الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونية
وقالت عائشة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يُبْعَثونَ على نِيَّاتِهِمْ» [ر 2012]
1802 -
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام حدثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
الشرح:
علق المؤلف قول عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يبعثون على نياتهم» وهذا حديث وقع للمصنف أيضًا؛ ووجه الاستدلال بهذا الحديث: أن النية لها تأثير فإن الناس يبعثون على نياتهم فمن كان مختارًا للشرِّ ولغزو الكعبة كما هو سياق الحديث؛ فإنه يبعث على نيته يوم القيامة، ومن كان معهم ليس له هذه النية - أي نية الشر - وهو غير مختار لهذا الباطل فإنه يبعث على نيته، فالنية لها تأثير في العمل وإن كان صورة العمل واحدة.
شرح الحديث:
قوله: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا» أي إيمانًا بشرعية الله لهذه الليلة وشرعية قيامها والعمل فيها، واحتسابًا للأجر في القراءة والصلاة والذَّكر والدعاء غفر له ما تقدم من ذنبه والأمر كذلك في صيام رمضان، فإن من صامه بنية احتساب الأجر وبنية أن الله افترضه على عباده فقام بشرائطه وواجباته وحفظ صيامه؛ غفر له ما تقدم من ذنبه.
تنبيه: قد جاء في بعض طرق الحديث عن أبي سلمة عن أبي هريرة عند أحمد في المسند زيادة «وما تأخر من ذنبه» وهذه الزيادة لا تصح تفرد بها حماد ابن سلمة عن محمد بن عمرو، وقد روى هذا الحديث عن محمد بن عمرو جماعة كيزيد بن هارون، ومحمد بن بشر، وعبده بن سليمان، والنضر ابن شميل، وثابت بن يزيد وغيرهم لا يذكرون هذا فتفرد بهذه الزيادة حماد ابن سلمة فهي زيادة شاذة وكذلك جاءت هذه الزيادة من حديث سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأكثر الحفاظ من أصحاب سفيان بن عيينة لا يذكرونها، وكذلك الحفاظ من أصحاب الزهري لا يذكرونها كعقيل بن خالد، ويونس بن يزيد، وصالح بن كيسان، والأوزاعي، وإسماعيل بن أبي حمزة لا يذكرون هذه الزيادة وكذلك تلميذ الزهري كما ذكرت سفيان بن عيينة، والعجب أن الحافظ ابن حجر قال: لا بأس بها أو مال إلى تقويتها، وكذلك جاءت من حديث عبادة بن الصامت عند أحمد ولكن الحديث مداره على عبد الله بن محمد بن عقيل وهو لين الحديث وله أفراد ومناكير: ولا يحتمل هذه الزيادة.
فالصحيح أن كل حديث فيه زيادة: «وما تأخر من ذنبه» فإنه لا يصح وقد ألَّف الحافظ ابن حجر جزءًا في هذه المسألة ولكن هذه خلاصته، وجاءت عن ابن حبان عن عائشة زيادة غريبة فقد أخرج ابن حبان (7111) من طريق ابن وهب أخبرني حيوة أخبرني أبو صخر عن ابن قسيط عن عروة عن عائشة
…
وفيه دعاؤه صلى الله عليه وسلم لعائشة: «اللهم أغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر
…
» وفيه: «.. إنها لدعائي لأمتي في كل صلاة» وهو غير محفوظ وجاءت
عن ابن حبان (539) من طريق دراج أبي السمح عن ابن حجيرة عن أبي هريرة فيمن من أخذ غصن شوك عن طريق الناس وهي منكرة لا تثبت.
فالقاعدة: إن كان حديثًا فيه: «وما تأخر من ذنبه» على بعض فضائل الأعمال لا تصح؛ لأنها خصيصة نبوية؛ لقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} ، وليس معه فيها شريك، ولهذا في الشفاعة يوم القيامة في حديث أنس يقول عيسى:«ائتوا محمدًا عبدًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» ؛ ولهذا قال ابن كثير في تفسيره: هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر
…
الخ. اهـ. وهو كلام حافظٍ محرر.
ومن فوائد هذا الحديث: أن من صام رمضان على وجه التقليد والمراءاة لا يحصل على هذا الأجر بل يأثم، وكذلك من قام ليلة القدر ليس إيمانًا بشرعيتها ولا احتسابًا لأجرها فلا يحصل له هذا الأجر، وهذا هو المفهوم والظاهر من الحديث، والله أعلم.