الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهَا، فأُقسم بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تتفجَّر مِنْهَا يَنَابِيعُ الْمَاءِ، ثمَّ أَمَرَ النَّاس فَسَقَوْا وَشَرِبُوا وَمَلَأُوا قِرَبَهُمْ وَإِدَاوَاتِهِمْ * وأمَّا قصَّة إِحْيَاءِ الَّذِينَ قتلوا بسبب عبادة العجل وقصَّة البقرة، فيسأتي مَا يُشَابِهُهُمَا مِنْ إِحْيَاءِ حَيَوَانَاتٍ وَأُنَاسٍ، عِنْدَ ذكر إحياء الموتى على يد عيسى بن مريم والله أعلم * وقد ذكر أبو نعيم ههنا أَشْيَاءَ أُخَرَ تَرَكْنَاهَا اخْتِصَارًا وَاقْتِصَادًا * وَقَالَ هِشَامُ ابن عمارة في كتابه المبعث:
باب ما أعطي رسول الله صلى الله عليه وآله وَمَا أُعْطِيَ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ
حدَّثنا محمَّد بْنُ شعيب، حدَّثنا رَوْحُ بْنُ مُدْرِكٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ حسَّان التَّميميّ أنَّ مُوسَى عليه السلام أُعْطِيَ آيَةً مِنْ كُنُوزِ الْعَرْشِ، ربِّ لَا تُولِجِ الشَّيطان فِي قَلْبِي وَأَعِذْنِي مِنْهُ وَمِنْ كُلِّ سوء، فإنَّ لك اليد والسُّلطان وَالْمُلْكَ وَالْمَلَكُوتَ، دَهْرَ الدَّاهرين وَأَبَدَ الْآبِدِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: وَأُعْطِيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم آيتان مِنْ كُنُوزِ الْعَرْشِ، آخِرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: آمَنَ الرسول بما أنزل إليه من ربِّه إلى
آخرها.
قصَّة حَبْسِ الشَّمس عَلَى يُوشَعَ بْنِ نُونِ
بن أفرائم بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحمن عليهم السلام، وَقَدْ كَانَ نَبِيَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى عليه السلام، وَهُوَ الَّذِي خَرَجَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ التِّيه وَدَخَلَ بِهِمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ بَعْدَ حِصَارٍ وَمُقَاتَلَةٍ، وَكَانَ الْفَتْحُ قَدْ يُنْجَزُ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَادَتِ الشَّمس تَغْرُبُ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِمُ السَّبت فَلَا يتمكَّنون مَعَهُ مِنَ الْقِتَالِ، فَنَظَرَ إِلَى الشَّمس فَقَالَ: إنَّك مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، ثمَّ قال: اللَّهم احْبِسْهَا عَلَيَّ، فَحَبَسَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ الْبَلَدَ ثمَّ غَرَبَتْ، وَقَدْ قدَّمنا فِي قصَّة مِنْ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرزاق عن معمر بن هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ حِينَ صُلي الْعَصْرَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ للشَّمس: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ وأنا مأمور، اللَّهم امسكها عليَّ شَيْئًا، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَهَذَا النَّبيّ هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بن هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الشَّمس لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ عليه السلام لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ (1) * تفرَّد بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ * إِذَا عُلِمَ هَذَا فَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ
(1) أخرجه أحمد في مسنده 2 / 325.
(*)
فلقتين حتى صارت فلقة مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ - أَعْنِي حِرَاءَ - وَأُخْرَى مِنْ دونه، أعظم في المعجزة مِنْ حَبْسِ الشَّمس قَلِيلًا.
وَقَدْ قدَّمنا فِي الدَّلائل حَدِيثَ رَدِّ الشَّمْسِ بَعْدَ غُرُوبِهَا، وَذَكَرْنَا مَا قِيلَ فِيهِ مِنَ الْمَقَالَاتِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ * قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الزَّملكانيّ: وأمَّا حَبْسُ الشَّمس لِيُوشَعَ فِي قِتَالِ الجبَّارين، فَقَدِ انشقَّ الْقَمَرُ لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ فِلْقَتَيْنِ أَبْلَغُ مِنْ حَبْسِ الشَّمس عَنْ مَسِيرِهَا، وصحَّت الْأَحَادِيثُ وَتَوَاتَرَتْ بِانْشِقَاقِ الْقَمَرِ، وأنَّه كَانَ فِرْقَةٌ خَلْفَ الْجَبَلِ وَفِرْقَةٌ أمامه، وأنَّ قُرَيْشًا قَالُوا: هَذَا سِحْرٌ أَبْصَارَنَا، فَوَرَدَتِ الْمُسَافِرُونَ وَأَخْبَرُوا أنَّهم رَأَوْهُ مُفْتَرِقًا، قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: * (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) * [الْقَمَرِ: 1] قَالَ: وَقَدْ حُبِسَتِ الشَّمس لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا مَا رواه الطَّحاوي وقال: رواته ثقات، وسمَّاهم وعدَّهم وَاحِدًا وَاحِدًا، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوحَى إِلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمس، وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ صلَّى الْعَصْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهم إنَّه كَانَ فِي طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، فَارْدُدْ عَلَيْهِ الشَّمس، فردَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّمس حتى رؤيت، فَقَامَ عَلِيٌّ فصلَّى الْعَصْرَ، ثمَّ غَرَبَتْ * والثَّانية صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ فإنَّه صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ قُرَيْشًا عَنْ مَسْرَاهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَسَأَلُوهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَجَلَّاهُ اللَّهُ لَهُ حتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ وَوَصَفَهُ لَهُمْ، وَسَأَلُوهُ عَنْ عِيرٍ كَانَتْ لَهُمْ في الطَّريق فقال: إنَّها تصلى إِلَيْكُمْ مَعَ شُرُوقِ الشَّمس، فَتَأَخَّرَتْ فَحَبَسَ اللَّهُ الشَّمس عن الطُّلوع حتى كانت العصر * روى ذلك ابن بكير في زياداته على السُّنن، أمَّا حَدِيثُ ردِّ الشَّمس بِسَبَبِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَدْ تقدَّم ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ طريق أسماء بنت عميس، وهو أشهرها، وابن سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلِيٍّ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُسْتَنْكَرٌ من جميع الوجوه، وقد مال إلى تقويته أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأبو حفص الطَّحَاوِيُّ، وَالْقَاضِي عِيَاضٌ، وَكَذَا صحَّحه جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الرَّافضة كَابْنِ الْمُطَهَّرِ وَذَوِيِهِ، وَرَدَّهُ وَحَكَمَ بِضِعْفِهِ آخَرُونَ مِنْ كِبَارِ حفَّاظ الْحَدِيثِ ونقَّادهم، كَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُوزْجَانِيِّ، وحكاه عن شيخه محمَّد ويعلى بن عُبَيْدٍ الطَّنافسيين، وَكَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ الْبُخَارِيِّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ زَنْجَوَيْهِ أَحَدِ الحفَّاظ، وَالْحَافِظِ الْكَبِيرِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ عَسَاكِرَ، وَذَكَرَهُ الشَّيخ جَمَالُ الدِّين أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الجَّوزيّ فِي كِتَابِ الْمَوْضُوعَاتِ، وَكَذَلِكَ صرَّح بِوَضْعِهِ شَيْخَايَ الْحَافِظَانِ الْكَبِيرَانِ أَبُو الحجَّاج المزِّيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهبيّ * وأمَّا مَا ذَكَرَهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي زِيَادَاتِهِ عَلَى السِّيرة مِنْ تَأَخُّرِ طُلُوعِ الشَّمس عَنْ إِبَّانِ طُلُوعِهَا، فَلَمْ يُرَ لِغَيْرِهِ من العلماء، عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُشَاهَدَةِ، وأكثر ما في الباب أن الراوي روى تأخير طلوعها ولم نشاهد حَبْسَهَا عَنْ وَقْتِهِ * وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُطَهَّرِ فِي كِتَابِهِ الْمِنْهَاجِ، أنَّها ردَّت لِعَلِيٍّ مرَّتين، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ المتقدِّم، كَمَا ذُكِرَ، ثمَّ قَالَ: وأمَّا الثَّانِيَةُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْبُرَ الْفُرَاتَ بِبَابِلَ، اشْتَغَلَ كَثِيرٌ مِنْ
أَصْحَابِهِ بِسَبَبِ دوابِّهم، وصلَّى لِنَفْسِهِ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ العصر، وفاتت كثير مِنْهُمْ فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ، فَسَأَلَ اللَّهَ ردَّ الشَّمس فردَّت * قال: وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ بَعْدَ مُوسَى إِدْرِيسَ عليه السلام وهو