الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فبأيِّ دليلٍ مِنْ الكِتابِ أو السّنة أو إجماع الأمة يَستحق أبَا (1) بكر الصدّيق [8/أ] شيئاً مِنْ الِملامَةِ وَالمذمةِ، وَإنما الحِكمة في ذلَكَ أن لَعنَ (2) لاعِنيه يرجع إلَيْهم، وَيَكون سَبباً بغَضَبِ الله عليهم، وَمُوجباً لهُ في زيَادةِ الدرجَاتِ العَالِيَّة وَالمقامَات الغَاليَّة، كَمَا أن مُسَابقته في الإيمَانِ صَارت بَاعثاً لمشارَكتِهِ في ثوابِ إسلام أهل الإيمَانِ (3).
[خراسان ليست بدار حرب]
وَبَهذَا الذي قررناهُ وفي هَذا المَقَام حررناه، تبَين أن خراسان ليست بدارِ الحَرب، كَمَا تَوهم (4) بَعض الفقهاءِ، بَل دار بدعَة (5) كَمَا هُوَ ظاهِرٌ عندَ العُلماء، وَتوضِيحه أن أكثر سُكانه على مَذهَبِ أهل السنة والجماعَة، وَغِالبهم الحنَفِية وَفيهِم بَعض الشافِعية، وإنما العَسكرية جماعَة مَعِدُودَة وشَرذمة قليلة، يَدعون أنهم الشيعَة [ولا يتحاشون عن الشنيعة](6).
وَقد صَرحَ علماء الكلامية بأن الشيعة من الطوَائف الإسلامِية، نَعَمْ فيهم طوائف، فَمنهِم مَن يُحبّ وَلَا يسَبّ، وإنما يفضل عَلياً عَلى البقِية، وَمنهم مَنْ لَا يُحب وَلَا يسَبّ [زعماً منهُ أنهُ عَلى الطريقة النقِية، وَمنهم مَنْ يسَبّ](7) وَلَا
(1) في (م): (أبي).
(2)
في (د): (لعنة).
(3)
في (د): (الاتقان).
(4)
في (د): (توهمه).
(5)
في (د): (البدعة).
(6)
زيادة من (د).
(7)
سقطت من (د).
يَستَحل السَبّ، وإنما يشتم عِندَ الغضب، وَمنهم مَنْ يستَحل وَيستبيح (1) وَلَا يُبَالي مِنْ العتَبِ، وَمنهم مَنْ يَعد السَبّ قربة وَطاعَة وَيجعَلهُ وَظِيفة وَصنَاعة.
وَلقد سمَعت عَن سَيدي وسَندي في عِلم التفِسير، الشيخ عَطيّة المكي السّلمي (2): أن خارِجياً مِمن يزعم أنه مِنْ الفضلاءِ العُلماءِ (3)، كَانَ ورده سَبّ علي كرم الله وَجهه ألفَ مَرة، بَين صَلاة الصّبح وصَلاة العشاء، فسُبحانَ مَنْ خَلقَ في ملكه مَا يشاء.
وَقد وَرد: ((لا تسبَوا الشيطان وَتعَوذوا بالله مِنْ شرِهِ)) (4) وَفيه تنبيه نبيه عَلى الترقي مِنْ حَال التفرقة المعَبر عَنها بالأبنية إلى مَقامِ التوحيد الصّرف وَالجمعية، وَالحمدُ لله عَلى مَا أعطاني مِنْ التوفيق وَالقدرَة عَلى الهجرة مِنْ دَار البدعة إلى خير ديار السّنة، التي هِي مُهِبط الوحي وظهِور النبوة، وَأثبتِني عَلى الإقامَة مِنْ غَير حَول مِنّي ولا قوة.
وَمع هَذا أكَره رُؤية هَذِهِ الطائفة الرديئة خصُوصاً عندَ طوافِ (5) الكعبَة [8/ب] الشريفة العَلية، مَع أنهم كالمنَافقِينَ في مَقام التقيّة، وَالتسَتر فيمَا بَينَ الجمَاعَة الشافعِية التقيّة حتى يسمعُوا الشافعية، وَبهذَا المُوجب اشتبَه، قالَ بَعض الشافعِية [عند السادة الحنفية لكن الفرق الشافعية](6) يقبضونَ أصابعهم
(1) في (د): (ويبيح).
(2)
هو عطية بن علي بن حسن السُّلمي المكي، عالم مكة وفقيهها، له تفسير للقرآن الكريم، وفاته سنة 983هـ. الأعلام: 4/ 238؛ الموسوعة الميسرة: 2/ 1533.
(3)
في (د): (والعلماء).
(4)
الحديث أخرجه الديلمي، في مسند الفردوس: 5/ 11، رقم 7290. قال الشيخ الألباني (صحيح). صحيح الجامع: رقم 7381.
(5)
في (د): (طوائف).
(6)
زيادة من (م).
وَيشرون بالمسَبحة (1) عندَ التشهّد (2)، كَمَا هُوَ المعتمد في مَذَهبَنا (3)، بخلاف الشيعَة (4)، فإنهم تركُوا هذِه السنة مِن سُنن الشريعَة مخالف لمِذَاهِب أهل السنة وَالجماعَة البديعَة المنيفة (5).
وَمِنْ عَلاماتهم في الطواف أنهم يوسوسُونَ (6) في ابتدائِهِ، ويحرفونَ (7) عَن الكعبَة حَالَ إنشائه، ثم في الشوط السابع قبل انتهائه يقفُونَ منحرفين في المستجار، نعوذ بالله من حال أهل النار.
هذا وَإذَا تبَين لَكَ (8) أن خرَاسَان مِنْ دَارِ البدعة لَا مِنْ دَار الحَرب، ظهر بُطلَان مَا يفعَله الأزبك في حقِهم مِنْ قتِلِ العَام وَعدم التمييز بَين الأنَامِ، وَسَبي نسَائهم وَذرَاريهم في تِلكَ الأيام، إلى أن وَقع النَّاسُ في كفر ظاهِر مِنْ استحلَال فروُجهن وَاستخدَام أولادهن.
وَأغرب من هذا أنهم فعلوا مثلَ هَذَا في بلاد أهِلِ السّنة، مثلَ تاشكنة (9) وَغَيره مقام العلماء وَالسّادَةِ، حَتى بَاعُوا في سُوق بخارى بنت الأمير سَيف الدين (10)، كانَ
(1) في (م): (المسجد).
(2)
ينظر تفاصيل هذه المسألة الفقهية عند الشافعية عند النووي، المجموع: 3/ 400.
(3)
ينظر تفاصيل هذه المسألة الفقهية عن الحنفية عند الكاساني، بدائع الصنائع: 1/ 214.
(4)
حيث أنكروا الإشارة بالمسبحة عند التشهد، ينظر ما قرره الحلي في منتهى الطلب: 1/ 294.
(5)
ينظر للفائدة: ابن قدامة، المغني: 1/ 313.
(6)
في (د): (يوسوس).
(7)
في (د): (ويحرمون).
(8)
(لك) سقطت من (د).
(9)
في (م): (صنعوا).
(10)
في (د): (تقي الدين). لم أقف على ترجمة له.