الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَن تلزَمُهُ الزكاةُ وَمَا تجِبُ فيهِ
مُرَادُهُ بِمَا تَجِبُ فِيْهِ: شُرُوطُهُ، وإلّا فَقَدْ بيَّن مَا تَجِبُ فِيْهِ الزكَاةُ فِيْمَا مَضَى.
شُرُوطُ وُجُوبِ زَكَاةِ المالِ، أي السالف ذكره؛ وهو الحيوان والنبات وجوهر النقدين والتجارة والمعدن والرِّكاز:
* الإسلَامُ، أى فلا تجبُ على كافر أصلِيّ؛ .بمعنى: أنه لا يطالَب بها في حال كفره، ولا بعد إسلامه، نعم: يعاقب عليها في الأخرى.
* وَالحُريةُ، أي فلا زكاة على قِنٍّ لعدم مِلْكِهِ، وَتلْزَمُ المرتد، أي إذا مضي عليه حول في الردة بعد ملك النصاب، إِن أبقَيْنَا مِلْكَهُ، ومؤاخذة له بحكم الإسلام، فإن قلنا أن ملكه زال، فلا، أو موقوف فموقوفة وهو الأصحُّ، أما إذا وجبت الزكاةُ ثم ارتد أُخِذَتْ مِنْ مَالِهِ على المشهورِ سواء أسلَمَ أو قُتِلَ، قاله في الكفاية؛ ونقل في شرح المهذب اتفاق الأصحاب عليه، دُون المُكاتبِ، لضعف ملكه.
وَتجِبُ في مالِ الصبي وَالمجنُون، لقوله صلى الله عليه وسلم:[ابتَغوا فِي مَالِ اليتيمِ أوْ فِي مَالِ اليَتَامَى لَا تُذْهِبُهَا أوْ تَستهلِكُهَا الصدَقَةُ] رواه الشافعى مرسلًا، وأكده بعموم الحديث المتصل في ايجاب الزكاة مطلقًا وبما روي عن الصحابة في ذلك (951)،
(951) رواه الشافعي رضي الله عنه بسنده عن يوسف بن ماهك؛ في الأُم كتاب الزكاة: باب الزكاة في أموال اليتامى: ج 2 ص 27 - 28. وهو مرسلٌ. وما روي عن الصحابة في ذلك؛ أسند الشافعي رضي الله عنه، عن عبد الله بن مُؤمل عنِ ابن أبى مليكة:(أن عَائشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تُحَلي بَنَات أخِتهَا بِالذهَبِ وكانتْ لَا تُخْرِجُ زَكَاتهُ) انفرد به الإمام الشافعي: ينظر: مسند الإمام الشافعي: النص (433). والنص (434) عن ابن عمر (أنهُ كَانَ يُحلِّي بناتهِ وَجوَارِيهِ بِالذهَبِ ثُم لَا يُخْرِجُ مِنْهُ الزكاةَ). ولكنى وجدتُ في كتاب الأم: عن نافع عن ابن عمر (أنهُ كَانَ يزكي مَالَ اليتيمِ) وبسنده أيضًا عن القاسم بن محمد قال: (كَانتْ عَائشَةُ رضىَ الله عَنهَا، تُزَكي أمْوَالَنَا وَإنهُ ليتحَرُ بِهَا =
والأصح أنها تجب عليهما والولي مخاطب بالأداء، قال القفال في فتاويه: والاحتياطُ لِقيمِ الصبِي إذا كان حنفيًا أن تحسب زكاته حتى يبلغ ليخيره؛ ولا يخرجها فيغَرِّمهُ الحاكمُ.
فَرْع: في المال المنسوب إلى الجنين بإرث أو وصية طريقان؛ والأصح: أنه لا زكاة فيه إذ لا ثقة بحياته.
وَكَذَا عَلَى مَنْ مَلَكَ بِبَعضِهِ الحر نَصَابًا في الأصَح، لتمام ملكه عليه؛ ولهذا قال الشافعى: يُكَفرُ كالموسر ويزكي فطرةَ حريتهِ، والثاني: لا؛ لنقصانه بالرق كالمكاتبه وعليه الأكثرون، وَفِي المغصُوبِ وَالضال وَالمجحودِ في الأظْهَرِ، لملك النصاب وتمام الحول، والثاني: لا، لامتناع النماء والتصرف، فأشبه مال المكاتب لا تجب فيه الزكاة على السيد، وقيل: إن عاد بنمائه كالسائمه وجبت وإلّا كالنقد فلا، وإنما يتجه الخلاف في المغصوب حيث لا يقدر على انتزاعه، فإن قدر دون ضرر. فالظاهر الوجوب قطعًا، لأن التقصير في نزعه منه.
فَرْعٌ: السرقة كالضال؛ وقد ذكره الرافعي في المُحَررِ وأسقطهُ المصنف، وكذا إذا وقع في بحر.
وَلَا يَجِبُ دَفعُهَا حَتى يَعودَ، أي المغصوب وغيره مما تقدم لعدم التمكن قبله؛ فيزكيه حينئذ للأحوال الماضية ما لم ينقص متعلق الزكاة عن النصاب بإخراج زكاة بعض الأحوال، وَالمشتَرَى قَبلَ قَبْضِهِ، أي تجب الزكاة فيه قطعًا إذا مضى عليه حول من يوم الشراء لتمكنه من قبض المبيع بِدَفْع الثَمَنِ، وَقِيلَ: فيهِ القَولَانِ، أي في المغصوب وغيره، وَتجِبُ فِي الِحال عَنِ الغائِبِ إِن قدر عَلَيهِ وإلّا، أي وإن لم يقدر عليه لانقطاع الطريق وانقطاع خبره، فَكمَغصُوبٍ، أي فيأتي فيه ما سلف.
وَالدّين إِن كاَن مَاشيَةً أو غَيْرَ لَازمٍ كَمالِ كتَابَةٍ فَلَا زكاَةَ، أما الماشية؛ فلأن
فِي البحرين): الأم: كتاب الزكاة: باب زكاة مال اليتيم الثانى: ج 2 ص 29 - 30، وقال الشافعي رضي الله عنه: وبهذه الأحاديث نأخذ.
السَّومَ شرط لِزَكَاتِهَا، وما في الذمة لَا يَتصفُ بِالسَّومِ، وأمَّا مال الكتابة؛ فلأن الملك غيرُ تامٍ فيهِ ولِلْعَبْدُ إسقاطه متى شاءَ، أَوْ عَرضًا أَوْ نَقْدًا فَكَذَا فِي الْقَدِيمِ، لأنه لا مِلكَ فيهِ حقيقةً فأشبهَ دَينَ المكاتب، وَفِي الْجَدِيدِ إِن كَان حَالا وَتعَذَّر أَخْذُهُ لإعْسَارٍ وَغَيْرِهِ، أي كَغَيبةٍ وَمَطلٍ وجحودٍ ولا بَيِّنَةَ، فَكمَغْصُوبٍ، أي ففيه الخلاف السالف، فلو كان مُقِرًّا لهُ في الباطنِ وَجَبَتِ الزكاةُ دونَ الإخْرَاج قطعًا قاله في الشامِلِ، قال: وكذا إذا كانت لهُ بَيِّنَة أو يَعْلَمُهُ الحاكمُ، وَإن تيسرَ، أي بأنْ كَانَ عَلَى مُقِرٍّ بَاذِلٍ، وَجَبَتْ تَزْكِيَتُهُ فِي الحَالِ، لأنه مقدور على قبضهِ فهو كالوَدِيْعَةِ، أَو مُؤَجلًا فالْمَذهَبُ أَنه كمَغْضوبٍ، أي فيعود الخلاف السالف فيه؛ لأنهُ لَا يَتَوَصلُ إِلَى التصَرُّفِ فِيْهِ قَبْلَ الْحُلُولِ، والطريق الثانى: القطعُ بالوجوبِ كالمالِ الغائبِ الذي يَسْهُلُ إحضارُهُ، والثالث: مقابله؛ لأن من له دَين مؤجَّلٌ لا يملك شيئًا قبل حلول الأجل كذا علله الرافعي، وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُهَا قَبلَ قَبْضِهِ، كالغائب الذي يسهل إحضاره، والأصح: لا، حتى يَقْبِضَهُ كالمغصوب، وَلَا يَمْنَعُ الديْنُ وُجُوبَهَا فِي أَظْهَرِ الأقْوَالِ، لإطلاق النصوص الواردة في الزكاة، والثاني: يمنع، لأن الزكاة حق يجب في الذمة بوجود مال، فمنع الدَّينُ وجوبه كالحج، فإذا قلنا بهذا فاعترف صاحب الدَّيْنِ به فالظاهر كما قال العجلي: تَصْدِيقُهُ كما نصدقُهُ بانقطاع الحولِ وغيره.
* وَالثالِثُ: يَمْنَعُ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ وَهُوَ النقدُ وَالعَرْضُ، أي دون الظاهر وهو المواشي والزروع والثمار والمعادن، والفرق أن الظاهر ينمو بنفسه أو هو نماء في نفسه والباطن ليس كذلك، وإنما أُلحِقَ بالنامى، فَعَلَى الأولِ، أي وهو أن الدَين لا يمنع الوجوب، لَوْ حُجِرَ عَلَيهِ لِدَينٍ؛ فَحَالَ الْحَولُ فِي الحَجْرِ فَكَمَغْصُوبٍ، لأنه حيل بينه وبين ماله، والحجر مانع من التصرف، واعلم أنه إذا حجر القاضى على المديون فله ثلاثة أحوال:
° أَحَدُهَا: أن يفرق ماله بين غرمائه فلا زكاة حينئذ لزوال ملكه.
° ثَانِيْهَا: أن يعين لكل واحد شيئًا من ماله على ما يقتضيه التقسيط، ومكنهم
من أخذه وحال الحول ولم يأخذوه، والأصح: القطع أنه لا زكاة فيه، وقيل: فيه خلاف المغصوب.
° ثَالِثُهَا: أن لا يفرق ماله ولا يعين لكل واحد شيئًا ويحول الحول في دوام الحجر وهذه مسألة الكتاب.
وَلَوِ اجْتَمَعَ زَكاة وَدَينُ آدَمِيٍّ في ترِكَةِ قُدِّمَت، لتعلقها بالعين، وَفِي قَولٍ: الديْنُ، لأنه حق آدمي وهو مبني على المضايقة، وَفِي قَولٍ: يَسْتَوِيَانِ، أي فيوزع المال عليهما، لأن الحق المالي المضاف إلى الله تعالى تعود فائدته إلى الآدميين أيضًا وهم المنتفعون بها.
وَالغَنِيمَةُ قَبلَ القِسْمَةِ، إنِ اختارَ الْغانِمُون تَمَلكَها وَمَضَى بَعدَهُ حَول، وَالجَمِيعُ صِنْف زَكَوِيٌّ، وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ شَخْص نِصَابًا، أَو بَلَغهُ الْمَجمُوعُ فِي مَوْضِع ثبوتِ الخُلْطَةِ وَجَبَت زكَاتهَا، وَإلَّا فَلَا، أي وإن لم يختاروا تملكها فلا زكاة لعدم المِلْك أو ضعفه بدليل أنه يسقط بمجرد الإعراض، وكذا لو مضى حول من التملك وكانت أصنافًا، لأن كُل واحد منهم لا يدري ماذا يُصِيبهُ وكم نصيبه وكذا لو كانت صنفًا واحدًا زكويًا ولم تبلغ نصابًا إلّا بالخمس، إذ الخُلطة مع أهل الخمس لا يثبت؛ لأنه لا زكاة في الخمس بحال، من حيث أنه لغير معين كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ من الفيء وغيره ومال المساجد والرباطات.
وَلَو أصدَقَهَا نِصَابَ سائِمَةٍ مُعَينًا لَزِمَهَا زكَاته إِذَا تم حَولٌ مِنَ الإصْدَاقِ، أي سواء دخل بها أَمْ لم يدخل؛ قبضته أم لا؛ لأنها مَلَكَتْهُ بالعقدِ، وخرج بالمعين ما في الذمة؛ فإن السائمة في الذمة لا زكاة فيها كما سلف.
وَلَوْ أَكْرَى دَارًا أربعَ سِنِينَ بِثَمَانِينَ دِينَارًا وَقبضَهَا؛ فَالأظْهَر: أَنه لَا يَلْزَمُهُ أَن يُخْرِجَ إلّا زَكاةَ مَا استقَر، لأنها قبل الاستقرار معرضه للسقوط بالانهدام فاورثت ضعف الملك، فَيخرِج عِنْدَ تمَامِ السنَةِ الأوْلَى زَكاةَ عِشْرِين، لأنه الذي استقر ملكه عليه الآن، وَلتَمَامِ الثانِيَةِ زكَاةَ عِشْرِينَ لِسَنَة، وَعِشرِينَ لِسَنَتَينِ، لأنه استقر
ملكه على أربعين دينارًا، وكانت في ملكه سنتين، فعليه زكاتها لسنتين وهى ديناران، لكنه قد أدى زكاة عشرين لِسَنَةٍ فيحط ذلك ويخرج الباقى، وَلتَمَامِ الثالِثَةِ زكاةَ أَربعِينَ لِسَنَةٍ، وَعِشرِينَ لِثَلَاثِ سنِينَ، لأنه استقر ملكه على ستين دينارًا، وكانت في ملكه ثلاث سنين فعليه زكاتها ثلاث سنين وهي أربعة دنانير ونصف دينار، لكنه قد أدى دينارين كما مضى فيحط ذلك ويخرج الباقي، وَلتمامِ الرابِعَةِ زكاةَ ستينَ لِسَنَةٍ، وَعِشْرِينَ لأربعٍ، لأنه استقر ملكه على الثمانين وكانت في ملكه أربع سنين؛ وزكاة الثمانين لأربع سنين ثمانية دنانير؛ لكنه قد أدى أربعة دنانير ونصف دينار كما مضى فيحرج الباقى، والثاني: يُخْرِجُ لِتَمامِ الأولَى زكاةَ الثمانين، لأنه ملكها مِلكًا تامًا، ألا نرى أنه لو كانت الأُجرة جاريةً يحل له وطؤها وتوقع السقوط لا يقدح كما في الصداق قبل الدخول، ومن قال بالأول قد يمنع تمام الملك ويقول هو موقوف، وأما الوطء فلا نسلم أنه يتوقف على ارتفاع الضعف من كل وجه، وأما الصداق فالفرق أن الأُجرة في مقابلة المنافع فبفواتها ينفسخ العقد، ولا كذلك الصداق، ألا ترى أنها لو ماتت تستحقه. وهذا الخلاف إنما هو في الإخراج كما صرح به المصنف، أما الوجوب فهو ثابت قطعًا، وأبعد من طرده فيه، وهذا الذي ذكرناه فيما إذا أخرج من غيرها، فإن أخرج من عينها نقص بحسابه، ولا يخفى أن المثال فيما إذا كانت اجرة السنين متساوية، فإن كانت متفاوتة زاد القدر المستقر في بعض السنين ونقص في بعض السنين، واحترز بالقبض عما إذا كانت معينةً غيرَ مقبوضة فحكمها حكم المبيع قبل القبض.
فصلٌ: تجِبُ الزكاةُ، أي اداؤها، عَلَى االفور إِذَا تمَكنَ، وَذَلِكَ بِحُضُور المالِ وَالأصْنَافِ، لأن الأمر بايتاء الزكاة وارد؛ وحاجة المستحقين ناجزة؛ فيتحقق الوجوب في الحال؛ وله انتظار الجار والقريب بعد التمكن، نعم: إن تلف يضمن على الأصح فيهما؛ ومحل الخلاف إذا ظهر استحقاق الحاضرين وأن لا يشتد ضررهم، ويشرط في إمكان الأداء أيضًا أن لا يكون مشتغلًا بشئ يهمه من أمر دينه أو دنياه.
وَلَهُ أن يُؤَدِّيَ بِنَفسِهِ زكاَةَ المالِ الباطِنِ، أي وهو النقدُ والعرضُ والرِّكازُ وزكاةُ الفطرِ بالإجماع، وَكَذَا الظاهِرِ، أى وهو المواشي والزروع والثمار والمعادن، عَلَى الجَدِيدِ، لأنها زكاة واجبة على من له التصرف في ماله فأشبهت الباطنة، والقديم: وجوب الدفع إلى الإمام أو نائبه لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
…
} الآية (952) ، فظاهرهُ الوجوب، وإذا لزم الإمام الأخذ لزم أرباب الأموال الدفع، وخالف الباطنة؛ لأن للناس غرضًا في إخفائها فلا تفوت عليهم، ولا فرق في جريان الخلاف بين العادل وغيره على الأصح، قال الدارمي في استذكاره: فإن قلنا بوحوب الدفع إليه فلم يمكن أو كان فاسقًا فقيل يصبر سنة أو شهرًا أو شهرين ونحوه.
وَلَهُ التوكِيلُ، لأنه حق مالي فجاز التوكيل في أدائه كديون الآدميين، ولا فرق فى التوكيل بين أن يوكل مسلمًا بالغًا أو صبيًا أو كافر أصليًا صرح به القاضي، وعن الروياني: أنه يشترط في الكافر والصبى تعيين المدفوع إليه، ورأيته في فتاوى البغوى في الصبى ولم يتعرض للكافر، وَالصّرفُ إِلَى الإمَامِ، لأنه نائب المستحقين فجاز الدفع إليه كولي اليتيم ويبرأ بالدفع إليه، وإن قال: إن أخذها منك وأنفقها في الفسق، لأنه لا ينعزل بذلك، صرح به القفال في فتاويه، وَالأظْهَرُ: أن الصَّرفَ إِلَى الإمَامِ أفْضَلُ، لأنه أعرف بالمستحقين، إلا أن يَكُون جَائِرًا، أى فالأفضل حينئذ أن يفرق بنفسه، لأنه ليس على يقين من البراءة بالدفع إليه، والثاني: الأفضل الصرف إليه مطلقًا لما سلف، والثالث: الأفضل أن يفرق بنفسه ليكون على ثقةٍ من أدائهِ، وقوله في الأظهر كان ينبغي أن يعبر بالأصح كما في الروضة؛ وصحح في شرح المهذب صرف الظاهر إليه وإن كان جائرًا.
وَتجبُ النيةُ، للخير المشهور والاعتبار فيها بالقلب، فيَنْوِيَ هَذَا فَرضُ زكاةِ مَالِي أو فرض صَدَقَةِ مَالِي وَنحوَهُمَا، أي لزكاة مالي المفروضة أو الصدقة
(952) التوبة / 103: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
المفروضة، وَلَا يَكفى هَذَا فَرْضُ مَالِي، لأنه قد تكون كفارة ونذرًا، وَكذا الصدَقَةُ، أيْ صدقة مالي أو صدقة المال، فى الأصَح، لأنها قد تكون نافلة، والثانى: يكفى؛ لأنه ظاهر في الزكاة، فإن نوى الصدقة فقط، قال في شرح المهذب: لم يُجزِهِ (•) على المذهب وبه قطع الجمهور، وحكى الرافعى فيه وجهًا ضعيفًا.
فَرع: لو نوى الزكاة دون الفرضية أَجْزَأهُ في الأصحِّ، إذ لاتكون إلا فرضًا وبهذا خالفت الصلاة.
فَرْع: لو قال: هذا فرضى، قال البدنيجى: لا يجزيه قطعًا، قال: ونصُّ الشافعي رضي الله عنه على الإجزاء مُؤَل.
فَرْع: لو أخرج خمسة ونوى بكلها الزكاة والتطوع لم تُجزِهِ عن الزكاة، وكانت تطوعًا. ذكره في البحر.
وَلَا يَجِبُ تَعينُ المال (953)، كالكفارات، وَلَو عَينَ لَمْ يَقَع عَنْ غيرِهِ، كما لو أخرج خمسة عن النصاب الغائب فَبَانَ تالفًا، فإنه لا يتمكن من صرفه إلى الحاضر، ويلْزَمُ الوَلي النَّيةُ إِذَا أخرَجَ زَكَاةَ الصبِيِّ وَالمَجنُونِ، لأن المؤدَّى عنه ليس أهلًا لها، فينوب عنه فيها كما في القَسمِ، وذكر في شرح المهذب السفيه معهما؛ وفيه نظر؛ لكنه لم ينفرد به فقد ذكره الجرجانى في شافيه، وَتكْفِي نيَّةُ المُوَكّلِ عِندَ الصرفِ إِلَى الوَكِيلِ فِي الأصَحِّ، لوجود النية من المتعبد بالزكاة، والثاني: لا يكفي كالحج، وفرَّقَ الأول بينهما: بأن العبادة في الحج فعل النائب فوجبت النية منه،
(•) في نسخة (2): لم يصح؛ وقد أشار المصحح في الهامش بـ (لم يحتج). قُلْتُ: وفي المجموع شرح المهذب: باب الكلام على وجوب النية في الزكاة: ج 6 ص 181: قال النووى رحمه الله: (ولو نوى الصدقة فقط لَم تجزِئهُ على المذهب وبه قطع المصنف - أي الإمام الشيرازي- وإمام الحرمين والبغوي والجمهور). إ. هـ.
(953)
أى لا يجبُ في النيةِ تعيينُ المالِ. ثم قُلْتُ: وضع الاحتمال في النية أفضل ليخرج من الحرج. والله أعلم.
وهى هنا بمال الموكل فكفت نيته، وَالأفْضل أن يَنْوِىَ الوَكِيل عِندَ التفْرِيقِ أَيضًا، خروجًا من هذا الخلاف.
فَرْعْ: لو وكله وَفَوَّضَ إِلَيهِ النيةَ ونوى الوكيل أجزَأَة قطعًا.
وَلَوْ دَفَعَ إِلَى السلطانِ، أي طوعًا، كَفَتِ النيةُ عِنْدَهُ، أي وَإِن لَم يَنْوِ السلطان عند التصرف، لأنه نائب المستحقين؛ فالدفع إليه كالدفع إليهم، فَإن لَم يَنوِ، أي عند الدفع إليه، لَم يُجْزِئ عَلَى الصحِيح؛ وَإن نَوَى السلْطَان، لأنه نائب المساكين، ولو دفع المالك إلى المساكين بلا نية لم يجزه فكذا نائبهم، والثاني: يُجزءه وإن لم يَنْوِ السلطان وهو ظاهر النص، ولم يذكر كثير من العرقيين سواه؛ ووجهوه بأنه لا يُدْفَعُ إلى السلطان إلّا الفرض؛ وهو لا يفرق على أهل السهمان إلّا الفرض فأغنت هذه القرينة عن النية، وَالأصَح أنهُ يَلزَم السلْطَان النّية إِذَا أخَذ زَكاةَ الممتَنِع، وَأَن نِيتَهُ، أي نيَّة السلطان، تكفِي، لأن الإمام فيما يليه من أمر الزكاة كولي الطفل، والممتنع مقهور كالطفل، والثاني: لا يلزمه؛ ولا يكفي؛ لئلا يتهاون المالك في ما هو متعبد به، ومن الغريب حكاية الدارمي وجهين في وقوعهما الموقع، إذا أخذها قهرًا، ذكرها قبل صدقة البقر عن ابن سريج (•).
فصلٌ: لَا يَصِح تعجِيلُ الزكاَةِ عَلَى مِلكِ اْلنِّصَابِ، لفقد سبب الوجوب، وهو المال الزكوي؛ فأشبه أداء الثمن قبل البيع وهذا في الزكاة العينية، أما زكاة التجارة كما لو اشترى عرضًا قيمته مئة فعجل عن مئتين وحال الحول وهو يساويها فإنه يجوز في الأصح، لأن الاعتبار بآخر الحول، ولو ملك مئة وعشرين شاة فعجل شاتين ثم حدثت سخلة فالمرجح عند أكثرهم كما قال الرافعي في الشرح الصغير: عدم الإحزاء، وجزم الحاوى الصغير بمقابله، ويجُوزُ قَبلَ الحَولِ، أي قبل تمامه، لأن العباس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحول فرخص له في ذلك، قال
(•) في هامش نسخة (3): (بلغ مقابلة) هكذا كتبت.
الحاكم: صحيح الإسناد (954)، وَلَا تجعّلُ لِعامَيْنِ، أي فصاعدًا، فِي الأصَح، لأن الزكاة عن السنة الثانية لم ينعقد حولها، والتعجيل قبل انعقاد الحول لا يجوز كالتعجيل قبل كمال النصاب، والثانى: نعم صححه جماعة؛ وفي الشامل: أنه المذهب المشهور لحديث فيه منقطع (955) وهو المنصوص وعليه الأكثرون خلاف ما وقع للرافعي وشرطه أن يبقى عنده بعد التعجيل نصاب.
وَلَه تعجِيلُ الفطْرَةِ مِنْ أولِ رَمَضَان، لأن التقديمَ بيوم أو يومين جائز بإجماع المخالف؛ فنقيس الباقي بجامع إخراحها في جزء منه، وَالصحِيحُ مَنْعُهُ قَبلَهُ، لأنه تقديم على السببين؛ وهما رمضان والفطر، والثانى: لا، لأن وجود الشخص في نفسه سبب زكاة الفطر.
وَأنهُ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ زَكاَةِ الثمَرِ قَبلَ بُدُو صَلَاحِهِ، وَلَا الحب قَبلَ اشتِدَادِهِ، لأن وجوبهما بسبب واحد فيمتنع التقديم عليه، والثانى: يجوز كزكاة المواشى قبل الحول، وَيَجُوزُ بَعدَهُمَا، أي بعد بدُو الصلاح واشتداد الحب لثبوت الوجوب وإن لم يلزم الإخراج، والثانى: لا يجوز، لعدم العلم بالقَدرِ، ولا يجوز التقديم قبل بروز الثمرة وكذا قبل السنبلِ وانعقاد الحَب.
(954) عن حُجِيْةَ (عُلية بنِ عَدِي الكِنْدِيِّ) عَن عَلى كَرمَ الله وَجهَهُ؛ (أن العباسَ سَألَ النبِىَّ صلى الله عليه وسلم فِى تعجيلِ صدَقتِهِ قَبلَ أن تَحِلَّ، فرَخصَ لَهُ فِى ذَلِكَ) قال مرة: (أذِن لَهُ فِى ذَلِكَ). رواهَ أبو داود في السنن: كتاب الزكاة: باب في تعجيل الزكاة: الحديث (1624). والترمذى في الجامع: كتاب الزكاة: باب في تعجيل الزكاة: الحديث (678). والحاكم في المستدرك: كتاب معرفة الصحابه: الحديث (5431/ 1029)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرحاه. ووافقه الذهبى.
(955)
عن أبي البَخترىٌ عن عَلِي رضي الله عنه؛ فَذَكَرَ قِصة فى بَعْثِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عُمَرَ رضي الله عنه سَاعيًا، وَمَنْع العباسِ وأنهُ ذَكَرَ لِلنبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا صَنَعَ العباسُ. فَقالَ:[إنا كنا احْتَجْنَا فَاستَسلَفنا العباسَ صَدَقةَ عامَين]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الزكاة: كتاب تعجيل الصدقة: الحديث (7461)، وقال: وفي هذا إرسال بينَ أبي البحتري وعلي، فالحديث منقطع.
وَشَرطُ إِجزَاءُ المعجل بَقَاءُ المالك أهلًا لِلوُجُوبِ إِلَى آخِرِ الحولِ، أي فلو مات؛ أو تلف ماله؛ أو باعه، لم يكن للمعجل زكاة.
فَرْعٌ: يشترطُ أيضًا بقاء المال كما نبهنَا عليهِ.
فَرْعٌ: قد يبقى المال وأهلية المالك وتتغير صفة الواجب، كما لو عَجَّلَ بنت مخاض عن خمسة وعشرين من الإبل، فبلغت بالتوالد ستًا وثلاثين قبل الحول، فإن بنت المخاض المعجلة لا تجزيه وإن صارت بنت لبون في يد القابض بل يستردها ويعطيها ثانيًا أو يخرج بنت لبون أخرى.
وَكون القابِضِ فِي آخِرِ الحولِ مُستَحِقًا، أي فلو كان مرتدًا عنده أو ميتًا لم يكن المؤدَّى مُجزِيًا لخروجه عن الأهلية عند الوجوب، وَقيلَ: إِن أَخَرَجَ عَنِ الاستحقَاقِ فِي أثناءِ الحولِ لم يُجْزِهِ، كما لو لم يكن عند الأخذ من أهله، ثم صار عند تمام الحول من أهله، والأصح الأحزاء اكتفاءً بالأهليَّة في طرفي الوجوب والأداء، وهنا حالة الأخذ؛ هو غير مُتعَدٍّ بها بخلاف تلك.
فرعٌ: لو شككنا هل مات القابض قبل الحول أو بعده؛ فالأقرب في البحر الإجزاء، وفي فتاوى الحناطى ومنها نَقَلْتُ: أنه إذا غاب المسكين عند الحول ولا يُدْرَى حاله من موتهِ وحياتهِ وفقرهِ ويسارهِ، الظاهر استمرار فقرهِ وحياتهِ مَا لَم يُعلَم وفاته وغناه من مال آخر.
فَرعٌ: إذا مات المدفوع إليه قبل الحول وهو معسر فأوجه؛ الذي يقتضيه منها كلام الجمهور؛ كما قاله في شرح المهذب: أنه يلزم المالك دفع الزكاة ثانيًا إلى المستحقين، لأن القابض ليس من أهل الزكاة وقت الوجوب.
وَلَا يَضُرُّ غِنَاهُ بِالزَّكاَةِ، لأن الزكاة إنما تصرف إليه ليستغنى، فلا يصير ما هو المقصود منها مانعًا من الإجزاء، ويضر غناه بغيرها لخروحه عن أهلية أخذ الزكاة عند الوجوب.
فَرْعٌ: لو استغنى بزكاة أخرى واجبة أو معجلة فهو كما لو استغنى بغير الزكاة قاله الفارقى.
وِإذَا لَم يَقَع المعَجلُ زَكاَةً؛ استرَدَّ إِن كان شَرَطَ الاستردَادَ إِن عَرَضَ مَانِعٌ، لأنه مالٌ دفعه لما يستحقه القابض في المستقبل فإذا عرض ما يمنع الاستحقاق استرد، وَقَبْلَ عروض المانع ليس له الاسترداد لأنه تبرع بالتعجيل فهو كمن عَجَّلَ دَينًا مؤجلًا لا يسترده، وَالأصَح أنهُ إِن قالَ: هَذِهِ زَكاتي المعجلَةُ فَقَط استَرَدَّ، لأنه عينَ الجهةَ، فإذا بطلت رجع كما في تعجيلِ الأُجرَةِ وعروض الانهدام قبل انقضاء المدة، وصحح في شرح المهذب القطع به، والثاني: لا، لأن العادةَ جاريةٌ؛ بأن المدفوع إلى الفقير لا يُسْتَرَد فكأنه مَلَكَهُ بالجهة المعينة إن وجد شرطها، وإلا فهو صدقة، ومحل الخلاف إذا دفع المالك بنفسه، أما إذا فرق الإمام، فلا يمكن جعله نافلة ولا حاجة إلى شرط الرجوع، لكن لو لم يعلم القابض أنه زكاة غير معجلة، فيجوز أن يقال على الوجه الثاني: لا يسترده؛ وعلى الإمام الضمان للمالك لتقصيره بترك شرط الرجوع.
فرعٌ: لو لم يقل هذه زكاتى المعجلة لكن عَلِمَهُ القابضُ! ففيه الخلاف؛ والأصح: الرجوع أيضًا.
وَأنهُ إِن لَم يَتَعَرَّضْ لِلتعجِيلِ وَلَمْ يَعلَمْهُ الْقَابِضُ لَم يَسْتَرِد، لتفريط الدافع، والثانى: يسترد؛ لأنه لم يقع الموقع، والثالث: إن دفع الإمام ثبت الرجوع أو المالك فلا، واحترز بقوله (وَلَم يَعلَمهُ القَابِضُ) عما إذا علمه وقد عرفتَهُ، وَأنهما لَوِ اخْتَلَفَا فِي مُثبت الاسْتِردَادِ، أي وهو شرط التعجيل على الوجه الأصح، صُدِّقَ الْقَابِضُ بِيَمِينهِ، لأن الأصل عدم الاشتراط، والغالب كون الأداء في الوقت، والثاني: أن المُصَدَّق المالِكُ بيمينه؛ لأنه المؤدي وهو أعْرَفُ بِقَصْدِهِ، ووقع في شرح المهذب للمصنف تصحيحُهُ، وَمَتَى ثَبَتَ، أي الاسترداد، وَالْمُعَجَّلُ تالف وَجَبَ ضمَانُهُ، أي بالمثل إن كان مثليًا؛ وبالقيمة إن كان متقومًا، وقيل: يضمن بمثله من الحيوان وهو ظاهر النص، قال الماوردي: وهذا الخلاف في رجوع رب المال، أمَّا في حق أهل السهمان فيستحق الرجوع بالمثل دون القيمة أي ليدفعه إلى مستحقه لخروجه عن أهلية الاستحقاق، وَالأصَح اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَومَ القبضِ، لأن ما زاد في ملك
القابض، والثانى: يوم التلف؛ لأن الحق يومئذ ينتقل إلى القيمة، والثالث: أقصى القيم، والرابع: يوم الرجوع، وَأنهُ إِن وَجَدَهُ ناقِصًا فَلَا أَرشَ، لأنه حدث في ملكه فلا يضمنه، والثانى: نعم؛ كما يجب الضمان عند التلف فيعتبر الجزء بالجملة، وهذا الخلاف في النقص، إذا كان لا يتميز كالمرض والهزال، فإن كان متميزًا كأحد الشاتين؛ فإنه يأخذ الموجود وبدل التالف قطعًا؛ قاله في الكفاية، وَأنه لَا يَستَرِد زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً، كما أنها تسلم للمشتري إذا ردّ الأصل بالعيب ورد عليه العوض، قال الرافعي: ولم يذكر الجمهور غيره، ويحكى عن النص، والثانى: أنه يأخذها مع الأصل؛ لأنا تبيَّنا بما طرأ آخرًا أنه لم يملك المقبوض، أما الزيادة المتصلة كالسمن فإنها تتبع الأصل.
فَصلْ: وَتَأخيرُ الزكاةِ بعدَ التمَكنِ، أي وهو ما سلف، يُوجِبُ الضمَان، وإن تَلِفَ المالُ، لتقصيره بحبس الحق عن مستحقه؛ فيؤدي ما كان يخرجه قبل التلف، وقال القفال في فتاويه: إن تلف المال في يد الإمام ينبغي أن يضمن؛ بخلاف ما إذا تلف في يد الوكيل في تفرقتها؛ لأن التفريق واجب عليه بخلاف الوكيل، وَلَو تلِفَ قَبلَ التمَكُّنِ فَلَا، كما لو ملك زادًا أو راحلة ولم يتمكن من فعل الحج، وَلَو تلِفَ بَعْضُهُ؛ فَالأظْهَرُ: أنهُ يَغرَمُ قِسطَ مَا بَقِيَ، بناءً على أن التمكن شرط في الضمان، والثانى: أنه لا شيء عليه؛ بناء على أن التمكن شرطٌ في الوجوب، وإن أتلَفَهُ بَعْدَ الحولِ وَقَبْلَ التْمَكُّنِ لَم تسقُطِ الزكاةُ، لتقصيره بإتلافه، وَهِيَ تتعلقُ بِالمالِ تعَلُّقَ الشرِكَةِ، لأنها تجب بصفة المال، وَفِي قَولٍ: تَعَلُّقَ الرَّهنِ، لأنه إذا خلا من الواجب بيع في تخليصه كالرهن، وَفي قولٍ: بِالذّمَّةِ، كالفطرة؛ ولأنه يجوز إخراجها من مال آخر، وفي قول رابع: أنها تتعلق بالعين تعلق الأرش برقبة الجانى، وخامس: أنه إن أخرج من المال تبين تعلقها به، وإلا فلا، هذا كله إذا كان الواجب من جنس المال، فأمّا إذا كان من غيره كالشاة الواجبة في الأبل فطريقان، أحدهما: القطع بتعلقها بالذمة، وأصحهما: أنه على الخلاف السابق، فَلَو بَاعَهُ، أي باع مال الزكاة بعد وجوب الزكاة، قَبلَ إِخْرَاجِهَا، فالأظْهَرُ بُطْلانهُ فِي قدَرِهَا، تفريعًا على قول
الشركة؛ لأن بيع مِلك الغيرِ من غير مسوغ باطل، وَصِحتُهُ فى الباقِي، لأنه مِلكهُ وهو خلاف تفريق الصفقة بعينه، والثاني: يصح في الكل بناء على أن التعلق بالذمة، والثالث: يبطل في الكل، وهذه الأقوال الثلاثة هى خلاصة التفريع على الأقوال الثلاثة السابقة، وهذا إذا باع الجميع، فإن باعَ البعضَ؛ فإن لم يبق قدر الزكاة فهو كما لو باع الجميع، وإن بقى قدرها؛ فالأقيس البطلان تفريعًا على قول الشركة، وجميع ما ذكرناه هو في بيع المال الذى تجب فيه الزكاة في عَينهِ، فأما بيع مال التجارة بعد وجوب الزكاة فيه، فالأصحُّ جوازه، لأن متعلقها القيمة وهى لا تفوت بالبيع.
ثم قلت: تم بفضل الله ومنه ضبط الجزء الأول على أصوله توثيقًا من عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج للشيخ الإمام الفقيه المحدث ابن النحوى المشهور بابن الملقن رحمه الله وتخريج أحاديثه وعزوها إلى مظانها والتعليق عليه والحمد لله وحده وله المنة.
واتفق إتجاره ليلية الجمعة الخامس عشر من شهر شوال 1420 من الهجرة الموافق ليوم العشرين من شهر كانون الثانى 2000 ميلادية والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد النبى الرسول وعلى آله وصحبه وسلم. ويليه إن شاء الله الجزء الثاثنى وأوله كتاب الصيام.