الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 - باب إذا نوى بالنهار صومًا
وقالت أم الدرداء: كان أبو الدرداء يقول: عندكم طعام؟ فإن قلنا: لا قال: فإني صائم يومي هذا وفعله أبو طلحة وأبو هريرة وابن عباس وحذيفة رضي الله عنهم.
1824 -
حدثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ «إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ
…
- أَوْ فَلْيَصُمْ - وَمَنْ لَمْ يَاكُلْ فَلا يَاكُلْ». [1903، 6837]
الشرح:
معنى قوله: «باب إذا نوى النهار صومًا» يعني: هل يصح صومه أو لا؟ ثم علق عن أبي الدرداء وأبي طلحة وأبي هريرة وابن عباس وحذيفة بأنهم عقدوا النية من النهار كما فعل أبو الدرداء.
ثم ذكر الحديث الثلاثي السند، وعدد الثلاثيات في البخاري اثنان وعشرون حديثًا وهي من هذا الطريق ومن طريق مكي بن إبراهيم كلاهما عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع وجاءت من مسند أنس وعبد الله بن بسر، والثلاثيات في البخاري هي التي يكون فيها بين البخاري وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة رجال وهي أعلى ما وقع للبخاري.
شرح الحديث:
هذا الحديث كان في يوم عاشوراء، وعاشوراء كان واجبًا صيامه في أول
الإسلام ثم نسخ بصيام شهر رمضان وبقي صيام عاشوراء مستحبًا.
وانقسم العلماء في تبييت النية في الصيام إلى ثلاثة أقسام:
القول الأول: يجزئ أن يعقد النية قبل نصف النهار في الفرض والنفل سواء، فلو نوى قبل نصف النهار - سواء كان نفلًا أو فرضًا - صح منه وهذا هو مذهب الأحناف.
القول الثاني: أنه لابُدَّ من تبييت النية سواء كان نفلًا أو فرضًا.
القول الثالث: أن الفرض لابد فيه من تبييت النية أما النفل فيجزئ فيه النية من النهار وهذا هو الصحيح وهو الذي عليه عمل الصحابة ويدل عليه ما أخرجه مسلم من حديث عائشة وقد صح عن عشرة من الصحابة أنهم يعقدون النية في صيام النفل في النهار، ولا يعرف لهم مخالف.
وأما إيجاب تبييت النية في الليل للفرض ففيه الحديث الذي رواه أهل السنن من حديث حفصه وابن عمر مرفوعًا وموقوفًا: «من لم يجمع الصيام من الليل فلا صيام له» وهذا الحديث مختلف في رفعه ووقفه والصحيح أنه موقوف ولكن مثله لا يقال بالرأي فيحمل على الفرض وما جاء عن الصحابة بيَّن أن النفل فيه سعة وعلى هذا كان القول الراجح أن النفل إن صامه من النهار أجزأ حتى ولو لم يعقد النية إلا قبل غروب الشمس بلحظة بشرط ألا يكون أكل أو شرب قبل ذلك.
مسألة: متى يبدأ الأجر لمن نوى الصوم بالنهار هل يكون من أول النهار أو من حين نوى؟
الجواب: فيه قولان والصحيح أن الأجر يبدأ بصيام النفل من حيث
نوى كما قال الإمام أحمد وشيخ الإسلام وشيخنا ابن باز لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» .
مسألة: هل يجزئ عقد النية بعد نصف النهار؟
الجواب: يجزئ عقد النية بعد نصف النهار على الصحيح، وحديث عائشة في صحيح مسلم يدل على أن صيام النفل يجوز النية فيه من النهار؛ لأن لفظ حديث عائشة عند مسلم وهو لم يقع للمؤلف هنا قالت عائشة رضي الله عنها دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال:«هل عندكم شيء؟» فقلنا: لا قال: «فإني إذًا صائم» ففيه الدلالة من وجوه:
1 -
أن الفاء هنا سببية والمعنى: أني صائم لأنه ليس عندكم طعام، فهذا فيه دلالة على أن عقد النية كان في النهار.
2 -
أنه لو كان عليه الصلاة والسلام مجمعًا الصيام من الليل لم يأت حتى يسأل عن الطعام، وهذان الوجهان ذكرهما شيخ الإسلام في شرح العمدة، والاستدلال بحديث عائشة ظاهر وقد رأيت كتابًا لبعض المتأخرين في أحكام النية نصر فيه القول أن النفل لابد فيه من تبييت النية من الليل وهو خلاف ظاهر حديث عائشة وخلاف المنقول عن الصحابة ونحن نستدل بأقوال الصحابة لأمرين:
1 -
لبيان السنة إذا خفيت.
2 -
أو لتأييدها إذا ظهرت.
ودائمًا ينبغي لطالب العلم أن تكون أقوال الصحابة وأفعالهم بين يديه فلا يغفل عن هذا.
مسألة: أن من أنواع الصوم الذي لابد أن يكون النية فيه مبيتة من الليل النفل المقيد مثل صوم عاشوراء والستة من شوال وصيام عرفة فهذه على الصحيح لابد من تبييت النية من الليل؛ لأن هذا نفل مقيد والنفل المقيد لابد فيه من تبييت النية من الليل ومثل هذا النفل في الصلاة كالسنن الرواتب فلابد فيها من النية من أول لحظة فيها - نية التقييد - فلو أن إنسانًا صلى ثم لما قضى الركعة الأولى قال أريد أن أجعلها سنة الفجر نقول لا تنفعك هذه؛ لأن الأعمال بالنيات وأنت لم تنو هذه ولابُدَّ في العبادة المقيدة أن تكون النية من أولها إلى آخرها بنية هذه العبادة المقيدة.