الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستثنى النافلة يوم الجمعة لفضيلة البكور وركعتا الطواف وركعتا الإحرام إذا كان في الميقات مسجد.
وَإِذَا صَلَّى وَرَاءَهُمْ نِسَاءٌ مَكَثُواْ حَتَّى يَنْصَرِفْنَ، للاتباع كما أخرجه البخاري (438) والقياس في الخناثى انصرافهم فرادى، إما قبل النساء أو بعدهن وقبل الرجال، وَأَنْ يَنْصَرِفَ فِي جِهَةِ حَاجَتِهِ، أيَّ جهةٍ كانت، وَإلَّا فَيَمِينِهِ، لأنها أولى (439). وَتَنْقَضِي الْقُدْوَةُ بِسَلَامِ الإِمَامِ، أي التسليمة الأولى لخروجه عن الصلاة بها، نعم يستحب له أن لا يسلم الأولى إلاّ بعد التسليمتين جميعًا كما صححه في
التحقيق، فَلِلْمَأْمُومِ، أي الموافق، أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يُسَلَّمُ، أما غيره فيلزمه القيام عقب التسليمتين، وَلَوِ اقْتَصَرَ إِمَامُهُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ سَلَّمَ ثِنْتَينِ، وَالله أَعْلَمُ؛ لأنه خرج عن متابعته بالأولى.
بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ
بَابٌ: هُوَ مُنَوَّنٌ أَيْ هَذَا بَابٌ مَعْقُودٌ لِلشُّرُوطِ، وَالشَّرْطُ: لُغَةً الْعَلَامَةُ وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ، وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ.
الحديث (731). ومسلم في الصحيح: كتاب صلاة المسافرين: الحديث (213/ 781).
وأحاديث في الباب.
(438)
حديث أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قالت: [كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذاَ قَامَ النَّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ؛ مَكَثَ يَسِيْرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ] قال ابنُ شهابٍ: فَأَرَى- وَالله أَعْلَمُ- أَنَّ مَكْثَهُ لِكَيْ يَنْفَذَ النَّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأذان: الحديث (837).
(439)
لحديث عبد الله بن مسعود؛ قال: [لَا يَجْعَلَنَّ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ مِنْ نَفْسِهِ جُزْءًا؛ لَا يَرَى إِلَّا أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَاّ عَنْ يَمِينهِ! أَكْثَرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ] رواه مسلم في الصحيح: كتاب صلاة المسافرين: الحديث (59/ 707).
شُرُوطُ الصَّلَاةِ خَمْسَةٌ، قلت: وسادس وسابع، وهما معرفة فرضيَّة الصلاة وكيفيتها كما حزم به في التحقيق.
• مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ، أي يقينًا أو ظنًا، • وَالاِسْتِقْبَالُ، لما تقدم في بابه، •
وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، أي ولو كان خاليًا في ظلمة عند القدرة لقوله تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (440) قال ابن عباس: الْمُرَادُ بِهِ الثَّيَابُ فِي الصَّلَاةِ، وقام الإجماع على الوجوب أَيضًا، وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ، أي ولو عبدًا أو صبيًا، مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ، لحديث فيه (441)، وَكَذَا الأَمَةُ فِي الأَصَحِّ، لحديث فيه أَيضًا أخرجه البيهقي (442)،
(440) الأعراف / 31. وَأَثَرُ ابْنُ عَبَّاس رواه ابن جرير الطبري في البيان في تفسير القرآن:
النص (11277). بأنه قال: فَأُمِرُواْ أَنْ يَأْخُذُواْ زِيّنَتَهُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.
(441)
هو حديث عبد الرَّحْمَن بن جَرْهَدٍ عن أَبيه: أَنَّ جَرْهَدًا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ؛ قَالَ: جَلَسَ عِنْدَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفَخْذِي مُنْكَشِفٌ، فَقَالَ:[حَمَّرْ عَلَيْكَ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ] وفي لفظ: [غَطِّهَا، فَإنِّهَا مِنَ الْعَوْرَةِ]. وعن مُحَمَّد بن عبد الله بن جحش رضي الله عنه قال: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ عَلَى مَعْمَرٍ (معمر بن عبد الله بن نصلة القرشي) وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَ دَارِهِ بِالسُّوقِ وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: [يَا مَعْمَرُ غَطَّ فَخِذَيْكَ فَإنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ] وعن ابن عباس رضي الله صلى الله عليه وسلم عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الْفَخِذُ عَوْرَةٌ]. حديث جَرْهَد رواه التِّرْمِذِيّ في الجامع: كتاب الأدب: باب ما جاء أن الفخذ عورة: الحديث (2798) وقال: هذا حديث حسن. وأبو داود في السنن: كتاب الحمام: باب النهي عن التعري: الحديث (4014). وحديث مُحَمَّد بن عبد الله أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج 5 ص 290. وحديث ابن عباس رواه التِّرْمِذِيّ في الجامع: الحديث (2796). وقال البيهقي في السنن الكبرى وهذه أسانيد صحيحة يحتج بها: ينظر منه: كتاب الصلاة: باب عورة الرجل: الحديث (3312 - 3315).
(442)
لحديث عمرو بن شعيب عن أَبيه عن جده وفيه: [إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أُمَتَهُ أَوْ
أَجيرَهُ، فَلَا يَنْظُرَ إِلَى مَا دُونَ السُّرَةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ، فَإِنَّ مَا تَحْتَ السُّرَةِ إِلَى الرُّكْبَةِ مِنَ الْعَوْرَةِ]، رواه الدارقطني في السنن: ج 1 ص 230. قال الزيلعي: ورواه أبو داود في سننه- الحديث (4114) - لم يقل فيه: فَإِنَّ مَا تَحْتَ السُّرَةِ إلَى الرُّكْبةِ مِنَ الْعَوْرَةِ.
ورواه أحمد في مسنده - ج 3 ص 187 - ولفظه: [فَإِنَّ مَا أَسْفَلَ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى =
والثاني: أن عورتها كعورة الْحُرَّةِ لجامع الأنوثة إلاّ رأسها فإنَّه ليس بعورة إجماعًا.
وَالْحُرَّةُ مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكفَّيْنِ، لقوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (443) قال الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ.
رُكْبَتَيْهِ مِنْ عَوْرَتِهِ]. ورواه العقيلي في (ضعفاءه) ولين سوار بن داود. قال صاحب التنقيح: وسوار بن داود أبو حمزة البصري وثقه ابن معين، وابن حبان، وقال أحمد شيخ بصري لا بأس به. إنتهى. وله طريق أخر عند ابن عدي في (الكامل) أخرجه عن الخليل بن مرة عن ليث بن أبي سليم، ولين الخليل بن مرة. ونقل عن البخاري أنَّه قال: فيه نظر، قال ابن عدي: وهو ممن يكتب حديثه، فإنَّه ليس بمنكر الحديث.
إنتهى؛ من نصب الراية للزيلعي: ج 1 ص 296. واعترض البيهقي على متن الحديث لا على سنده، فقال: فأما حديث عمرو بن شعيب فقد اختلف في مَتْنِهِ، فلا ينبغى أن يعتمد عليه في عورة الأَمَة، وإن كان يصلح الاستدلال به وبسائر ما يأتي عليه مَعَهُ في عورة الرَّجل وبالله التوفيق؛ إنتهى. من السنن الكبرى: بعد الحديث (3306).
قُلْتُ: ولكن الآثار عن الصَّحَابَة تعضده وهي صحيحة، ومنها ما جاء عن أنس بن مالك قال:[كُنَّ إِمَاءُ عُمَرَ رضي الله عنه يَخْدِمْنَنَا كَاشِفَاتٍ عَنْ شُعُورِهِنَّ؛ تَضْرِبُ ثُدِيُّهُنَّ] رواه البيهقي في السنن الكبرى: النص [3306] وقال: والآثار عن عمر بن الخَطَّاب في ذلك صحيحة.
(443)
النور / 31؛ • وقوله: قال المفسرون هو الوجه والكفان؛ قلت: يكاد يكون القول لأكثر المفسرين، فمنهم من عدَّ الظاهر من الزينة الثياب؛ ومنهم مَن قال: الظاهر من الزينة التي أُبيح لها أن تبديه: الكحل، والخاتم، والسواران، والوجه. رواها ابن جرير في البيان: الأثر (16944 - 19648).
• وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما في الكف والوجه. رواه البيهقي في السنن: باب عورة المرأة الحرة: النص (3298). ولم أجد خلافًا في إظهار الوجه والكفان، وإنما هو خلاف فيما يظهر على الوجه والكفان من الزينة والحلي والله أعلم.
• قال ابن عباس: والزينة الظاهرة: الوجه؛ وكحلُ العين، وخِضاب الكف، والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من النَّاس عليها. رواه ابن جرير الطبري: النص (19655).=
وفي جواز ظهور قَدَمَي الحرّة (•) الصلاة وجه في الانتصار لإبن أبي عصرون وهو غريب، واقتصار المصنف في المرأة (•) على ما ذكره يؤخذ منه أن صوتها ليس بعورة وهو الأصح، وفيه غائلة ستعرفها في النكاح.
• وعن عائشة رضي الله عنها قالت: الوجه والكفان. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الصلاة: باب عورة المرأة الحرة: الأثر (3301). وظاهر أسانيد أحاديث الباب الصحة والله أعلم.
(•) في النسخه (1) و (2): ثَديِّ الْحُرَّةِ؛ وأثبتُّ ما في النسخة (3)(قَدَمَيِّ الْحُرَّةِ)؛ فهو الذي فيه الغرابة؛ لأن ظهور ظهر قدميها؛ قيل: بجوازه، أو أنَّه وجه في المذهب. أما الثديين فإنَّه لا يتصور في صلاة صحيحة، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لَا يَقْبَلُ الله صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ] رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب المرأة تصلى بغير خمار: الحديث (641)، وقال: رواه سعيد بن أبي عُروبة عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه الترمذي في الجامع: الحديث (377) وقال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وحديث عائشة حديث حسن، والعمل عليه عند أهل العلم، وهو قول الشَّافعيّ: قال: لا تجوز صلاة المرأة وشيء من جسدها مكشوف؛ قال الشافعيُّ: وقد قيل: إن كان ظهر قدميها مكشوفان فصلاتها
جائزة. إنتهى. ولا يخفى أن قيل تفيد التمريض والضعف، فهو رأي ضعيف عند سيدنا الشَّافعيّ رحمه الله على ما نقل التِّرْمِذِيّ. أما قول الشافعي في الأُمِّ: في باب جماع لبس المصلي: ج 1 ص 89: (وعلى المرأة أن تغطي في الصلاة كل بدنها ما عدا وجهها وكفيها) وفي باب كيف لبس الثياب في الصلاة: ج 1 ص 89: (وكل المرأة عورة إلَّا كفيها ووجهها؛ وظهر قدميها عورة؛ فهذا انكشف من الرَّجل في صلاته شيء مما بين سرته وركبته ومن المرأة في صلاتها شيء من شعرها قل أو كثر ومن
جسدها سوى وجهها وكفيها وما يلى الكف من موضع مِفْصَلِهَا ولا يعدوه عَلِمَا أَمْ لَمْ يَعْلَمَا، أعادا الصلاة معًا، إلَّا أن يكون تنكشف بريح أو سقطة ثم يعاد مكانه لا لبث في ذلك). قُلْتُ: لهذا ترجح عندنا ما أثبثناه، والله أعلم.
(•) في النسخة (3): الحُرَّة بدل المرأة، مع أني أرجح أن الحرة أولى من المرأة في هذا المقام؛ إلَّا أنى أثبت المرأة لشهادة النسختين بذلك، ولعموم لفظ المرأة. ولكن المناسبة تقتضي الحرة؛ لأن الأمة لا عورة لصوتها على البداهة، وربما اختلف في الحرة. فضلًا عن أن لفظ المتن الحرَّة. والله أعلم.
وَشَرْطُهُ مَا مَنَعَ إِدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ، أي لا حجبها فلا يكفي زجاج وماء صاف، نعم يرد عليه الظلمة فإنَّها مانعة من الإدراك ولا يكفي كما سبق (444)، وَلَوْ طِينٌ وَمَاءٌ كَدِرٌ، لحصول مقصود الستر بهما، والصافي إذا غلبت الخضرة كالكدر، وَالأَصَحُّ: وُجُوبُ التَّطَيُّنِ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ، أي أو نحوه لقدرته على الستر، والثاني: المنع لما فيه من المشقة والتلويث، وقال الماورديُّ: إن كان ثخينًا وجب وإلاّ فلا (445).
وَيَجِبُ سَتْرُ أَعْلَاهُ وَجَوَانِبِهِ لَا أَسْفَلِهِ؛ لأنه المقصود من الستر، فَلَوْ رُؤِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ جَيْبِهِ، أي وهو المنفذ الذي يدخل فيه الرأس، فِي رُكُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكْفِ، لعدم الشرط المذكور، فَلْيُزِرَّهُ أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ، أي أو يضع عليه شيئًا وقد قال صلى الله عليه وسلم لسلمةَ بنِ الأَكْوَعِ وقد قال إنِّي رحل أصيد أفأُصلي في القميص الواحد قال:[نَعَمْ وَازْرُرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ] رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة (446)، وَلَهُ سَتْرُ
(444) لحديث عائشة قالت: [لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ يُصَلِّي الْفَجْرَ؛ فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٌ فِي مُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الصلاة: باب في كم تصلي المرأة في الثياب: الحديث (372). والْمَرْطُ: كِسَاءٌ مِنْ خِزٍّ أَوْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَشِفُّ وَلَا يَصِفُ. وفي الباب أحاديث تبين هذا المعنى.
(445)
يبدو لي أن الأمر على هذا الوجه فيه مبالغة وتكلف وقد نهينا عن التكلف كما في الحديث الصحيح، والأصول المعتبرة في الأوامر الشرعية أن يأتي المكلف منها ما يستطيع، ورفع القلم عن المكره، ولا حرج على المضطر، وغيرها من بديهيات أصول التنفيذ، فالعذر قائم في مثل هؤلاء حال إكراههم على أنَّهم لم يجدوا ما يسترون به عوراتهم، ويبقى حال المكلف في غض البصر، والصورة على ما يبدو كما قال سيدنا الشَّافعي رضي الله عنه في الأُم: باب صلاة العراة: ج 1 ص 91: أن يأتوا الصلاة على ما وسعهم حالهم بحيث يمنع التمكين من رؤية العورات، وفيه تفصيل فليراجع. والله أعلم.
(446)
رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب في الرَّجل يصلي في قميص: الحديث (632). والنسائي في السنن: كتاب القبلة: باب الصلاة في قميص واحد: الحديث (841) ولفظه: [زُرَّهُ عَلَيْكَ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ] وإسناده حسن قاله النووي في المجموع: ج 3 ص 174.
بَعْضِهَا بِيَدِهِ فِي الأَصَحِّ، لحصول المقصود، والثاني: لا؛ لأن الساتر لا بد وأن يكون غير المستتر، ونظير هذا الخلاف ما لو استنجى بيده والأصح المنع، وما إذا استاك بإصبعه وقد سلف، وما إذا غطى محرم رأسه بِكَفِّ غيره، والمذهب لا فدية كَكَفِّ نفسه، وقيل: وجهان كجواز السجود على كف غيره، وقوله (بِيَدِهِ) احترز به عما إذا وضع الغير يده عليها، فإنَّه يكفي قطعًا، وإن فعل مُحَرمًا كما قال ابن الرفعه لانتفاء عله المنع.
فَإِنْ وَجَدَ كَافِيَ سَوْأَتَيْهِ، أي قبله ودبره، تَعَيَّنَ لَهُمَا، لغلظهما، أَوْ أَحَدَهُمَا فَقُبُلَهُ؛ لأنه إلى القبلة، وَقِيلَ: دُبُرَهُ؛ لأنه أفحش في الركوع والسجود، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ، لتعارض المعنيين، والخلاف لا في الوجوب على الصحيح؛ بل في الشرطية، كما قاله في شرح المهذب: حتَّى لو خالف لم تصح صلاته.
• وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ، بالإجماع، فَإِنْ سَبَقَهُ بَطَلَتْ، أي صلاته؛ لأن طهارته قد بطلت إِجماعًا، فكذا صلاته لانتفاء الشرطية (447)، واحترز بالسبق عن التعمد، قال في البيان: والمكره على الحدث (448)، وَفِي الْقَدِيمِ لَا تَبْطُلُ بَلْ يَبْنِي، أي يتطهر ويبني
(447) لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيرِ طُهُورٍ؛ وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ] رواه مسلم في الصحيح: كتاب الطهارة: باب وجوب الطهارة: الحديث (1/ 224). والترمذي في الجامع: أبواب الصلاة: الحديث (1) وقال: هذا الحديث أصح شيء في الباب وأَحْسَنُ.
(448)
لحديث عَلِيُّ بْنِ طَلْقٍ الْيَمَانِيّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدِ الصَّلاةَ] رواه أبو داود في السنن: الحديث (205)، والترمذي في الجامع: الحديث (1164 و 1166) وقال: حديث علي بن طلق حديث حسن. وسمعت مُحَمَّد (البخاري) يقول: لا أعرف لعلي بن طلق عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث الواحد. ولا أعرف هذا الحديثَ من حديث طلق بن عليّ السُّحَيْمِيِّ، وكأنَّهُ رَأَى أَنَّ هَذَا رَجُلٌ آخر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. والنَّسائيّ في السنن الكبرى: كتاب عشرة النساء: باب ذكر حديث علي ابن الطلق: الحديث (9023 - 9026).
لعدم تقصيره (449)، وَيَجْرِيَانِ فِي كُلِّ مُنَاقِضٍ، أي منافٍ، عَرَضَ بِلَا تَقْصِيرٍ، وَتَعَذَّرَ دَفْعُهُ فِي الْحَالِ، أى كما إذا تنجس ثوبه أو بدنه واحتاج إلى غسلهما أو أبعدت الريح ثوبه، فَإِنْ أَمْكَنَ، أي دفعه في الحال، بِأَنْ كَشَفَتْهُ رِيحٌ فَسَتَرَ فِي الْحَالِ لَمْ تَبْطُلْ، لانتفاء المحذور، وَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ فَرَغَتْ مُدَّةُ خُفِّ فِيهَا بَطَلَتْ، أي جزماً من غير تخريج على القولين لأنه يُشْبِهُ من أحدث مختاراً (450).
• وَطَهَارَةُ النَّجَسِ، الذي لا يعفى عنه، فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ، لثبوت
(449) لحديث عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ، أَوْ رُعَافٌ، أَوْ قَلَسٌ، أَوْ مَذْيٌ، فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلاِتهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمْ]، رواه ابن ماجه في السنن: كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء في البناء على الصلاة: الحديث (1221) وإسناده ضعيف، لضعف رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، ورواه الدارقطني في السنن: ج 1 ص 154.
(450)
• لحديث نافع: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كَانَ إِذَا رَعَفَ، انْصَرَفَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى وَلَمْ يَتَكَلَّمْ. رواه الإمام مالك في الموطأ: كتاب الطهارة: باب ما جاء في الرعاف: الحديث (46) وإسناده حسن. وربما يتوجه به الحديث السابق عن عائشة إذا صح مرسلاً.
• ولما جاء عن ابن عباس رض الله عنهما: كَانَ يَرْعُفُ فَيَخْرُجُ فَيَغْسِلُ الدَّمَ عَنْهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَبْنِى عَلَى مَا قَدْ صَلَّى. أرسله الإمام مالك ولم يسنده في الموطأ: الحديث (47) ولكنه لعله يقوى بما أسند عن سَعِيْدٍ بْنِ الْمُسَيَّبِ: رَعَفَ وَهُوَ يُصَلّي، فَأَتَى حُجْرَةَ أُمِّ سَلَمَةَ؛ زَوْجِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ بِوُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى عَلَى مَا قَدْ صَلّى. الموطأ: الحديث (48) وإسناده صحيح وسعيد بن المسيب روى عن كثير من الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً، ومنهم عبد الله بن عباس.
• في تلخيص الحبير: ج 1 ص 294؛ قال ابن حجر عن حديث الرعاف السابق بسند ابن ماجه والدارقطني عن عائشة؛ قال: ورواه عبد الرزاق في المصنف موقوفاً على علي؛ وإسناده حسن، وعن سلمان ونحوه، وروى الموطأ عن ابن عمر - وقد تقدم - وللشافعي من وجه أخر عنه، قال: مَن أصابهُ رُعَافٌ أوْ مَذْيٌ أَوْقَيْءٌ اِنْصَرَفَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى. قُلْتُ: فالقيد أن لا يُطِيلَ الْمُدَّةَ وأن لا يتكلم، وبما لا يخرج من السبيلين، والله أعلم.
الأمر باجتنابها، ولا يجب ذلك في غير الصلاة اتفاقاً فتعين أن يكون فيها، وَالأَمْرُ بِالشَّيْء نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ فَيَلْزَمُ مَا ذَكَرنَاهُ (451).
(451) • أما قوله: (طَهَارَةُ النَّجَسِ)، فلقوله تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر / 4] في قول: اغسلها بالماء، وكان المشركون لا يتطهرون، فأمره أن يتطهر، ويُطَهِّر ثيابه، قال ابن جرير الطبري: وهذا أظهر معانيه، ثم قال: جسمك فطهر من الذنوب؛ قول عليه أكثر السلف. ج 14 ص 183 تعليقاً على النص (27378) وقوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر / 5] أي العذاب فاهجر، فاترك ما أوجب لك العذاب من الأعمال؛ تفسر البيان للطبري: ج 14 ص 184.
• أما الثياب، فلقوله تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ، ولحديث أسماء قالت: سَأَلَتِ امْرَأَةُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا؛ إِذَا أَصَابَ ثَوبْهَا الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ؛ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:[إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ؛ فَلْتَقْرُصْهُ، ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ، ثُمَّ لِتُصَلِّي فِيهِ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحيض: الحديث (307)، ومسلم في الصحيح: كتاب الطهارة: باب نجاسة الدم وكيفية غسله: الحديث (110/ 291)، وأبو داود في السنن: الحديث (361)، والترمذي في الجامع: الحديث (138).
• ولحديث أبي السَّمْحِ قال؛ قال النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: [يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ
بَوْلِ الْغُلَامِ] تقدم في الرقم (227).
• ثم لحديث عائشة رضى الله عنها قالت: [أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى
ثَوْبهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ] رواه البخاري في الصحيح: الحديث (222).
• أما البدن فلحديث عائشة رضى الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [إِذَا أَقْبَلَتِ
الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا؛ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلَّي] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحيض: باب الاستحاضة: الحديث (306)، ومسلم في الصحيح: كتاب الحيض: باب المستحاضة: الحديث (62/ 333) وما بعده.
ثم لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [تَنَزَّهُواْ مِنَ الْبَوْلِ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ] رواه الدارقطني في السنن: ج 1 ص 127. قال: والمحفوظ مرسل.
• وأما المكان فلحديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أَنَّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى أعْرَابِيّاً يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:[دَعُوهُ] حَتَّى إِذَا فَرَغَ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ. رواه البخاري في =
وَلَوِ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ وَنَجِسٌ اجْتَهَدَ، كما في القبلة (452)، وَلَوْ نَجَسَ بَعْضُ ثَوْبٍ، أَوْ بَدَنٍ وَجَهِلَ وَجَبَ غَسْلْ كُلِّهِ، لأن الأصل بقاء النجاسة ما بقي منه جزءٌ بغير غسل، ولا يجتهد فيه؛ لأنه إنما يكون بين عينين (453)، فَلَوْ ظَنَّ طَرَفاً، كالْكُمِّ وَالْيَدِ، لَمْ يَكْفِ غَسْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، لما ذكرناه، والثاني: يكفيه؛ لأنهما عينان متميزتان فهما كالثوبين.
فَرْعٌ: لو اشتبه مكان من بيت أو بساط فالأصح منع التحري أيضاً (454).
وَلَوْ غَسَلَ نِصْفَ نَجِسٍ لُمَّ بَاقِيهُ، فَالأَصَحُّ أَنَّهُ إِنْ غَسَلَ مَعَ بَاقِيهِ مُجَاوِرَهُ، أي
الصحيح: كتاب الوضوء: الحديث (219 و 220 و 221).
(452)
لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَتْ: إِنِّي مُسْتَحَاضَةٌ فَلَا أَطْهُرُ؛ أَفَادَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: [لَا؛ إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ
وَلَيْسَ بِالحَيْضِ؛ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي] رواه البخاري في الصحيح: الحديث (306).
(453)
ومثاله؛ حكى البخاري تعليقاً في الصحيح؛ قال: (وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ؛ وَفِيهِ الصُّفْرَةُ؛ فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ. وَبَلَغَ ابْنَةَ زَيْد بنِ ثَابِتٍ: أَنَّ نِسَاءً يَدْعونَ بالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ، فَقَالَتْ: مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا. وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ): كتاب الحيض: باب إقبال المحيض، حديث الباب.
(454)
لعموم النهي عن تكلف الأمور من غير لازم لها، أو سبب يعرف بضرورة البحث والتحري. لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:[نُهِيْنَا عَنِ التَّكَلُّفِ] رواه البخاري في الصحيح: الحديث (7293). ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ؛ فَسَارَ لَيْلاً؛ فَمَرُّواْ عَلَى رَجُلٍ جَالِسٍ عِنْدَ مُقْرَاةٍ لَهُ؛ فَقَالَ عُمَرُ: يَا صَاحِبَ الْمُقْرَاةِ أَوَلَغَتِ السِّبَاعُ اللَّيْلَةَ فِي مُقْرَاتِكَ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: [يَا صَاحِبَ الْمُقْرَاةِ لَا تُخْبِرْهُ، هَذَا مُتَكَلِّفٌ! لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا، وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ طَهُورٌ] رواه الدراقطني في السنن: كتاب الطهارة: حكم الماء إذا لاقته نجاسة: ج 1 ص 26. وموقوفاً على عمر رضي الله عنه في الموطأ: كتاب الطهارة: باب الطهور للوضوء: ج 1 ص 23.
من النصف الأول، طَهُرَ كُلَّهُ، وَإلَاّ، أي وإن غسل الباقى من غير أن يغسل معه من النصف الأول ما يُجَاوِرُهُ، فَغَيْرُ الْمُنْتَصَفِ، أي طهّر الطرفان وبقي المنتصف نجساً على حاله فيغسله وحده لأنه رطب ملاقٍ للنجس، والثاني: لا يطهر حتى يغسله كله دفعة واحدة؛ لأن الرطوبة تسري، وهذا مبني على أن الثوب الرطب إذا وقعت عليه نجاسة هل يتنجس كله أو موضع الإصابة فقط؟ على وجهين في التتمة، والثالث: أنه يطهر مطلقاً، والرابع: إن علق الثوب وصب الماء على أعلاه إلى النصف ثم صب
على النصف الباقي طهر لأن الماء لا يترادّ إلى الأعلى، وإن لم يكن كذلك لم يطهر لأنه يتراد، حكاهما في الكفاية قال في شرح المهذب: والثاني هو الصحيح فيهما إذا غسل نصفه في جفنة، وإن غسل نصفه بصب الماء عليه في غير جفنة طهر، قال: وعليه يحمل ما نقله الرافعي والْمُنْتَصَفُ بفتح الصاد (455).
وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مُلَاقٍ بَعْضُ لِبَاسِهِ نَجَاسَةً، أي في قيامه أو قعوده أو ركوعه أو سجوده لما سبق، ويؤخذ من اشتراط ذلك في الثوب اشتراطه في البدن من باب
(455) • والأصلُ في هذا الفهم فتوى أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم، لسؤال عبد الله بن عوف: أَنَّهُ اسْتَفْتَى أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي الثَّوْبِ يُجَامِعُ فِيهِ الرَّجُلُ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ رَأَيْتَهُ ثُمَّ الْتَبَسَ عَلَيْكَ، فَاغْسِلِ الثَّوْبَ كُلَّهُ؛ وَإِنْ شَكَكْتَ فِي شَيْءٍ لَمْ تَسْتيْقِنْهُ، فَانْضَحِ الثَّوْبَ؛ ثُمَّ صَلِّ فِيهِ. رواه البيهقي في السنن الكبرى: الحديث (4205) وقال: وَرَيْنَا عَن نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا عَرَفْتَ مَكَانَهُ فَاغْسِلْهُ، وَإِلَّا فَاغْسِلِ الثَّوْبَ كُلَّهُ.
• والأصل في هذه الفتوى؛ حديث أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضى الله عنهما قَالَتْ: سَمِعْتُ امْرَأَةً تَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ كَيْفَ تَصْنَعُ بِثَوْبِهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا، فَقَالَ:[إِنْ رَأَتْ فِيهِ دَماً حَتَّتْهُ، ثُمَّ قَرَصَتْهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُ فِي سَائِرِ ثَوْبِهَا، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ] في السنن الكبرى للبيهقي: الحديث (4208) وحديث عائشه رضي الله عنها قالت: [ثُمَّ تَقْرُصُ الدَّمَ مِن ثَوْبِهَا عِنْدَ طُهْرِهَا فَتَغْسِلُهُ، وَتَنْضَحُ عَلَى سَائِرِهِ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحيض: باب غسل دم الحيض: الحديث (308).
أَولى، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ، أي كذنابة العمامة الطويلة؛ لأن المعتبر أن لا يكون ثوبه المنسوب إليه ملاقياً للنجاسة (456)، وَلَا قَابِضٍ طَرَفَ شَيْءٍ، كحبل، عَلَى نَجِسٍ إِنْ تَحَرَّكَ، ذلك الشيء الكائن على النجس بحركته؛ لأنه حامل للشئ النجس أو لما هو متصل به، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ فِي الأَصَحِّ، كما في الْعَمَامَةِ، والثاني: أنَّها لا تبطل، لأن الطرفَ غير محمول له؛ قاله الرافعي في الشرح الصغير وهو أَوْجَهُ الوجهين، والشدُّ كالقبضِ، فَلَوْ جَعَلَهُ، أى طرف الحبل المذكور، تَحْتَ رِجْلِهِ صَحَّتْ مُطْلَقاً، أي سواءً تحرك بحركته أو لم يتحرك، لأنه ليس حاملاً للنجاسة ولا ما هو متصل بها، وَلَا يَضُرُّ نَجِسٌ يُحَاذِي صَدْرَهُ، أي ونحوه كبطنه أو شيء من بدنه، فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى الصَّحِيحِ، كما لو صلى على بساط طرفه نجس تصح صلاته؛ وإن نسب إليه أنه مصلاه، والثاني: يضر، لأن القَدَرَ الذي يوازيه منسوب إليه لكونه مكان صلاته فتعتبر طهارته كالذي يلاقيه، أما إذا لاقاه النجس فتبطل جزماً.
وَلَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ بِنَجِسٍ، أي كعظم كلب ونحوه، لِفَقْدِ الطَّاهِرِ، أي وكذا مع وجوده، وقول أهل الخبرة إنه لا ينفع غيره (457)، فَمَعْذُورٌ، للضرورة وكذا لو قالوا: إنه ينجبر سريعاً بعظم الكلب دون غيره فيما يظهر، وهو نظير التيمم لبطئ البرء، وَإِلَاّ، أي وإن وصله به مع وجود الطاهر، وَجَبَ نَزْعُهُ، للضرورة، وكذا إن لم يحتج إلى الجبر وجبر فيحب النزع أيضًا، إِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَراً ظَاهِراً، أي وهو ما أباح
(456) لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ، أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ؛ فَلَمَّاَ قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ؛ قَالَ:[مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَائِكُمْ نِعَالَكُمْ؟ ] قَالُواْ: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ؛ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [إِنَّ جبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم أَتَانِي فَأَخْبَرنِي أَنَّ فِيهمَا قَذَراً] وَقَالَ: [إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيهِ
قَذَراً أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا] رواه أبو داود في السنن: الحديث (650).
(457)
أى في حال كسرها مثلًا، أو لعلَّة ما، تحتم مثل هذا الاستعمال.
التيمم، قِيلَ: وَإِنْ خَافَ، أي ما ذكرناه فإنه ينزع أيضًا لتعديه ويؤدي إلى أنه يصلي عمره كله بنجاسة فَرَّطَ بحملها؛ ونحن نقتله بترك صلاة واحدة، فَإِنْ مَاتَ لَمْ يُنْزَعْ عَلَى الصَّحِيحِ، أي وجوباً؛ لأن فيه مُثْلَةً للميت وهتكاً لحرمتهِ، والثاني: يُنزع لئلا يلقى الله حاملًا للنجاسة.
وَيُعْفَى عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ، لِجواز الاقتصار على الْحَجَرِ لِمَا سبق، وَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِراً بَطَلَتْ فِي الأَصَحِّ، لأن العفو عن أثر النَّجْوِ (458) للحاجة ولا حاجة به إلى حمل الغير، والثاني: لا تبطل كما في حق المحمول.
وَطِينُ الشَّارِعِ الْمُتَيَقَّنُ نَجَاسَتُهُ يُعْفَى عَنْهُ عَمَّا يَتَعَذَّرُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا، لأن الناس لا بد لهم من الانتشار في حوائجهم، وكثير منهم لا يملك إلّا ثوباً واحداً فلو أمروا (•) بالغسل كلما أصابهم ذلك لعظمت المشقة (459)، وَيَخْتَلِفُ بِالْوَقْتِ
(458) النَّجْوُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَطْنِ. وَاسْتَنْجَى: مَسَحَ مَوْضِعَ النَّجْوِ أَوْ غَسَلَهُ.
(•) في النسخة (3): كُلِّفُواْ بدل أُمِرُواْ.
(459)
• لحديث امرأة من بني الأشهل؛ قالت: قلت: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ لَنَا طَرِيْقاً إِلَى الْمَسْجِدِ مُنْتِنَةٍ، فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا؟ قَالَ:[ألَيْسَ بَعْدَهَا طَرِيقٌ هِيَ أَطْيَبُ مِنْهَا]، قَالَتْ: قُلْتُ: بَلَى! قَالَ: [فَهَذِهِ بِهَذِهِ] رواه أبو داود في السنن: الحديث (384)، والبيهقي في السنن الكبرى: الحديث (4369). هو والذى بعده رواهما الترمذي في الجامع: أبواب الطهارة: الحديث (143)، وجهالة المرأة لا تضر في مثل هذه التابعية؛ قال الشيخ أحمد محمد شاكر بعد أن حكى قول أبي بكر بن العربي:(هذا الحديث مما رواه مالك فصح، وإن كان غيره لم يره صحيحاً) قال الشيخ: فإن جهالة الحال في مثل هذه التابعية لا يضر، وخصوصاً مع اختيار مالك حديثها وإخراجه في موطئه، وهو أعرف الناس بأهل المدينة، وأشدهم احتياطاً في الرواية منهم.
• هذا إذا كان تنجس الثوب، أما البدن، فإنه لا يعيد الوضوء، ولكنه يغسل النجاسة؛ لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال:[كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لَا نَتَوَضَّأٌ مِنَ الْمَوْطَإِ] رواه الترمذي تعليقاً في الجامع: الحديث (143)، والحاكم في =
وَمَوْضِعِهِ مِنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ، أي فقد يتعذر الاحتراز في زمن الشتاء عن مقدار لا يتعذر الاحتراز عنه في زمن الصيف (460)، ويعفى في الرِجْل وذيل القميص عَمَّا لا يعفى عنه في الْيَدِ وَالْكُمِّ، قال الرافعي: والمعفو عنه ما لا ينسب صاحِبُهُ إلى سَقْطَةٍ أَوْ قِلَّةِ تَحَفُّظٍ، واحترز المصنف بالمتيقنِ النجاسةِ عَمَّا يغلب على الظَّنِّ اختلاطه بها لغالب الشَّوارع، فإن الأظهر فيه وفي أمثاله الطهارةُ تغليباً للأصلِ على الظاهرِ، أما غيرِ المتيقنِ إذا لم يَظن نجاسَتَهُ فَطاهر قطعاً، وَعَن قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ، وكذا القمل كما
ذكره في الْمُحَرَّرِ، لعموم البلوى به وعسر الاحتراز، وَوَنِيمِ الذُّبَابِ، كذلك أيضاً وهو رَوْثُهُ، وَالأَصَحُّ، أنه، لَا يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ، لندرته وسهولة الاحتراز عنه (461).
= المستدرك بلفظ قريب: الحديث (483 - 486) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(460)
لحديث أُمِّ وَلَدٍ لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَة؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:[يُطَهرُهُ مَا بَعْدُهُ] رواه أبو داود في السنن: كتاب الطهارة: الحديث (383)، والبيهقي في السنن الكبرى: الحديث (4203)، وقال: وروي ذلك أيضاً عن أبي هريرة موقوفاً وليس بالقوي؛ [الطُّرُقُ تُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضاً] الحديث (4204) وهذا إسناد ليس بالقوي؛ قاله البيهقي.
(461)
• هذه الأشياء من البراغيث؛ والقمل؛ والذباب؛ والبعوض، يطلق عليها الحشرات التي يتعذر التحرز منها، قال ابن حجر: قال الجاحظ: العربُ تطلق على النّحل والدبر وما أشبهه ذلك ذباباً. إهـ فتح البارى: ج 10 ص 523.
• وفي الحديث عن ابن أبي نُعمٍ قال: كُنْتُ شَاهِداً لاِبْنِ عُمَرَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ؛ فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ! قَالَ: انْظُرُواْ إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُواْ ابْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:[هُمَا رَيْحَانَتَايَ فِي الدُّنْيَا]. رواه البخاري في الصحيح: الحديث (5994) بلفظ: وَسَأَلَهُ عَنِ الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الذُّبَابَ؟ ففي دلاله جواب ابن عمر أن مثل هذا من العفو الذى لَا يُزَالُ وَلَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ.
• وجاء في الأثر عن عطاء فيمن يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ الدُّودُ أَوْ مِنْ ذَكَرِهِ نَحْوَ الْقَمْلَةِ؛ =
وَلَا قَلِيلِ انْتَشَرَ بِعَرَقٍ، لمجاوزته محلَّهُ، ولأن البلوى به لا تعم، وبهذا ظهر الفرق بين هذا وبين ما إذا عَرق مَحِلُّ النَّجْوِ فتلوث به غيره حيث صحح الرافعي فيه العفو، وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ بِالْعَادَةِ، أي فيما إذا يقع التلطخ به غالباً ويَعْسُرُ الاحتراز عنه؛ قَلِيلٌ، وإن زاد: فَكَثِيرٌ، لأن أصل العفو إنما اثبتناه لتعذر الاحتراز؛ فينظر أيضاً في الفرق بين القليل والكثير إليه، وعلى هذا فيختلف بالبلاد والأوقات، قال الإِمام: والذى أقطع به أنه لا بد أيضاً من أعتبار عادة الناس في غسل الثياب ويُرْجَعُ فِي هَذَا كُلِّهِ إِلَى رَأْيِ الْمُصَلِّي.
فَرْعٌ: لو كانت النجاسة متفرقة، ولو جمعت لبلغت قدراً لا يعفى عنه، ففيه احتمالان للإمام؛ وميله إلى العفو.
قُلْتُ: الأَصَحُّ عِنْدَ المُحَقِّقِينَ الْعَفْوُ مُطْلَقاً، وَالله أَعْلَمُ، لأن هذا الجنس يشق الاحتراز منه في الغالب، فأُلْحِقَ نادره بغالبه.
وَدَمُ البَثَرَاتِ كَالْبَرَاغِيثِ، لأن الإِنسان قَلَّ ما يخلو عنها، فلو وجب الغسل لِكُلِّ مَرَّةٍ لَشَقَّ، وَقِيلَ: إِنْ عَصَرَهُ فَلَا، للاستغناء عنه، وَالدَّمَامِيلُ، وَالْقُرُوحُ، وَمَوْضِعُ الْفَصَدِ، وَالحَجَامَةِ؛ قِيلَ: كَالْبَثَرَاتِ، لعسر الاحتراز عن لطخها (462)،
= قَالَ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ. رواه البخاري معلقاً في كتاب الوضوء من الصحيح: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر. قال ابن حجر: وهذا التلعيق وصله ابن أبي شيبة وغيره بنحوه وإسناده صحيح: ينظر: الفتح: ج 1 ص 371، وينظر: المصنف لابن أبي شيبة: النص (412).
(462)
• عَلَّقَ البخاري في الصحيح: كتاب الوضوء: باب (32): قال: وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قال ابن حجر في الشرح: وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وزاد قبل قوله: ولم يتوضأ (ثُمَّ صَلَّى): ينظر من الفتح: ج 1 ص 374. ولفظه عند أبي شيبة: عَنْ بَكْرٍ قَالَ: (رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَصَرَ بَثرَةً فِي وَجْهِهِ، فَخَرَجَ شَيْءٌ مِن دَمٍ فَحَكَّهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ). الكتاب
المصنف: الباب (167): النص (1469). =
وَالأَصَحُّ إِنْ كاَنَ مِثْلُهُ يَدُومُ غَالِباً فَكَالاِسْتِحَاضَةِ، أى فيحتاط له بقدر الإمكان كما فيها، ويعفى عما يتعذر أو يشق من غير جريان خلاف، وَإلَاّ فَكَدَمِ الأَجْنَبِيِّ، لأنها تندر بخلاف البثرات، فَلَا يُعْفَى، عنه أي عن دم الأجنبي لانتفاء المشقة فيه، وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ، أي وهو ما عده الناس عفواً؛ لأن جنس الدم يتطرق إليه العفو؛ فيقع القليل منه وفي محل المسامحة. قُلْتُ: الأَصَحُّ أَنّهَا، أي الدَّمَامِيْلُ إلى أخر
ما تقدم، كَالبَثَرَاتِ، لما سلف، وَالأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ دَمِ الأَجْنَبِيِّ، وَالله أَعْلَمُ، لما سلف أيضاً، قُلْتُ: ويستثنى من الدماء دم الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما فلا يعفى عن شيء منه قطعاً كما أشار إليه صاحب البيان، وَالْقَيْحُ، وَالصَّدِيدُ كَالدَّمِ، أي في جميع ما ذكرناه في نفسه وأجنبي، لأنهما دمان استحالا إلى زيادة فساد، وَكَذَا مَاءُ الْقُرُوحِ وَالْمُتَنَفِّطُ الَّذِي لَهُ رِيحٌ، قياساً على القيح والصَّدِيدِ،
وَكَذَا بِلَا رِيحٍ فِي الأَظْهَرِ، لأنه تحلل بعلَّة فهو كالقيح والصديد الذي لا رائحة له.
• أمَّا الْحَجَامَةُ والبزق وقليل الدم، فإنها ليست بحدث؛ وعلق البخاري في صحيحه قال: قال طاووس ومُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وعطاءُ وأهلُ الحجاز: لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ.
قال ابن حجر: طاووس ابن كيسان التابعي المشهور: وأثره هذا وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، ولفظه:(أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى فِي الدَّمِ وُضُوءاً؛ يَغْسِلُ عَنْهُ الدَّمَ وَحَسْبُهُ) إهـ. وهو كما قال؛ أسنده ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف: النص (1473) وفيه: (الدَّمُ السَّائِلُ وُضُوءاً). وقال في الفتح: ومحمد بن علي أي ابن الحسين بن على أبو جعفر الباقر: وأثره هذا رويناه موصولاً في فوائد الحافظ أبي
بشر المعروف بسمويه من طريق الأعمش، قال: سألت أبا جعفر الباقر عن الرُّعَافِ، فقال: لو سال نهر من دم ما أعدت منه الوضوء. وعطاء هو ابن أبي رباح، وأثره هذا وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه. وأما رأي أهل الحجاز فقال: رواه عبد الرزاق من طريق أبي هريرة وسعيد بن جبير، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق ابن عمر وسعيد بن المسيَّب، وأخرجه إسماعيل القاضي من طريق أبي الزناد عن الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وهو قول مالك والشافعي. ينظر: الكتاب المصنف: الباب (167) بنصوصه: من كان يرخص فيه ولا يرى فيه وضوءاً.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ طَهَارَتُهُ، وَالله أَعْلَمُ؛ تشبيهاً له بالعرق، ورجح فِي شرح المهذب القطع به ثم قال: وحيث نَجَّسْنَاهُ فهو كالبثرات (463).
وَلَوْ صَلَّى بِنَجِسٍ، أى غير معفو عنه، لَمْ يَعْلَمْهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْجَدِيدِ، كما لو بَانَ له بعد الفراغ من الصلاة أنه كان محدثاً، والقديم لا يجب، لحديث فيه مُؤَول (464)، وِإنْ عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ، لتفريطه بتركها لما
(463) • هذا لسلوك السلف من التابعين بعد الصحابة رضي الله عنهم جميعاً، أخرج ابن أبي شيبة عن هشام عن أبيه، أنه كان يقول لبنيه: لَا تَوَضَّؤُواْ مِنَ الدُّمَلِ إِلَاّ مَرَّةً. وعن سيف قال: كَانَ بِمُجَاهِدٍ قُرْحَةٌ تمصل، فَكَانَ لَا يَتَوَضَّأُ، وَيُصِيبُ ثَوْبَهُ فَلَا يَغْسِلُهُ. وعن القعقاع، قلت لإبراهيم: رحل به دماميل كثيرة، فلا تزال تسيل، قال: يغسل مكانها ويتوضأ ويبادر ويصلي. وعن الشعبي أنه سئل عن رجل به الباصور، فقال: يصلى وإن سال من قرنه إلى قدمه. وعن ابن عيينة عن أبيه، قال: رأيت طاووساً يصلى، وكان ثوبه نطع من قروح كانت بساقيه. ينظر: الكتاب المصنف لابن أبي شيبة: كتاب الطهارة: الباب (168) في الدمل والحبن وأشباهه: النصوص (1476 - 1481).
• قال البخاري في الصحيحِ: وَبَزَقَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى دَماً فَمَضَى فِي صَلاِتهِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ: لَيْسَ عَلَيهِ إِلاّ غَسْلُ مَحَاجِمِهِ. كتاب الوضوء: باب (34). قال ابن حجر في شرحه: ابن أبي أوفى هو عبد الله الصحابي بن الصحابي، وأثره هذا وصله سفيان الثوري في جامعه عن عطاء بن السائب أنه رآه فعل ذلك. وسفيان سمع من عطاء قبل اختلاطه، فالإسناد صحيح. وقوله:(قال ابن عمر) وصله الشافعي وابن أبي شيبة بلفظ: (كَانَ إِذَا احْتَجَمَ غَسَلَ مَحَاجِمَهُ) والحسن أي البصري وأثره هذا وصله ابن أبي شيبة أيضاً بلفظ: (أَنَّهُ سَأَلَ عَنِ الرَّجلِ يَحْتَجِمُ مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَغْسِلُ أَثَرُ مَحَاجِمِهِ) إهـ. وهى كما قال ابن حجر في الكتاب المصنف: كتاب الطهارة: باب من كان يتوضأ إذا احتجم.
(464)
هو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أنُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيهِ؛ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ؛ فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ:[لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ] قَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا؛ قَالَ: [إنَّ جَبْرَائِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا خَبَثاً - وفي لفظ [أَذًى]- فَإِذَا
جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَقْلِبْ نَعْلَيهِ فَلْيَنْظُر فِيهِمَا، فَإِنْ وَجَدَ فِيهِمَا خَبَثاً =
علم بها، وقيل القولان.
فَرْعٌ: لو مات قبل القضاء ففضل الله أن لا يؤاخذه مع وعده بأن الخطأ والنسيان عن الأُمة مرفوع وقد نص على ذلك البغوي في فتاويه.
فَرْعٌ: رأيت في فتاوى أبي عبد الله الحناطي أنه سئل عَمَّنْ رأى في ثوب غيره نجاسة ولم يكن لابسه خبيراً به هل يجب عليه الإعلام؟ فأجاب بأنه إذا رآهُ يصلّي فيه يلزمه الإعلام، وكذا يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ أركان الصلاة من رأه يصلِّى مُخِلَاّ بها ولا يكملها ويتحتم عليه ذلك إذا لَمْ يقم به غيره وَتَعَيَّنَ عليه (465).
فَصْل: تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِحَرْفَيْنِ، أي سواءً أَفْهَمَا أَمْ لَمْ يُفْهِمَا لأنهما من جنس الكلام، لأنه أقل ما بني عليه الكلام، أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ، أي كـ (قِ) من الوقاية و (عِ) من الوعاية، لاشتماله على مقصود الكلام وإن أخطأ بحذف هاء السكت بخلاف حرف غير مفهم، فَإِنَّ أقل ما يبنى عليه الكلام حرفان كما سلف، وَكَذَا مُدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ فِي الأَصَحَّ، لأن الْمَدَّة ألفٌ أو واوٌ أو ياءٌ وهى حروف مخصوصة فَضَمُّهَا إلى الحروفِ كضمِّ حرفٍ أخرٍ إليه، والثاني: لا، لأنها قد تَتَّفِقُ لأشباعِ الحركةِ ولا تُعَدُّ حَرْفاَ (466).
فَلْيَمْسَحْهُمَا بِالأَرْضِ ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا] قال البيهقي: وليس بالقوى. السنن الكبرى: كتاب الصلاة: الحديث (4188 و 4189). واحتج الشافعي بهذا الحديث لرأيه في القديم ثم رجع عنه في الجديد، لأنه احتمل عنده أن إخبار جبريل بالأذى على معنى ما يُسْتقْذَرُ منه من الطاهرات، فالحديث عنده مُؤولٌ إلى معنى الأذى المستقذر من الطاهرات وليس إلى النجسات.
(465)
لأثر زيد بن أسلم؛ قال: رأيت ابن عمر يصلى في ردائه وفيه دم؛ فأتاه نافع؛ فنزع عنه رداءه، والقى عليه رداءه، ومضى في صلاته. رواه البيهقي في السنن الكبرى: الأثر (4191).
(466)
* لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، قال زيد بن أرقم: فَأُمِرْنَا بالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ. =
فَرْعٌ: التلفظ بالنذر عامداً لا يبطل الصلاة على الأصح في شرح المهذب والصدقة والعتق وسائر القُرب مثلهُ قياسًا إذا لم يكن فيها خطاب.
فَرْعْ ثَانٍ: لو دعا النبي صلى الله عليه وسلم فِي عصره مصليًا فأجابه لم تبطل صلاته على
الصحيح، والذى يَظْهَرُ أن إجابته بالفِعلِ الكثير كالقولِ.
فَرْعٌ ثَالِثٌ: في نداء أحد الوالدين ثلاثةُ أَوْجُهٍ: في البحر في باب إمامة المرأة أصحها عنده أن الإجابة لا تجب، وثانيها: تجب وتبطل الصَّلاة، وثالثها: تجب ولا تبطل.
وَالأَصَحُّ أَنَّ التَّنَحْنُحَ، وَالضَّحِكَ، وَالْبُكَاءَ، وَالأَنِينَ، وَالنَّفْخَ إِنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ بَطَلَتْ، كما لو أتى بحرفين على وجه أخر (467)، وَإِلَاّ فَلَا، ووجهُ مقابلهِ أنَّهُ
• ولحديث معاوية بن الحكم السُّلَميِّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا أَنَاْ أُصَلِّى مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ؛ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله! فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ:
وَاثَكْلَ أُمَّيَاهُ؛ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُواْ يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ؛ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكَّنِي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّماَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، فَوَالله مَا كَهَرَنِي -نَهَرَنِي- وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، ثُمَّ قَالَ:[إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ، لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ] أو كما قال رسول الله.
* أما حديث زيد بن أرقم، رواه البخاري في الصحيح: كتاب التفسير: الحديث (4534)، ورواه مسلم في الصحيح: كتاب المساجد ومواضع الصلاة: الحديث (35/ 539). وأما حديث معاوية بن الحكم السلمي، تفرد به مسلم في الصحيح: كتاب المساجد: الحديث (33/ 537).
(467)
• أما التَّنَحْنُحُ؛ فلحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال:[كَانَ لِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَدْخَلَانِ، مَدْخَلٌ باللَّيْلِ وَمَدْخَل بِالنَّهَارِ فَكُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ بِاللَّيْلِ تنَحْنَحَ لِي].
رواه النسائي في السنن: كتاب السهو: باب التنحنح: ج 3 ص 12، وابن ماجه في السنن: كتاب الأدب: الحديث (3708) ولفظه: [فَكُنْتُ إِذَا أتَيْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي؛ يَتَنَحْنَحُ لِي].=
ليس من جنس الكلام، ولا يكادُ يُبَيَّنُ مِنْهُ حَرْفٌ مُحَقِّقٌ فَأَشْبَهَ الصَّوْتَ الغُفْلَ، ولا فرق في النفخ الحاصل بين الفم والأنف، وخصص في شرح المهذب والتحقيق
• أما الضحك؛ فلحديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَشْرُ، وَلَكِنْ يَقْطَعُهَا الْقَرْقَرَةُ] رواه البيهقي في السنن الكبرى: الحديث (3450)، ولفظ الطبراني في الصغير:[وَلَكِنْ يَقْطَعُهَا الْقَهْقَهَةُ]: الحديث (999) و (1000)، وقال الهيثمي: رجاله موثوقون: فى الزوائد: ج 1 ص 82.
• أما البكاء؛ فلحديث مُطرف عن أبيه؛ قال: [رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَا مِنَ الْبُكَاءِ] رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب البكاء في الصلاة: الحديث (904). والبيهقي في السنن الكبرى: الحديث (3446).
• أما الأَنِينُ والنفخ؛ فلحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله فَصَلَّى قَالَ: ثُمَّ فِي آخِرِ سُجُودِهِ فَقَالَ: [أُفٍّ أفٍّ] ثُمَّ قَالَ: [رَبَّ أَلَمْ تَعِدْنِي ألا تُعَذبَهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ، أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ] فَفَرَغَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ صَلَاتِهِ وَقَدْ أَمْحَصَتِ الشُّمْسُ. إهـ.
قال البيهقي في رواية عطاء قال: وَجَعَلَ يَنْفُخُ فِي آخِرِ سُجُودِهِ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيةِ وَيَبْكِي، وَلَمْ يَذْكُرِ التَّأْفِيفَ. وكذلك في رواية السائب بن مالك عن عبد الله لم يذكر التأفيف. رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب من قال يركع ركعتين: الحديث (1194)، والبيهقي في السنن الكبرى: الحديث (3452) قال البيهقي أيضاً: وَالَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا. نَفْخاً يُشْبِهُ الْغَطِيطَ، وذلك لما عرض عليه من تعذيب بعضِ مَن وجب عليه العذاب، فليس غيره في التأفيف. إهـ. قلت: أي هو أنين التألم والشفقة، وهى من مظاهر الرحمة والرأفة لنبوته صلى الله عليه وسلم.
• أما النفخ؛ فلحديث أم سلمة رضى الله عنها، قَالَتْ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غُلَاماً لَنَا يُقَالُ لَهُ أَفْلَحَ؛ إِذَا سَجَدَ نَفَخَ؛ فَقَالَ:[يَا أفْلَحَ! تَرِّبْ وَجْهَكَ] رواه الترمذي في الجامع: أبواب الصلاة: باب ما جاء في كراهية النفخ: الحديث (381) وقال الترمذي: وحديث أُمِّ سلمة إسناده ليس بذاك. وميمون أبو حمزة قد ضَعَّفَهُ بعض أهل العلم. قُلْتُ: له ترجمة في تهذيب التهذيب لابن حجر: الرقم (7339). ثم لحديث أيمن بن نابل؛ قال: قلت؛ لقدامة صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّا نَتَأَذّى بِرِيْشِ الْحَمَامِ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذَا سَجَدْنَا؛ فَقَالَ: انْفُخُواْ. رواه الببهقى في السنن الكبرى: الأثر (3455).
والروضة الخلاف بالتنحنح، وحزم فيما عداه بالتفصيل، ومقتضى كلام الرافعي في شرحيه لا سيما الصَّغير ما في الكتاب، وبه صرح في التتمة نقلًا عن الأصحاب، إلاّ أنه حكاه قولين. نعم تعبير المصنف يُوْهِمُ جريانَ الخلافِ فِيه؛ وإن لم يَبِنْ حَرْفَانِ وليس كذلك.
وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ إِنْ سَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ إِنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالإِسْلَامِ، لقصة ذي اليدين الثابتة فِي الصحيحين فإنه عليه الصلاة والسلام كان غير ذاكر أنَّهُ في الصلاة وذو اليدين كان جَاهِلًا بتحريم الكلام، ومن سبق إلى الكلام لسانُهُ أوْلَى مِنَ النَّاسِى لِعَدَمِ قَصْدِهِ، أمَّا لو كان بعيد العهد بالإسلام فلا (468) يعذر به لتقصيره بترك التعلم، والناشئ بقرية بعيدة عن العلماء كقريب العهد كما فِي نظائره، لَا كَثِيرُهُ فِي الأَصَحِّ، أي لا يعذر فِي كثير الكلام إن سبق لسانه إلى أخر ما تقدم؛ لأنه يمكن الاحتراز عنه، والثاني: لا تبطل؛ لأنه لو أبطل كثيره لأبطل قليله كالعمد.
فَرْعٌ: يرجع في القليل والكثير إلى العرف، وَفِي التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ، أي مما تقدم معه، لِلْغَلَبَةِ وَتَعَذْرِ الْقِرَاءَةِ، أي قراءة الفاتحة، وإن بَانَ منه حرفان لمكان العذر، لَا الْجَهْرِ، أي بالقراءة، وكذا بالقنوت، في الأَصَحِّ، لأنه أدب وسُنَّةٌ ولا ضرورة إلى احتمال التنحنح له، والثاني: يعذر به إقامة لشعار الجهر، كذا علله الرافعي ومقتضاه أنه إذا قرأ من السورة ما يتأدى به أصل السنة ثم عرض بعد ذلك لم يعذر به قطعاً، أما الجهر بأذكار الانتقالات عند الحاجة إلى إسماع المأمومين فلا يبعد أن يكون عذراً.
(468) حديث ذي اليدين؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِن اثْنَتَيْنِ؛ فَقَالَ
لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [أصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ ] فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ! . فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ؛ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأذان: الحديث (714)، وفي كتاب الصلاة:(482)، ومسلم في الصحيح: كتاب المساجد: الحديث (97/ 572).
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ بَطَلَتْ فِي الأَظْهَرِ، لندرته، والثاني: لا كالنسيان، وَلَوْ نَطَقَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ كَ {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} ، أي لمن استاذن على أخذه ونحوه {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} إِنْ قَصَدَ مَعَهُ قِرَاءَةَ لَمْ تَبْطُلْ، لأنه قرآن فصار كما لو قصد القرآن وحده (469)، وَإِلَّا، أي وإن لم تقصد معه قراءة، بَطَلَتْ، كما لو أفهمه بعبارة أخرى، فإن قصد القراءة فقط فظاهر أي صحيحه، أو أطلق فتبطل.
ومسألة الإطلاق من زيادات المصنف على الرافعي وقال في شرح المهذب: إنَّ البطلان ظاهر كلام المصنف وغيره، ونازعه في ذلك أبن الرفعة، وقال: كلام المهذب منصرف إلى الإعلام لا إلى الإطلاق، ونظير هذه المسألة تقدمت في الغسل وأنه لا يحرم إذا أطلق، قال ابن الرفعة: وهو صحيح لكن الفرق بينه وبينه المصلى أن كونه في الصلاة قرينة تصرف ذلك إلى القرآن. وَعَبَّرَ المُصَنِّفُ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ لِيُدْخِلَ فِيهِ ما إذا قصد غير القراءة (470) ويحترز به عَمَّا لو أتى بكلماتٍ منه من مواضع مُفَرقَةٍ ليست في القرآن على النظم الذى أتى به كقوله: يا إبراهيم سَلَامٌ كُنْ فَإِنَّهَا تبطل فلو أتى بها مُفَرَّقَةَ لم تبطل أى إذا قَصَدَ بِهَا القرآنَ كما قاله في شرح المهذب.
فَرْعٌ: قراءةُ آيةِ منسوخةٍ تبطل صلاته، وقيل: لا تبطل بقراءة آية الرَّجْمِ (471)
(469) عن عليَّ بن ربيعة؛ قال: نَادَى رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ عَلِيَّاَ رضي الله عنه؛ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ، فَقَالَ:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] فَأَجَابَهُ عَلِىٌّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]، وفي رواية قتادة، قال: فَأَنْصَتَ عَلِىٌّ رضي الله عنه حَتَّى فَهِمَ مَا قَالَ؛ فَأَجَابَهُ. إ هـ. أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان: تفسر الآية 60 من سورة الروم: النص (21356) و (21357) وإسناده صحيح.
(470)
كما هو الرأي في قوله: (وَتَحِلُّ أَذْكَارُ الْقُرْآنِ لِجُنُبٍ لَا بِقَصدِ قُرْآنٍ) ينظر: ص.
(471)
ليس في الرجم آية، أما حديث سيدنا عمر رضي الله عنه، وفيه قوله آية الرجم؛ فإنه لم يُرِدْ به الآية بمعنى النص من القرآن، وإنما أراد القطع والجزم في ثبوت الرجم، وفي هذا تفصيل يحتاج إلى البحث، سيما أنه كثر الوهم في فَهْمِ البعض عبارة سيدنا عمر رضي الله عنه على غير وجهها المطلوب، ولهذا البحث مناسبة في غير هذا الموضع. إن شاء الله. اقتضى التنويه.
حكاهُ الرافعيُّ في حَدِّ الزنا، وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، لِمَطْلُوبِيَّتِهِمَا، الَّلُهُمَّ إلاّ أن يترجم لها عند القدرة كما سبق في بابه، ويشترط ألاّ يقصد به شيئاً أخر، فإن قصد كسُّبْحَان الله بقصد التنبيه وتكبرات الانتقالات من المبلَّغ بقصد التبليغ ونحوها؛
كان على التفصيل السابق في القراءة كما صرح به في الْمُحَرَّرِ، نعم؛ قال الماورديُّ: إن ما لا يصلح لكلام الآدميين من القرآن والأذكار لا يُؤَثُرُ وإن قصد به الإفهام فقط.
فَرْعٌ: عَطَسَ في الصلاة حَمِدَ الله تَعَالَى فِي نَفْسِهِ ولا يحرك لِسَانَهُ قاله في الأحياء.
وفي زوائد الروضة في كتاب السير: أنه يسمِعُ نفسه، إِلَاّ أَنْ يُخَاطِبَ، كَقَوْلِهِ لِعَاطِسٍ: يَرْحَمُكَ الله، لأنه كلام وضع لمخاطبة الآدمى فهو كردِّ السَّلَامِ فإن قال: رَحِمَكَ الله، لم تبطل، وقيد الرافعي والمصنف في الروضة المسألة بغير خطاب الله ونبيه صلى الله عليه وسلم وأهمله المصنف؛ لأنه يؤخذ من التشهد، ومن تمثيله أيضاً هنا، ويؤخذ من كلام الرافعي أنها تبطل بما عدا النبي صلى الله عليه وسلم من الملائكة والأنبياء (•).
وَلَوْ سَكَتَ طَوِيلًا بِلَا غَرَضٍ، أي عمداً في ركن طويل، لَمْ تَبْطُلْ فِي الأَصَحِّ، لأنَّهُ لَا يُخْرِمُ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ وما يليق بها من الخضوع والاستكانة، والثاني: تبطل؛ لاشعاره بالإعراض عن الصلاة ووظائفها، فإن سكت يسيراً أو كثيراً لِغَرَضِ التذكر! . فلا.
وَيُسَنُّ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ كَتَنْبِيهِ إِمَامِهِ، أي إذا سهى، وَإذْنِهِ لِدَاخِلٍ وَإنْذَارِهِ أَعْمَى، أن يقع في محذور ونحو ذلك كغافل وصبي لا يميز، ومن قصده ظالمٌ أو سَبُعٌ ونحوهم، وكذا من أراد إعلام غيره أمراً كما قاله الرافعي، أَنْ يُسَبِّحَ، وَتُصَفّقُ الْمَرْأَةُ، للأمر به فِي الصحيح (472)، ولو عكسا فخلاف السُّنْةِ، ولا تبطل صلاتهما،
(•) في هامش النسخة (1): فَرْعٌ: قال الشيخ في التنبيه: وإن سُلَّمَ عليه رَدَّ بِالإِشَارَةِ؛ قاله في التوشيح؛ وهذا مندوب، وفي وجه يَحِلُّ، وفي كتاب السير: أنه واجب؛ وفي التتمه خلاف الأَوْلى، وفي الذخائر عن الشافعي: مكروه وإن جاز.
(472)
لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: [مَا لِي أَرَاكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ؟ مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي =
والخنثى كالمرأة، بِضَرْبِ الْيَمِينِ، أى بطنها، عَلَى ظَهْرِ الْيَسَارِ، وهذا هو الأشهر في كيفيته، وفي معناها أن تعكس فتضرب بطن الشمال على ظهر اليمين.
تَنْبِيْهٌ: إذا لم يحصل الأنذار بالتسبيح ونحوه فله أحوال؛ أحَدُهَا: أن لا يحصل إلَّا بالكلام فيجب، نعم؛ تبطل صلاته عند الأكثرين كما قاله الرافعي، وتبعه عليه في الروضة، لكنه صحح في التحقيق عكسه. ثَانِيْهَا: أن لا يحصل إلَّا بالفعل الكثير كثلاث خطوات فصاعداً، فالظاهر كما قاله المحب الطبري أنه يتخرج على الخلاف في القول، وحينئذ إذا لم يحكم ببطلان الصَّلاةِ فَيُتِمُّ صَلاُتهُ في الموضع الذي انتهى إليه ولا يعود إلى الأول إلاّ حيث جوزناه في سبق الحدث. الثَّالِثُ: أن يمكن حصوله بهما، فإن قلنا بالأبطال تخير بينهما، وإلاّ فيتعين القول أو الفعل لقوته أو يتخير فيه نظر.
وَلَوْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا، أي غير أفعال الصلاة، إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا، أي كزيادة ركوع أو سجود لا على وجه المتابعة، بَطَلَتْ، لتلاعبه ولو كان قائماً فانتهى إلى حد الركوع لقتل حَيَّةٍ أو عَقْرَبٍ لم يضر؛ قاله صاحب الكافي، ولو نقل ركناً قولياً كفاتحة لم تبطل بعمده في الأصح، كما ذكره في الباب الآتي وَيَخْرُجُ أَيضاً هُنا بقوله ولو فعل ولم يقل ولو أتى، إِلَاّ أَنْ يَنْسَى، لأنه معذور (473)، وَإِلَّا، أي وإن لم يكن من حنس أفعال الصلاة، فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ، لأن الحاجة لا تدعو إليه وهذا في صلاة الأمن دون صلاة الخوف كما سياتي في بابه، لَا قَلِيلِهِ، لأنه عليه الصلاة والسلام فَعَلَهُ وَرَخْصَ فِيهِ (474)، وَالكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ، أي فلا يضر ما يعدونه قليلاً،
صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ. وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأذان: الحديث (684).
(473)
لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: [أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سلَّمَ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الصلاة: باب ما جاء في القبلة: الحديث (404) وكناب السهو: باب إذا صَلَّى خمساً: الحديث (1226). ومسلم في الصحيح: الحديث (89/ 572) وما بعده.
(474)
لحديث أبي قتادة الأنصاري؛ [أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ =
فَالْخُطْوَتَانِ أَوِ الضَّرْبَتَانِ قَلِيلٌ، وَالثَّلَاثُ كَثِيرٌ إِنْ تَوَالَتْ، أي فإن تفرقت؛ فلا، والتفرق بالعرف، ولو تردد في فعل هل انتهى إلى حد الكثرهَ أم لا؟ قال الإمام: فينقدح فيه ثلاثة أوجه؛ أظهرها: أنه لا يؤثر، وثالثها: يتبع ظنه فإن استوى الظنان استمر في الصلاة.
فَرْعٌ غَرِيبٌ: لو نوى فعلات وفَعَلَ واحدةَ بطلت صلاته؛ قاله في البيان في آخر صلاة الخوف، وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ، أي ونحوها كالضربة المفرطة لمنافاتها، لَا الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ فِي الأَصَحِّ، لأنها لا تخل بهيئة الخشوع، والثاني: أنها إذا كثرت أبطلت كالخطوتان، وأشار المصنف بالأصابع إلى أن صورةَ المسألة أن يضع يده في محل واحد ويجر أصابعه ذَاهِبًا وَآيِبًا حتى لو جَرَّ جميع كفه ثلاثاً بطلت صلاته، إلا أن يكون به جَرَبٌ ولا يقدر معه على عدم الحك، قاله صاحب الكافي، وَسَهْوُ الْفِعْلِ، أي المبطل إما لفحشه أو لكثرته، كَعَمْدِهِ فِي الأَصَحِّ، أي فكثيره يبطل وإن كان ساهياً لندوره، ولأنه يقطع نَظْم الصَّلاة، والثاني: لا، لقصة ذي اليدين الثابتة فِي الصحيحين وهو المختار (475)، وَتَبْطُلُ بقَلِيلِ الأكْلِ، لشدة منافاته، وقيل: لا إلحاقاً له بسائر الأفعال، ومثار الخلاف أن الإبطال؛ هل هو لما فيه من العمل أم لوصول المفطر جوفه؟ وينبنى على ذلك مسألة ذوب السكرة الآتية، وتعبر المصنف بالأكل يقتضي أن النظر إلى الفعل لا إلى المأكول، وهو كذلك لأن مجرد المضغ يبطل إذا كثر. قُلْتُ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِياً، أَوْ جَاهِلاً تَحْرِيمَهُ، وَالله أَعْلَمُ، كالصوم، ويرجع في القليل إلى العرف، فَلَوْ كَانَ بِفَمِهِ
زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلأَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيْعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا] رواه البخاري في كتاب الصلاة: باب إذا حمل جارية صغيرة: الحديث (516). رمسلم في الصحيح: كتاب المساجد: باب جواز حمل الصبيان: الحديث (41/ 543).
(475)
رواه البخاري في الصحيح: كتاب السهو: باب إذا سلم في ركعتين: الحديث (1227). ومسلم في الصحيح: كتاب المساجد: الحديث (97/ 572).
سُكْرَةٌ فَبَلَعَ ذَوْبَهَا، أي بمصٍّ ونحوه لا مضغ، بَطَلَتْ فِي الأَصَحِّ، لأنه منافٍ للصَّلاة، وإن كان الأصح في الأيْمان أنه ليس أكلاً، والثاني: لا، لأنه يوجد منه فعل.
فَصْلٌ: وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي إِلَى جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ أَوْ عَصاً مَغْرُوزَةٍ أَوْ بَسَطَ مُصَلَّى أَوْ خَطَّ قُبَالَتَهُ دَفْعُ الْمَارِّ، للأمر به فإنه شيطان (476)، وبسط المصلى مستنده القياس،
(476) * لحديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعَ أحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيهِ وَليَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ] رواه مسلم في الصحيح: كتاب الصلاة: الحديث (258/ 505).
* أما أنه يصلى إلى جدار، فلحديث سهل بن سعد رضي الله عنه؛ [كَانَ يَبْنَ مُصَلَّى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم والْجِدَارِ مَمَرُّ شَاةٍ] وفي رواية أخرى للبخاري: [كَانَ بَيْنَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ
مِمَّا يَلِى الْقِبْلَةَ وَبَيْنَ الْمِنْبَرِ مَمَرُّ شَاةٍ] روى الأول البخاري في الصحيح: كتاب الصلاة: باب قدر كم ينبغى أن يكون بين المصلى والسترة: الحديث (496).
ومسلم في الصحيح: كتاب الصلاة: الحديث (262/ 508). والثاني رواه البخاري في الصحيح: كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة: الحديث (7334)، ولفظه في كتاب الصلاة:[كَانَ جِدَارُ الْمَسَجِدِ عَنِ الْمِنْبَرِ، مَا كَادَتِ الشَّاةُ تَجُوزُهَا].
* أما السَّارِيَّةُ فلحديث سلمة بن الأكوع؛ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلاة عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ (السَّارِيَةِ) وذكر [أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا] وزاد البخاري: [عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الصلاة: باب الصلاة عند الاسطوانة: الحديث (502). ومسلم في الصحيح: كتاب الصلاة: الحديث (263/ 509).
* أما الْعَصَا المغروزة؛ فلحديث ابن عمر رضي الله عنهما [كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيْدِ؛ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ. وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الصلاة؛ باب سترة الإمام سترة من خلفه: الحديث (494). ومسلم في الصحيح: كتاب الصلاة: الحديث (245/ 501).
* وقوله: أوبَسَطَ مُصَلَّى؛ فلحديث سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ رضي الله عنه؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [اسْتَتِرُواْ فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ]. رواه الحاكم في المستدرك: كتاب الصلاة: الحديث (926/ 253) وقال: على شرط مسلم. ووافقه الذهبي في التلخيص، قال: على =
والخط يكون طولاً، وعبارة المصنف تقتضي التخيير فيما ذكره وليس كذلك، فقد قال في التحقيق: فإن عجز عن سترة بسط مصلىً، فإن عجز خطَّ خطّاً، ويندب دفع المار بالأسهل فالأسهل كالصائل، وقَدْرُ الْمُصلَّى، والخط يظهر أن يكون كالشاخص وهو قدر مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ (477)، وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ حِينَئِذٍ، أي حين وجود السترة لقوله صلى الله عليه وسلم:[لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلَّى مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْراً لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ] متفق عليه (478)، والثاني: لا، بل يكره ولا وجه له، فإن الإثم إنما يلحق بالحرام، نعم في ابن ماجه أنه عليه الصلاة والسلام [أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ فَمَرَّتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ
سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا (أَيْ مُشِيْراً لِلرُّجُوعِ) فَمَضَتْ، فَلَمَّا صَلَّى النْبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هُنَّ أغْلَبُ] وجه الدلالة أن المرور لو كان حراماً لَبَيُّنَهُ لكنه حديث ضعيف (479)، ولو لم
شرط مسلم. وقول الحاكم (على شرط مسلم) هذا في بعض النسخ على ما يبدو.
* وقوله: أَوْ خَطٌ قُبَالَتَهُ؛ فلحديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْههِ شَيْئاً؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصاً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
مَعَهُ عَصاً فَلْيَخْطُطْ خَطّاً لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ مِنْ أَمَامِهِ] رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب الخط إذا لم يجد عصاً: الحديث (689). وابن ماجه في السنن: كتاب إقامة الصلاة: باب ما يستر المصلى: الحديث (943).
(477)
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يُجْزِئُ مِنَ السُّتْرَةِ قَدْرَ الرَّحْلِ وَلَوْ بِدِقَّةِ شَعْرِهِ] رواه الحاكم في المستدرك: كتاب الصلاة: الحديث (924/ 251) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه مفسراً بذكر دقة الشعر. ووافقه الذهبي في التلخيص وقال: على شرطهما؛ وليس عندهما أخر.
(478)
رواه البخاري في الصحيح: كتاب الصلاة؛ باب إثم المار بين يدى المصلى: الحديث (510). ومسلم في الصحيح: كتاب الصلاة: الحديث (261/ 507) وليس فيهما [مِنَ الإِثْمِ]، وإنما هو من رواية عبد القادر الهروى توفي سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، سمع من الدارقطني وغيره؛ ثم هو أحد رواة صحيح البخاري.
(479)
عن محمد بن قيس، وهو قَاصٌّ عُمَرَ بن عبدالعزيز؛ عن أبيه، وفي رواية عن أُمِّهِ؛ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ؛ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ. فَمَرَّ بَبْنَ يَدَيْهِ عَبْدُ الله، أَوْ =
يكن سترةٌ أو كانت وتباعد عنها؛ فالأصح أنه ليس له الدفع لتقصيره، ولا يحرم المرور حينئذ بين يديه لكن الأَوْلَى تركه كما قاله في الروضة، وقال فِي شرح المهذب والتحقيق يُكْرَهُ، قال ابن المنذر: وكان مالك رضي الله عنه يُصلى متباعدًا عن السترة فمر به رجل لا يعرفه فقال: أيها المصلي أدنُ من سترتك، قال فجعل يتقدم ويقول {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (480)، نعم قال في الكافي: إن حريمه إذا لم يكن ستره قدر إمكان سجوده فلو مرَّ وراءَهُ جَازَ.
فَرْعٌ: لم يفصل أصحابنا في تحريم المرور بين يدي المصلي إلى الكعبة وبين الطائف وغيرهما، واغتفر غيرنا ذلك للحاجة إليه بل ألحق بعض الحنابلة الحرم بمكة في عدم كراهة المرور.
قُلْتُ: يُكْرَهُ الاِلْتِفَاتُ، أي بوجهه للنهي عنه (481)، لَا لِحَاجَةٍ، للاتباع، ولا
عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ. فَقَالَ بِيَدِهِ. فَرَجَعَ. فَمَرَّتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ. فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا.
فَمَضَتْ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [هُنَّ أَغْلَبُ]. رواه الإمام أحمد في المسند: ج 6 ص 294. وابن ماجه في السنن: كتاب إقامة الصلاة: الحديث (948).
والحديث ضعيف لأن محمد بن قيس أو أُمُّهُ مجهولان. ولِمُحَمَّدِ بن قيسٍ ترجمةٌ في تهذيب التهذيب: الرقم (6498).
(480)
النساء / 113.
(481)
* لحديث عائشة رضى الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصَّلَاةِ، قال:[هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأذان: باب الالتفات في الصلاة: الحديث (751). وأبو داود في السنن: الحديث (910). والترمذي في الجامع: الحديث (590) وقال: حسن غريب.
* ثم لحديث الحارث بن الحارث الأشعري رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [إِنَّ الله عز وجل أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ
يَعْمَلُواْ بِهَا
…
وَإِنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بَالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُواْ، فَإِنَّ اللهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ] رواه الترمذي في الجامع: كتاب =
بأس بلمح العين بدون الالتفات، ففى صحيح ابن حبان من حديث ابن شيبان الحنفي قال: قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّيْنَا مَعَهُ فَلَمَحَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنِهِ رَجُلًا لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَقَالَ: [لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ](482)، وَرَفْعُ بَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَفُّ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، للنهي عنه فمن ذلك أن يعقص شعره أو يرده تحت عمامته أو يشمر ثوبه أو كُمَّهُ ونحو ذلك كَشَدِّ الوسط وغرز العذبة، والحكمة في النهي عنه أن ذلك يسجد معه (483)، وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى فَمِهِ بِلَا حَاجَةٍ، للنهي عنه (484)،
= الأمثال: الحديث (2863).
(482)
هو عبد الرحمن بن علي بن شيبان الحنفي؛ ونصه كما في صحيح ابن حبان: قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّيْنَا مَعَهُ، فَلَمَحَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ رَجُلًا لَا يُقِرُّ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ،
وَالسُّجُودِ؛ فَقَالَ: [إِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ] الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: كتاب صفة الصلاة: باب ذكر الزجر عن أن لا يقيم المرء صلبه: الحديث (1888).
(483)
* قوله: رَفْعُ الْبَصَرِ؛ فلحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاء فِي صَلاِتِهِمْ]، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ:[لِيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتَخَطْفَنَّ أَبْصَارُهُمْ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأذان: باب رفع البصر إلي السماء: الحديث (750). والنسائي في السنن: كتاب السهو: باب النهي عن رفع البصر: ج 3 ص 7.
* وقوله: وَكَفُّ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ؛ فلحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالَ: [أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: اَلْجَبْهَةُ؛ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ؛ وَالْيَدَيْنِ؛ وَالرُّكْبَتَيْنِ؛ وَأطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ. وَلَا أَكْفُتَ الثِّيَابَ وَلَا الشَّعْرَ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأذان: باب السجود على سبعة: الحديث (810) ولفظه: [وَلَا نَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا شَعْرًا]. والحديث (812). ومسلم في الصحيح: كتاب الصلاة: باب أعضاء السجود: الحديث (227/ 490 وما بعده في الباب).
(484)
لحديث أبى هريرة رضي الله عنه؛ [أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ] رواه أبو داود في السنن: الحديث (643) وقال: رواه عسل عن عطاء =
والحاجة كوضع اليد على الفم إذا تَثَاءَبَ (485)، والظاهر أنه يضع اليسرى لأنها لتنحية الأذى، وَالْقِيَامُ عَلَى رِجْلٍ، لأنه تكلف ينافي الخشوع، نعم إذا كان لحاجة فلا، وَالصَّلَاةُ حَاقِنًا أَوْ حَاقِبًا، أي الأول للبول؛ والثاني للغائط، أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ يَتُوقُ إِلَيهِ، لقوله صلى الله عليه وسلم:[لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأخْبَثَانِ]، رواه مسلم (486)، ويُكره أيضًا مدافعة الريح كما قاله الرافعي، وَأَنْ يَبْصُقَ قِبْلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، للنهي عنه في الصحيحين بل عن يساره (487)، وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ، للنهي عن أن يصلي الرجل مختَصِرًا، متفق عليه (488)، وذكرتُ في الأصل أن فيه أربعة أقوال، أصحها أن يضع يده على خاصرته وأهملتُ خامسًا: أن يقتصر على الآيات التي فيها السجدة ويسجد فيها، وسادسًا: أن يختصر السجدة إذا انتهى في قراءته
إليها ولا يسجدها، حكاهما المحب الطبري في أحكامه، وَالْمُبَالَغَةُ فِي خَفْضِ الرَّأْسِ
= عن أبي هريرة [أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ]. وإسناده صحيح وربما أعلَّهُ البعض بفعل عطاء.
(485)
لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إِذَا تَثَائَبَ أحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ] وفي لفظ: [إِذَا تَثَائَبَ أحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ] رواهما مسلم في الصحيح: كتاب الزهد: الحديث (57 و 59/ 2995).
(486)
رواه مسلم في الصحيح: كتاب المساجد: باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام: الحديث (67/ 560). وأبو داود في السنن: كتاب الطهارة: باب الرجل يصلي وهو حاقن: الحديث (89).
(487)
لحديث أنس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ فَشُقَّ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ فَقَالَ:[إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ -أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ - فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ] رواه
البخاري في الصحيح: كتاب الصلاة: باب حَكُّ البُزاق: الحديث (405). ومسلم في الصحيح: كتاب المساجد: الحديث (53/ 550) عن أبي هريرة.
(488)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [نُهِيَ عَنِ الْخَصْرِ فِي الصَّلَاةِ] وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه البخاري في الصحيح: كتاب العمل في الصلاة: باب الْخَصْرِ فِي الصَّلَاةِ: الحديث (1219). ومسلم في الصحيح: كتاب المساجد: باب كراهة الاختصار: الحديث (46/ 545).
فِي رُكُوعِهِ، وسجوده لأنه خلاف المنقول فإنه عليه الصلاة والسلام كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بَيْنَ ذلك (489)، وَالصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ، أي بمسلخه (490)، وَالطَّرِيقِ، أي في البنيان للنهي عنهما، وَالْمَزْبَلَةِ، أي موضع الزبل لكثرة النجاسة فيها، وَالْكَنِيسَةِ، أي وكذا البيعة ونحوهما من أماكن الكفر؛ لأنها مأوى الشياطين، فإن لم يأذنوا لنا حرمت الصلاة وغيرها؛ لأن لهم منعنا من الدخول كما نمنعهم دخول مساجدنا، ولم يتعرض في الروضة لما ذكرنا هنا، وَعَطَنِ الإِبِلِ، للنهي عنه وعطن الغنم كمأواها ومأوى الإبل لَيْلًا كعطنها، إلا أنها أخف من العطن، وعطن البقر كالغنم قاله ابن المنذر، وَالْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ (491)، وَالله أَعْلَمُ،
(489) لحديث ابن عباس رضى الله عنهما؛ قال: [كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَكَعَ اسْتَوَى؛ فَلَوْ صُبَّ عَلَى ظَهْرِهِ الْمَاءُ لاسْتَقَرَّ] رواه الطبراني في المعجم الكبير: ج 20 ص 129:
الحديث (12781) وموقوفًا: النص (12755). قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير وأبو يعلى ورجاله موثوقون. وعن أبي برزة الأسلمي قال: [كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَكَعَ لَوْ صُبَّ عَلَى ظَهْرِهِ مَاءٌ لَاسْتَقَرَّ] رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: باب صفة الركوع: ج 2 ص 123. قال ابن الملقن في التحفة عن حديث أبى برزة: رواه الطبرانى في أكبر معاجمه بإسناد حسن؛ ينظر: تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج: الحديث (392).
(490)
لحديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه من رواية عمر بن يحيى عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ، إِلَاّ الْحَمَّامَ وَالْمَقْبَرَةَ] رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب في المواضع التي لا تجوز الصلاة فيها: الحديث (492). والترمذي في الجامع:
كتاب أبواب الصلاة: الحديث (317) وأعلَّهُ الترمذي بالاضطراب، ولقد أحسن الشيخ أحمد محمد شاكر في الجواب وتصحيح الحديث: ينظر تعليق الشيخ رحمه الله في الجامع: ج 2 ص 133.
(491)
لحديث ابنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [سَبْعُ مَوَاطِنَ لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ: ظَاهِرُ بَيْتِ اللهِ؛ وَالْمَقْبَرَةُ؛ وَالْمَزْبَلَةُ؛ وَالْمَحْزَرَةُ؛
وَالْحَمَّامُ؛ وَعَطَنُ الإِبِلِ؛ وَمَحَجَّةُ الطَّرِيقِ] رواه ابن ماجه في السنن: كتاب المساجد: باب المواضع التي تكره فيها الصلاة: الحديث (747) وإسناده صحيح.