المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ الغُسْلِ اَلْغَسْلُ: وهو بفتح الغين ويجوز ضمها، مُوجبُهُ مَوْتٌ، أي - عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج - جـ ١

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ التَّحْقِيْقِ

- ‌أولًا: أهمِّيَّةُ دِرَاسَةِ الْفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ

- ‌1 - فِي بَيَانِ فَضْلِ دِرَاسَةِ الْفِقْهِ:

- ‌2 - فِي بَيَانِ أَنَّ دِرَاسَةَ الْفِقْهِ يُحَتِّمُهَا الإِيْمَانُ:

- ‌3 - فِي بَيَانِ أَنَّ دِرَاسَةِ الْفِقهِ يُحَتِّمُهَا الْعَمَلُ:

- ‌ثَانِيًا: أَهَمِّيَّةُ كِتَابُ (عُجَالَةُ المُحْتَاجِ إِلَى تَوْجِيهِ المِنْهَاجِ)

- ‌1 - فِي بَيَانِ أَهَمِّيَّةِ الكِتَابِ:

- ‌2 - نَبْذَةٌ عَنْ كِتَابِ (مِنْهَاجُ الطَّالِبِيْنَ):

- ‌3 - فِي بَيَانِ عَمَلِي فِي الْكِتَابِ:

- ‌ثَالِثاً: فِي بَيَانِ أحْوَالِ ابْنِ الْمُلَقَّنِ الْفَقِيْهِ

- ‌1 - فِي بَيَانِ الاِسْمِ وَالنَّسَبِ:

- ‌2 - فِي بَيَانِ خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ:

- ‌3 - فِي بَيَانِ شُيُوخِ ابْنِ الْمُلَقِّنِ:

- ‌4 - فِي بَيَانِ أَحْوَالِ ابْنِ الْمُلَقِّنِ مَعَ الْحَيَاةِ:

- ‌5 - فِي بَيَانِ آرَاءِ الْعُلَمَاءِ فِي ابْنِ المُلَقِّنِ:

- ‌6 - فِي بَيَانِ مَنْهَجِ ابْنِ الْمُلَقَّنِ فِي الْبَحْثِ وَالنَّظَرِ:

- ‌خُطْبَةُ الإِمَامِ النَّوَوِيِّ

- ‌شَرْحُ غرِيبِ الْخُطْبَةِ

- ‌كِتَابُ الطَهَارَةِ

- ‌ باب المياه والاجتهاد والأوانى

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الحَدَثِ

- ‌بَابُ الوُضُوءِ

- ‌بَابُ مَسْحِ الخُفِّ

- ‌بَابُ الغُسْلِ

- ‌بَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ النَّفْلِ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بِابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْعِيْدَيْنِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الكُسُوفَيْنِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ تَارِكِ الصّلَاةِ

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيْوَانِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ

- ‌بَابُ مَن تلزَمُهُ الزكاةُ وَمَا تجِبُ فيهِ

الفصل: ‌ ‌بَابُ الغُسْلِ اَلْغَسْلُ: وهو بفتح الغين ويجوز ضمها، مُوجبُهُ مَوْتٌ، أي

‌بَابُ الغُسْلِ

اَلْغَسْلُ: وهو بفتح الغين ويجوز ضمها، مُوجبُهُ مَوْتٌ، أي إلاّ في حق الشهيد كما سيأتي في بابه، وَحَيْضٌ، وَنِفَاسٌ، بالإجماع، وَكَذَا وِلَادَةٌ بِلَا بَلَلٍ فِي الأَصَحِّ، لأن الولد مَنِيٌّ منعقدٌ، والثاني: لا يجب، لأنه لا يسمى منيّاً، وَجَنَابَةٌ، لقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (181) وأورد الرافعي على الحصر في هذه الأمور ما لو تنجس البدن جميعه؛ أو بعضه واشتبه عليه، فإن عدهم للموت موجباً يقتضي إرادة ما تجب فيه النيّة وما لا تجب، بِدُخُولِ حَشَفَةٍ، لقوله صلى الله عليه وسلم:[إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ] صححه ابن حبان (182)، قال الجويني في التبصرة: وليس في تغييب بعضها غسل إلّا من جهة الاستحباب. وما ذكره ظاهر؛ فإن لنا وجهاً في الوجوب والحالة هذه وإن كان شاذاً، أَوْ قَدْرِهَا أي من مقطوعها، فَرْجاً، أي من آدمىّ حيّ أو غيره، وَبِخُرُوجٍ مَنِيٍّ، أي من الشخص نفسه، ولو نزل المني إلى فرج ثيب وجب أو بكر فلا جزم به في التحقيق، مِن طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، بالإجماع، وَغَيْرِهِ، أي كما لو أنكسر الصلب فخرج منه المني مستحكماً، وُيعْرَفُ بِتَدَفُّقِهِ، أي وهو خروجه بدفعات، قال الله تعالى:{مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (183)، أَوْ لَذَّةٍ بِخُرُوجِهِ، أي مع الفتور عقبه؛ والتلذذ يستلزمه، أَوْ رِيحِ عَجِينٍ، أي أو طلع، رَطْباً، أَوْ بَيَاضِ بَيضٍ جَافّاً، لأنه لا يوجد صفة من هذه الثلاثة في خارج غيره، فَإِنْ فُقِدَتِ الصِّفَاتُ فَلَا غُسْلَ، لأنه ليس بمني، ويحتمل أن يكون ودياً، وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ، أي في الصفات المذكورة وأنكرهُ ابن الصلاح.

(181) المائدة / 6.

(182)

الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: بابُ ذكر خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ: ج 2 ص 248: الحديث (1179). ولفظ مسلم في الصحيح: [وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ]: الحدث (88/ 349).

(183)

الطارق / 6.

ص: 114

وَيَحْرُمُ بِهَا، أي بالجنابة، مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ، أي مما تقدم في بابه؛ بل أَوْلَى لأنها أغلظ، وَالمَكْثُ بِالْمَسْجِدِ، لقوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ

} الآية (184) أي مواضعها، وخرج بالمسجد مصلى العيد ونحوه.

فَرْعٌ: في فتاوى البغوى؛ إذا كان في المسجد بئر، لا يجوز للجنب المكث فيه إلاّ إذا تيمم ودخل، وفيها أنه لو دلى نفسه بحبل ومكث في هواء المسجد، لأن لهواء المسجد حرمة المسجد، بدليل صحة الاقتداء للمتطهر إذا كان على لوح في هواء المسجد وصحة صلاة مَنْ بجبل أبي قبيس.

لَا عُبُورُهُ، للآية المذكورة (185)، وَالْقُرْآنُ، أي باللفظ والإشارة من الأخرس لا بالقلب تعظيماٌ له، وفاقد الطهورين يقرأ الفاتحة في صلاته عند المصنف خلافاً للرافعي فإنه قال: ينتقل إلى الأذكار، وَتَحِلُّ أذْكَارُهُ لَا بِقصْدِ قُرْآنٍ (186)، لعدم الإخلال

(184) النساء / 43: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} .

(185)

لقوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء / 43] والجُنُبُ: هو غير الطاهر من إنزال أو مجاوزة ختان. والعبور: هو المَرور في المسجد. وسبب ورود النهي يدل بقصته على إرادة التحريم؛ أن سبب الآية؛ أنَّ قوماً من الأنصار كانت أبواب دورهم شارعة في المسجد؛ فإذا أصاب أحدهم جنابة اضطرَّ إلى المرور في المسجد. قال القرطبي: وهذا صحيح؛ يُعضده ما رواه أبو داود عن جَسْرَة بنت دحاجة قالت: سمعت عاشة رضي الله عنها تقول: جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهُ بُيُوتِ أَصْحَابهِ مًشْرَعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:[وَجِّهُواْ هَذِهِ الْبُيُوت عَنِ الْمَسْجدِ]، ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئاً رَجَاءَ أَنْ تَنْزِلَ لَهُمْ رُخصَةٌ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فَقَالَ:[وَجِّهُواْ هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ؛ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ]. سنن أبي داود: كتاب الطهارة: باب في الجنب يدخل المسجد: الحديث (232) وإسناده صحيح؛ وينظر الجامع لأحكام القرآن: ج 5 ص 207.

(186)

قال النووي: يُفهم منه مسألة نفيسة؛ أنه إذا أتى به ولم يقصِد به قرآناً ولا ذكراً حَلَّ؛ =

ص: 115

والحالة هذه بالتعظيم، فإن قصده وحده أي دون الذكر أو ومعه الذكر حرم وإن أطلق فلا. قُلْتُ: ومواعظ القرآن وأحكامه وأخباره وغيرها كالأذكار (187).

وَأَقَلُّهُ، أي أقل الغسل، نِيَّةُ رَفْع جَنَابَةٍ، أي إن كان جنباً، فَأَمَّا الحائض فتنوي رفع حدث الحيض، فإن نوى أحدهما غير ما عليه، فإن تعمد، لا يصح، وإن غلط صح، كما قاله المصنف في شرح المهذب في آخر نية الوضوء (188)، أَوِ اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إِلَيْهِ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الْغُسْلِ، أي وكذا أداء الغسل بحذف الفرض كما تقدم في الوضوء، وكذا الغسل المفروض والطهارة للصلاة أو رفع الحدث عن جميع البدن، وكذا إن أطلق في الأصح، مَقْرُونَةٌ بِأَوَّلِ فَرْضٍ، كما في الوضوء، وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ، لأن الحدث عمَّ جميع البدن فيجب تعميمه بالغسل، والمراد بالبشرة ما يشمل الأظفار، ويستثنى من ذلك الشعر النابت في العين؛ فإنه لا يجب غسله (189).

= صَرَّحَ به إمام الحرمين وغيره. ينظر: دقائق المنهاج للنووى: ص 35. ومثاله؛ قول الراكب: سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كُنَّا له مقرنين. وقول المرء عند المصيبة: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

(187)

لحديث ابن عمر رضى الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ] رواه الترمذى في الجامع الصحيح: الحديث (31). والدارقطني في السنن: ج 1 ص 117 وغيرهما وإسناده ضعيف. أو لحديث على بن أبي طالب رضي الله عنه: [لَمْ يَكُنْ يَحْجِبُ أَوْ يَحْجِزُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ سِوَى الْجَنَابَةِ] رواه أبو داود في السنن: الحديث (229). والترمذي في الجامع: الحديث (146) وقال: إسناده صحيح. وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج 5 ص 209: إسناده صحيح. قال القرطبي: فالجمهور على المنع من مسِّهِ (أي المصحف من غير وضوء) لحديث عمرو بن حزم: الجامع لأحكام القرآن: ج 17 ص 226.

(188)

قال النووي: لا يصح؛ لأنه متلاعب نوى ما ليس عليه؛ وترك ما هو عليه مع علمه؛ بخلاف الغالط؛ فإنه يعتقد: أنَّ نيَّته رافعةٌ لحدثه مبيحة للصلاة، وكانه نوى استباحة الصلاة. إنتهى. ينظر: المجموع شرح المهذب: ج 1 ص 335.

(189)

استدلال ابن الملقن رحمه الله جيد، لأن السبب في بيان وجوب الغسل هو الحدث، والحدث يَعُمُّ جميع البدن كما قال فلا يحتاج الدليل، بل هو بحث مناط الحكم. وقد =

ص: 116

وَلَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ، كما في غسل الميت والوضوء، وَأَكْمَلُهُ إِزَالَةُ القَذَرِ، ثُمَّ الْوُضُوءُ، للتأسى (190)، وَفِي قَوْلٍ: يُؤَخِّرُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ، لرواية البخاري عن ميمونة (191)، وأغرب الداوودي من أصحابنا حيث قال: قول الشافعي ثم يتوضاً وضوءه للصلاة، أي يقدم غسل أعضاء وضوئه على غيرها من الأعضاء على ترتيب

= جاء عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا، فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ] قال عليٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ رَأْسِي ثَلَاثًا وَكَانَ يَجُزُّ شَعْرَهُ. رواه أبو داود في السنن: كتاب الطهارة: باب الغسل من الجنابة: الحديث (249). وقال ابن الملقن في التحفة: وصححه القرطبي في شرحه.

لمسلم؛ قلت: قال ابن حجر: وإسناده صحيح. ينظر: تلخيص الحبير: ج 1 ص 150.

(190)

لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: [كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ؛ ثُمَّ

يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتِ ثُمَّ أفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ]. متفق عليه وفي رواية مسلم: [أَنَّهُ بَدَأَ فَغَسَلَ كَفّيْهِ ثَلَاثاً] وفي رواية البخاري: [حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ] رواه الشافعي في الأم: ج 1 ص 40، والبخارى في الصحيح: كتاب الغسل: باب الوضوء قبل الغسل: الحديث (248) وباب تخليل الشعر: الحديث (272). ومسلم في الصحيح: كتاب الحيض: الحديث (35/ 316) واللفظ له.

(191)

حديث ميمونة رضي الله عنها، قالت: [أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غُسْلَهُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلَاثاً؛ فَدَلَكَهُمَا دَلْكاً شَدِيداً؛ ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ أفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاث حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَغَسَلَ

رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِمِنْدِيلٍ فَرَدَّهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ بِالْمَاءِ هَكَذَا يَنفُضُهُ]. وفي رواية البخاري [تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ]. البخارى في الصحيح: كتاب الغسل: باب من أفرغ بيمينه على شماله: الحديث (266) وباب مسح اليد بالتراب: الحديث (260) وباب تفريق الغسل: الحديث (265) وباب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده: الحديث (274). ومسلم في الصحيح: كتاب الحيض: الحديث (37/ 317) واللفظ له.

ص: 117

الوضوء، لكن بِنِيَّةِ غُسْلِ الجنابة، لا أنَّ ذلك وضوءٌ هذا لفظه وهو مطّرح، ثُمَّ تَعَهُّدُ مَعَاطِفِهِ، أي كَالْعُكْنَةِ (192) والإبط استظهاراً فيأخُذُ الماءَ بكفيه فيجعله عليها، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَيُخَلِّلُهُ، أي قبل الإفاضة، فيخلل أصابعه وهي مبلولة، وفي المهذب والنهاية: أنه يغترف بكفيه غرفة، ويخلل بها، ويخلل شعر اللحية أيضاً، وقال في التتمة في كتاب الحج: إن اغتسل لتبرُّدٍ أو سُنة لا يحرك الشعر بيده، وإن اغتسل لجنابة فإن قدر على ايصال الماء إلى باطن الشعر من غير تحريك الشعر لا يحرك؛ وإلاّ فيحكُّ الرأس ببطون الأصابع أو برؤوس الأنامل دون الأظفار (193)، ثُمَّ شِقِّهِ الأَيْمَنِ،

ثُمَّ الأَيْسَرِ، لأنهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِى طَهُورِهِ إِذَا تَطهَّرَ (194)، ولم يذكروا كيفية التيامن، ولا يبعد أن يأتي فيه ما ستعرفه في كيفية غسل الميت (195)، وَيَدْلُكُ، لإنقاء البشرة، وَيُثَلِّثُ، كالوضوء وأَوْلَى، وثبت في الرأس نصاً (196).

(192) الْعُكْنَةُ: الطَّيُّ الذي في البَطْنِ مِنَ السِّمَنِ، والجمع (عَكَنٌ): مختار الصحاح: مادة (ع ك ن).

(193)

قال النووي: قال أصحابنا: ثمانية من شعور الوجه يجب غسلها؛ وغسل البشرة تحتها؛ سواء خفَّتْ أو كثفت؛ وهي: الحاجب؛ والشارب؛ والعنفقة؛ والعذار؛ ولحية المرأة؛ ولحية الخنثى؛ وأهداب العين؛ وشعر الخد. ينظر في المجموع شرح المهذب: ج 1 ص 376.

(194)

لحديث عائشة رضي الله عنها: [إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ]. البخارى في الصحيح: كتاب الصلاة: باب التيمن في دخول المسجد:

الحديث (426).

(195)

لِمَ ذاك؟ بل لحديث عالشة رضي الله عنها؛ قالت: [كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلَابِ؛ فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشَقِّهِ الأَيْمَنَ، ثُمَّ الأَيْسَرَ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفِّهِ؛ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الغسل: باب مَن يبدأ بالحِلاب: الحديث (258). ومسلم في الصحيح: الحديث (316). والحِلاب: إِنَاءُ يَمْلَوُهُ قَدْرَ حلب الناقةِ.

(196)

لحديث جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ذُكر عنده الغسل من الجنابة؛ فقال: [أَمَّا أَنَا فَآخُذُ مِلءَ كَفِّي ثَلَاثًا فَأَصُبُّ عَلَى رَأسِي ثُمَّ أُفِيْضُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي]. =

ص: 118

فَائِدَةٌ: في الإحياء للغزالي: لا ينبغي أن يحلق، أو يقلم، أو يستحد، أو يخرج دماً، أو يبين من نفسه جزءاً وهو جنب إذ تُرَدُّ إليه سائر أجزائه في الآخرة فيعود جنباً، ويقال: إن كل شعرة تطالب بجنابتها.

وَتَتَّبِعَ لِحَيضٍ أَثَرَهُ مِسْكاً، للأمر به في الصحيح (197)، وترجم عليه أبو نعيم في كتاب الطب ما يضيق به القُبُلُ وينشف رطوبته، وَإِلَاّ فَنَحْوَهُ، أي كالطب ثم الطين تطييباً للمحل، وفي كتاب الطب لأبى نعيم عن عائشة رضى الله عنها:[أَمَا تَسْتَطِيْعُ إِحْدَاكُنَّ إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنْ حَيْضِهَا؛ أَنْ تُدْخِلَ شَيْئاً مِنْ قِسْطٍ؛ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَيْئاً مِنْ رَيْحَانٍ (يعني الآس) فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَيْئاً مِنْ نَوَى، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَيْئاً مِنْ مِلْح] ثم روى عن أم الحجاج أنها كانت تستفرش عجم الزبيب.

وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ، لأنه لم ينقل كالتيمم، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، أي فإنه يُسَنُّ إذا

= رواه الإِمام أحمد في المسند: ج 4 ص 81 وإسناده صحيح.

(197)

لحديث عائشة رضى الله عنها؛ أنَّ أَسْمَاءَ (وهى بنت شَكَل الأنصارية) سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَن غُسلِ الْحَيْضِ؛ فَقَالَ: [تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ؛ فَتُحْسِنُ الطهُورَ، ثُمَّ تَصُب عَلَى رَأسِهَا فَتَدْلِكَهُ دَلْكاً شَدِيْداً حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا؛ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فُرْصَةً مُمْسِكَةً؛ فَتَطَّهَّرُ بِهَا] فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: فَكَيْفَ تَطَّهَّرُ بهَا؟ فَقَالَ: [سُبْحَانَ اللهِ تَطّهَّرِيْنَ بِهَا! ] فَقَالَتْ عَائِشةُ: كَأَنَّهُا تُخْفِي ذَلِكَ! تَتّبِعِيْنَ أَثَرَ الدَّمِ. اللفظ لمسلم في الصحيح: كتاب الحيض: باب استحباب استعمال المغتسلة: الحديث (60/ 332). والبخاري في الصحيح: كتاب الحيض في باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت: الحديث (314) وباب غسل الحيض: الحديث (315) وفي كتاب

الاعتصام: باب الأحكام التي تعرف بالدلائل: الحديث (7357). أما شؤون رأسها؛ أى عظامه وأطرافه ومواصل قبائله وهي أربعة بعضها فوق بعض. والفِرصة بكسر الفاء؛ قطعه من صوف أو قطن أو خرقة. والممسكة: المطيبة بالمسك. وفي لفظ مختصر لعائشة رضى الله عنها: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَت إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ عَنِ الغُسْلِ عَنِ الحَيْضِ؟ فَقَالَ: [خُذِي فِرْصَةَ مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا، فَلَمْ تَعْرِفْ مَا أَرَادَ، فَاجْتَذَبْتُهَا! وَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ.

ص: 119

صلى لأول صلاة ما للترغيب فيه (198)، ويدخل في هذا الإطلاق ماسح الخف والوضوء المكمل بالتيمم لجراحة ونحوها.

وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ، وَالْغُسْلِ عَنْ صَاعٍ، للاتباع كما أخرجه مسلم (199)، لكن صحَّ أنه عليه الصلاة والسلام تَوَضَّأَ بِثُلُثَي مُدٍّ (200)، واغتسل بالفَرَقِ مرة هو وعائشة (201)، ولو كان المتوضئ ضئيلًا؛ أو متفاحش الطول؛

(198) لحديث ابن عمر رضى الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتَبَ الله لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ]. رواه أبو داود في السنن: كتاب الطهارة: باب

الرجل يجدد الوضوء: الحديث (62). والترمذي في الجامع الصحيح: كتاب الطهارة: باب ما جاء في الوضوء لكل صلاة: الحديث (59) وقال إسناده ضعيف؛ قلت: ويكاد يجمع العلماء على ضعفه.

(199)

عن سَفِينَة رضي الله عنه: [أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْسِلُهُ الصَّاعُ مِنَ الْمَاءِ عَنِ الجَنَابَةِ وَيُوضِئُهُ المُدُّ] رواه مسلم في الصحيح: كتاب الحيض: (52/ 326). ولحديث أنس رضي الله عنه قال: [كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، رواه البخاري في الصحيح: كتاب الوضوء: باب الوضوء بالمد: الحديث (201). ومسلم في الصحيح: كتاب الحيض: الحديث (51) من الباب.

(200)

لحديث أُم عمارة: [أنّه صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ] رواه أبو داود في السنن: كتاب الطهارة: باب ما يجزئُ من الماء في الوُضوء: الحديث (94). والنسائي في السنن: ج 1 ص 58.

ورواه الحاكم في المستدرك: الحديث (509/ 64) من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري: [أَنُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ] وقال: هذا حديث

صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وتابعه الذهبي قال: على شرطهما.

(201)

لحديث عائشة رضى الله عنها: [أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ هُوَ الْفَرَقُ مِنَ الْجَنَابَةِ]. رواه مسلم في الصحيح: كتاب الحيض: باب القدر المستحب من الماء:

الحديث (40/ 319). ورواه ابن حبان في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: الحديث (1198). و (الفَرَقُ) مكيال معروف بالمدينة؛ قال النووي؛ قال سفيان: هو ثلاث آصع، وقال: أما قوله ثلاثة آصع فصحيح فصيح؛ وقد جهل من أنكر هذا؛ وينظر الحديث (41) من صحيح مسلم في الباب؛ ونصه عن عائشة قالت: [كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ فِي قَدَحٍ؛ وَهُوَ الفَرَقُ؛ وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَهُوَ فِي الإِنَاءِ الْوَاحِدِ] =

ص: 120

أو العرض؛ يُستحب له أن يستعمل من الماء ما يكون نسبته إلى جسده كنسبة المد إلى جسده صلى الله عليه وسلم، وكذا الغسل قاله في القواعد، وَلَا حَدَّ لَهُ، بالإجماع، كذا نقله ابن جرور والمصنف في شرح مسلم (202). لكن في مذهب مالك؛ قول: إنه لا يجوز الاقتصار على أقل مما ورد به الحديث السالف وحكاه القاضي عبد الوهاب عن بعضهم ولا شك في بعده (203).

وَمَنْ بِهِ نَجَسٌ يَغْسِلُهُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَلَا تَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ، وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ، لأن الماءَ الَأوْلَ صارَ مستعملاً في النجاسة؛ وما استعمل فيها؛ لا يستعمل في الحدث.

قُلْتُ: الأَصَحُّ تَكْفِيهِ، وَالله أَعْلَمُ، لأن مقتضى الطهارتين واحد؛ فكفاهما غسلةٌ واحدة كما لو كان عليها غسل جنابة وحيض، وَمَنِ اغْتَسَلَ لِجَنَابَةٍ وَجُمُعَةٍ حَصَلَا، كما لو نوى عند دخول المسجد الفرض والتحية، أَوْ لأَحَدِهِمَا حَصَلَ فَقَطْ، عملاً بما نواه (204)، وصحح في الشرح الكبير حصول الجمعة إذا نوى الجنابة. قُلْتُ: وَلَوْ

= وفي حديث سفيان قالت: [مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ] قال قتيبة: قال سفيان: [والفَرَقُ ثلاثة آصُعْ].

(202)

قال النووي: أجمع المسلمون على أنَّ الماء الذى يجزئُ، في الوُضُوءِ والغُسْلِ غيرُ مُقَدَّر، بل يكفى فيه القليل والكثير إذا وُجد شرط الغسل وهو جريان الماء على الأعضاء، قال الشافعي رحمه الله تعالى: وقد يرفق بالقليل فيكفي، ويخرق بالكثير فلا يكفي. إنتهى.

ينظر: المنهاج شرح صحيح مسلم للنووي: كتاب الحيض: باب القدر المستحب من الماء: ج 3 ص 241.

(203)

إذا كان قطع ببعده لحديث أبى أُمامة: [أَنِّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِنِصْفِ مُدٍّ]، فإسناده ضعيف؛ رواه الطبراني في المعجم الكبير: ج 8 ص 278: الحديث (8071). قال في مجمع

الزوائد: رواه الطبراني في الكبير، وفيه الصلت بن دينار وقد أجمعوا على ضعفه. ثم القول ما حكاه النووي في إجماع المسلمين، تقدم أنفاً.

(204)

عن سلمان الفارسي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ وَيَتَطَهَّرَ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْر وَيَدَّهِنَ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسَّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَاكُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلِّمَ الإِمَامُ، إِلَاّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى] البخاري في الصحيح: كتاب الجمعة: باب الدُّهَن للجمعة: الحديث (883).

ص: 121