المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة الاستسقاء - عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج - جـ ١

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ التَّحْقِيْقِ

- ‌أولًا: أهمِّيَّةُ دِرَاسَةِ الْفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ

- ‌1 - فِي بَيَانِ فَضْلِ دِرَاسَةِ الْفِقْهِ:

- ‌2 - فِي بَيَانِ أَنَّ دِرَاسَةَ الْفِقْهِ يُحَتِّمُهَا الإِيْمَانُ:

- ‌3 - فِي بَيَانِ أَنَّ دِرَاسَةِ الْفِقهِ يُحَتِّمُهَا الْعَمَلُ:

- ‌ثَانِيًا: أَهَمِّيَّةُ كِتَابُ (عُجَالَةُ المُحْتَاجِ إِلَى تَوْجِيهِ المِنْهَاجِ)

- ‌1 - فِي بَيَانِ أَهَمِّيَّةِ الكِتَابِ:

- ‌2 - نَبْذَةٌ عَنْ كِتَابِ (مِنْهَاجُ الطَّالِبِيْنَ):

- ‌3 - فِي بَيَانِ عَمَلِي فِي الْكِتَابِ:

- ‌ثَالِثاً: فِي بَيَانِ أحْوَالِ ابْنِ الْمُلَقَّنِ الْفَقِيْهِ

- ‌1 - فِي بَيَانِ الاِسْمِ وَالنَّسَبِ:

- ‌2 - فِي بَيَانِ خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ:

- ‌3 - فِي بَيَانِ شُيُوخِ ابْنِ الْمُلَقِّنِ:

- ‌4 - فِي بَيَانِ أَحْوَالِ ابْنِ الْمُلَقِّنِ مَعَ الْحَيَاةِ:

- ‌5 - فِي بَيَانِ آرَاءِ الْعُلَمَاءِ فِي ابْنِ المُلَقِّنِ:

- ‌6 - فِي بَيَانِ مَنْهَجِ ابْنِ الْمُلَقَّنِ فِي الْبَحْثِ وَالنَّظَرِ:

- ‌خُطْبَةُ الإِمَامِ النَّوَوِيِّ

- ‌شَرْحُ غرِيبِ الْخُطْبَةِ

- ‌كِتَابُ الطَهَارَةِ

- ‌ باب المياه والاجتهاد والأوانى

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الحَدَثِ

- ‌بَابُ الوُضُوءِ

- ‌بَابُ مَسْحِ الخُفِّ

- ‌بَابُ الغُسْلِ

- ‌بَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ النَّفْلِ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بِابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْعِيْدَيْنِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الكُسُوفَيْنِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ تَارِكِ الصّلَاةِ

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيْوَانِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ

- ‌بَابُ مَن تلزَمُهُ الزكاةُ وَمَا تجِبُ فيهِ

الفصل: ‌باب صلاة الاستسقاء

‌بَابُ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ

الاسْتِسْقَاءُ: هُوَ طَلَبُ السُّقْيَا وَهُوَ أَنْوَاعٌ، أَدْنَاهُ الدُّعَاءُ بِلَا صَلَاةٍ وَلَا خَلْفَ صَلَاةِ، وَأَوْسَطُهُ الدُّعَاءُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَأفْضَلُهُ الاسْتِسْقَاءُ بِرَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي.

هِيَ سُنَّةٌ، أى للاتباع غير واجبة لقصة الأعرابي (767)، عِنْدَ الْحَاجَةِ، أي فلو انقطعت المياه ولم تمس إليها حاجة فلا تشرع، وتُسنُّ أيضًا للإستزادة على الأصح، وَتُعَادُ ثَانِيًا وَثَالِثًا، أي وأكثر كما صرح به الماوردي، إِنْ لَمْ يُسْقَوْا، لأن الله تعالى يُحِبُّ الْمُلِحِّين فِي الدُّعاء، قال أُصبغُ: استسقى للنيل بمصر خمسة وعشرون يومًا متوالية، وحضره ابن القاسم وابن وهب وغيرهما، فَإِنْ تَأَهَّبُواْ لِلصَّلَاةِ فَسُقُواْ قَبْلَهَا اجْتَمَعُواْ لِلشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ، قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (768)، وَيُصَلُّونَ، أي شكرًا، عَلَى الصَّحِيحِ، كما يجتمعون ويدعون، والثاني: لا، لأنها لم تُفعل إلّا عند الحاجة وصحَّحهُ ابن الصلاح وقطع الأكثرون بالأول.

(767) عن أنسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَامَ أَعْرَابِيٌّ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلَكَ الْمَالُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ الله لَنَا أَنْ يَسْقِيْنَا. قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ. قَالَ: فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ. ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ. قَالَ: فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَفِي الْغَدِ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيْهِ إِلَى

الْجُمُعَةِ الأُخْرَى. فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ الله لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَقَالَ:[اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا].

قَالَ: فَمَا جَعَلَ يُشِيْرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَاّ تَفَرَّجَتْ، حَتَّى صَارَتِ الْمَدِيْنَةُ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ، حَتَّى سَالَ الْوَادِي - وادي قناة - شَهْرًا، قَالَ: فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ). رواه البخاري في الصحيح: كتاب الاستسقاء: الحديث (1033).

(768)

إبراهيم / 7. {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.

ص: 403

فَرْعٌ: مَن نذرَ أن يستسقي فَسُقِيَ، قال الشافعيُّ فِي الأُمِّ: عليه أن يستسقي لنفسه؛ فإن لم يفعل؛ فعليه القضاءُ وليس عليه الخروج بالناس لأنه لا يملكهم، ويستحب أن يخرج بمن أطاعه منهم (769).

وَيَأْمُرُهُمُ الإِمَامُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوَّلًا، لأنه مَعُونَةٌ على رياضة النفس وخشوع القلب، ويجب عليهم الصوم والحالة هذه، كما صرح به المصنف فِي فتاويه، وحكى ابن التلمساني خلافًا فِي أن فرض الكفاية هل يتعين على من يعيِّنه الإمام أم لا؟ ويبني عليه مطالبته بالكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ، وَالتَّوْبَةِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِوُجُوهِ الْبِرِّ، وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَظَالِمِ، لأنه أرجى للإجابة وقد يكون منع الغيث بسبب هذه الأمور؛ والخروج من المظالم من جملة التوبة، ونصَّ عليها لِعِظَمِ شأنها، وَيَخْرُجُونَ إِلى الصَّحْرَاءِ، تأسيًا به عليه الصلاة والسلام، قال الخفاف من قدماء أصحابنا فِي خصاله: إلّا بمكة وهو حسن، ولم أرَ من تعرض له سواهُ.

فَرْعٌ: عند المالكية حكاية خلاف فِي التكبير عند الخروج إلى الصحراء كالعيد، ولم أرهُ عندنا والظاهر منعه لعدم وروده هنا.

فِي الرَّابِعِ صِيَامًا، لأن دعاؤُه لا يُرد كما صححه ابن حبان (770)، فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ، وَتَخَشُّعٍ، لأنهُ عليه الصلاة والسلام خَرَجَ إِلَى الاِسْتِسْقَاءِ مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا، صححه الترمذي (771)، والبِذْلَةُ: بكسر الباء وإسكان الذال المعجمة ثِيَابُ

(769) الأم للشافعي: كتاب الاستسقاء: باب المطر قبل الاستسقاء: ج 1 ص 249.

(770)

عن أبى هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ]. رواه ابن حبان فِي الإحسان: كتاب الصوم: باب فضل الصوم: الحديث (3419). وعند الترمذي فيه: [وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا الله فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِيْنٍ] رواه الترمذي فِي الجامع: كتاب الدعوات: الحديث (3598)، وقال: هذا حديث حسن.

(771)

عن هشام بن إسحاق عن أبيه، قال: أَرسلني الوليد بن عقبة (وهو أمير المدينة) إلى ابن عباس أَسْأَلُهُ عَنِ اسْتِسْقَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ =

ص: 404

الْمِهْنَةِ، وَالتَّخَشُّعُ: التَّذَلُّلُ، وفي آداب الاستسقاء التي أفردها المصنف بالتأليف أنه يحترز الخارج عن الأمور المهوشة، فيقضى أشغاله قبل خروجه، ويقرب طهارته من خروجه لئلا يعرض له مدافعة الحدث، وينبغي أن يخفف غذاءَة وشرابه تلك الليلة، ويخرج من طريق ويرجع فِي أخرى وذكر أدابًا آخر، وَيُخْرِجُونَ الصِّبْيَانَ وَالشُّيُوخَ، لأن دعاءَهُمْ أسرعُ للإجابة، وَكَذَا الْبَهَائِمَ فِي الأَصَحِّ، لأنها تستسقي كما ورد، والثاني: يكره إخراجها، لأنه لم ينقل، وحكاه الماوردي عن الجمهور، والثالث: لا

يستحب ولا يكره وهو ظاهر نصه فِي الأُمِّ، وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْحُضُورَ، لأنهم مسترزقةٌ وقد يعجل دعاء الكافر استدراجًا له لكن، وَلَا يَخْتَلِطُونَ بِنَا، لأنهم ملعونون وربما كانوا سبب القحط واحتباسِ المطر.

وَهِيَ رَكْعَتَانِ كَالْعِيدِ، أي فِي التكبيرات والجهر والقراءة وغير ذلك، لَكِنْ قِيلَ: يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} ، لمناسبتها وفي الأولى {ق} ، والمنصوص أنه يقرأ فيها ما يقرأ فِي العيد، وَلَا تَخْتَصُّ، أى صلاة الاستسقاء، بِوَقْتِ الْعِيدِ فِي الأَصَحِّ، لأنها لا تختص بيوم فكذا وقتها، والثاني: نعم للاتباع، وقطع الأكثرون بالأول، وَيَخْطُبُ، للأتباع، كَالْعِيدِ، قياسًا، قال البندنيجي: وتكفي واحدة، لَكِنْ

يَسْتَغْفِرُ الله تَعَالَى بَدَلَ التَّكْبِيرِ، لأنه أليق بالحال منه؛ لأن الله تعالى وعد بإرسال المطر عنده، وَيَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ الأُوْلَى:[اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلِّلًا سَحًّا طَبَقًا دَائِمًا، أي إلى انقضاء الحاجة فإن دوامَهُ عذابٌ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا فَأَرْسِلِ السَّماَءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا]، للأتباع (772)، وأهمل زيادة أخرى ذكرها الرافعي فِي

مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا، حَتَّى أَتَى الْمُصَلِّى، فَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيْرِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا كَانَ يصَلِّى فِي الْعِيِدِ) رواه الترمذي فِي الجامع: أبواب الصلاة: الحديث (558)، وقال: هذا حديث حسنٌ صحيح.

(772)

رواه الشافعي فِي الأُم: كتاب الاستسقاء: باب الدعاء فِي خطبة الاستسقاء: ج 1 =

ص: 405

الْمُحَرَّرِ وهي واردة فِي الحديث المذكور، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بَعْدَ صَدْرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، أي وهو نحو ثلثها، فإذا فرغ من الدعاء استقبل الناس وأتى بباقي الخطبة وقال: أستغفر الله لي ولكم، وَيُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ سِرًّا وَجَهْرًا، لقوله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (773)، ويجعل ظهر كفه إلى السماء للتأسي.

وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ فَيَجْعَلُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ وَعَكْسُهُ، للاتباع، كما رواه أبو داود (774) ويُكره تركه كما قاله العجلي، وَيُنَكِّسُهُ عَلَى الْجَدِيدِ فَيَجْعَلُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَعَكْسَهُ، لأنه عليه الصلاة والسلام هَمَّ به فثقلت عليه الخميصة فقلبها على عاتقه كما صححه ابن حبان والحاكم (775)، والقديم أنه لا يستحب، ومحل الخلاف فِي المربع، أما المدور فلا يستحب التنكيس بل يقتصر على التحويل قطعًا، والحكمةُ فِي كل ذلك التفاؤل بتغير الحال إلى الخصبِ والسَّعةِ.

وَيُحَوِّلُ النَّاسُ مِثْلَهُ، للاتباع كما رواه أحمد (776) وَيُنَكِّسُواْ أيضًا. قُلْتُ: وَيُتْرَكُ

ص 251: عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قال: [الحديث].

(773)

الأعراف / 55. {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

(774)

عن عبد الله بن زياد؛ قال: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي، وَأَنَّهُ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُو اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ). رواه أبو داود فِي السنن: كتاب الصلاة: الحديث (1166).

(775)

عن عباد بن تميم عن عَمِّهِ (وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: (اسْتَسْقَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ خَمِيْصَةً سَوْدَاءَ فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلهُ أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ). رواه ابن حبان فِي الإحسان: الحديث (2856). والحاكم فِي المستدرك: كتاب الاستسقاء: الحديث (1221/ 7)، وقال: قد اتفقا على إخراج حديث عباد بن تميم ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وهو صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.

(776)

عن عبد الله بن زيد قال: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِيْنَ اسْتَسْقَى لَنَا أَطَالَ الدُّعَاءَ، وَأَكْثَرَ الْمَسْأَلَةَ). قال: (ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الْقِبْلَهِ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَقَلَبَهُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ وَتَحَوَّلَ النَّاسُ مَعَهُ). رواه الإمام أحمد فِي المسند: ج 4 ص 41 وإسناده صحيح.

ص: 406

مُحَوَّلًا حَتَّى يَنْزَعَ الثَّيَابَ، لأنه لم ينقل أنه عليه الصلاة والسلام غيَّر رداءه بعد التحويل، وَلَوْ تَرَكَ الإِمَامُ الاِسْتِسْقَاءَ فَعَلَهُ النَّاسُ، إقامة لشعارها لكن قيَّده فِي الأُم بخلو الأمصار من الولاة، وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ، للأتباع كما رواه أبو داود (777).

وَيُسَنُّ أَنْ يَبْرُزَ، أي يظهر، لأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ وَيَكْشِفَ غَيْرَ عَوْرَتِهِ لِيُصِيبَهُ، وَأَنْ يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ فِي السَّيْلِ، للاتباع (778)، وَيُسَبِّحَ عِنْدَ الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ، وَلَا يُتْبِعَ بَصَرَهُ الْبَرْقَ، لأثر فِي ذلك خلا البرق فلم أرَ له مستندًا (779)، وَيَقُولُ عِنْدَ الْمَطَرِ: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، للاتباع (780)، وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ، لأنه يستجاب الدعاء إذ ذاك، وَبَعْدَهُ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَيُكْرَهُ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، للتوعد عليه فِي الصحيح (781)، ولا يكره فِي نَوِّ كذا، وَسَبُّ الرِّيحِ،

(777) هو حديث ابن عباس المتقدم فِي الرقم (771): رواه أبو داود فِي السنن: كتاب الصلاة: باب جماع أبواب صلاة الاستسقاء: الحديث (1165).

(778)

لحديث أنس رضي الله عنه قال: (أَصَابَنَا مَطَرٌ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ الْمَطَرُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: [لأَنَّهُ حَدِيْثُ عَهْدٍ بِرَبَّهِ]). رواه مسلم فِي الصحيح: الحديث (13/ 898).

(779)

* أما التسبيح؛ فلحديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيْثَ وَقَالَ:(سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيْفَتِهِ). رواه الإمام مالك فِي الموطأ: فِي كتاب الكلام: باب القول إذا سمعت الرعد: الحديث (26) من الكتاب: ج 2 ص 922 وإسناده صحيح.

* أما لا يتبع بصره البرق؛ فلحديث عروة بن الزبير رضي الله عنهما، قال:(إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الْبَرْقَ أَوِ الْوَدْقَ فَلَا يُشِرْ إِلَيْهِ وَلْيَصِفْ وَلْيَنْعَتْ). رواه الإمام الشافعي فِي الأُم: باب الإشارة إلى المطر: ج 1 ص 253.

(780)

لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: إِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: [اللَّهُمَّ صَيْبًا نَافِعًا]. رواه البخاري فِي الصحيح: كتاب الاستسقاء: الحديث (1032).

(781)

عن زيد بن خالد الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَثَرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ؛ فَقَالَ: [هَلْ =

ص: 407

لِلنَّهْيِ عَنْهُ صححه ابن حبان (782).

وَلَوْ تَضَرَّرُواْ بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُواْ الله تَعَالَى رَفْعَهُ: [اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا]، وَلَا يُصَلِّي لِذَلِكَ، وَالله أَعْلَمُ، لحديث أنس فِي ذلك فِي الصحيحين (783) قال فِي شرح مسلم: ولا يشرع لذلك اجتماع فِي الصحراء (784).

وفي معنى ذلك مكثُ نِيْلِ بَلَدِنَا مِصْرَ حَمَاهَا الله تعالى، وقد اتفق ذلك فيها فِي خامس ذى الحجة من سنة ستين وسبعمائة أُمِرَ النَّاسُ بالخروج إلى الصحراء لاستهباطه، ولا أعلم وقوع مثل ذلك فِي بلدنا، وكان جاوز فِي هذه السنة تسعة عشر ذراعًا بأصابع بلغني أنها ستة، ثم اتفق ثباته إلى أول يوم من هَتْوَرِ وهو خامس ذي الحجة، ثم حصل هبوط من حينئذ ولله الحمد، ثم فِي سنة إحدى وستين حصل

نحو ذلك وعقبه وباءٌ شديدٌ، ولله الحمد على زواله، وفي سنة ثلاث وسبعين فِي خامس عشر ربيع الآخر أمر الناس بالاجتماع فِي جامع مصر وبعده بيوم بجامع الأزهر فكان بلغ ستة عشر من عشرين.

فَرْعٌ: لو نذرَ صلاة الاستسقاء لأهل ناحية بُلُوا بالجدْبِ؛ والناذر من أهل الخصب؛ فهل يلزمه الوفاء بالنذر؟ فيه تردد فِي كلام الأئمة ذكره العجليُّ.

تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربُّكُمْ؟ ] قَالُواْ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:[أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ؛ فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوَاكِبِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنُّ بِاَلْكَوَاكِبِ].

رواه البخاري فِي الصحيح: الحديث (1038).

(782)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: [الرَّيْحُ مِنْ رَوْحِ اللهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأَتِي بِالْعَذَابِ، فَلَا تَسُبُّوهَا، وَسَلُواْ الله خَيْرَهَا وَاسْتَعِيْذُواْ مِنْ شَرِّهَا]. رواه ابن حبان فِي الإحسان: الحديث (1003).

(783)

تقدم أول الباب فِي الرقم (767).

(784)

قال: (وفي هذا الحديث استحباب طلب انقطاع المطر على المنازل والمرافق إذا كثر وتضرروا به، ولكن لا يشرع له صلاة ولا اجتماع فِي الصحراء): المنهاج شرح صحيح مسلم: شرح الحديث (8/ 897): ج (5 - 6) ص 336.

ص: 408