الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
46 - بَابٌ إِذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَت الشَّمْسُ
1858 -
حدثني عبد الله بن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن فاطمة، عن أسماء بنت أبي بكر ب قالت: أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم، ثم طلعت الشمس. قيل لهشام: فأمروا بالقضاء؟ قال: لا بُدَّ من قضاء. وقال معمر: سمعت هشامًا: لا أدري أقضوا أم لا.
الشرح:
قوله: «بد من قضاء» كالمستنكر على السائل يعني وهل هناك بُد من القضاء يعني لا بُدَّ من القضاء، وقوله:«قال معمر سمعت هشام يقول: «لا أدري أقضوا أم لا» تبين هنا من إجابة هشام لمعمر أن قول هشام «بد القضاء» لم يأخذه عن توقيف ولم يأخذه عن حجة؛ لأنه لم يقل أمروا بالقضاء إنما غاية ما فيه الاستنباط، وهذه المسألة- أي من أفطر يظن الشمس غربت ثم طلعت الشمس- اختلف فيها أهل العلم:
1 -
فذهب أكثر أهل العلم أنه لا بُدَّ من القضاء إذا أفطر لأجل الغيم ثم طلعت الشمس وعلم أنها لم تغرب الشمس بعد ذلك فإنه لا بُدَّ من القضاء واحتجوا بأن الله أمر بإتمام الصيام إلى الليل وهم لم يتموا الصيام إلى الليل وقالوا: هذا راوي الحديث يقول: «بد من قضاء» وقالوا أيضًا: قد صح عن عمر أنه أنر بالقضاء من عدة طرق من طريق جبلة بن سحيم عن ابن حنظلة عن أبيه عن عمر، وفيه الأمر بالقضاء وكذلك من طريق زياد بن علاقة عن بشر بن قيس ولكن هذا الطريق الأخير فيه ضعف.
2 -
وقال أهل العلم وهم الأقل: أنهم إذا أفطروا في يوم غيم ثم طلعت الشمس فإنه لا قضاء عليهم واستدلوا بما يلي:
أ- قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وهؤلاء أخطأوا.
ب- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابة بالقضاء، ولم ينقل إلينا فلو أمرهم عليه الصلاة والسلام لنقل إلينا لأنه من أعظم ما يكون لأنه تبليغ شريعة فلمّا لم ينقل إلينا شيء من هذا عُلم أنه قد اكتُفي بالصيام الأول، وهم إذا طلعت الشمس مرة أخرى فإنهم يمسكون إلى الليل.
وأجابوا عن ما جاء عن عمر رضي الله عنه بأن الرواية عن عمر الثانية في عدم القضاء هي الأصح وهي من طريق زيد بن وهب عن عمر وفيها «ما تجانفنا الإثم» والبيهقي لماّ أخرج طريق زيد بن وهب قال: إن هذه الرواية خطأ؛ لأن الروايات تظاهرت عن عمر بالقضاء. انتهى. ولكن نقول الصحيح عن عمر أنه ليس فيها قضاء وهو أصح الروايات عن عمر ثم أن زيد بن وهب ثقة لم يضعفه إلا يعقوب بن شيبة من أجل الرواية هذه ولكن لم يلتفت إلى تضعيف يعقوب بن شيبة فقول البيهقي فيه نظر والإسناد إلى عمر في عدم القضاء أصح وأيضًا هشام بن عروة قد خالفه أبوه عروة فإنه صح عنه الإفتاء بعدم القضاء وهو أفقه منه، وأيضًا من النظر فالشارع يأمر بتعجيل الإفطار فلما غلب على ظنهم أنه غربت الشمس أفطروا فلما طلعت الشمس كانوا معذورين في ذلك وقد نص شيخ الإسلام على هذا القول وأطال الكلام عليه: ونصر القول بعدم القضاء وهذه المسألة في عصرنا لا تكاد توجد؛ لأن الناس لا ينظرون إلى الشمس طلعت أم غربت إنما ينظرون إلى الساعة وذلك لأنه حتى إذا أرادوا أن ينظروا إلى الشمس فإنهم لا
يستطيعون من البنيان فهو يحجب الشمس ولكن قد يوجد أحيانًا مع عدم الساعة وكون الإنسان في البرية أن يحصل مثل هذه المسألة فالصحيح في هذه المسألة: أنه لا يجب القضاء لأنهم أفطروا بغلبة الظن وقد قررنا بأن الفطر بغلبة الظن صحيح وإذا طلعت الشمس مرة أخرى خلف الغيوم فإنهم يمسكون حتى تغرب الشمس وهذا اختيار شيخنا ابن عثيمين وأمَّا شيخنا ابن باز يرى القضاء وهذا قول الجمهور ومن احتاط فالمسألة سهلة مجرد يوم واحد وأما ظاهر السنة فلا يدل على القضاء.