المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب الْعلم)

- ‌(بابُ فَضْلِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب مَنْ سُئِلَ عِلْماً وَهوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أجابَ السَّائِلَ

- ‌(بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعلْمِ)

- ‌(بَاب قَوْلِ المُحَدِّثِ: حدّثنا أوْ أخْبَرَنَا وأنْبأَنَا)

- ‌(بَاب طرْحِ الإِمَامِ المَسْألَةَ عَلى أصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ)

- ‌(بابٌ القِرَاءَةُ والعَرْضُ عَلَى المُحَدِّثِ)

- ‌(بَاب مَا يُذْكَرُ فِي المُناوَلَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ قعَدَ حَيْث يَنْتَهِي بِه المَجْلِسُ ومَنْ رَأى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيها)

- ‌(بَاب قَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم رُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِنْ سامِعٍ)

- ‌(بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ والعَمَلِ لِقولِهِ تَعَالَى {فاعلَمْ أنَّهُ لَا إلَهَ إلَاّ الله} (مُحَمَّد: 19) فبَدَأ بالعلْمِ)

- ‌(بَاب مَا كانَ النبيُّ يَتَخَوَّلُهُمْ بالموْعِظَةِ والعِلْمِ كَي لَا يَنْفِرُوا)

- ‌(بَاب مَنْ جَعَلَ لأهْلِ العِلْمِ أيَّاماً مَعلُومَةً)

- ‌(بَاب مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْراً يُفَقِّههُ فِي الدِّينِ)

- ‌(بَاب الفَهمِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الاغْتِباطِ فِي العِلْمِ والحِكْمَةِ)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلَّى الله عَلَيْهِ فِي البَحْرِ إِلى الخضِرِ)

- ‌(بَاب قوْل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ)

- ‌(بَاب متَى يَصِحُّ سَماعُ الصَّغِيرِ)

- ‌(بابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب فَضْل مَنْ عَلِمَ وعلَّمَ)

- ‌(بَاب رفْعِ العِلْمِ وظُهُورِ الجَهْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ العلْمِ)

- ‌(بَاب الفُتْيا وهْوَ واقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وغَيْرها)

- ‌(بَاب مَنْ أجَاب الفُتْيا باشارَةِ اليَدِ والرَّأسِ)

- ‌(بَاب تحْرِيضِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أنْ يَحْفَظُوا الإِيمانَ والعِلْمَ وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ)

- ‌(بَاب الرِّحْلةِ فِي المَسْألَةِ النَّازِلِةِ وتَعْلِيمِ أهْلِهِ)

- ‌(بَاب التَّناوُبِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ والتَّعْلِيمِ إِذَا رَأى مَا يَكْرَهُ)

- ‌(بابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبتَيْهِ عِنْدَ الإِمامِ أَو المُحِدِّثِ)

- ‌(بَاب مَنْ أعادَ الحَدِيثَ ثَلاثاً لِيُفْهَمَ عَنْهُ)

- ‌(بَاب تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أمَتَهُ وأهْلَهُ)

- ‌(بَاب عِظَةِ الإِمامِ النِّساءَ وتَعْلِيمهنَّ)

- ‌(بابُ الحِرْصِ علَى الحدِيثِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّساءِ يَوْمٌ علَى حِدَةٍ فِي العِلْم)

- ‌(بابُ مَنْ سَمِعَ شَيْئاً فَرَاجَعَهُ حَتَّى يَعْرِفَهُ)

- ‌(بابٌ لِيُبَلّغِ العِلْمَ الشَّاهِدُ الغائبَ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ كَذَبَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ كِتَابَةِ العلْمِ)

- ‌(تَابعه معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة)

- ‌(بابُ العِلْمِ والعِظَةِ باللَّيْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَر فِي العِلْمِ)

- ‌(بابُ حِفْظِ العِلْمِ)

- ‌(بابُ الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ للْعَالِمِ إذَا سُئِلَ: أيُّ النَّاسِ أعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إلَى اللَّهِ)

- ‌(بابُ مَنْ سَأَلَ وَهُوَ قائِمٌ عالِما جالِسا)

- ‌(بابٌ السُّؤَال والفُتْيا عِنْدَ رَمْيِ الجِمارِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلَاّ قَلِيلاً} )

- ‌(بَاب من خص بِالْعلمِ قوما دون قوم كَرَاهِيَة أَن لَا يفهموا)

- ‌(بَاب الْحيَاء فِي الْعلم)

- ‌(بَاب من استحيا فَأمر غَيره بالسؤال)

- ‌(بَاب ذكر الْعلم والفتيا فِي الْمَسْجِد)

- ‌(بَاب من أجَاب السَّائِل بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌(كتاب الْوضُوء)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْوضُوء وَقَول الله تَعَالَى {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} )

- ‌(بَاب لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور)

- ‌(بَاب فضل الْوضُوء والغر المحجلون من آثَار الْوضُوء)

- ‌(بَاب لَا يتَوَضَّأ من الشَّك حَتَّى يستيقن)

- ‌(بَاب التَّخْفِيف فِي الْوضُوء)

- ‌(بَاب إسباغ الْوضُوء)

- ‌(بَاب غسل الْوَجْه باليدين من غرفَة وَاحِدَة)

- ‌(بَاب التَّسْمِيَة على كل حَال وَعند الوقاع)

- ‌(بَاب مَا يَقُول عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب لَا تسْتَقْبل الْقبْلَة بغائط أَو بَوْل إِلَّا عِنْد الْبناء جِدَار أَو نَحوه)

- ‌(بَاب من تبرز على لبنتين)

- ‌(بَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى البرَاز)

- ‌(بَاب التبرز فِي الْبيُوت)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ)

- ‌(بَاب من حمل مَعَه المَاء لطهوره)

- ‌(بَاب حمل العنزة مَعَ المَاء فِي الِاسْتِنْجَاء)

- ‌(بَاب النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ)

- ‌(بَاب لَا يمسك ذكره بِيَمِينِهِ إِذا بَال)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ)

- ‌(بَاب لَا يستنجى بروث)

الفصل: ‌(باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال)

فيدعو لَهُ وَفِيه أَن الابْن الْمُوفق الْعَالم أفضل مكاسب الدُّنْيَا لقَوْله لِأَن تكون قلتهَا أحب إِلَيّ من أَن يكون لي كَذَا وَكَذَا

(بَاب من استحيا فَأمر غَيره بالسؤال)

أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان الشَّخْص الَّذِي استحيى من الْعَالم أَن يسْأَل عَنهُ بِنَفسِهِ فَأمر غَيره بالسؤال عَنهُ وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهر لِأَن كلا مِنْهُمَا مُشْتَمل على الْحيَاء

71 -

(حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا عبد الله بن دَاوُد عَن الْأَعْمَش عَن مُنْذر الثَّوْريّ عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة عَن عَليّ قَالَ كنت رجلا مذاء فَأمرت الْمِقْدَاد أَن يسْأَل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ فِيهِ الْوضُوء) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. (بَيَان رِجَاله) وهم سِتَّة الأول مُسَدّد بن مسرهد الثَّانِي عبد الله بن دَاوُد بن عَامر بن الرّبيع الْخُرَيْبِي نِسْبَة إِلَى خريبة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي محلّة بِالْبَصْرَةِ أَبُو مُحَمَّد أَو أَبُو عبد الرَّحْمَن الْهَمدَانِي الْكُوفِي الأَصْل قَالَ يحيى بن معِين ثِقَة مَأْمُون وَقَالَ أَبُو زرْعَة وَمُحَمّد بن سعد كَانَ ثِقَة ناسكا وَيُقَال عَنهُ أَنه قَالَ مَا كذبت كذبة قطّ إِلَّا مرّة فِي صغري قَالَ لي أبي ذهبت إِلَى الْمَكَان فَقلت بلَى وَلم أكن ذهبت وَقَالَ أَبُو حَاتِم كَانَ يمِيل إِلَى الرَّأْي وَكَانَ صَدُوقًا روى لَهُ الْجَمَاعَة إِلَّا مُسلما توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَلَيْسَ فِي البُخَارِيّ والكتب الْأَرْبَعَة عبد الله بن دَاوُد غير هَذَا نعم فِي التِّرْمِذِيّ آخر واسطي مُخْتَلف فِيهِ الثَّالِث سُلَيْمَان بن الْأَعْمَش الرَّابِع مُنْذر بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَكسر الذَّال الْمُعْجَمَة ابْن يعلى بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام أَبُو يعلى الثَّوْريّ بالثاء الْمُثَلَّثَة الْكُوفِي وَثَّقَهُ أَحْمد بن عبد الله وَعبد الرَّحْمَن روى لَهُ الْجَمَاعَة الْخَامِس مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة هُوَ مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب الْهَاشِمِي أَبُو الْقَاسِم وَالْحَنَفِيَّة أمه وَهِي خَوْلَة بنت جَعْفَر الْحَنَفِيّ اليمامي وَكَانَت من سبي بني حنيفَة ولد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من خلَافَة عمر رضي الله عنه مَاتَ سنة ثَمَانِينَ أَو إِحْدَى وَثَمَانِينَ أَو أَربع عشرَة وَمِائَة وَدفن بِالبَقِيعِ روى لَهُ الْجَمَاعَة. السَّادِس عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه. (بَيَان لطائف إِسْنَاده) . مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة. وَمِنْهَا أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي وحجازي. وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ وَهُوَ الْأَعْمَش يروي عَن غير التَّابِعِيّ وَهُوَ مُنْذر. وَمِنْهَا مَا قيل لَا يعلم أحد أسْند عَن عَليّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَكثر وَلَا أصح مِمَّا أسْند مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن قُتَيْبَة عَن جرير قَالَ وَرَوَاهُ شُعْبَة وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن أبي بكر عَن وَكِيع وَأبي مُعَاوِيَة وهشيم وَعَن يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ عَن خَالِد بن الْحَارِث عَن شُعْبَة خمستهم عَن الْأَعْمَش عَن الْمُنْذر بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة وَفِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى عَن خَالِد بن الْحَارِث وَهَذَا الحَدِيث رُوِيَ من وُجُوه مُخْتَلفَة فَأخْرجهُ مُسلم من حَدِيث عبد الله بن وهب عَن مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ عَليّ رضي الله عنه أرْسلت الْمِقْدَاد بن الْأسود إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَن الْمَذْي يخرج من الْإِنْسَان كَيفَ يفعل بِهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ وانضح فرجك وَأخرج النَّسَائِيّ عَن هناد بن السّري عَن أبي بكر بن عَيَّاش عَن أبي حُصَيْن عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ قَالَ عَليّ رضي الله عنه كنت رجلا مذاء وَكَانَت ابْنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم تحتي فَاسْتَحْيَيْت أَن أسأَل فَقلت لرجل جَالس إِلَى جَنْبي سَله فَسَأَلَهُ فَقَالَ فِيهِ الْوضُوء وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن مُحَمَّد بن عمر وَحدثنَا هشيم عَن يزِيد بن أبي زِيَاد وَعَن مَحْمُود بن غيلَان حَدثنَا حُسَيْن بن عَليّ عَن زَائِدَة عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عَليّ قَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْمَذْي فَقَالَ من الْمَذْي الْوضُوء وَمن الْمَنِيّ الْغسْل قَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَأخرج أَحْمد فِي مُسْنده عَن أسود بن عَامر حَدثنَا إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَق عَن هانىء بن هانىء عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ كنت رجلا مذاء فَإِذا مذيت اغْتَسَلت وَأمرت الْمِقْدَاد فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَضَحِك فَقَالَ فِيهِ

ص: 214

الْوضُوء وَأخرج أَبُو دَاوُد حَدثنَا قُتَيْبَة عَن سعيد حَدثنَا عُبَيْدَة بن حميد الْحذاء عَن أبي بكر بن الرّبيع عَن حُصَيْن بن قبيصَة عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ كنت رجلا مذاء فَجعلت أَغْتَسِل حَتَّى تشقق ظَهْري قَالَ فَذكرت ذَلِك للنَّبِي عليه الصلاة والسلام أَو ذكر لَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تفعل إِذا رَأَيْت الْمَذْي فاغسل ذكرك وَتَوَضَّأ وضوءك للصَّلَاة فَإِذا نضحت المَاء فاغتسل وَأخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ أَيْضا وَأخرج النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء عَن عايش بن أنس قَالَ سَمِعت عليا رضي الله عنه على الْمِنْبَر يَقُول كنت رجلا مذاء فَأَرَدْت أَن أسأَل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَاسْتَحْيَيْت عَنهُ لِأَن ابْنَته كَانَت تحتي فَأمرت عمارا فَسَأَلَهُ فَقَالَ يَكْفِي مِنْهُ الْوضُوء وَأخرج الطَّحَاوِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد حَدثنَا أُميَّة بن بسطَام قَالَ حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع قَالَ حَدثنَا روح بن الْقَاسِم عَن ابْن أبي نجيح عَن عَطاء عَن إِيَاس بن خَليفَة عَن رَافع بن خديج أَن عليا رضي الله عنه أَمر عمارا أَن يسْأَل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْمَذْي قَالَ يغسل مذاكيره وَيتَوَضَّأ وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن عُثْمَان بن عبد الله عَن أُميَّة بن بسطَام إِلَى آخِره نَحوه (بَيَان اللُّغَة وَالْإِعْرَاب) قَوْله رجلا خبر كَانَ ومذاء بِالنّصب صفته وَهُوَ على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ للْمُبَالَغَة فِي كَثْرَة الْمَذْي وَقد مذى الرجل يمذي من بَاب ضرب يضْرب وأمذى والمذاء المماذاة فعال مِنْهُ وَيُقَال مذى بِالتَّشْدِيدِ أَيْضا والمذي بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وبكسر الذَّال وَتَشْديد الْيَاء وبكسر الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْيَاء حكى ذَلِك عَن ابْن الْأَعرَابِي وَهُوَ المَاء الرَّقِيق الَّذِي يخرج عِنْد الملاعبة والتقبيل وَقَالَ ابْن الْأَثِير هُوَ البلل اللزج الَّذِي يخرج من الذّكر عِنْد ملاعبة النِّسَاء وَلَا يعقبه فتور وَرُبمَا لَا يحس بِخُرُوجِهِ وَهُوَ فِي النِّسَاء أَكثر مِنْهُ فِي الرِّجَال وَقَالَ الْأمَوِي الْمَذْي والودي مشددتان كالمني قلت الْمَشْهُور أَن الودي بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الدَّال هُوَ البلل اللزج يخرج من الذّكر بعد الْبَوْل يُقَال ودي وَلَا يُقَال أودي قَالَه الْجَوْهَرِي وَقَالَ غَيره يُقَال أودي أَيْضا وَقيل التَّشْدِيد أصح وأفصح من السّكُون. والمني بتَشْديد الْيَاء مَاء خاثر أَبيض يتَوَلَّد مِنْهُ الْوَلَد وينكسر بِهِ الذّكر يُقَال مني الرجل وأمنى ومني مشددا الْكل بِمَعْنى قَوْله فَأمر الْمِقْدَاد جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول والمقداد بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وبالمهملتين ابْن عَمْرو بن ثَعْلَبَة البهراني الْكِنْدِيّ وَيُقَال لَهُ ابْن الْأسود لِأَن الْأسود بن عبد يَغُوث رباه أَو تبناه أَو حالفه أَو تزوج بِأُمِّهِ وَيُقَال لَهُ الْكِنْدِيّ لِأَنَّهُ أصَاب دَمًا فِي بهراء فهرب مِنْهُم إِلَى كِنْدَة فحالفهم ثمَّ أصَاب فيهم دَمًا فهرب إِلَى مَكَّة فحالف الْأسود وَهُوَ قديم الصُّحْبَة من السَّابِقين فِي الْإِسْلَام قيل أَنه سادس سِتَّة شهد بَدْرًا وَلم يثبت أَنه شهد فِيهِ فَارس مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غَيره وَقيل أَن الزبير رضي الله عنه أَيْضا كَانَ فَارِسًا روى لَهُ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اثْنَان وَأَرْبَعُونَ حَدِيثا اتفقَا على حَدِيث وَاحِد وَلمُسلم ثَلَاثَة مَاتَ بالجرف وَهُوَ على عشرَة أَمْيَال من الْمَدِينَة ثمَّ حمل على رِقَاب الرِّجَال إِلَيْهَا سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فِي خلَافَة عُثْمَان وَصلى عَلَيْهِ عُثْمَان رضي الله عنه وَهُوَ ابْن سبعين سنة روى لَهُ الْجَمَاعَة قَوْله أَن يسْأَل أَي بِأَن يسْأَل وَأَن مَصْدَرِيَّة أَي بالسؤال عَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَوْله فِيهِ الْوضُوء جملَة اسمية لِأَن الْوضُوء مُبْتَدأ وَقَوله فِيهِ مقدما خَبره وَيتَعَلَّق فِيهِ بِمَحْذُوف تَقْدِيره الْوضُوء وَاجِب فِيهِ وَيجوز أَن يكون ارْتِفَاع الْوضُوء على الفاعلية وَالتَّقْدِير يجب فِيهِ الْوضُوء (بَيَان الْمعَانِي) قَوْله فَأمرت الْمِقْدَاد لَيْسَ هُوَ أَمر الْوُجُوب للقرينة الدَّالَّة على عدم الْوُجُوب وَأَيْضًا الدَّال على الْوُجُوب هُوَ صِيغَة الْأَمر لَا لَفْظَة أَمر وَلَيْسَت هَهُنَا صِيغَة فَافْهَم قَوْله فَسَأَلَهُ أَي عَن حكم الْمَذْي من وجوب الْوضُوء يُقَال سَأَلته الشَّيْء وَسَأَلته عَن الشَّيْء سؤالا وَقد تعدى بِنَفسِهِ إِلَى الْمَفْعُول الأول وبعن وبفي إِلَى الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ وَقد تخفف همزته فَيُقَال سَأَلَهُ قَوْله فَقَالَ أَي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهِ أَي الْمَذْي الْوضُوء لَا يُقَال أَنه إِضْمَار قبل الذّكر لأَنا نقُول أَن قَوْله مذاء يدل على الْمَذْي وَهَذِه الْعبارَة تدل على أَن عليا رضي الله عنه سَمعه من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَيْثُ لم يقل قَالَ الْمِقْدَاد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَئِن قُلْنَا أَنه لم يسمعهُ من النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَحكمه حكم مُرْسل الصَّحَابِيّ رضي الله عنه (بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول فِيهِ دَلِيل على أَن الْمَذْي لَا يُوجب الْغسْل بل يُوجب الْوضُوء فَإِنَّهُ نجس وَلِهَذَا يجب مِنْهُ غسل الذّكر وَالْمرَاد مِنْهُ عِنْد الشَّافِعِي غسل مَا أَصَابَهُ مِنْهُ وَاخْتلف عَن مَالك فِي غسل الذّكر كُله

ص: 215

قَالَ عِيَاض وَالْخلاف مَبْنِيّ على أَنه هَل يتَعَلَّق الحكم بِأول الِاسْم أَو بِآخِرهِ لقَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم يغسل ذكره وَاسم الذّكر يُطلق على الْبَعْض وعَلى الْكل وَاخْتلف عَن مَالك أَيْضا هَل يحْتَاج إِلَى النِّيَّة أم لَا وَعَن الزُّهْرِيّ لَا يغسل الْأُنْثَيَيْنِ من الْمَذْي إِلَّا أَن يكون أصابهما شَيْء وَفِي المغنى لِابْنِ قدامَة الْمَذْي ينْقض الْوضُوء وَهُوَ مَا يخرج لزجا متسبسبا عِنْد الشَّهْوَة فَيكون على رَأس الذّكر وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِي حكمه فَروِيَ أَنه لَا يُوجب الِاسْتِنْجَاء وَالْوُضُوء وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة يجب غسل الذّكر والأنثيين مَعَ الْوضُوء وَقَالَ أَبُو عمر الْمَذْي عِنْد جَمِيعهم يُوجب الْوضُوء مَا لم يكن خَارِجا عَن عِلّة بَارِدَة وزمانة فَإِن كَانَ كَذَلِك فَهُوَ أَيْضا كالبول عِنْد جَمِيعهم فَإِن كَانَ سلسا لَا يَنْقَطِع فَحكمه حكم سَلس الْبَوْل عِنْد جَمِيعهم أَيْضا إِلَّا أَن طَائِفَة توجب الْوضُوء على من كَانَت هَذِه حَاله لكل صَلَاة قِيَاسا على الْمُسْتَحَاضَة عِنْدهم وَطَائِفَة تستحبه وَلَا توجبه وَأما الْمَذْي الْمَعْهُود والمتعارف وَهُوَ الْخَارِج عِنْد ملاعبة الرجل أَهله لما يجْرِي من اللَّذَّة أَو لطول عزبة فعلى هَذَا الْمَعْنى خُرُوج السُّؤَال فِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَعَلِيهِ يَقع الْجَواب وَهُوَ مَوضِع إِجْمَاع لَا خلاف بَين الْمُسلمين فِي إِيجَاب الْوضُوء مِنْهُ وَإِيجَاب غسله لنجاسته الثَّانِي فِيهِ جَوَاز الِاسْتِنَابَة فِي الاستفتاء وَأَنه يجوز الِاعْتِمَاد على الْخَبَر المظنون مَعَ الْقُدْرَة على الْمَقْطُوع لِأَن عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعث من يسْأَل لَهُ مَعَ الْقُدْرَة على المشافهة قَالَ بَعضهم لَعَلَّ عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ حَاضرا وَقت السُّؤَال فَلَا دَلِيل عَلَيْهِ لَكِن يضعف هَذَا قَوْله فِي بعض طرقه فَأَرْسَلنَا الْمِقْدَاد وَفِي هَذَا إِشَارَة إِلَى أَنه لم يحضر مجْلِس السُّؤَال قلت فِيهِ نظر لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون قد حَضَره بعد إرْسَاله الْمِقْدَاد وَقَالَ الْمَازرِيّ لم يتَبَيَّن فِي هَذَا الحَدِيث كَيفَ أمره أَن يسْأَل وَلَا كَيْفيَّة سُؤال الْمِقْدَاد هَل سَأَلَهُ سؤالا يخص الْمِقْدَاد أَو يعمه وَغَيره فَإِن كَانَ عَليّ رضي الله عنه لم يسْأَل على أَي وَجه وَقع السُّؤَال فَفِيهِ دَلِيل على أَن عليا رضي الله عنه كَانَ يرى أَن القضايا تتعدى وَقد اخْتلف أهل الْأُصُول لِأَنَّهُ لَو كَانَ لَا يتَعَدَّى لأَمره أَن يُسَمِّيه إِذْ قد يجوز أَن يُبِيح لَهُ مَا لَا يُبِيح لغيره لكنه قد جَاءَ مُبينًا فِي الصَّحِيح فَسَأَلَهُ الْمِقْدَاد عَن الْمَذْي يخرج من الْإِنْسَان كَيفَ يفعل بِهِ فَقَالَ تَوَضَّأ وانضح فرجك قلت قد جَاءَ مُبينًا كِلَاهُمَا أَمر عَليّ وسؤال الْمِقْدَاد أما الأول فَفِي الْمُوَطَّأ أَن عليا رضي الله عنه أَمر الْمِقْدَاد أَن يسْأَل لَهُ رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة والسلامعن الرجل إِذا دنا من أَهله فَخرج مِنْهُ الْمَذْي مَاذَا عَلَيْهِ قَالَ الْمِقْدَاد فَسَأَلته عَن ذَلِك وَجَاء أَيْضا فِي النَّسَائِيّ مَا يثبت الِاحْتِمَال الْمُتَقَدّم فَقلت لرجل جَالس إِلَى جَنْبي سَله فَقَالَ فِيهِ الْوضُوء الثَّالِث فِيهِ اسْتِحْبَاب حسن الْعشْرَة مَعَ الأصهار وَأَن الزَّوْج يَنْبَغِي أَن لَا يذكر مَا يتَعَلَّق بِالْجِمَاعِ والاستمتاع بِحَضْرَة أَبَوي الْمَرْأَة وَأُخْتهَا وَغَيرهمَا من أقاربهما لِأَن الْمَعْنى أَن الْمَذْي يكون غَالِبا عِنْد ملاعبة الزَّوْجَة الرَّابِع احْتج بِهِ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ على وجوب الْوضُوء من الْمَذْي مُطلقًا سَوَاء كَانَ عِنْد ملاعبة أَو استنكاح أَو غَيره وَقَالَ أَصْحَاب مَالك المُرَاد بِهِ مَا كَانَ عَن ملاعبة وَاسْتدلَّ عِيَاض وَغَيره لذَلِك بِمَا وَقع فِي الْمُوَطَّأ فِي الحَدِيث أَنه قَالَ فِي السُّؤَال عَن الرجل إِذا دنا من أَهله وأمذى مَاذَا عَلَيْهِ قَالَ فجواب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي مثله فِي الْمُعْتَاد بِخِلَاف المستنكح وَالَّذِي بِهِ عِلّة فَإِنَّهُ لَا وضوء عَلَيْهِ قَالُوا وَإِنَّمَا يتَوَضَّأ مِمَّا جرت الْعَادة بِهِ أَن يخرج من لَذَّة وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب مؤيدا لمذهبهم السُّؤَال صدر عَن الْمَذْي الْخَارِج على وَجه اللَّذَّة لقَوْله إِذا دنا من أَهله وَأَيْضًا مِمَّا يدل عَلَيْهِ استحياء عَليّ رضي الله عنه لِأَنَّهُ لَو كَانَ على مرض أَو سَلس لم يستح من ذَلِك قلت فِيمَا قَالُوهُ نظر لِأَن سُؤال الْمِقْدَاد النَّبِي عليه الصلاة والسلام أَولا مُطلق غير مُقَيّد فَإِنَّهُ جَاءَ فِي الصَّحِيح فَسَأَلَهُ عَن الْمَذْي يخرج من الْإِنْسَان كَيفَ يفعل بِهِ قَالَ اغسل ذكرك وَتَوَضَّأ فَالْحكم مُتَعَلق بسؤال الْمِقْدَاد الَّذِي وَقع الْجَواب عَنهُ فَصَارَ أَمر عَليّ رضي الله عنه أَجْنَبِيّا عَن الحكم وَقَول القَاضِي عبد الْوَهَّاب حِكَايَة قَول عَليّ لِلْمِقْدَادِ وَهُوَ حَاضر وَأما سُؤال الْمِقْدَاد فَكَانَ عَاما وَهُوَ من فقه الْمِقْدَاد فَوَقع السُّؤَال من الْمِقْدَاد عَاما وَالْجَوَاب من النَّبِي عليه الصلاة والسلام مترتب عَلَيْهِ والتمسك بقول الْمِقْدَاد فَسَأَلته عَن ذَلِك لَا يُعَارض النَّص بِصَرِيح سُؤَاله وَالْأول مُحْتَمل للتأويل فِي تعْيين مَا يرجع الْإِشَارَة إِلَيْهِ وَأما ثَانِيًا فَإِنَّهُ قد جَاءَ فِي سنَن أبي دَاوُد مَا يدل على خِلَافه وَهُوَ من عَليّ رضي الله عنه قَالَ كنت رجلا مذاء فَجعلت أَغْتَسِل حَتَّى تشقق ظَهْري فَهَذَا يدل على كَثْرَة وُقُوعه مِنْهُ ومعاودته وَجَاء فِيهِ أَيْضا أَن عليا أَمر عمارا أَن يسْأَل رَسُول الله عليه الصلاة والسلام فَقَالَ يغسل مذاكيره وَيتَوَضَّأ وَفِي بَعْضهَا كنت رجلا مذاء فَأمرت عمار بن يَاسر يسْأَل رَسُول الله عليه الصلاة والسلام من

ص: 216