الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقاري وإن كان قد عرض هذا الموضوع على مذهب الحنفية الفقهي وطريقتهم في استنباط الحكم الشرعي، إلا أن هذه الرسالة جاءت غنية بمادتها فريدة في بابها، نظراً لما في مسألة التكفير من تردد بين العلماء، فلا يقولون به إلا عند المسلمات والمهمات من أمور الدين.
ولابد في البدء أن نعرف بالمؤلف ثم نسبة وتوثيق المخطوط مع بيان ملاحظاتنا عليها، وأخيراً المنهج الذي سنسير عليه في تحقيق هذه الرسالة.
الملا علي القاري:
هو علي بن سلطان محمد القاري (1)، نور الدين الملا الهروي الحنفي، ولد بهراة وتلقى العلم على يد عدد من علمائها وعلماء خراسان منهم: أبو الحسن البكري، والأيجي الصفوي والحفيد التفتازاني وغيرهم (2).
نال الملا علي القاري ثناء عدد من العلماء نظراً لسعة مؤلفاته وتنوعها ما بين الفقه والحديث والأصول والعقائد، قال العصامي: ((الجامع للعلوم النقلية والعقلية والمتضلع من السنة النبوية
…
)) ثم قال: ((لكنه امتحن بالاعتراض على الأئمة لا سيما الشافعي وأصحابه، واعترض على الإمام مالك في إرسال يديه)) (3)، ولكن اعتراضه على بعض أصحاب الشافعي أو مالك لا يؤاخذ عليه إن كان يندرج تحت باب الفتوى والاجتهاد.
(1) كذا يذكره المؤلف في صدر هذه الرسالة (وهي بخطه رحمه الله، وقيل: علي بن سلطان بن محمد، وعليه أكثر المصادر. أما نسبته فهي إلى (قار) قرية بالري. معجم البلدان: 4/ 295.
(2)
شم العوارض: 6/أ.
(3)
الشوكاني، البدر الطالع: 1/ 445.
أما فيما يخص عقيدة الملا علي القاري، فهو في عداد الماتريدية، وإن كان كثيراً ما يثني على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، قال
…
: ((لقد دافع القاري - جزاه الله خيراً - دفاعاً كاملاً عن شيخ الإسلام وابن القيم، ورد من رماهما بسوء الاعتقاد والتجسيم والتشبيه والضلال، وأقر عقيدة السلف في الصفات، وأنها لا تستلزم التشبيه كما دافع عن أهل الحديث ورد من يطعن عليهم بالتشبيه والحشو)) (1)، ولكن مؤلفات القاري لم تكن لتخلو مما يعارض عقيدة السلف، مثل قوله في الرسالة التي نحن بصددها - في معرض كلامه على عقيدته -:((لا عَينَ ولا غَير في تحقيق صفَاتِ الذاتِ)) (2)، ويبدو أن القاري لم يسلم من تأثيرات عصره، خاصة وأنه قد عاش في عصر الدولة العثمانية ذات العقيدة الماتريدية، وصاحبة الفروع الفقهية الحنفية (3).
من المرجح أن عدم الاستقرار الذي شهدته خراسان خلال الحروب التوسعية للدولة الصفوية، قد دفع القاري إلى الخروج من هذه الديار وسكن الديار المقدسة في مكة المكرمة، حيث ألف هذه الرسالة، وقال في توثيق ذلك: ((وَالحمدُ لله عَلى مَا أعطاني مِنْ التوفيق وَالقدرَة عَلى الهجرة مِنْ دَار البدعة إلى خير ديار السّنة، التي هِي مُهِبط الوحي وظهِور النبوة
…
)) (4)، حيث ألف هذه الرسالة قبيل وفاته ببضع سنوات (5)، حيث توفى سنة 1014هـ (6).
(1) الماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات: 1/ 494 نقلاً عن الموسوعة الميسرة: 2/ 1714.
(2)
شم العوارض: 13/أ.
(3)
الموسوعة الميسرة: 2/ 1713.
(4)
شم العوارض: 8/أ.
(5)
المصدر نفسه: 16/ب.
(6)
الشوكاني، البدر الطالع: 1/ 445؛ المحبي، خلاصة الأثر: 3/ 185؛ إسماعيل باشا، هدية العارفين: 1/ 751؛ الزركلي، الأعلام: 3/ 185؛ معجم المؤلفين: 7/ 100.