المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع تجاوز الميقات وهو مريد لأحد النسكين ثم أحرم] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٤

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[الْإِنَابَةُ فِي الْحَجِّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ مُرِيدٌ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ]

- ‌[بَاب فِي مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[لَوَاحِق الْحَجّ]

- ‌[أَنْوَاع الدِّمَاء]

- ‌[بَاب مَوَانِع الْحَجّ مِنْ الْإِحْصَار وَغَيْره]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ] [

- ‌شُرُوطُ الذَّكَاةِ]

- ‌[ذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ] [

- ‌فَصْلٌ الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ]

- ‌[بَابُ الضَّحَايَا] [

- ‌أَرْكَانُ الضَّحَايَا وَأَحْكَامُهَا]

- ‌[الْعَقِيقَة]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ] [

- ‌بَابٌ فِي نَفْسِ الْيَمِينِ]

- ‌[بَاب فِي الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَالْكَفَّارَة]

- ‌[بَاب فِيمَا يَقْتَضِي الْبَرّ وَالْحِنْث]

- ‌[فَصْلٌ النَّذْرُ] [

- ‌أَرْكَانُ النَّذْرِ وَأَحْكَامُهُ]

- ‌[شُرُوطُ النَّذْرِ]

- ‌[النَّذْرُ الْمُسْتَحَبُّ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ] [

- ‌بَابٌ فِي وُجُوبِ الْجِهَادِ وَكَيْفِيَّتِهِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْجِهَادِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِعَانَة بِالْمُشْرِكِينَ]

- ‌[مِنْ فَرَائِضِ الْجِهَادِ تَرْكُ الْغُلُولِ]

- ‌[بَابٌ مِنْ فَرَائِضِ الْجِهَادِ الْوَفَاءُ بِالْأَمَانِ]

- ‌[الْجِهَادُ بِالرَّاتِبِ]

- ‌[كِتَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَالْمُهَادَنَةِ] [

- ‌أَرْكَانُ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَأَحْكَامُهُ]

- ‌[حَدُّ وُجُوبِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[عَقْدِ الْمُهَادَنَة وَشُرُوطهَا]

- ‌[كِتَابُ السَّبَقِ وَالرَّمْيِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّبَقِ وَشُرُوطُهُ وَحُكْمُهُ]

- ‌[بَابٌ فِي الرَّمْيِ وَشُرُوطِهِ]

الفصل: ‌[فرع تجاوز الميقات وهو مريد لأحد النسكين ثم أحرم]

أَمْكَنَهُ مَا لَمْ يُحْرِمْ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ مَا لَمْ يُشَارِفْ مَكَّةَ هَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ وَهَكَذَا نَقَلَ غَيْرُهُ. وَأَمَّا إنْ أَحْرَمَ ثُمَّ عَادَ فَالدَّمُ لَا يَسْقُطُ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إلَّا أَنْ يُحْرِمَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. قِيلَ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ التَّفْسِيرَ. ثُمَّ إنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ إذَا كَانَ جَاهِلًا. وَأَمَّا إنْ جَاوَزَهُ عَالِمًا بِقُبْحِ مَا فَعَلَهُ فَمَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ وَلَا يُسْقِطُهُ رُجُوعُهُ. وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى سُقُوطِ الدَّمِ بِالرُّجُوعِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ كَالتُّجَّارِ، فَاخْتُلِفَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ يُسْتَحَبُّ عَلَى قَوْلَيْنِ. فَإِنْ أَحْرَمُوا فَلَا إشْكَالَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ عَلَى الْأَشْهَرِ إنْ لَمْ يُحْرِمُوا، وَإِنْ أَحْرَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِ الدَّمِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرِدْ مَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرُورَةٌ أَوْ كَانَ صَرُورَةٌ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَطِيعًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ صَرُورَةٌ مُسْتَطِيعًا فَفِي الدَّمِ خِلَافٌ.

[فَرْعٌ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ مُرِيدٌ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ]

فَرْعٌ: وَإِنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ مُرِيدٌ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ بِالْإِفْسَادِ وَلَوْ فَاتَهُ لَسَقَطَ الدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ. (مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتًا فَالدَّمُ) فِيهَا: وَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى مِيقَاتَهُ خَافَ إنْ رَجَعَ إلَيْهِ فَوَاتَ الْحَجِّ فَلْيُحْرِمْ مِنْ مَوْضِعِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ (كَرَاجِعٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ أَحْرَمَ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَوْ رَجَعَ إلَيْهِ مُحْرِمًا. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: رُجُوعُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ يُسْقِطُ الدَّمَ عَنْهُ، وَدَلِيلُهَا أَنَّ الدَّمَ لَمْ يَجِبْ لِتَجَاوُزِ الْمِيقَاتِ لِانْفِرَادِهِ إنَّمَا هُوَ لِإِحْرَامِهِ بَعْدَهُ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ وَلَا حَلِّهِ بَعْدَ عَقْدِهِ نَاقِصًا.

(وَلَوْ أَفْسَدَ) فِيهَا: إنْ تَعَدَّاهُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ جَامَعَ وَأَفْسَدَ حَجَّتَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى عَمَلِ حَجِّهِ مُتَمَادِيًا (لَا فَاتَ) فِيهَا: وَإِنْ قَضَاهُ مَنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَفَاتَهُ الْحَجُّ

ص: 60

فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ بِرُجُوعِهِ إلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ وَرَجَعَ أَمْرُهُ إلَى الْعُمْرَةِ وَهُوَ لَمْ يُرِدْهَا صَارَ كَأَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لَهَا ثُمَّ أَحْرَمَ بِهَا.

(وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ) الْقَرَافِيُّ: صَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيُّ أَنَّ النِّيَّةَ إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْحَجِّ لَا يَنْعَقِدُ الْحَجُّ، وَتَقَدَّمَ تَصْرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّلْقِينِ وَالْمُعَلَّمِ وَالْقَبَسِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: بَلْ نَقَلَ سَنَدٌ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ مِنْهُ وَهُوَ يُجَامِعُ وَيَلْزَمُهُ التَّمَادِي وَالْقَضَاءُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا، بَلْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ.

(وَلَوْ خَالَفَهَا لَفْظُهُ وَلَا دَمَ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ اخْتَلَفَ الْعَقْدُ وَاللَّفْظُ فَالِاعْتِبَارُ بِالْعَقْدِ.

وَرُوِيَ مَا

ص: 61

يُشِيرُ إلَى اعْتِبَارِ النُّطْقِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ مُفْرِدًا فَأَخْطَأَ فَقَرَنَ أَوْ تَكَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ عَلَى حَجِّهِ.

وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ: عَلَيْهِ دَمٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ انْتَهَى مِنْ الذَّخِيرَةِ. (وَإِنْ بِجِمَاعٍ) تَقَدَّمَ نَقْلُ سَنَدٍ وَهُوَ فَرْعُ الِانْعِقَادِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ دُونَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَانْظُرْهُ.

ص: 62

(مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ تَعَلَّقَا بِهِ) تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي هَذَا وَنَصُّ ابْنِ شَاسٍ يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ بِالْقَوْلِ وَالنِّيَّةُ الْمُقْتَرِنَةُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّوَجُّهِ عَلَى الطَّرِيقِ، فَإِنْ تَجَرَّدَتْ النِّيَّةُ عَنْهُمَا فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ.

(بَيَّنَ أَوْ أَبْهَمَ وَصَرَفَهُ لِلْحَجِّ وَالْقِيَاسُ الْقِرَانُ) . ابْنُ شَاسٍ: لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا لَا يَنْوِي حَجًّا وَلَا عُمْرَةً فَقَالَ أَشْهَبُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي حَجَّةٍ.

قَالَ أَشْهَبُ: فَمَنْ أَتَى يُرِيدُ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا الِاسْتِحْسَانُ أَنْ يَكُونَ مُفْرِدًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ قَارِنًا، وَإِنْ نَوَى شَيْئًا فَنَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ كَانَ قَارِنًا لَا بُدَّ اللَّخْمِيِّ: جَوَابُهُ فِي السُّؤَالَيْنِ عَلَى مِثْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ يُحْرِمُ مَرَّةً لِلْعُمْرَةِ وَمَرَّةً لِلْحَجِّ، فَأَمَّا أَهْلُ الْمَغْرِبِ فَإِنَّمَا يُحْرِمُونَ لِلْحَجِّ لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَهُ وَلَا يُرِيدُونَ إلَّا إيَّاهُ وَإِنْ شَكَّ هَذَا هَلْ أَفْرَدَ أَوْ قَارَنَ وَتَمَادَى عَلَى نِيَّةِ الْقِرَانِ وَحْدَهُ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أَوْ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا طَافَ وَسَعَى لِإِمْكَانِ إحْرَامِهِ بِعُمْرَةٍ، وَلَا يَحْلِقُ لِإِمْكَانِ

ص: 63

أَنْ يَكُونَ فِي حَجٍّ وَيَتَمَادَى عَلَى عَمَلِ الْحَجِّ وَيُهْدِي لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ وَلَيْسَ لِلْقِرَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ نِيَّةً لِلْحَجِّ وَإِنَّمَا يَتَمَادَى عَلَى نِيَّةٍ تَقَدَّمَتْ، وَتِلْكَ النِّيَّةُ كَانَتْ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ. فَإِنْ كَانَتْ لِعُمْرَةٍ فَقَدْ تَمَّتْ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَتَمَادِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ بِهِ قَارِنًا، وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الْحَجَّ كَانَ مُفْرِدًا وَكَانَ ذَلِكَ الطَّوَافُ لَهُ لَا لِلْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ نِيَّةً لِلْعُمْرَةِ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ فِي أَوْجُهِ الْإِحْرَامِ: وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: إفْرَادٌ وَقِرَانٌ وَتَمَتُّعٌ وَإِطْلَاقٌ. ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْإِطْلَاقُ فَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ عَلَى سَبِيلِ الْإِبْهَامِ ثُمَّ يُخَيَّرَ فِي صَرْفِهِ إلَى أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَعْنِي مِنْ الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ وَلَا يَفْعَلُ فِعْلًا إلَّا بَعْدَ التَّعْيِينِ.

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ حِينَ طَافَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا، وَيَكُونُ هَذَا طَوَافَ قُدُومٍ، لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَيْسَ رُكْنًا فِي الْحَجِّ وَالطَّوَافُ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي الْإِطْلَاقِ إلَى إفْرَادٍ. وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقْرُنَ وَقِيلَ: الْقِيَاسُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى عُمْرَةٍ. وَرَأَى اللَّخْمِيِّ أَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمَدَنِيِّ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ لَا يَقْصِدُ إلَى الْحَجِّ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ.

(وَإِنْ نَسِيَ فَقِرَانٌ) تَقَدَّمَ قَوْلُ أَشْهَبَ إنْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ كَانَ قَارِنًا (وَنَوَى الْحَجَّ وَبَرِئَ مِنْهُ فَقَطْ كَشَكِّهِ أَفْرَدَ أَوْ تَمَتَّعَ) .

ص: 65

ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ عَمِلَ عَلَى الْحَجِّ وَالْقِرَانِ كَمَا لَوْ شَكَّ أَفْرَدَ أَمْ تَمَتَّعَ فَإِنَّهُ يَطُوفُ وَيَسْعَى لِجَوَازِ الْحَجِّ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: قَارَنَ وَيَنْوِي الْحَجَّ لِجَوَازِ التَّمَتُّعِ ابْنُ عَرَفَةَ: صُورَتُهُ مَسْأَلَةُ اللَّخْمِيِّ، وَقَوْلُهُ يَنْوِي الْحَجَّ خِلَافَ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ.

(وَأَلْغَى عُمْرَةً عَلَيْهِ كَالثَّانِي فِي حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ) فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ لِمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ عُمْرَةً أَوْ حَجَّةً وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا أَرْدَفَ وَلَا قَضَاءَ وَلَا دَمَ قِرَانٍ. ابْنُ يُونُسَ: بِخِلَافِ مَنْ أَرْدَفَ حَجًّا عَلَى عُمْرَةٍ خَامِسُ تَرْجَمَةٍ مِنْ الْحَجِّ الْأَوَّلِ.

(وَرَفْضُهُ) مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ

ص: 67

مِنْ النُّكَتِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ: مَنْ رَفَضَ صَلَاتَهُ أَوْ رَفَضَ صِيَامَهُ كَانَ رَافِضًا بِخِلَافِ مَنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ أَوْ رَفَضَ وُضُوءَهُ بَعْدَ كَمَالِهِ أَوْ فِي خِلَالِهِ. ثُمَّ قَالَ: فَرَافِضُ إحْرَامِهِ لَيْسَ رَفْضُهُ بِمُضَادٍّ لِمَا هُوَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَفَضَ مَوَاضِعَ يَأْتِيهَا، فَإِذَا رَفَضَ إحْرَامَهُ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُخَاطَبُ بِهَا فَفَعَلَهَا لَمْ يُحْمَلْ لِرَفْضِهِ حُكْمٌ. وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي حِينِ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ نَوَى الرَّفْضَ وَفَعَلَهَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ رَافِضٌ بَعْدُ كَالتَّارِكِ لِذَلِكَ. الْقَرَافِيُّ: قَالَ سَنَدٌ: إنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ الْمَدْخُولَ فِي جِنْسِهِ كَفَسْخِ عُمْرَةٍ فِي عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ فِي حَجٍّ لَا يَخْتَلِفُ فِي بَقَائِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عُمْرَةً فَأَرَادَ بَقَاءَهَا مَعَ الْحَجِّ وَالْوَقْتُ قَابِلٌ لِلْإِرْدَافِ فَهُوَ قَارِنٌ، وَإِنْ أَرْدَفَ قَلَبَ الْأَوَّلَ إلَى الْحَجِّ فَهُوَ اعْتِقَادٌ فَاسِدٌ وَلَا يَنْقَلِبُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَجًّا فَاعْتَقَدَ بُطْلَانَهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ وَلَا تَدْخُلُ الْعُمْرَةُ عَلَى الْحَجِّ، وَإِنْ اعْتَقَدَ انْقِلَابَهُ عُمْرَةً لَمْ يَنْقَلِبْ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَأَمَّا لَوْ رَفَضَ إحْرَامَهُ لِغَيْرِ شَيْءٍ فَهُوَ بَاقٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ خِلَافًا لِدَاوُدَ انْتَهَى.

(وَفِي كَإِحْرَامِ زَيْدٍ تَرَدُّدٌ) مِنْ الذَّخِيرَةِ: مَنْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَشْهَبَ وَالشَّافِعِيَّةِ لِقَضِيَّةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه. هَذَا هُوَ نَصُّ الْقَرَافِيُّ.

(وَنُدِبَ إفْرَادٌ) فِيهَا لِمَالِكٍ: الْإِفْرَادُ بِالْحَجِّ أَوْلَى مِنْ الْقِرَانِ

ص: 68

وَالتَّمَتُّعِ (ثُمَّ قِرَانٌ) . أَشْهَبُ: إنْ لَمْ يُفْرِدْ فَالْقِرَانُ أَوْلَى مِنْ التَّمَتُّعِ، اللَّخْمِيِّ: التَّمَتُّعُ أَوْلَى مِنْ الْإِفْرَادِ لِلْحَدِيثِ وَالْقِيَاسِ.

(بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا وَقَدَّمَهَا) . ابْنُ عَرَفَةَ: الْقِرَانُ الْإِحْرَامُ بِنِيَّةِ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ وَإِنْ سَمَّى قَدَّمَ الْعُمْرَةَ وَلَوْ عَكَسَ نَاوِيًا الْقِرَانَ فَقَارِنٌ وَإِلَّا فَمُفْرِدٌ.

(أَوْ يُرْدِفُهُ بِطَوَافِهَا) الْكَافِي: إنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى

ص: 70

الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ فَهُوَ قَارِنٌ.

(إنْ صَحَّتْ) مُحَمَّدٌ: لَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَأَفْسَدَ عُمْرَتَهُ ثُمَّ حَلَّ مِنْهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ عُمْرَتِهِ بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ حَجَّتِهِ وَحَجُّهُ تَامٌّ، وَلَوْ أَرْدَفَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ الْحَجُّ، اُنْظُرْ سَادِسَ تَرْجَمَةٍ مِنْ الْحَجِّ الْأَوَّلِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.

(وَكَمَّلَهُ لَا يَسْعَى وَتَنْدَرِجُ وَكُرِهَ قَبْلَ الرُّكُوعِ) فِيهَا: إنْ طَافَ وَلَمْ يَرْكَعْ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ

ص: 71

الْحَجَّ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ وَصَارَ قَارِنًا عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ ثُمَّ أَتَمَّ طَوَافَهُ بِالرُّكُوعِ وَلَا يَسْعَى.

وَفِيهَا أَيْضًا: مَنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَيَرْكَعَ فَطَوَافُهُ لَهَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ فَلِذَلِكَ جَبَرَهُ بِالْهَدْيِ وَكَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ.

ص: 72

(لَا بَعْدَهُ) فِيهَا: إنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ طَافَ وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْعَ أَوْ سَعَى بَعْضَ السَّعْيِ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَضَى عَلَى سَعْيِهِ ثُمَّ يُحِلُّ وَيَسْتَأْنِفُ الْحَجَّ.

قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: إنْ شَاءَ انْتَهَى. فَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلَكِنْ إنْ أَرْدَفَهُ قَبْلَ

ص: 74

الرُّكُوعِ فَهُوَ قَارِنٌ، وَإِنْ أَرْدَفَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ لَمْ يَلْزَمْهُ حَجٌّ إلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَقَوْلُ خَلِيلٍ لَا بَعْدَهُ أَيْ فَلَيْسَ بِقَارِنٍ وَلَا يَلْزَمُهُ حَجٌّ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ بَعْدَ هَذَا مَا نَصُّهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَرْدَفَ الْحَجَّ بَعْدَ السَّعْيِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ فَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَلَمْ يَكُنْ قَارِنًا وَيُؤَخِّرُ حِلَاقَ رَأْسِهِ.

(وَصَحَّ بَعْدَ سَعْيٍ وَحَرُمَ الْحَلْقُ وَأَهْدَى لِتَأْخِيرِهِ) فِيهَا: إنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ بَعْدَ سَعْيٍ عُمْرَتُهُ قَبْلَ حِلَاقِهِ كَانَ مُفْرِدًا وَعَلَيْهِ دَمُ تَأْخِيرِ حِلَاقِ عُمْرَتِهِ (وَلَوْ فَعَلَهُ) . ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ حَلَقَ افْتَدَى. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي سُقُوطِ دَمِ تَأْخِيرِهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَقَوْلِي سُقُوطِ دَمِ مُحْرِمٍ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ رَجَعَ إلَيْهِ، وَكَقَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي سُقُوطِ سُجُودِ مَنْ قَامَ مِنْ

ص: 76

اثْنَتَيْنِ بِرُجُوعِهِ.

(ثُمَّ تَمَتَّعَ) تَقَدَّمَ قَوْلُ أَشْهَبَ أَنَّ التَّمَتُّعَ دُونَ الْقِرَانِ فِي الْفَضْلِ، وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ: لَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرَعَهَا وَلَمْ يُفَضِّلْ بَيْنَهَا.

(بِأَنْ يُحْرِمَ بَعْدَهَا) . الْكَافِي: التَّمَتُّعُ هُوَ أَنْ يَعْتَمِرَ الْإِنْسَانُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ يَتَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ

ص: 77

الْحَجِّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِهَا فِي غَيْرِهَا ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّجُوعِ إلَى بَلَدِهِ. (وَإِنْ بِقِرَانٍ) حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَلَقَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِقِرَانٍ.

(وَشَرْطُ دَمِهِمَا عَدَمُ إقَامَتِهِ بِمَكَّةَ أَوْ ذِي طُوًى وَقْتَ فِعْلِهِمَا) . أَبُو عُمَرَ: عَلَى الْقَارِنِ هَدْيٌ هُوَ فِيهِ كَالتَّمَتُّعِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ. هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ أَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ ذِي طُوًى لِأَنَّهَا مِنْ مَكَّةَ. وَمَنْ كَانَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ أَهْلُ مَكَّةَ وَتَمَتَّعَ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَا صِيَامَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ سَائِرِ الْآفَاقِ وَكَانَتْ عُمْرَتُهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ بَعْدَ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ جَاءَ بِالْعُمْرَةِ فِي سَفَرٍ وَبِالْحَجِّ فِي سَفَرٍ ثَانٍ، وَالْهَدْيُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِ الْمَكِّيِّ إذَا اعْتَمَرَ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ وَلَمْ يَنْصَرِفْ إلَى بَلَدِهِ لِإِسْقَاطِهِ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ إلَى الْبَيْتِ مِنْ بَلَدِهِ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأُفُقُ الَّذِي انْصَرَفَ إلَيْهِ فِي الْبُعْدِ مِثْلَ أُفُقِهِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ بِانْقِطَاعٍ بِهَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُنْقَطِعُ

ص: 78

إلَيْهَا كَأَهْلِهَا كَمَا أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مِنْهُمْ إلَى غَيْرِهَا وَالدَّاخِلَ لَا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ كَغَيْرِهِمْ. وَفِيهَا: لَوْ انْتَجَعَ لِسُكْنَى مَكَّةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجّ مِنْ عَامِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اعْتَمَرَ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا. (أَوْ خَرَجَ

ص: 80

لِحَاجَةٍ لَا إنْ انْقَطَعَ بِغَيْرِهَا) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُنْقَطِعُ مِنْهُمْ إلَى غَيْرِهَا كَغَيْرِهِمْ. (أَوْ قَدِمَ بِهَا يَنْوِي الْإِقَامَةَ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُنْقَطِعُ مِنْهُمْ إلَى غَيْرِهَا كَغَيْرِهِمْ نَصُّهَا: مَنْ انْتَجَعَ لِسُكْنَى مَكَّةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ لَا دَمَ عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ: فَلَوْ دَخَلَهَا هَذَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ فِي هَذَا الْعَامِ ثُمَّ لَا دَمَ عَلَيْهِ بَعْدَمَا دَامَ سَاكِنًا بِمَكَّةَ.

(وَنُدِبَ لِذِي أَهْلَيْنِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَيُعْتَبَرُ تَأْوِيلَانِ) الْكَافِي: مَنْ كَانَ لَهُ بِمَكَّةَ أَهْلٌ وَبِغَيْرِهَا أَهْلٌ تَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ وَقَالَ: هِيَ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْأُمُورِ وَاسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمَ الْمُتْعَةِ إنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: إنَّمَا يَأْتِي أَهْلَهُ بِمَكَّةَ مُنْتَابًا فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ، وَإِنْ كَانَ سُكْنَاهُ بِمَكَّةَ وَيَأْتِي أَهْلَهُ الَّتِي

ص: 81

بِغَيْرِهَا مُنْتَابًا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ كَالْمَكِّيِّ. اللَّخْمِيِّ: لَا يُخْتَلَفُ فِي هَذَا وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ مَالِكٌ عَلَى مُسَاوَاةِ إقَامَتِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. (وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ) الْكَافِي: الْهَدْيُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِ الْمَكِّيِّ إذَا اعْتَمَرَ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ.

(وَلِلْمُتَمَتِّعِ عَدَمُ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ) الْكَافِي: كُلُّ مَنْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ لَا دَمَ عَلَيْهِ. (أَوْ مِثْلِهِ) . الْكَافِي: وَكَذَا إنْ رَجَعَ إلَى أُفُقٍ مِثْلِ أُفُقِهِ لَا دَمَ عَلَيْهِ. (وَلَوْ بِالْحِجَازِ) فِيهَا: أَمَّا أَهْلُ مِنًى أَوْ الْمَنَاهِلِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَوَاقِيتِ كَقَدِيدٍ وَمَرِّ الظَّهْرَانِ وَعُسْفَانَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ سُكَّانِ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِمْ الدَّمُ إذَا قَرَنُوا أَوْ تَمَتَّعُوا (لَا بِأَقَلَّ) .

ص: 82

الْكَافِي: إنْ رَجَعَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ لَا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أُفُقِهِ.

(وَفِعْلُ بَعْضِ رُكْنِهَا فِي وَقْتِهِ) ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا مُتَمَتِّعًا: إنْ تَحَلَّلَ مِنْ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يُحْرِمُ فَلَوْ تَقَدَّمَ تَحَلُّلُهَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا إذْ لَمْ يَرْجِعْ الْحَجُّ بِالْعُمْرَةِ فِي مَظِنَّتِهِ. (وَفِي شَرْطِ كَوْنِهِمَا عَنْ وَاحِدٍ تَرَدُّدٌ) ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ الشُّرُوطَ الَّتِي يَكُونُ بِهَا مُتَمَتِّعًا أَنْ يَقَعَ النُّسُكَانِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَعْرِفُ هَذَا بَلْ فِي

ص: 83

كِتَابِ مُحَمَّدٍ: مَنْ اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ عَنْ غَيْرِهِ مُتَمَتِّعٌ.

(وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ) . ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَجِبُ دَمَ التَّمَتُّعِ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ. ابْنُ عَرَفَةَ: يُوهِمُ هَذَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ مَاتَ قَبْلَ وُقُوفِهِ وَلَا أَعْلَمُ فِي سُقُوطِهِ خِلَافًا.

(وَأَجْزَأَ قَبْلَهُ) . ابْنُ عَرَفَةَ: يُجْزِئُ تَقْلِيدُهُ وَإِشْعَارُهُ بَعْدَ إحْرَامِ

ص: 85

حَجِّهِ وَيَجُوزُ أَيْضًا قَبْلَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(ثُمَّ الطَّوَافُ لَهُمَا) أَمَّا الطَّوَافُ لِلْعُمْرَةِ فَفِي الرِّسَالَةِ ذَكَرْنَا يَعْنِي فِي الْحَجِّ إلَى تَمَامِ السَّعْيِ ثُمَّ يَحْلِقُ، وَأَمَّا الطَّوَافُ لِلْحَجِّ فَقَالَ عِيَاضٌ: أَرْكَانُ الْحَجِّ: النِّيَّةُ وَالْإِحْرَامُ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَوَقْتُ الْحَجِّ وَاخْتُلِفَ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: طَوَافٌ فِي رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَهُوَ السَّعْيُ فَكَانَ مِنْ مُتَأَكِّدِي السُّنَنِ، وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَرْضٌ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ مُسْتَحَبٌّ. الْقَرَافِيُّ: صِفَةُ الطَّوَافِ كُلُّهَا وَاحِدَةٌ.

(سَبْعًا) الْقَرَافِيُّ: مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ إكْمَالُ الْعَدَدِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ ضَرُورَةِ الدِّينِ، وَفِي الْحَدِيثِ إنَّ «رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَى

ص: 90

أَرْبَعًا» .

(بِالطُّهْرَيْنِ وَالسَّتْرِ) . ابْنُ شَاسٍ: مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَطَهَارَةُ الْخَبَثِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ

ص: 94

إلَّا أَنَّهُ يُبَاحُ فِيهِ الْكَلَامُ.

(وَبَطَلَ بِحَدَثٍ بِنَاءٌ) ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ انْتَقَضَ فِي أَثْنَائِهِ تَطَهَّرَ وَاسْتَأْنَفَ فِيهَا إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ طَافَ وَاجِبًا بِنَجَاسَةٍ لَمْ يَعُدْ كَذِكْرِهِ بَعْدَ وَقْتِ صَلَاةٍ. ابْنُ رُشْدٍ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ ذِكْرَهَا فِيهِ

ص: 95

ابْتَدَأَ. ابْنُ عَرَفَةَ: حَكَاهُ أَشْهَبُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ ذَكَرَهَا فِيهِ بَنَى لَا أَعْرِفُهُ.

(وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ) عَدَّ ابْنُ شَاسٍ مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ التَّرْتِيبَ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ

ص: 97

لَمْ يَصِحَّ.

(وَخُرُوجُ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ) عَدَّ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ بَدَنِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ فَلَا يَمْشِي عَلَى شَاذَرْوَانِهِ وَلَا فِي دَاخِلِ مَحُوطِ الْحَجَرِ فَإِنَّ بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ (وَسِتَّةِ

ص: 98

أَذْرُعٍ مِنْ الْحَجَرِ وَنَصْبِ الْمُقْبِلِ قَامَتَهُ) وَفِي مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ فَلَا يَمْشِي عَلَى شَاذَرْوَانِهِ وَلَا فِي مَحُوطِ الْحِجْرِ فَإِنَّ بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ قَالَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرُهُ: وَذَلِكَ الْقَدْرُ مِقْدَارُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ. وَصَحَّحَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَلِكَوْنِ الشَّاذَرْوَانِ

ص: 100

مِنْ الْبَيْتِ قَالُوا: يَنْتَبِهُ عِنْدَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ إلَى مَنْكِبِهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَطُوفَ مُطَأْطِئَ الرَّأْسِ بَلْ يُثَبِّتُ قَدَمَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ وَيَطُوفُ لِأَنَّهُ إذَا طَافَ مُطَأْطِئَ الرَّأْسِ يَكُونُ قَدْ طَافَ بَعْضَ الطَّوَافِ وَبَعْضَهُ فِي الْبَيْتِ.

(دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) . الْقَرَافِيُّ: مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ.

قَالَ سَنَدٌ: وَيُسْتَحَبُّ الدُّنُوُّ مِنْ الْبَيْتِ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَإِنْ طَافَ فِي السَّقَائِفِ لِغَيْرِ زِحَامٍ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَعَادَ، وَإِنْ طَافَ فِيهَا أَوْ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ مِنْ زِحَامِ النَّاسِ أَجْزَأَهُ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(وَوَلَاءً) . الْقَرَافِيُّ: مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ الْمُوَالَاةُ.

قَالَ مَالِكٌ:

ص: 105

وَالشَّكُّ فِي الْإِكْمَالِ كَتَيَقُّنِ النَّقْصِ.

(وَابْتَدَأَ إنْ قَطَعَ لِجِنَازَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ) فِيهَا: إنْ خَرَجَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ فَصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ طَلَبِ نَفَقَةٍ نَسِيَهَا ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ طَوَافِهِ إلَّا لِلصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يُبْطِلُ لَا سِيَّمَا لِضَرُورَةِ الصَّلَاةِ.

(أَوْ نَسِيَ بَعْضَهُ إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ) فِيهَا: مَنْ ذَكَرَ مِنْ طَوَافِ السَّعْيِ بَعْدَ رُكُوعِهِ وَسَعْيِهِ شُرُوطًا بَنَى إنْ قَرُبَ وَبَقِيَ وُضُوءُهُ وَرَكَعَ وَسَعَى وَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ، ابْنُ عَرَفَةَ.

ص: 106

لَا أَعْرِفُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ إنَّ الْمَشْهُورَ يَبْتَدِئُ طَوَافَهُ إنْ ذَكَرَ بَعْدَ فَرَاغِ سَعْيِهِ أَنَّهُ نَسِيَ بَعْضَهُ انْتَهَى. غَرِيبٌ إنْ اتَّبَعَ خَلِيلُ ابْنَ الْحَاجِبِ وَتَرَكَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ.

(وَقَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ) لَوْ قَالَ: " وَبَنَى " لِتَنْزِلَ

ص: 107

عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهَا بِهَذَا (وَنُدِبَ كَمَالُ الشَّوْطِ) . الْقَرَافِيُّ قَالَ سَنَدٌ: وَإِذَا خَرَجَ لِلْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ يَبْنِي قَبْلَ أَنْ يَتَنَفَّلَ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ كَمَالِ الشَّوْطِ عِنْدَ الْحَجَرِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الطَّوَافِ شَوْطَانِ أَتَمَّهُمَا إلَى أَنْ تَعْتَدِلَ الصُّفُوفُ.

(وَبَنَى إنْ رَعَفَ) . ابْنُ حَبِيبٍ: يَبْنِي الرَّاعِفُ.

ص: 109

(أَوْ عَلِمَ بِنَجِسٍ) تَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا. اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَبَطَلَ بِحَدَثٍ بِنَاءٌ ".

وَقَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: أَمَّا النَّجَاسَةُ فَإِنْ طَافَ بِهَا نَاسِيًا ثُمَّ ذَكَرَ طَرَحَهَا مَتَى ذَكَرَ بَنَى.

وَقَالَ أَشْهَبُ: يَبْطُلُ كَالصَّلَاةِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْمَوَّازِ إعَادَةَ الرَّكْعَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ

ص: 110

وَقْتَهُمَا بَاقٍ بِالْقُرْبِ، وَلَمْ يَسْتَحِبَّهُمَا أَصْبَغُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَقْتَهُمَا مُنْقَضٍ بِفَرَاغِهِمَا، وَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ وَلَوْ بَعْدُ، وَلَوْ رَعَفَ وَهُوَ فِي الطَّوَافِ لَخَرَجَ وَغَسَلَ وَبَنَى.

(وَأَعَادَ رَكْعَتَيْهِ بِالْقُرْبِ) . اللَّخْمِيِّ: إنْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِثَوْبٍ نَجِسٍ لَمْ يُعِدْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يُعِيدُ الرَّكْعَتَيْنِ فَقَطْ إنْ كَانَ قَرِيبًا. اُنْظُرْ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِ قَوْلِهِ: " وَبَطَلَ بِحَدَثٍ ".

(وَعَلَى الْأَقَلِّ إنْ شَكَّ) قَالَ

ص: 111

مَالِكٌ: وَالشَّكُّ فِي إكْمَالِ الْأَشْوَاطِ كَتَيَقُّنِ النَّقْصِ.

(وَجَازَ بِسَقَائِفَ لِزَحْمَةٍ وَإِلَّا أَعَادَ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " دَاخِلَ الْمَسْجِدِ "(وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُ) . ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ طَافَ فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ فِرَارًا مِنْ الشَّمْسِ أَعَادَ.

قَالَ ابْنُ شَبْلُونَ: وَرَجَعَ مِنْ بَلَدِهِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَرْجِعُ. ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ يَجْرِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. (وَلَا دَمَ) وَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ بِأَنَّهُ كَمَنْ طَافَ رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَعَادَهُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى بَلَدِهِ فَلْيُهْرِقْ دَمًا كَالطَّائِفِ. وَمِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: وَإِنْ طَافَ فِي سَقَائِفَ لَا لِزِحَامٍ بَلْ لِحَرٍّ وَنَحْوِهِ أَعَادَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: وَلَا يَرْجِعُ لَهُ مِنْ

ص: 112

بَلَدِهِ.

وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونَ: يَرْجِعُ. الْبَاجِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ قَوْلًا بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ.

(وَوَجَبَ) تَقَدَّمَ نَصُّ عِيَاضٍ أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ رُكْنٌ.

قَالَ: وَطَوَافُ الْقُدُومِ لِغَيْرِ الْمَكِّيِّ سُنَّةٌ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِيهِمَا وَزَادَ: وَطَوَافُ الْوَدَاعِ مُسْتَحَبٌّ. وَمِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ رحمه الله: اعْلَمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ وَاجِبَاتُ أَرْكَانٍ الْقِسْمُ الثَّانِي وَاجِبَاتٌ لَيْسَتْ بِأَرْكَانٍ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالسُّنَنِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ سُنَنٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ التَّأْثِيمُ لَكِنْ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا هَلْ يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا أَمْ لَا؟ وَأَرَادُوا بِالْوُجُوبِ وُجُوبَ الدَّمِ، وَالْأَمْرُ مُحْتَمَلٌ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ: أَوَّلُهَا تَرْكُ التَّلْبِيَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، ثَانِيهَا تَرْكُ طَوَافِ الْقُدُومِ لِغَيْرِ الْمُرَاهِقِ.

(كَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ) ثُمَّ قَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ:

ص: 114

الثَّانِي عَشَرَ إعَادَةُ السَّعْيِ فِي حَقِّ مَنْ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْ مَكَّةَ وَطَافَ وَسَعَى أَوَّلًا قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ عَرَفَاتٍ.

(لَمْ يُرَاهِقْ وَلَمْ يُرْدِفْ بِحَرَامٍ) اللَّخْمِيِّ: طَوَافُ الْقُدُومِ يَسْقُطُ عَمَّنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ وَعَمَّنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا وَعَمَّنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَرْدَفَ الْحَجَّ مِنْ الْحَرَمِ وَلَا دَمَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَإِلَّا فَدَمٌ إنْ قَدِمَ وَلَمْ يَعُدْ) الْكَافِي: مَنْ خَشِيَ أَنْ يَفُوتَهُ

ص: 116

الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الْمُرَاهِقَ. فَلْيَتْرُكْ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ، فَإِذَا طَافَ لِلْإِفَاضَةِ سَعَى بَعْدَهُ مُتَّصِلًا بِهِ، وَكُلُّ مَنْ كَانَتْ حَجَّتُهُ مَكِّيَّةً مِنْ أَهْلِهَا كَانَ أَوْ مُتَمَتِّعًا فَلَا يَطُوفُ وَلَا يَسْعَى لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ مِنْ الْحِلِّ، فَإِنْ طَافَ وَسَعَى أَعَادَ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ حَتَّى رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَلْيُهْدِ هَدْيًا، وَيُجْزِئُهُ عَنْ مَالِكٍ.

(ثُمَّ السَّعْيُ سَبْعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) عِيَاضٌ: السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا

ص: 117

وَالْمَرْوَةِ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ (مِنْهُ الْبَدْءُ مَرَّةً وَالْعَوْدُ أُخْرَى) أَبُو عُمَرَ: إذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عَادَ إلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ فَلْيَسْتَلِمْهُ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الصَّفَا فَيَرْقَى عَلَيْهَا حَتَّى يَبْدُوَ لَهُ الْبَيْتُ ثُمَّ يَمْشِيَ إلَى الْمَرْوَةِ يَصْنَعُ عَلَيْهَا مِثْلَ مَا صَنَعَ عَلَى الصَّفَا وَيُعَدُّ ذَلِكَ شَوْطًا، ثُمَّ يَسْعَى إلَى الصَّفَا.

قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَيَقِفُ بِذَلِكَ أَرْبَعَ وَقَفَاتٍ عَلَى الصَّفَا وَأَرْبَعًا عَلَى الْمَرْوَةِ.

(وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ وَإِلَّا فَدَمٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُجْزِئُ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي فَرْضَهُ.

ص: 118

قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا يَجُوزُ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا بِنِيَّةٍ لِمَا قَصَدَ لَهُ مِنْ الْحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ سَعْيَهُ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الطَّوَافَيْنِ حَتَّى أَتَى بَلَدَهُ أَجْزَأَهُ سَعْيُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ دَمٌ.

(وَرَجَعَ إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ حَرَمًا وَافْتَدَى

ص: 121

لِحَلْقِهِ) فِيهَا: مَنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَذَكَرَ بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْهَا بِمَكَّةَ أَوْ بِبَلَدِهِ فَلْيَرْجِعْ حَرَامًا كَمَا كَانَ، وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَرْجِعُ وَيَسْعَى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَطَأْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حَلَقَ بَعْدَ طَوَافِهِ افْتَدَى.

(وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِحَجٍّ فَقَارِنٌ) . ابْنُ الْحَاجِبِ: نِسْيَانُ بَعْضِ طَوَافِهِ كَجَمِيعِهِ إلَّا أَنَّهُ يَبْنِي مَا لَمْ يُطِلْ، أَمَّا طَوَافُ عُمْرَتِهِ فَيَرْجِعُ لَهُ مُحْرِمًا كَمَارٍّ ثُمَّ يَحْلِقُ وَيَفْتَدِي مِنْ الْحَلْقِ الْمُتَقَدِّمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَمِرًا وَقَدْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ سَعْيِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قَارِنًا.

ص: 122

(كَطَوَافِ الْقُدُومِ إنْ سَعَى بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ) فِيهَا: إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ ثُمَّ سَعَى وَأَتَى عَرَفَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ عَلَى وُضُوءٍ وَلَمْ يَسْعَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَلْيَرْجِعْ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى. اُنْظُرْ قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَرَجَعَ إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ ".

(وَالْإِفَاضَةُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ وَلَا دَمَ) فِيهَا مَنْ طَافَ

ص: 123

لِلْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ رَجَعَ لِذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ طَافَ بَعْدَ ذَلِكَ تَطَوُّعًا فَيُجْزِئُهُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ (حَلَالًا إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ وَكُرِهَ الطَّيِّبُ وَاعْتَمَرَ وَالْأَكْثَرُ إنْ وَطِئَ) ابْنُ الْحَاجِبِ: فَلَوْ طَافَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ أَعَادَ وَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ رَجَعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ

ص: 124

طَافَ بَعْدَهُ تَطَوُّعًا فَيُجْزِئُهُ وَفِي الدَّمِ نَظَرٌ، وَيَرْجِعُ حَلَالًا إلَّا مِنْ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَالطِّيبِ لِأَنَّ حُكْمَهُ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ فِي مِنًى حَتَّى يَطُوفَ ثُمَّ يَعْتَمِرَ وَيُهْدِيَ.

وَقِيلَ: لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَطَأَ وَجُلُّ النَّاسِ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ لَمْ يَطَأْ فَلْيُرَاجِعْ وَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ. وَمِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: أَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَيَرْجِعُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ طَافَ بَعْدَهُ تَطَوُّعًا فَيُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَفَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ الْمَشْهُورَ بِأَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فِي الدَّمِ نَظَرٌ. وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمَشْهُورَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ نِسْيَانًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَمْدِ وَلَا يُجْزِئُ طَوَافُ الْقُدُومِ عَنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَأَمَّا طَوَافُ الْقُدُومِ إذَا سَعَى بَعْدُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُ السَّعْيَ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ عَرَفَاتٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ وَرَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَلْيَرْجِعْ لَابِسًا لِلثِّيَابِ حَلَالًا إلَّا مِنْ النِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَالصَّيْدِ، لِأَنَّ حُكْمَهُ بَاقٍ عَلَى مَا

ص: 127

كَانَ عَلَيْهِ فِي مِنًى حَتَّى يَطُوفَ ثُمَّ يَعْتَمِرَ وَيُهْدِيَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِقَ إذَا رَجَعَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ السَّعْيِ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَقَ بِمِنًى، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي لِبَاسِ الثِّيَابِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَلَّ لَهُ اللِّبَاسُ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَحِلُّ لَهُ لُبْسُ الثِّيَابِ حَتَّى يَفْرُغَ عَنْ السَّعْيِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الطِّيبِ لِأَنَّهُ بَعْدُ رَمْيٌ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَهُوَ خَفِيفٌ وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءُ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ الطَّوَافِ الَّذِي طَافَ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَأَرْجُوَ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ وَهُوَ كَالْمُرَاهِقِ وَالْعُمْرَةُ مَعَ الْهَدْيِ تُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَجُلُّ النَّاسِ يَقُولُونَ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(وَلِلْحَجِّ حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ) . عِيَاضٌ: مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ. ابْنُ شَاسٍ: وَالْوَاجِبُ مِنْهُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْحُضُورِ فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ عَرَفَةَ سِوَى بَطْنِ عُرَنَةَ (سَاعَةً لَيْلَةَ النَّحْرِ) . ابْنُ شَاسٍ: مُتَعَلِّقُ الْإِجْزَاءِ لَيْلَةَ النَّحْرِ لَا بُدَّ مِنْ الْوُقُوفِ فِيهَا وَلَوْ لَحْظَةً.

(وَلَوْ مَرَّ إنْ نَوَاهُ) . ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ مَارًّا بَعْدَ دَفْعِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقِفْ بِهَا أَجْزَاهُ إنْ نَوَى بِمُرُورِهِ وَقْفًا.

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَوْ كَانَ وُقُوفُهُ

ص: 128

بِهَا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا لَمْ يُجْزِهِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.

(أَوْ بِإِغْمَاءٍ قَبْلَ الزَّوَالِ) فِيهَا قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ

ص: 132

قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَةَ فَوُقِفَ بِهِ بِعَرَفَةَ مُغْمًى عَلَيْهِ حَتَّى دَفَعُوا مِنْهَا أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

(أَوْ أَخْطَأَ الْجَمُّ بِعَاشِرٍ فَقَطْ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ وَقَفَ الْحَاجُّ يَوْمَ الْعَاشِرِ غَلَطًا فِي الْهِلَالِ أَجْزَأَهُمْ الْحَجُّ وَلَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ وَيَمْضُونَ عَلَى عِلْمِهِمْ وَلَوْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ وَثَبَتَ عِنْدَهُمْ بَقِيَّةُ يَوْمِهِمْ أَوْ بَعْدَهُ وَيَكُونُ حَالُهُمْ فِي شَأْنِهِ

ص: 133

كُلِّهِ كَحَالِ مَنْ لَمْ يُخْطِئْ، وَلَوْ وَقَفُوا الْيَوْمَ الثَّامِنَ لَمْ يُجْزِهِمْ، اُنْظُرْ فِيهِ الْخِلَافَ فِي هَذَا. (لَا بِالْجَاهِلِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَلَوْ مَرَّ " وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا رِوَايَتَيْنِ. (كَبَطْنِ عُرَنَةَ)

ص: 135

تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ بِهَذَا وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ بِالْحِلِّ وَعُرَنَةُ بِالْحَرَمِ.

(وَأَجْزَأَ بِمَسْجِدِهَا بِكُرْهٍ) . الْقَرَافِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي مَسْجِدِ عَرَفَةَ قَالَ مَالِكٌ: لَمْ يُصِبْ مَنْ وَقَفَ بِهِ فَمَنْ فَعَلَ لَا أَدْرِي.

قَالَ أَصْبَغُ: لَا

ص: 136

يُجْزِئُ، وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ الْإِجْزَاءَ.

(وَصَلَّى وَلَوْ فَاتَ) . ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ أَتَى قُرْبَ الْفَجْرِ وَقَدْ نَسِيَ

ص: 137

صَلَاةً فَإِنْ صَلَّاهَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ.

(وَالسُّنَّةُ غُسْلٌ) . ابْنُ عَرَفَةَ

ص: 141

غُسْلُ الْإِحْرَامِ وَلَوْ بِعُمْرَةٍ سُنَّةٌ وَلَوْ لِصَبِيٍّ أَوْ حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ وَلَا دَمَ إنْ تَرَكَ. سَحْنُونَ: وَقَدْ أَسَاءَ.

(مُتَّصِلٌ) ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْكَاتِبِ: إنَّمَا يَجُوزُ الْغُسْلُ بِالْمَدِينَةِ لِرَجُلٍ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَرْكَبُ مِنْ فَوْرِهِ أَوْ رَجُلٍ يَأْتِي ذَا الْحُلَيْفَةِ فَيَغْتَسِلُ إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ. سَحْنُونَ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَجَّ مِنْ الْمَدِينَةِ غُسْلُهُ بِهَا بِعَقِبِ خُرُوجِهِ ثُمَّ يُحْرِمُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ انْتَهَى. اسْتَظْهَرَ عَلَى هَذَا هَلْ هُوَ مَشْهُورٌ. ابْنُ يُونُسَ: كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ الَّذِي هُوَ مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ. (وَلَا دَمَ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ.

ص: 142

(وَنُدِبَ بِالْمَدِينَةِ لِلْحُلَيْفِيِّ) تَقَدَّمَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَلَا دَمَ ".

ص: 143

(وَلِدُخُولِ غَيْرِ حَائِضٍ مَكَّةَ بِذِي طُوًى) وَرَوَى مُحَمَّدٌ: غُسْلُ دُخُولٍ بِمَكَّةَ بِذِي طُوًى وَإِنْ فَعَلَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فَوَاسِعٌ. ابْنُ يُونُسَ: وَيُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَلِرَوَاحِهِ إلَى الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ، وَغُسْلُ الْإِحْرَامِ أَوْجَبُ مِنْ هَذَيْنِ الْغُسْلَيْنِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَيَتَدَلَّكُ فِي غُسْلِ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا غُسْلُ مَكَّةَ وَعَرَفَةَ فَلَا يَتَدَلَّكُ

ص: 144

فِيهِ، وَلَا يُغَيِّبُ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ: رَوَى الشَّيْخُ: لَا يَغْتَسِلُ لِلدُّخُولِ حَائِضٌ وَلَا نُفَسَاءُ. (وَلِلْوُقُوفِ) تَقَدَّمَ نَصُّ مَالِكٍ يَغْتَسِلُ لِرَوَاحِهِ لِعَرَفَةَ.

(وَلُبْسُ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ) الَّذِي لِلْقَرَافِيِّ أَنَّ مِنْ السُّنَنِ التَّجَرُّدَ مِنْ الْمَخِيطِ فَانْظُرْهُ. سَحْنُونَ: وَإِذَا اغْتَسَلَ وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ لَبِسَ ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ: يُسْتَحَبُّ ثَوْبَانِ يَرْتَدِي بِأَحَدِهِمَا وَيَأْتَزِرُ بِالْآخَرِ. زَادَ الْقَرَافِيُّ وَنَعْلَيْنِ.

(وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ ثُمَّ إشْعَارُهُ) فِيهَا: مَنْ

ص: 146

أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَمَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقَلِّدْهُ ثُمَّ يُشْعِرْهُ ثُمَّ يُجَلِّلْهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْإِشْعَارُ بِدْعَةٌ.

(ثُمَّ رَكْعَتَانِ وَالْفَرْضُ مُجْزِئٌ) فِيهَا: مَنْ أَتَى الْمِيقَاتَ فَلْيُحْرِمْ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ وَلَا يُحْرِمُ إلَّا بِإِثْرِ صَلَاةٍ نَافِلَةٍ أَوْ بِإِثْرِ

ص: 147

فَرِيضَةٍ، كَانَ بَعْدَهَا نَافِلَةً أَمْ لَا، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُحْرِمَ إثْرَ النَّافِلَةِ.

(يُحْرِمُ إذَا اسْتَوَى وَالْمَاشِي إذَا مَشَى وَتَلْبِيَةٌ) . ابْنُ شَاسٍ: مِنْ السُّنَّةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُلَبِّي. وَفِيهَا: لَا يُحْرِمُ دُبُرَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَكِنْ إذَا خَرَجَ مِنْهُ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ لَبَّى وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَنْ تَسِيرَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا فَحِينَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ مُتَوَجِّهًا لِلذَّهَابِ يُحْرِمُ وَلَا يَنْتَظِرُ أَنْ يَذْهَبَ بِالْبَيْدَاءِ.

قَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ: وَالتَّلْبِيَةُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك. وَيَكْفِي مِنْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ. .

ص: 148

(وَجُدِّدَتْ لِتَغْيِيرِ حَالٍ وَخَلْفَ صَلَاةٍ) فِيهَا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُلَبِّيَ فَلَا يَسْكُبُ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا. وَتُسْتَحَبُّ التَّلْبِيَةُ عِنْدَ أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَعِنْدَ كُلِّ شَرَفٍ. الرِّسَالَةُ: وَعِنْدَ مُلَاقَاةِ الرِّفَاقِ.

وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَيُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ مِنًى فَلْيَرْفَعْ صَوْتَهُ فِيهِمَا.

(وَهَلْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلطَّوَافِ خِلَافٌ) . الرِّسَالَةُ: فَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ أَمْسَكَ عَنْ التَّلْبِيَةِ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى ثُمَّ يُعَاوِدُهَا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَرُوحُ إلَى مُصَلَّاهَا. وَفِيهَا: كَرِهَهَا مَالِكٌ مِنْ أَوَّلِ طَوَافِهِ حَتَّى يُتِمَّ سَعْيَهُ.

(وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلُهُ فَدَمٌ إنْ طَالَ) مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ: مَنْ لَمْ يُلَبِّ وَتَوَجَّهَ نَاسِيهَا حَتَّى

ص: 149

طَالَ فَدَمٌ.

(وَتَوَسُّطٌ فِي عُلُوِّ صَوْتِهِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: يَرْفَعُ الرَّجُلُ صَوْتَهُ وَسَطًا وَلَوْ بِمَسْجِدِ عَرَفَةَ وَمِنًى يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ بِمَسْجِدِ غَيْرِهَا. اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَجُدِّدَتْ "(وَفِيهَا) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُلَبِّيَ فَلَا يَسْكُتُ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (وَعَاوَدَهَا بَعْدَ سَعْيٍ) فِيهَا وَيُلَبِّي بَعْدَ سَعْيِهِ.

(وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ يُلَبِّي بِمَسْجِدِ مِنًى وَمَسْجِدِ عَرَفَةَ. وَقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (لِرَوَاحِ مُصَلَّى عَرَفَةَ) تَقَدَّمَ نَصُّ الرِّسَالَةِ: وَيَرُوحُ إلَى مُصَلَّاهَا (وَمُحْرِمُ مَكَّةَ يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ) . ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْمُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ أَيْضًا.

(وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ وَفَائِتُهُ الْحَجُّ لِلْحَرَمِ) فِيهَا: وَمَنْ اعْتَمَرَ مِنْ مِيقَاتِهِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ إذَا دَخَلَ أَوَّلَ الْحَرَمِ ثُمَّ لَا يُعَاوِدُهَا، وَكَذَا مَنْ أَتَى وَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ حَتَّى فَاتَهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا دَخَلَ أَوَّلَ الْحَرَمِ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ صَارَ كَالْعُمْرَةِ.

(وَمِنْ الْجِعْرَانَةُ وَالتَّنْعِيمِ لِلْبُيُوتِ) فِيهَا: وَاَلَّذِي يُهِلُّ بِعُمْرَةٍ مِنْ غَيْرِ مِيقَاتِهِ مِثْلِ الْجِعْرَانَةُ وَالتَّنْعِيمِ يَقْطَعُ إذَا دَخَلَ بُيُوتَ مَكَّةَ أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، كُلُّ ذَلِكَ

ص: 150

وَاسِعٌ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.

(وَلِلطَّوَافِ الْمَشْيُ وَإِلَّا فَدَمٌ لِقَادِرٍ لَمْ يُعِدْهُ) فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ طَافَ مَحْمُولًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَجْزَأَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى أَنْ يُعِيدَ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ رَأَيْت أَنْ يُهْرِقَ دَمًا. سَحْنُونَ: قَوْلُهُ: " مَحْمُولًا " أَيْ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ لِأَنَّ الدَّوَابَّ لَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ. ابْنُ يُونُسَ: وَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ رُكُوبِهِ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ رَجُلٍ إنَّمَا يُبَاحُ الرُّكُوبُ لِعُذْرٍ.

(وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ أَوَّلَهُ) لَوْ قَالَ: " وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ وَلَمْسُ الْيَمَانِيِّ أَوَّلَهُ " لَكَانَ أَبْيَنَ فِيهَا إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ بَدَأَ بِاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ بِفِيهِ إنْ قَدَرَ.

قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُقَبِّلَهُ لَمَسَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ ذَلِكَ عِوَضٌ مِنْ التَّقْبِيلِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ كَبَّرَ إذَا حَاذَاهُ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْضِي لِلطَّوَافِ وَلَا يَقِفُ، وَكُلَّمَا مَرَّ إنْ شَاءَ اسْتَلَمَ أَوْ تَرَكَ، وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَلَكِنْ يَلْمِسُهُ بِيَدِهِ وَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ الزِّحَامِ كَبَّرَ وَمَضَى. وَكُلَّمَا مَرَّ بِهِ فِي طَوَافٍ وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٍ فَوَاسِعٌ إنْ شَاءَ اسْتَلَمَ أَوْ تَرَكَ، وَلَا يَدَعُ التَّكْبِيرَ كُلَّمَا حَاذَاهُمَا فِي طَوَافٍ وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٍ، وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ

ص: 151

اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ وَلَا يُقَبَّلَانِ وَلَا يُكَبِّرُ إذَا حَاذَاهُمَا. (وَفِي الصَّوْتِ قَوْلَانِ) . الْقَرَافِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ يُقَبِّلُ يَدَهُ كَمَا يُقَبِّلُ الْحَجَرَ. قَالَ: وَحُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّ التَّقْبِيلَ فِي الْحَجَرِ تَعَبُّدٌ وَلَيْسَتْ الْيَدُ بِالْحَجَرِ. وَمِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ رحمه الله: قَالَ مَالِكٌ: وَلْيُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مَا لَمْ يَكُنْ أَذًى.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ بِاسْتِلَامِهِ بِغَيْرِ طَوَافٍ. قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَلَيْسَ الِاسْتِلَامُ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، وَلَا يُكَبِّرُ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَلَا يَسْتَلِمُهُمَا وَيُقَبِّلُ الْحَجَرَ بِغَيْرِ صَوْتٍ، وَأَشَارَ أَبُو عِمْرَانَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الصَّوْتِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ: الْأَوَّلُ ضَيِّقٌ. وَأَنْكَرَ مَالِكٌ وَضْعَ الْخَدَّيْنِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَهُوَ بِدْعَةٌ.

(وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ ثُمَّ عُودٍ وَوُضِعَا عَلَى فِيهِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ إنْ لَمْ يَقْدِرْ لَمَسَهُ بِيَدِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ زُوحِمَ لَمَسَ الْحَجَرَ بِيَدِهِ أَوْ بِعُودٍ وَوَضَعَهُ عَلَى فِيهِ وَفِي تَقْبِيلِهِ رِوَايَتَانِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ كَبَّرَ وَمَضَى (ثُمَّ كَبَّرَ) . الْقَرَافِيُّ: إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إنْ يَلْمِسَ الْحَجَرَ بِيَدِهِ كَبَّرَ إذَا حَاذَاهُ وَلَا يَرْفَعُ

ص: 152

يَدَيْهِ.

(وَالدُّعَاءُ بِلَا حَدٍّ) . الْقَرَافِيُّ: مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ الدُّعَاءُ. وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ فِي كَافِيهِ أَدْعِيَتَهُ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَلَا حَرَجَ. وَقَالَ أَيْضًا: وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ.

(وَرَمَلُ رَجُلٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) فِيهَا: يَرْمُلُ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَمَنْ جَهِلَ أَوْ نَسِيَ فَتَرَكَ الرَّمَلَ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: عَلَيْهِ الدَّمُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَا دَمَ عَلَيْهِ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ اعْتَمَرَ مِنْ الْجِعْرَانَةُ أَوْ التَّنْعِيمِ أَنْ يَرْمُلَ، وَلَيْسَ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ كَوُجُوبِهِ عَلَى مَنْ حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ مِنْ الْمَوَاقِيتِ، وَأَمَّا السَّعْيُ فَوَاجِبٌ عَلَى مَنْ اعْتَمَرَ مِنْ التَّنْعِيمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَا رَمَلَ

ص: 153

عَلَى النِّسَاءِ وَلَا سَعْيَ بِبَطْنِ الْمَسِيلِ.

(وَلَوْ مَرِيضًا وَصَبِيًّا حُمِلَا) فِيهَا: إنْ لَمْ يَقْوَ الصَّبِيُّ عَلَى الطَّوَافِ طِيفَ بِهِ مَحْمُولًا وَيَرْمُلُ الَّذِي يَطُوفُ بِهِ الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى فِي الْمَسِيلِ وَالْمَجْنُونُ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ كَالصَّبِيِّ. ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي الرَّمَلِ بِالْمَرِيضِ وَالصَّبِيِّ قَوْلَانِ.

(وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ) فِيهَا: وَإِذَا زُوحِمَ فِي الرَّمَلِ وَلَمْ يَجِدْ مَسْلَكًا رَمَلَ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ.

(وَلِلسَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ) فِيهَا: إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ الْوَاجِبِ

ص: 154

وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْمَقَامِ فَلَا يَخْرُجُ إلَى الصَّفَا حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ (وَرُقِيُّهُ عَلَيْهِمَا) فِيهَا: إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ الْوَاجِبِ خَرَجَ إلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصْعَدَ مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَعْلَاهُمَا حَيْثُ يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْهُمَا فَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَيَدْعُو، وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَدْعُوَ قَاعِدًا إلَّا مِنْ عِلَّةٍ (كَمَرْأَةٍ إنْ خَلَا) فِيهَا: وَيَقِفُ النِّسَاءُ أَيْضًا أَسْفَلَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَصْعَدْنَ إلَّا أَنْ يَخْلُوَ مِنْ الزِّحَامِ.

(وَإِسْرَاعٌ بَيْنَ الْأَخْضَرَيْنِ فَوْقَ الرَّمَلِ) ابْنُ شَاسٍ: ثُمَّ يَمْشِي إلَى الْمَرْوَةِ وَيُسْرِعُ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ فِي الْمَشْيِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَثَمَّ مِيلٌ أَخْضَرُ مُلْصَقٌ بِرُكْنِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ مَنْ سَعَى سَعْيًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ بَطْنِ الْمَسِيلِ إلَى مِيلٍ أَخْضَرَ هُنَاكَ

ص: 155

ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْهَيْئَةِ. (وَدُعَاءٌ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا بِهَذَا وَيَدْعُو.

(وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَوْ وُجُوبِهِمَا تَرَدُّدٌ) . ابْنُ يُونُسَ: رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. الْقَرَافِيُّ: مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ اتِّصَالُ رَكْعَتَيْنِ بِهِ. فَإِنْ قُلْت: الشَّرْطُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ. قُلْت: الْمَشْرُوطُ صِحَّةُ الطَّوَافِ وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالرُّكُوعُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْفِعْلِ فَقَطْ.

قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُمَا فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ، وَيَجِبَانِ بِالدُّخُولِ فِي التَّطَوُّعِ وَقَالَ سَنَدٌ: لَا خِلَافَ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا رُكْنًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ (وَنُدِبَا كَالْإِحْرَامِ بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ) أَمَّا اسْتِحْبَابُ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ يُونُسَ بِذَلِكَ

ص: 156

وَأَمَّا فِي رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ.

(وَبِالْمَقَامِ) الْكَافِي: إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ صَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ إنْ أَمْكَنَهُ رَكْعَتَيْنِ وَإِلَّا

ص: 157

فَحَيْثُ تَيَسَّرَ لَهُ.

(وَدُعَاءٌ بِالْمُلْتَزَمِ) فِي الْمُوَطَّأِ: الْمُلْتَزَمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ. أَبُو عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا اللَّهَ عِنْدَهُ مِنْ ذِي حَاجَةٍ أَوْ ذِي كُرْبَةٍ أَوْ ذِي غَمٍّ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ» وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُلْصِقُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ بِالْمُلْتَزَمِ (وَاسْتِلَامُ الْحَجَرِ وَالْيَمَانِيِّ بَعْدَ الْأَوَّلِ) اُنْظُرْ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَتَقْبِيلُ

ص: 158

حَجَرٍ ".

(وَاقْتِصَارٌ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم) أَشْهَبُ: مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَعْرُوفَةِ اقْتَصَرَ عَلَى حَظٍّ وَافِرٍ وَلَا بَأْسَ إنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ.

(وَدُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا) فِيهَا مَنْ أَتَى مَكَّةَ لَيْلًا فَوَاسِعٌ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَهَا نَهَارًا.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فَإِذَا دَخَلْت مَكَّةَ فَائْتِ الْمَسْجِدَ وَلَا تُعَرِّجْ عَلَى شَيْءٍ دُونَهُ.

(وَالْبَيْتِ) عِيَاضٌ: يُسْتَحَبُّ الْقَصْرُ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ إلَى الْبَيْتِ دُونَ التَّعْرِيجِ عَلَى غَيْرِهِ.

ص: 159

(وَمِنْ كَدَاءٍ لِمَدَنِيٍّ) فِيهَا: أُحِبُّ لِلْحَاجِّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ. ثَنِيَّةُ كَدَاءٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ هِيَ الصُّغْرَى الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ. وَمِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ مَوْضِعٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِأَنَّهُ عَلَمٌ. وَقَالَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ: لَمْ أَسْمَعْهُ إلَّا مُنَوَّنًا.

(وَالْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) . ابْنُ حَبِيبٍ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَخَرَجَ إلَى الصَّفَا مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ وَخَرَجَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ. وَمِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى عِنْدَ الدُّخُولِ وَيَقُولُ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك. وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ

ص: 160

الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ. وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ثُمَّ يَطُوفُ طَوَافَ الْقُدُومِ وَطَوَافَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيَسْعَى بَعْدَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَحْضِرَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ الْخُشُوعِ وَالتَّذَلُّلِ. وَحُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً جَعَلَتْ تَقُولُ: أَيْنَ بَيْتُ رَبِّي حَتَّى أَرَى لَهَا فَأَلْصَقَتْ جَبِينَهَا بِالْبَيْتِ وَمَا رُفِعَتْ إلَّا مَيْتَةً.

وَعَنْ الشِّبْلِيِّ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ أَفَاقَ فَأَنْشَدَ:

هَذِهِ دَارُهُمْ وَأَنْتَ مُحِبٌّ

مَا بَقَاءُ الدُّمُوعِ فِي الْآمَاقِ

وَإِذَا خَرَجْتَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلْتُقَدِّمْ رِجْلَكَ الْيُسْرَى وَتَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِك.

(وَخُرُوجُهُ مِنْ كُدًى) الْقَرَافِيُّ: وَيَخْرُجُ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَقَدْ رُوِيَ فَتْحُ الْكَافِ وَهِيَ الْوُسْطَى الَّتِي بِأَسْفَلِ مَكَّةَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى» . وَمِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: وَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَلْيَخْرُجْ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى - مَنُونٌ مُنْصَرِفٌ - هَكَذَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُورُ - وَالثَّنِيَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّرِيقِ الضَّيِّقَةِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ.

(وَرُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ) رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ طَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ صَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ، وَإِنْ رَكَعَهُمَا قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَجَائِزٌ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ أَحَبُّ إلَيْنَا. الْقَرَافِيُّ: إنْ طَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ فَالْمَشْهُورُ يُؤَخِّرُ

ص: 161

الرُّكُوعَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ (وَبِالْمَسْجِدِ) الْقَرَافِيُّ: وَالْمُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِمَكَّةَ فَإِنْ صَلَّاهُمَا فِي طَرِيقِهِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَعَادَ الطَّوَافَ وَالرُّكُوعَ.

(وَرَمَلُ مُحْرِمٍ مِنْ كَالتَّنْعِيمِ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ التَّنْعِيمِ أَنْ يَرْمُلَ.

(أَوْ بِالْإِفَاضَةِ لِمُرَاهِقٍ لَا تَطَوُّعٍ) . ابْنُ يُونُسَ: لَا يَرْمُلُ إلَّا طَوَافَ السَّعْيِ وَهُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ أَوْ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ الَّذِي يَسْعَى بَعْدَهُ الْمُرَاهِقُ وَلَا يَكُونُ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ التَّطَوُّعِ.

(وَوَدَاعٍ) قَالَ سَنَدٌ: لَا يُخْتَلَفُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنَّهُ لَا رَمَلَ فِيهِ.

(وَكَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ) . ابْنُ حَبِيبٍ: يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَالْوُضُوءِ بِهِ مَا أَقَامَ بِمَكَّةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلْيَقُلْ إذَا شَرِبَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسَالِكُ عِلْمًا نَافِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَهُوَ لِمَا شُرِبَ لَهُ انْتَهَى. نَقْلُ الْقَرَافِيُّ.

ص: 163

(وَنَقْلُهُ وَلِلسَّعْيِ شُرُوطٌ الصَّلَاةُ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ: إنْ سَعَى جُنُبًا أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ فِي طَوَافِهِ وَرُكُوعِهِ طَاهِرًا وَتَسْعَى الْمَرْأَةُ حَائِضًا إذَا كَانَتْ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ طَاهِرَةً. ابْنُ يُونُسَ: أَمَّا الطَّوَافُ فَكَالصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ لِمَنْ أَحْدَثَ فِيهِ، وَأَمَّا السَّعْيُ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْعَى غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ، فَكَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ فِيهِ لَهُ

ص: 165

أَنْ يُتِمَّهُ كَذَلِكَ. الْقَرَافِيُّ عَنْ سَنَدٍ: يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ وَالطَّهَارَةُ لِلسَّعْيِ.

(وَخُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ يُخْبِرُ بِالْمَنَاسِكِ) رَوَى مُحَمَّدٌ: خُطَبُ الْحَجِّ ثَلَاثٌ: الْأُولَى بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ لِسَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ

ص: 166

بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا مَنَاسِكَهُمْ وَلَا يَجْلِسُ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ.

(وَخُرُوجُهُ بِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهِ الظُّهْرَ) مَالِكٌ: مِنْ السُّنَّةِ الْخُرُوجُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى بِمِقْدَارِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ بِهَا.

(وَبَيَاتُهُ بِهَا)

ص: 167

مَالِكٌ: يَبِيتُ بِمِنًى تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَهِيَ لَيْلَةُ عَرَفَةَ.

(وَسَيْرُهُ لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ) مَالِكٌ: يُصَلِّي الصُّبْحَ بِمِنًى وَيَدْفَعُ مِنْهَا إلَى عَرَفَةَ. ابْنُ الْمَوَّازِ: بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا بَأْسَ لِلضَّعِيفِ وَمَنْ بِهِ عِلَّةٌ أَنْ يَغْدُوَ قَبْلَ ذَلِكَ وَنُزُولُهُ بِنَمِرَةَ. سَنَدٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ النُّزُولُ بِنَمِرَةَ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِعَرَفَةَ فَيَضْرِبُ الْإِمَامُ خِبَاءً أَوْ قُبَّةً كَفِعْلِهِ عليه السلام.

(وَخُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ) ابْنُ الْمَوَّازِ: الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الظُّهْرِ يَجْلِسُ وَسَطَهَا وَهِيَ تَعْلِيمٌ لِلنَّاسِ مَا بَقِيَ مِنْ مَنَاسِكِهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِعَرَفَةَ، وَوُقُوفِهِمْ بِهَا وَدَفْعِهِمْ وَنُزُولِهِمْ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَصَلَاتِهِمْ بِهَا، وَوُقُوفِهِمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَالدَّفْعِ مِنْهُ وَرَمْيِ الْجَمْرَةِ وَالْحَلْقِ وَالنَّحْرِ وَالْإِفَاضَةِ.

(ثُمَّ أَذَانٌ وَجَمْعٌ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ إثْرَ الزَّوَالِ) فِيهَا: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ خَطَبَ الْإِمَامُ بِعَرَفَةَ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ، وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ إنْ شَاءَ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا، وَلَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَإِنْ وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (وَدُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ لِلْغُرُوبِ) اسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ يَقِفَ رَاكِبًا فَأَمَّا الْمَاشِي فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَدْعُوَ قَائِمًا.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فَإِذَا دَعَوْت وَسَأَلْت فَابْسُطْ يَدَك، وَإِذَا رَهِبْت وَاسْتَغْفَرْت وَتَضَرَّعْت فَحَوِّلْهَا، فَلَا تَزَلْ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِالْخُشُوعِ وَالتَّوَاضُعِ وَالتَّذَلُّلِ وَكَثْرَةِ الذِّكْرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّعْظِيمِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ لِنَفْسِك وَلِأَبَوَيْك وَالِاسْتِغْفَارِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَدْفَعُ الْإِمَامُ وَتَدْفَعُ مَعَهُ.

(وَوُقُوفُهُ بِوُضُوءٍ) فِيهَا: إنْ وَقَفَ جُنُبًا مِنْ احْتِلَامٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَجْزَاهُ، وَكَوْنُهُ طَاهِرًا أَحَبُّ إلَيَّ (وَرُكُوبُهُ ثُمَّ قِيَامٌ إلَّا لِتَعَبٍ) اسْتَحَبَّ مَالِكٌ هَذَا.

(وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ) . ابْنُ يُونُسَ: قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]

ص: 168

وَقَالَ: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} [الحج: 32] إلَى قَوْلِهِ: {الْعَتِيقِ} «وَجَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَصَلَّى بِهَا الصُّبْحَ» ، فَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِهَا صَلَّى الْمَغْرِبَ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِهَا وَالْعِشَاءَ فِي وَقْتِهَا فَقَدْ تَرَكَ السُّنَّةَ وَأَجْزَاهُ.

(وَبَيَاتُهُ بِهَا) الْكَافِي: إذَا اسْتَيْقَنَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ غُرُوبَ الشَّمْسِ بِعَرَفَةَ دَفَعَ بِهِمْ الْإِمَامُ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَهِيَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ وَهِيَ جَمْعٌ كُلُّ هَذَا اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ، وَيَبِيتُ النَّاسُ كُلُّهُمْ بِهَا حَتَّى يُصْبِحُوا، وَمَنْ لَمْ يَبِتْ بِهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَمَنْ أَقَامَ بِهَا أَكْثَرَ لَيْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَالْمَبِيتُ بِهَا لَيْلَةَ النَّحْرِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَرَخَّصَ لِلضَّعَفَةِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا لَيْلًا قَبْلَ الْفَجْرِ. انْتَهَى بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ.

(وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ)

ص: 169

تَقَدَّمَ نَصُّ الْكَافِي.

وَقَالَ أَيْضًا: مَنْ جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ وَلَمْ يُنِخْ بِهَا فَلْيُهْدِ بَدَنَةً، وَفِيهَا: إنْ نَزَلَ ثُمَّ دَفَعَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

(وَجَمَعَ وَقَصَرَ، إلَّا لِأَهْلِهَا كَمِنًى وَعَرَفَةَ) ابْنُ عَرَفَةَ: ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ قَصْرًا وَيُتِمُّ الْعَرَفِيُّ. وَفِيهَا: لَا أُحِبُّ كَوْنَ الْإِمَامِ عُرْفِيًّا وَجَمْعُهُمَا السُّنَّةُ. أَبُو عُمَرَ: إجْمَاعًا (وَإِنْ عَجَزَ فَبَعْدَ الشَّفَقِ إنْ نَفَر مَعَ الْإِمَامِ) فِيهَا: وَمَنْ لَمْ تَكُنْ بِهِ عِلَّةٌ وَلَا بِدَابَّتِهِ وَهُوَ يَسِيرُ بِسَيْرِ النَّاسِ فَلَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ إلَّا

ص: 170

بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهَا أَعَادَ إنْ أَتَاهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ: هَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا، وَهَذَا لِمَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا مَنْ وَقَفَ بَعْدَهُ فَلْيُصَلِّ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا مَنْ بِهِ عِلَّةٌ أَوْ بِدَابَّتِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمَسِيرَ مَعَ النَّاسِ أَمْهَلَ حَتَّى يَمِيلَ الشَّفَقُ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ كَانَ وَيُجْزِيهِ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَمْ يَقُلْ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا لِأَنَّ السُّنَّةَ عِنْدَهُ فِيمَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ. (وَإِلَّا فَكُلٌّ لِوَقْتِهِ) تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ: مَنْ وَقَفَ بَعْدَهُ فَلْيُصَلِّ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا (وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ أَعَادَهُمَا) تَقَدَّمَ نَصُّهَا: لَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ إلَّا بِالْمُزْدَلِفَةِ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهَا أَعَادَ.

(وَارْتِحَالُهُ بَعْدَ الصُّبْحِ مُغَلِّسًا) الْكَافِي: إذَا أَصْبَحُوا بِمُزْدَلِفَةَ صَلَّوْا الصُّبْحَ مُغَلِّسِينَ بِهَا وَوَقَفُوا عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ قَلِيلًا لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ ثُمَّ نَهَضُوا إلَى مِنًى قَبْلَ

ص: 177

طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى وَلَيْسَ السُّنَّةُ أَنْ يُسْفِرُوا جِدًّا.

(وَوُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ يُكَبِّرُ وَيَدْعُو لِلْإِسْفَارِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْكَافِي: وَوَقَفُوا عِنْدَ الْمَشْعَرِ (وَاسْتِقْبَالُهُ بِهِ) فِيهَا: وَالْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ.

قَالَ سَحْنُونَ: وَوَجْهُك إذَا وَقَفَتْ أَمَامَ الْبَيْتِ (وَلَا وُقُوفَ بَعْدَهُ) مَالِكٌ: وَلَا يَقِفُ أَحَدٌ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالْإِسْفَارِ وَلْيَدْفَعُوا قَبْلَ ذَلِكَ (وَلَا قَبْلَ الصُّبْحِ) فِيهَا: مَنْ وَقَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَقِفْ.

(وَإِسْرَاعٌ بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ) مِنْ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَتَفْعَلُ فِي الدَّفْعِ مِنْ الْمَشْعَرِ مِنْ الذِّكْرِ وَالسَّكِينَةِ مِثْلَ فِعْلِك فِي الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ وَيُهَرْوِلُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ.

(وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وُصُولِهِ وَإِنْ رَاكِبًا) فِيهَا: الشَّأْنُ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ضَحْوَةً رَاكِبًا كَمَا

ص: 178

يَأْتِي النَّاسُ عَلَى دَوَابِّهِمْ.

قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ: تَسْتَقْبِلُهَا وَمِنًى عَنْ يَمِينِك وَالْبَيْتُ عَنْ يَسَارِك وَأَنْتَ بِبَطْنِ الْوَادِي. التَّلْقِينُ: جُمْلَةُ مَا يَرْمِيهِ الْحَاجُّ سَبْعُونَ حَصَاةً مِنْهَا سَبْعٌ يَوْمَ النَّحْرِ (وَالْمَشْيُ فِي غَيْرِهَا) قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا فِي يَوْمِ النَّحْرِ فَيَرْمِي مَاشِيًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ مَشَى يَوْمَ النَّحْرِ رَمَى الْعَقَبَةَ رَكِبَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(وَحَلَّ بِهَا غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) قَالَ مَالِكٌ: مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ وَالصَّيْدَ وَالطِّيبَ (وَكُرِهَ الطِّيبُ) كَرِهَ مَالِكٌ لِمَنْ رَمَى جَمْرَةَ

ص: 179

الْعَقَبَةِ أَنْ يَتَطَيَّبَ حَتَّى يُفِيضَ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(وَتَكْبِيرُهُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) فِيهَا: وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ فَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ أَجْزَأَهُ. (وَتَتَابُعُهَا) الْكَافِي: لَا يَرْمِي بِحَصَاتَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي مَرَّةٍ فَإِنْ فَعَلَ عَدَّهَا حَصَاةً وَاحِدَةً. وَفِيهَا: وَيُوَالِي بَيْنَ الرَّمْيِ.

(وَلَقْطُهَا) مِنْ ابْنِ يُونُسَ: قَدْرَ حَصَاةِ الْجِمَارِ قَدْرَ الْفُولَةِ وَنَحْوِهَا.

قَالَ مَالِكٌ: وَلْيَأْخُذْهَا مِنْ حَيْثُ شَاءَ. قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَقْطُهَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ كَسْرِهَا وَإِنْ أُلْجِئَ أَنْ يَكْسِرَهَا حَجَرًا فَلَا بَأْسَ، وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ أَخْذَهَا مِنْ مُزْدَلِفَةَ، وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِهَا مِنْ غَيْرِهَا إذَا اجْتَنَبَ رَمَى بِهِ.

(وَذَبْحٌ قَبْلِ الزَّوَالِ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ: وَإِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ نَحَرَ هَدْيًا إذَا كَانَ مَعَهُ ثُمَّ حَلَقَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَإِنَّمَا قَالَ يَرْمِي ثُمَّ يَنْحَرُ ثُمَّ يَحْلِقُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ.

(وَطَلَبُ بَدَنَتِهِ لَهُ لِيَحْلِقَ) فِيهَا: وَمَنْ ضَلَّتْ بَدَنَتُهُ

ص: 180

يَوْمَ النَّحْرِ أَخَّرَ الْحِلَاقَ وَطَلَبَهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوَالِ فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا حَلَقَ (ثُمَّ حَلْقُهُ وَلَوْ بِنُورَةٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ يُونُسَ: يَنْحَرُ ثُمَّ يَحْلِقُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِالنُّورَةِ عِنْدَ الْحِلَاقِ أَجْزَأَهُ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ حَلَقَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَالْحَلْقِ بِالْحَدِيدِ.

(إنْ عَمَّ رَأْسَهُ) الْكَافِي: وَمَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ قَصَّرَهُ فَلْيَعُمَّ بِذَلِكَ رَأْسَهُ كُلَّهُ وَلَا يُجْزِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهِ (وَالتَّقْصِيرُ مُجْزِئٌ

ص: 181

وَهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ غَيْرُهُ: وَالْحِلَاقُ أَفْضَلُ مِنْ التَّقْصِيرِ.

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ إلَّا

ص: 183

التَّقْصِيرُ» . وَقَالَهُ عُمَرُ وَابْنُهُ: وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا (تَأْخُذُ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ) فِيهَا: إذَا قَصَّرَ الرَّجُلُ فَلْيَأْخُذْ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَمَا أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ.

وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: يَجُزُّ ذَلِكَ جَزًّا وَهُوَ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَرْأَةُ تَأْخُذُ يَسِيرًا مِنْ جَمِيعِ الْقُرُونِ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَجُزُّ قَدْرَ التَّطْرِيفِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُقَصِّرَا بَعْضًا وَيُبْقَيَا بَعْضًا.

(ثُمَّ يُفِيضُ) الْكَافِي: فَإِذَا حَلَقَ يَوْمَ النَّحْرِ انْصَرَفَ إلَى مَكَّةَ لِجَوَازِ الْإِفَاضَةِ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا مِنْ غَيْرِ رَمَلٍ وَلَا يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إنْ كَانَ قَدْ سَعَى مَعَ

ص: 184

طَوَافِ الدُّخُولِ.

(وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ) الْكَافِي: إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ حَجِّهِ وَتَمَّ لَهُ وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْ النِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ نُسُكِهِ غَيْرُ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَوَدَاعُ الْبَيْتِ.

(إنْ حَلَقَ) الْكَافِي: مَنْ أَفَاضَ قَبْلَ الْحِلَاقِ فَلَا حَرَجَ.

(وَإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَدَمٌ) فِيهَا: وَإِنْ وَطِئَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ بَعْدَ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَعُمْرَةٌ يَنْحَرُ الْهَدْيَ فِيهَا.

(بِخِلَافِ الصَّيْدِ) الَّذِي فِي الذَّخِيرَةِ مَا نَصُّهُ: يَخْتَلِفُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فِي الثِّيَابِ وَالصَّيْدِ وَاللَّمْسِ وَالطِّيبِ وَالْمَذْهَبُ التَّحْرِيمُ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ.

وَفِي الْجَلَّابِ: إنْ تَطَيَّبَ بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَادَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَإِنْ وَطِئَ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَيُهْدِي وَيَعْتَمِرُ انْتَهَى. قَيَّدْت هَذَا لِأَنِّي ظَنَنْت أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " قَبْلَهُ " يَعُودُ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالنَّقْلُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ إنَّمَا عَنَى قَبْلَ الْحَلْقِ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْحَلْقُ بِمِنًى أَفْضَلُ وَلَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى بَلَغَ بَلَدَهُ حَلَقَ وَأَهْدَى، فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ فِعْلِهِ أَهْدَى بِخِلَافِ الصَّيْدِ (كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ كَتَأْخِيرِهِ فَلِإِتْيَانِهِ بِالظَّاهِرِ هُنَا فَهِمْت مِنْهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " قَبْلَهُ " يَعُودُ عَلَى الطَّوَافِ.

قَالَ مَالِكٌ: الْحِلَاقُ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبُّ إلَيَّ وَأَفْضَلُ وَإِنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَأَهْدَى.

(أَوْ الْإِفَاضَةُ لِلْمُحْرِمِ) الذَّخِيرَةُ: طَوَافُ الْإِفَاضَةِ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ.

ص: 185

وَفِي الْكِتَابِ: تَعْجِيلُهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ. وَأَمَّا تَحْدِيدُ آخِرِ وَقْتِهِ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا تَمَامُ الشَّهْرِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ بِدُخُولِ الْمَحْرَمِ.

(وَرَمْيُ كُلِّ حَصَاةٍ أَوْ الْجَمِيعِ لِلَّيْلِ) وَفِي الْعُتْبِيَّةِ: الرَّمْيُ أَيَّامَ مِنًى حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إلَى أَنْ تَصْفَرَّ، فَإِذَا اصْفَرَّتْ فَقَدْ فَاتَ الرَّمْيُ إلَّا لِمَرَضٍ أَوْ نَاسٍ، وَأَمَّا يَوْمَ النَّحْرِ فَمِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ تَرَكَ رَمْيَ جَمْرَةٍ مِنْ هَذَا الْجِمَارِ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ أَوْ الْجِمَارَ كُلَّهَا حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ رَمَاهَا لَيْلًا وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَلْزَمَهُ الدَّمُ. الْقَرَافِيُّ: الْمَرَّةُ اسْمٌ لِلْحَصَاةِ. عِيَاضٌ: مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْمَبِيتُ بِمِنًى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَرَمْيُ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ ثَلَاثَ جَمَرَاتٍ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَمْرَةً بِسَبْعِ حَصَاةٍ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ: " وَرَمْيُ " هَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " وَالْإِفَاضَةُ " أَوْ عَلَى الْمَعْطُوفَاتِ قَبْلَهُ؟ .

(وَإِنْ لِصَغِيرٍ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ أَوْ عَاجِزٍ وَيَسْتَنِيبُ فَيَتَحَرَّى وَقْتَ الرَّمْيِ وَكَبَّرَ) فِيهَا: إذَا قَدَرَ عَلَى حَمْلِ الْمَرِيضِ وَهُوَ يَقْوَى عَلَى الرَّمْيِ حَمَلَ وَرَمَى بِيَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَمْلِهِ أَوْ لَمْ يَسْتَطِعْ الرَّمْيَ رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ. مُحَمَّدٌ: مِمَّنْ قَدْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَتَحَرَّى الْمَرِيضُ وَقْتَ الرَّمْيِ فَيُكَبِّرُ لِكُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَعَلَيْهِ الدَّمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ وَإِنَّمَا رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ، وَيَرْمِي عَنْ الصَّغِيرِ مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ كَالطَّوَافِ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ كَبِيرًا قَدْ عَرَفَ الرَّمْيَ فَلْيَرْمِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَوْ تَرَكَ الرَّمْيَ أَوْ لَمْ يَرْمِ عَنْ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الرَّمْيِ فَالدَّمُ عَلَى مَنْ أَحَجَّهُمَا.

(وَأَعَادَ إنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْغُرُوبِ مِنْ الرَّابِعِ وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ) فِيهَا: وَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ أَعَادَ مَا رُمِيَ عَنْهُ كُلَّهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَيْهِ

ص: 186

الدَّمُ.

(وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ) ابْنُ شَاسٍ: لِلرَّمْيِ وَقْتُ أَدَاءٍ وَوَقْتُ قَضَاءٍ وَوَقْتُ فَوَاتٍ. فَوَقْتُ الْأَدَاءِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالْفَضِيلَةُ تَتَعَلَّقُ بِعَقِيبِ الزَّوَالِ، وَتَرَدَّدَ الْبَاجِيُّ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي يَوْمَ النَّحْرِ هَلْ هِيَ وَقْتُ أَدَاءٍ أَوْ وَقْتُ الْقَضَاءِ؟ وَوَقْتُ الْأَدَاءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ وَيَتَرَدَّدُ فِي اللَّيْلِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَحَمَلَ مُطِيقٌ وَرَمَى) فِيهَا: الْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَرِيضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهَا فِي الْمَرِيضِ إنْ قَدَرَ عَلَى الرَّمْيِ حَمَلَ وَرَمَى بِيَدِهِ (وَلَا يَرْمِي فِي كَفِّ غَيْرِهِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَرْمِي الْحَصَاةَ فِي كَفِّ غَيْرِهِ لِيَرْمِيَهَا ذَلِكَ عَنْهُ وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ: يُسْتَحَبُّ لَهُ وَضْعُ الْحَصَاةِ فِي يَدِ النَّائِبِ عَنْهُ.

(وَتَقْدِيمُ الْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ) اُنْظُرْ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْمَعْطُوفَاتِ عَلَى تَأْخِيرِ الْحَلْقِ، وَعَلَى هَذَا فَأَمَّا مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ فَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَفْتَدِي، وَأَمَّا إذَا أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُجْزِئُهُ. قَالَ: وَلْيَرْمِ ثُمَّ يَحْلِقْ ثُمَّ يُفِضْ ثَانِيَةً.

(لَا إنْ خَالَفَ فِي غَيْرِ) مَالِكٍ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الرَّمْيِ أَوْ حَلَقَ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

(وَعَادَ لِلْمَبِيتِ فِيهِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا) الْكَافِي: إذَا

ص: 187

طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ عَادَ إلَى مِنًى فَيَبِيتُ بِهَا لَيَالِيَ مِنًى كُلِّهَا (وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ) الْكَافِي: إنْ بَاتَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَبِتْ بِمِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةً كَامِلَةً أَوْ جُلَّهَا.

(أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ) قَالَ مَالِكٌ: لِلْحَاجِّ التَّعْجِيلُ فِي يَوْمَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَرْمِيَ الْيَوْمَ الثَّانِيَ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهُوَ ثَالِثُ يَوْمِ النَّحْرِ. مُحَمَّدٌ: يَرْمِي بِإِحْدَى وَعِشْرِينَ حَصَاةً، كُلُّ جَمْرَةٍ سَبْعُ حَصَيَاتٍ فَيَصِيرُ جَمِيعُ رَمْيِهِ بِسَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ حَصَاةً، وَيَسْقُطُ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَذَلِكَ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ، فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِمِنًى أَقَامَ حَتَّى يَرْمِيَ مِنْ الْغَدِ، فَإِنْ جَهِلَ أَسَاءَ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ.

(وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ) . ابْنُ يُونُسَ: وَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ مَا بَدَا لَهُ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إنْ بَاتَ بِمَكَّةَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَيَرْجِعُ إلَى مِنًى.

(أَوْ مَكِّيًّا) فِيهَا: لَا بَأْسَ بِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَتَعَجَّلُوا. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ. (قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ) تَقَدَّمَ نَصُّ

ص: 188

مَالِكٍ وَهُوَ ثَالِثُ يَوْمِ النَّحْرِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ إنْ لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ.

(وَرُخِّصَ لِرَاعٍ بَعْدَ الْعَقَبَةِ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَأْتِيَ الثَّالِثَ فَيَرْمِيَ لِلْيَوْمَيْنِ) مَالِكٌ: وَأُرْخِصَ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ الْعَقَبَةَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ مِنًى نَفَرَ الْمُتَعَجِّلُ أَتَوْا فَرَمَوْا الْجِمَارَ لِلْيَوْمِ الْمَاضِي وَلِلْيَوْمِ، ثُمَّ لَهُمْ أَنْ يَتَعَجَّلُوا فَإِنْ أَقَامُوا رَمَوْا لِلْغَدِ مَعَ النَّاسِ. ابْنُ الْمَوَّازِ: وَإِنْ رَعَوْا النَّهَارَ وَرَمَوْا اللَّيْلَ أَجْزَأَهُمْ.

ص: 189

(وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ فِي الرَّدِّ لِلْمُزْدَلِفَةِ) فِيهَا: اسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِدَفْعِ الْإِمَامِ وَلَا يَتَعَجَّلُ قَبْلَهُ. قَالَ: وَوَاسِعٌ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَنْ يَتَقَدَّمُوا أَوْ يَتَأَخَّرُوا.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ ضَعَفَةَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ وَلَمْ يُقَدِّمْهُمْ مِنْ عَرَفَةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا فَرْضٌ.

(وَتَرْكُ التَّحْصِيبِ لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ) اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ "(وَرَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ الثَّلَاثَ) مَالِكٌ: أَيَّامُ الرَّمْيِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ يَرْمِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا ثَلَاثَ جَمَرَاتٍ مَاشِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ يَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ (وَخَتَمَ بِالْعَقَبَةِ) فِيهَا: وَيَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلَا يَقِفُ (مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ: وَقْتُ الْأَدَاءِ مِنْ الْفَجْرِ لِلْغُرُوبِ وَالْفَضِيلَةُ تَتَعَلَّقُ بِعَقِبِ الزَّوَالِ وَقْتَ الْأَدَاءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ وَيَتَرَدَّدُ فِي اللَّيْلِ (وَصِحَّتُهُ بِحَجَرٍ كَحَصَى الْخَذْفِ) . ابْنُ يُونُسَ: الْحَصَاةُ الْخَذْفُ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُهُ أَنَّهَا كَالْفُولَةِ.

(وَرَمَى) مِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: وَيُشْتَرَطُ الرَّمْيُ بِالْحَجَرِ. وَفِيهَا: إنْ وَضَعَ الْحَصَاةَ وَضْعًا أَوْ طَرَحَهَا لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَاهَا رَمْيًا.

(وَإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ)

ص: 190

الْكَافِي: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَصَى الْمَسْجِدِ وَيُسْتَحَبُّ أَخْذُهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَمِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ طَاهِرٍ. وَلَا يُجْزِئُ فِيهَا الْمَدَرُ وَلَا شَيْءَ غَيْرُ الْحَجَرِ، وَلَوْ لَمْ يَغْسِلْ الْجِمَارَ النَّجِسَةَ أَوْ رَمَى بِمَا قَدْ رَمَى بِهِ فَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَسَاءَ وَأَجْزَأَ عَنْهُ.

(عَلَى الْجَمْرَةِ) ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: تَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ أَسْفَلِهَا وَالْجَمْرَتَانِ مِنْ أَعْلَاهُمَا.

(وَإِنْ أَصَابَتْ غَيْرَهَا إنْ ذَهَبَتْ بِقُوَّةٍ) فِيهَا: إنْ رَمَى حَصَاةً فَسَقَطَتْ فِي مَحْمَلِ رَجُلٍ فَقَبَضَهَا صَاحِبُ الْمَحْمَلِ فَسَقَطَتْ فِي الْجَمْرَةِ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَوْ أَصَابَتْ الْمَحْمَلَ ثُمَّ مَضَتْ بِقُوَّةِ الرَّمْيِ الْأَوَّلِ حَتَّى وَقَفَتْ فِي الْجَمْرَةِ أَجْزَأَهُ.

(لَا دُونَهَا) . أَبُو عُمَرَ: أَجْمَعُوا إنْ رَمَاهَا مِنْ أَسْفَلَ أَوْ مِنْ فَوْقُ وَوَقَفَتْ الْحَصَاةُ فِي الْجَمْرَةِ أَجْزَاهُ، وَإِنْ لَمْ تَقَعْ فِيهَا وَلَا قُرْبَهَا أَعَادَ.

(وَإِنْ أَطَارَتْ غَيْرَهَا لَهَا) . سَنَدٌ: الْعَقَبَةُ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْرَةُ اسْمٌ لِلْكُلِّ، فَلَوْ وَقَعَتْ دُونَ الْجَمْرَةِ وَقَدْ خَرَجَتْ إلَيْهَا أَجْزَاهُ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ، فَلَوْ شَكَّ فِي وُصُولِهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، فَلَوْ وَقَعَتْ دُونَ الْمَرْسَى عَلَى حَصَاةٍ فَطَارَتْ الثَّانِيَةُ فِي الْمَرْمَى لَمْ يُجْزِهِ.

(وَلَا طِينٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْكَافِي بِهَذَا (وَلَا مَعْدِنٍ) مِنْ الذَّخِيرَةِ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مَنْعُ الطِّينِ وَالْمَعَادِنِ الْمُتَطَرِّقَةِ كَالْحَدِيدِ وَغَيْرِ الْمُتَطَرِّقَةِ كَالزِّرْنِيخِ. قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ.

(وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ) مِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: وَإِنْ وَقَعَتْ الْحَصَاةُ فِي شُقُوقِ الْبِنَاءِ فَفِي الْإِجْزَاءِ نَظَرٌ، وَالْفَقِيهُ خَلِيلٌ الَّذِي بِمَكَّةَ يُفْتِي بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَرَأَيْت مِنْ شَيْخِنَا الشَّهِيرِ الْمَنُوفِيِّ مَيْلًا إلَى الْإِجْزَاءِ.

(وَبِتَرَتُّبِهِنَّ) وَأَعَادَ مَا حَضَرَ بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ وَمَا

ص: 191

بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا فَقَطْ. مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ عَكَسَ تَرْتِيبَهَا أَعَادَ الْمُقَدَّمَ وَمَا بَعْدَهُ فَقَطْ. الْكَافِي: فِي الرَّمْيِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا يُرَتِّبُ الْجَمَرَاتِ وَيَجْمَعُهُنَّ وَلَا يُفَرِّقُهُنَّ وَلَا يُنَكِّسُهُنَّ يَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ رَمْيِهَا تَقَدَّمَ فَوَقَفَ طَوِيلًا لِلدُّعَاءِ ثُمَّ يَرْمِي الثَّانِيَةَ وَهِيَ الْوُسْطَى وَيَنْصَرِفُ عَنْهَا ذَاتَ الشِّمَالِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ وَيُطِيلُ الْوُقُوفَ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّالِثَةَ بِمَوْضِعِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةُ ثُمَّ الْأُولَى أَعَادَ يَرْمِي مِنْ أَسْفَلِهَا وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، فَإِنْ نَكَّسَ الْجِمَارَ فَرَمَى الْأَخِيرَةَ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ أَعَادَ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَمَى الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ ثُمَّ الْأُولَى أَعَادَ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ فَقَطْ، وَمِنْ الذَّخِيرَةِ: إذَا تَرَكَ حَصَاةً مِنْ يَوْمِهِ الذَّاهِبِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأُولَى فَقَدْ تَرَكَ الْأَخِيرَتَيْنِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَخِيرَةِ قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ شَاةٌ.

(وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ) فِيهَا: يُوَالِي بَيْنَ الرَّمْيِ وَلَا يَنْتَظِرُ بَيْنَ الْحَصَاتَيْنِ شَيْئًا.

(فَإِنْ رَمَى بِخَمْسٍ خَمْسٍ اعْتَدَّ بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ) فِيهَا: مَنْ رَمَى يَوْمَ ثَانِي النَّحْرِ الْجِمَارَ الثَّلَاثَةَ بِخَمْسٍ خَمْسٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ يَوْمِهِ رَمَى الْأُولَى

ص: 192

الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى بِحَصَاتَيْنِ ثُمَّ الْوُسْطَى بِسَبْعٍ ثُمَّ الْعَقَبَةُ بِسَبْعٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ ذَكَرَهَا مِنْ الْغَدِ رَمَى هَكَذَا وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْأَمْسِ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي رَمَى عَنْ أَمْسِ كَمَا ذَكَرْنَا وَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَا يُعِيدُ رَمْيَ يَوْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا بَعْدَ يَوْمِهِ وَذَكَرَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رَمَى الْأُولَى بِحَصَاةٍ وَالِاثْنَيْنِ بِسَبْعٍ عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وَأَعَادَ رَمْيَ يَوْمِهِ هَذَا فَقَطْ إذْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ وَقْتِهِ، وَلَا يُعِيدُ رَمْيَ الْيَوْمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّ وَقْتَ رَمْيِ ذَلِكَ مَضَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ.

(وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى) فِيهَا: مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ جَمْرَةٍ هِيَ فَلْيَرْمِ الْأُولَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَالْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ، وَبِهَذَا أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ.

(وَأَجْزَأَ عَنْهُ وَعَنْ صَبِيٍّ آخَرَ وَلَوْ حَصَاةً حَصَاةً) قَالَ الْقَابِسِيُّ: مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ حَصَاةً وَعَنْ صَبِيٍّ مَعَهُ حَصَاةً حَتَّى أَتَمَّ الرَّمْيَ فَلْيُعِدْ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَعْتَدُّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ رَمَى جَمْرَةً عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ رَمَاهَا عَنْ

ص: 193

الصَّبِيِّ حَتَّى أَتَمَّ فَذَاكَ يُجْزِئُهُ. ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ يَسِيرٌ.

(وَرَمْيُ الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " الْعَقَبَةَ " وَعِنْدَ قَوْلِهِ: " إثْرَ الزَّوَالِ "(قَبْلَ الظُّهْرِ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَخَتَمَ بِالْعَقَبَةِ " وَوُقُوفُهُ إثْرَ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ إسْرَاعِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِيهَا: يَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ: يَبْدَأُ بِالْأُولَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى فَإِذَا رَمَاهَا تَقَدَّمَ أَمَامَهَا فَوَقَفَ وَأَطَالَ الْوُقُوفَ لِلدُّعَاءِ، ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَيَنْصَرِفُ مِنْهَا إلَى الشِّمَالِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَيَقِفُ أَمَامَهَا مِمَّا يَلِي يَسَارَهَا وَوَجْهُهُ إلَى الْبَيْتِ فَيَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى. ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَيَنْصَرِفُ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا. وَكَانَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ يَقِفَانِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ السَّرِيعُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ.

(وَتَيَاسُرُهُ فِي الثَّانِيَةِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ: فِي الثَّانِيَةِ يَنْصَرِفُ مِنْهَا إلَى الشِّمَالِ فَيَقِفُ مِمَّا يَلِي يَسَارَهَا (وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ) مِنْ الذَّخِيرَةِ: الْمَقْصِدُ الْحَادِيَ عَشَرَ الرُّجُوعُ مِنْ مِنًى. فِيهَا: لَا

ص: 195

بَأْسَ بِتَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ إلَى مَكَّةَ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ إلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ أَوْ إلَى عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ.

قَالَ مَالِكٌ: إذَا رَجَعَ النَّاسُ مِنْ مِنًى نَزَلُوا بِبَطْحَاءِ مَكَّةَ فَصَلَّوْا بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمَّ يَدْخُلُونَ مَكَّةَ بَعْدَ الْعِشَاءِ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِمَنْ يَقْتَدِي بِهِ أَنْ لَا يَدَعَ النُّزُولَ بِالْأَبْطُحِ. الذَّخِيرَةُ: الْأَبْطُحُ حَيْثُ الْمَقْبَرَةُ بِأَعْلَى مَكَّةَ تَحْتَ عَقَبَةِ كَدَاءٍ وَهُوَ مِنْ الْمُحَصَّبِ، وَالْمُحَصَّبُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ إلَى الْمَقْبَرَةِ، وَسُمِّيَ مُحَصَّبًا لِكَثْرَةِ الْحَصْبَاءِ فِيهِ مِنْ الْمَسِيلِ] وَنُزُولِ الْأَبْطُحِ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَيْسَ بِنُسُكٍ.

(وَطَوَافُ الْوَدَاعِ) الْكَافِي: لَا يَنْصَرِفُ أَحَدٌ إلَى بَلَدِهِ حَتَّى يُوَدِّعَ الْبَيْتَ بِالطَّوَافِ سَبْعًا فَإِنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَنُسُكٌ، وَلَا يَسْقُطُ إلَّا عَنْ الْحَائِضِ وَحْدَهَا، وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ مُسْتَحَبٌّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَدَاعُهُ الْبَيْتَ مُتَّصِلًا بِنُهُوضِهِ بَعْدَ كُلِّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ، فَإِنْ اشْتَغَلَ بَعْدَ الْوَدَاعِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى أَوْ عَادَ مَرِيضًا وَنَحْوَ ذَلِكَ عَادَ لِلْوَدَاعِ حَتَّى يَكُونَ صَدْرُهُ وَنُهُوضُهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ مُتَّصِلًا بِهِ، وَيُسْتَحَبُّ إذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْ طَوَافِهِ أَنْ يَقِفَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ فَيَحْمَدَ اللَّهَ وَيَشْكُرَهُ عَلَى مَا مَنَّ عَلَيْهِ وَيَجْتَهِدَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى أَنَّهُ مَوْضِعُ رَغْبَةٍ وَلْيَقُلْ إنْ شَاءَ: اللَّهُمَّ إنَّك حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْت بِنِعْمَتِك لِعِبَادِك وَمَا كَانُوا لَهُ مُقْرِنِينَ حَتَّى بَلَّغْتَنِي لِبَيْتِك الْحَرَامِ، فَإِنْ كُنْت يَا رَبِّ قَبِلْت وَرَضِيت فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا وَإِلَّا الْآنَ قَبْلَ أَنْ أَبْعُدَ عَنْ بَيْتِك غَيْرَ مُبَدِّلٍ بِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك، اللَّهُمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسِي وَكُلَّ مَا يُنْقِصُ أَجْرِي أَوْ يُحْبِطُ عَمَلِي وَاجْمَعْ لِي خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

(إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ) فِيهَا: وَمَنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ فَخَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ الْجِعْرَانَةُ أَوْ التَّنْعِيمِ

ص: 196

فَلَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ، وَأَمَّا إنْ خَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ مِيقَاتٍ كَالْجُحْفَةِ وَغَيْرِهَا فَلْيُوَدِّعْ قَالَ: وَإِذَا سَافَرَ مَكِّيٌّ فَلْيُوَدِّعْ، وَمَنْ حَجَّ مِنْ عَرَفَةَ فَلْيُوَدِّعْ إذَا خَرَجَ.

(وَإِنْ صَغِيرًا) فِيهَا: طَوَافُ الْوَدَاعِ عَلَى مَنْ حَجَّ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ (وَتَأَدَّى بِالْإِفَاضَةِ) فِيهَا: إنْ خَرَجَ إثْرَ طَوَافِ إفَاضَتِهِ سَقَطَ (وَالْعُمْرَةِ) فِيهَا: مَنْ خَرَجَ إثْرَ عُمْرَتِهِ سَقَطَ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ وَدَّعَ.

(وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى وَبَطَلَ بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ) فِيهَا: إنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْضَ يَوْمٍ رَجَعَ وَطَافَ (لَا بِشُغْلٍ خَفَّ) فِيهَا: يَسِيرٌ

ص: 197

شَغَلَ بَعْدَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ لَا يُبْطِلُهُ (وَرَجَعَ لَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَرْجِعُ مَنْ لَمْ يَبْعُدْ. وَفِيهَا: وَلَمْ يَجِدْ لَهُ مَالِكٌ أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْبِ، وَأَرَى أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ أَوْ يَمْنَعُهُ كَرِيُّهُ (وَحَبَسَ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَقَدْرَهُ، وَقُيِّدَ إنْ أَمِنَ) اُنْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ لِأَيِّ شَيْءٍ يُحْبَسُ.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: يُحْبَسُ لِلْإِفَاضَةِ لَا لِلْوَدَاعِ. وَتَقَدَّمَ نَصُّ الْكَافِي فِي أَنَّ الْحَائِضَ يَسْقُطُ عَنْهَا طَوَافُ الْوَدَاعِ. ابْنُ شَاسٍ: الْحَائِضُ تَخْرُجُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَلَا تَتَرَقَّبُ الطُّهْرَ لِتُوَدِّعَ، فَأَمَّا لَوْ حَاضَتْ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فَجَلَسَتْ حَتَّى تَطْهُرَ وَيُحْبَسَ عَلَيْهَا كَرِيُّهَا. رَوَى ابْنُ وَهْبٍ: يَحْبِسُ أَكْثَرَ مَا تُقِيمُ الْحَائِضُ فِي الْحَيْضِ وَالنُّفَسَاءُ فِي النِّفَاسِ.

قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ: هَذَا فِي الْأَمْنِ، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَالْفَسْخُ

ص: 198

لِخَوْفِ الطَّرِيقِ. عِيَاضٌ: اتِّفَاقًا.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُعِينَهُ فِي الْعَلَفِ. قَالَ: وَإِنْ بَقِيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطُّهْرِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ حُبِسَ الْكَرِيُّ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِهِ، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ لَهَا أَيَّامٌ لَمْ يُحْبَسْ إلَّا وَحْدَهُ. الْبَاجِيُّ: وَمِثْلُ هَذَا عِنْدِي الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا مَحْرَمَ لَهَا وَإِنَّمَا فِي الرُّفْقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَأَمَّا ذَاتُ الْمَحْرَمِ مَعَ الطَّرِيقِ الْآمِنِ فَلَا. ثُمَّ قَالَ: وَاقْتَضَى أَنَّ الْحَيْضَ يَحْبِسُ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تُفِضْ وَيَحْبِسُ مَنْ مَعَهَا مِمَّنْ يَلْزَمُهُ أَمْرُهَا. اُنْظُرْ تَرْجَمَةَ إفَاضَةِ الْحَائِضِ مِنْ الْمُوَطَّأِ. (وَالرُّفْقَةُ فِي كَيَوْمَيْنِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الِاسْتِذْكَارِ

ص: 199

عَنْ مَالِكٍ: إنْ كَانَ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ حُبِسَ الْكَرِيُّ وَمَنْ مَعَهُ.

(وَكُرِهَ رَمْيٌ بِمَرْمِيٍّ بِهِ) فِيهَا: لَا يَرْمِي بِحَصَى الْجِمَارِ لِأَنَّهَا قَدْ رُمِيَ بِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَقَطَتْ مِنِّي حَصَاةٌ فَلَمْ أَعْرِفْهَا فَرَمَيْت بِحَصَاةٍ مِنْ حَصَى الْجِمَارِ فَقَالَ لِي مَالِكٌ: إنَّهُ لَمَكْرُوهٌ وَمَا أَرَى عَلَيْك شَيْئًا.

(كَأَنْ يُقَالَ لِلْإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ عليه السلام) فِيهَا: طَوَافُ الْإِفَاضَةِ هُوَ الَّذِي يُسَمَّى طَوَافَ الزِّيَارَةِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُقَالَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَأَنْ يُقَالَ زُرْنَا قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ابْنُ يُونُسَ: كَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ لِلْحَدِيثِ: «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» .

(وَرُقِيُّ الْبَيْتِ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ مِنْبَرِهِ عليه السلام بِنَعْلٍ بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَالْحَجَرِ) فِيهَا: لَمْ يَكْرَهْ مَالِكٌ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فِي النَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ وَكَرِهَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِمَا الْبَيْتَ أَوْ يَرْقَى بِهِمَا

ص: 200