المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب فضل العلم) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب الْعلم)

- ‌(بابُ فَضْلِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب مَنْ سُئِلَ عِلْماً وَهوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أجابَ السَّائِلَ

- ‌(بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعلْمِ)

- ‌(بَاب قَوْلِ المُحَدِّثِ: حدّثنا أوْ أخْبَرَنَا وأنْبأَنَا)

- ‌(بَاب طرْحِ الإِمَامِ المَسْألَةَ عَلى أصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ)

- ‌(بابٌ القِرَاءَةُ والعَرْضُ عَلَى المُحَدِّثِ)

- ‌(بَاب مَا يُذْكَرُ فِي المُناوَلَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ قعَدَ حَيْث يَنْتَهِي بِه المَجْلِسُ ومَنْ رَأى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيها)

- ‌(بَاب قَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم رُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِنْ سامِعٍ)

- ‌(بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ والعَمَلِ لِقولِهِ تَعَالَى {فاعلَمْ أنَّهُ لَا إلَهَ إلَاّ الله} (مُحَمَّد: 19) فبَدَأ بالعلْمِ)

- ‌(بَاب مَا كانَ النبيُّ يَتَخَوَّلُهُمْ بالموْعِظَةِ والعِلْمِ كَي لَا يَنْفِرُوا)

- ‌(بَاب مَنْ جَعَلَ لأهْلِ العِلْمِ أيَّاماً مَعلُومَةً)

- ‌(بَاب مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْراً يُفَقِّههُ فِي الدِّينِ)

- ‌(بَاب الفَهمِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الاغْتِباطِ فِي العِلْمِ والحِكْمَةِ)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلَّى الله عَلَيْهِ فِي البَحْرِ إِلى الخضِرِ)

- ‌(بَاب قوْل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ)

- ‌(بَاب متَى يَصِحُّ سَماعُ الصَّغِيرِ)

- ‌(بابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب فَضْل مَنْ عَلِمَ وعلَّمَ)

- ‌(بَاب رفْعِ العِلْمِ وظُهُورِ الجَهْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ العلْمِ)

- ‌(بَاب الفُتْيا وهْوَ واقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وغَيْرها)

- ‌(بَاب مَنْ أجَاب الفُتْيا باشارَةِ اليَدِ والرَّأسِ)

- ‌(بَاب تحْرِيضِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أنْ يَحْفَظُوا الإِيمانَ والعِلْمَ وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ)

- ‌(بَاب الرِّحْلةِ فِي المَسْألَةِ النَّازِلِةِ وتَعْلِيمِ أهْلِهِ)

- ‌(بَاب التَّناوُبِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ والتَّعْلِيمِ إِذَا رَأى مَا يَكْرَهُ)

- ‌(بابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبتَيْهِ عِنْدَ الإِمامِ أَو المُحِدِّثِ)

- ‌(بَاب مَنْ أعادَ الحَدِيثَ ثَلاثاً لِيُفْهَمَ عَنْهُ)

- ‌(بَاب تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أمَتَهُ وأهْلَهُ)

- ‌(بَاب عِظَةِ الإِمامِ النِّساءَ وتَعْلِيمهنَّ)

- ‌(بابُ الحِرْصِ علَى الحدِيثِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّساءِ يَوْمٌ علَى حِدَةٍ فِي العِلْم)

- ‌(بابُ مَنْ سَمِعَ شَيْئاً فَرَاجَعَهُ حَتَّى يَعْرِفَهُ)

- ‌(بابٌ لِيُبَلّغِ العِلْمَ الشَّاهِدُ الغائبَ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ كَذَبَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ كِتَابَةِ العلْمِ)

- ‌(تَابعه معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة)

- ‌(بابُ العِلْمِ والعِظَةِ باللَّيْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَر فِي العِلْمِ)

- ‌(بابُ حِفْظِ العِلْمِ)

- ‌(بابُ الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ للْعَالِمِ إذَا سُئِلَ: أيُّ النَّاسِ أعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إلَى اللَّهِ)

- ‌(بابُ مَنْ سَأَلَ وَهُوَ قائِمٌ عالِما جالِسا)

- ‌(بابٌ السُّؤَال والفُتْيا عِنْدَ رَمْيِ الجِمارِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلَاّ قَلِيلاً} )

- ‌(بَاب من خص بِالْعلمِ قوما دون قوم كَرَاهِيَة أَن لَا يفهموا)

- ‌(بَاب الْحيَاء فِي الْعلم)

- ‌(بَاب من استحيا فَأمر غَيره بالسؤال)

- ‌(بَاب ذكر الْعلم والفتيا فِي الْمَسْجِد)

- ‌(بَاب من أجَاب السَّائِل بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌(كتاب الْوضُوء)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْوضُوء وَقَول الله تَعَالَى {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} )

- ‌(بَاب لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور)

- ‌(بَاب فضل الْوضُوء والغر المحجلون من آثَار الْوضُوء)

- ‌(بَاب لَا يتَوَضَّأ من الشَّك حَتَّى يستيقن)

- ‌(بَاب التَّخْفِيف فِي الْوضُوء)

- ‌(بَاب إسباغ الْوضُوء)

- ‌(بَاب غسل الْوَجْه باليدين من غرفَة وَاحِدَة)

- ‌(بَاب التَّسْمِيَة على كل حَال وَعند الوقاع)

- ‌(بَاب مَا يَقُول عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب لَا تسْتَقْبل الْقبْلَة بغائط أَو بَوْل إِلَّا عِنْد الْبناء جِدَار أَو نَحوه)

- ‌(بَاب من تبرز على لبنتين)

- ‌(بَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى البرَاز)

- ‌(بَاب التبرز فِي الْبيُوت)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ)

- ‌(بَاب من حمل مَعَه المَاء لطهوره)

- ‌(بَاب حمل العنزة مَعَ المَاء فِي الِاسْتِنْجَاء)

- ‌(بَاب النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ)

- ‌(بَاب لَا يمسك ذكره بِيَمِينِهِ إِذا بَال)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ)

- ‌(بَاب لَا يستنجى بروث)

الفصل: ‌(باب فضل العلم)

فِي انتهائه، وَلِهَذَا قَالَ ثمَّة:(يثبت الْجَهْل) ، وَهَهُنَا (يظْهر) وَمن الدَّلِيل على إِطْلَاق الْقلَّة وَإِرَادَة الْعَدَم وَالرَّفْع أَنه وَقع هَهُنَا فِي رِوَايَة مُسلم عَن غنْدر، وَغَيره عَن شُعْبَة: أَن يرفع الْعلم. وَكَذَا فِي رِوَايَة سعيد عِنْد ابْن أبي شيبَة، وَهَمَّام عِنْد البُخَارِيّ فِي الْحُدُود، وَهِشَام عِنْده فِي النِّكَاح، كلهم عَن قَتَادَة، وَهُوَ مُوَافق لرِوَايَة أبي التياح. وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة، من طَرِيق هِشَام: أَن يقل، فَافْهَم. وَمِنْهَا مَا قيل: مَا فَائِدَة التَّعْرِيف فِي قَوْله: (الْقيم)، وَكَانَ حق الظَّاهِر أَن يُقَال: قيم وَاحِد؟ أُجِيب: بِأَن فَائِدَته الْإِشْعَار بِمَا هُوَ مَعْهُود من: {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} (النِّسَاء: 34) فَاللَّام للْعهد. وَمِنْهَا مَا قيل: مَا فَائِدَة تَخْصِيص هَذِه الْأَشْيَاء الْخَمْسَة بِالذكر؟ أُجِيب: بِأَن فَائِدَة ذَلِك أَنَّهَا مشعرة باختلال الضرورات الْخمس الْوَاجِبَة رعايتها فِي جَمِيع الْأَدْيَان الَّتِي بحفظها صَلَاح المعاش والمعاد ونظام أَحْوَال الدَّاريْنِ، وَهِي: الدّين وَالْعقل وَالنَّفس وَالنّسب وَالْمَال، فَرفع الْعلم مخل بِحِفْظ الدّين، وَشرب الْخمر بِالْعقلِ وبالمال أَيْضا، وَقلة الرِّجَال سَبَب الْفِتَن بِالنَّفسِ وَظُهُور الزِّنَا بِالنّسَبِ، وَكَذَا بِالْمَالِ. وَمِنْهَا مَا قيل: لِمَ كَانَ اختلال هَذِه الْأُمُور من علاماتها؟ أُجِيب: لِأَن الْخَلَائق لَا يتركون سدى وَلَا نَبِي بعد هَذَا الزَّمَان، فَتعين خراب الْعَالم، وَقرب الْقِيَامَة. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: فِي هَذَا الحَدِيث علم من أَعْلَام النُّبُوَّة، إِذْ أخبر عَن أُمُور ستقع فَوَقَعت، خُصُوصا فِي هَذِه الْأَزْمَان. وَالله الْمُسْتَعَان.

22 -

(بابُ فَضْلِ العلْمِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل الْعلم، وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهر، لِأَن الْمَذْكُور فِي كل مِنْهُمَا الْعلم، وَلَكِن فِي كل وَاحِد بِصفة من الصِّفَات، فَفِي الأول: بَيَان رَفعه، وَفِي هَذَا بَيَان فَضله. وَلَا يُقَال: إِن هَذَا الْبَاب مُكَرر لِأَنَّهُ ذكره مرّة فِي أول كتاب الْعلم، لأَنا نقُول: هَذَا الْبَاب بِعَيْنِه لَيْسَ بِثَابِت فِي أول كتاب الْعلم فِي عَامَّة النّسخ، وَلَئِن سلمنَا وجوده هُنَاكَ فَالْمُرَاد التَّنْبِيه على فَضِيلَة الْعلمَاء، وَهَهُنَا التَّنْبِيه على فَضِيلَة الْعلم، وَقد حققنا الْكَلَام هُنَاكَ كَمَا يَنْبَغِي. وَقَالَ بَعضهم: الْفضل هَهُنَا بِمَعْنى: الزِّيَادَة أَي: مَا فضل عَنهُ، وَالْفضل الَّذِي تقدم فِي أول كتاب الْعلم بِمَعْنى: الْفَضِيلَة، فَلَا يظنّ أَنه كَرَّرَه. قلت: لم يبوب البُخَارِيّ هَذَا الْبَاب لبَيَان أَن الْفضل بِمَعْنى الزِّيَادَة، وَلم يقْصد بِهِ الْإِشَارَة إِلَى مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ، بل قَصده من التَّبْوِيب بَيَان فَضِيلَة الْعلم، وَلَا سِيمَا الْبَاب من جملَة أَبْوَاب كتاب الْعلم، فَإِن كَانَ الْقَائِل أَخذ مَا قَالَه من قَوْله، عليه السلام، فِي الحَدِيث:(ثمَّ أَعْطَيْت فضلي عمر بن الْخطاب) ، فَإِنَّهُ لَا دخل لَهُ فِي التَّرْجَمَة، فَإِنَّهَا لَيست فِي بَيَان إِعْطَاء النَّبِي، عليه السلام، فَضله لعمر، رضي الله عنه. وَإِنَّمَا تَرْجَمته فِي بَيَان فضل الْعلم وَشرف قدره، واستنبط البُخَارِيّ بِأَن إعطاءه، عليه السلام، فَضله لعمر عبارَة عَن الْعلم، وَهُوَ عين الْفَضِيلَة، لِأَنَّهُ جُزْء من النُّبُوَّة، وَمَا فضل عَنهُ، عليه السلام، فَضِيلَة وَشرف، وَقد فسره: بِالْعلمِ، فَدلَّ على فَضِيلَة الْعلم.

82 -

حدّثنا سَعيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حدّثني اللَّيْثُ قَالَ: حدّثني عُقَيْلٌ عَن ابْن شِهابٍ عنْ حَمْزَةَ بن عَبْدِ اللَّه بنِ عُمَرَ أنَّ ابنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنا أَنا نائِمٌ أتيِتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ حَتَّى أَنِّي لأرى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أظْفارِي، ثُمَّ أعْطَيْتُ فَضْلي عُمَرَ بن الخَطَّابِ) . قالُوا: فمَا أوَّلْتَهُ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: (العِلْمَ) ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن.

بَيَان رِجَاله: وهم سِتَّة. الأول: سعيد بن عفير، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء، وَقد مر. الثَّانِي: لَيْث بن سعد، الإِمَام الْكَبِير الْمصْرِيّ، وَقد تقدم. الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين وَفتح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره لَام: ابْن خَالِد الْأَيْلِي، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَقد تقدم. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: حَمْزَة بن عبد اللَّه بن عمر بن الْخطاب، رضي الله عنهم، المكنى: بَابي عمَارَة، بِضَم الْعين؛ الْقرشِي الْمدنِي الْعَدوي التَّابِعِيّ، سمع أَبَاهُ وَعَائِشَة. قَالَ أَحْمد بن عبد اللَّه:

ص: 85

تَابِعِيّ ثِقَة. وَقَالَ ابْن سعد: أمه أم ولد، وَهِي أم سَالم وَعبيد اللَّه، وَكَانَ ثِقَة قَلِيل الحَدِيث، روى لَهُ الْجَمَاعَة. السَّادِس: عبد اللَّه بن عمر بن الْخطاب، رضي الله عنهما.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: وَمِنْهَا: أَن فِي إِسْنَاده التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة وَالسَّمَاع، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة: حَدثنِي اللَّيْث حَدثنِي عقيل، وللبخاري فِي التَّعْبِير: أَخْبرنِي، حَمْزَة. وَمِنْهَا: أَن نصف رُوَاته مصريون ونصفهم مدنيون. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن آخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا عَن سعيد بن عفير، وَفِي تَعْبِير الرُّؤْيَا عَن يحيى بن بكير وقتيبة، ثَلَاثَتهمْ عَن لَيْث عَن عقيل. وَفِيه عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن الصَّلْت الْكُوفِي، وَفِي فضل عمر، رضي الله عنه، عَن عَبْدَانِ، كِلَاهُمَا، عَن ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس، وَفِيه عَن عَليّ بن عبد اللَّه عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن صَالح، ثَلَاثَتهمْ عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ بِهِ. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَعَن حسن الْحلْوانِي وَعبد ابْن حميد كِلَاهُمَا عَن يَعْقُوب بِهِ، وَعَن حَرْمَلَة عَن ابْن وهب عَن يُونُس بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الرُّؤْيَا، وَفِي المناقب عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَقَالَ: حسن غَرِيب. وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَعَن عبد اللَّه بن سعد عَن عَمه يَعْقُوب بِهِ، وَفِي المناقب عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، وَأَعَادَهُ فِي الْعلم عَن قُتَيْبَة.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (بقدح) ، الْقدح، بِفتْحَتَيْنِ وَاحِد الأقداح الَّتِي هِيَ للشُّرْب فِيهَا، و: الْقدح؛ بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الدَّال: السهْم قبل أَن يراش ويركب نصله، وقدح الميسر أَيْضا، والقدح بِالْكَسْرِ: مَا يقْدَح بِهِ النَّار، والقدح: المغرفة. والمقديح: المغرف، والقدوح: الذُّبَاب. قَوْله: (الرّيّ)، بِكَسْر الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: مصدر، يُقَال: رويت من المَاء، بِالْكَسْرِ، أروي رياً بِالْكَسْرِ، وَحكى الْجَوْهَرِي الْفَتْح أَيْضا وَقَالَ: ريا وريا، وَرُوِيَ أَيْضا مثل: رضى رضى، وارتويت وترويت كُله بِمَعْنى. وَقَالَ غَيره: يُقَال: رُوِيَ من المَاء وَالشرَاب، بِكَسْر الْوَاو ويروى بِفَتْحِهَا: رياً، بِالْكَسْرِ فِي الِاسْم والمصدر، قَالَ القَاضِي: وَحكى الدَّاودِيّ الْفَتْح فِي الْمصدر، وَأما فِي الرِّوَايَة فعكسه، تَقول: رويت الحَدِيث أرويه رِوَايَة، بِالْفَتْح فِي الْمَاضِي وَالْكَسْر فِي الْمُسْتَقْبل، والرواء من المَاء مَا يروي إِذا مددت فتحت الرَّاء، وَإِذا كسرت قصرت. قلت: الرّيّ: أَصله الروي اجْتمعت الْوَاو وَالْيَاء، وسبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ، فأبدلت الْيَاء من الْوَاو وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء. قَوْله:(فِي أظفاري) : جمع ظفر. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الظفر ظفر الْإِنْسَان، وَالْجمع أظفار، وَلَا تَقول: ظفر، بِالْكَسْرِ. وَإِن كَانَت الْعَامَّة قد أولعت بِهِ، وَتجمع أظفار على أظافير. قَالَ: وَقَالَ قوم: بل الأظافير جمع أظفور، وَالظفر والأظفور سَوَاء، وأظفار الْإِبِل مناسمها، وأظفار السبَاع براثنها.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (بَينا)، قد مر غير مرّة أَن أَصله: بَين، فاشبعت الفتحة فَصَارَت ألفا، وَقد تدخل عَلَيْهَا: مَا، فَيُقَال: بَيْنَمَا. وَقَوله: أَنا، مُبْتَدأ، و: نَائِم، خَبره. قَوْله:(أتيت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَهُوَ جَوَاب: بَينا، وعامل فِيهِ. والأصمعي لَا يستفصح إلَاّ طرح إِذْ وَإِذا مِنْهُ، كَمَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله:(بقدح لبن) كَلَام إضافي يتَعَلَّق بأتيت. قَوْله: (فَشَرِبت) عطف على: أتيت. قَوْله: (حَتَّى) إِمَّا ابتدائية وَإِمَّا جَارة، فعلى الأول: أَتَى بِكَسْر الْهمزَة، وعَلى الثَّانِي بِفَتْحِهَا، وياء الْمُتَكَلّم اسْم: إِن، وَخَبره قَوْله: لأري الرّيّ) ، وَاللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد. وَقَالَ بَعضهم: اللَّام جَوَاب قسم مَحْذُوف. قلت: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيح، لَيْسَ هُنَا قسم صَرِيح وَلَا مُقَدّر، وَلَا يَصح التَّقْدِير، وَإِنَّمَا هَذِه اللَّام هِيَ اللَّام الدَّاخِلَة فِي خبر إِن للتَّأْكِيد، كَمَا فِي قَوْلك: إِن زيدا لقائم. وَقَوله: اري، إِن كَانَ من الرُّؤْيَة، بِمَعْنى: الْعلم يَقْتَضِي مفعولين، أَحدهمَا هُوَ قَوْله: الرّيّ، وَالْآخر هُوَ قَوْله (يخرج فِي أظفاري) . وَإِن كَانَ من الرُّؤْيَة، بِمَعْنى: الإبصار، لَا يَقْتَضِي إلَاّ مَفْعُولا وَاحِدًا وَهُوَ قَوْله:(الرّيّ) . وَقَوله: (يخرج) حينئذٍ يكون حَالا من: اللَّبن، وَيكون الضَّمِير فِيهِ رَاجعا إِلَيْهِ، وَيجوز أَن يكون حَالا من: الرّيّ، تجوزاً، وَيكون الضَّمِير رَاجعا إِلَيْهِ. قَوْله:(وَفِي اظفاري) وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: (من أظفاري)، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي التَّعْبِير:(من أطرافي)، وَالْكل بِمَعْنى: فِي الْحَقِيقَة، فَإِن قلت: يخرج من أظفاري ظَاهر، فَمَا معنى قَوْله: يخرج فِي أظفاري؟ قلت: يجوز أَن تكون: فِي، هَهُنَا بِمَعْنى: على، أَي: على أظفاري، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} (طه: 71) أَي: عَلَيْهَا، وَيكون بِمَعْنى: يظْهر عَلَيْهَا، وَالظفر إِمَّا منشأ الْخُرُوج أَو ظرفه. قَوْله:(ثمَّ اعطيت) عطف على قَوْله: (فَشَرِبت)، وَهِي جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل. وَقَوله:(فضلي) كَلَام إضافي، مَفْعُوله الأول، وَقَوله: عمر بن الْخطاب، مَفْعُوله الثَّانِي. قَوْله:(فَمَا أولته) كلمة مَا استفهامية، وأولته جملَة من الْفِعْل

ص: 86