الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنوا على شرقيه قيوين، فأعلاهما هناك ظاهر إلى اليوم، والجدر الباقية حواليه، واتخذوا على ذلك الماء قريةً كثيرة الزيتون والأشجار وضروب الثمار، يسقى جميعها من هذا الماء، تعرف بقرية الحمة، وما فضل عن سقى هذه القرية يجتمع أسفلها في صهريجٍ عظيمٍ من بناء الأول أيضاً، فإذا تكامل فيه الماء سرب إلى قريةٍ متخذةٍ تسمى آبله، فسقيت بذلك الماء.
وبجوفي مدينة بجانة حمة أخرى أغزر من الحمة الأولى، أنجع في الأسقام، وأصلح للأبدان، وهم يزعمون أن جرى الأولى على الكبريت، وجرى هذه على النحاس؛ وتذكر الأعاجم أن ملك تدمير وملك ريه في غابر الدهر خطبا ابنة ملك أرش اليمن وما يليه، فشرطت ابنة الملك أن من بلغ ماء إحدى الحمتين حتى يدخله في دار سكنى أبيها وكان في موضع مدينة بجانة اليوم أنه أحق ببضعها؛ فجد كل واحدٍ منهما في ذلك وجهد جهده، وبنيا قنى يجلبون الماء فيها، فاعترض صاحب الحمة الجوفية خندق، ولم يكن بد من بناء قناطر عليه، فشغله ذلك حتى بلغ صاحب الحمة الشرقية ماءه، فزوجه الملك ابنته؛ وأثر ما حاولاه من ذلك باقٍ في الجانبين إلى اليوم؛ وبين بجانة والمرية خمسة أميال أو ستة أميال.
بربشتر
هي مدينة من بلاد بريطانية بالأندلس، وهي حصن على نهرٍ مخرجه من عين قريبةٍ منها، وبربشتر من أمهات مدن الثغر الفائقة في الحصانة والامتناع، وقد
غزاها على غرةٍ، وقلة عددٍ من أهلها، وعدةٍ، أهل غاليش والروذمانون، وكان عليهم رئيس يسمى ألبيطش، وكان في عسكره نحو أربعين ألف فارسٍ، فحصرها أربعين يوماً حتى افتتحها، وذلك في سنة 456، فقتلوا عامة رجالها، وسبوا فيها من ذرارى المسلمين ونسائهم مالا يحصى كثرةً؛ ويذكر أنهم اختاروا من أبكار جوارى المسلمين وأهل الحسن منهن خمسة آلاف جارية، فأهدوهن إلى صاحب القسطنطينية، وأصابوا فيها من الأموال والأمتعة ما يعجز عن وصفه، وتخلفوا فيها من جلة رجالهم وأهل البأس منهم من وثقوا بضبطه لها، ومنعه إياها، واستوطنوها بالأهل والولد وجعلوها ثغراً من ثغورهم، ثم انصرفوا عنها.
وفي ذلك يقول الفقيه الزاهد ابن العسال من قصيدة كامل:
ولقد رمانا المشركون بأسهمٍ
…
لم تخط لكن شأنها الصماء
هتكوا بخيلهم قصور حريمها
…
لم يبق لا جبل ولا بطحاء
جاسوا خلال ديارهم فلهم بها
…
في كل يومٍ غارة شعراء
باتت قلوب المسلمين برعبهم
…
فحماتنا في حربهم جبناء
كم موضع غنموه لم يرحم به
…
طفل ولا شيخ ولا عذراء
ولكم رضيع فرقوا من أمه
…
فله إليها ضجة وبغاء
ولرب مولودٍ أبوه مجدل
…
فوق التراب وفرشه البيداء
ومصونةٍ في خدرها محجوبةٍ
…
قد أبرزوها ما لها استخفاء