المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مشابهة علي لعيسى بن مريم:] - شم العوارض في ذم الروافض

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌الملا علي القاري:

- ‌اسم الرسالة وتوثيقها:

- ‌موضوع الرسالة:

- ‌وصف المخطوط:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌شَمُّ العَوارِضِ في ذمِّ الرُّوَافِضِ

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌قذف عائشة رضي الله عنها:

- ‌مسألة من اعتقد أن سب الصحابة مباح فهو كافر:

- ‌لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث:

- ‌تارك الصلاة يقتل خلافاً للشافعي:

- ‌وأما الحديث فليس على ظاهره:

- ‌إثبات كفر من سب الصحابة عموماً أو الشيخين خصوصاً:

- ‌[حكم سب الصحابة عند الحنفية:]

- ‌حديث: من سب أصحابي فعليه لعنة الله:

- ‌المراد بالكفر كفران النعمة:

- ‌سباب المسلم:

- ‌[ذم التعصب في دين الله]:

- ‌[أصل الفساد بسبب ترك السنة وفعل البدعة:]

- ‌سب الصحابة الكرام من أكبر الكبائر:

- ‌إجماع المفسرين:

- ‌[خراسان ليست بدار حرب]

- ‌مسألة سلطان الزمان:

- ‌مسألة: هل معك دليل ظني على كفر الرفضة

- ‌تفسير قوله أشداء:

- ‌[منع الفيء عن من سب الصحابة:]

- ‌[الدليل من السنة على كفرهم:]

- ‌[التفضيل] فيما عدا العشرة المبشرين بالجنة:

- ‌ما عال من اقتصد:

- ‌[مشابهة علي لعيسى بن مريم:]

- ‌من كمل من العلماء ابتلي بأربع:

- ‌مسألة من اعتقد الحرام حلالا إنما يكفر إذا كانت الحرمة ثابتة بدليل مقطوع:

- ‌[الترغيب بالعزلة عند فساد الزمان:]

- ‌[لا تقبل شهادة مظهر سب السلف:]

- ‌في قول كمال باشا زادة إن الفقهاء سبع طباق:

- ‌المجتهدين في المسائل:

- ‌أصحاب التخريج من المقلدين:

- ‌طبقة أصحاب التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف:

- ‌المقلدون الذين لا يقدرون على ما ذكر:

- ‌العالم [هو] العالم بأقوال الفقهاء:

- ‌ينبغي للقاضي أن يعرف الناسخ والمنسوخ:

- ‌المفتي بالخيار:

- ‌سئل مالك عن أربعين مسألة:

- ‌مسألة: إذا أجاب المفتي ينبغي أن يكتب عقب جوابه:

- ‌قائمةبمصادر ومراجع التحقيق

- ‌أولاً: مصادر أهل السنة والجماعة:

- ‌ثانياً: المصادر الحديثة:

- ‌ثالثاً: مصادر الشيعة الإمامية:

الفصل: ‌[مشابهة علي لعيسى بن مريم:]

وَمَن عَرفَ شمائله عليه الصلاة والسلام في الخَلق وَالخُلق، عَرفَ أنه لَا مُناسَبة بَيْنَه وَبَيْنَ علي، لَا (1) في الصَّوَرة وَلَا في السيرة، مَعَ أن تخطِئة جبريل مُستلزم لتخطِئة الربِّ الجليل، حَيثُ إنه سُبحانه مَا نبه جبريل عَليه وَلَا أشارَ إليه في مُدةِ ثلاث وَعشرِينَ سَنةِ بِنجُومِ مُفَرقة، مَع قَوله تعَالَى:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195] وَهَذَا كَمَا تَرى كفرٌ صَرِيحٌ وَإلحاد قبيح.

ثُمَّ بالغ طَائفة مِنهم تُسَمى النصيريةَ يقولون لِعَلي بالإلوهية (2)، وَنحو ذَلَكَ مَما بيناه في مَواضِع مما ألفنَاهُ.

[مشابهة علي لعيسى بن مريم:]

وَالَحاصِل أن عَلياً لَهُ مُشابَهة بعِيسَى بن مَريَم في هَذِهِ القضِية، حَيثُ كفرَ اليَهُود بِسَبب إفراطِهم في بغضِهِ وَنسَبته إلى مَا لَا يَلِيق به مَما يصَان عَنهُ اللسَان، وَكفر النصَارى في إفراطِهم في حبّه ونسبته إلى التثليث وَالاتحاد وَالعِينية، المُشاركة لهم في هذِهِ بخصُوصِهَا الطائفة الوجُودية، وبطلَان (3) أقَوال هَذِهِ الطوَائف ظاهِر لأهِل الإسلام مِن الخَوِاص وَالعَوام، وَقد أوضَحنَا هَذِهِ (4) الأدِلة العقلية النقلية في كتُبنا المتعَلقة بالتفِسير والأحَادِيث وَأقوال الصوفية.

(1)(لا) سقطت من (د).

(2)

ويسمون أيضاً: الإسحاقية. ينظر المواقف: ص 47.

(3)

في (م): (بطلان).

(4)

(هذه) سقطت من (د).

ص: 79

ثُمَّ مِن اللطائف مَا ذكرَه ُالمِرغيناني (1): أن الشيطانَ الطاق (2) - وَهو شيخ الرافضَة عَلى الإطلَاقِ - كَان يتَعرض للإمَامِ الأعظم كثيراً مِن الأيَام، فَدخل الشيطان يوماً في الحمّام، وَكانَ فِيه الإمَام، وَكَانَ قَريب العَهد بموَتِ الأستَاذ حَماد (3)، فَقالَ الشيطان: مَات أستاذكم فاسترضاه منه، فقال الإمَام: أستاذنَا مَاتَ وَأستاذكم مِن المنظِرينَ إلى يومِ الوَقت المعلُوم (4)، فتحَير الرافضِي وَكشفَ عَورته، فغمضَ الإمَام ناظره فَقالَ الشيطَان: يَا نعمَان مُذ (5) كم أعمَى الله بصَرك؟ [14/ب] فقال: مُذ (6) هتكَ الله ستركَ، فبَادر الإمَام إلى الخرُوج مِن الحمام (7)، وانشَأ هَذَا الكلام [يقول] (8):

(1) أبو الفتح زين الدين عبد الرحيم بن أبي بكر بن علي السمرقندي، فقيه حنفي، من أعيان المفتين، وفاته سنة 670هـ. الفوائد البهية: ص 93؛ هدية العارفين: 1/ 560 ..

(2)

هو محمد بن علي بن النعمان البجلي الكوفي، الملقب بشيطان الطاق، نسب إلى سوق طاق المحامل بالكوفة، وكان صاحبه هشام بن الحكم شيخ الرافضة يسميه مؤمن الطاق، ويقال أول من لقبه بذلك أبو حنيفة، وله مناظرات معه. الملل والنحل: 1/ 186؛ منهاج السنة النبوية: 2/ 227؛ لسان الميزان: 5/ 300 ..

(3)

أبو إسماعيل حماد بن أبي سليمان مسلم الكوفي، الإمام فقيه العراق، كان أحد العلماء الأذكياء، وفاته سنة 120هـ. طبقات ابن سعد: 6/ 332؛ سير أعلام النبلاء: 5/ 331.

(4)

الشطر الأول من القصة ورد في تاريخ بغداد: 13/ 436. ولكن وردت بصورة معكوسة، إذ القائل العبارة الأخيرة هو شطان الطاق، وكان ذلك عند وفاة محمد الباقر حسب رواية الخطيب البغدادي.

(5)

في (د): (منذ).

(6)

في (د): (منذ).

(7)

الرواية وردت في المستظرف من كل فن مستظرف: 1/ 134 - 135.

(8)

زيادة من (د).

ص: 80

أقول وَفي قولي بلاغ وحكمة (1)

وَمَا قلت قولا حَيثُ فيه بِمُنكر

ألا يَا عِبَاد الله خافُوا إلهكم

وَلَا تدخلوا الحمّام إلا بِمِزر (2)

وَمنهَا مَا قَالَ أبُو الفَضل الكرمَاني (3): ((إنه لما (4) دخل الخَوارج الكُوفة، وَرأيهم تكِفير كل مَن أذنَب، وَتكفر كل تكفره، قِيلَ لَهَم هَذَا شيخ هَؤلاء، فأخذُوا الإمَام وَقَالُوا: تب مِن الكفر فَقالَ: أنا تائب مِن كلِّ كفر، فَقِيل لَهم: إنه قَالَ أنا نائب مِن كفركَم فاخَذوهُ، فَقَالَ لهُم: العلم (5) قلتم أم نظن، قالوا: نظنّ، قال: إن بَعض الظن أثم، وَالأثم ذَنب فتوبُوا مِن الكفر، قالُوا: تبْ أيضاً مِن الكفر، فَقالَ: أنا تائبٌ مِن كلِّ كفر)). فهَذَا الذي قالَهُ الخصُوم: ((إن الإمَام استتب مِن الكفر مرتين)) (6)، وَلبسُوا عَلَى النَّاس، انتَهى.

وَوَقعَ لي نظر هَذَا الحال مَع بَعضِ الجهال مِن قضاة الأروَام (7)، فإنه لما سَمعَ

(1)(وحكمة) سقطت من (د).

(2)

لم أقف عليه منسوباً لأبي حنيفة.

(3)

هو محمد بن يوسف بن علي الكرماني البغدادي، صنف في العربية والكلام والمنطق، وله شرح على صحيح البخاري، وفاته سنة 785هـ. الدرر الكامنة: 5/ 72؛ البدر الطالع: 2/ 292.

(4)

في كلا النسختين: (لا).

(5)

في (د): (أيعلم).

(6)

العقيلي، الضعفاء: 4/ 282؛ ابن حبان، المجروحين: 3/ 64؛ الخطيب، تاريخ بغداد: 13/ 391.

(7)

جمع روم. وهي على (أفعال). وسلاجقة الروم مسلمون سكنوا غرب تركيا الحالية، وأطلقت عليهم هذه التسمية لمجاورتهم للروم.

ص: 81

بي (1) أني طعنت في كَلام ابن عَرِبي (2) وَهوَ مُعتقد، قال: تب إلى اللهِ، فقلت: أتوب إلى الله مِن جَميع مَا ذكرَهُ الله.

وَمنهَا ذَكرَهُ الغزنوي (3) عَن شريك بن عَبد الله (4) قال: ((كَنا عِندَ الأعمَش (5) في مَرَضهِ الذي توفي فيه، فدَخلَ عَلَيه أبو حَنِيفَة وَابن أبي ليَلَى (6) وَابن شبرمَة (7)، وَكان الإمَام أكبر فبدأ بالكلام، وَقَالَ: اتقِ الله فإنكَ في أولِ يوم من أيّام الآخِرَة، وَقِد كَنتَ تَحدثت عَن عَلَي رضي الله عنه بأحَادِيث لَكانَ أمسَكتها

(1) في (م): (لي).

(2)

في (د): (العربي). وهو محي الدين محمد بن علي بن محمد بن أحمد أبو بكر الطائي الأندلسي الصوفي، اشتهر بتصوفه، وكان له شعر يدل على اعتقاده بوحدة الوجود، مات سنة 638هـ. العبر: 5/ 158؛ لسان الميزان: 5/ 307.

(3)

هو أحمد بن محمد بن سعيد الحنفي، فقيه أصولي، له مؤلفات عديدة، وفاته سنة 593هـ. الجواهر المضيئة: 1/ 120؛ الأعلام: 1/ 216.

(4)

هو أبو عبد الله شريك بن عبد الله القاضي النخعي الكوفي، أحد الأئمة الأعلام، قال الذهبي: حسن الحديث إماماً فقيهاً ومحدثاً، ليس هو في الإتقان كحماد بن زيد، وفاته سنة 177هـ. تذكرة الحفاظ: 1/ 232؛ تهذيب التهذيب: 4/ 293.

(5)

هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقة حافظ عارف بالقراءات ورع لكنه يدلس، وفاته سنة 147هـ. الجرح والتعديل، 4/ 146؛ سير أعلام النبلاء، 6/ 226؛ تهذيب التهذيب، 4/ 195.

(6)

أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي، الفقيه والقاضي والمقرئ، قال العجلي: كان فقيهاً صدوقاً صاحب سنة، وفاته سنة 148هـ. تذكرة الحفاظ: 1/ 171؛ تهذيب التهذيب: 9/ 268.

(7)

أبو شبرمة عبد الله بن شبرمة بن حسان بن المنذر الضبي الكوفي، القاضي الفقيه، من رجال مسلم وأخرج له البخاري في المتابعات، وفاته 144هـ. سير أعلام النبلاء: 6/ 347؛ تهذيب التهذيب: 5/ 220.

ص: 82

لَكانَ خيراً لَكَ، فقال الأعمُش: اسندوني ألمثلي يُقال هَذَا؟! حَدثني أبو المتوكل الشامي (1)

عَن أبي سَعِيد الخُدري قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذَا كَانَ يَوم القِيامة قَالَ اللهُ تعَالَى لي وَلعَلي بن أبي طَالب: أدخلا الجنة مَنْ أحبكما وَأدِخل النَّار مَن أبغَضكما، وَذلَكَ قوله تعَالَى:{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [قّ: 24](2) فَقالَ الإمَام قومُوا حَتى لا يجيء بأكثر مِن هَذَا، قال: فوالله مَا جزنا البَاب حَتى مَات)) (3).

وَمنها مَا ذكرَهُ الكردري أن للرافضَة [15/أ] أحَاديث مَوضُوعات وَتأوِيلات بَاطِلة في (4) الآيَات، وزيادَات (5) وَتصحيفَات كزيادَة: (وَالعصر

(1) كذا في (م) وفي (د): (النامي). والأصح - كما في أصول الروايات - أبو المتوكل الناجي: علي بن داود الساجي البصري، حديثه في الكتب الستة، وفاته سنة 108هـ. الثقات: 5/ 161؛ تهذيب التهذيب: 7/ 280 ..

(2)

جاءت الآية الكريمة في (د) ناقصة.

(3)

القصة مع الحديث موضوعة، ذكر ذلك ابن الجوزي فقال:((هذا الحديث موضوع وكذب على الأعمش، والواضع له إسحاق النخعي، وقد ذكرنا أنه من الغلاة في الرفض الكذابين، ثم قد وضعه على يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو كذاب أيضاً)). الموضوعات: 1/ 400. قلت: ومما يدل على وضعه أيضاً أن ابن شبرمة توفى سنة 144هـ، والأعمش وفاته سنة 147هـ، أي أن ابن شبرمة دخل على الأعمش رغم أنه توفى قبل ذلك بثلاث سنوات!!.

(4)

في (د): (وفي).

(5)

في (د): (زيادات).

ص: 83

ونَوائب الدهر) (1)، وَكقولَه تعَالى:{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}

[الليل:12][صحفوه بحذف النون فغيروا: (إن عليًا للهُدى) (2)](3).

وَهم قومٌ بهت يزعمُون أن عُثمان أسقط خمسمائة كلمة مِن القرآن (4)، مِنها قَوله تعَالَى:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123] وزادوا فيه: (بسَيف علي (5)).

قال علي (6): وَهذَا وَأمثاله كفر، قَالَ الله (7) تعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ

(1) وقد رويت هذه الرواية عن علي رضي الله عنه من طريق عمرو بن ذي مر فأخرجها الطبري في تفسيره: 30/ 290؛ والحاكم في المستدرك: 2/ 582، رقم 3971 وعزاها السيوطي إلى عبد بن حميد وابن أبي داود في المصاحف، الدر المنثور: 6/ 392. كلهم من طريق عمر بن ذي مر الهمداني الكوفي وهو مجهول كما ذكر ذلك ابن عدي والبخاري (ميزان الاعتدال: 5/ 354).

(2)

روى الحسيني وغيره من الإمامية عن فيض بن مختار عن أبي عبد الله أنه قرأ: (إن علياً للهدى وإن له الآخرة والأولى). تأويل الآيات: 2/ 808؛ المجلسي، بحار الأنوار: 24/ 46؛ مصطفى الخميني، تفسير القرآن الكريم: 2/ 377.

(3)

ما بين المعقوفتين سقطت من (د).

(4)

قال الآلوسي: ((وأيضاً من الثابت عندهم، والمقرر لديهم، والمشهور فيما بينهم أن بعض السور ساقط بتمامها، مثل سورة الولاية، وبعضها قد سقط أكثرها مثل سورة الأحزاب، فإنها كانت مثل سورة الأنعام، فقد سقط من هذه السورة فضل أهل البيت وأحكام إمامتهم)).سعادة الدارين (مخطوط): 7/أ. ينظر ما قال الطبرسي (وهو من مشاهير علمائهم) بهذا الخصوص في كتابه الاحتجاج: 1/ 222.

(5)

(علي) زيادة من (د). والرواية وردت عند الشيعة الإمامية. تأويل الآيات: 2/ 808؛ المجلسي، بحار الأنوار: 24/ 46.

(6)

(علي) سقطت من (د).

(7)

لفظ الجلالة زيادة من (د).

ص: 84

وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] فَمَن أنكر حَرَفاً مما في مصَحف عثمَان أو زَادَ فيه أو نقصَ فقد كفر، انتهى.

وَقد صحَّفَ النَّصَارى قَوله سُبحانه [وتعالى](1) في (الإنجيل): وَلَّت (2) عيسى (بتشديد اللام) فخففُوها وَخرجوا (3) عَن الإسلام باعتِقاد هَذا الكلام.

ومِنهَا أنه كَانَ في الكوفة زمَن أبي حِنيفة رَافضِي لَهُ بغلتان، سمى أحدهما (4) أبَا بكر وَالأخرى عُمر، وَكانَ يضربهما في الخدمة وَيُعَذبهما، فانتشر الخبر: أن أحدهمَا (5) رفصته (6) حَتى قتلته، فَقَالَ الإمَام انظروا فإن البَغلة التي سَميّها بِعُمر (7) هي التي قتلته، فَفحصُوا عَن القضِية فرأوا أن الأمر كما ذكر (8).

أقول: وَمَا ذاكَ إلَاّ لَكون عُمر مِن مَظِاهر الجلَال، كَمَا أن الصّديق مِن مَظاهِر الجمال، وَلذِا كَانَ أشدَّ عَلَى الكفار وَالرافضَة الفجَّار.

وَلقد قَالَ عليه السلام حِينَ شاوَر أصحَابه (9) الكرَام في أسَارى بَدر، فأشارَ أبُو بكر بأخذ الفَداء مِنهم بلَا هلاك [وعمر بالهلاك](10) فيهم، فَقَالَ (11): إنَّ

(1) زيادة من (د).

(2)

في (د): (ولدت).

(3)

في (م): (وحزوا).

(4)

في (د): (إحداهما).

(5)

في (د): (احديهما).

(6)

في (د): (رفصت).

(7)

في (م): (لعمر).

(8)

القصة أوردها الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: 13/ 364 - 365.

(9)

في (د): (الصحابة).

(10)

زيادة من (د).

(11)

(فقال) سقطت من (د).

ص: 85

مثلك يَا أبا بَكر كمثل إبرَاهيم [عليه السلام](1) حَيثُ قال: {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36] وَكعِيَسى [عليه السلام](2) في قَولهِ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] وَمثلك يَا عُمر كَمثل نوح [عليه السلام](3) في قوله تعالى (4): {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} [نوح: 26] وَكمُوسَى في قولِهِ تعالى (5): {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} الآية [يونس: 88](6).

وَبهَذَا ظهَرَ صِحة مَعنَى مَا اشتهر عنه عليه الصلاة والسلام: ((علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل)) (7) وإن كَانَ مَبناهُ مِما لَا أصل لَهُ عندَ المحدّثين، غفل عَن هَذا السيّد جمال الدّين (8)، حَيثُ ذَكَرهُ بِعنَوان الحدَيث في صدُور (رَوضَة الأحباب)(9)[15/ب] وَالله اعلَم بالصّوَاب.

(1) زيادة من (د).

(2)

زيادة من (د).

(3)

زيادة من (د).

(4)

(تعالى) زيادة من (د).

(5)

(تعالى) زيادة من (د).

(6)

وقد أخرجه الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود، المسند: 1/ 383؛ الحاكم، المستدرك: 3/ 24؛ الطبراني، المعجم الكبير: 10/ 143.

(7)

قال الحافظ ابن حجر لا أصل له وتبعه في ذلك السيوطي. (كشف الخفاء: 2/ 82) وذكره القاري في المصنوع: ص 133.

(8)

هو عطاء الله بن فضل الله بن عبد الرحمن الدشتكي الشيرازي، ذهب الخونساري إلى أنه من أهل السنة، وادعى الشيعة أن كان يتقي أهل السنة ويخفي تشيعه، وفاته في حدود سنة 953هـ. الذريعة: 11/ 285؛ معجم المؤلفين: 6/ 285.

(9)

(روضة الأحباب في سيرة النبي والآل والأصحاب) قال صاحب الذريعة: ((فارسي في ثلاث مجلدات)). الذريعة: 11/ 285. قلت: وعنوان الكتاب يدل على أنه من أهل السنة، إذ قرن مصنفه بين النبي صلى الله عليه وسلم وآله من جهة، وبين أصحابه رضي الله عنهم من جهة أخرى. ولا يغرنك ذكر صاحب الذريعة له لأنه عادة ما يذكر علماء أهل السنة وينسبهم للرفض.

ص: 86

وَمنهَا مَا أخرِجَهُ ابن أبي الدنيَا (1) عَن أبي إسحَاق (2) قَالَ: ((دعيت إلى مَيت لأغسله (3)، فلما كشفت الثوب عَن وَجهه، فإذا أنا بحَية قد تطوقت عَلَى حَلقِهِ، فذكُروا أنه كان يسب الصّحَابة رضي الله عنهم)) (4).

وَأخرَجَ أيضاً عَن أبي إسحَاق الفزاري (5) أنه أتَاهُ رَجلٌ فقال لهُ: ((كنتُ أنبش (6) القبور، وكنتُ أجد قوماً وجوههم لِغَيرِ القِبلة، فَكتبَ إلى الأوزاعي يَسألهُ، فقال: أولئك قومٌ مَاتوا على غَيرِ السنّة)) (7).

وقد سئل الأوزاعي: ((أنهُ يمَوت اليهُودي وَالنصَراني وَسَائر الكفار ولا ترى (8) مثل هذا؟ فَقَالَ: نَعَمْ أولئك لا شك أنهم في النار، وَيَريكم في أهل التوحيد لِتعتَبرُوا)) (9)، ذَكرَه السيُوطي في (شرح الصدُور في أحوَال

(1) هو أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان الأموي مولاهم البغدادي، ابن أبي الدنيا الحافظ صاحب التصانيف المشهورة، وفاته سنة 281هـ. سير أعلام النبلاء: 13/ 397؛ طبقات الحفاظ: ص 299.

(2)

هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة الفزاري الكوفي، نزيل الشام، قال ابن معين: ثقة ثقة، حديثه مخرج في الكتب الستة، وفاته سنة 186هـ. الثقات: 6/ 23؛ تهذيب التهذيب: 1/ 132.

(3)

في (م) و (د): (لأعلمه). والتصحيح من كتاب السيوطي.

(4)

السيوطي، شرح الصدور: ص 232.

(5)

في (د): (القراري).

(6)

في (م): (أنيس). وما أثبتناه أصح وهو روية شرح الصدور أيضاً.

(7)

شرح الصدور: ص 232.

(8)

في (د): (نرى).

(9)

الذهبي، الكبائر: ص 37.

ص: 87