الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخاتم الحنَفاء قَرأ هَذِهِ الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90] أوصيكم عِبادَ اللهِ بتقوى الله، وَنزلَ عَن المنبَرِ، فصَارَ قراءة هَذِهِ الآيَة المقررَة المعتبرة (1).
سب الصحابة الكرام من أكبر الكبائر:
وَحَاصِل الكلام وتحقيق المرام أن سَبَّ الصحَابة الكرَام مِنْ أكَبَرِ الكبَائرِ، بَل متضَمن أكثرهَا عِندَ أهل السَّرائرِ؛ لأنه أجتمعَ فِيه حَق الله وَحَق العَبد وَحَق رَسُوله [صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه لا يهون عليه إهانة مَن يَكُون مقرباً لديه](2) وَمنسُوباً إلَيه.
وأيضاً مِنْ المقرر إجماعاً أن قتل النفس أكبرُ الكبَائر بَعدَ الشِركِ باللهِ تعَالى، وَقتل المؤمن متعَمداً إنما يَقع المؤمن حَال كمَال غضَبه وذهَاب عقله وَأدَبه حَتى يكاد أن يكُون مجنوناً (3)، ثُمَّ لَا شَك أنْ يكُون بَعد ذلَك نَادماً وَمحزوناً، وَيتَوبُ إلى اللهِ وَيتضَرع إلى مَولاه، بخلَافِ الرّفضَة (4) حَيثُ يسبونَ في حَالِ اختِيارهم وَوَقت اقتِدارهم وَيُصَمّمُونَ على ذلَكَ ولا يَرجعُونَ عَمّا صَدر عَنهم هُنالك إذ لم يعتقدوا قبحه، بَل يتوَهّمُونَ (5) رجحه.
(1) لم ترد هذه الرواية أيضاً بسند معتبر، بل وردت في كتب التاريخ على سبيل الحكاية. ينظر: الكامل في التاريخ: 4/ 315.
(2)
زيادة من (د).
(3)
في (م): (مجموعا).
(4)
كذا يسمي المؤلف الرافضة في بعض الأحيان.
(5)
في (د): (يتوهموا).
وَكَذَا قيل ليسَ [تقبل](1) توبة لأهِل البدعَة؛ لأن بدَعتهم عندهم قَربَة وَطاعَة، وَأمَّا مَا ذكر بَعض المَشائخ أنهم لم يسبّوا أصحَابَ النبي صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإنما سبّوا جميعاً زعِموا فيهم أنهُم ظلمُوا عَلياً كرّمَ اللهُ وَجهَهُ، وَأخذوا حَقه مَعَ جَعله عليه الصلاة والسلام وصيّه، وَليسَ هَؤلاء بهَذا الوَصف مَوجُودينَ، وَلا بهذا النعت مشهورينَ، فلا يفيدُ ذلَك وَلَا يكُون عُذراً هنالك، كَمَا قالَ بَعض جَهَلة الصوفية أن عَبدَة الأصنام إنما عَبدُوا الملك العَلام، سَوَاءٌ عَلمُوا هَذا المعنى أو عقلُوا عَن هَذَا المبَنى، فإن الشريعَة الغراء تُبطل (2) مثل هَذِه الأشيَاء، فنحنْ نحكم بالظاهر وَالله اعلم بالسَرائرِ.
ولا يخفى أن طائفة الشيعة تغاير (3) طَوائف المبتَدعَة الشنيعَة، لمَّا لم يتبعُوا (4) الأحَادِيثَ وَالأخبار [7/ب] وَحرمُوا حَقائق الأسرار وَدقائق الأنوار التي حَملَته العُلماء الأبرار وَنقلَته الفضَلاء الكبَار عَن النبي صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بروَاية الأصحَاب وَالتابعِينَ، وَأتبَاعهم مِنْ العُلماءِ العَامِلين وَالمشائخ الكامِلين بأسَانيد عدُول ضابِطين وَثقة حَافظِين، وَقعُوا فيما وقعُوا مِنْ الخطأ والخطل وافسدوا ما عندهم مِنْ العِلم وَالعَمل، وَاعتَقدُوا مَا بَنوُه على ما طاحَوا فيه مِنْ الزلل، وَإلا فكيفَ يبغض مَنْ كَانَ صَاحِب النّبي صلى صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغَار، ورَفيقه في سَائر الأسفار، وَأول مَن آمَنَ بِهِ مِنْ الرجَالِ الكبَارِ.
وَقد جَعله الصَّلاة والسَّلام خليفةً في مَدِينةِ الإسلام بمنصّب الإمَامة لعَامة الأنام، كَمَا أجمعَ عَلَيه العُلماء الأعلَام، حَتى قال عَلي كَرّمَ الله وجهه في هَذا
(1) زيادة من (د).
(2)
في كلا النسختين (بطل).
(3)
في (م): (وتغاير)، وفي (د):(تتغاير).
(4)
في (د): (يتتبعوا).