المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المبتدي، ولا يغفل عن تذكير المنتهى: فإنه إذا احتمل هذه - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١٠

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء العاشر]

- ‌[تتمة الباب الثالث]

- ‌[تتمة النوع الثاني]

- ‌الوجه الخامس (فيما يكتب في ألقاب الملوك عن الخلفاء، وهو نمطان)

- ‌النمط الأوّل (ما كان يكتب في قديم الزمن)

- ‌النمط الثاني (ما يكتب به لملوك الزمان)

- ‌الوجه السادس (فيما يكتب في متن العهود، وفيه ثلاثة مذاهب)

- ‌المذهب الأوّل (وعليه عامّة الكتّاب من المتقدّمين وأكثر المتأخّرين)

- ‌الطريقة الأولى (طريقة المتقدّمين)

- ‌المذهب الثاني (أن يفتتح العهد بلفظ «من فلان» باسم الخليفة وكنيته ولقب الخلافة

- ‌المذهب الرابع

- ‌المذهب الخامس (أن يفتتح العهد ب «إنّ أولى ما كان كذا» ونحوه)

- ‌الوجه السابع (فيما يكتب في مستند عهد السلطان عن الخليفة، وما يكتبه الخليفة في بيت العلامة، وما يكتب في نسخة العهد من الشّهادة أو ما يقوم مقامها)

- ‌الوجه الثامن (في قطع الورق الذي تكتب فيه عهود الملوك عن الخلفاء، والقلم الذي يكتب به، وكيفيّة كتابتها، وصورة وضعها في الورق)

- ‌النوع الثالث (من العهود عهود الملوك لولاة العهد بالملك)

- ‌الوجه الأوّل (في بيان صحّة ذلك)

- ‌الوجه الثاني (فيما يكتب في الطرّة)

- ‌الوجه الثالث (في الألقاب التي تكتب في أثناء العهد)

- ‌الوجه الرابع (ما يكتب في المستند)

- ‌الوجه الخامس (ما يكتب في متن العهد)

- ‌الطريقة الأولى

- ‌الطريقة الثانية

- ‌الوجه السادس

- ‌الوجه السابع

- ‌النوع الرابع

- ‌الوجه الأوّل

- ‌الوجه الثاني

- ‌الضرب الأوّل

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الباب الرابع من المقالة الخامسة

- ‌الفصل الأوّل (فيما كان يكتب من ذلك عن الخلفاء، وفيه خمسة أطراف)

- ‌الطرف الأوّل (فيما كان يكتب عن الخلفاء الراشدين من الصحابة رضوان الله عليهم)

- ‌الطرف الثاني (فيما كان يكتب عن خلفاء بني أميّة)

- ‌الطرف الثالث

- ‌النوع الأوّل

- ‌النوع الثاني

- ‌الضرب الأوّل

- ‌الضرب الثاني

- ‌النوع الثالث (مما كان يكتب لأرباب الوظائف من ديوان الخلافة ببغداد ما كان يكتب لأرباب الوظائف ببغداد من أصحاب الأقلام)

- ‌الضرب الأوّل (العهود)

- ‌الضرب الثاني

- ‌النوع الرابع

- ‌الطرف الرابع

- ‌الطرف الخامس

- ‌النوع الأوّل

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح ما يكتب في الولاية بالتّصدير)

- ‌المرتبة الأولى (أن يقال بعد التصدير المقدّم «أما بعد فالحمد لله» )

- ‌الضرب الأوّل (سجلّات أرباب السيوف

- ‌المرتبة الثانية

- ‌المرتبة الثالثة (من المذهب الأول من سجلات ولايات الفاطميين أن تفتتح بالتّصدير أيضا

- ‌المذهب الثالث من مذاهب كتّاب الدولة الفاطميّة

- ‌المذهب الرابع (مما كان يكتب لأرباب الولايات بالدّولة الفاطمية مرتبة الأصاغر من أرباب السّيوف والأقلام)

- ‌النوع الثاني (مما كان يكتب في الدولة الفاطمية بالديار المصرية ما كان يكتب عن الوزير)

- ‌المصادر والمراجع المستعملة في حواشي الجزء العاشر من كتاب «صبح الأعشى»

- ‌فهرس الجزء العاشر من صبح الأعشى

الفصل: المبتدي، ولا يغفل عن تذكير المنتهى: فإنه إذا احتمل هذه

المبتدي، ولا يغفل عن تذكير المنتهى: فإنه إذا احتمل هذه المشقّة، وأعطى كلّ تلميذ حقّه، كان الله تعالى كفيلا بمعونته، بحسب ما يعلم من حرصه عليهم وإخلاص نيّته. وليكن بسائر المتفقّهة معتنيا رفيقا، وعليهم حدبا شفيقا، يفرّع لهم من الفقه ما وضح وتسهّل، ويبيّن لهم ما التبس من غوامضه وأشكل، حتّى تستنير قلوبهم بأضواء علوم الدين، وتنطق «1» ألسنتهم فيها باللفظ الفصيح المبين، وتظهر آثار بركاته في مراشده وتبين؛ ولتتوفّر همّته في عمارة الوقوف واستنمائها، والتوفّر على كلّ ما عاد بتزايدها وزكائها، بحيث يتّضح مكان نظره فيها، ويبلغ الغاية الموفية على من تقدّمه ويوفيها، ولا يستعين إلّا بمن يؤدّي الأمانة ويوفّيها، ويقوم بشرائط الاستحفاظ ويكفيها؛ وهو- أدام الله رفعته- يجري من عوائد المدرّسين والمتولّين قبله على أوفى معهود، ويسامي به «2» إلى أبعد مرتقى ومقام محمود، وأذن له في تناول إيجاب التدريس ونظر الوقوف المذكورة؛ أسوة من تقدّمه في التدريس والنظر في الوقوف «3» ، على ما شرط الواقف في كل ورد وصدر، واعتماد كل ما حدّه في ذلك ومثّله من غير تجاوز.

‌النوع الرابع

(مما كان يكتب من ديوان الخلافة ببغداد ما كان يكتب لزعماء أهل الذّمّة) وطريقهم فيه أن يفتتح بلفظ: «هذا كتاب أمر بكتبه فلان أبو فلان الإمام الفلانيّ أمير المؤمنين لفلان» ثم يقال: «أما بعد فالحمد لله» ويؤتى فيه بتحميدة أو ثلاث تحميدات إن قصد المبالغة في قهر أهل الذمّة بدخولهم تحت ذمة الإسلام وانقيادهم إليه، ثم يذكر نظر الخليفة في صالح الرعيّة حتّى أهل الذمة، وأنه أنهي إليه حال فلان وسئل في توليته على طائفته فوّلاه عليهم للميزة على غيره من أبناء طائفته ونحو ذلك؛ ثم يوصيه بما يناسبه من الوصايا.

ص: 303

وهذه نسخة من ذلك، كتب بها عن القائم بأمر الله، لعبد يشوع «1» الجاثليق، من إنشاء العلاء بن موصلايا، وهي:

هذا كتاب أمر بكتبه عبد الله أبو جعفر عبد الله الإمام القائم بأمر الله أمير المؤمنين، لعبد يشوع الجاثليق الفطرك «2» .

أما بعد، فالحمد لله الواحد بغير ثان، القديم لا عن وجود زمان، الذي قصرت صنيعة الأوهام، عن إدراكه وحارت، وضلّت صنيعة الأفهام، عن بلوغ مدى صفاته وحالت، المتنزّه عن الولد والصاحبة، العاجزة عن إحاطة العلم به دلائل العقول الضافية الصائبة، ذي المشيئة الحالية بالمضاء، والقدرة الجارية عليها تصاريف القدر والقضاء، والعظمة الغنيّة عن العون والظّهير، المتعالي بها عن الكفء والنظير، والعزّة المكتفية عن العضد والنصير، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

«3» .

والحمد لله الذي اختار الإسلام دينا وارتضاه، وشام «4» به عضب الحقّ على الباطل وانتضاه، وأرسل محمدا صلى الله عليه وسلم منقذا من أشراك الضّلّة، وكاشفا عن الإيمان ما غمره من الإشراك وأظلّه، وبعثه ماحيا أثر الكفر من القلوب والأسماع، وناحيا في اتّباع أوامره «5» ماجدّ في البدار إليه والإسراع، [وأدّى ما حمّله أحسن الأداء]«6» ، وداوى بمعجز النبوّة من النفوس معضل الداء، ولم يزل لأعلام الهدى

ص: 304

مبينا، ولحبائل الغيّ حاسما مبينا، إلى أن خلص الحقّ وصفا، وغدا الدّين من أضداده منتصفا، واتّضح للحائر سنن الرّشد، وانقاد الأبيّ بالّليّن والأشدّ، فصلّى الله عليه وعلى آله الطاهرين، وأصحابه المنتخبين، وخلفائه الأئمة الراشدين؛ وسلّم تسليما.

والحمد لله الذي استخلص أمير المؤمنين من أزكى الدّوحة والأرومة، وأحلّه من عزّ الإمامة ذروة للمجد غير مرومة، وأصار إليه من تراث النبوّة ما حواه بالاستحقاق والوجوب، وأصاب به من مرامي الصّلاح ما حميت شموسه من الأفول والوجوب «1» ، وأولاه من شرف الخلافة ما استقدم به الفخر فلبّى، واستخدم معه الدّهر فما تأبّى، ومنح أيّامه من ظهور العدل فيها وانتشاره، ولقاح حوامل «2» الإنصاف فيها ووضع عشاره «3» ، ما فضل به العصور الخالية، وظلّت السير متضمّنة من ذكرها ما كانت من مثله عارية خالية، وهو يستديمه- سبحانه- المعونة على ما يقرّب لديه ويزلف عنده، ويستمدّ التوفيق الذي يغدو لعزائمه الميمونة أوفى العضد والعدّة؛ وما توفيق أمير المؤمنين إلّا بالله عليه يتوكّل وإليه ينيب.

وأمير المؤمنين مع ما أوجب الله تعالى عليه من اختصاص رعاياه [بأكنافه]«4» التي يمدّ عليهم رواقها، ويردّ بها إلى أغصان صلاحهم أوراقها، ويلقي على أجيادهم عقودها، ويقي رياح ائتلافهم ركودها، يرى أن يولي أولي الاستقامة من أهل ذمّته ضروب الرأفة وصنوفها، وأقسام العاطفة الدافعة عنهم حوادث الغير

ص: 305

وصروفها، بمقتضى عهودهم القويّة القوى، وأذمّتهم «1» التي يلزم أن يحافظ عليها أهل العدل والتقوى، ويغتمدهم من الضّرر «2» الغامر، والإجمام المضاهي الآنف منه الغابر؛ بما يقبض «3» يد الضيّم وكفّه [ويفيض عليهم من الملاحظة كل ما حسم الضير دونهم وكفّه]«4» وأن يحبوهم «5» من الحياطة بما يحرس رسومهم المستمرّة من أسباب الاختلال، ويجريهم فيها على ما سنّه السلف معهم من مألوف السّجايا والخلال.

ولما أنهي إلى حضرة أمير المؤمنين تمييزك عن نظرائك، وتحلّيك من السّداد بما يستوجب معه أمثالك المبالغة في وصفك وإطرائك، وتخصّصك بالأنحاء التي فتّ فيها شأو أقرانك، وأفدت بها ما قصّر معه مساجلك من أبناء جنسك أن يعدلك في ميزانك، وما عليه أهل نحلتك من حاجتهم إلى جاثليق «6» كافل بأمورهم، كاف في سياسة جمهورهم، مستقلّ بما يلزمه القيام به، غير مقلّ بما يتعيّن مثله في أدوات منصبه، وأنّ كلّا ممن يرجع إليه منهم لمّا تصفّح أحوال متقدّمي دينهم واستشفّ، وأعمل الفكر في اختيار الأرجح منهم والأشفّ، واتفقوا من بعد على إجالة الرأي الذي أفاضوا بينهم قداحه، وراضوا به زند الاجتهاد إلى أن أورى حين راموا اقتداحه، فلم يصادفوا من هو بالرياسة عليهم أحقّ وأحرى، وللشّروط الموجبة التقديم فيهم أجمع وأحوى، وعن أموال وقوفهم أعفّ وأورع، ومن نفسه لداعي التحرّي فيها أطوع وأتبع، منك؛ اختاروك لهم راعيا، ولما شدّ نظامهم ملاحظا مراعيا، وسألوا إمضاء نصّهم عليك والإذن فيه،

ص: 306

وإجراء الأمر فيما يخصّك أسدّ مجاريه، وترتيبك فيما أهّلت له وحمّلت ثقله، واختصاصك على من تقدّمك من الأضراب، بمزيد من الإرعاء والإيجاب، وحملك وأهل نحلتك على الشّروط المعتادة، والرسوم التي 7 مضاء الشريعة لها أوفى الشّهادة، رأى أمير المؤمنين الإجابة إلى ما وجّهت إليه فيه الرّغبه، واستخارة الله تعالى في كل عزم يطلق شباه ويمضي غربه، مقتديا فيما أسداه إليك، وأسناه من أنعمه «1» لديك، بأفعال الأئمة الماضين، والخلفاء الراشدين، صلوات الله عليهم أجمعين، مع أمثالك من الجثالقة الذين سبقوا، وفي مقامك اتّسقوا، وأوعز بترتيبك جاثليقا لنسطور النّصارى بمدينة السلام وسائر البلاد والأصقاع، وزعيما لهم وللرّوم واليعاقبة طرّا، ولكلّ من تحويه ديار الإسلام من هاتين الطائفتين ممّن بها يستقرّ وإليها يطرا، وجعل أمرك فيهم ممتثلا، وموضعك من الرّياسة عليهم متأثّلا، وأن تنفرد بالتقدّم على هذه الطوائف أجمع: ليكون قولك فيما يجيزه الشرع «2» فيهم يقبل وإليك في أحوالهم يرجع، وأن تتميز بأهبة الزّعامة، في مجامع النصارى ومصلّياتهم عامّة، من غير أن يشركك فيها أو يشاكلك في النّسبة الدالة عليها مطران أو أسقفّ للروم أو اليعاقبة: لتغدو شواهد ولايتك بالأوامر الإمامية بادية للسامع والناظر، وآثار قصورهم عن هذه الرّتبة التي لم يبلغوها كافّة للمجادل منهم والمناظر، ومنعوا بأسرهم عن مساواتك في كلّ أمر هو من شروط الزّعامة ورسومها، والتزيّي بما هو من علاماتها ووسومها؛ إذ لا سبيل لأحدهم أن يمدّ في مباراتك باعه، ولا أن يخرج عن الموجب عليه من الطاعة لك والتّباعة، وحملك في ذاك على ما يدلّ عليه المنشور المنشأ لمن تقدّمك، الممضى لك ولكلّ من يأتي بعدك، المجدّد بما حواه ذكر ما نطقت به المناشير المقرّرة في أيام الخلفاء الراشدين، صلوات الله عليهم أجمعين، لمن تقدّمك في مقامك، وأحرز سبق مغزاك ومرامك: من كون المنصوب في الجثلقة إليه الزّعامة على ما تضمّه

ص: 307

ديار الإسلام من هذه الفرق جمعا، والمنصوص عليه في التقدّم الذي ليس لغيره من رياضه مرعى؛ وتقدّم أمير المؤمنين بحياطتك وأهل نحلتك في نفوسكم وأموالكم وبيعكم «1» ، ودياركم ومقارّ صلواتكم وحراسة أموالكم «2» ، واعتمادكم بأقسام الكلاءة على أجمل الرّسم معكم، وأن تحموا من نقض سنّة رضيّة قرّرت لكم، ودحض وتيرة حميدة استعملت في فرضكم، وأن تقبض الجزية من رجالكم ذوي القدرة على أدائها بحسب ما جرت به عاداتكم دون النساء ومن لم يبلغ الحلم دفعة واحدة في السنة، وتجروا في ذلك على السجيّة التي تناقلها الرّواة وتداولتها الألسنة، من غير تثنية ولا تكرير، ولا ترنيق لمنهل المعدلة عندكم ولا تكدير، وأن تحبى بالشّدّ دائما وتقوية يدك على من نصبته في أمورهم ناظرا ولشملهم ناظما؛ ويفسح لك في فصل ما يشجر بينهم على سبيل الوساطة: لتقصد في ذاك ما يحسم دواعي الخلف ويطوي بساطه، وأن تمضي تثقيفك لهم وأمرك فيهم، أسوة ما جرى عليه الأمر مع من كان قبلك يليهم، لتحسن معه السيرة العادلة «3» عليهم بحفظ السّوام، المطابقة للشروط السائغة في دين الإسلام.

وأمر بإنشاء هذا الكتاب مشتملا على ما خصّك به، وأمضى أن تعامل بموجبه، فقابل نعمة أمير المؤمنين عندك بما تستوجبه من شكر تبلغ فيه المدى الأقصى، وبشر لا يوجد التصفّح له عندك قصورا ولا نقصا، وواظب على الاعتراف بما أوليته من كلّ ما جمّلك، وصدّق ظنّك وأملك، واستزد الإنعام بطاعة تطوي عليها الجوانح، وأدعية لأيامه تتبع الغادي منها بالرائح، وتجنّب التقصير فيما بك عدق «4» ، وإليك وكل وعليك علّق؛ واحتفظ بهذا الكتاب جنّة تمنع عنك

ص: 308