الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسن وَفِي الْمَرَاسِيل عَنهُ هَذَا حَدِيث مُرْسل وَأنكر أَن يكون عرَاك سمع عَائِشَة وَقَالَ من أَيْن سمع عَائِشَة مَاله ولعائشة إِنَّمَا يروي عَن عُرْوَة هَذَا خطأ فَمن روى هَذَا قبل حَمَّاد بن سَلمَة عَن خَالِد فَقَالَ غير وَاحِد عَن خَالِد لَيْسَ فِيهِ سَمِعت وَغير وَاحِد أَيْضا عَن حَمَّاد وَلَيْسَ فِيهِ سَمِعت قلت أَبُو عبد الله لم يجْزم بِعَدَمِ سَمَاعه مِنْهَا إِنَّمَا ذكره استبعادا وَأما رِوَايَته عَن عُرْوَة عَنْهَا فَلَا يدل على عدم سَمَاعه مِنْهَا لَا سِيمَا وَقد جَمعهمَا بلد وعصر وَاحِد فسماعه مِنْهَا مُمكن جَائِز وَقد صرح فِي الْكَمَال والتهذيب بِسَمَاعِهِ مِنْهَا وَقد وجدنَا مُتَابعًا لحماد على قَوْله عَن عرَاك سَمِعت عَائِشَة رضي الله عنها وَهُوَ عَليّ بن عَاصِم عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ وصحيح ابْن حبَان وَهُوَ مِنْهُمَا مَحْمُول على الِاتِّصَال حَتَّى يقوم دَلِيل وَاضح بِعَدَمِ سَمَاعه عَنْهَا وَالله أعلم الثَّانِي من الْأَحْكَام اسْتِعْمَال الْكِنَايَة بِالْحَاجةِ عَن الْبَوْل وَالْغَائِط وَجَوَاز الْإِخْبَار عَن مثل ذَلِك للاقتداء وَالْعَمَل الثَّالِث فِي قَوْله أَن نَاسا يَقُولُونَ دَلِيل على أَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم يَخْتَلِفُونَ فِي مَعَاني السّنَن وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُم يسْتَعْمل مَا سمع على عُمُومه فَمن هَهُنَا وَقع بَينهم الِاخْتِلَاف وَقَالَ الْخطابِيّ قد يتَوَهَّم السَّامع من قَول ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَن نَاسا يَقُولُونَ الخ أَنه يُرِيد إِنْكَار مَا روى فِي النَّهْي من اسْتِقْبَال الْقبْلَة عِنْد الْحَاجة نسخا لما حَكَاهُ من رُؤْيَته عليه الصلاة والسلام يقْضِي حَاجته مستدبر الْقبْلَة وَلَيْسَ الْأَمر فِي ذَلِك على مَا يتَوَهَّم لِأَن الْمَشْهُور من مذْهبه أَنه لَا يجوز الِاسْتِقْبَال والاستدبار فِي الصَّحرَاء ويجيزهما فِي الْبُنيان وَإِنَّمَا أنكر قَول من يزْعم أَن الِاسْتِقْبَال فِي الْبُنيان غير جَائِز وَلذَلِك مثل لما شَاهد من قعوده فِي الْأَبْنِيَة قلت ظَاهر عبارَة الْكَلَام يدل على إِنْكَار ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على من يزْعم أَن اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس عِنْد الْحَاجة غير جَائِز فَمن ذَلِك قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا نَاسخ للنَّهْي عَن اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس واستدباره وَالدَّلِيل على هَذَا مَا روى مَرْوَان الْأَصْغَر عَن ابْن عمر أَنه أَنَاخَ رَاحِلَته مُسْتَقْبل بَيت الْمُقَدّس ثمَّ جلس يَبُول إِلَيْهَا فَقلت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن أَلَيْسَ قد نهى عَن هَذَا قَالَ إِنَّمَا نهى عَن هَذَا فِي الفضاء وَأما إِذا كَانَ بَيْنك وَبَين الْقبْلَة شَيْء يسترك فَلَا بَأْس الرَّابِع فِيهِ تتبع أَحْوَال النَّبِي عليه الصلاة والسلام كلهَا ونقلها وَأَنَّهَا كلهَا أَحْكَام شَرْعِيَّة
(بَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى البرَاز)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان خُرُوج النِّسَاء إِلَى البرَاز وَهُوَ بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة اسْم للفضاء الْوَاسِع من الأَرْض ويكنى بِهِ عَن الْحَاجة وَقَالَ الْخطابِيّ وَأكْثر الروَاة يَقُولُونَ بِكَسْر الْبَاء وَهُوَ غلط لِأَن البرَاز بِالْكَسْرِ مصدر بارزت الرجل مبارزة وبرازا وَقَالَ بَعضهم قلت بل هُوَ موجه لِأَنَّهُ يُطلق بِالْكَسْرِ على نفس الْخَارِج قَالَ الْجَوْهَرِي البرَاز المبارزة فِي الْحَرْب وَالْبرَاز أَيْضا كِنَايَة عَن ثفل الْغذَاء وَهُوَ الْغَائِط وَالْبرَاز بِالْفَتْح الفضاء الْوَاسِع انْتهى فعلى هَذَا من فتح أَرَادَ الفضاء وَهُوَ من إِطْلَاق اسْم الْمحل على الْحَال كَمَا تقدم مثله فِي الْغَائِط وَمن كسر أَرَادَ نفس الْخَارِج انْتهى قلت الَّذِي قَالَه غير موجه والتوجيه مَعَ الْخطابِيّ قَالَ فِي الْعباب قَالَ ابْن الْأَعرَابِي برز بِكَسْر الرَّاء إِذا ظهر بعد خمول وبرز بِفَتْحِهَا إِذا خرج إِلَى البرَاز للغائط وَهُوَ الفضاء الْوَاسِع قَالَ الْفراء هُوَ الْموضع الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خمر من شجر وَلَا غَيره وَالْبرَاز الْحَاجة سميت باسم الصَّحرَاء كَمَا سميت بالغائط وَمِنْه حَدِيث النَّبِي عليه الصلاة والسلام اتَّقوا الْملَاعن الثَّلَاث. البرَاز فِي الْمَوَارِد. وقارعة الطَّرِيق. والظل والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة لِأَن فِي الأول حكم التبرز وَهنا حكم البرَاز
12 -
(حَدثنَا يحيى بن بكير قَالَ حَدثنَا اللَّيْث قَالَ حَدثنِي عقيل عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم كن يخْرجن بِاللَّيْلِ إِذا تبرزن إِلَى المناصع وَهُوَ صَعِيد أفيح فَكَانَ عمر يَقُول للنَّبِي صلى الله عليه وسلم احجب نِسَاءَك فَلم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فَخرجت سَوْدَة بنت زَمعَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة من اللَّيَالِي عشَاء وَكَانَت امْرَأَة طَوِيلَة فناداها عمر أَلا قد عرفناك يَا سَوْدَة حرصا على أَن ينزل الْحجاب فَأنْزل الله آيَة الْحجاب)
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله إِذا تبرزن إِلَى المناصع وَأَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذَا الْبَاب إِلَى أَن تبرز النِّسَاء إِلَى البرَاز كَانَ أَولا لعدم الكنف فِي الْبيُوت وَكَانَ رخصَة لَهُنَّ ثمَّ لما اتَّخذت الكنف فِي الْبيُوت منعن عَن الْخُرُوج مِنْهَا إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة وَعقد على ذَلِك الْبَاب الَّذِي يَأْتِي عقيب هَذَا الْبَاب. (بَيَان رِجَاله) وهم سِتَّة تقدم ذكرهم بِهَذَا التَّرْتِيب فِي كتاب الْوَحْي وَعقيل بِضَم الْعين وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. (بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ صِيغَة التحديث بِالْجمعِ والإفراد والعنعنة. وَمِنْهَا أَن فِيهِ تابعيين ابْن شهَاب وَعُرْوَة وقرينين اللَّيْث وَعقيل. وَمِنْهَا أَن رُوَاته مَا بَين مصري ومدني وَمِنْهَا أَن هَذَا الْإِسْنَاد على شَرط السِّتَّة إِلَّا يحيى فَإِنَّهُ على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم. (بَيَان من أخرجه غَيره) أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الاسْتِئْذَان عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث بن سعد عَن أَبِيه عَن جده بِهِ (بَيَان اللُّغَات) قَوْله إِذا تبرزن أَي إِذا خرجن إِلَى البرَاز للبول وَالْغَائِط فأصله من تبرز بِفَتْح عين الْفِعْل إِذا خرج إِلَى البرَاز للغائط وَهُوَ الفضاء الْوَاسِع قَوْله إِلَى المناصع جمع منصع مفعل من النصوع وَهُوَ الخلوص والناصع الْخَالِص من كل شَيْء يُقَال نصع ينصع نصاعة ونصوعا وَيُقَال أَبيض ناصع وأصفر ناصع قَالَ الْأَصْمَعِي كل ثَوْر خَالص الْبيَاض أَو الصُّفْرَة أَو الْحمرَة فَهُوَ ناصع وَفِي الْعباب المناصع الْمجَالِس فِيمَا يُقَال وَقَالَ أَبُو سعيد المناصع الْمَوَاضِع الَّتِي يتخلى فِيهَا لبول أَو لغائط الْوَاحِد منصع بِفَتْح الصَّاد وَقَالَ الْأَزْهَرِي أَرَاهَا مَوَاضِع خَارج الْمَدِينَة وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ هِيَ الْمَوَاضِع الَّتِي يتخلى فِيهَا للْحَاجة وَكَانَ صَعِيدا أفيح خَارج الْمَدِينَة يُقَال لَهُ المناصع والصعيد وَجه الأَرْض وَقد فسره فِي الحَدِيث بقوله وَهُوَ صَعِيد أفيح والأفيح بِالْفَاءِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة الْوَاسِع وَزَاد فيحا أَي وسعة وَقَالَ الصغاني بَحر أفيح بَين الفيح أَي وَاسع وبحر فياح أَيْضا بِالتَّشْدِيدِ وَقَالَ الْأَصْمَعِي أَنه لجواد فياح وفياض بِمَعْنى وَاحِد قلت كَأَنَّهُ سمى بالمناصع لخلوصه عَن الْأَبْنِيَة والأماكن (بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله كن جملَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا خبر أَن قَوْله يخْرجن جملَة فِي مَحل النصب على أَنَّهَا خبر كَانَ وَالْبَاء فِي بِاللَّيْلِ ظرفية وَكلمَة إِذا ظرفية قَوْله إِلَى المناصع جَار ومجرور يتَعَلَّق بقوله يخْرجن قَالَ الْكرْمَانِي وَيحْتَمل أَن يتَعَلَّق بقوله تبرزن قلت احْتِمَال بعيد قَوْله وَهُوَ مُبْتَدأ وَقَوله صَعِيد أفيح صفة وموصوف خَبره قَوْله يَقُول جملَة فِي مَحل النصب أَيْضا لِأَنَّهَا خبر كَانَ قَوْله احجب نِسَاءَك مقول القَوْل قَوْله يَفْعَلُوا جملَة فِي مَحل النصب أَيْضا لِأَنَّهَا خبر كَانَ قَوْله بنت زَمعَة كَلَام إضافي مَرْفُوع لِأَنَّهُ صفة لسودة وَقَوله زوج النَّبِي عليه الصلاة والسلام كَلَام إضافي أَيْضا مَرْفُوع لِأَنَّهُ صفة أُخْرَى لسودة قَوْله لَيْلَة نصب على الظّرْف قَوْله عشَاء هُوَ بِكَسْر الْعين وبالمد نصب على أَنه بدل من قَوْله لَيْلَة قَوْله أَلا بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف اللَّام حرف استفتاح يُنَبه بهَا على تحقق مَا بعْدهَا قَوْله يَا سَوْدَة منادى مُفْرد معرفَة وَلِهَذَا يبْنى على الضَّم قَوْله حرصا نصب على أَنه مفعول لَهُ وَالْعَامِل فِيهِ قَوْله فناداها قَوْله على أَن ينزل على صِيغَة الْمَجْهُول وَأَن مَصْدَرِيَّة (بَيَان الْمعَانِي) قَوْله وَهُوَ صَعِيد أفيح تَفْسِير لقَوْله إِلَى المناصع وَقَالَ بَعضهم الظَّاهِر أَن التَّفْسِير مقول عَائِشَة رضي الله عنها قلت لَا دَلِيل على الظَّاهِر وَإِنَّمَا هُوَ يحْتَمل أَن يكون مِنْهَا أَو من عُرْوَة أَو مِمَّن دونه من الروَاة قَوْله احجب نِسَاءَك أَي امنعهن من الْخُرُوج من الْبيُوت وَسِيَاق الْكَلَام يدل على هَذَا الْمَعْنى وَقَالَ بَعضهم يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ أَولا الْأَمر بستر وجوههن فَلَمَّا وَقع الْأَمر بوفق مَا أَرَادَ أحب أَيْضا أَن يحجب أشخاصهن مُبَالغَة فِي التستر فَلم يجب لأجل الضَّرُورَة وَهَذَا أظهر الِاحْتِمَالَيْنِ قلت لَيْسَ الْأَظْهر إِلَّا مَا قُلْنَا بِشَهَادَة سِيَاق الْكَلَام وَالِاحْتِمَال الَّذِي ذكره لَا يدل عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث وَإِنَّمَا الَّذِي يدل عَلَيْهِ هُوَ حَدِيث آخر وَذَلِكَ لِأَن الْحجب ثَلَاثَة الأول الْأَمر بستر وجوههن يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} الْآيَة قَالَ القَاضِي عِيَاض والحجاب الَّذِي خص بِهِ خلاف أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ هُوَ فرض عَلَيْهِنَّ بِلَا خلاف فِي الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يجوز لَهُنَّ كشف ذَلِك لشهادة وَلَا لغَيْرهَا الثَّانِي هُوَ الْأَمر بإرخاء الْحجاب بَينهُنَّ وَبَين النَّاس يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب} الثَّالِث هُوَ الْأَمر بمنعهن من الْخُرُوج من الْبيُوت إِلَّا لضَرُورَة شَرْعِيَّة فَإِذا
خرجن لَا يظهرن شخصهن كَمَا فعلت حَفْصَة يَوْم مَاتَ أَبوهَا سترت شخصها حِين خرجت وَزَيْنَب عملت لَهَا قبَّة لما توفيت وَكَانَ لَهُنَّ فِي التستر عِنْد قَضَاء الْحَاجة ثَلَاث حالات الأولى بالظلمة لِأَنَّهُنَّ كن يخْرجن بِاللَّيْلِ دون النَّهَار كَمَا قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها فِي هَذَا الحَدِيث كن يخْرجن بِاللَّيْلِ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث عَائِشَة فِي قصَّة الْإِفْك فَخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وَهُوَ متبرزنا وَكُنَّا لَا نخرج إِلَّا لَيْلًا الحَدِيث ثمَّ نزل الْحجاب فتسترن بالثياب لَكِن رُبمَا كَانَت أشخاصهن تتَمَيَّز وَلِهَذَا قَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قد عرفناك يَا سَوْدَة وَهَذِه هِيَ الْحَالة الثَّانِيَة ثمَّ لما اتَّخذت الكنف فِي الْبيُوت منعن عَن الْخُرُوج مِنْهَا وَهِي الْحَالة الثَّالِثَة فَدلَّ عَلَيْهِ حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها فِي قصَّة الْإِفْك فَإِن فِيهَا وَذَلِكَ قبل أَن تتَّخذ الكنف وَكَانَت قصَّة الْإِفْك قبل نزُول آيَة الْحجاب وَالله أعلم قَوْله سَوْدَة بنت زَمعَة بالزاي وَالْمِيم وَالْعين الْمُهْملَة المفتوحتين وَقَالَ ابْن الْأَثِير وَأكْثر مَا سمعنَا من أهل الحَدِيث وَالْفُقَهَاء يَقُولُونَهُ بِسُكُون الْمِيم ابْن قيس القريشية العامرية أسلمت قَدِيما وبايعت وَكَانَت تَحت ابْن عَم لَهَا يُقَال لَهُ السَّكْرَان بن عَمْرو أسلم مَعهَا وهاجرا جَمِيعًا إِلَى الْحَبَشَة فَلَمَّا قدم مَكَّة مَاتَ زَوجهَا فَتَزَوجهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَدخل بهَا بِمَكَّة وَذَلِكَ بعد موت خَدِيجَة قبل عَائِشَة رضي الله عنهما وَهَاجَرت إِلَى الْمَدِينَة فَلَمَّا كَبرت أَرَادَ طَلاقهَا فَسَأَلته أَن لَا يفعل وَجعلت يَوْمهَا لعَائِشَة فَأَمْسكهَا رُوِيَ لَهَا خَمْسَة أَحَادِيث أخرج البُخَارِيّ مِنْهَا حديثين توفيت آخر خلَافَة عمر رضي الله عنه وَقيل زمن مُعَاوِيَة سنة أَربع وَخمسين بِالْمَدِينَةِ قَوْله فَأنْزل الله الْحجاب وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي فَأنْزل الله آيَة الْحجاب وَزَاد أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه من طَرِيق الزبيدِيّ عَن ابْن شهَاب فَأنْزل الله الْحجاب {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} الْآيَة وَقَالَ الْكرْمَانِي الْحجاب أَي حكم الْحجاب يَعْنِي حجاب النِّسَاء عَن الرِّجَال فَأنْزل الله آيَة الْحجاب وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِآيَة الْحجاب الْجِنْس فَيتَنَاوَل الْآيَات الثَّلَاث قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} الْآيَة وَقَوله تَعَالَى {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب} وَقَوله تَعَالَى {وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} الْآيَة وَأَن يُرَاد بِهِ الْعَهْد من وَاحِدَة من هَذِه الثَّلَاث قلت رِوَايَة أبي عوَانَة الْمَذْكُورَة فسرت المُرَاد من آيَة الْحجاب صَرِيحًا كَمَا ذكرنَا وَسبب نُزُولهَا قصَّة زَيْنَب بنت جحش لما أولم عَلَيْهَا وَتَأَخر النَّفر الثَّلَاثَة فِي الْبَيْت واستحيى النَّبِي عليه الصلاة والسلام أَن يَأْمُرهُم بِالْخرُوجِ فَنزلت آيَة الْحجاب وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِير الْأَحْزَاب وَسَيَأْتِي أَيْضا حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قلت يَا رَسُول الله إِن نِسَاءَك يدخلن عَلَيْهِنَّ الْبر والفاجر فَلَو أمرتهن أَن يحتجبن فَنزلت آيَة الْحجاب وروى ابْن جرير فِي تَفْسِيره من طَرِيق مُجَاهِد قَالَ بَينا النَّبِي عليه الصلاة والسلام يَأْكُل وَمَعَهُ بعض أَصْحَابه وَعَائِشَة تَأْكُل مَعَهم إِذْ أَصَابَت يَد رجل مِنْهُم يَدهَا فكره النَّبِي عليه الصلاة والسلام ذَلِك فَنزلت آيَة الْحجاب فَإِن قلت مَا طَريقَة الْجمع بَين هَذِه قلت أَسبَاب نزُول الْحجاب تعدّدت وَكَانَت قصَّة زَيْنَب آخرهَا للنَّص على قصَّتهَا فِي الْآيَة وَقَالَ التَّيْمِيّ الْحجاب هُنَا استتارهن بالثياب حَتَّى لَا يرى مِنْهُنَّ شَيْء عِنْد خروجهن وَأما الْحجاب الثَّانِي فَهُوَ إرخاؤهن الْحجاب بَينهُنَّ وَبَين النَّاس قلت رِوَايَة أبي عوَانَة تخدش هَذَا الْكَلَام على مَا لَا يخفى ثمَّ اعْلَم أَن الْحجاب كَانَ فِي السّنة الْخَامِسَة فِي قَول قَتَادَة وَقَالَ أَبُو عبيد فِي الثَّالِثَة وَقَالَ ابْن إِسْحَق بعد أم سَلمَة وَعند ابْن سعيد فِي الرَّابِعَة فِي ذِي الْقعدَة (بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول قَالَ ابْن بطال فِيهِ مُرَاجعَة الأدون للأعلى فِي الشَّيْء الَّذِي يتَبَيَّن لَهُ الثَّانِي فِيهِ فضل الْمُرَاجَعَة إِذا لم يقْصد بهَا التعنت فَإِنَّهُ قد يتَبَيَّن فِيهَا من الْعلم مَا خَفِي فَإِن نزُول الْآيَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ} الْآيَة كَانَ سَببه الْمُرَاجَعَة الثَّالِث فِيهِ فضل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَإِن الله تَعَالَى أيد بِهِ الدّين وَقَالَ الْكرْمَانِي وَهَذِه من إِحْدَى الثَّلَاث الَّتِي وَافق فِيهَا نزُول الْقُرْآن قلت هَذِه إِحْدَى مَا وَافق فِيهَا ربه وَالثَّانيَِة فِي قَوْله {عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن} وَالثَّالِثَة {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} وَهَذِه الثَّلَاثَة ثَابِتَة فِي الصَّحِيح. وَالرَّابِعَة مُوَافقَة فِي أسرى بدر. وَالْخَامِسَة فِي منع الصَّلَاة على الْمُنَافِقين وَهَاتَانِ فِي صَحِيح مُسلم. وَالسَّادِسَة مُوَافَقَته فِي آيَة الْمُؤمنِينَ وروى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده من حَدِيث عَليّ بن زيد وَافَقت رَبِّي لما نزلت {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} فَقلت أَنا {تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ} فَنزلت. وَالسَّابِعَة مُوَافَقَته فِي تَحْرِيم الْخمر كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَالثَّامِنَة مُوَافَقَته