المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم علمه الكتاب) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب الْعلم)

- ‌(بابُ فَضْلِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب مَنْ سُئِلَ عِلْماً وَهوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أجابَ السَّائِلَ

- ‌(بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعلْمِ)

- ‌(بَاب قَوْلِ المُحَدِّثِ: حدّثنا أوْ أخْبَرَنَا وأنْبأَنَا)

- ‌(بَاب طرْحِ الإِمَامِ المَسْألَةَ عَلى أصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ)

- ‌(بابٌ القِرَاءَةُ والعَرْضُ عَلَى المُحَدِّثِ)

- ‌(بَاب مَا يُذْكَرُ فِي المُناوَلَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ قعَدَ حَيْث يَنْتَهِي بِه المَجْلِسُ ومَنْ رَأى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيها)

- ‌(بَاب قَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم رُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِنْ سامِعٍ)

- ‌(بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ والعَمَلِ لِقولِهِ تَعَالَى {فاعلَمْ أنَّهُ لَا إلَهَ إلَاّ الله} (مُحَمَّد: 19) فبَدَأ بالعلْمِ)

- ‌(بَاب مَا كانَ النبيُّ يَتَخَوَّلُهُمْ بالموْعِظَةِ والعِلْمِ كَي لَا يَنْفِرُوا)

- ‌(بَاب مَنْ جَعَلَ لأهْلِ العِلْمِ أيَّاماً مَعلُومَةً)

- ‌(بَاب مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْراً يُفَقِّههُ فِي الدِّينِ)

- ‌(بَاب الفَهمِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الاغْتِباطِ فِي العِلْمِ والحِكْمَةِ)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلَّى الله عَلَيْهِ فِي البَحْرِ إِلى الخضِرِ)

- ‌(بَاب قوْل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ)

- ‌(بَاب متَى يَصِحُّ سَماعُ الصَّغِيرِ)

- ‌(بابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب فَضْل مَنْ عَلِمَ وعلَّمَ)

- ‌(بَاب رفْعِ العِلْمِ وظُهُورِ الجَهْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ العلْمِ)

- ‌(بَاب الفُتْيا وهْوَ واقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وغَيْرها)

- ‌(بَاب مَنْ أجَاب الفُتْيا باشارَةِ اليَدِ والرَّأسِ)

- ‌(بَاب تحْرِيضِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أنْ يَحْفَظُوا الإِيمانَ والعِلْمَ وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ)

- ‌(بَاب الرِّحْلةِ فِي المَسْألَةِ النَّازِلِةِ وتَعْلِيمِ أهْلِهِ)

- ‌(بَاب التَّناوُبِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ والتَّعْلِيمِ إِذَا رَأى مَا يَكْرَهُ)

- ‌(بابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبتَيْهِ عِنْدَ الإِمامِ أَو المُحِدِّثِ)

- ‌(بَاب مَنْ أعادَ الحَدِيثَ ثَلاثاً لِيُفْهَمَ عَنْهُ)

- ‌(بَاب تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أمَتَهُ وأهْلَهُ)

- ‌(بَاب عِظَةِ الإِمامِ النِّساءَ وتَعْلِيمهنَّ)

- ‌(بابُ الحِرْصِ علَى الحدِيثِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّساءِ يَوْمٌ علَى حِدَةٍ فِي العِلْم)

- ‌(بابُ مَنْ سَمِعَ شَيْئاً فَرَاجَعَهُ حَتَّى يَعْرِفَهُ)

- ‌(بابٌ لِيُبَلّغِ العِلْمَ الشَّاهِدُ الغائبَ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ كَذَبَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ كِتَابَةِ العلْمِ)

- ‌(تَابعه معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة)

- ‌(بابُ العِلْمِ والعِظَةِ باللَّيْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَر فِي العِلْمِ)

- ‌(بابُ حِفْظِ العِلْمِ)

- ‌(بابُ الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ للْعَالِمِ إذَا سُئِلَ: أيُّ النَّاسِ أعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إلَى اللَّهِ)

- ‌(بابُ مَنْ سَأَلَ وَهُوَ قائِمٌ عالِما جالِسا)

- ‌(بابٌ السُّؤَال والفُتْيا عِنْدَ رَمْيِ الجِمارِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلَاّ قَلِيلاً} )

- ‌(بَاب من خص بِالْعلمِ قوما دون قوم كَرَاهِيَة أَن لَا يفهموا)

- ‌(بَاب الْحيَاء فِي الْعلم)

- ‌(بَاب من استحيا فَأمر غَيره بالسؤال)

- ‌(بَاب ذكر الْعلم والفتيا فِي الْمَسْجِد)

- ‌(بَاب من أجَاب السَّائِل بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌(كتاب الْوضُوء)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْوضُوء وَقَول الله تَعَالَى {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} )

- ‌(بَاب لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور)

- ‌(بَاب فضل الْوضُوء والغر المحجلون من آثَار الْوضُوء)

- ‌(بَاب لَا يتَوَضَّأ من الشَّك حَتَّى يستيقن)

- ‌(بَاب التَّخْفِيف فِي الْوضُوء)

- ‌(بَاب إسباغ الْوضُوء)

- ‌(بَاب غسل الْوَجْه باليدين من غرفَة وَاحِدَة)

- ‌(بَاب التَّسْمِيَة على كل حَال وَعند الوقاع)

- ‌(بَاب مَا يَقُول عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب لَا تسْتَقْبل الْقبْلَة بغائط أَو بَوْل إِلَّا عِنْد الْبناء جِدَار أَو نَحوه)

- ‌(بَاب من تبرز على لبنتين)

- ‌(بَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى البرَاز)

- ‌(بَاب التبرز فِي الْبيُوت)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ)

- ‌(بَاب من حمل مَعَه المَاء لطهوره)

- ‌(بَاب حمل العنزة مَعَ المَاء فِي الِاسْتِنْجَاء)

- ‌(بَاب النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ)

- ‌(بَاب لَا يمسك ذكره بِيَمِينِهِ إِذا بَال)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ)

- ‌(بَاب لَا يستنجى بروث)

الفصل: ‌(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم علمه الكتاب)

وَلَا يقنع بِمَا عِنْده كَمَا لم يكتف مُوسَى صلى الله عليه وسلم بِعِلْمِهِ الرَّابِع فِيهِ وجوب التَّوَاضُع لن الله تَعَالَى عَاتب مُوسَى عليه السلام حِين لم يرد الْعلم إِلَيْهِ وَأَرَادَ من هُوَ أعلم مِنْهُ قلت يَعْنِي فِي علم مَخْصُوص الْخَامِس فِيهِ حمل الزَّاد وأعداده للسَّفر بِخِلَاف قَول الصُّوفِيَّة السَّادِس قَول النَّوَوِيّ فِيهِ أَنه لَا بَأْس على الْعَالم والفاضل أَن يَخْدمه الْمَفْضُول وَيقْضى لَهُ حَاجته وَلَا يكون هَذَا من أَخذ الْعِوَض على تَعْلِيم الْعلم والآداب بل من مروآت الْأَصْحَاب وَحسن المعاشرة وَدَلِيله اتيان فتاه غداءهما السَّابِع فِيهِ الرحلة وَالسّفر لطلب الْعلم برا وبحراً الثَّامِن فِيهِ قبُول خبر الْوَاحِد الصدوق وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.

17 -

(بَاب قوْل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَول النَّبِي، عليه الصلاة والسلام، هَذَا لفظ الحَدِيث، وَضعه تَرْجَمَة على صُورَة التَّعْلِيق، ثمَّ ذكره مُسْندًا، وَهل يُقَال لمثله مُرْسل أم لَا؟ فِيهِ خلاف. فَإِن قلت: مَا أَرَادَ من وضع هَذَا تَرْجَمَة؟ قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن هَذَا لَا يخْتَص جَوَازه بِابْن عَبَّاس، رضي الله عنهما. فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ؟ قلت: من حَيْثُ إِن من جملَة الْمَذْكُور فِي الْبَاب الأول غَلَبَة ابْن عَبَّاس على حر بن قيس فِي تماريهما فِي صَاحب مُوسَى، عليه السلام، وَذَاكَ من كَثْرَة علمه وغزارة فَضله، وَفِي هَذَا الْبَاب إِشَارَة إِلَى أَن علمه الغزير وفضيلته الْكَامِلَة ببركة دُعَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَالَ لَهُ:(اللَّهُمَّ علمه الْكتاب) . وَوجه آخر: أَن فِي الْبَاب الأول بَيَان استفادة مُوسَى، عليه الصلاة والسلام، من الْخضر من الْعلم الَّذِي لم يكن عِنْده من ذَلِك شَيْء، وَفِي هَذَا الْبَاب بَيَان استفادة ابْن عَبَّاس علم الْكتاب من النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

75 -

حدّثناأبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حدّثنا عَبْدُ الوَارثِ قَالَ: حَدثنَا خالِدٌ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: (اللَّهُمَّ عَلَّمُهُ الكِتابَ) ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، بل هُوَ عين التَّرْجَمَة.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو معمر، بِفَتْح الميمين: عبد اللَّه بن عَمْرو بن أبي الْحجَّاج ميسرَة، الْبَصْرِيّ المقعد، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين، الْمنْقري الْحَافِظ الْحجَّة، سمع عبد الْوَارِث الدَّرَاورْدِي وَغَيرهمَا، روى عَنهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَالْبُخَارِيّ، وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ. قَالَ يحيى بن معِين: هُوَ ثِقَة عَاقل، وَفِي رِوَايَة: ثَبت، وَكَانَ يَقُول بِالْقدرِ، توفّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: عبد الْوَارِث بن سعيد ابْن ذكْوَان التَّمِيمِي الْعَنْبَري أَبُو عُبَيْدَة الْبَصْرِيّ، روى عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وَغَيره، قَالَ ابْن سعد: كَانَ ثِقَة حجَّة. توفّي بِالْبَصْرَةِ فِي الْمحرم سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الثَّالِث: خَالِد بن مهْرَان الْحذاء، أَبُو الْمنَازل، بِضَم الْمِيم، كَذَا ذكره أَبُو الْحسن، وَقَالَ عبد الْغَنِيّ: مَا كَانَ من منَازِل فَهُوَ بِضَم الْمِيم إلَاّ يُوسُف بن منَازِل فَإِنَّهُ بِفَتْح الْمِيم. قَالَ الْبَاجِيّ: قَرَأت على الشَّيْخ أبي ذَر، يَعْنِي الْهَرَوِيّ، فِي كتاب (الْأَسْمَاء والكنى) لمُسلم: خَالِد بن مهْرَان أَبُو الْمنَازل، بِفَتْح الْمِيم، وَكَذَا ذكره فِي سَائِر الْبَاب، وَالضَّم أظهر. وَقَالَ مُحَمَّد ابْن سعد: هُوَ مولى لأبي عبد اللَّه عَامر بن كريز الْقرشِي، وَلم يكن بحذّاء إِنَّمَا كَانَ يجلس إِلَيْهِم. يُقَال إِنَّه مَا حذا نعلا قطّ، وَإِنَّمَا كَانَ يجلس إِلَى صديق لَهُ حذاء. وَقيل: إِنَّه كَانَ يَقُول: أخذُوا عَليّ هَذَا النَّحْو، فلقب بِهِ. تَابِعِيّ، رأى أنس بن مَالك، قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ، وَقَالَ يحيى وَأحمد: ثِقَة، توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الرَّابِع: عِكْرِمَة مولى عبد اللَّه بن عَبَّاس، أَبُو عبد اللَّه الْمدنِي. أَصله من البربر من أهل الْمغرب، سمع مَوْلَاهُ وَعبد اللَّه بن عمر وخلقاً من الصَّحَابَة، وَكَانَ من الْعلمَاء فِي زَمَانه بِالْعلمِ وَالْقُرْآن، وَعنهُ أَيُّوب وخَالِد الْحذاء وَخلق، وَتكلم فِيهِ بِرَأْيهِ، رَأْي الْخَوَارِج، وَأطلق نَافِع وَغَيره عَلَيْهِ الْكَذِب، وروى لَهُ مُسلم مَقْرُونا بطاوس وَسَعِيد بن جُبَير، وَاعْتَمدهُ البُخَارِيّ فِي أَكثر مَا يَصح عَنهُ من الرِّوَايَات، وَرُبمَا عيب عَلَيْهِ إِخْرَاج حَدِيثه، وَمَات ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة مَمْلُوك فَبَاعَهُ عَليّ ابْنه من خَالِد بن مُعَاوِيَة بأَرْبعَة آلَاف دِينَار، فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَة: بِعْت علم أَبِيك بأَرْبعَة آلَاف دِينَار؟ فاستقاله فأقاله وَأعْتقهُ. وَكَانَ جوالاً فِي الْبِلَاد، وَمَات بِالْمَدِينَةِ سنة خمس، أَو سِتّ، أَو سبع وَمِائَة، وَمَات مَعَه فِي ذَلِك الْيَوْم كُثَيِّر الشَّاعِر، فَقيل: مَاتَ الْيَوْم أفقه النَّاس وأشعر النَّاس. وَقيل: مَاتَ عِكْرِمَة سنة خمس عشرَة وَمِائَة، وَقد بلغ ثَمَانِينَ. وَاجْتمعَ حفاظ ابْن عَبَّاس على عِكْرِمَة، فيهم عَطاء وَطَاوُس

ص: 65

وَسَعِيد بن جُبَير فَجعلُوا يسْأَلُون عِكْرِمَة عَن حَدِيث ابْن عَبَّاس، فَجعل يُحَدِّثهُمْ. وَسَعِيد كلما حدث بِحَدِيث وضع أُصْبُعه الْإِبْهَام على السبابَة، أَي سوى، حَتَّى سَأَلُوهُ عَن الْحُوت وقصة مُوسَى، فَقَالَ عِكْرِمَة: كَانَ يسايرهما فِي ضحضاح من المَاء، فَقَالَ سعيد: أشهد على ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: يحملانه فِي مكتل، يعْنى الزنبيل. قَالَ أَيُّوب: ورأيي، وَالله أعلم، أَن ابْن عَبَّاس حدث بالخبرين جَمِيعًا. الْخَامِس: عبد اللَّه بن عَبَّاس.

بَيَان الْأَنْسَاب: الْمنْقري، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح الْقَاف بعْدهَا رَاء، نِسْبَة إِلَى منقر بن عبيد بن الْحَارِث، وَهُوَ مقاعس بن عَمْرو بن كَعْب بن سعيد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم. قَالَ ابْن دُرَيْد: من نقرت عَن الْأَمر: كشفت عَنهُ. التَّمِيمِي: فِي مُضر ينْسب إِلَى تَمِيم بن مر ابْن أد بن طابخة بن الياس. الْعَنْبَري، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا رَاء، فِي تَمِيم ينْسب إِلَى العنبر بن عَمْرو بن تَمِيم.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث، والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته بصريون خلا عِكْرِمَة وَابْن عَبَّاس. وهما أَيْضا سكنا الْبَصْرَة مُدَّة. وَمِنْهَا: أَن إِسْنَاده على شَرط الْأَئِمَّة السِّتَّة، قَالَه بعض الشَّارِحين. وَفِيه نظر. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه هُنَا عَن أبي معمر، وَأخرجه أَيْضا فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن أبي معمر ومسدد عَن عبد الْوَارِث وَعَن مُوسَى عَن وهيب، كِلَاهُمَا عَن خَالِد، قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: هُوَ عِنْد القواريري عَن عبد الْوَارِث، وَأخرجه أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن عبد اللَّه بن مُحَمَّد، حَدثنَا هَاشم بن الْقَاسِم. وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل ابْن عَبَّاس، حَدثنَا زُهَيْر وَأَبُو بكر بن أبي النَّصْر، حَدثنَا هَاشم بن الْقَاسِم، حَدثنَا وَرْقَاء عَن عبيد اللَّه بن أبي يزِيد عَن ابْن عَبَّاس، رضي الله عنهما. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن بشار عَن الثَّقَفِيّ عَن عبد الْوَارِث بِهِ، وَقَالَ: حسن صَحِيح، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عمر بن مُوسَى عَن عبد الْوَارِث بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَأبي بكر بن خَلاد، كِلَاهُمَا عَن الثَّقَفِيّ بِهِ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (ضمني) : من ضم يضم ضماً، وضممت الشَّيْء إِلَى الشَّيْء فانضم إِلَيْهِ، وَهُوَ من بَاب: نصر ينصر. قَوْله: (اللَّهُمَّ) أَصله: يَا الله، فَحذف حرف النداء وَعوض عَنهُ الْمِيم، وَلذَلِك لَا يَجْتَمِعَانِ. وَأما قَول الشَّاعِر:

(وَمَا عَلَيْك أَن تَقول كلماسبحت أَو صليت يَا اللهما)

ارْدُدْ علينا شَيخنَا مُسلما

فَلَيْسَ يثبت، وَهَذَا من خَصَائِص اسْم الله تَعَالَى، كَمَا اخْتصَّ بِالْبَاء فِي الْقسم، وبقطع همزته فِي: يَا الله، وَبِغير ذَلِك. وَكَأَنَّهُم لما أَرَادوا أَن يكون نداؤه باسمه متميزاً عَن نِدَاء عباده باسمائهم من أول الْأَمر، حذفوا حرف النداء من الأول وَزَادُوا الْمِيم لقربها من حرف الْعلَّة، كالنون فِي الآخر، وخصت لِأَن النُّون كَانَت ملتبسة بضمير النِّسَاء صُورَة، وشددت لِأَنَّهَا خلف من حرفين، وَاخْتَارَ سِيبَوَيْهٍ أَن لَا تُوصَف، لِأَن وُقُوع خلف حرف النداء بَين الْمَوْصُوف وَالصّفة، كوقوع حرف النداء بَينهمَا، وَمذهب الْكُوفِيّين أَن أَصله: يَا الله أم، أَي: أقصد بِخَير، فتصرف فِيهِ، وَرجح الْأَكْثَرُونَ قَول الْبَصرِيين، وَرجح الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ قَول الْكُوفِيّين من وَجه وَكَأن الأَصْل أَن: يَا، الَّذِي هُوَ حرف النداء لَا يدْخل على مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام إلَاّ بِوَاسِطَة، كَقَوْلِه تَعَالَى:{يَا أَيهَا المزمل} (المزمل: 1) وَشبهه، وَإِنَّمَا ادخلوها هُنَا لخصوصية هَذَا الِاسْم الشريف بِاللَّه تَعَالَى، وَاللَّام فِيهِ لَازِمَة غير مُفَارقَة لِأَنَّهَا عوض عَمَّا حذف مِنْهُ، وَهِي الْهمزَة.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (ضمني) فعل ومفعول، و:(رَسُول الله) فَاعله، وَالْجُمْلَة مقول القَوْل. قَوْله:(وَقَالَ)، عطف على:(ضمني) . قَوْله: (اللَّهُمَّ علمه الْكتاب) ، مقول القَوْل، وَالْهَاء فِي: علمه، مفعول أول لعلم، و: الْكتاب، مفعول ثَان. فَإِن قلت: هَذَا الْبَاب، أَعنِي: التَّعْلِيم، يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة مفاعيل، ومفعوله الأول كمفعول أَعْطَيْت، وَالثَّانِي وَالثَّالِث كمفعولي: علمت، يَعْنِي لَا يجوز حذف الثَّانِي أَو الثَّالِث فَقَط، فَكيف هَهُنَا؟ قلت: علمه بِمَعْنى عرفه، فَلَا يَقْتَضِي إلَاّ مفعولين.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: (ضمني) فِيهِ حذف تَقْدِيره ضمني إِلَى نَفسه، أَو إِلَى صَدره، وَقد جَاءَ بذلك مُصَرحًا فِي رِوَايَته الْأُخْرَى عَن مُسَدّد عَن عبد الْوَارِث:(إِلَى صَدره) . قَوْله: (الْكتاب) أَي: الْقُرْآن، لِأَن الْجِنْس الْمُطلق مَحْمُول على الْكَامِل، وَلِأَن الْعرف الشَّرْعِيّ عَلَيْهِ، أَو لِأَن اللَّام للْعهد. فَإِن قلت: المُرَاد نفس الْقُرْآن أَي: لَفظه، أَو مَعَانِيه أَي: أَحْكَام الدّين؟ قلت: اللَّفْظ، بِاعْتِبَار دلَالَته على مَعَانِيه، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسَدّد:(الْحِكْمَة) بدل: (الْكتاب) . وَذكر الْإِسْمَاعِيلِيّ أَن ذَلِك هُوَ الثَّابِت فِي الطّرق كلهَا عَن خَالِد الْحذاء، وَفِيه نظر، لِأَن البُخَارِيّ أخرجه أَيْضا من حَدِيث وهيب عَن خَالِد بِلَفْظ: الْكتاب،

ص: 66