الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لورقة
بالأندلس من بلاد تدمير، إحدى المعاقل السبعة عاهد عليها تدمير، وهي كثيرة الزرع والضرع والخمر.
وهي على ظهر جبل، وبها أسواق وربض في أسفل المدينة، وعلى الربض سور، وفي الربض السوق، وبها معدن تربةٍ صفراء، ومعادن مغرةٍ تحمل إلى كثير من الأقطار، وبينها وبين مرسية أربعون ميلاً، وفيها معادن لازورد.
ومن أغرب الغرائب الزيتون التي على مقربة من حصن سرنيط، وهو حصن من حصون لورقة البرانية منها، وهي زيتونة في حرمة الجبل، فإذا كان وقت صلاة العصر من اليوم الذي يستقبل أول ليلة من شهر ميه، نورت الزيتونة فلا يجن عليها الليل إلا وقد عقدت، ولا تصبح إلا وقد اسود زيتونها وطاب، قد عرف ذلك الخاصة والعامة ووقفوا عليه.
وذكر إبراهيم بن يوسف الطرطوشى أن ملك الروم قال له سنة305: إني أريد أن أرسل إلى ملك الأندلس قومساً بهديةٍ، وإن من أعظم حوائجي عنده، وأعظم مطالبي لديه أن القاعة الكريمة الكنيسة التي في الدار التي فيها الزيتونة المباركة، التي تنور وتعقد ليلة الميلاد، وتطعم من نهارها، فبها قبر شهيدٍ له محل عظيم عند الله عز وجل؛ فأنا أسأله مداراة أهل تلك الكنيسة، وملاطفتهم، حتى يسمحوا إلى بعظام ذلك الشهيد؛ فإن حصل لي فهو أجل عندي من كل نعمةٍ في الأرض!
وبهذه الناحية موضع معروف، من أراد أن يتخذ فيه جناناً، صرف إلى الموضع العناية بالتدمين والعمارة والسقى من النهر، فتنبت الأرض هناك بطبعها شجر التفاح والكمثرى والتين والرمان وضروب الفواكه، حاشا شجر التوت، من غير غراسةٍ ولا اعتمال. وهذا الموضع يعرف بأشكوني.
وتفسير لورقة باللطينى الزرع الخصيب وهذا الاسم وافق معناه، لأنها من المعاقل الخصيبة، وعلى نهرٍ مجراه إلى الشرق من هذا القطر، كما يختبر في أرض مصر، ولهذا النهر هناك مجريان، أحدهما أعلى من الثاني، فإذا احتيج إلى السقى به عولى بالسداد حتى يرقى المجرى الأعلى فيسقى به. وعلى هذا النهر نواعير في مواضع مختلفة، تسقى به البساتين، ويخرج منه الجداول العظيمة، يسقى الجدول عشرة فراسخ وأكثر. وطعام لورقة يبقى مطمراً تحت الأرض عشرين عاماً لا يغير، وكثيراً ما يجاح زروع بالجراد، ويزعم أهلها أنه كان فيها جرادة من ذهب طلسما لدفع مضار الجراد، فسرقت من هناك، فلم يزل الجراد من حينئذٍ ظاهراً عندهم فاشياً.
ويزعمون أن البقر كانت لا تفتل عندهم، ولا يقع عندهم فيها الموتان العام لها في بعض الأعوام، حتى وجد في بعض الأساس من مباني الأول ثوران من صخرٍ، أحدهما أمام صاحبه، ينظر إليه، فلما انتزعت من ذلك الموضع وقع الموتان في البقر عندهم ذلك العام.
وللورقة الفحص الذي لا يعلم في الأرض مثله، وهو المعروف بالفندون، المتصل بفحص شنقنيرة، ومسافة ذلك خمسة وعشرون ميلاً.