الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فخرج هَؤلاء الطائفة مِنْ بَين المؤمنين؛ لأنهم [لم](1) يَستغفُروا للسَّابقينَ المُوقنِيَن، بَل جَعَلُوا غِلهم في قلوبهم حَتى عَكسُوا (2) القضِية، وَبدلُوا طلب المغفرَة وَالرحمة بالسَبِّ وَالمذمةِ (3)، بَل بَنُوا مدَار مَذهَبهم عَلى اللعنَةِ، وَمَا أحسَن قَول بَعض أهلِ الفطنة: لعن الله عَلى مَذهَب مَدَاره عَلى اللَعنةِ وَالطعنة، مَع أن لعنهم يَرجع إلَيهم في العَاقبَة، وَيكُون سَبَب زيَادَة الرحمة للِصحَابة، كَمَا رَواهُ ابن عَسَاكر عن جَابر بن عَبد الله رضي الله عنهم قَالَ:((قيل لعَائشة: إن ناساً يتنَاولون أصحَاب رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتى إنهم يتنَاوَلُونَ أبَا بكر وَعُمر، فقالَت: أتعجبُونَ مِن هَذا؟! إنما قطعَ عَنهم العَمل فأحبَّ الله أنْ لَا ينقطع عَنهم الأجر)) (4).
[الدليل من السنة على كفرهم:]
وَأمَّا الدليل مِنْ طريق السنة عَلى كفرهم في مَقامِ العِنَاد، فَقد وَردَ في أخبارِ الآحَاد مَا يصلح الجملَة للاسِتناد بالاعتماد، وَلو كَانَ بغالِب الظن في بَابِ الاعِتقادِ؛ لأن أصل [تفصيل](5) هَذه المَسْألة مِن تَفضِيل الصحابة، بَل تَفضِيل
(1) زيادة من (د).
(2)
في (د): (يمسكوا).
(3)
وقد أخذ الإمام مالك هذه الآيات دليلاً على أن من سب الصحابة منع من الفيء، كما نقل عنه البيهقي، السنن الكبرى: 6/ 372؛ الشاطبي، الموافقات: 3/ 363. ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الرأي أيضاً عن بعض أصحاب الإمام أحمد. مجموع الفتاوى: 28/ 564.
(4)
الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: 11/ 276؛ ابن عساكر، تاريخ دمشق: 44/ 387؛ الهندي، كنز العمال: 13/ 16.
(5)
زيادة من (د).
الأنبياء [عَلى بَعضهِم](1)، وَتَفضِيل الملائكة عَلى البَشر ونحوه، مِنْ بحث الإمَامَة [10/ب] والخلَافة كلها مِنْ الظنيات الفَرعيات المُنَاسب ذكرها في المَسَائل الفقهياتِ، لأن مَدار الاعِتقاد عَلى الدلالَاتِ القَطعِيات، إذ مِنْ المعَلُوم أنه لَو وَجدَ شخصٌ وَلم يعلم تفصِيل (2) هَذِهِ الحالَاتِ، لم يحكم بكفره ولا ينقصُه في مَقام الديَاناتِ، وَلقد أخطأ خطاءً فَاحشاً مَنْ عَدَّ مثل هذِهِ الأمور المذكورة مِما عُلم مِن الدين بالضرورَة (3).
فَمِنها مَا وَردَ عَن علي كرَّمَ اللهُ وَجهَهُ قالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((سَيَأتي قَومٌ لهَمُ نبزٌ (4) - أي لقب - يقال لهم الرّافضَة إن لقيتهم فاقتلُوهم فإنهم مُشركونَ، قلتُ: يَا نبي اللهِ مَا العَلَامةِ؟ قال: يفرطُونك بَما ليسَ فيكَ وَيَطعَنونَ عَلى أصحَابي وَيشتمُونَهم)). رَوَاهُ ابن [أبي](5)
(1) سقطت من (د).
(2)
في (د): (تفضيل).
(3)
هذا الكلام فيه نظر، إذ إن منكر الحكم سواء كان ظنياً أم قطعياً يعتمد على المسألة عينها، قال التفتازاني:((إن الحكم الشرعي المجمع عليه إن كان إجماعه ظنياً كفر بمخالفته، وإن كان قطعياً ففيه خلاف)). شرح التلويح على التوضيح: 2/ 384. بقي أن نحدد هل أن مسألة سب الصحابة من القطعيات أم من الفرعيات؟ وهذا يعتمد على دلالة النص مما سيأتي المؤلف على استعراضه، ونجد من المناسب هنا أن ننقل كلاماً نفيساً للنووي قال فيه: ((إن جحد مجمعاً عليه يعلم من دين الإسلام ضرورة كفر إن كان فيه نص، وكذا إن لم يكن فيه نص في الأصح، وإن لم يعلم من دين الإسلام ضرورة بحيث لا يعرفه كل المسلمين لا يكفر)). روضة الطالبين: 10/ 65.
(4)
في (م): (نبذ).
(5)
غير موجودة في كلا النسختين.
عَاصِمِ (1)
في (السنة)(2) وَابن (3) شاهِين (4).
فهَذَا الحَديث يَدُلُ عُلى أن بَاغِض عَلي وَسَائر الصحَابة كَلّهم رَفضة، وإن اختصَ بَاغِض عَلي بالخَوِارِجِ بخرُوجهم (5) عَلى عَليّ وَقتَ الفتنَة، وَذلَك لأن الرفض بِمَعنَى الترك لغةً، ثُمَّ نُقلَ إلى تركِ مَحَبة الصحَابة، فلَا وَجه لتِخصِيص سَبِّ الشيخين للكفر (6)، إلا لِكُونهما زيَادَة في الفَضِيلةِ بناءً عَلى قول جمهُور أهل السّنة؛ لأن أبا بكر أفضَل، وَقيل عُمَر وَهوَ (7) المسمّى بالفارُوقية، وَقيل عَباس وَهم طائفة مِنْ العَباسِية [يقال لهم الراوندية (8)، وَقيل عَلي وَهُم الإمَامِيَّة](9)، وَقالَ بَعض المتكلِمينَ باِلسوية، وقال بَعضهم إلى التوَقف في القضِية أو (10)
(1) هو أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني البصري الحافظ، كان يلقب بالنبيل لنبله وعقله، ذلك أنه لم يحدث إلا من حفظه، وفاته سنة 212هـ. تذكرة الحفاظ: 1/ 366؛ طبقات الحفاظ: ص 159.
(2)
ابن أبي عاصم، السنة: 2/ 474؛ الهندي، كنز العمال: 11/ 324. قال الشيخ الألباني في تعليقه على هذا الحديث في الكتاب الأول: (وإسناده ضعيف).
(3)
في (د): (وبن).
(4)
هو أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان البغدادي الحافظ، قال ابن ماكولا:((ثقة مأمون صنف ما لم يصنفه أحد إلا أنه كان لحاناً ولا يعرف الفقه))، وفاته سنة 385هـ. تذكرة الحفاظ: 3/ 987؛ طبقات الحفاظ: ص 393.
(5)
في (د): (لخروجهم).
(6)
في (م): (لكفر).
(7)
في (د): (وهن).
(8)
ينظر الأشعري: مقالات الإسلاميين: ص 21؛ الفرق بين الفرق: ص 341.
(9)
سقطت من (د).
(10)
(القضية أو) سقطت من (د).
الفُضيلة، إن كانت بَمعنَى أكثرية المَثوبَة فهي غَيَر مَعْلُومَة لنَا، وإن كَانتَ بمعنَى أكثرية العِلم وَالِحلم فالأدلة فيه مُتعَارضَة عندَنا.
وَاختلف هل عُثمان أفضَل أم عَلي؟ وَمَال الأكثر إلى الأول وَجمعَ إلى الثاني، وَالقولان مَرويّانِ عن (1) إمَامنا الأعظم وَالله سبحانَه [وتعالى](2) أعلَم.
وَهذَا وَقد ذكرَ الكردري (3) في (مَناقِب أبي حَنِيفةَ)(4) قال: إنَّ مَنْ اعترفَ بِالخلافَةِ وَالفَضيلة للِخلفَاء، وَقالَ أحبّ عَلياً أكثر لَا يؤاخذ (5) إن شاء الله تعالى؛ لِقوله عَلَيه [11/أ] أفضَل الصَّلاة
وَالسّلام: ((اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تُؤَاخِذْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ)) (6).
(1) في (م): (عن).
(2)
زيادة من (د).
(3)
هو تاج الدين عبد الغفور بن لقمان بن محمد الحنفي، نسبته إلى (كردر: من قرى خورازم) تولى قضاء حلب، وفيها وفاته سنة 562هـ، له مؤلفات عديدة. سير أعلام النبلاء: 23/ 112؛ الفوائد البهية: ص98.
(4)
طبع مع كتاب مناقب الإمام أبي حنيفة للموفق بن أحمد بالهند سنة 1321هـ.
(5)
في (د): (يؤاخذه).
(6)
الحديث أخرجه الترمذي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، السنن، كتاب النكاح، باب التسوية بن الضرائر: 3/ 446، رقم 1140؛ النسائي، السنن، كتاب عشرة النساء، باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض: 7/ 63، 3943؛ أبو داود، السنن، كتاب النكاح، باب القسم بين النساء: 2/ 242، 2134؛ ابن ماجة، السنن، كتاب النكاح، باب القسمة بين النساء: 1/ 633، 1971.