الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ»
1814 -
حدثنا آدم حدثنا الأسود بن قيس حدثنا سعيد بن عمرو أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ» [ر 1801].
الشرح:
هذه الترجمة وصلها المؤلف: في الباب نفسه.
والمعلقات عند البخاري: تارة تكون مجزومًا بها وتارة غير مجزوم بها، والمجزوم بها تارة يصلها في الباب نفسه والترجمة نفسها وأحيانًا في باب آخر وأحيانًا معلقة له غير موصولة له في كتابه، وأما المعلقات التي ليس مجزومًا بها فتارة تكون مسندة عنده خلافًا لمن قال: إن قول البخاري: روي وما أشبه ذلك على صيغة التمريض يقتضي ضعف الحديث فهذا ليس على طريقة المتقدمين فالبخاري أحيانًا يقول: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا الإمام أحمد في مسائله يذكر نحو هذا ويكون هذا من أصحِّ ما يروى عن رسول الله؛ فالبخاري: تارة يعلق تعليقات ويصلها وبعض الأحيان لا يصلها؛ فإن كانت مجزومة بها عنده فإنها صحيحة إلى من علقها عنه وإن كانت غير مجزوم بها؛ فإن خرجها فقد أبان عن رأيه فيها وإن لم يخرجها ينظر فيها ولا ينسب إلى البخاري تضعيفها.
قوله: «إنا أمة أمية» من أحسن من تكلم على هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ج 25 ص 166.
وأنا أنقل أجزاء متفرقة من كلام شيخ الإسلام:
قال شيخ الإسلام: «إنا أمة أمية» ليس طلبًا للأمية فإنهم أميون قبل الشريعة لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} قال: فإذا كانت هذه صفة لهم ثابتة قبل المبعث لم يكونوا مأمورين بابتدائها يعني بعد ذلك نعم قد يكونون مأمورين بالبقاء على بعض أحكامها ولم يؤمروا أن يبقوا عليها مطلقًا
…
إلى قوله: فمن كتب أو حسب فليس من هذه الأمة في هذا الحكم - يعني الرؤية ومسألة الأهلة - وقال أيضًا: فلما بعث فيهم - أي النبي صلى الله عليه وسلم ووجب عليهم إتباع ما جاء به من الكتاب وتدبره وعقله والعمل به صاروا أهل علم وكتاب بل صاروا أعلم الخلق وأفضلهم في العلوم النافعة وزالت عنهم الأمية المذمومة وهي عدم العلم بالكتاب المنزل إلى أن علموا الكتاب والحكمة، ولهذا قال:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} قال: فإذا كانت هذه صفة لهم ثابتة قبل المبعث لم يكونوا مأمورين بابتدائها يعني بعد ذلك نعم قد يكونون مأمورين بالبقاء على بعض أحكامها ولم يؤمروا أن يبقوا عليها مطلقًا
…
إلى قوله: فمن كتب أو حسب فليس من هذه الأمة في هذا الحكم - يعني الرؤية ومسألة الأهلة - وقال أيضًا: فلما بعث فيهم - أي النبي صلى الله عليه وسلم ووجب عليهم إتباع ما جاء به من الكتاب وتدبره وعقله والعمل به صاروا أهل علم وكتاب بل صروا أعلم الخلق وأفضلهم في العلوم النافعة وزالت عنهم الأمية المذمومة وهي عدم العلم بالكتاب المنزل إلى أن علموا الكتاب والحكمة، ولهذا قال:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} الآية إلى أن قال: فصارت هذه الأمية منها ما هو محرم، ومنها ما هو مكروه، ومنها ما هو نقص وترك الأفضل فمن لم يقرأ الفاتحة أو شيئًا من القرآن يسميه الفقهاء أميًّا ....
إلى قوله: والخط والكتابة إذا حصّلها الإنسان واستعان بها على كماله وفضله كالذي يتعلم الخط لأجل تعلم القرآن وكتب العلوم النافعة؛ كان هذا فضلًا وكمالًا؛ وإن استعان بها على تحصيل ما يضرُّه؛ كان هذا ضررًا في حقه وسيئًا
…
وقال أيضًا: وإن أمكن أن يستغني عنها بالكلية بأن ينال فضائل العلوم من غيرها وكمال التعلم وبدونها كان هذا أفضل وأكمل وهذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم بين المراد في قوله:«الشهر هكذا وهكذا» بين المراد أنا لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب
وحساب وهذا هو المراد: فليس فيه مدح للأمية مطلقة، وإنما الأمة الأمية تتعاطى هذا في مسألة الهلال ولا تتعاطى الكتاب والحساب؛ وأما الأمر بالكتابة والتعلم فهذا قد جاء في أخبارٍ وآثارٍ؛ فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم الحثُّ على التعلم حيث قال عليه الصلاة والسلام للشفاء بنت عبد الله:«علِّمي حفصة رقية النملة كما علمتيها الكتابة» فأمرها بأن تعلمها الكتابة ....» إلخ كلامه رحمه الله تعالى.
على أنه جاء في بعض الأخبار أن «من علامات الساعة فشو القلم» جاء هذا من حديث عمرو بن تغلب وجاء عن غيره (1) ولكن في هذه الأخبار - أخبار فشو القلم أو ظهور القلم - ضعف إن صح شيء منها فالأمة مهما بلغت توجد نسبة الأمية فيها بكثرة.
فالمراد بقوله: «إنا أمة أمية» لا نكتب ولا نحسب أن المراد بذلك هو في نفس الحكم هذا.
مسألة: هل صحَّ في أدعية رؤية الهلال شيء أم لا؟
الجواب: أن ظاهر المنقول عن بعض الحفاظ مثل أبي داود والعقيلي أنه لا يصلح عن النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة رؤية الهلال شيء، حتى قال أبو داود: ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم في رؤية الهلال حيث مسند، وأمثل ما في مسألة الدعاء عند
(1) وحديث عمرو بن تغلب أصله في الصحيح دون هذه اللفظة «وفشو القلم» فهي غير محفوظة في حديث عمرو وليس هذا موضع بسط الكلام عليها هنا، ولها شاهد من حديث ابن مسعود عند أحمد (1/ 407) وفي إسناده نظر بهذا اللفظ ولو صح فهو محمول على ظهور الكتابة ولا يعارضه أحاديث رفع العلم فالمراد العلم الشرعي فيقل جدًا مع وجود الكتبة، وهذا حال عصرنا بل قبله بدهور تجد الرجل كاتبًا ذا (شهادات عصرية كثيرة) ولا يفقه من دينه شيئًا، والله المستعان.
رؤية الهلال قوله: «اللهم أهلَّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام» أمثل ما فيها مرسل قتادة بن دعامة السدوسي لكني رأيت كلامًا للحافظ في الإصابة في ترجمة عبد الله بن هشام قال الحافظ: وأخرج أبو القاسم البغوي من طريق إصبغ عن ابن وهب عن سعيد عن زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام قال: كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يتعلمون الدعاء كما يتعلمون القرآن إن دخل الشهر أو السنة قالوا: «اللهم أدخله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والجواز من الشيطان ورضوان من الرحمن» وهذا السند بعينه وقع للبخاري في كتاب الشركة عن عبد الله بن هشام، وقد أخرج البخاري هذا السند في صحيحه ولكن على متن آخر، وأيضًا أخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس بسند لا بأس به أنه كره أن ينصب للهلال ولكن يعرض ويقول:«الله أكبر والحمد لله الذي أذهب هلال كذا وجاء بهلال كذا» قلت: إن ما يظهر لي من هذه الآثار أنها تُثبت الدعاء عند رؤية الهلال، فما صح عن ابن عباس مع مرسل قتادة والأثر الذي ذكرنا بسند البخاري يدل على أنه لا بأس بهذا الدعاء عند رؤية الهلال ولكن الذي يظهر أنه ليس محفوظًا من هذا الطريق، وأما الطرق التي رواها أهل السنن في حديث: «اللهم أهله علينا
…
» كلها مدخولة وكلها متكلم فيها فالعمدة على ما ذكرته من آثار حسب، فهي صحابة وهي سنة هدى.