الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنَّ الرَّجل لينضح على حماره فينزح فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ بِذَنُوبٍ فَسُقِيَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَوَضَّأَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَفَلَ فِيهِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُعِيدَ فِي الْبِئْرِ، قَالَ: فَمَا نُزِحَتْ بَعْدُ، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ بَالَ ثُمَّ جَاءَ فتوضأ، ومسح على جنبه ثُمَّ صلَّى.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: ثَنَا الوليد بن عمرو بن مسكين، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُثَنَّى عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فنزلناه فَسَقَيْنَاهُ مِنْ بِئْرٍ لَنَا فِي دَارِنَا كَانَتْ تُسَمَّى النَّزُورَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَفَلَ فِيهَا فَكَانَتْ لَا تُنْزَحُ بَعْدُ.
ثُمَّ قَالَ لَا نَعْلَمُ هَذَا يُرْوَى إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
بَابُ تكثيره عليه السلام الأطعمة تَكْثِيرُهُ اللَّبن فِي مَوَاطِنٍ أَيْضًا
.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا رَوْحٌ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فمرَّ أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيَسْتَتْبِعَنِي (1) فَلَمْ يَفْعَلْ، فمرَّ عمر رضي الله عنه فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيَسْتَتْبِعَنِي فَلَمْ يَفْعَلْ، فمرَّ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَعَرَفَ مَا فِي وَجْهِي وَمَا فِي
نَفْسِي فَقَالَ: أَبَا هريرة، قلت لَهُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: الْحَقْ وَاسْتَأْذَنْتُ فَأَذِنَ لِي فَوَجَدْتُ لَبَنًا فِي قَدَحٍ قال: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا اللَّبن؟ فَقَالُوا: أَهْدَاهُ لَنَا فُلَانٌ أَوْ آلُ فُلَانٍ، قَالَ: أَبَا هِرٍّ، قَلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى أَهْلِ الصَّفة فَادْعُهُمْ لِي، قَالَ وأهل الصَّفة أضياف الإسلام لم يأووا إِلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ إِذَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةٌ أَصَابَ مِنْهَا وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِنْهَا، وَإِذَا جَاءَتْهُ الصَّدقة أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يُصِبْ مِنْهَا - قَالَ: وَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُصِيبَ مِنَ اللَّبن شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا بَقِيَّةَ يَوْمِي وَلَيْلَتِي، وَقُلْتُ: أَنَا الرَّسول، فَإِذَا جَاءَ الْقَوْمُ كُنْتُ أنا الذي أعطيهم، وقلت: ما بيقى لِي مِنْ هَذَا اللَّبن وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ بُدٌّ، فَانْطَلَقْتُ فَدَعَوْتُهُمْ فأقبلوا فاستأذنوا لَهُمْ فَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ: أَبَا هِرٍّ خُذْ فَأَعْطِهِمْ، فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِمْ فَيَأْخُذُ الرَّجل الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ الْقَدَحَ حتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِمْ، وَدَفَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ فِي يَدِهِ وَبَقِيَ فِيهِ فَضْلَةٌ ثمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَنَظَرَ إِلَيَّ وَتَبَسَّمَ وَقَالَ: أَبَا هِرٍّ، فَقُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ، فَقُلْتُ: صَدَقْتَ يا رسول الله قال: فاقعد فَاشْرَبْ، قَالَ: فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ ثُمَّ قَالَ لِي: اشْرَبْ، فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ لِي: اشْرَبْ فَأَشْرَبُ حتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ فِيَّ مَسْلَكًا، قَالَ: نَاوِلْنِي الْقَدَحِ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنَ الْفَضْلَةِ (2) .
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ.
وأخرجه الترمذي عن عباد بن يونس بن
(1) في البخاري: ليشبعني.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في المسند ج 2 / 515 والبخاري في الرقاق عن أبي نعيم حديث 6452 فتح الباري 11 / 281.
(*)
بُكَيْرٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ وَقَالَ الترمذى: صحيح.
وقال الإمام أحمد: ثنا أبو بكر بن عياش، حدَّثني عَنْ زِرٍّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فمرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا غُلَامُ هَلْ مِنْ لبن؟ قال: فقلت: نَعَمْ ولكنِّي مُؤْتَمَنٌ، قَالَ: فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ؟ فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ فَمَسَحَ ضَرْعَهَا فَنَزَلَ لَبَنٌ فَحَلَبَهُ فِي إِنَاءٍ فَشَرِبَ وَسَقَى
أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: اقْلِصْ، فَقَلَصَ، قَالَ: ثمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ علِّمني مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، قال: فمسح رأسي وقال: يا غلام يرحمك الله، فإنَّك عليم معلَّم (1) .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ عن عاصم عن أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرٍّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ فِيهِ: فَأَتَيْتُهُ بِعَنَاقٍ جَذَعَةٍ فَاعْتَقَلَهَا ثُمَّ جعل يمسح ضرعها ويدعو، وأتاه أبو بكر بجفنة فَحَلَبَ فِيهَا وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ شَرِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: اقْلِصْ فَقَلَصَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ علِّمني مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ: إنَّك غُلَامٌ معلَّم، فَأَخَذْتُ عَنْهُ سَبْعِينَ سُورَةً مَا نَازَعَنِيهَا بِشَرٌ.
وَتَقَدَّمَ فِي الهجرة حديث أم معبد وحلبه عليه السلام شَاتَهَا، وَكَانَتْ عَجْفَاءَ لَا لَبَنَ لَهَا فَشَرِبَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَغَادَرَ عِنْدَهَا إِنَاءً كَبِيرًا مِنْ لَبَنٍ حتَّى جَاءَ زَوْجُهَا.
وَتَقَدَّمَ فِي ذِكْرِ مَنْ كَانَ يَخْدُمُهُ مِنْ غَيْرِ مَوَالِيهِ عليه السلام الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ حِينَ شَرِبَ اللَّبَنَ الَّذِي كَانَ قَدْ جَاءَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ في اللَّيل لِيَذْبَحَ لَهُ شَاةً فَوَجَدَ لَبَنًا كَثِيرًا فحلب ماملا مِنْهُ إِنَاءً كَبِيرًا جِدًّا، الْحَدِيثَ * وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: ثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عن ابنة حباب أنَّها أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ فَاعْتَقَلَهَا وَحَلَبَهَا، فَقَالَ: ائْتِنِي بِأَعْظَمِ إِنَاءٍ لَكُمْ، فَأَتَيْنَاهُ بِجَفْنَةِ الْعَجِينِ، فَحَلَبَ فِيهَا حَتَّى مَلَأَهَا، ثمَّ قَالَ: اشْرَبُوا أَنْتُمْ وَجِيرَانُكُمْ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ببغداد، أنَّا إسمعيل بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الْأَزْرَقُ، ثَنَا عِصْمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخَزَّازُ، ثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ عَنْ نَافِعٍ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ: كنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سفر وكنَّا زهاء أربعمائة [رجل] فَنَزَلْنَا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَقَالُوا: رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَ، قَالَ: فَجَاءَتْ شُوَيْهَةٌ لَهَا قَرْنَانِ، فَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَلَبَهَا فَشَرِبَ حَتَّى رَوَى، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حتَّى رَوَوْا، ثُمَّ قَالَ: يَا نَافِعُ امْلِكْهَا اللَّيلة وَمَا أُرَاكَ تَمْلِكُهَا، قَالَ: فَأَخَذْتُهَا فَوَتَدْتُ لَهَا وَتَدًا، ثمَّ رَبَطْتُهَا بِحَبْلٍ ثمَّ قُمْتُ فِي بَعْضِ اللَّيل فَلَمْ أرَ الشَّاة، وَرَأَيْتُ الْحَبْلَ مَطْرُوحًا، فَجِئْتُ رَسُولَ الله فأخبرته من قبل أن يسألني، وقال: يَا نَافِعُ ذَهَبَ بِهَا الَّذِي جَاءَ بِهَا * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ الْوَلِيدِ - أَبِي الْوَلِيدِ الْأَزْدِيِّ - عَنْ خلف بن خليفة عن أبان (2) .
وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا إِسْنَادًا وَمَتْنًا * ثُمَّ قال البيهقي: أنا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنَا
أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، أنَّا ابن العبَّاس بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ العبَّاس، ثَنَا أَحْمَدُ بن سعيد بن أبي مريم، ثنا أبو
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1 / 379 والفسوي في المعرفة والتاريخ 2 / 537.
والبيهقي في الدلائل 2 / 171 - 172.
وفي روايته: أن أبا بكر اعتقلها وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله الضرع.
(2)
رواه الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشاة التي ظهرت فحلبت فأروت ج 6 / 137.
(*)
حَفْصٍ الرِّيَاحِيُّ، ثَنَا عَامِرُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ - يَعْنِي مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: احْلِبْ لِي الْعَنْزَ، قَالَ: وَعَهْدِي بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا عَنْزَ فيه، قال: فأتيت فإذا العنز حَافِلٍ، قَالَ: فَاحْتَلَبْتُهَا وَاحْتَفَظْتُ بِالْعَنْزِ وَأَوْصَيْتُ بِهَا، قَالَ: فَاشْتَغَلْنَا بالرِّحلة فَفَقَدْتُ [الْعَنْزَ] فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ فَقَدْتُ الْعَنْزَ، فَقَالَ: إنَّ لَهَا رَبًّا (1) ، وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا إِسْنَادًا وَمَتْنًا وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ.
وَسَيَأْتِي حَدِيثُ الْغَزَالَةِ فِي قِسْمٍ مَا يتعلق من المعجزات بالحيوانات.
تكثيره عليه السلام السَّمْنَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حدثنا شيبان، ثنا محمد بن زيادة البرجمي، عن أبي طلال، عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّهِ قَالَ: كَانَتْ لَهَا شَاةٌ فَجَمَعَتْ مِنْ سَمْنِهَا فِي عُكَّةٍ فَمَلَأَتِ الْعُكَّةَ ثُمَّ بَعَثَتْ بِهَا مَعَ رَبِيبَةَ (2) فَقَالَتْ: يَا رَبِيبَةُ أَبْلِغِي هَذِهِ الْعُكَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتَدِمُ بِهَا، فَانْطَلَقَتْ بِهَا رَبِيبَةُ حَتَّى أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ [عُكَّةُ] سَمْنٍ بَعَثَتْ بِهَا إِلَيْكَ أُمُّ سليم، قال: أفرغوا لَهَا عُكَّتَهَا، فَفُرِّغَتِ الْعُكَّةُ فَدُفِعَتْ إِلَيْهَا فَانْطَلَقَتْ بِهَا وَجَاءَتْ وَأُمُّ سُلَيْمٍ لَيْسَتْ فِي الْبَيْتِ فَعَلَّقَتِ الْعُكَّةَ عَلَى وَتَدٍ، فَجَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ فَرَأَتِ الْعُكَّةَ مُمْتَلِئَةً تَقْطُرُ، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَبِيبَةُ أَلَيْسَ أَمَرْتُكِ أَنْ تَنْطَلِقِي بِهَا إلى رسول الله؟ فَقَالَتْ: قَدْ فَعَلْتُ، فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقِينِي فَانْطَلِقِي فَسَلِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فانطلقت وَمَعَهَا رَبِيبَةُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي بَعَثْتُ مَعَهَا إِلَيْكَ بِعُكَّةٍ فِيهَا سَمْنٌ، قَالَ: قد فعلت، قد جاءت، قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ وَدِينِ الْحَقِّ إِنَّهَا لَمُمْتَلِئَةٌ تَقْطُرُ سَمْنًا، قَالَ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَتَعْجَبِينَ إِنْ كَانَ اللَّهُ أَطْعَمَكِ كَمَا أَطْعَمْتِ
نَبِيَّهُ؟ كُلِي وَأَطْعِمِي، قَالَتْ: فَجِئْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَقَسَمْتُ فِي قَعْبٍ لَنَا وَكَذَا وَكَذَا وَتَرَكْتُ فِيهَا مَا ائْتَدَمْنَا بِهِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ.
حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أنَّا الْحَاكِمُ، أنَّا الْأَصَمُّ، ثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ (3) القطَّان، ثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أُمِّ أَوْسٍ الْبَهْزِيَّةِ قَالَتْ: سَلَيْتُ سَمْنًا لِي فَجَعَلْتُهُ فِي عُكَّةٍ فَأَهْدَيْتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ فقبله وترك في العكة قليلاً
(1) المصدر السابق ج 6 / 138.
(2)
رواه الهيثمي في الزوائد: 8 / 309 وقال: رواه أبو يعلى والطبراني: إلا أنه قال: زينب بدل ربيبة، وفي اسنادهما اليشكري البرجمي وهو كذاب انتهى.
وأخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 204 وفي روايته زينب قال في الاصابة 4 / 320 وقد عزاه للطبراني وفي حفظي: أن قوله زينب تصحيف وإنما هي ربيبة.
(3)
في دلائل البيهقي 6 / 115: نجيح.
(*)
ونفخ فيها وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ ثمَّ قَالَ: ردُّوا عَلَيْهَا عُكَّتَهَا، فردُّوها عَلَيْهَا وَهِيَ مَمْلُوءَةٌ سَمْنًا، قَالَتْ: فَظَنَنْتُ أنَّ رسول الله لَمْ يَقْبَلْهَا فَجَاءَتْ وَلَهَا صُرَاخٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّما سَلَيْتُهُ لَكَ لِتَأْكُلَهُ، فَعَلِمَ أنَّه قَدِ اسْتُجِيبَ لَهُ، فَقَالَ: اذْهَبُوا فَقُولُوا لَهَا: فَلْتَأْكُلْ سَمْنَهَا، وَتَدْعُو بِالْبَرَكَةِ، فَأَكَلَتْ بَقِيَّةَ عُمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوِلَايَةَ أَبِي بَكْرٍ وَوِلَايَةَ عُمَرَ، وَوِلَايَةَ عُثْمَانَ، حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ مَا كَانَ.
حَدِيثٌ آخَرُ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ، عَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ المسور القرشيّ، عن محمد بن عمر بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ دَوْسٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ شَرِيكٍ، أَسْلَمَتْ فِي رَمَضَانَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي هِجْرَتِهَا وَصُحْبَةِ ذَلِكَ الْيَهُودِيِّ لَهَا، وأنَّها عَطِشَتْ فَأَبَى أَنْ يَسْقِيَهَا حَتَّى تَهَوَّدَ، فَنَامَتْ فَرَأَتْ فِي النَّوم مَنْ يَسْقِيهَا
فَاسْتَيْقَظَتْ وَهِيَ رَيَّانَةٌ، فَلَمَّا جاء رسول الله قصَّت عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَخَطَبَهَا إِلَى نَفْسِهَا فَرَأَتْ نَفْسَهَا أقلَّ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَتْ: بَلْ زوِّجني مَنْ شِئْتَ، فَزَوَّجَهَا زَيْدًا وَأَمَرَ لَهَا بِثَلَاثِينَ صَاعًا، وَقَالَ: كُلُوا وَلَا تَكِيلُوا، وَكَانَتْ مَعَهَا عكة سمن هدية لرسول الله، فَأَمَرَتْ جَارِيَتَهَا أَنْ تَحْمِلَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، ففرغت وأمرها رسول الله إِذَا ردَّتها أَنْ تُعَلِّقَهَا وَلَا تُوكِئَهَا، فَدَخَلَتْ أُمُّ شَرِيكٍ فَوَجَدَتْهَا مَلْأَى، فَقَالَتْ لِلْجَارِيَةِ: أَلَمْ آمُرْكِ أَنْ تَذْهَبِي بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ؟ فَقَالَتْ: قَدْ فَعَلْتُ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يُوكِئُوهَا فَلَمْ تَزَلْ حَتَّى أَوْكَتْهَا أُمُّ شَرِيكٍ ثمَّ كَالُوا الشَّعير فَوَجَدُوهُ ثلاثين صاعاً لم ينقص منه شئ (1) .
حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثنا حسن، ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ثَنَا أَبُو الزُّبير عَنْ جابر أن أم مالك البهزية كَانَتْ تُهْدِي فِي عُكَّةٍ لَهَا سَمْنًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَمَا بَنُوهَا يَسْأَلُونَهَا الإدام وليس عندها شئ فعمدت إلى عكتها التي كانت تهدي فيها إِلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أعصرتيه؟ فقلت: نَعَمْ قَالَ: لَوْ تَرَكْتِيهِ مَا زَالَ ذَلِكَ مُقِيمًا.
ثمَّ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ يَسْتَطْعِمُهُ فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ فَمَا زَالَ الرَّجل يَأْكُلُ مِنْهُ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفٌ لَهُمْ حَتَّى كَالُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ لم تكيلوه لأكلتم فيه وَلَقَامَ لَكُمْ (2) * وَقَدْ رَوَى هَذَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جابر.
(1) رواه البيهقي في حديث طويل في الدلائل ج 6 / 123 - 124.
(2)
روى الإمام أحمد الحديثين في مسنده ج 3 / 340 - 347.
والثاني في 3 / 337 - 347 ورواهما مسلم في الفضائل ج 4 / 1784.
والبيهقي في الدلائل 6 / 114.
(*)