الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ الْمَاءَ»
ولم يميز بين الصائم وغيره
.
وقال الحسن: لا بأس بالسعوط للصائم إن لم يصل إلى حلقه ويكتحل، وقال عطاء: إِنْ تَمَضْمَضَ ثُمَّ أَفْرَغَ مَا فِي فِيهِ مِنَ المَاءِ لَا يَضيِرُهُ إِنْ لَمْ يَزْدَرِدْ ريِقَهُ وَمَاذَا بَقِيَ فِي فِيهِ وَلَا يَمْضَغُ العِلْكَ فإِنِ ازْدَرَدَ رِيقَ العِلْكِ لَا أَقُولُ إِنَّهُ يُفْطِرُ وَلَكِنْ يُنْهَ عَنْخُ فَإِنِ اسْتَنْثَرَ فَدَخَلَ المَاءُ حَلْقَهُ لَا بَاسَ لَمْ يَمْلِكْ.
الشرح:
أن ما عقد له المؤلف هنا وهو قوله: «باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأ فليستنشق بمنخره من الماء» ولم يميز بين الصائم وغيره، هذا هو الصحيح أنه يستنشق وهو صائم ولكن لا يبالغ كما جاء في حديث عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه في سنن أبي داود وغيره:«أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» فالصائم منهي عن المبالغة في الاستنشاق لا أنه منهي عن أصل الاستنشاق فإنه يستنشق وجوبًا في الوضوء لكنه لا يبالغ خشية أن الماء يتدرج إلى خياشيمه فينزل إلى جوفه وذلك؛ لأن الأنف منفذ بخلاف العين والأذن فالأنف قد يخرج منه شيء من الماء عند المبالغة فيصل إلى المعدة فهو يشبه الفم ولهذا يدخل الطعام به عند بعض المرضى عافانا الله وإياكم من ذلك، ولهذا لا يقطر في الأنف وهو صائم أما القطرة في العين والأذن فلا بأس
قول المؤلف: «وقال الحسن: لا بأس بالسعوط للصائم إن لم يصل إلى حلقه ويكتحل» نقول قد يحتاج أحيانًا إلى الاستعاط للصائم فإذا لم يصل إلى
حلقة فلا بأس أما الكحل فقد مر الكلام عليه.
أما إذا تمضمض فكما قال عطاء: «إذا تمضمض ثم أفرغ ما فيه من الماء لا يضره إذا لم يزدرد ريقه» ؛ لأن الإنسان إذا تمضمض وهو يتوضأ ثم مج الماء الذي في فمه لم يبق شيءٌ ولم يبق إلا الرطوبة التي في الفم وهي من اللعاب، ولو قدر أنه بقي شيء فلا يتعلق به تكليف.
وقول عطاء أيضًا: «وكذلك لا يمضغ العلك فإذا ازداد ريق العلك لا أقول إنه يفطر ولكن ينهى عنه» .
نقول المراد بالعلك هنا: أي الذي لا يتحلب منه طعم ولكن الصحيح أنه يكره للإنسان أن يعلك العلك وإن لم يتحلب منه طعم وذلك لعدة أمور:
1 -
أنه يساء الظن به فإذا تعاطاه أمام الناس فإنه يُساءُ الظن به أنه يتعاطى شيئًا مفطرًا.
2 -
أنه يأتي بالعطش؛ وذلك لأنه يستدر اللعاب ويكثر من نزوله إلى المعدة.
3 -
أنه قد يدخل جوفه قطع منه إذا تمزق وكما تقدم يكره ذوق الطعام إلا لحاجة فكيف بهذا وهذا إذا قدّر أن العلك ليس له طعم.
وقوله: «إذا استنثر فدخل الماء في حلقة لا بأس لأنه لم يملك» يعني إذا أراد أن لا يبالغ، مثاله: أنه إذا استنشق الإنسان من غير مبالغة ثم دخل الماء إلى حلقة فلا بأس لأنه ما ترتب على المأذون فهو غير مضمون ولكن إذا بالغ الإنسان في الاستنشاق فدخل الماء إلى جوفه فهل نقول أن صومه فسد؟
الجواب: نقول هو حينما بالغ أيريد أن يفطر أو يريد أن يبالغ في الوضوء؟ الجواب الثاني فهو ما أراد أن ينزل الماء إلى جوفه وإنما أراد تحقيق هذه الصفة في الوضوء وبجهله تعاطي هذه المسألة على غير وجهها فالصحيح أنه لا يفطر ولكنه يأثم، لأنه ما أراد دخول الماء وإنما أراد المبالغة في الاستنشاق فالجهة منفكة وقال بعضهم يفطر إذا بالغ وفيه نظر.