الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صَلَاةِ الْعِيْدَيْنِ
قَالَ الله تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (727)، قِيْلَ: الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ صَلَاةُ عِيْدِ النَّحْرِ؛ وَبِالنَّحْرِ الأُضْحِيَّةُ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَوْدِ.
هِيَ سُنَّةٌ، لمواظبته عليه الصلاة والسلام عليها، غير واجبة لحديث الأعرابي الصحيح:[هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا؛ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ](728)، وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ، لأنها من شعائر الإسلام كرَدِّ السَّلامِ، ويُستثنى من ذلك الحاج بِمِنَى فإنه لا يخاطب بالعيد، نص عليه كما نقله الماوردي في كتاب الحج.
وَتُشْرَعُ جَمَاعَةً، بالإجماع، وَلِلْمُنْفَرِدِ؛ وَالْعَبْدِ؛ وَالْمَرْأَةِ؛ وَالْمُسَافِرِ، كسائر النوافل، وَوَقْتُهَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ، لخروج وقت الكراهة، وإن كان لها سبباً، ويقتضي كلام المصنف الفوات إذا شهدوا بالرؤية بعد الزوال يوم الثلاثين وعدلوا بعد الغروب، وقلنا الْعِبْرَةُ بالتعديل وهو الأصح، وليس كذلك بل يصلي من الغد أداءً
(727) الكوثر / 2. قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: (وقالَ أخرونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ: صَلِّ يَوْمَ النَّحْرِ صَلَاةَ الْعِيْدِ، وَانْحَرْ نُسُكَكَ. وأسند عن أنس بن مالكٍ، قَالَ:[كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْحَرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّي ثُمَّ يَنْحَرَ]: في جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ج 15 ص 423: النص (29540).
(728)
لحديث طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ؛ حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلَامِ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ] فَقَالَ: هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: [لَا؛ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الإيمان: باب الزكاة من الإسلام: الحديث (46). ومسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: باب بيان الصلوات: الحديث (8/ 11).
وَهِيَ رَكْعَتَانِ، بالإجماع (729)، يُحْرِمُ بِهِمَا، أي بِيِنَّةِ صلاةِ العيدِ، ثُمَّ يَأْتِي بِدُعَاءِ الاِفْتِتَاحِ، كسائر الصلوات، ثُمَّ سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ، لأنه عليه الصلاة والسلام كَبَّرَ في العيدين الأضحى والفطر ثنتى عشرة تكبيرة في الأُوْلى سَبْعاً وفي الاخرة خَمْساً سوى تكبيرة الإحرام، رواه الدارقطني وصححه البخاري (730).
فَرْعٌ: لو صلى خلف من يكبّر ثلاثاً أو ستاً تابعه على الأظهر لئلا يخالفه.
يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ كَآيَةِ مُعْتَدِلَةٍ، يُهَلِّلُ؛ وَيُكَبِّرُ؛ وَيُمَجِّدُ، لأثر فيه في البيهقي عن ابن مسعود بنحوه بسند جيد (731)، قال المصنف في شرح مسلم: وجمهور العلماء على أن هذه التكبيرات ولاءً، خلافاً لعطاء والشافعي وأحمد (732).
(729) لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ قال: [صَلَاةُ الأَضْحَى رَكْعَتَانِ؛ وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ؛ وَصَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ؛ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ؛ تَمَامٌ لَيْسَ بِقَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم] رواه النسائي في السنن: كتاب العيدين: عدد صلاة العيدين: ج 3 ص 183. وفي الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: صلاة الجمعة: الحديث (2772). وإسناده صحيح.
(730)
عن عمرو بن شعيب عن أبيهِ عن جَدِّهِ [أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيْدَيْنِ الأَضْحَى وَالْفِطْرِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيْرَةً؛ فِي الأُوْلَى سَبْعاً وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْساً سِوَى تَكْبِيْرَةِ الإِحْرَامِ] رواه الدارقطني في السنن: كتاب العيدين: الحديث (20): ج 2 ص 47 - 48. والبيهقي
في السنن الكبرى: كتاب صلاة العيدين: باب التكبير في صلاة العيدين: الحديث (6263)، وقال: قال أبو عيسى: سألت البخاري عن هذا الحديث؛ فقال: هو صحيح. قُلْتُ: قاله الترمذي في العلل الكبرى: باب في التكبير في العيدين: ج 1 ص 288.
(731)
السنن الكبرى للبيهقي: كتاب صلاة العيدين: باب يأتي بدعاء الافتتاح عقيب تكبير الافتتاح ثم يقف بين كل تكبرتين يهلل الله تعالى: الأثر (6278)، قال عبد الله:(تَبْدَأُ فَتُكَبَّرُ تَكْبِيْرَةً تَكْبِيْرَةً بِهَا الصَّلَاةَ، وَتَحْمَدُ رَبَّكَ وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ). وروى عن عطاء أنه قال: (يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيْرَةٍ؛ ثُمَّ يَمْكُثُ هُنَيْهَةً، ثُمَّ يَحْمَدُ الله وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يُكَبِّرُ) يعني في العيد: الأثر (6281).
(732)
عبارة الإمام النووى رحمه الله كما في شرح مسلم: ج (5 - 6) ص 429 - 430: قال:
=
وَيَحْسُنُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَالله أَكْبَرُ، هذا ما ذكره الجمهور، وهى الباقيات الصالحات على قول ابن عباس وجماعة (733)، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ لأنه استفتاح للقراءة فلتكن عَقِبَهَا، وَيَقْرَأُ، أي الفاتحة كما في سائر الصلوات، وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ خَمْساً، أي سوى تكبيرة القيام، قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، للحديث السالف (734)، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْجَمِيعِ، لحديث مرسل وأثر عن عمر رضي الله عنه منقطع ضعيف (735).
فَرْعٌ: يُسَنُّ أَنْ يَضَعَ يُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ بين كُلِّ تكبيرتين على الأصح.
(وجمهور العلماء يرى هذه التكبيرات متواليةً متصلةً، وقال عطاءُ والشافعيُّ وأحمدُ يُستحبُّ بين كُلِّ تكبيرتين ذكر الله تعالى وروى هذا أيضاً عن ابن مسعود رضي الله عنه). إهـ.
(733)
عن عطاء وسعيد بن جبير؛ عن ابن عباس؛ في قوله تعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} [الكهف / 46] قال: (سُبْحَانَ اللهِ؛ وَالْحَمْدُ للهِ؛ وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله؛ وَالله أَكْبَرُ) رواه الطبري في جامع البيان: النص (17406).
(734)
حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، تقدم في الرقم (653). قُلْتُ: ولحديث كثير ين عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيْدَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ الأُوْلَى بِسَبْعِ تَكْبِيْرَاتٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسَ تَكْبِيْرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ) رواه الترمذي في الجامع: أبواب الصلاة: ما جاء في التكبير في العيدين: الحديث (536). وقال: حديث جدِّ كثير حديث حسن، وهو أحسن شيء في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي العلل الكبير: ج 1 ص 288؛ قال الترمذي: سألت مُحَمَّداً عن هذا الحديث، فقال: لَيْسَ فِي الْبَابِ شَيْءٌ أَصَحُّ مِنْ هَذَا وَبِهِ أَقُولُ. إ. هـ.
(735)
• أما الحديث فعن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:(كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ، حَتَّى إِذَا كَانَتَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ؛ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَهُمَا كَذَلِكَ، وَرَكَعَ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ رَفَعَهُمَا حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ؛ ثُمَّ قَالَ: [سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ] ثُمَّ يَسْجُدُ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ، وَيْرْفَعُهُمَا فِي كُلِّ تَكْبِيْرَةٍ يُكَبِّرُهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ، حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاتُهُ) رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب صلاة العيدين: الحديث (6280).
• أما الأثر، عن بكرة بن سوادة (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ
تَكْبِيْرَةٍ فِي الْجِنَازَةِ وَالْعِيْدَيْنِ) رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب صلاة العيدين: باب رفع اليدين: الأثر (6281)، وقال: هذا منقطع.
وَلَسْنَ، أي هذه التكبيرات الزائدة، فَرْضًا وَلَا بَعْضًا، أى فلا سجود بتركهن عمدًا أو سهوًا، نعم يُكْرَهُ تركهُنَّ أو ترك واحدة منهن والزيادة فيهن نصَّ عليه، وَلَوْ نَسِيَهَا، أى التكبيرات، وَشَرَعَ فِي القِرَاءَةِ فَاتَتْ، لأن محلها قبل القراءه، فلو عاد لم تبطل صلاته والظاهر أن العمد كالنسيان، وَفِي الْقَدِيمِ يُكَبَّرُ مَا لَمْ يَرْكَعْ، لبقاء القيام، وهو محله فإن ركع مضى في صلاته ولم يكبِّر، فإن عاد بطلت صلاته
جزمًا، قاله الرافعي ولعله مع العلم، أما الجاهل فيعذر.
وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الأُوْلَى {ق} وَفِي الثَّانيةِ {اقْتَرَبَتْ} بِكَمَالِهِمَا، اقتداء به صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم (736)، وثبت فيه أيضًا أنه قرأ فيهما {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (737) قال في الروضة: وهو سُنَّة أيضًا، جَهْرًا، بالإجماع (738).
(736) عن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِا اللهِ بْنِ عُتْبَةَ: (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهِ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى؟ قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيْدِ} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}. رواه مسلم في الصحيح: كتاب صلاة العيدين: الحديث (14 و 15/ 891). والترمذي في الجامع الصحيح: أبواب الصلاة: باب في القراءة في الأضحى والفطر: الحديث (534)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه البيهقي موصولًا في السنن الكبرى: كتاب صلاة العيدين: باب القراءة في العيدين: الحديث (6284).
(737)
عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيْرٍ قالَ: (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْعِيْدَيْنِ وَفِي الْجُمْعَةِ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَيَقْرَأُ
بِهِمَا). رواه مسلم في الصحيح: كتاب الجمعة: باب ما يقرأ في صلاة الجمعة: الحديث (62/ 878). والترمذي في الجامع: أبواب الصلاة: الحديث (533)، وقال: حديث حسنٌ صحيح.
(738)
لِمَا جَاءَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: (الْجَهْرُ فِي صَلَاةِ الْعِيْدَيْنِ مِنَ السُّنَّةِ،
وَالْخُرُوجُ فِي الْعِيْدَيْنِ إِلَى الْحَبَّانَةِ مِنَ السُّنَّةِ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب صلاة العيدين: باب الجهر بالقراءة: الأثر (6288).
وَيُسَنُّ بَعْدَهُمَا خُطْبَتَانِ، اقتداءً به صلى الله عليه وسلم وبالخلفاء الراشدين فإنهم خطبوا بعدها،
والمعتمد في التكرار القياس على الجمعة (739).
أَرْكَانُهُمَا كَهِيَ فِي الْجُمْعَةِ، أي كما بيناها في بابها، ولا يجب القيام هنا على الأصح، وَيُعَلِّمُهُمْ فِي الْفِطْرِ الْفِطْرَةَ وَفِي الأَضْحَى الأُضْحِيَةَ، أى يذكر من أحكامهما ما تعم الحاجة إليه لأنه لائق بالحال، يَفْتَتِحُ الأُوْلَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ، تكبيرات، وَلَاءً، لقول بعض التابعين أنه من السُّنَّة وهو موقوف على الأصح (740)، قال الإمام: وتُشبه الخطبتين بصلاة العيد، فإن الركعة الأُولى تشمل على سبع تكبيراتٍ مع تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، وفي الثانية خمس تكبيرات مع تكبيرة القيام
والركوع، وهذه التكبيرات ليست من نفس الخطبة، وإنما هي مقدماتها نص عليه.
وَيُنْدَبُ الغُسْلُ، كالجمعة، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ، كما في الأذان للصبح، وَفِي قَوْلِ بِالْفَجْرِ، كالجمعة والفرق ظاهر، وَالتَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنُ كَالْجُمُعَةِ، وَفِعْلُهَا بِالْمَسْجِدِ أَفْضَلُ، أي عند اتساعه؛ لأنه أفضل، وإنما خرج صلى الله عليه وسلم إلى الصحراء لضيق مسجده، وَقِيلَ بِالصَّحْرَاءِ، تأسيًا به عليه الصلاة والسلام (741)، إِلَاّ لِعُذْرٍ، أي
(739) عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: (شَهِدْتُ الْعِيْدَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم؛ فَكُلُّهُمْ كَانُواْ يُصَلُّونَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ). رواه البخاري في
الصحيح: كتاب العيدين: الحديث (962). وعن ابن عمر رضى الله عنهما: (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُواْ يُصَلُّونَ الْعِيْدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ) رواه البخاري في الصحيح: باب الخطبة بعد العيد: الحديث (963). ومسلم في الصحيح: كتاب صلاة العيدين: الحديث (8/ 888).
(740)
عن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بن مَسْعُودٍ أنَّهُ قَالَ: (مِنَ السُّنَّةِ تَكْبِيْرُ الإِمَامِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى حِيْنَ يَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ تِسْعَ تَكْبِيْرَاتٍ، وَسَبْعًا حِيْنَ يَقُومُ، ثُمَّ يَدْعُو، وَيُكَبِّرُ بَعْدُ مَا بَدَا لَهُ) رواه البيهقي في السنن الكبرى: باب التكبير في الخطبة بعد العيدين: الأثر (6308).
(741)
• عن عُثْمَانِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ قَالَ: مُطِرْنَا فِي إِمَارَةِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى =
كمطر وغيره؛ لأنه عليه الصلاة والسلام صلَّى بِهِمْ فِي مَسْجِدِهِ يَوْمَ عِيْدٍ لأَجْلِ الْمَطَرِ، رواه أبو داود والحاكم وقال: صحيح الإسناد (742)، واعلم أنه استثنى من ذلك مسجد مكة شَرَّفَهَا الله تعالى لسعته وفضله، وأَلْحَقَ الصيدلاني وجماعة به الصلاة في المسجد الأقصى وسكت عنه الجمهور.
وَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِالضَّعَفَةِ، يعني عند خروج الإمام إلى الصحراء اقتداءً بعلي كرَّم الله وجهه (743)، وَيَذْهَبُ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي أُخْرَى، اقتداءً به عَلَيْهِ
الْمَدِينَةِ مَطَرًا شَدِيْدًا لَيْلَةَ الْفِطْرِ، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى الْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلِّى فِيْهِ الْفِطْرَ وَالأَضْحَى، ثُمَّ قَالَ لِعَبْدِ الله بن عَامِرٍ بن رَبِيعَةَ: قُمْ فَأَخْبِرِ النَّاسَ مَا أَخْبَرْتَنِي، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بن عَامِر:(إِنَّ النَّاسَ مُطِرُواْ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَامْتنَعَ النَّاسُ مِنَ الْمُصَلَّى، فَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِهِمْ، ثُمَّ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: يَا أَيَّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّي يُصَلَّي بِهِمْ لأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِمْ وَأَوْسَعُ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ لَا يَسَعُهُمْ، قَالَ: فَإِذَا كَانَ هَذَا الْمَطَرُ فَالْمَسْجِدُ أَرْفَقُ). رواه البيهقى في السنن الكبرى: كتاب صلاة العيدين: باب صلاة العيد في المسجد: الحديث (6350).
• أما أنه في الصحراء تأسيًا به عليه الصلاة والسلام؛ لخبر بكر بن مبشر الأنصاري؛ قال: (كُنْتُ أَغْدُو مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى، فَنَسْلُكُ بَطْنَ بَطْحَان حَتَّى نَأْتِيَ الْمُصَلِّي فَنُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ نَرْجِعُ مِنْ بَطْنِ بَطْحَان إِلى بُيُوتِنَا). رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب إذا لم يخرج الإمام للعيدين من يومه: الحديث (1158).
(742)
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ (أَنَّهُ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيْدٍ، فَصَلِّى بِهِم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعِيْدِ فِي الْمَسْجِدِ). رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: الحديث (1160).
والحاكم في المستدرك: كتاب صلاة العيدين: الحديث (1094/ 7)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي قال: على شرطهما.
(743)
عَنْ هُزيْلٍ؛ (أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُصَلِّيَ بضَعَفَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ، يَوْمَ الْفِطْرِ أَوِ الأَضْحَى، وَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا) ومعنى أن يصلى أربعًا؛ ما جاء عن ابن المعتمر (أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه، قَالَ: صَلُّواْ يَوْمَ الْعِيْدِ فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، رَكْعَتَانِ لِلسُّنَّةِ وَرَكْعَتَانِ =
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كما رواه البخاري وغيره (744)، والأصح في سببه: أنه كان يذهب في أطول الطريقين، ويَرجع في أقصرهما، لأَنَّ الذهاب أفضل من الرجوع، ويقال: إنه ما مَرَّ من طريق إلّا وتفوح منها رائحة المسك، وقيل: فعل ذلك لتشهد له البقاع، فقد روي:[منْ مَشَى فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ شَهِدَتْ لَهُ الْبِقَاعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ](745)، قال الماوردي: في معنى شهادة البقاع تأويلان، الأول: أن الله تعالى ينطقها بذلك، والثاني: أن الشاهد أهلها لقوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} (746).
وقال ابن أبي حمزة في اقليد التقليد: هذا الحديث هو معنى قول يعقوب لبنيه: {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} (747).
فَرْعٌ: سائر العبادات كالجمعة، والصلاة وغيرها يُستحب الذهاب إليها في طريق والرجوع في أخرى، نبّه عليه المصنف في رياضه.
وَيُبَكِّرُ النَّاسُ، ليحصل القرب من الإمام، وَيَحْضُرُ الإِمَامُ وَقْتَ صَلَاتِهِ، لظاهر حديث أبي سعيد في الصحيحين (748)، وَيُعَجِّلُ، إلى الخروج، فِي الأَضْحَى، للأمر
لِلْخُرُوجِ) ووجه الاستدلال عنده رضي الله عنه، مِن جهة التنفيذ، عن الحارث الأعور رضي الله عنه قالَ: (مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ إلَى الْمُصَلَّى، قال: وَالْخُرُوجُ يَوْمَ الْعِيْدَيْنِ مِنَ السُّنَّةِ، وَلَا
يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ إِلَاّ ضَعِيْفٌ أَوْ مَرِيْضٌ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب صلاة العيدين: باب الإمام يأمر من يصلي بضعفة الناس: الأثر (6351 - 6353).
(744)
لحديث جابر رضي الله عنه قال: [كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمَ عِيْدٍ خَالَفَ الطَّرِيْقَ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب العيدين: باب من خالف الطريق: الحديث (986).
(745)
نقله الماوردي في الحاوي الكبير: كتاب الصلاة: باب القول في تكبير العيدين: ج 2 ص 496.
(746)
الدخان / 29. وينظر قول الماوردي في الحاوي الكبير: كتاب الصلاة: باب القول في تكبير العيدين: ج 2 ص 496.
(747)
يوسف / 67.
(748)
لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: [كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّي؛ فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ؛ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ الْقَوْمِ =
به، قال الماوردي في الإقناع: والاختيار أن يصلِّي الأضحى إذا مضى من النهار سُدُسُهُ وفي الفطر رُبُعُهُ (749). قُلْتُ: وَيَأْكُلُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، ويُمْسِكُ فِي الأَضْحَى، للاتباع؛ والفرق لائح، وفي الصحيح [أَنَّهُ عليه السلام كَانَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمْرَاتٍ وِتْرًا] (750) قال الداودي: إنما استحب الفطر على التمر، لأن النخلة ممثلة بالمسلم، ولأنه قيل: إنها الشجرة الطيبة.
وَيَذْهَبُ مَاشِيًا بِسَكِينَةٍ، كالجمعة، وَلَا يُكْرَهُ النَّفْلُ قَبْلَهَا لِغَيْرِ الإِمَامِ، وَالله أَعْلَمُ، لأن أنَسًا وغيره كانوا يصلون يوم العيد قبل خروج الإمام كما رواه البيهقي (751)، أما الإمام فيكره له التنفل مطلقًا لأنه متبوع.
فَرْعٌ: دخل المسجد والإمام يخطب صلى العيد لا التحية في الأصح، وصحح صاحب البيان مقابله، وهذا إذا فرعنا على الأصح، بأن المنفرد يصلي العيد كما جزم به المصنف، وموضع الخلاف إذا اتسع وقت العيد وإلا فلا صلَاة قطعًا قاله صاحبُ الْمُعِيْنِ.
فَصْلٌ: يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَي الْعِيدِ فِي الْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ
فَيَعِظُهُمْ؛ وَيُوصِيْهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ. فَإِنْ كَانَ يُرِيْدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب العيدين: باب الخروج إلى المصلي بغير منبر: الحديث (956). ومسلم في الصحيح: كتاب صلاة العيدين: الحديث (9/ 889).
(749)
الإقناع في الفقه الشافعي للماوردي: ص 54.
(750)
الحديث عن أنس قال: (كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمْرَاتٍ).
رواه البخاري في الصحيح: كتاب العيدين: الحديث (953)، وفي رواية له تعليقًا: عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: [وَيَأَكُلُهُنَّ وِتْرًا].
(751)
عن أيوب، قال:(رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَجِيْءُ يَوْمَ الْعِيْدِ، فَيُصَلِّي قَبْلَ خُرُوجِ الإِمَامِ).
رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب صلاة العيدين: باب المأموم يتنفل قبل صلاة العيد وبعدها في بيته والمسجد وطريقه والمصلى وحيث أمكنه: الأثر (6322).
وَالْمَسَاجِدِ وَالأَسْوَاقِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ، أما في عيد الفطر فلقوله تعالى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} أي عدة صوم رمضان {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (752) عند إكمالها، وأما في عيد الأضحى فالقياس على الفطر، وقال الماوردي: إنه إجماع.
فَرْعٌ: المرأةُ لا ترفع الصوت وكذا الخنثى فيما يظهر.
وَالأَظْهَرُ إِدَامَتُهُ حَتَّى يُحْرِمَ الإِمَامُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ، لأن الكلام يباح إلى تلك الغاية، والتكبير أَولى ما يشتغل بهِ، فإنه ذِكْرُ اللهِ تعالى وشعارُ اليوم، والثاني: إلى أن يخرج الإمام إلى الصلاة لاشتغالهم بالتَّأَهُّبِ حينئذ، وَلَا يُكَبِّرُ الْحَاجُّ لَيْلَةَ الأَضْحَى بَلْ يُلَبِّي، لأنها شعاره، وَلَا يُسَنُّ، أي التكبير المقيد، لَيْلَةَ الْفِطْر عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فِي الأَصَحِّ، لأنه لم ينقل، ولو شرع لَفُعِل ونُقِلَ، والثاني: يُسن كالأضحى؛ فيكبر
خلف المغرب والعشاء والصبح، ونقله البيهقي في كتابه فضائل الأوقات عن نص الشافعي، وأنه استدل بالآية السالفة، وجزم به المصنف في الأذكار (753).
وَيُكَبِّرُ الْحَاجُّ مِنْ ظُهْرِ النَّحْرِ، لأن شعارهم التلبية، وإنما يتركونها بالتكبير مع أول حصاة يرمونها يوم النحر، والظهر أول الصلاة ينتهون إليها من وقت قطع التلبية، وَيَخْتِمُ بِصُبْحِ آخِرِ، أيام، التَّشْرِيقِ، لأنه آخر صلاة يصلونها بمنى، وَغَيْرُهُ كَهُوَ، أى غيرُ الحاجِّ كالحاجِّ، فِي الأَظْهَرِ، تبعًا لهم، وَفِي قَوْلٍ: مِنْ مَغْرِبِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، كما أن في عيد الفطر يبتدي بالتكبير عقيب الغروب، وَفِي قَوْلِ: مِنْ صُبْحِ
عَرَفَةَ، ويَخْتِمُ بِعَصْرِ آخِرِ التَّشْرِيقِ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا، اقتداء به صلى الله عليه وسلم كما رواه
(753)
الأذكار المنتخبه من كلام سيد الأبرار للإمام النووى: باب الأذكار المشروعة في العيدين: ص 155.
الحاكم وصحح إسناده وفيه نظر (754)، وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ لِلْفَائِتَةِ وَالرَّاتِبَةِ وَالنَّافِلَةِ، أي المطلقة لأنه شعار الوقت (755)، والثاني: لا، ويجعل ذلك من شعار الأداء والفرائض، والخلاف في الفوائت إذا قلنا: لا يُكبر للنوافل، أما إذا قلنا: يُكبرُ لها فيكبر هنا قطعًا، قاله في الحلية، والمراد هنا بالراتبة التابعة للفرائض وغيرها، وإن كان الأصح في غير هذا الباب الأول، وَصِيغَتُهُ الْمَحْبُوبَةُ:(اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَاّ الله وَالله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ كَبِيرًا، أي بعد التكبيرة الثالثة، وَالْحَمْدُ للهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وفي فضائل الأوقات للبيهقي بإسناده إلى أبي عثمان النَّهْدِيِّ قال: كان سلمانُ رضي الله عنه يعلمنا التكبير يَقُولُ: [كَبِّرُواْ الله بِقَوْلِ الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ كَبِيْرًا، أَوْ قَالَ: تَكْبِيْرًا، اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ صَاحِبَةٌ أَوْ يَكُونَ لَكَ وَلَدٌ أَوْ يَكُونَ لَكَ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ أَوْ يَكُونَ لَكَ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيْرًا اللَّهُمَّ أغْفِرْ لَنَا اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا](756).
فَائِدَةٌ: في هذا الكتاب أيضًا من حديث أنس رفعه، [إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ نَزَلَ جِبْرِيْلُ عليه السلام فِي كَبْكَبَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُصَلُّونَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ قَائِمٍ أَوْ قَاعِدٍ يَذْكُرُ الله
(754) عن أبي طفيل (عامر بن واثلة - صحابي توفي سنة اثنتين ومائة) عن عليٍّ وعمَّارٍ: (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْهَرُ فِي الْمَكْتُوبَاتِ بِبِسْمِ اللهِ الرُّحْمَنِ الرَّحيْمِ. وَكَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ؛ وَكَانَ يُكَبِّرُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيَقْطَعُهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيْقِ). رواه الحاكم في المستدرك: كتاب صلاة العيدين: الحديث (1111/ 24) هذا حديث صحيح الإسناد، ولا أعلمُ في رواته منسوبًا إلى الجرح، وقد روى في الباب عن جابر وغيره. قال الذهبي في التلخيص: بل خبَرٌ واهٍ كأنَّهُ موضوع.
(755)
قال النووى رحمه الله: اِعْلَمْ أَنَّ التكبيرَ مَشْروعٌ بعدَ كُلِّ صلاةٍ في أيَّامِ التَّكبير، سَوَاءً كانتْ فريضةً أو نَافلةً أو صلاةَ جنازةٍ، وسواءً كانت الفريضةُ مُؤَدَّاةٌ أو مقضيةٌ أو منذورةٌ) ينظر: الأذكار: باب الأذكار المشروعة في العيدين: ص 156.
(756)
رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب صلاة العيدين: باب كيف التكبير: الأثر (6375).
تَعَالَى، فَإذَا كَانَ يَوْمُ عِيْدِهِمْ يعني يَوْمَ فِطْرِهِمْ بَاهَى بِهِمْ مَلَائِكَتَهُ فَقَالَ: يَا مَلَائِكَتِي مَا جَزَاءُ أَجِيْرٍ وَفَّي عَمَلَهُ، قَالُوا: رَبَّنَا جَزَاؤُهُ أَنْ يُوَفَّى أَجْرَهُ، قَالَ: مَلَائِكَتِي عَبِيْدِي وَإِمَائِى قَضَوْا فَرِيْضَتِي عَلَيْهِمْ ثُمَّ خَرَجُواْ يَعُجُّونَ إِلَيَّ بِالدُّعَاءِ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكَرَمِي وَعُلُوِّي لأُجِيْبَنَّهُمْ، فَيَقُولُ: ارْجِعُواْ قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَبَدَّلْتُ سَيِّئَاتِكُمْ حَسَنَاتٍ. قال: فَيَرْجِعُونَ مَغْفُورًا لَهُمْ]، قال البيهقي: انفرد به أصرم بن حوشب الهمذاني بهذا الإسناد (757).
فَصْلٌ: وَلَوْ شَهِدُواْ يَوْمَ الثْلَاثِينَ قَبْلَ الزَّوَالِ بِرُؤْيَةِ الهِلَالِ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ أَفْطَرْنَا وَصَلَّيْنَا الْعِيدَ، لبقاء الوقت، وقَيَّدَ الرافعي ذلك بما إذا بقي من الوقت ما يمكن جمع الناس فيه وإقامة الصلاة (758)، وَإِنْ شَهِدُواْ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ تُقْبَلِ الشَّهَادَةُ، أي في صلاة العيد خاصة، أَوْ بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ أَفْطَرْنَا، وَفَاتَتِ الصَّلَاةُ، لخروج وقتها بالزوال، وَيُشْرَعُ قَضَاؤُهَا مَتَى شَاءَ فِي الأَظْهَرِ، أي في باقي اليوم وضحوة الْغَدِ وبعده متى اتفق كالفرائض إذا فاتت لا يتعين وقت قضائها، والثاني: لا يجوز تأخيرها عن الحادي والثلاثين؛ لجواز كونه عيدًا بأن يخرج الشهر كاملًا، بخلاف ما بعده من الأيام، وَقِيلَ: فِي قَوْلٍ: تُصَلِّى مِنَ الْغَدِ أَدَاءً، لأن الغلط في الهلال كثير فلا يفوت به هذا الشعار العظيم، يؤيده الوقوف في العاشر غلطًا، والأصح: أن العبرة
(757) أصرم بن حوشب الهمذانى؛ له ترجمة في لسان الميزان لابن حجر: ج 1 ص 460: الرقم (1424)؛ قال ابن حجر: هَالِك، وقال: قال يحيى: كَذَّابٌ خَبِيْثٌ، وقال البخاري ومسلم والنسائي: متروك الحديث، وقال الدارقطني: منكر الحديث. قلتُ: ويكاد يتفق الجميع على ضعفه. وكذبه.
(758)
عن أبي عُمَيْرٍ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، (أَنَّ رَكْباً جَاؤُوا إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُواْ مِنْ يَوْمِهِمْ، وَأَنْ يَخْرُجُواْ لِعِيْدِهِمْ مِنَ الْغَدِ) رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: الحديث (1157). والنسائي في السنن: في العيدين: باب الخروج إلى العيدين من الغد: ج 3 ص 180. والبيهقي في السنن الكبرى: الحديث (6376)، وقال: هذا إسنادٌ صحيح.