الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُحَرَّرِ بقوله المنقول: إنه يحتسب به، وَالأَصَحُّ إِدْرَاكُ الْجُمُعَةِ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ إِذَا كَمُلَتِ السَّجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِ الإِمَامِ، لما سلف في الركعة الملفقة، وَلَوْ تَخَلْفَ بِالسُّجُودِ نَاسِياً حَتَّى رَكَعَ الإِمَامُ لِلثَّانِيَةِ رَكَعَ مَعَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، لأَنَّهُ مُفَرطٌ بالنسيانِ فلا يجوز له ترك المتابعة، والطريق الثاني فيه القولان في المزحوم هل يتبع الإمام أم يشتغل بما عليه، وصححها الرافعي في الْمُحَرَّرِ، والأُوْلى صححها الروياني والشيخ أبو حامد.
بِابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ
الأَصْلُ فِيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيْهِمْ
…
} الآية (712)، وَفَعَلَتْهَا الصَّحَابَةُ بَعْدَهُ، هِيَ أَنْوَاعٌ، أي تزيد على العشرة، اختار الشافعي منها ما ذكره المصنف:
الأَوَّلُ: يَكُونُ الْعَدُوُّ فِي، جهة، الْقِبْلَةِ، فَيُرَتِّبُ الإِمَامُ الْقَوْمَ صَفَّيْنِ، وَيُصَلّيَ بِهِمْ، فَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ صَفٌّ سَجْدَتَيْهِ وَحَرَسَ صَفٌّ، فَإِذَا قَامُواْ سَجَدَ مَنْ حَرَسَ وَلَحِقُوهُ وَسَجَدَ مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ حَرَسَ أَوَّلاً، وَحَرَسَ الآخَرُونَ، فَإِذَا جَلَسَ سَجَدَ مَنْ حَرَسَ وَتَشَّهَدَ بِالصَّفَّيْنِ وَسَلَّمَ، وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعُسْفَانَ، هذه الكيفية رواها مسلم من حديث جابر، لكن فيه أن الصف
الأول سجد معه في الركعة الأُولى، والثاني: في الثانية، وذكر الشافعي في المختصر عكس ذلك وكلاهما جائز، والأفضل ما ثبت في السُّنَّة (713)، وَلَوْ حَرَسَ فِيهِمَا،
(712) النساء / 102: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا
أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}.
(713)
• حديث جابر رواه مسلم في الصحيح كتاب صلاة المسافرين: الحديث (307/ 840).
أي في الركعتين، فِرْقَتَا صَفِّ، أي على التناوب، جَازَ، أى قطعاً كالصفين، وَكَذَا فِرْقَةٌ، أي تحرس فيهما، فِي الأَصَحِّ، لأنه قد لا يَتَأَهَّلُ للحراسةِ إلاّ مُعَيَّنُونَ، والثاني: لا يجوز، لأن التخلف يتضاعف حينئذ ويزيد على ما ورد به الخبرُ.
• الثَّانِي: يَكُونُ فِي غَيْرِهَا فَيُصَلِّيَ مَرَّتَيْنِ، كُلَّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ، وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِبَطْنِ نَخْلٍ، هذه الكيفية متفق عليها في الصحيحين (714).
• أوْ تَقِفُ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِهِ، وَيُصَلِّيَ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً، فَإذَا قَامَ لِلثَّانِيَةِ فَارَقَتْهُ وَأَتَمَّتْ وَذَهَبَتْ إِلَى وَجْهِهِ، وَجَاءَ الْوَاقِفُونَ فَاقْتَدَوْا بِهِ فَصَلَّى بِهِمُ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ قَامُواْ فَأَتَمُّواْ ثَانِيَتَهُمْ وَلَحِقُوهُ وَسَلَّمَ بِهِمْ، وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَاتِ الرِّقَاعِ، هذه الكيفية متفق عليها أيضاً فيهما (715)، وَالأَصَحُّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ، صلاة، بَطْنِ نَخْلٍ، لأنها أعدل بين الطائفتين، والثاني: عكسه ليحصل لِكُلِّ واحدٍ فضيلة جماعة بالتمام، وَيَقْرَأُ الإِمَامُ فِي انْتِظَارِهِ الثَّانِيَةَ، أى الفرقة الثانية، وَيتَشَهَّدُ، لأن السكوت مخالف لهيئة الصلاة، وَفِي قَوْلٍ: يُؤَخِّرُ لِتَلْحَقَهُ، ليدركهما معه الفرقة الثانية، ولا فرق بين الفاتحة وغيرها قاله الفارقي، فَإِنْ صَلَّى مَغْرِباً فَبِفِرْقَةٍ رَكعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ فِي الأَظْهَرِ، لأن عكسه يكلف الثانية تشهداً غير محسوب لها لوقوعهِ في أَوَّلِهَا، والثاني: الأفضل
والنسائي في السنن: كتاب صلاة الخوف: ج 3 ص 175 - 176. والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب صلاة الخوف: الحديث (6119).
• حديث أبي عياش الزُّرَقِيِّ. رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب صلاة الخوف: الحديث (1236). والنسائي في السنن: كتاب صلاة الخوف: ج 3 ص 77 - 178. والبيهقي في السنن الكبرى: الحديث (6118).
(714)
رواه البخاري في الصحيح: كتاب المغازي: باب غزوة ذات الرقاع: الحديث (4136). ومسلم في الصحيح: كتاب صلاة المسافرين: الحديث (311/ 843).
(715)
رواه البخاري في الصحيح: كتاب المغازي: الحديث (4129). ومسلم في الصحيح: كتاب صلاة المسافرين: الحديث (310/ 842).
عكسه تأَسِّياً بعليٍّ رضي الله عنه ليلة الْهَرِيْرِ (•)، وَيَنْتَظِرُ، أي تفريعاً على الأظهر الفرقة الثانية،
فِي تَشَهُّدِهِ، أى الأول، أَوْ قِيَامِ الثَّالِثَةِ، وَهُوَ، أى انتظاره في قيام الثالثة، أَفْضَلُ فِي الأَصَحِّ، لأن القيام مبني على التطويل، والجلسة الأُولى على التخفيف، والثاني: أن انتظاره في التشهد أفضل ليدركوا معه الركعة من أولها. وقوله (فِي الأَصَحِّ) صوابه في الأظهر كما فِي الروضة تبعاً للشرح، أَوْ رُبَاعِيَّةً، أي بأن كانوا في الحضر أو أرادوا الإتمام في السفر، فَبِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَلَوْ صَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً، أي وفارقته كل فرقة من الثلاثة الأُولى، وصلَّت ثلاثاً وسلمت وهو منتظر فراغها ومجئ أخرى، وانتظر الرابعة في التشهد حتى أتموا وسلم بهم، صَحَّتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فِي الأَظْهَرِ، لأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك، والثاني: تبطل صلاة الجميع، وَسَهْوُ كُلِّ فِرْقَةٍ، أي إذا فرقهم فرقتين، مَحْمُولٌ فِي أُوْلَاهُمْ، لأنَّهُ حالُ القدوة، وَكَذَا ثَانِيَةُ الثَّانِيَةِ فِي الأَصَحِّ، لأنه في حكم القدوة وهو منتظر لهم، فهو كَسَهْوِهِمْ في سجدة رَفع الإمام منها، والثاني: لا، لأنهم منفردون بها حقيقة، ويعبر عن الخلاف؛ بأنهم يفارقونه
حكماً أم لا؟ لَا ثَانِيَةُ الأُوْلَى، لانقطاعهم عن الإمام حقيقة وحكماً، وَسَهْوُهُ فِي الأُوْلَى يَلْحَقُ الْجَمِيعَ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَلْحَقُ الأَوَّلَيْنِ، لمفارقتهم له قبل السهو، وَيُسَنُّ حَمْلُ السِّلَاحِ فِي هَذِهِ الأَنْوَاعِ، احتياطاً، وَفِي قَوْلٍ: يَجِبُ، لظاهر الآية، ووجه الاستحباب أن وضعه لا يفسد الصلاة قطعاً، والخلاف مخصوص بطهارة السلاح وعدم منعه صحة الصلاة وأن لا يؤذي غيره، وأن لا يظهر الخطر بتركه،
والوضع بين يديه كالحمل.
• الرَّابِعُ: أَنْ يَلْتَحِمَ قِتَالٌ أَوْ يَشْتَدَّ الْخَوْفُ، أى وإن لم يلتحم القتال فلم يَأْمَنُواْ أن يركبوهم إذا انقسموا فرقتين، فَيُصَلِّيَ كَيْفَ أَمْكَنَ رَاكِباً وَمَاشِياً، لقوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (716) أي مستقبلي القبلة وغير مستقبليها،
(•) الْهَرِيْرُ: يقالُ هرِيْرُ الْكَلْبِ: صَوْتُهُ دُوْنَ نُبَاحِهِ مِنْ قِلَّةِ صَبْرِهِ عَلَى الْبَرْدِ.
(716)
البقرة / 239: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا =
وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْقِبْلَةِ، أي بسبب العدو للضرورة، وَكَذَا الأَعْمَالِ الْكَثِيرَةِ، أي كالضربات المتوالية، لِحَاجَةٍ فِي الأَصَحِّ، كما لو اضطروا إلى المشي فمشوا، والثاني: لا لندوره، وهو ضعيف؛ لأنه إنكار للمشاهدة، والثالث: تبطل إن كُرِّر في شخص لا أشخاص، أما إذا لم يحتج إليها فإنها تبطل قطعاً، لَا صيَاحٍ، أي فإنه لا يعذر فيه مطلقاً لعدم الحاجة إليه بل الكمىُّ الْمُقَنَّعُ السَّاكِتُ أَهْيَبُ (•)، ويلْقِي السِّلَاحَ إِذَا دُمِيَ، لأنه يبطل الصلاة، قال الإمام: أو يرده سريعاً إلى قرابه الذي تحت ركابه، وخالف الروياني، فَإِنْ عَجَزَ أَمْسَكَهُ، وَلَا قَضَاءَ فِي الأَظْهَرِ، لأن التلطخ به غالب، والثاني: يجب لندوره، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْمَأَ، لقول ابن عمر رضي الله عنه:(وَإِذَا كَانَ خَوْفٌ أَكَثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَصَلِّ رَاكِباً أَوْ قَائِماً تُوْمِئُ إِيْمَاءً) رواه مسلم (717)، وَالسُّجُودَ أَخْفَضَ، أي جعله أخفض من الركوع تمييزاً بينهما، وَلَهُ ذَا النَّوْعِ، أي وهو صلاة شدة الخوف (718)، فِي كُلِّ قِتَالٍ وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ، أي فلا يجوز في القتال المحرم بالإجماع، والمراد بالمباح هنا مالا إثم فيه ولو كان واجباً كقتال البغاة، وَهَرَبٍ مِنْ حَرِيقٍ وَسَيْلٍ، أي إذا لم يجد معدلاً عنهما لوجود الخوف، وَسَبُعٍ، أي
لَمْ تكُونُواْ تَعْلَمُونَ}.
(•) الكميُّ: الشُّجَاعُ الَّذِي كَمَى نَفْسَهُ أَيْ سَتَرَهَا بِاللُّبْسِ يُقَالُ: أَكْمَى الشَّيْءَ إِذَا سَتَرَهُ.
وَالْمُقَنَّعُ لَابِسُ الْبَيْضَةِ.
(717)
رواه مسلم في الصحيح: كتاب صلاة المسافرين: باب صلاة الخوف: الحديث (306/ 839).
(718)
مثال ذلك حديث عبدالله بن أُنيس أَنَّهُ قَالَ: دَعاَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: [إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيَّ يجْمَعُ النَّاسَ لِيَغْزُوَنِي وَهُوَ بِنَخْلَةٍ أَوْ بِعُرَنَةَ فَاْتِهِ فَاقْتُلْهُ] فخرجت
متوشحاً بسيفى حتى دفعت إليه في ظعن يرتاد بهن منزلاً، حتى كان وقت العصر، فلما رأيته وجدت له ماوصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الْقُشْعَرِيْرَةِ، فأقبلت نحوه وخشيت أن يكون بيني وبينه مجادلة تشغلُني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسى إيماءً،
…
، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:[أَفْلَحَ الْوَجْهُ]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب صلاة الخوف: الحديث (6117).
وكذا حَيَّةٍ لما قلناه، وَغَرِيمٍ عِنْدَ الإِعْسَارِ وَخَوْفِ حَبْسِهِ، أي ولا يَجِدُ بَيِّنَةً دفعاً لضرر الحبس.
فَرْعٌ: إذا جوزنا صلاة شدة الخوف لغير القتال فالأظهر لا إعادة.
وَالأَصَحُّ مَنْعُهُ لِمُحْرِمٍ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ، أي صلى متمكناً العشاء؛ لأنه مُحَصِّلٌ لا خائف فأشبه متبعُ أقفيةِ الكفَّارِ؛ فعلى هذا الأشبه عند الرافعي أنه يصلي مستقراً ويفوت الْحَجَّ، وصحح المصنف خلافه، والوجه الثاني: يصلي صلاة شدة الخوف ليجمع بين الحج والصلاة وليس يبعد، وقال في شرح المهذب: إنه ضعيف وجعله هنا وجهاً قوياً، وَلَوْ صَلَّوْا لِسَوَادٍ، أي إبلاً أو شجراً، ظَنُّوهُ عَدُوّاً فَبَانَ
غَيْرُهُ، أي الحال، قَضَوْا فِي الأَظْهَرِ، لعدم الخوف في نفس الأمر، والثاني: لا؛ لقيام الخوف حينئذٍ، وهذا إذا صلّوا صلاة شدة الخوف، فإن صلّوا صلاة الخوف فلا إعادة قطعاً كما قاله الماوردي، ووافقه البغوى في صلاة بطن نخل وأجرى الخلاف في غيرها، ولو رأوا عدواً فخافوهم فصلّوها ثم بَانَ أنه كان بينهم خندق فالقولان، وقيل: الإعادة قطعاً، ومحل الخلاف في المسألتين إذا كان العدو زائداً على الضِّعْفِ حتى يجوزَ لهم الهرب وإلاّ فيجب الإعادةُ قطعاً، قاله الأَصْبَحِيُّ في الْمُعِيْنِ.
فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ، أي كاللبس والتدثر، أما اللبس فَمُجْمَعٌ عليه وأما سواه فلقول حذيفة:[نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيْرِ وَالدِّيْبَاجِ وَأنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ] رواة البخاري (719)، والقز كالحرير على الأصح، والخنثى كالرجل وفيه احتمال.
وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ، بالإجماع (720)، وَالأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا، لأنه أُبيح لهن
(719) عن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: [نَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَنْ نَأْكُلَ فِيْهَا؛ وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيْرِ وَالدِّيْبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب اللباس: باب افتراش الحرير: الحديث (5837).
(720)
• لحديث عبدالله بن قيس (أبو موسى الأشعري) رضي الله عنه قالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: =
لبسه للتزين للزوج وهو مُنْتَفٍ هنا، والثاني: لا، لما سيأتى، وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ إِلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ، لأنه ليس مكلفاً ولا في معنى الرجل، قال في البيان: وهو المشهور، قال في الروضة هنا: وصححه المحققون، وقال في الزكاة: إنه الأصح المنصوص ما لم يبلغوا، والثاني: لا، كما يمنعه من شرب الخمر ونحوه، ورَجَّحَهُ ابنُ الصلاح، والثالث: يجوز قبل سبع سنين لا بعده كيلا يعتاده ورجحه الرافعي في شرحيهِ، ومحل الخلاف في غير يوم العيد، أما يوم العيد فيجوز تزينهم به وبالذهب قطعاً لأنه يوم زينة، وليس على
الصبيان تَعَبُّدٌ، نقله المصنف في شرح المهذب في باب صلاة العيدين عن الشافعي والأصحاب.
قُلْتُ: الأَصَحُّ حِلُّ افْتِرَاشِهَا، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيرُهُمْ، وَاللُّه أَعْلَمُ، كاللبس ولا نسلم أن إباحته لمجرد التزيين للزوج كما علل به القائل بالتحريم ثم إذ لو كان كذلك، لاختص بذات الزوج وأجمعوا على أنه لا يختص.
وَيَحِلُّ لِلرَّجُلِ لُبْسُهُ لِلضَّرُورَةِ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ أَوْ فُجْأَةِ حَرْبٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَلِلْحَاجَةِ كَجَرَبٍ وَحَكَّةٍ، لأنه صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ لِبْسَهُ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا، متفق عليه (721)، وَالْحِكَّةُ بكسر الحاء قال الجوهري: هي الْجَرَبُ فينكر على المصنف جمعه بينهما (722)، وَدَفْعِ قَمْلٍ، لأنه لا
[أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيْرُ لإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا] رواه الإمام أحمد في المسند: ج 4 ص 394 و 407. والنسائي في السنن: كتاب الزينة: باب تحريم الذهب على الرجال: ج 8 ص 161 وإسناده صحيح وله شواهد.
• وقوله بالإجماع؛ لا يريد به دليل إجماع الصحابة، بل أراد به اتفاق علماء المذهب على هذه الفتوى بلا خلاف ولا قول ولا وجه؛ بل قولاً واحداً.
(721)
عن أَنَسٍ قال: (رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ رُخِّصَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيْرِ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا). رواه البخاري في الصحيح: كتاب اللباس:
باب ما يرخص للرجال من الحرير: الحديث (5839). ومسلم في الصحيح: كتاب اللباس: باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كانت به حكة: الحديث (24/ 2076).
(722)
الْحَكَّةُ من (ح ك ك) حَكَّ الشَّيْءَ مِنْ باب رَدَّ، وَاحْتَكَّ بِالشَّيْءِ، حَكَّ نَفْسَهُ عَلَيْهِ. =
يقمل، وفي الصحيحين أيضاً أَنَّ ابن عوفٍ والزبير شَكَيَا القمل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قَمِيْصِ الْحَرِيْرِ في غزاة لهما (723)، ولا يختص ذلك بالسفر على الأصح خلافاً لابن الصلاح، وَلِلْقِتَالِ كَدِيبَاجٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، أي في دفع السلاح لأنه يحصنه؛ فإن وجد غيره مما يقوم مقامه؛ فالأصح التحريم لعدم الضرورة.
وَيَحْرُمُ الْمُرَكَّبُ مِنْ ابْرِيسَمٍ وَغَيْرِهِ إِنْ زَادَ وَزْنُ الاِبْرِيسَمِ، تغليباً للحرام، وَيَحِلُّ عَكْسُهُ، أي كالخزِّ، وَكَذَا إِنِ اسْتَوَيَا فِي الأَصَحِّ، لأنه لا يسمى ثوبَ حريرٍ والأصل الحلُّ، والثاني: يحرم تغليباً للتحريم، وَيَحِلُّ مَا طُرِّزَ أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ قَدْرَ الْعَادَةِ، أما الأول: فلأنه عليه الصلاة والسلام إنما نهى عن الثوب المصمت من الحرير، أما العَلَمُ وَسَدَى الثَّوْبِ فلا بأس به، رواه أبو داود عن ابن عباس (724)،
ويشترط أن لا يجاوز الطراز قدر أربع أصابع فإن جاوزها حرم، وأما المطرف وهو المسجّف فلأنه عليه الصلاة والسلام كانت له جبة مكفوفة الجيب والفرجين
وَهُوَ إِمْرَارُ جِرْمٍ عَلَى جِرْمٍ صَكّاً، وَالإِسْمُ الْحِكَّةُ بِالْكَسْرِ. وَتَحَاكَّا: اِصْطَكَّ جِرْمَاهُمَا فَحَكَّ كُلُّ الآخَرَ. قُلْتُ: ولعل المراد في الحِكَّةِ عنده عموم وخصوص، والعموم هو اسم الفعل (الْحَكِّ) والمراد به إمرار الجرم على آخر، كما سيأتى في تأثير القمل عليهما، وبهذا يكون للجمع بينهما مناسبة، والله أعلم.
(723)
عن أنس رضي الله عنه قال: [أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ شَكَوْا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي القملَ- فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الْحَرِيْرِ، فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غُزَاةٍ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الجلاد والسير: باب الحرير في الحرب: الحديث (2920). ومسلم في
الصحيح: الحديث (26/ 2076) وفي لفظ له: [رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي الْقُمِصِ الْحَرِيْرِ فِي السَّفَرِ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا أَوْ وَجَعٍ كَانَ بِهِمَا] الحديث (24/ 2076).
(724)
عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: [إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنَ الْحَرِيْرِ، فَأَمَّا الْعَلَمُ مِنَ الْحَرِيْرِ وَسَدَى الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ] رواه أبو داود في السنن: كتاب اللباس: باب الرخصة في العلم وخيط الحرير: الحديث (4055). وإسناده صحيح.
بالديباج، رواه أبو داود أيضاً (725) والشرط فيه الاقتصار على العادة، كما ذكره المصنف، وخرج بالحرير الذهب فإنه يحرم التطريز والتطريف به مطلقاً ومن أَلْحَقَهُ بِهِ فَقَدْ وَهِمَ، وَلُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ، أى المتنجس، فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، أي كسجود الشكر لأنه ظاهر العين، نعم يُكرَهُ، لَا جلْدِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ، لأن الخنزير لا ينتفع به في حال حياته مطلقاً، وكذا الكلب إلا في أغراض مخصوصة، فلأنْ لا ينتفع بهما بعد الموت أَوْلى، وجلد فرع أحدهما ملحق بهما، إِلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ، أي ولم يجد سواه، وكذا إذا خاف على نفسه من حَرٍّ أو بَرْدٍ كما له أكل الميتة عند الاضطرار، وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ، أي في حال الاختيار، فِي الأَصَحِّ، مثار الخلاف أنَّ تحريم جلد الكلب والخنزير لنجاسة العين أو لِمَا خُصَّا به من التغليظ فيحرم على الأول ويحل على الثاني.
وَيَحِلُّ الاِسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ عَلَى الْمَشْهُورِ، أى مع الكراهة سواء نجس بعارض أو كان نجس العين كَوَدَكِ الميتة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لَمَّا سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ:[إِنْ كَانَ ذَائِباً أَوْ مَائِعاً فَاسْتَصْبِحُواْ بِهِ أَوْ فَانْتَفِعُواْ بِهِ] رواه الطحاوي، فقال: إنَّ رجالَهُ ثِقات (726)، والثاني: لا يجوز؛ لأجل دُخَانِ النجاسة، وصحح المصنف في شرح المهذب في باب البيع: القطع بالأول؛ وهو مخالفٌ لجزمهِ هنا بطريقة القولين.
(725) عن عبد الله أبي عمر مولى أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما، قال:(رَأْيْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي السُّوْقِ اشْتَرَى ثَوْباً شَامِيّاً؛ فَرَأَى فِيْهِ خَيْطاً أَحْمَرَ، فَرَدَّهُ؛ فَأَتَيْتُ أَسْمَاءَ فَذَكَرْتُ ذلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا جَارِيَةُ نَاوِلِيْنِي جُبَّةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْرَجَتْ جُبَّةً طيالسة مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفرجينِ بِالدِّيْبَاجِ) رواه أبو داود في السنن: كتاب اللباس: باب الرخصة في العَلَم: الحديث (4054) وأصله عند مسلم: الحديث (10/ 2069).
(726)
الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ في تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج: الحديث (684): قال ابن الملقن: (رواه الطحاوي فى بيان المشكل، وقال: عبد الواحد بن زياد المذكور فيه: ثِقَةٌ إذا تفرد بحديث قُبِلَ حديثه، وكذلك إذا انفرد بزيادة قُبِلَتْ زِيَادَتُهُ).