الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الصاد
الصخور
حصن صغير على نهر مرسية من الأندلس.
فيه دعا لفنسه محمد بن هود سنة625، وأبو العلى إدريس المأمون إشبيلية، وقد صفت له؛ وكان عازماً على التحريك إلى بر العدوة، فبينما هو يروم ذلك إذ وصله الخبر بقيام ابن هود هذا، وكان من الجند، ولم يكن إذ ذاك أحد من أكابر الأندلسيين يطمع في ثيارة، ولا يحدث بها نفسه؛ فبنو مردنيش في بلنسية، وبنو عيسى في مرسية، وبنو صناديد في جيان، وبنو
…
في غرناطة، وبنو فارس في قرطبة، وبنو وزير في إشبيلية، لا نتظام البرين على طاعة الدولة الممهدة القواعد، ورجوع أمورها إلى إمام واحد، حتى اتفقت ثيارة العادل بمرسية، ثم ثيارة البياسى ونكبته، ثم مبايعة أبي العلى بإشبيلية، ففتحوا على دولتهم باباً رحله منه غيرهم، فأوقع الله تعالى في خاطر ابن هود هذا أنه بملك الأندلس، وتحدث بذلك مع من يثق به، وذكر أنه محمد بن يوسف بن محمد بن عبد العليم بن أحمد المستنصر بن هود، واحتقره السيد الذي كان في مسرية من قبل أبي العلى، فجمع أصحابه وخرج بهم إلى الحصن المعروف بالصخور، فدعا لنفسه، واجتمع له جمع من القطاع، وذعار الشعارى والضياع؛ وقال لهم: أنا صاحب الزمان، وأنا الذي أرد الخطبة عباسية! وخاطب بذلك أبا الحسن القسطلى قاضي مرسية يومئذ، وأعلمه أنه إن تمكن من هذا العرض فإن الدولة تكون
في يده، فأصغى الشيخ إليه إصغاء أذهله عن حتفه الذي بحث عنه، ثم حضر القاضي القسطلى عند السيد الملقب بأبي الأمان، وقد لاحت عليه دلائل الخذلان؛ فقال: يا سيدي! هذا الرجل الذي كان في الصخور ما زال خديمكم، فكتبنا له نرغبه في الطاعة ونعده بما يكون له من الخير في إثر ذلك، حتى أذعن، وها هو قد وصل ليقبل به كم الكريمة، وسيدنا يرتب له ولأصحابه ما يكفهم عن الثيارة، ويرجى أن ينتفع بهم في قطع الفساد، عن جهات هذه البلاد! فابتهج السيد، وأنفذ إليه بالمبادرة، فلم يمر إلا القليل حتى دخل ابن هود وأصحابه مرسية في السلاح، فبعد ما مالوا لتقبيل يده قبضوا عليه، ثم حبسوه وأجلسوا ابن هود في مكانه. وخطب في أول جمعة للمستنصر العباسي، ثم لنفسه بالمتوكل على الله أمير المؤمنين؛ وعندما وصل الخبر بذلك إلى أبي العلى، وكان عزم على جواز البحر، تمثل كامل:
إن الطبيب إذا تعارض عنده
…
مرضان مختلفان داوى الأخطرا
وصرف وجهه إلى مرسية؛ ففي أول منزلة نزل بها، قام الأستاذا أبو على الشلوبين فابتده، فخطب وقال: ثلمك الله ونثرك يريد: سلمك ونصرك. وكان يرد السين والصاد ثاء. وقام بعده أبو الحسن بن أبي الفضل، فأنشده قصيدةً أولها " خفيف ":
خدمتك السيوف والأقلام
…
وأناخت لأمرك الأيام
وقام الكاتب البلوى فأنشد قصيدةً منها " سريع ":
أرتك مرسية وقد عصت
…
لنا قديماً طائعاً أكثر
منابر يالك قد أصبحت
…
مناظراً إن قد عصى منبر