الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
56 - بَابُ صَوْمِ الدَّهْرِ
1875 -
حَدَّثَنَا أَبو اليَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيَّ قَالَ: أَخْبَرِنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ وَأَبو سَلَمَهَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرٍو قَالَ:
أُخْبِرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّي أَقُولُ: وَالله لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمَّي قَالَ: (فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْر أَمْثَالِهَا وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ) قُلْتُ: إَنَّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَّلِكَ قَالَ: (فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ) قُلْتُ: إِنَّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: (فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُد عليه السلام وَهُوَ أَفْضَلُ الصَّيَامِ) فَقُلْتُ: إِنَّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» (1079).
الشرح:
صوم الدهر: هو أن لا يفطر أبدًا بل يصوم النهار ويفطر الليل.
مسألة:
اختلف العلماء في حكم صوم الدهر:
- فذهب بعضهم إلى أنه محرم وقالوا: قد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عنه وقال: (لا صام من صام الأبد) وقال: (لا صام ولا أفطر).
- وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه مكروه.
والراجح: أنه مكروه كراهية شديدة.
مسألة:
هل إذا صام الإنسان الدهر- أي صام السنة - وأفطر أيام العيدين وأيام التشريق يخرج عن كونه صائمًا الدهر؟
الجوب قال بعضهم: إذا أفطر أيام العيدين وأيام التشريق خرج من صوم الدهر، وهذا باطل وليس بصحيح فهذه مستثناة ولا مجال لصومها ونهي النبي عليه الصلاة والسلام ليس من أجل أن يصوم هذه الأربعة أيام أو الخمسة إنما النهي عن سرد الصوم الذي يوقع في ما يوقع فيه فالصحيح أن إفطار هذه الأيام التي يجب الفطر فيها لا يخرج عن كونه صائمًا للدهر وبكل حال إذا أوقع صوم الدهر في ترك واجب أو تفويت حقًّ أو ضرر فإنه يكون محرمًا لا إشكال في ذلك.
مسألة:
فإن قال قائل: قد جاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر تعدل صيام الدهر» ، وأخبر أن صيام ستة أيام من شوال بعد صيام رمضان تعدل صوم الدهر فكيف يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأعمال بصوم الدهر الذي قد نهى عنه؟
الجواب: المراد أنه يحصل على الثواب بهذه الأعمال بصوم يوم وإفطار يوم أو صيام ثلاثة أيام من كل شهر أو صيام رمضان مع ستًّ من شوال يحصل له أجر صوم الدهر وأما صوم الدهر كله فليس بمشروع فكأن الشارع يقول: إذا أردتم أن تصوموا وتحصلوا على ثواب صيام الدهر فصوموا هذه الأيام التي أخبرتكم فيحصل لكم أجر صوم الدهر، فليس فيه
الإقرار بمشروعية صيام الدهر، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:«السباعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله» وأحسبه قال: «كمثل الصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر» فإنه ليس المقصود بأن الصوم مع عدم الفطر مشروع وإنما كان المقصود أن السعي على الأرملة والمسكين يقوم مقام الأجر الذي لا يطيقه أحد وهو يسير.