذَا كَمَا تَرَى، فَقَالَ إِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ لَهُ، فَدَعَا لَهُ، ثمَّ مَضَى فمرَّ عَلَى بَعِيرٍ ناد جِرَانَهُ يَرْغُو، فَقَالَ: عليَّ بِصَاحِبِ هَذَا الْبَعِيرِ، فجئ بِهِ، فَقَالَ: هَذَا يَقُولُ: نُتِجْتُ عِنْدَهُمْ فَاسْتَعْمَلُونِي، حَتَّى إِذَا كَبِرْتُ عِنْدَهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَنْحَرُونِي، قال: ثمَّ مضى ورأى شَجَرَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَمُرْهُمَا فَلْيَجْتَمِعَا لِي، قَالَ: فَاجْتَمَعَتَا فَقَضَى حَاجَتَهُ، قَالَ: ثمَّ مَضَى فلمَّا انْصَرَفَ مرَّ عَلَى الصَّبِيِّ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ وَقَدْ ذَهَبَ مَا بِهِ وَهَيَّأَتْ أُمُّهُ أَكْبُشًا فَأَهْدَتْ لَهُ كَبْشَيْنِ، وَقَالَتْ: ما عاد إليه شئ مِنَ اللَّمم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا من شئ إِلَّا وَيَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا كَفَرَةُ أَوْ فَسَقَةُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ (5) .
فَهَذِهِ طُرُقٌ جَيِّدَةٌ متعددة
(1) مسند أحمد ج 4 / 170 - 171.
(2)
مسند أحمد ج 4 / 171.
(3)
مسند أحمد ج 4 / 173.
(4)
في الدلائل: عن شريك.
(5)
رواه البيهقي في الدلائل 6 / 22 - 23.
وانظر في الرواية عن يعلى بن مرة: سنن ابن ماجه حديث (339) = (*)
نفيد غلبة الظَّن أو القطع عند المتبحرين أنَّ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ حدَّث بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ تفرَّد بِهَذَا كُلِّهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ دُونَ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتة وَلَمْ يَرْوِ أحد منهم شيئاً سِوَى ابْنُ مَاجَهْ فإنَّه رَوَى عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سليم عن خَيْثَمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى الْغَائِطِ أَبْعَدَ.
وَقَدِ اعْتَنَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ بِحَدِيثِ الْبَعِيرِ فِي كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، وَطُرُقِهِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، ثمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بن قرط اليماني قال: جئ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسِتِّ زَوْدٍ فَجَعَلْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ، وَقَدْ قدَّمت الْحَدِيثَ فِي حجَّة الْوَدَاعِ.
قُلْتُ: قَدْ أَسْلَفْنَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ قِصَّةِ الشَّجرتين، وَذَكَرْنَا آنِفًا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحابة نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ الْجَمَلِ لَكِنْ بِسِيَاقٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ [غَيْرَ] هَذَا فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسَيَأْتِي حَدِيثُ الصَّبيّ الَّذِي كَانَ يُصْرَعُ ودعاؤه عليه السلام لَهُ وَبُرْؤُهُ فِي الْحَالِ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى.
وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ (1) عَنْ أَبِي العبَّاس الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ الْبَرَازَ تَبَاعَدَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ فِيهَا عَلَمٌ وَلَا شَجَرٌ، فَقَالَ لِي: يَا جَابِرُ خُذِ الْإِدَاوَةَ وَانْطَلِقْ بِنَا، فَمَلَأْتُ الْإِدَاوَةَ مَاءً، وَانْطَلَقْنَا فَمَشَيْنَا حَتَّى لَا نَكَادُ نُرَى، فَإِذَا شَجَرَتَانِ بَيْنَهُمَا أَذْرُعٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا جَابِرُ انْطَلِقْ فَقُلْ لِهَذِهِ الشَّجرة: يَقُولُ لَكِ رسول الله: الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَكُمَا، فَفَعَلْتُ فَرَجَعَتْ فَلَحِقَتْ بِصَاحِبَتِهَا، فَجَلَسَ خَلْفَهُمَا حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثمَّ رَجَعْنَا فَرَكِبْنَا رَوَاحِلَنَا فَسِرْنَا كَأَنَّمَا عَلَى رؤوسنا الطَّير تُظِلُّنَا، وَإِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ قَدْ عَرَضَتْ لرسول اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم [مَعَهَا صَبِيٌّ تحمله](2) فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا يَأْخُذُهُ الشَّيطان كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا يَدَعُهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنَاوَلَهُ فَجَعَلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُقَدِّمَةِ الرَّحل فقال: اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَعَادَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثمَّ نَاوَلَهَا إيَّاه، فلمَّا رجعنا وكنَّا بِذَلِكَ الْمَاءِ، عَرَضَتْ لَنَا تِلْكَ الْمَرْأَةُ وَمَعَهَا كَبْشَانِ تَقُودُهُمَا والصَّبيّ تَحْمِلُهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إقبل مني هديتي، فو الذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خُذُوا أَحَدَهُمَا وردُّوا الْآخَرَ، قَالَ: ثمَّ سِرْنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَنَا، فَجَاءَ جَمَلٌ نَادٌّ، فلمَّا كَانَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ خرَّ سَاجِدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا أَيُّهَا النَّاس مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْجَمَلِ؟ فَقَالَ فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: هُوَ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَمَا شَأْنُهُ؟ قَالُوا: سَنَوْنَا عَلَيْهِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فلمَّا كَبِرَتْ سِنُّهُ وَكَانَتْ عليه
= وسنن الدارمي: المقدمة (4) باب.
الحاكم في المستدرك 2 / 617 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه الصياغة وقال الذهبي في تلخيصه: صحيح.
وأبو نعيم في الدَّلائل ص 327 - 329 ومجمع الزوائد للهيثمي 9 / 5 - 7.
(1)
ذكره في الدلائل: وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ.
(2)
استدركت من الدلائل.
(*)
شُحَيْمَةٌ أَرَدْنَا نَحْرَهُ لِنُقَسِّمَهُ بَيْنَ غِلْمَتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَبِيعُونِيهِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ لَكَ، قَالَ: فأحسنوا إليه حتى يأتيه أجله، قالوا: يا رسول الله نحن أحقّ أن أَنْ نَسْجُدَ لَكَ مِنَ الْبَهَائِمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَانَ النِّساء لِأَزْوَاجِهِنَّ (1) .
وَهَذَا إِسْنَادٌ جِيدٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ * وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الصَّفْرَاءِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله كَانَ إِذَا ذَهَبَ الْمَذْهَبَ أَبْعَدَ.
ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ إِسْحَاقَ، أنَّا الْحُسَيْنُ بْنُ علي بن زياد، ثنا أبو حمنة، ثنا أبو قرة عَنْ زِيَادٍ - هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أنَّه سَمِعَ يُونُسَ بْنَ خبَّاب الْكُوفِيَّ يحدِّث أنَّه سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ يحدِّث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ فِي
سَفَرٍ إِلَى مَكَّةَ فَذَهَبَ إِلَى الْغَائِطِ وَكَانَ يُبْعِدُ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ، قَالَ: فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَتَوَارَى بِهِ، فَبَصُرَ بِشَجَرَتَيْنِ، فَذَكَرَ قِصَّةَ الشَّجرتين وقصَّة الْجَمَلِ بِنَحْوٍ مَنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ، قَالَ: وَهَذِهِ الرِّواية يَنْفَرِدُ بِهَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ زِيَادٍ - أَظُنُّهُ ابْنَ سَعْدٍ - عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ (2) .
قلت: وقد يكون هذا أيضاً محفوظاً، وَلَا يُنَافِي حَدِيثَ جَابِرٍ وَيَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، بل يشهد لهما ويكون هذا الحديث عند أَبِي الزُّبير مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرٍ.
وَعَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيِّ (3) - وَهُوَ ضَعِيفٌ - عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حَدِيثًا طَوِيلًا نَحْوَ سِيَاقِ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَفِيهِ قصَّة الصَّبيّ الَّذِي كَانَ يصرع ومجئ أمه بشاة مشوية فقال: ناوليني الذِّراع فناولته، ثم قال: ناوليني الذِّراع فناولته، ثمَّ قال: ناوليني الذِّراع، فَقُلْتُ كَمْ لِلشَّاةِ مِنْ ذِرَاعٍ؟ فَقَالَ: والذي نفسي بيده لو سكت لناولتيني ما دعوت * ثم ذكر قصة النَّخلات واجتماعهما وانتقال الحجارة معهما حَتَّى صَارَتِ الْحِجَارَةُ رَجْمًا خَلْفَ النَّخلات (4) .
وَلَيْسَ في سياقه قصة البعير فلهذا لم يورده بلفظه وإسناده وبالله المستعان.
(1) رواه البيهقي في الدلائل 6 / 18 - 19.
ورواه أبو داود في أول الطهارة مختصرا 1 / 1 وابن ماجة في الطهارة حديث 335.
وذكره مطولا الهيثمي في الزوائد 9 / 7 - 8 باختلاف وقال: " في الصحيح بعضه، ورواه الطبراني والبزار باختصار كثيرا ".
(2)
رواه البيهقي في الدلائل 6 / 20 وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني في الاوسط والكبير باختصار بنحوه إلا أنه قال فيّ غزوة حنين
…
ورواه البزار بنحوه وفي اسناد الاوسط زمعة بن صالح وقد وثق على ضعفه وبقية رجاله حديثهم حسن وأسانيد الطريقين ضعيفة ".
(3)
الصدفي: من الدلائل، وفي الاصل الصيرفي.
ومعاوية الصدفي، أبو روح الدمشقي سكن الري ضعيف، وما حدث بالشام أحسن مما حدث بالري من السابعة (تقريب 2 / 1245 / 261) .
(4)
رواه البيهقي في الدلائل 6 / 25 - 26 وأبو نعيم في الدَّلائل (336 - 337) .
(*)
وقد روى الحافظ ابن عساكر تَرْجَمَةِ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةِ الثَّقَفِيِّ بِسَنَدِهِ إِلَى يعلى بْنِ مَنْصُورٍ الرَّازيّ عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْنَا عَجَبًا فَذَكَرَ قِصَّةَ الشجرتين وَاسْتِتَارِهِ بِهِمَا عِنْدَ الْخَلَاءِ، وقصَّة الصَّبيّ الَّذِي كَانَ يُصْرَعُ، وَقَوْلَهُ: بِسْمِ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ.
اخْرُجْ عدوَّ اللَّهِ فَعُوفِيَ * ثمَّ ذَكَّرَ قصَّة الْبَعِيرَيْنِ النَّادَّين وَأَنَّهُمَا سَجَدَا لَهُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ، فلعلَّ هَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ حَدِيثَ جَابِرٍ وقصَّة جَمَلِهِ الَّذِي كَانَ قد أعيي، وَذَلِكَ مَرْجِعَهُمْ مِنْ تَبُوكَ وَتَأَخُّرَهُ فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ، فَلَحِقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا لَهُ وَضَرَبَهُ فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ حَتَّى جَعَلَ يتقدَّم أَمَامَ النَّاس، وَذَكَرْنَا شراءه عليه السلام منه، وفي ثمنه احتلاف كَثِيرٌ وَقَعَ مِنَ الرُّواة لَا يَضُرُّ أَصْلَ القصَّة كَمَا بينَّاه.
وتقدَّم حَدِيثُ أَنَسٍ فِي ركوبه عليه السلام على فرس أبي طلحة حين سمع الناس صَوْتًا بِالْمَدِينَةِ فَرَكِبِ ذَلِكَ الْفَرَسَ، وَكَانَ يُبْطِئُ، وَرَكِبَ الْفُرْسَانُ نَحْوَ ذَلِكَ الصَّوت، فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَعَ بعدما كَشَفَ ذَلِكَ الْأَمْرَ، فَلَمْ يَجِدْ لَهُ حَقِيقَةً، وكان قد ركبه عرياً لا شئ عليه وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفًا، فَرَجَعَ وَهُوَ يَقُولُ: لَنْ تراعوا لن تراعوا، ما وجدنا من شئ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا.
أَيْ لَسَابِقًا * وَكَانَ ذَلِكَ الفرس يبطأ قَبْلَ تِلْكَ اللَّيلة فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُجَارَى وَلَا يُكْشَفُ لَهُ غُبَارٌ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِبِرْكَتِهِ عليه الصلاة والسلام.
حَدِيثٌ آخَرُ غَرِيبٌ فِي قِصَّةِ الْبَعِيرِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْفَقِيهُ فِي كِتَابِهِ " دَلَائِلِ النُّبوة " وَهُوَ مُجَلَّدٌ كَبِيرٌ حَافِلٌ كَثِيرُ الْفَوَائِدِ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سعيد، عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ شَهْلَانَ الْقَوَّاسُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الرَّاسبيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ الْبَصَرِيُّ، حدَّثنا سلامة بن سعيد بن زياد بن أبي هند الرَّازيّ، حدَّثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جدِّه، حدَّثنا غنيم بن أوس - يعني الرَّازيّ - قَالَ: كنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَ بَعِيرٌ يَعْدُو حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزِعًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أيُّها الْبَعِيرُ اسْكُنْ، فَإِنْ تَكُ صَادِقًا فَلَكَ صِدْقُكَ، وَإِنْ
تَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْكَ كَذِبُكَ، مَعَ أنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أمَّن عَائِذَنَا، وَلَا يَخَافُ لَائِذُنَا، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَقُولُ هَذَا الْبَعِيرُ؟ قَالَ: هَذَا بَعِيرٌ همَّ أَهْلُهُ بِنَحْرِهِ فَهَرَبَ مِنْهُمْ فاستغاث بنبيكم، فبينا نحن كذلك إذا أَقْبَلُ أَصْحَابُهُ يَتَعَادَوْنَ فلمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمُ الْبَعِيرُ عَادَ إِلَى هَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا بَعِيرُنَا هَرَبَ منَّا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَمْ نَلْقَهُ إِلَّا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَشْكُو مُرَّ الشِّكاية، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَقُولُ؟ قَالَ: يقول إنَّه رَبِيَ في إبلكم جواراً وَكُنْتُمْ تَحْمِلُونَ عَلَيْهِ فِي الصَّيف إِلَى مَوْضِعِ الْكَلَأِ فَإِذَا كَانَ الشِّتاء رَحَلْتُمْ إِلَى مَوْضِعِ الدفء، فَقَالُوا: قَدْ كَانَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: مَا جَزَاءُ الْعَبْدِ الصَّالح مِنْ مَوَالِيهِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فإنَّا لَا نَبِيعُهُ وَلَا نَنْحَرُهُ، قَالَ: فَقَدِ اسْتَغَاثَ فَلَمْ تُغِيثُوهُ، وَأَنَا أَوْلَى بالرَّحمة مِنْكُمْ، لأنَّ اللَّهَ نَزَعَ الرَّحمة
مِنْ قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ وَأَسْكَنَهَا فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، فَاشْتَرَاهُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا الْبَعِيرُ انْطَلِقْ فَأَنْتَ حرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَرَغَا عَلَى هَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: رَسُولُ الله: آمِينَ ثمَّ رَغَا الثَّانية فَقَالَ آمِينَ، ثمَّ رَغَا الثَّالثة فَقَالَ: آمِينَ، ثمَّ رَغَا الرَّابعة فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَقُولُ هَذَا الْبَعِيرُ؟ قَالَ: يَقُولُ: جَزَاكَ اللَّهُ أيُّها النَّبيّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ خَيْرًا، قُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: سكَّن اللَّهُ رُعْبَ أُمَّتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا سكَّنت رُعْبِي قُلْتُ: آمِينَ قَالَ: حَقَنَ اللَّهُ دِمَاءَ أُمَّتِكَ مِنْ أَعْدَائِهَا كَمَا حَقَنْتَ دَمِي، قُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: لَا جَعَلَ اللَّهُ بِأَسَهَا بينها، فبكيت وقلت: هذه خصال سَأَلْتُ رَبِّي فَأَعْطَانِيهَا وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً وَأَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَنِ اللَّهِ أنَّ فَنَاءَ أُمَّتِكَ بالسَّيف فَجَرَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ.
قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ غَرِيبٌ جِدًّا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُصَنِّفِينَ فِي الدَّلائل أَوْرَدَهُ سِوَى هَذَا الْمُصَنِّفِ، وَفِيهِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ أَيْضًا.
والله أعلم.
حَدِيثٌ فِي سُجُودِ الْغَنَمِ لَهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ أَيْضًا: قَالَ يَحْيَى بْنُ صَاعِدٍ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ، حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلَاءِ الزُّبيديّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يُوسُفَ الْكِنْدِيُّ أَبُو عُثْمَانَ، حدَّثنا
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازيّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَائِطًا لِلْأَنْصَارِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمْرُ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَفِي الْحَائِطِ غَنَمُ فَسَجَدَتْ لَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِالسُّجُودِ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: إنَّه لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ، وَلَوْ كَانَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا * غريب وفي إسناده من لا يُعرف.
قصَّة الذِّئب وشهادته بالرِّسالة قال لامام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الحدَّاني عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: عَدَا الذِّئب عَلَى شَاةٍ فَأَخَذَهَا فَطَلَبَهُ الرَّاعي فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ، فَأَقْعَى الذِّئب عَلَى ذَنَبِهِ فَقَالَ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ؟ تَنْزِعُ مِنِّي رِزْقًا ساقه الله إليّ؟ فقال: يا عجبي ذئب يكلِّمني كَلَامَ الْإِنْسِ! فَقَالَ الذِّئب: أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ؟ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِيَثْرِبَ يُخْبِرُ النَّاس بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ، قَالَ: فَأَقْبَلَ الرَّاعي يَسُوقُ غَنَمَهُ حتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا، ثمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُودِيَ الصَّلاة جَامِعَةً، ثمَّ خَرَجَ فَقَالَ للرَّاعي: أَخْبِرْهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعة حتَّى يكلِّم السِّباع الْإِنْسَ، ويكلِّم الرَّجل عَذَبَةُ سَوْطِهِ، وَشِرَاكُ نَعْلِهِ، وَيُخْبِرَهُ فَخْذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ (1) .
وَهَذَا إِسْنَادٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحيح.
وَقَدْ صَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلَمْ يَرِوِهِ إِلَّا التِّرْمِذِيُّ مِنْ قَوْلِهِ:
(1) رواه أحمد في مسنده 3 / 83 - 84، وبعضه في الترمذي في الفتن 4 / 476 ورواه البيهقي وصححه في الدلائل = (*)
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يكلِّم السِّباع الْإِنْسَ إِلَى آخِرِهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ.
ثمَّ قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وثَّقه يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ.
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي سعيد الخدري قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أنَّا شُعَيْبٌ، حدَّثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُسَيْنٍ، حدَّثني
شَهْرٌ أنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ حدَّثه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَا أَعْرَابِيٌّ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ فِي غَنَمٍ لَهُ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئب فَأَخَذَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ فَأَدْرَكَهُ الْأَعْرَابِيُّ فَاسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ وَهَجْهَجَهُ فَعَانَدَهُ الذِّئب يَمْشِي، ثمَّ أَقْعَى مُسْتَذْفِرًا بِذَنَبِهِ يُخَاطِبُهُ فَقَالَ: أَخَذْتَ رِزْقًا رَزَقْنِيهِ اللَّهُ، قَالَ: واعجباً من ذئب مُسْتَذْفِرٍ بِذَنَبِهِ يُخَاطِبُنِي! فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّكَ لِتَتْرُكُ أعجب من ذلك، قال: وما أعجب من ذَلِكَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في النَّخلتين بين الحرَّتين يحدِّث النَّاس عن أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: فَنَعَقَ الْأَعْرَابِيُّ بِغَنَمِهِ حَتَّى أَلْجَأَهَا إِلَى بَعْضِ الْمَدِينَةِ ثمَّ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فلمَّا صلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَيْنَ الْأَعْرَابِيُّ صَاحِبُ الْغَنَمِ؟ فَقَامَ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ لَهُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: حدِّث النَّاس بِمَا سَمِعْتَ وَبِمَا رَأَيْتَ، فحدَّث الْأَعْرَابِيُّ النَّاس بِمَا رَأَى مِنَ الذِّئب وَمَا سَمِعَ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: صَدَقَ، آيَاتٌ تَكُونُ قَبْلَ السَّاعة، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ أَحَدُكُمْ مِنْ أَهْلِهِ فَيُخْبِرُهُ نَعْلُهُ أَوْ سَوْطُهُ أَوْ عَصَاهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ (1) .
وَهَذَا عَلَى شَرْطِ أَهْلِ السُّنن وَلَمْ يُخْرِجُوهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ النُّفَيْلِيِّ قال: قرأت على معقل بن عبد الله بن شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَهُ.
ثم رواه الحاكم وأبو سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عن يونس بن بُكَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَهُ * وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ تَمِيمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَهُ.
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أشعث بن عبد الملك، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ ذِئْبٌ إِلَى رَاعِي غَنَمٍ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً فَطَلَبَهُ الرَّاعي حَتَّى انْتَزَعَهَا مِنْهُ، قال: فصعد الذِّئب على تل فأقعى فاستذفر وَقَالَ: عَمَدْتَ إِلَى رِزْقٍ رَزَقْنِيهِ اللَّهُ عز وجل
= وقال: هذا إسناد صحيح وله شاهد ومن وجه آخر عن أبي سعيد 6 / 42.
(1)
رواه أحمد في مسنده ج 3 / 89.
والبيهقي في الدلائل 6 / 42 - 43.
ونقل قصة الذئب السيوطي في الخصائص الكبرى 2 / 61 وعزاها لاحمد، ولابن سعد، وللبزار والحاكم وللبيهقي ولابي نعيم كلهم من طرق عن أبي
سعيد الخدري.
(*)
انتزعته مني، فقال الرَّجل: لله إذا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ ذِئْبًا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ الذِّئب: أَعْجَبُ مِنْ هَذَا رَجُلٌ فِي النَّخلات بَيْنَ الحرَّتين يخبركم بما مضى وما هُوَ كَائِنٌ بِعَدَكُمْ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَهُودِيًّا، فَجَاءَ إِلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ وَخَبَّرَهُ فَصَدَّقَهُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ رسول الله: إِنَّهَا أَمَارَةٌ مِنْ أَمَارَاتٍ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعة، قَدْ أَوْشَكَ الرَّجل أَنْ يَخْرُجَ فَلَا يَرْجِعُ حتَّى تحدِّثه نعلاه وسوطه بما أحدثه أَهْلُهُ بَعْدَهُ (1) ، تفرَّد بِهِ أَحْمَدُ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ السُّنَنِ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ، ولعلَّ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثُ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَالِمٍ، ثَنَا الْحُسَيْنُ الرفا عن عبد الملك بن عمير عن أنس ح، وحدَّثنا سُلَيْمَانُ - هُوَ الطَّبرانيّ -: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُونُسَ اللُّؤلؤيّ، ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرفا، عن عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فشردت عليَّ غَنَمِي، فَجَاءَ الذِّئب فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فاشتدَّ الرعاء خلفه، فقال: طعمة أطعمينها اللَّهُ تَنْزِعُونَهَا مِنِّي؟ قَالَ: فَبُهِتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: مَا تَعْجَبُونَ مِنْ كَلَامِ الذِّئب وَقَدْ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَمِنْ مُصَدِّقٍ وَمُكَذِّبٍ.
ثمَّ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تفرَّد بِهِ حُسَيْنُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ.
قُلْتُ: الْحُسَيْنُ بْنُ سليمان الرفا هذا يقال له الطلخي كُوفِيٌّ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ أَحَادِيثَ ثمَّ قَالَ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ السَّجستانيّ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي عِيسَى، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ حسن، أخبرني أبو حسن، ثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَانَ رَاعٍ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ الذِّئب فَأَخَذَ شَاةً وَوَثَبَ الرَّاعي حَتَّى انْتَزَعَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ الذِّئب: أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ أَنْ تَمْنَعَنِي طُعْمَةٌ أَطْعَمَنِيهَا اللَّهُ تَنْزِعُهَا مِنِّي؟ فَقَالَ لَهُ الرَّاعي: الْعَجَبُ من ذئب يتكلم، فقال الذِّئب: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ كَلَامِي؟ ذَلِكَ الرَّجل فِي النَّخل يُخْبِرُ النَّاس بِحَدِيثِ الأوَّلين وَالْآخَرِينَ أَعْجَبُ مِنْ كَلَامِي، فَانْطَلَقَ الرَّاعي حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ وَأَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: حدِّث به النَّاس.
قال الحافظ ابن عَدِيٍّ: قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: وَلَدُ هَذَا الرَّاعي يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو مكلِّم الذِّئب، وَلَهُمْ أَمْوَالٌ وَنَعَمٌ، وَهُمْ مِنْ خُزَاعَةَ، وَاسْمُ مكلِّم الذِّئب أُهْبَانُ، قَالَ: وَمُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ الْخُزَاعِيُّ مِنْ وَلَدِهِ * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فدلَّ عَلَى اشْتِهَارِ ذَلِكَ، وَهَذَا مِمَّا يقوِّي الْحَدِيثَ * وَقَدْ رَوَى مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إسماعيل البخاري في
(1) رواه أحمد في مسنده ج 2 / 306.
(*)
التَّارِيخِ، حدَّثني أَبُو طَلْحَةَ، حدَّثني سُفْيَانُ بْنُ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ الأسلميّ، عن ربيعة بن أوس، عن أنس بن عمرو بن أُهْبَانَ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: كُنْتُ فِي غَنَمٍ لي فكلَّمه الذِّئب وأسلم، قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
ثمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السِّلْمِيِّ، سَمِعِتُ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ الرَّازيّ، سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ المقري يَقُولُ: خَرَجْتُ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ عَلَى حِمَارٍ فَجَعَلَ الْحِمَارُ يَحِيدُ بِي عَنِ الطَّريق فَضَرَبْتُ رأسه ضربات، فرفع رأسه إليَّ وقال لي: اضْرِبْ يَا أَبَا سُلَيْمَانَ فَإِنَّمَا عَلَى دِمَاغِكَ هو ذا يضرب، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كلَّمك كَلَامًا يُفْهَمُ! قَالَ: كَمَا تكلِّمني وَأُكَلِّمُكَ (1) .
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي هريرة في الذئب وقد قال سعيد بن مسعود: ثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير، عن أبي الأوس (2) الْحَارِثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ الذِّئب فَأَقْعَى بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَ يُبَصْبِصُ بِذَنَبِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَذَا وَافِدُ الذِّئاب، جاء ليسألكم أَنْ تَجْعَلُوا لَهُ مِنْ أَمْوَالِكُمْ شَيْئًا، قَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ، وَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ حَجَرًا فَرَمَاهُ فَأَدْبَرَ الذِّئب وَلَهُ عُوَاءٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الذِّئب،
وَمَا الذِّئب؟.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رجل (3) بِهِ.
وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ.
وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْأَوْبَرِ (4)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا صَلَاةَ الْغَدَاةِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا الذِّئب وَمَا الذِّئب؟ جَاءَكُمْ يَسْأَلُكُمْ أَنْ تُعْطُوهُ أَوْ تُشْرِكُوهُ فِي أَمْوَالِكُمْ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِحَجَرٍ فمرَّ أَوْ وَلَّى وَلَهُ عُوَاءٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسِيدٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالْبَقِيعِ، فَإِذَا الذِّئب مُفْتَرِشًا ذِرَاعَيْهِ عَلَى الطَّريق، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هذا جاء يستفرض فافرضوا له، قالوا: ترى رَأْيَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مِنْ كُلِّ سائمةٍ شَاةٌ فِي كُلِّ عَامٍ، قَالُوا: كَثِيرٌ، قَالَ: فَأَشَارَ إِلَى الذِّئب أَنَّ خَالِسْهُمْ، فَانْطَلَقَ الذِّئب، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (5) * وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ رَجُلٍ سماه عن المطلب بن
(1) انظر دلائل النبُّوة للبيهقي 6 / 43 - 44.
(2)
في رواية للبيهقي في الدلائل 2 / 40: سعيد بن منصور، حدثنا حبان بن علي، حدثنا عبد الملك بن عمير، عن أبي الادبر الحارثي - اسمه زياد - عن أبي هريرة وذكر الحديث.
(3)
هو الحارثي أبو الادبر من بني الحارث بن كعب، يروي عن أبي هريرة، روى عنه عبد الملك بن عمير اسمه زياد ثقات ابن حبان 5 / 580.
انظر دلائل البيهقي 6 / 39.
(4)
راجع الحاشية السابقة، وأبو الاوبر تحريف والصواب أبو الادبر.
(5)
في الدلائل النبوة 6 / 40 من طريق محمد بن سلمة.
(*)
عبد الله بن حنطب قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الْمَدِينَةِ إِذْ أَقْبَلَ ذِئْبٌ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فقال: هَذَا وَافِدُ السِّباع إِلَيْكُمْ فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَفْرِضُوا لَهُ شَيْئًا لَا يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ أَحْبَبْتُمْ تَرَكْتُمُوهُ وَاحْتَرَزْتُمْ مِنْهُ فَمَا أَخَذَ فَهُوَ رِزْقُهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَطِيبُ أَنْفُسُنَا لَهُ بشئ، فأومأ إليه
بِأَصَابِعِهِ الثَّلاث أَنَّ خَالِسَهُمْ، قَالَ: فَوَلَّى وَلَهُ عواء.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شِمْرِ بن عطية، عن رجل من مزينة أنَّ جُهَيْنَةَ قَالَ: أَتَتْ وُفُودُ الذِّئاب قَرِيبٌ مِنْ مِائَةِ ذِئْبٍ حِينَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْعَيْنَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَذِهِ وُفُودُ الذِّئاب، جِئْنَكُمْ يَسْأَلْنَكُمْ لِتَفْرِضُوا لهنَّ مِنْ قُوتِ طَعَامِكُمْ وَتَأْمَنُوا عَلَى مَا سِوَاهُ، فَشَكَوْا إِلَيْهِ الْحَاجَةَ، قَالَ: فَأَدْبِرُوهُمْ قَالَ: فَخَرَجْنَ ولهنَّ عُوَاءٌ.
وَقَدْ تكلَّم القاضي عياض على حديث الذِّئب فذكر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَعَنْ أُهْبَانَ بْنِ أَوْسٍ وأنَّه كَانَ يُقَالُ لَهُ: مكلِّم الذِّئب، قَالَ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أنَّه جَرَى مِثْلُ هَذَا لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، مَعَ ذِئْبٍ وَجَدَاهُ أَخَذَ صبياً فدخل الصَّبيّ الْحَرَمَ فَانْصَرَفَ الذِّئب فَعَجِبَا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ الذِّئب: أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ يَدْعُوكُمْ إِلَى الجنَّة وَتَدْعُونَهُ إِلَى النَّار، فقال أبو سفيان: واللات والعزى لأن ذكرت هذا بمكة ليتركنها أهلوها.
قِصَّةُ الْوَحْشِ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِ النَّبي وَكَانَ يَحْتَرِمُهُ عليه السلام ويوقِّره وَيُجِلُّهُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا يُونُسُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: كَانَ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَشٌ، فَإِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعِبَ وَاشْتَدَّ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا أحسَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ دَخَلَ رَبَضَ فَلَمْ يَتَرَمْرَمْ مَا دَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَيْتِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُؤْذِيَهُ (1) .
وَرَوَاهُ أحمد أيضاً عن وكيع وعن قَطَنٍ كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ -.
وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ.
وَلَمْ يخرِّجوه وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قِصَّةُ الْأَسَدِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَرْجَمَةِ سَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَهُ حِينَ انْكَسَرَتْ بِهِمُ السَّفينة فَرَكِبَ لَوْحًا مِنْهَا حَتَّى دَخَلَ جَزِيرَةً فِي الْبَحْرِ فَوَجَدَ فيها الأسد، فقال له: يَا أَبَا الْحَارِثِ إِنِّي سَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَضَرَبَ مَنْكَبِي وَجَعَلَ يُحَاذِينِي حَتَّى أَقَامَنِي عَلَى الطَّرِيقِ، ثم همهم ساعة
(1) لم يترمرم: أي سكن ولم يتحرك والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده 6 / 113، 150 ورواه الهيثمي في الزوائد 9 / 3 وعزاه لاحمد وأبي يعلى
والبزار والطبراني في الاوسط.
وذكره السيوطي في الخصائص الكبرى 2 / 63 عن البيهقي وأبي نعيم وأحمد وأبي يعلى والبزار والطبراني في الاوسط والدارقطني وابن عساكر.
(*)
فَرَأَيْتُ أنَّه يُوَدِّعُنِي * وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثَنَا معمر عن الحجبي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ: أنَّ سَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْطَأَ الْجَيْشَ بِأَرْضِ الرُّوم، أَوْ أُسِرَ فِي أَرْضِ الرُّوم، فَانْطَلَقَ هَارِبًا يَلْتَمِسُ الْجَيْشَ، فَإِذَا هُوَ بِالْأَسَدِ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ إِنِّي مَوْلَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ مِنْ أَمْرِي كَيْتَ وَكَيْتَ، فَأَقْبَلَ الْأَسَدُ يُبَصْبِصُهُ حتى قام إلى جنبه، كلَّما سمع صوته أَهْوَى إِلَيْهِ، ثمَّ أَقْبَلُ يَمْشِي إِلَى جَنْبِهِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَبْلَغَهُ الْجَيْشَ ثمَّ رَجَعَ الْأَسَدُ عَنْهُ * رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (1) .
حَدِيثُ الْغَزَالَةِ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ - إِمْلَاءً - ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، ثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هِلَالٍ الْجُعْفِيُّ عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ قَدِ اصْطَادُوا ظَبْيَةً فَشَدُّوهَا عَلَى عَمُودِ فُسْطَاطٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُخِذْتُ وَلِي خَشْفَانِ، فَاسْتَأْذِنْ لِي أُرْضِعُهُمَا وَأَعُودُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَيْنَ صَاحِبُ هَذِهِ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: نَحْنُ يَا رَسُولَ الله، قال: خلُّوا عَنْهَا حَتَّى تَأْتِيَ خَشْفَيْهَا تُرْضِعُهُمَا وَتَرْجِعُ إِلَيْكُمْ.
فَقَالُوا: مَنْ لَنَا بِذَلِكَ؟ قَالَ أَنَا: فَأَطْلَقُوهَا فَذَهَبَتْ فَأَرْضَعَتْ ثمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِمْ فَأَوْثَقُوهَا، فمرَّ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أين أصحاب هَذِهِ؟ فَقَالُوا: هُوَ ذَا نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: تَبِيعُونِيهَا؟ فَقَالُوا: هِيَ لَكَ يَا رسول الله، فقال: خلو عَنْهَا، فَأَطْلَقُوهَا فَذَهَبَتْ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ - مِنْ أَصْلِهِ -، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ نَصْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيَرِينَ بِالْبَصْرَةِ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، ثَنَا حَبَّانُ بْنُ أَغْلَبَ بْنِ تميم، ثنا أبي، عن هشام بن حبان عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، عَنْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في حجر مِنَ الْأَرْضِ إِذَا هَاتِفُ يَهْتِفُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا،
قَالَ: فَمَشَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ فَإِذَا الْهَاتِفُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، وَإِذَا الْهَاتِفُ يَهْتِفُ بِي، فَاتَّبَعْتُ الصَّوت وَهَجَمْتُ عَلَى ظَبْيَةٍ مَشْدُودَةٍ فِي وَثَاقٍ، وَإِذَا أَعْرَابِيٌّ مُنْجَدِلٌ فِي شَمْلَةٍ نَائِمٌ فِي الشَّمس، فَقَالَتِ الظَّبية: يَا رَسُولَ الله، إنَّ هذا الأعرابي صادني قبل، وَلِي خَشْفَانِ فِي هَذَا الْجَبَلِ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُطْلِقَنِي حَتَّى أُرْضِعَهُمَا ثمَّ أَعُودُ إِلَى وَثَاقِي؟ قَالَ: وَتَفْعَلِينَ؟ قَالَتْ: عَذَّبَنِي اللَّهُ عَذَابَ الْعِشَارِ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ، فَأَطْلَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَمَضَتْ فَأَرْضَعَتِ الْخَشْفَيْنِ وجاءت، قَالَ: فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوثِقُهَا إذا انْتَبَهَ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا، رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُهَا قُبَيْلًا.
فَلَكَ فِيهَا مِنْ حَاجَةٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: هِيَ لَكَ، فأطلَقَهَا فَخَرَجَتْ تَعْدُو فِي الصَّحراء فَرَحًا وَهِيَ تَضْرِبُ بِرِجْلَيْهَا فِي الْأَرْضِ وَتَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ * قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَقَدْ رَوَاهُ آدَمُ بن أبي إياس فقال: حدثني حبي
(1) دلائل النبُّوة للبيهقي ج 6 / 46.
(*)
الصَّدوق، نُوحُ بْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ حَبَّانَ بْنِ أغلب، عن أبيه، عن هشام بن حبان وَلَمْ يُجَاوِزْهُ بِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْفَقِيهُ فِي كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عن ابن أَغْلَبَ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هِشَامِ بن حبان، عن الحسن بن ضبة بن أبي سَلَمَةَ بِهِ * وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ - إِجَازَةً - أنَّا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيبانيّ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي عروة (1) الْغِفَارِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، ثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ خَالِدُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: مرَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بِظَبْيَةٍ مَرْبُوطَةٍ إِلَى خِبَاءٍ فَقَالَتْ: يا رسول الله خلني حَتَّى أَذْهَبَ فَأُرْضِعُ خَشْفَيَّ ثمَّ أَرْجِعُ فَتَرْبُطُنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَيْدُ قَوْمٍ وَرَبِيطَةُ قَوْمٍ، قَالَ: فَأَخَذَ عَلَيْهَا فَحَلَفَتْ لَهُ، قَالَ: فَحَلَّهَا، فَمَا مَكَثَتْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَتْ وَقَدْ نَفَضَتْ مَا فِي ضَرْعِهَا، فَرَبَطَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَتَى خِبَاءَ أَصْحَابِهَا، فَاسْتَوْهَبَهَا مِنْهُمْ فَوَهَبُوهَا لَهُ فحلَّها، ثمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ تَعْلَمُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ، مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِينًا أَبَدًا * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخر ضعيف: أخبرنا أبو بكر محمد (2) بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي،
أنَّا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا يعلى بن إبراهيم الغزاليّ (3)، ثنا الهيثم بن حماد عن أبي كثير عن يزيد بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ، قال: فمررنا بخباء أعرابي، فإذا ظبية مَشْدُودَةٍ إِلَى الْخِبَاءِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ اصْطَادَنِي، وإنَّ لِي خَشْفَيْنِ فِي الْبَرِّيَّةِ.
وَقَدْ تَعَقَّدَ اللَّبن فِي أَخَلَافِي، فَلَا هُوَ يَذْبَحُنِي فَأَسْتَرِيحَ، وَلَا هُوَ يَدَعُنِي فَأَرْجِعَ إِلَى خَشْفَيَّ فِي البريَّة، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ تَرَكْتُكِ تَرْجِعِينَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَإِلَّا عَذَّبَنِيَ اللَّهُ عَذَابَ الْعِشَارِ، قَالَ: فَأَطْلَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ تَلْبَثْ أَنْ جَاءَتْ تلمض، فشدَّها رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخِبَاءِ، وَأَقْبَلَ الْأَعْرَابِيُّ وَمَعَهُ قِرْبَةٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَبِيعُنِيهَا؟ قَالَ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَطْلَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم * قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: فَأَنَا وَاللَّهُ رَأَيْتُهَا تسبح فِي البريَّة.
وَهِيَ تَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ (4) .
وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الحسن بن مطر، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى فَذَكَرَهُ * قُلْتُ: وَفِي بَعْضِهِ نَكَارَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ * وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي باب تكثيره عليه السلام اللَّبن حَدِيثَ تِلْكَ الشَّاة الَّتِي جَاءَتْ وَهِيَ فِي البريَّة، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَسَنُ بن سعيد مولى أبي بكر يَحْلُبَهَا فَحَلَبَهَا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا فَذَهَبَتْ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ذَهَبَ بِهَا الَّذِي جَاءَ بِهَا * وهو مروي من
(1) من الدلائل: غرزة.
(2)
من الدلائل، وفي الاصل أحمد.
وهو محمد بن الحسن بن عمران الواسطي القاضي أصله شامي ثقة من التاسعة (تقريب التهذيب 2 / 154 / 141) .
(3)
في الدلائل: الغزال.
(4)
رواه الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ بَابُ مَا جَاءَ فِي كلام الظبية ج 6 / 34 - 35.
ورواه أبو نعيم في الدلائل ص (320) ورواه السيوطي في الخصائص 2 / 60 عن أنس بن مالك وعن أم سلمة وغيرهما.
(*)
طَرِيقَيْنِ عَنْ صَحَابِيَّيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثُ الضَّب عَلَى مَا فِيهِ مِنَ النَّكَارَةِ وَالْغَرَابَةِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أنَّا أَبُو مَنْصُورٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّامغانيّ مِنْ سَاكِنِي قَرْيَةِ نَامِينَ مِنْ نَاحِيَةِ بَيْهَقَ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ - ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عدي الحافظ - في شعبان سنة اثنتين [وستين] وثلثمائة -[بجرجان] ثَنَا مُحَمَّدُ [بْنُ عَلِيِّ] بْنِ الْوَلِيدِ السُّلَمِيِّ، ثنا محمد بن عبد الأعلى، ثنا معمر بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا كَهَمْسٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَامِرٍ [عَنْ] ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مَحْفَلٍ من أصحابه إذا جَاءَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَدْ صَادَ ضَبًّا وَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ فَيَشْوِيَهُ وَيَأْكُلَهُ، فلمَّا رَأَى الْجَمَاعَةَ قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الَّذِي يَذْكُرُ أنَّه نَبِيٌّ، فَجَاءَ فَشَقَّ النَّاس فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى ما شملت السَّماء عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْكَ، وَلَا أَمْقُتُ مِنْكَ، وَلَوْلَا أَنْ يُسَمِّيَنِي قَوْمِي عَجُولًا لَعَجِلْتُ عَلَيْكَ فَقَتَلْتُكَ فَسَرَرْتُ بِقَتْلِكَ: الْأَسْوَدَ وَالْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ وَغَيْرَهُمْ.
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخطَّاب: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي فَأَقُومَ فَأَقْتُلَهُ، قَالَ: يَا عُمَرُ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَلِيمَ كَادَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا؟ ثمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ قُلْتَ مَا قُلْتَ؟ وَقُلْتَ غَيْرَ الْحَقِّ؟ وَلَمْ تُكْرِمْنِي فِي مَجْلِسِي؟ فَقَالَ: وَتُكَلِّمُنِي أَيْضًا؟ - اسْتِخْفَافًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا آمِنْتُ بِكَ أَوْ يُؤْمِنُ بِكَ هَذَا الضَّبُّ - وَأَخْرَجَ الضَّب مِنْ كمِّه وَطَرَحَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا ضَبُّ، فَأَجَابَهُ الضَّبّ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ يَسْمَعُهُ الْقَوْمُ جَمِيعًا: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا زَيْنُ مَنْ وَافَى الْقِيَامَةَ قَالَ: مَنْ تَعْبُدُ يَا ضَبُّ؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّماء عَرْشُهُ، وَفِي الْأَرْضِ سُلْطَانُهُ، وَفِي الْبَحْرِ سَبِيلُهُ، وَفِي الجنَّة رَحْمَتُهُ، وَفِي النَّار عِقَابُهُ، قَالَ: فَمَنْ أَنَا يَا ضَبُّ؟ فَقَالَ: رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَاتَمُ النَّبيّين، وَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ صدَّقك، وَقَدْ خَابَ مَنِ كذَّبك، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهُ لَا أَتَّبِعُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكَ وَمَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَبْغَضُ إليَّ مِنْكَ، وإنَّك الْيَوْمَ أَحَبُّ إليَّ من والدي، وَمِنْ عَيْنِي وَمِنِّي، وَإِنِّي لَأُحِبُّكَ بِدَاخِلِي وَخَارِجِي، وَسِرِّي وَعَلَانِيَتِي، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَّاكَ بِي، إنَّ هَذَا الدِّين يَعْلُو وَلَا يُعلى، وَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِصَلَاةٍ، وَلَا تُقْبَلُ الصَّلاة إِلَّا بِقُرْآنٍ، قَالَ: فعلِّمني، فعلمه: قل هو الله أحد، قَالَ: زِدْنِي فَمَا سَمِعْتُ فِي الْبَسِيطِ وَلَا فِي الْوَجِيزِ (1) أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، قَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ: إنَّ هَذَا كَلَامُ اللَّهِ، لَيْسَ بِشِعْرٍ،
إنَّك إِنْ قَرَأْتَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مَرَّةً كَانَ لَكَ كَأَجْرِ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَ القرآن، وإن قرأتها مَرَّتَيْنِ كَانَ لَكَ كَأَجْرِ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ، وَإِذَا قَرَأَتَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَانَ لَكَ كَأَجْرِ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نِعْمَ الْإِلَهُ إِلَهُنَا.
يَقْبَلُ الْيَسِيرَ وَيُعْطِي الْجَزِيلَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ألك مال؟
(1) في البيهقي: الرجز.
(*)
فَقَالَ: مَا فِي بَنِي سُلَيْمٍ قَاطِبَةً رَجُلٌ هُوَ أَفْقَرُ مِنِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ.
أَعْطُوهُ، فَأَعْطَوْهُ حَتَّى أَبْطَرُوهُ، قَالَ: فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَهُ عِنْدِي نَاقَةً عُشَرَاءَ، دُونَ الْبُخْتِيَّةِ وَفَوْقَ الْأَعْرَى، تَلْحَقُ وَلَا تُلْحَقُ أُهْدِيَتْ إِلَيَّ يَوْمِ تَبُوكَ، أَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ عز وجل فَأَدْفَعُهَا إِلَى الْأَعْرَابِيِّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وصفت ناقتك، فأصف مالك عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَكَ نَاقَةٌ مِنْ دُرَّةٍ جَوْفَاءَ قَوَائِمُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ، وَعُنُقُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ أَصْفَرَ، عَلَيْهَا هَوْدَجٌ، وَعَلَى الْهَوْدَجِ السُّنْدُسُ وَالْإِسْتَبْرَقُ، وتمرُّ بِكَ عَلَى الصِّراط كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ.
يَغْبِطُكَ بِهَا كُلٌّ مَنْ رَآكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فَقَالَ عَبْدُ الرَّحمن: قَدْ رَضِيتُ.
فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ فَلَقِيَهُ أَلْفُ أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى أَلْفِ دَابَّةٍ، مَعَهُمْ أَلْفُ سَيْفٍ وَأَلْفُ رُمْحٍ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نَذْهَبُ إِلَى هَذَا الَّذِي سَفَّهَ آلِهَتَنَا فَنَقْتُلُهُ.
قَالَ: لَا تَفْعَلُوا، أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله، وحدَّثهم الحديث، فقالوا بأجمعهم: نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثمَّ دَخَلُوا، فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ، فتلقَّاهم بلا رداء، ونزلوا عن ركبهم يقبلون حيث ولوا عنه وَهُمْ يَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، ثمَّ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مُرْنَا بِأَمْرِكَ.
قَالَ: كُونُوا تَحْتَ رَايَةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ * فَلَمْ يُؤْمِنْ مِنَ الْعَرَبِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ أَلْفٌ غَيْرُهُمْ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَدْ أخرجه شيخنا أو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي الْمُعْجِزَاتِ بِالْإجَازَةِ عَنْ أَبِي أَحْمَدِ بْنِ عَدِيٍّ الْحَافِظِ (1) .
قُلْتُ، وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ أَبِي القاسم بْنِ أَحْمَدَ الطَّبرانيّ - إِمْلَاءً وَقِرَاءَةً - حدَّثنا مُحَمَّدُ بن علي بن الوليد السلميّ البصري أبو بكر بن كنانة: فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ محمد بن علي بن الوليد السلميّ.
قال البيهقيّ: روي فِي ذَلِكَ عَنْ
عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ أَمْثَلُ الْأَسَانِيدِ فِيهِ وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ، وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَى هَذَا السُّلَمِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثُ الْحِمَارِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ من الحفَّاظ الكبار فقال أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن حمدان السحر كي، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ، حدَّثنا أبو جعفر محمد بن يزيد - إِمْلَاءً -، أنَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي الصَّهباء، حدَّثنا أَبُو حُذَيْفَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِي مَنْظُورٍ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ أَصَابَهُ مِنْ سَهْمِهِ أربعة أزواج بغال وَأَرْبَعَةُ أَزْوَاجِ خِفَافٍ، وَعَشْرُ أَوَاقِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَحِمَارٌ أَسْوَدُ، وَمِكْتَلٌ، قَالَ: فكلَّم النَّبيّ صلى الله عليه وسلم الْحِمَارَ فَكَلَّمَهُ الْحِمَارُ، فَقَالَ له: ما اسمك، قال: يزيد بن
(1) رواه البيهقي في الدلائل ج 6 / 36 - 38، ورواه أبو نعيم في الدلائل ص 320.
ونقله السيوطي في الخصائص 2 / 65 وعزاه للطبراني في الاوسط والصغير ولابن عدي وللحاكم في المعجزات وللبيهقي ولابي نعيم ولابن عساكر.
وما بين معكوفتين في الحديث زيادة استدركت من البيهقي.
(*)
شِهَابٍ، أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْ نَسْلِ جَدِّي سِتِّينَ حماراً كلَّهم لم يركبهم إلا نبي، لم يَبْقَ مِنْ نَسَلِ جَدِّي غَيْرِي، وَلَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرُكَ، وَقَدْ كُنْتُ أَتَوَقَعُكَ أَنْ تَرْكَبَنِي، قَدْ كُنْتُ قَبْلَكَ لِرَجُلٍ يَهُودِيٍّ، وَكُنْتُ أُعْثِرُ بِهِ عَمْدًا، وَكَانَ يُجِيعُ بَطْنِي وَيَضْرِبُ ظَهْرِي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سميتك يعفور، يا يعفور، قال: لبيك، قال: تشتهي الْإِنَاثَ؟ قَالَ: لَا، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْكَبُهُ لِحَاجَتِهِ، فَإِذَا نَزَلَ عَنْهُ بَعَثَ بِهِ إِلَى بَابِ الرَّجل فَيَأْتِي الْبَابَ فَيَقْرَعُهُ بِرَأْسِهِ فَإِذَا خَرَجَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الدَّار أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ أَجِبْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا قُبض النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جاء إلى بئر كان لأبي الهيثم بن النبهان فتردَّى فِيهَا فَصَارَتْ قَبْرَهُ جَزَعًا مِنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
حديث الحمرة وهو طَائِرٌ مَشْهُورٌ قَالَ أَبُو دَاوُدِ الطَّيَالِسِيُّ: ثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ [عَنْ عَبْدِ اللَّهِ](1)، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَدَخَلَ رجل غيظة فَأَخْرَجَ بَيْضَةَ حُمَّرَةٍ فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ تَرِفُّ عَلَى رسول الله وَأَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أيُّكم فَجَعَ هَذِهِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ من القوم: أنا أخذت بيضتها، فقال: ردَّه ردَّه رحمةً بها (2) .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ: عَنِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ (3) عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيبانيّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أبيه قال: كنَّا مع رسول الله فِي سَفَرٍ فَمَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ فِيهَا فَرْخَا حُمَّرَةٍ فَأَخَذْنَاهُمَا، قَالَ: فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهي تفرش، فَقَالَ: مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِفَرْخَيْهَا؟ قَالَ: فَقُلْنَا: نَحْنُ، قَالَ: ردَّوهما، فَرَدَدْنَاهُمَا إِلَى مَوْضِعِهِمَا فَلَمْ تَرْجِعْ (4) .
حَدِيثٌ آخَرَ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ غَرَابَةٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ قَالَا: ثَنَا: أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأُمَوِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُتْبَةَ الْكِنْدِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلت، ثَنَا حِبَّانُ، ثَنَا أبو سعيد البقَّال، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ، قَالَ: فَذَهَبَ يَوْمًا فَقَعَدَ تَحْتَ سَمُرَةٍ وَنَزَعَ خُفَّيْهِ، قَالَ: وَلَبِسَ أَحَدَهُمَا، فَجَاءَ طَيْرٌ فَأَخَذَ الخفَّ الْآخَرَ فحلَّق بِهِ فِي السَّماء.
فَانْسَلَّتْ منه أسود سالح، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَذِهِ كَرَامَةٌ أَكْرَمَنِيَ اللَّهُ بِهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا مشى على رجليه، ومن شرِّ ما يمشي على بطنه.
(1) من أبي داود والبيهقي.
(2)
أخرجه أبو داود في الجهاد حديث 2675 وفي الادب بنفس الاسناد حديث 5268.
(3)
ذكره في الدلائل: أبو سعيد محمد بن موسى.
(4)
أخرجه البيهقي في الدلائل 6 / 32 - 33، وأبو داود (انظر الحاشية السابقة) ورواه السيوطي في الخصائص الكبرى 2 / 63 وعزاه للبيهقي وأبي نعيم الشيخ في كتاب العظمة كلهم عن ابن مسعود.
(*)
حَدِيثٌ آخَرُ
قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا مُعَاذٌ، حدَّثني أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حدَّثنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ومعهما مثل المصباحين بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فلمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ (1) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ الْأَنْصَارِيَّ وَرَجُلًا آخَرَ (2) مِنَ الْأَنْصَارِ تحدَّثا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ لَهُمَا حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيل سَاعَةٌ، وَهِيَ لَيْلَةٌ شَدِيدَةُ الظُّلْمَةِ، حَتَّى خَرَجَا مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقَلِبَانِ، وَبِيَدِ كُلِّ واحد منهما عصية، فأضاءت عصى أَحَدِهِمَا لَهُمَا حَتَّى مَشَيَا فِي ضَوْئِهَا، حَتَّى إِذَا افْتَرَقَتْ بِهِمَا الطَّريق أَضَاءَتْ لِلْآخَرِ عَصَاهُ حتى مشى في ضوئها حتى أتى كل مِنْهُمَا فِي ضَوْءِ عَصَاهُ حَتَّى بَلَغَ أَهْلَهُ (3) .
وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ.
فَقَالَ: وَقَالَ مَعْمَرٌ فَذَكَرَهُ.
وعلَّقه الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ: أَنَّ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ وَأُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ مِثْلَهُ (4) .
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نافع، عن بشر بْنِ أُسَيْدٍ، وَأَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أنَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (5) الْأَصْبَهَانِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أنَّا كَامِلُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ: كنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ وَكَانَ يُصَلِّي فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ أَخَذَهُمَا فَوَضَعَهُمَا وَضْعًا رَفِيقًا، فَإِذَا عَادَ عَادَا، فلمَّا صلَّى جعل واحداً ههنا وواحداً ههنا، فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَّا أَذْهَبُ بِهِمَا إِلَى أُمِّهِمَا؟ [قَالَ: لَا] (6) فَبَرَقَتْ بِرْقَةٌ فَقَالَ: الْحَقَا بأمِّكما، فَمَا زَالَا يَمْشِيَانِ فِي ضَوْئِهَا حَتَّى دَخَلَا (7) .
حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، ثَنَا سفيان بن حمزة، عن كثير بن
(1) أخرجه البخاري في المناقب - علامات النبوة في الاسلام حديث 3639 فتح الباري 6 / 632.
(2)
هو عباد بن بشر - هكذا ذكره في المستدرك.
(3)
أخرجه الحاكم في المستدرك 3 / 288 وَقَالَ: " صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ " ونقله السيوطي في الخصائص 2 / 80 وعزاه لابن سعد والحاكم والبيهقي وأبي نعيم.
ورواه أبو نعيم في الدلائل ص (492) .
(4)
أخرجه البخاري في مناقب الانصار حديث (3805) .
والبيهقي في الدلائل ج 6 / 78.
(5)
في دلائل البيهقي 6 / 76: عبد الوهاب.
(6)
من الدلائل.
(7)
رواه البيهقي في الدلائل 6 / 76.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده 2 / 513 وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181 وقال: " رواه أحمد ورجال أحمد ثقات ".
(*)
زَيْدٍ (1) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فتفرَّقنا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ دُحْمُسَةٍ، فَأَضَاءَتْ أَصَابِعِي حتى جمعوا عليها ظهرهم، وما هلك منهم، وَإِنَّ أَصَابِعِي لَتُنِيرُ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيِّ.
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حمزة.
وَرَوَاهُ الطَّبرانيّ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ الزهري عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حَمْزَةَ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حدَّثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ: أحمد بن عبد الله المدني، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي عَبْسٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ، أَخْبَرَنِي مَيْمُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي عَبْسٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي أنَّ أَبَا عَبْسٍ، كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلوات ثمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَنِي حَارِثَةَ، فَخَرَجَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ مَطِيرَةٍ، فَنُوِّرَ لَهُ فِي عَصَاهُ حَتَّى دَخَلَ دَارَ بَنِي حَارِثَةَ * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَبُو عَبْسٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا (2) .
قُلْتُ: وَرَوَيْنَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَهُوَ مِنَ التَّابعين أنَّه كَانَ يَشْهَدُ الصَّلاة بِجَامِعِ دِمَشْقَ مِنْ جِسْرِيْنِ فَرُبَّمَا أَضَاءَتْ لَهُ إِبْهَامُ قَدَمِهِ فِي اللَّيلة الْمُظْلِمَةِ * وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي قِصَّةِ إِسْلَامِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدُّوسيّ بمكة قبل الهجرة، وأنَّه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آيَةً يَدْعُو قَوْمَهُ بِهَا، فلمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِمْ وَانْهَبَطَ مِنَ الثَّنِيَّةِ أَضَاءَ لَهُ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
فَقَالَ: اللَّهم [لَا] يَقُولُوا: هُوَ مُثْلَةٌ.
فَحَوَّلَهُ اللَّهُ إِلَى طَرَفِ سَوْطِهِ حَتَّى جَعَلُوا يرونه
مثل القنديل.
حَدِيثُ آخَرٌ فِيهِ كَرَامَةٌ لِتَمِيمٍ الدَّاري رَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: مِنْ حَدِيثِ عفَّان بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، [عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ] (3) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَرْمَلٍ قَالَ: خَرَجَتْ نَارٌ بالحرَّة فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى تَمِيمٍ الدَّاري فَقَالَ: قُمْ إِلَى هَذِهِ النَّار، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ أَنَا وَمَا أَنَا؟ قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَامَ مَعَهُ، قَالَ: وَتَبِعْتُهُمَا، فَانْطَلَقَا إِلَى النَّار، فَجَعَلَ تَمِيمٌ يَحُوشُهَا بِيَدَيْهِ حَتَّى دَخَلَتِ الشِّعب وَدَخَلَ تَمِيمٌ خَلْفَهَا، قَالَ: فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُولُ: لَيْسَ مَنْ رأى كمن لم ير، قالها ثلاثاً.
حَدِيثٌ فِيهِ كَرَامَةٌ لِوَلِيٍّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ مَعْدُودَةٌ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ لأنَّ كُلَّ مَا يَثْبُتُ لِوَلِيٍّ فَهُوَ مُعْجِزَةٌ لِنَبِيِّهِ.
قَالَ الْحَسَنُ بن عروة: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي سبرة
(1) من البخاري والبيهقي، وفي الاصل يزيد، وهو كثير بن زيد الأسلمي، أبو محمد المدني، ابن مافنة صدوق يخطئ من السابعة مات في آخر خلافة المنصور.
والخبر في دلائل البيهقي 6 / 79 ودلائل أبي نعيم ص (494) ونقله السيوطي في الخصائص (2 / 81) .
(2)
رواه البيهقي في الدلائل 6 / 79 والحاكم في المستدرك 3 / 350 وقال الذهبي " مرسل ".
(3)
من دلائل البيهقي 6 / 80.
(*)
النَّخَعِيِّ، قَالَ: أَقْبَلُ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَنِ فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّريق، نَفَقَ حِمَارَهُ فَقَامَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صلَّى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي جئت من الدفينة (1) مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَأَنَا أَشْهَدُ أنَّك تحيي الموتي وتبعث مَنْ فِي الْقُبُورِ، لَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ مِنَّةً، أَطْلُبُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ أَنْ تَبْعَثَ حِمَارِي، فَقَامَ الْحِمَارُ يَنْفُضُ أُذُنَيْهِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ كَرَامَةً لِصَاحِبِ الشَّريعة.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهليّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ وَكَأَنَّهُ عِنْدَ إسماعيل عنهما.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ (2) .
طَرِيقٌ أُخْرَى قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كتاب " من عاش بَعْدَ الْمَوْتِ ": حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَحْمَدُ بْنُ بُجَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ قَوْمًا أَقْبَلُوا مِنَ الْيَمَنِ مُتَطَوِّعِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَنَفَقَ حِمَارُ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَرَادُوهُ أَنْ يَنْطَلِقَ مَعَهُمْ فَأَبَى، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وصلَّى ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي جِئْتُ مِنَ الدفينة مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أنَّك تحيي الموتي وتبعث مَنْ فِي الْقُبُورِ، لا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ عَلِيَّ مِنَّةً، فَإِنِّي أَطْلُبُ إِلَيْكَ أَنْ تَبْعَثَ لِي حِمَارِي، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْحِمَارِ [فَضَرَبَهُ] فَقَامَ الْحِمَارُ يَنْفُضُ أُذُنَيْهِ، فَأَسْرَجَهُ وَأَلْجَمَهُ، ثمَّ رَكِبَهُ وَأَجْرَاهُ فَلَحِقَ بِأَصْحَابِهِ، فَقَالُوا لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: شَأْنِي أنَّ اللَّهَ بَعَثَ حِمَارِي * قَالَ الشِّعبيّ: فَأَنَا رَأَيْتُ الْحِمَارَ بِيعَ أَوْ يُبَاعُ فِي الْكُنَاسَةِ - يَعْنِي بِالْكُوفَةِ -.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: وَأَخْبَرَنِي العبَّاس بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ النَّخعيّ، أنَّ صَاحِبَ الْحِمَارِ رَجُلٌ مِنَ النَّخع، يُقَالُ لَهُ نُبَاتَةُ بْنُ يَزِيدَ، خَرَجَ فِي زَمَنِ عُمَرَ غازياً، حتى إذا كان يلقى عميرة نفق حماره فذكر القصَّة، غير أنَّه قال: فباعه بعد بالكناسة، فَقِيلَ لَهُ: تَبِيعُ حِمَارَكَ وَقَدْ أَحْيَاهُ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ من رهطه ثلاث أَبْيَاتٍ فَحَفِظْتُ هَذَا الْبَيْتَ: ومنَّا الَّذِي أَحْيَا الإلهُ حمارَهُ * وَقَدْ مَاتَ مِنْهُ كُلُّ عُضْوٍ وَمَفْصِلِ (3) وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ رِضَاعِهِ عليه السلام، مَا كَانَ مِنْ حِمَارَةِ حَلِيمَةَ السَّعدية وَكَيْفَ كَانَتْ تَسْبِقُ الرَّكب فِي رُجُوعِهَا لَمَّا رَكِبَ مَعَهَا عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رضيع، وقد كانت أدمت بالرَّكب فِي مَسِيرِهِمْ إِلَى مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ ظَهَرَتْ بَرَكَتُهُ عَلَيْهِمْ فِي شَارِفِهِمْ - وَهِيَ النَّاقة الَّتِي كانوا يحلبونها - وشياههم وسمنهم وكثرة ألبانها، صلوات الله وسلامه عليه.
(1) في دلائل البيهقي: الدثنية.
(2)
رواه البيهقي في الدَّلائل من طريق إسماعيل بن محمد الصفار عن الحسن بن عرفة، وفي أصول ابن كثير عروة.
وهو تصحيف.
وهو الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي، أبو علي البغدادي صدوق من العاشرة مات سنة 257 وقد جاوز المئة.
(تقريب التهذيب 1 / 168) .
(3)
ذكره الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَلِيٍّ الحسين بن صفوان 6 / 49.
(*)
قصَّة أُخْرَى مَعَ قصَّة الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنيا: حدَّثني خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ عَجْلَانَ المهلَّبيّ وَإِسْمَاعِيلُ بن بشار (1) قَالَا: ثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: عُدْنَا شَابًّا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ مَاتَ، فَأَغْمَضْنَاهُ وَمَدَدْنَا عَلَيْهِ الثَّوْبَ، وَقَالَ بَعْضُنَا لِأُمِّهِ: احْتَسِبِيهِ، قَالَتْ: وَقَدْ مَاتَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، فمدَّت يَدَيْهَا إِلَى السَّماء وَقَالَتْ: اللَّهم إِنِّي آمنت بك، وهاجرت إلى رسولك، فَإِذَا نَزَلَتْ بِي شدَّة دَعْوْتُكَ فَفَرَّجْتَهَا، فَأَسْأَلُكَ اللَّهم لا تَحْمِلَ عَلَيَّ هَذِهِ الْمُصِيبَةَ، قَالَ: فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى أَكَلْنَا وَأَكَلَ معنا.
وقد رواه البيهقي عن أبي سعد (2) الماليني عن ابن عبدي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ أَبِي [الدُّمَيْكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ] (3) بْنِ عَائِشَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرٍ الْمُرِّيِّ (4) - أَحَدِ زهَّاد الْبَصْرَةِ وعبَّادها - مع لين في حديثه عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ القصَّة وَفِيهِ أنَّ أمَّ السَّائب كَانَتْ عَجُوزًا عَمْيَاءَ * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلٍ - يَعْنِي فِيهِ انقطاع - عن ابن عدي وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ * ثمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ فِي هَذِهِ الأمة ثلاثا لو كانت في بني إسرائل لَمَا تَقَاسَمَهَا الْأُمَمُ، قُلْنَا: مَا هِيَ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ: كُنَّا فِي الصُّفَّةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مُهَاجِرَةٌ وَمَعَهَا ابْنٌ لَهَا قَدْ بَلَغَ، فَأَضَافَ الْمَرْأَةَ إِلَى النِّسَاءِ، وَأَضَافَ ابْنَهَا إِلَيْنَا، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ أَصَابَهُ وَبَاءُ الْمَدِينَةِ، فَمَرِضَ أَيَّامًا ثُمَّ قُبِضَ، فَغَمَّضَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ بِجِهَازِهِ، فلمَّا أَرَدْنَا أَنْ نُغَسِّلَهُ، قَالَ: يَا أَنَسُ ائْتِ أُمَّهُ فَأَعْلِمْهَا، فَأَعْلَمْتُهَا، قَالَ: فَجَاءَتْ حَتَّى جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ فأخذت بهما، ثم قالت: اللهم إني أسلمت لك طوعاً، وخالفت الْأَوْثَانَ زُهْدًا، وَهَاجَرْتُ لَكَ رَغْبَةً، اللَّهم لَا تشمت بي عبدة الأوثان، ولا تحمِّلني من هَذِهِ الْمُصِيبَةِ مَالَا طَاقَةَ لِي بِحَمْلِهَا، قَالَ: فو الله مَا انْقَضَى كَلَامُهَا حَتَّى حرَّك قَدَمَيْهِ وَأَلْقَى الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَعَاشَ حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم، وَحَتَّى هَلَكَتْ أُمُّهُ * قَالَ: ثمَّ جهَّز عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جيشا واستعمل عليهم العلاء بن الحضرمي، قال أنس: وكنت في
غزاته فأتينا مغازينا فوجدنا القوم قد بدروا (5) بنا فعفوا آثار الماء، والحر شديد، فجهدنا العطش ودوابنا وذلك يوم الجمعة، فما مَالَتِ الشَّمس لِغُرُوبِهَا صلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ مدَّ يَدَهُ إِلَى السَّماء، وَمَا نَرَى فِي السَّماء شيئا.
قال: فو الله مَا حطَّ يَدَهُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا وَأَنْشَأَ سَحَابًا، وَأَفْرَغَتْ حَتَّى مَلَأَتِ الْغُدُرَ والشِّعاب، فَشَرِبْنَا وَسَقَيْنَا رِكَابَنَا، وَاسْتَقَيْنَا، ثمَّ أَتَيْنَا عدوَّنا وَقَدْ جَاوَزُوا خَلِيجًا فِي الْبَحْرِ إِلَى جَزِيرَةٍ، فَوَقَفَ عَلَى الْخَلِيجِ وَقَالَ: يَا عَلِيُّ، يَا عَظِيمُ، يَا حَلِيمُ، يَا كَرِيمُ، ثُمَّ قَالَ:
(1) في رواية البيهقي عن ابن أبي الدنيا: إسماعيل بن إبراهيم بن بسام.
(2)
من الدلائل 6 / 50 وفي الاصل سعيد.
(3)
من الدلائل وفي الاصل: ابن أبي الدميل عن عبد الله بن عائشة.
(4)
المري من الدلائل وفي الاصل المزني تحريف.
(5)
في البيهقي: قد نذروا.
(*)
أَجِيزُوا بِسْمِ اللَّهِ، قَالَ: فَأَجَزْنَا مَا يَبُلُّ الْمَاءُ حَوَافِرَ دَوَابِّنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا فأصبنا العدو غيلة (1) فقتلنا وأسرنا وسبينا، ثمَّ أَتَيْنَا الْخَلِيجَ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَأَجَزْنَا مَا يَبُلُّ الْمَاءُ حَوَافِرَ دَوَابِّنَا، قَالَ: فَلَمْ نَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى رُمِيَ فِي جِنَازَتِهِ، قَالَ: فَحَفَرْنَا لَهُ وغسَّلناه ودفنَّاه، فَأَتَى رَجُلٌ بَعْدَ فَرَاغِنَا مِنْ دَفْنِهِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْنَا: هَذَا خَيْرُ الْبَشَرِ، هَذَا ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ تَلْفِظُ الْمَوْتَى، فَلَوْ نَقَلْتُمُوهُ إِلَى مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ، إِلَى أَرْضٍ تَقْبَلُ الْمَوْتَى، فَقُلْنَا: مَا جَزَاءُ صَاحِبِنَا أَنْ نُعَرِّضَهُ للسِّباع تَأْكُلُهُ، قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا عَلَى نَبْشِهِ، فلمَّا وَصَلْنَا إِلَى اللَّحد إِذَا صَاحِبُنَا لَيْسَ فِيهِ، وَإِذَا اللَّحد مدَّ الْبَصَرِ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ، قَالَ: فَأَعَدْنَا التُّراب إِلَى اللَّحد ثمَّ ارْتَحَلْنَا * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قصَّة الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فِي اسْتِسْقَائِهِ وَمَشْيِهِمْ عَلَى الْمَاءِ دُونَ قصَّة الْمَوْتِ بِنَحْوٍ مَنْ هَذَا * وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ إِسْنَادًا آخَرَ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنِ الصَّلت بْنِ مَطَرٍ الْعِجْلِيِّ عن عبد الملك بن سَهْمٍ عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ فِي
الدُّعاء: يَا عَلِيمُ، يَا حَلِيمُ، يَا عَلِيُّ، يَا عَظِيمُ، إنَّا عَبِيدُكَ وَفِي سَبِيلِكَ نُقَاتِلُ عَدُوَّكَ، اسْقِنَا غَيْثًا نَشْرَبُ مِنْهُ وَنَتَوَضَّأُ، فَإِذَا تَرَكْنَاهُ فَلَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ فِيهِ نَصِيبًا غَيْرَنَا، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: اجْعَلْ لَنَا سَبِيلًا إِلَى عدوِّك، وَقَالَ فِي الْمَوْتِ: أخفَّ جُثَّتِي وَلَا تُطْلِعْ عَلَى عَوْرَتِي أَحَدًا فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ (2) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قِصَّةٌ أُخْرَى قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أنَّا الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثَنَا الحسن بن علي بن عثمان (3)، ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى دِجْلَةَ وَهِيَ مَادَّةٌ وَالْأَعَاجِمُ خَلْفَهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ اقْتَحَمَ بِفَرَسِهِ، فَارْتَفَعَ عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ النَّاس: بِسْمِ اللَّهِ ثمَّ اقْتَحَمُوا فَارْتَفَعُوا عَلَى الْمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيْهِمُ الْأَعَاجِمُ وَقَالُوا: دِيوَانُ دِيوَانُ، ثُمَّ ذَهَبُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ * قَالَ: فَمَا فقد النَّاس إلا قدحا كان معلقا بعذبة سَرْجٍ، فلمَّا خَرَجُوا أَصَابُوا الْغَنَائِمَ فَاقْتَسَمُوهَا فَجَعَلَ الرَّجل يَقُولُ: مَنْ يُبَادِلُ صَفْرَاءَ بِبَيْضَاءَ (4) .
قِصَّةٌ أُخْرَى قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحمن السلمي، أنَّا أبو عبد الله بن محمد السمريّ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السرَّاج، ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: ثَنَا أبو النضر، ثنا سليمان بن
(1) من البيهقي، وفي الاصل: عليه.
(2)
رواه البيهقي في الدلائل 51 - 53.
(3)
في الدلائل: عفان.
(4)
رواه البيهقي في الدلائل ج 6 / 53 - 54.
(*)
الْمُغِيرَةِ: أنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّ جَاءَ إِلَى دجلة وهي ترمي بالخشب مِنْ مَدِّهَا، فَمَشَى عَلَى الْمَاءِ وَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَقَالَ: هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ مَتَاعِكُمْ شَيْئًا فَنَدْعُوَ اللَّهَ عز وجل؟ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إسناد صحيح (1) .
قلت: وستأتي قصَّة مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ - وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبٍ - مَعَ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ حِينَ أَلْقَاهُ فِي النَّار فَكَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ عَلَى الخليل إبراهيم عليه السلام.
قصَّة زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ وَكَلَامُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَشَهَادَتُهُ بالرِّسالة لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَبِالْخِلَافَةِ لِأَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ ثُمَّ لِعُمْرَ ثمَّ لِعُثْمَانَ رضي الله عنهم.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، أنَّا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ: مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو بن كَشْمُرْدُ، أنَّا الْقُعْنَبِيُّ، أنَّا سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أن زيد بن خارجة الأنصاري ثمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ تُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَسُجِّيَ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ سَمِعُوا جَلْجَلَةً فِي صَدْرِهِ ثمَّ تكلَّم ثمَّ قَالَ: أَحْمَدُ أَحْمَدُ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ أَبُو بَكْرٍ الصِّديق الضَّعيف فِي نَفْسِهِ الْقَوِيُّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ فِي الْكِتَابِ الأوَّل، صَدَقَ صَدَقَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ مَضَتْ أَرْبَعٌ وَبَقِيَتْ ثِنْتَانِ أتت بالفتن، وأكل الشَّديد الضَّعيف وقامت السَّاعة وسيأتيكم عن جَيْشِكُمْ خَبَرُ، بِئْرِ أَرِيسَ، وَمَا بِئْرُ أَرِيسَ.
قَالَ يَحْيَى: قَالَ سَعِيدُ: ثمَّ هَلَكَ رَجُلٌ من بني خطمة فسجي بثوبه، فسمع جلجلة فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ تكلَّم فَقَالَ: إنَّ أَخَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ صَدَقَ صَدَقَ * ثمَّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى (2) بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ فَذَكَرَهُ وَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَلَهُ شَوَاهِدٌ * ثمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ " مَنْ عَاشَ بَعْدَ الْمَوْتِ ": حدَّثنا أَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحمن بْنُ يُونُسَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ.
قَالَ: جَاءَ يَزِيدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ إِلَى حَلْقَةِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحمن بِكِتَابِ أَبِيهِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - يَعْنِي إِلَى أُمِّهِ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيم مِنَ النُّعمان بْنِ بَشِيرٍ إِلَى أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ أَبِي هَاشِمٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فإنَّك كتبتِ إِلَيَّ لِأَكْتُبَ إِلَيْكِ بِشَأْنِ، زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ، وأنَّه كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أنَّه أَخَذَهُ وَجَعٌ فِي حَلْقِهِ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أصحِّ النَّاس أَوْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - فَتُوُفِّيَ بَيْنَ صَلَاةِ الْأَوْلَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، فَأَضْجَعْنَاهُ لِظَهْرِهِ وَغَشَّيْنَاهُ بِبَرْدَيْنِ وَكِسَاءٍ، فَأَتَانِي آتٍ فِي مَقَامِي، وَأَنَا أُسَبِّحُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ (3) فَقَالَ: إنَّ زَيْدًا قَدْ تَكَلَّمَ بَعْدَ وفاته، فانصرفت إليه مسرعاً،
(1) رواه البيهقي في الدلائل 6 / 54.
(2)
في الدلائل: قريش.
(3)
في الدلائل 6 / 56 العصر.
(*)
وَقَدْ حَضَرَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ يَقُولُ أَوْ يُقَالُ عَلَى لِسَانِهِ: الْأَوْسَطُ أَجْلَدُ الثَّلاثة الَّذِي كَانَ لَا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، كَانَ لَا يَأْمُرُ النَّاس، أَنْ يَأْكُلَ قويَّهم ضَعِيفَهُمْ، عَبْدُ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَدَقَ صَدَقَ كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ.
ثُمَّ قَالَ: عُثْمَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ يُعَافِي النَّاس، مِنْ ذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ، خَلَتِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَ أَرْبَعٌ، ثمَّ اخْتَلَفَ النَّاس وَأَكَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَا نظام [وأبيحت الأحماء، ثم ارعوى المؤمنون](1) وقال: كِتَابُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ، أيُّها النَّاس: أَقْبِلُوا عَلَى أمير كم وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَمَنْ تَوَلَّى فَلَا يعهدنَّ دَمًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا، اللَّهُ أَكْبَرُ هذه الجنَّة وهذه النَّار، ويقولن النَّبيّون والصِّديقون: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ هَلْ أَحْسَسْتَ لِي خَارِجَةَ لِأَبِيهِ، وَسَعْدًا اللَّذين قُتِلَا يَوْمَ أُحُدٍ؟ * (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نزَّاعة للشَّوى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى) * [المعارج: 16 - 19] ثمَّ خَفَتَ صَوْتُهُ، فَسَأَلْتُ الرَّهط عَمَّا سَبَقَنِي مِنْ كَلَامِهِ، فَقَالُوا: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: أَنْصِتُوا أَنْصِتُوا، فَنَظَرَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ فَإِذَا الصَّوت مِنْ تَحْتِ الثِّياب، قَالَ: فَكَشَفْنَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: هَذَا أَحْمَدُ رَسُولُ اللَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصَّدِّيقُ الْأَمِينُ، خليفة رسول الله كَانَ ضَعِيفًا فِي جِسْمِهِ، قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ صَدَقَ صَدَقَ وَكَانَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ.
ثمَّ رَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: عَنْ أَبِي نَصْرِ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أبي عمرو بن بجير (2) عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ [بْنِ الْجُنَيْدِ] عَنِ الْمُعَافَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ: هذا إسناد صحيح * وقد روى هشام بن عمار في كتاب البعث عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: حدَّثني عمير بن هانئ، حدَّثني النعمان بن بشير قال: توفي رجل منَّا يقال له: خارجة بن زيد فسجينا عليه ثوباً، فذكر نحو ما تقدم * قَالَ: الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَذَكَرَ
بِئْرَ أريس، كما ذكرنا في رواية الْمُسَيَّبِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْأَمْرُ فِيهَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتَمًا فَكَانَ فِي يَدِهِ، ثمَّ كَانَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُمْرَ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ حَتَّى وقع منه في بئر أريس بعدما مَضَى مِنْ خِلَافَتِهِ سِتِّ سِنِينَ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغَيَّرَتْ عمَّاله، وَظَهَرَتْ أَسْبَابُ الْفِتَنِ كَمَا قِيلَ عَلَى لِسَانِ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ.
قُلْتُ: وَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ قَوْلِهِ مَضَتِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَ أَرْبَعٌ أَوْ مَضَتْ أَرْبَعٌ وَبَقِيَ اثْنَتَانِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّواية وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ (3) : زَيْدُ بْنُ خَارِجَةَ الْخَزْرَجِيُّ الْأَنْصَارِيُّ شَهِدَ بَدْرًا، تُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ الْمَوْتِ * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِىَ فِي التَّكَلُّمِ بَعْدَ الْمَوْتِ عَنْ جَمَاعَةٍ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ * قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنيا: ثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، ثَنَا خَالِدٌ الطحَّان عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ
(1) من الدلائل، وفي الاصل: وانتجت الاكما، ثمَّ ارعوى المؤمنين.
(2)
في الدلائل: نجيد.
(3)
التاريخ الكبير 2 / 1 / 383.
(*)